الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْجَلِيِّ؛ كَمَا نَقَلَ ابْنُ وَضَّاحٍ، أَوْ يُؤْتَى بِأَطْرَافٍ مِنَ الْكَلَامِ لَا يَشْفِي الْغَلِيلَ بِالتَّفَقُّهِ فِيهِ كَمَا يَنْبَغِي، وَلَمْ أَجِدْ عَلَى شِدَّةِ بَحْثِي عَنْهُ إِلَّا مَا وَضَعَ فِيهِ أَبُو بَكْرٍ الطَّرْطُوشِيُّ، وَهُوَ يَسِيرُ فِي جَنْبِ مَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ فِيهِ، وَإِلَّا مَا وَضَعَ النَّاسُ فِي الْفِرَقِ الثِّنْتَيْنِ وَالسَّبْعِينَ، وَهُوَ فَصْلٌ مِنْ فُصُولِ الْبَابِ وَجُزْءٌ مِنْ أَجْزَائِهِ، فَأَخَذْتُ نَفْسِي بِالْعَنَاءِ فِيهِ، عَسَى أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ وَاضِعُهُ، وَقَارِؤُهُ، وَنَاشِرُهُ، وَكَاتِبُهُ، وَالْمُنْتَفِعُ بِهِ، وَجَمِيعُ الْمُسْلِمِينَ. إِنَّهُ وَلِيُّ ذَلِكَ وَمُسْدِيهِ بِسَعَةِ رَحْمَتِهِ.
[اتِّفَاقُ الصَّحَابَةِ عَلَى حَدِّ شَارِبِ الْخَمْرِ]
الْمِثَالُ الثَّانِي: اتِّفَاقُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى حَدِّ شَارِبِ الْخَمْرِ
اتَّفَقَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى حَدِّ شَارِبِ الْخَمْرِ ثَمَانِينَ، وَإِنَّمَا مُسْتَنَدُهُمْ فِيهِ الرُّجُوعُ إِلَى الْمَصَالِحِ وَالتَّمَسُّكُ بِالِاسْتِدْلَالِ الْمُرْسَلِ، قَالَ الْعُلَمَاءُ: لَمْ يَكُنْ فِيهِ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَدٌّ مُقَدَّرٌ، وَإِنَّمَا جَرَى الزَّجْرُ فِيهِ مَجْرَى التَّعْزِيرِ، وَلَمَّا انْتَهَى الْأَمْرُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه قَرَّرَهُ عَلَى طَرِيقِ النَّظَرِ بِأَرْبَعِينَ، ثُمَّ انْتَهَى الْأَمْرُ إِلَى عُثْمَانَ رضي الله عنه فَتَتَابَعَ النَّاسُ فَجَمَعَ الصَّحَابَةَ رضي الله عنهم فَاسْتَشَارَهُمْ، فَقَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه: مَنْ سَكِرَ هَذَى وَمَنْ هَذَى افْتَرَى، فَأَرَى عَلَيْهِ حَدَّ الْمُفْتَرِي.
وَوَجْهُ إِجْرَاءِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى الِاسْتِدْلَالِ الْمُرْسَلِ أَنَّ الصَّحَابَةَ أَوِ الشَّرْعَ يُقِيمُ الْأَسْبَابَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ مَقَامَ الْمُسَبَّبَاتِ، وَالْمَظِنَّةَ مَقَامَ الْحِكْمَةِ، فَقَدْ جَعَلَ الْإِيلَاجَ فِي أَحْكَامٍ كَثِيرَةٍ يَجْرِي مَجْرَى الْإِنْزَالِ، وَجَعَلَ الْحَافِرَ لِلْبِئْرِ فِي مَحَلِّ الْعُدْوَانِ - وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مُرْدًى كَالْمُرْدِي نَفْسَهُ،