الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذَكَرَهُ مُقَيَّدًا بِهَذَا الْوَاقِدِيُّ. وَحَكَى السُّهَيْلِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ كَانَ عُمُرُهُ عليه الصلاة والسلام إِذْ ذَاكَ تِسْعَ سِنِينَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ. قَالُوا: لَمَّا بَلَغَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً خَرَجَ بِهِ عَمُّهُ أَبُو طَالِبٍ إِلَى الشَّامِ فِي الْعِيرِ الَّتِي خَرَجَ فِيهَا لِلتِّجَارَةِ وَنَزَلُوا بِالرَّاهِبِ بَحِيرَى. فَقَالَ لِأَبِي طالب بالسر مَا قَالَ. وَأَمَرَهُ أَنْ يَحْتَفِظَ بِهِ فَرَدَّهُ مَعَهُ أَبُو طَالِبٍ إِلَى مَكَّةَ.
وَشَبَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَعَ أَبِي طَالِبٍ يَكْلَؤُهُ اللَّهُ وَيَحْفَظُهُ وَيَحُوطُهُ مِنْ أُمُورِ الجاهلية ومعايبها لِمَا يُرِيدُ مِنْ كَرَامَتِهِ حَتَّى بَلَغَ أَنْ كان رجلا أفضل قومه مروءة، وأحسنهم خلقا، وَأَكْرَمَهُمْ مُخَالَطَةً، وَأَحْسَنَهُمْ جِوَارًا، وَأَعْظَمَهُمْ حِلْمًا وَأَمَانَةً، وَأَصْدَقَهُمْ حَدِيثًا، وَأَبْعَدَهُمْ مِنَ الْفُحْشِ وَالْأَذَى. مَا رُئِيَ مُلَاحِيًا وَلَا مُمَارِيًا أَحَدًا، حَتَّى سَمَّاهُ قَوْمُهُ الْأَمِينَ. لِمَا جَمَعَ اللَّهُ فِيهِ مِنَ الْأُمُورِ الصَّالِحَةِ فَكَانَ أَبُو طَالِبٍ يَحْفَظُهُ وَيَحُوطُهُ وَيَنْصُرُهُ وَيُعَضِّدُهُ حَتَّى مَاتَ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سعد: أخبرنا خالد بن معدان حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ أَنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ- أَوْ أَبَا طَالِبٍ شَكَّ خَالِدٌ- قَالَ لَمَّا مَاتَ عَبْدُ اللَّهِ عَطَفَ عَلَى مُحَمَّدٍ فَكَانَ لَا يُسَافِرُ سَفَرًا إِلَّا كَانَ مَعَهُ فِيهِ، وَإِنَّهُ تَوَجَّهَ نَحْوَ الشَّامِ فَنَزَلَ مَنْزِلًا فَأَتَاهُ فِيهِ رَاهِبٌ. فَقَالَ إِنَّ فِيكُمْ رَجُلًا صَالِحًا:
ثُمَّ قَالَ أَيْنَ أَبُو هَذَا الْغُلَامِ؟ قَالَ فَقَالَ هَا أَنَا ذَا وَلِيُّهُ- أَوْ قِيلَ هَذَا وَلِيُّهُ- قَالَ احْتَفِظْ بِهَذَا الْغُلَامِ وَلَا تَذْهَبْ بِهِ إِلَى الشَّامِ إِنَّ الْيَهُودَ حُسُدٌ وَإِنِّي أَخْشَاهُمْ عَلَيْهِ. قَالَ مَا أَنْتَ تَقُولُ ذَلِكَ، وَلَكِنَّ اللَّهَ يَقُولُهُ.
فَرَدَّهُ وَقَالَ اللَّهمّ إِنِّي أَسَتُودِعُكَ مُحَمَّدًا ثُمَّ إِنَّهُ مَاتَ.
قِصَّةُ بَحِيرَى
حَكَى السُّهَيْلِيُّ عَنْ سِيَرِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ بَحِيرَى كان حبرا من أحبار يهود.
قُلْتُ: وَالَّذِي يَظْهَرُ مِنْ سِيَاقِ الْقِصَّةِ أَنَّهُ كَانَ رَاهِبًا نَصْرَانِيًّا وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَعَنِ الْمَسْعُودِيِّ أَنَّهُ كَانَ مَنْ عَبْدِ الْقَيْسِ وَكَانَ اسْمُهُ جرجيس. وَفِي كِتَابِ الْمَعَارِفِ لِابْنِ قُتَيْبَةَ سُمِعَ هَاتِفٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ بِقَلِيلٍ يَهْتِفُ وَيَقُولُ: أَلَا إِنَّ خَيْرَ أَهْلِ الْأَرْضِ ثَلَاثَةٌ، بَحِيرَى، ورئاب بن البراء الشَّنِّيُّ، وَالثَّالِثُ الْمُنْتَظَرُ. وَكَانَ الثَّالِثُ الْمُنْتَظَرُ هُوَ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم. قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ وَكَانَ قَبْرُ رِئَابٍ الشَّنِّيُّ وَقَبْرُ وَلَدِهِ من بعده لا يزال يرى عندهما طَشٌّ، وَهُوَ الْمَطَرُ الْخَفِيفُ.
فَصْلٌ
فِي مَنْشَئِهِ عليه الصلاة والسلام وَمُرَبَّاهُ وَكِفَايَةِ اللَّهِ لَهُ، وَحِيَاطَتِهِ، وَكَيْفَ كَانَ يَتِيمًا فَآوَاهُ وَعَائِلًا فَأَغْنَاهُ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: فَشَبَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَكْلَؤُهُ اللَّهُ وَيَحْفَظُهُ وَيَحُوطُهُ مِنْ أَقْذَارِ الْجَاهِلِيَّةِ، لِمَا