المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر أمتي يأجوج ومأجوج - البداية والنهاية - ط السعادة - جـ ٢

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الثاني]

- ‌بَابُ ذِكْرِ جَمَاعَةٍ مِنْ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ بعد موسى عليه السلام

- ‌قِصَّةُ حِزْقِيلَ

- ‌قِصَّةُ الْيَسَعَ عليه السلام

- ‌فَصْلٌ

- ‌قصة شمويل عليه السلام وفيها بدأ أمر داود عليه السلام

- ‌قِصَّةُ دَاوُدَ عليه السلام وَمَا كَانَ فِي أَيَّامِهِ وَذِكْرُ فَضَائِلِهِ وَشَمَائِلِهِ وَدَلَائِلُ نُبُوَّتِهِ وَأَعْلَامِهِ

- ‌ذِكْرُ كَمِّيَّةِ حَيَّاتِهِ وَكَيْفِيَّةِ وَفَاتِهِ عليه السلام

- ‌قِصَّةُ سُلَيْمَانَ بْنِ داود عليهما السلام

- ‌ذكر وفاته وكم كانت مدة مُلْكِهِ وَحَيَاتِهِ

- ‌بَابُ ذكر جماعة من أنبياء بنى إسرائيل عليهم السلام ممن لا يعلم وقت زمانهم على التعيين الا انهم بعد داود وسليمان عليهما السلام وقبل زكريا ويحيى عليهما السلام

- ‌فَمِنْهُمْ شِعْيَا بْنُ أَمْصِيَا

- ‌وَمِنْهُمْ أَرْمِيَا بْنُ حَلْقِيَا مِنْ سِبْطِ لَاوِي بْنِ يَعْقُوبَ

- ‌ذِكْرُ خَرَابِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ

- ‌ذِكْرُ شَيْءٍ مِنْ خَبَرِ دَانْيَالَ عليه السلام

- ‌وَهَذَا ذِكْرُ عِمَارَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ بَعْدَ خَرَابِهَا واجتماع الملأ من بَنِي إِسْرَائِيلَ بَعْدَ تَفَرُّقِهِمْ فِي بِقَاعِ الْأَرْضِ وشعابها

- ‌وَهَذِهِ قِصَّةُ الْعُزَيْرِ

- ‌فَصْلُ

- ‌قصة زكريا ويحيى عليهما السلام

- ‌بَيَانُ سَبَبِ قَتْلِ يَحْيَى عليه السلام

- ‌قصة عيسى بن مريم عبد الله ورسوله وابن أمته عَلَيْهِ مِنَ اللَّهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ

- ‌ذِكْرُ مِيلَادِ الْعَبْدِ الرَّسُولِ عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ الْبَتُولِ

- ‌بَابُ بَيَانِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مُنَزَّهٌ عن الولد تعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا

- ‌ذكر منشأ عيسى بن مريم عليهما السلام ومرباه في صغره وصباه وَبَيَانُ بَدْءِ الْوَحْيِ إِلَيْهِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى

- ‌بَيَانُ نُزُولِ الْكُتُبِ الْأَرْبَعَةِ وَمَوَاقِيتِهَا

- ‌بَيَانُ شَجَرَةِ طُوبَى مَا هِيَ

- ‌ذِكْرُ خَبَرِ الْمَائِدَةِ

- ‌فصل

- ‌ذِكْرُ رَفْعِ عِيسَى عليه السلام إِلَى السَّمَاءِ

- ‌ذكر صِفَةُ عِيسَى عليه السلام وَشَمَائِلُهُ وَفَضَائِلُهُ

- ‌فَصْلُ

- ‌بَيَانُ بِنَاءِ بَيْتِ لَحْمٍ وَالْقُمَامَةِ

- ‌كِتَابُ أَخْبَارِ الْمَاضِينَ

- ‌خبر ذي القرنين

- ‌بَيَانُ طَلَبِ ذِي الْقَرْنَيْنِ عَيْنَ الْحَيَاةِ

- ‌ذِكْرُ أُمَّتَيْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ

- ‌قِصَّةُ أَصْحَابِ الْكَهْفِ

- ‌قِصَّةُ الرَّجُلَيْنِ الْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ

- ‌قِصَّةُ أَصْحَابِ الْجَنَّةِ

- ‌قِصَّةُ أَصْحَابِ أَيْلَةَ الَّذِينَ اعْتَدَوْا فِي سَبْتِهِمْ

- ‌قِصَّةُ لُقْمَانَ

- ‌قِصَّةُ أَصْحَابِ الْأُخْدُودِ

- ‌باب بيان الاذن في الرواية والتحديث عَنْ أَخْبَارِ بَنِي إِسْرَائِيلَ

- ‌قِصَّةُ جُرَيْجٍ أَحَدِ عُبَّادِ بَنِي إِسْرَائِيلَ

- ‌قِصَّةُ بَرْصِيصَا

- ‌قصة الثلاثة الذين آووا الى الغار فَانْطَبَقَ عَلَيْهِمْ

- ‌خَبَرُ الثَّلَاثَةِ الْأَعْمَى وَالْأَبْرَصِ وَالْأَقْرَعِ

- ‌حديث الّذي استلف مِنْ صَاحِبِهِ أَلْفَ دِينَارٍ فَأَدَّاهَا

- ‌قِصَّةٌ أُخْرَى شَبِيهَةٌ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ فِي الصِّدْقِ وَالْأَمَانَةِ

- ‌قِصَّةٌ أُخْرَى

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌قِصَّةُ الْمَلِكَيْنِ التَّائِبَيْنِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌ذِكْرُ تَحْرِيفِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَتَبْدِيلِهِمْ أَدْيَانَهُمْ

- ‌ليس للجنب لمس التوراة

- ‌كِتَابُ الْجَامِعِ لِأَخْبَارِ الْأَنْبِيَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ

- ‌ذكر أخبار العرب

- ‌قِصَّةُ سَبَأٍ

- ‌فَصْلٌ

- ‌قِصَّةُ رَبِيعَةَ بْنِ نَصْرٍ بْنِ أَبِي حَارِثَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ

- ‌قِصَّةُ تُبَّعٍ أَبِي كَرِبٍ تُبَّانِ أَسْعَدَ مَلِكِ الْيَمَنِ مَعَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ

- ‌وُثُوبُ لَخْنِيعَةَ [1] ذِي شَنَاتِرَ عَلَى مُلْكِ الْيَمَنِ

- ‌ذِكْرُ خُرُوجِ الْمُلْكِ بِالْيَمَنِ مِنْ حِمْيَرَ وَصَيْرُورَتِهِ إِلَى الْحَبَشَةِ السُّودَانِ

- ‌ذِكْرُ خُرُوجِ أَبْرَهَةَ الْأَشْرَمِ عَلَى أَرْيَاطَ وَاخْتِلَافِهِمَا واقتتالهما وصيرورة ملك اليمن الى ابرهة بعد قتله ارياط

- ‌ذِكْرُ سَبَبِ قَصْدِ أَبْرَهَةَ بِالْفِيلِ مَكَّةَ لِيُخَرِّبَ الكعبة فأهلكه الله عاجلا غير آجل كما قال الله تَعَالَى

- ‌ذِكْرُ خُرُوجِ الْمُلْكِ عَنِ الْحَبَشَةِ وَرُجُوعِهِ إِلَى سيف ابن ذي يزن الحميري كما أخبر بذلك الكاهنان لربيعة بن نصر اللخمي

- ‌ذِكْرُ مَا آلَ إِلَيْهِ أَمْرُ الْفُرْسِ بِالْيَمَنِ

- ‌قِصَّةُ السَّاطِرُونَ صَاحِبِ الْحَضْرِ

- ‌خَبَرُ مُلُوكِ الطَّوَائِفِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ بَنِي إِسْمَاعِيلَ وهم عرب الحجاز وَمَا كَانَ مِنْ أُمُورِ الْجَاهِلِيَّةِ إِلَى زَمَانِ الْبَعْثَةِ

- ‌قصة خزاعة وخبر عمرو بن لحي وعبادة الأصنام بأرض العرب

- ‌بَابُ جَهْلِ الْعَرَبِ

- ‌خبر عدنان جد عرب الحجاز وهو الّذي ينتهى اليه نسب النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ذِكْرُ أُصُولِ أنساب قبائل عَرَبِ الْحِجَازِ إِلَى عَدْنَانَ

- ‌الْكَلَامُ عَلَى قُرَيْشٍ نَسَبًا وَاشْتِقَاقًا وَفَضْلًا وَهُمْ بَنُو النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ

- ‌خَبَرُ قُصَيِّ بْنِ كِلَابٍ وَمَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِ فِي ارْتِجَاعِهِ وِلَايَةَ الْبَيْتِ إِلَى قُرَيْشٍ وَانْتِزَاعِهِ ذَلِكَ مِنْ خُزَاعَةَ وَاجْتِمَاعِ قُرَيْشٍ إِلَى الْحَرَمِ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ أَمْنًا لِلْعِبَادِ بَعْدَ تَفَرُّقِهَا فِي الْبِلَادِ وَتَمَزُّقِهَا فِي الْجِبَالِ وَالْمِهَادِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌ذِكْرُ جُمَلٍ مِنَ الْأَحْدَاثِ الْوَاقِعَةِ فِي زَمَنِ الْجَاهِلِيَّةِ

- ‌باب ذكر جماعة مشهورين كانوا في الْجَاهِلِيَّةِ

- ‌خَبَرُ خَالِدِ بْنِ سِنَانٍ الْعَبْسِيِّ

- ‌ذِكْرُ حَاتِمٍ الطَّائِيِّ أَحَدِ أَجْوَادِ الْجَاهِلِيَّةِ

- ‌ذِكْرُ شَيْءٍ مِنْ أَخْبَارِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُدْعَانَ

- ‌ذِكْرُ امْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ حُجْرٍ الْكِنْدِيِّ صَاحِبِ إِحْدَى الْمُعَلَّقَاتِ

- ‌ذِكْرُ شَيْءٍ مِنْ أَخْبَارٍ أُمَيَّةَ بن أَبِي الصَّلْتِ الثَّقَفِيِّ كَانَ مِنْ شُعَرَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ وَقَدْ أَدْرَكَ زَمَنَ الْإِسْلَامِ

- ‌بحيرا الرَّاهِبُ

- ‌ذكر قس بن ساعدة الأيادي

- ‌ذكر زَيْدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ رضي الله عنه

- ‌ذكر شيء مما وقع مِنَ الَحَوَادِثِ فِي زَمَنِ الْفَتْرَةِ

- ‌فَمِنْ ذَلِكَ بُنْيَانُ الْكَعْبَةِ

- ‌ذِكْرُ كَعْبِ بْنُ لُؤَيٍّ

- ‌ذِكْرُ تَجْدِيدِ حَفْرِ زَمْزَمَ

- ‌ذِكْرُ نَذْرِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ذَبْحَ أَحَدِ وَلَدِهِ

- ‌ذِكْرُ تَزْوِيجِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ابْنَهُ عَبْدَ اللَّهِ مِنْ آمِنَةَ بِنْتِ وَهْبٍ الزُّهْرِيَّةِ

- ‌كِتَابُ سِيرَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (وَذِكْرُ أَيَّامِهِ وَغَزَوَاتِهِ وَسَرَايَاهُ وَالْوُفُودِ إِلَيْهِ وَشَمَائِلِهِ وَفَضَائِلِهِ وَدَلَائِلِهِ الدَّالَّةِ عَلَيْهِ)

- ‌بَابُ ذِكْرِ نَسَبِهِ الشَّرِيفِ وَطِيبِ أَصْلِهِ الْمُنِيفِ

- ‌بَابُ مَوْلِدِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌صِفَةُ مَوْلِدِهِ الشَّرِيفِ عليه الصلاة والسلام

- ‌فَصْلٌ فِيمَا وَقَعَ مِنَ الْآيَاتِ لَيْلَةَ مَوْلِدِهِ عليه الصلاة والسلام

- ‌ذكر ارتجاس الإيوان

- ‌ذِكْرُ حَوَاضِنِهِ وَمَرَاضِعِهِ عليه الصلاة والسلام

- ‌ذِكْرُ رَضَاعِهِ عليه الصلاة والسلام

- ‌فَصْلٌ

- ‌ فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ فِي خُرُوجِهِ عليه الصلاة والسلام مَعَ عَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ إِلَى الشَّامِ وَقِصَّتِهِ مَعَ بَحِيرَى الرَّاهِبِ

- ‌قِصَّةُ بَحِيرَى

- ‌فَصْلٌ

- ‌ذِكْرُ شُهُودِهِ عليه الصلاة والسلام حَرْبَ الْفِجَارِ

- ‌فَصْلٌ فِي شُهُودِهِ عليه الصلاة والسلام حلف الفضول

- ‌فصل في تَزْوِيجُهُ عليه الصلاة والسلام خَدِيجَةَ بِنْتَ خُوَيْلِدٍ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قصي

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ فِي تَجْدِيدِ قُرَيْشٍ بِنَاءَ الْكَعْبَةِ قَبْلَ الْمَبْعَثِ بِخَمْسِ سِنِينَ

- ‌ فَصْلٍ

- ‌كِتَابُ مَبْعَثِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌فَصْلٌ

- ‌ذِكْرُ أَخْبَارٍ غَرِيبَةٍ فِي ذَلِكَ

- ‌[1] قِصَّةُ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ الْجُهَنِيِّ

- ‌قِصَّةُ سَيْفِ بْنِ ذِي يَزَنَ الْحِمْيَرِيِّ وَبِشَارَتُهُ بِالنَّبِيِّ الْأُمِّيِّ

- ‌بَابٌ فِي هَوَاتِفِ الْجَانِّ

الفصل: ‌ذكر أمتي يأجوج ومأجوج

الصُّورِ فَجَمَعْناهُمْ جَمْعاً) 18: 99 وَقَدْ أَوْرَدْنَا الْأَحَادِيثَ الْمَرْوِيَّةَ فِي خُرُوجِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ فِي التَّفْسِيرِ وَسَنُورِدُهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ فِي كِتَابِ الْفِتَنِ وَالْمَلَاحِمِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِذَا انْتَهَيْنَا إِلَيْهِ بِحَوَلِ اللَّهِ وَقُوَّتِهِ وَحُسْنِ تَوْفِيقِهِ وَمَعُونَتِهِ وَهِدَايَتِهِ.

قَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ عَنِ الثَّوْرِيِّ بَلَغَنَا أَنَّ أَوَّلَ مَنْ صَافَحَ ذُو الْقَرْنَيْنِ. وَرُوِيَ عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ أَنَّهُ قَالَ لِمُعَاوِيَةَ إِنَّ ذَا الْقَرْنَيْنِ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ أَوْصَى أُمَّهُ إِذَا هُوَ مَاتَ أَنْ تَصْنَعَ طَعَامًا وَتَجْمَعَ نِسَاءَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَتَضَعَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَتَأْذَنَ لَهُنَّ فِيهِ إِلَّا مَنْ كَانَتْ ثَكْلَى فَلَا تَأْكُلْ مِنْهُ شَيْئًا فَلَمَّا فَعَلَتْ ذَلِكَ لَمْ تَضَعْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ يَدَهَا فِيهِ فَقَالَتْ لَهُنَّ سُبْحَانَ اللَّهِ كُلُّكُنَّ ثَكْلَى فَقُلْنَ أَيْ وَاللَّهِ مَا مِنَّا إِلَّا مَنْ أُثْكِلَتْ فَكَانَ ذَلِكَ تَسْلِيَةً لِأُمِّهِ. وَذَكَرَ إِسْحَاقُ بن بشر عن عبد الله بن زياد عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَصِيَّةَ ذِي الْقَرْنَيْنِ وموعظة أُمَّهُ مَوْعِظَةً بَلِيغَةً طَوِيلَةً فِيهَا حِكَمٌ وَأُمُورٌ نَافِعَةٌ وَأَنَّهُ مَاتَ وَعُمْرُهُ ثَلَاثَةُ آلَافِ سَنَةٍ وَهَذَا غَرِيبٌ.

قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ وَبَلَغَنِي مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَنَّهُ عَاشَ سِتًّا وَثَلَاثِينَ سَنَةً. وَقِيلَ كَانَ عُمْرُهُ ثِنْتَيْنِ وَثَلَاثِينَ سَنَةً. وَكَانَ بَعْدَ دَاوُدَ بِسَبْعِمِائَةِ سَنَةٍ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً. وَكَانَ بَعْدَ آدَمَ بِخَمْسَةِ آلَافٍ وَمِائَةٍ وَإِحْدَى وَثَمَانِينَ سَنَةً. وَكَانَ مُلْكُهُ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً. وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ إِنَّمَا يَنْطَبِقُ عَلَى إِسْكَنْدَرَ الثَّانِي لَا الْأَوَّلِ وَقَدْ خَلَطَ فِي أَوَّلِ التَّرْجَمَةِ وَآخِرِهَا بَيْنَهُمَا وَالصَّوَابُ التَّفْرِقَةُ كَمَا ذَكَرْنَا اقْتِدَاءً بِجَمَاعَةٍ مِنَ الْحُفَّاظِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَمِمَّنْ جَعَلَهُمَا وَاحِدًا الْإِمَامُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ هِشَامٍ رَاوِي السِّيرَةِ وَقَدْ أَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ الْحَافِظُ أَبُو الْقَاسِمِ السُّهَيْلِيُّ رحمه الله إِنْكَارًا بَلِيغًا وَرَدَّ قَوْلَهُ رَدًّا شَنِيعًا وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا تَفْرِيقًا جَيِّدًا كَمَا قَدَّمْنَا قَالَ وَلَعَلَّ جَمَاعَةً مِنَ الْمُلُوكِ الْمُتَقَدِّمِينَ تَسَمَّوْا بِذِي الْقَرْنَيْنِ تَشَبُّهًا بِالْأَوَّلِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

‌ذِكْرُ أُمَّتَيْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ

وَصِفَاتِهِمْ وَمَا وَرَدَ مِنْ أَخْبَارِهِمْ وَصِفَةِ السَّدِّ هُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ بِلَا خِلَافٍ نَعْلَمُهُ ثُمَّ الدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ طَرِيقِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَا آدَمُ قُمْ فَابْعَثْ بَعْثَ النَّارِ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ فَيَقُولُ يَا رَبِّ وَمَا بَعْثُ النَّارِ فَيَقُولُ مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعُمِائَةٍ وَتِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ إِلَى النَّارِ وَوَاحِدٌ إِلَى الْجَنَّةِ فَحِينَئِذٍ يَشِيبُ الصَّغِيرُ وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى وَلكِنَّ عَذابَ اللَّهِ شَدِيدٌ 22: 2 قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّنَا ذَلِكَ الْوَاحِدُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (أَبْشِرُوا فَإِنَّ مِنْكُمْ وَاحِدًا وَمِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ أَلْفًا. وَفِي رِوَايَةٍ فَقَالَ أَبْشِرُوا فَإِنَّ فِيكُمْ أُمَّتَيْنِ مَا كَانَتَا فِي شَيْءٍ إِلَّا كَثَّرَتَاهُ أَيْ غَلَبَتَاهُ كَثْرَةً وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى كَثْرَتِهِمْ وَأَنَّهُمْ أَضْعَافُ النَّاسِ مِرَارًا عَدِيدَةً. ثُمَّ هُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ نُوحٍ لِأَنَّ

ص: 109

اللَّهَ تَعَالَى أَخْبَرَ أَنَّهُ اسْتَجَابَ لِعَبْدِهِ نُوحٍ فِي دُعَائِهِ عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ بِقَوْلِهِ (رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً) 71: 26 وقال تعالى فَأَنْجَيْناهُ وَأَصْحابَ السَّفِينَةِ 29: 15 وقال (وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْباقِينَ) 37: 77 وتقدم في الحديث المروي في المسند والسنن أَنَّ نُوحًا وُلِدَ لَهُ ثَلَاثَةٌ وَهُمْ سَامٌ وَحَامٌ وَيَافِثُ فَسَامٌ أَبُو الْعَرَبِ وَحَامٌ أَبُو السُّودَانِ وَيَافِثُ أَبُو التُّرْكِ فَيَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ طَائِفَةٌ مِنَ التُّرْكِ وَهُمْ مَغْلُ الْمَغُولِ وَهُمْ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَكْثَرُ فَسَادًا مِنْ هَؤُلَاءِ وَنِسْبَتُهُمْ إِلَيْهِمْ كَنِسْبَةِ هَؤُلَاءِ إِلَى غَيْرِهِمْ. وَقَدْ قِيلَ إِنَّ التُّرْكَ إِنَّمَا سُمُّوا بِذَلِكَ حِينَ بَنَى ذُو الْقَرْنَيْنِ السَّدَّ وَأَلْجَأَ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ إِلَى مَا وَرَاءَهُ فَبَقِيَتْ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ كَفَسَادِهِمْ فَتُرِكُوا مِنْ وَرَائِهِ فَلِهَذَا قِيلَ لَهُمُ التُّرْكُ.

وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ خُلِقُوا مِنْ نُطْفَةِ آدَمَ حِينَ احْتَلَمَ فَاخْتَلَطَتْ بِتُرَابٍ فَخُلِقُوا مِنْ ذَلِكَ وَأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ حَوَّاءَ فَهُوَ قَوْلٌ حَكَاهُ الشَّيْخُ أَبُو زَكَرِيَّا النَّوَاوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ وَضَعَّفُوهُ وَهُوَ جَدِيرٌ بِذَلِكَ إِذْ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ بَلْ هُوَ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ الْيَوْمَ مِنْ ذُرِّيَّةِ نُوحٍ بِنَصِّ الْقُرْآنِ وَهَكَذَا مَنْ زَعَمَ أَنَّهُمْ عَلَى أَشْكَالٍ مُخْتَلِفَةٍ وَأَطْوَالٍ مُتَبَايِنَةٍ جِدًّا. فَمِنْهُمْ مَنْ هُوَ كَالنَّخْلَةِ السَّحُوقِ.

وَمِنْهُمْ مَنْ هُوَ غَايَةٌ فِي الْقِصَرِ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَفْتَرِشُ أُذُنًا مِنْ أُذُنَيْهِ وَيَتَغَطَّى بِالْأُخْرَى فَكُلُّ هَذِهِ أَقْوَالٌ بِلَا دَلِيلٍ وَرَجْمٌ بِالْغَيْبِ بِغَيْرِ بُرْهَانٍ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُمْ مِنْ بَنِي آدَمَ وَعَلَى أَشْكَالِهِمْ وَصِفَاتِهِمْ. وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم (إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ وَطُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا) ثُمَّ لَمْ يَزَلِ الْخَلْقُ يَنْقُصُ حَتَّى الْآنَ. وَهَذَا فَيْصَلٌ فِي هَذَا الْبَابِ وَغَيْرِهِ. وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ أَحَدَهُمْ لَا يَمُوتُ حَتَّى يَرَى مِنْ ذُرِّيَّتِهِ أَلْفًا فَإِنْ صَحَّ فِي خَبَرٍ قُلْنَا بِهِ وَإِلَّا فَلَا نَرُدُّهُ إِذْ يَحْتَمِلُهُ الْعَقْلُ وَالنَّقْلُ أَيْضًا قَدْ يُرْشِدُ إِلَيْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. بَلْ قَدْ وَرَدَ حَدِيثٌ مُصَرِّحٌ بِذَلِكَ إِنْ صَحَّ قَالَ الطَّبَرَانِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَبَّاسِ الْأَصْبَهَانِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو مَسْعُودٍ أَحْمَدُ بْنُ الْفُرَاتِ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ وَهْبِ بْنِ جَابِرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ (إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِنْ وَلَدِ آدَمَ وَلَوْ أُرْسِلُوا لَأَفْسَدُوا عَلَى النَّاسِ مَعَايِشَهُمْ وَلَنْ يَمُوتَ مِنْهُمْ رَجُلٌ إِلَّا تَرَكَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ أَلْفًا فَصَاعِدًا. وَإِنَّ مِنْ وَرَائِهِمْ ثَلَاثَ أُمَمٍ (تَاوِيلَ وَتَارِيسَ وَمَنْسَكَ) . وَهُوَ حَدِيثٌ غَرِيبٌ جِدًّا وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ. وَفِيهِ نَكَارَةٌ شَدِيدَةٌ وَأَمَّا الحديث الّذي ذكره بن جَرِيرٍ فِي تَارِيخِهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَهَبَ إِلَيْهِمْ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ فَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ فَامْتَنَعُوا مِنْ إِجَابَتِهِ وَمُتَابَعَتِهِ وَأَنَّهُ دَعَا تِلْكَ الْأُمَمَ الَّتِي هُنَاكَ (تَارِيسَ وَتَاوِيلَ وَمَنْسَكَ) فَأَجَابُوهُ فَهُوَ حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ اخْتَلَقَهُ أبو نعيم عمرو بْنُ الصُّبْحِ أَحَدُ الْكَذَّابِينَ الْكِبَارِ الَّذِينَ اعْتَرَفُوا بِوَضْعِ الْحَدِيثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَإِنْ قِيلَ فَكَيْفَ دَلَّ الْحَدِيثُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ أَنَّهُمْ فِدَاءُ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَنَّهُمْ فِي النَّارِ وَلَمْ يُبْعَثْ إِلَيْهِمْ رُسُلٌ. وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا 17: 15 فَالْجَوَابُ أَنَّهُمْ لَا يُعَذَّبُونَ إِلَّا بَعْدَ قِيَامِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ وَالْإِعْذَارِ إِلَيْهِمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا 17: 15 فان كانوا في زمن

ص: 110

الَّذِي قَبْلَ بَعْثِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَتَتْهُمْ رُسُلٌ مِنْهُمْ فَقَدْ قَامَتْ عَلَى أُولَئِكَ الْحُجَّةُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِمْ رُسُلًا فَهُمْ فِي حُكْمِ أَهْلِ الْفَتْرَةِ. وَمَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ وَقَدْ دَلَّ الْحَدِيثُ الْمَرْوِيُّ مِنْ طُرُقٍ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (أَنَّ مَنْ كَانَ كَذَلِكَ يُمْتَحَنُ فِي عَرَصَاتِ الْقِيَامَةِ فَمَنْ أَجَابَ الدَّاعِيَ دَخَلَ الْجَنَّةَ وَمَنْ أَبَى دَخَلَ النَّارَ) وَقَدْ أَوْرَدْنَا الحديث بطرقه وألفاظه وكلام الائمة عليه عند قوله (وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا) 17: 15 وَقَدْ حَكَاهُ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيُّ إِجْمَاعًا عَنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ وَامْتِحَانُهُمْ لَا يَقْتَضِي نَجَاتَهُمْ وَلَا يُنَافِي الْإِخْبَارَ عَنْهُمْ بِأَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لِأَنَّ اللَّهَ يُطْلِعُ رَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم عَلَى مَا يَشَاءُ مِنْ أَمْرِ الْغَيْبِ وَقَدْ أَطْلَعَهُ عَلَى أَنَّ هَؤُلَاءِ مِنْ أَهْلِ الشَّقَاءِ وَأَنْ سَجَايَاهُمْ تَأْبَى قَبُولَ الْحَقِّ وَالِانْقِيَادَ لَهُ فَهُمْ لَا يُجِيبُونَ الدَّاعِيَ الى يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُعْلَمُ مِنْ هَذَا أَنَّهُمْ كَانُوا أَشَدَّ تَكْذِيبًا لِلْحَقِّ فِي الدُّنْيَا لَوْ بَلَغَهُمْ فِيهَا لِأَنَّ فِي عَرَصَاتِ الْقِيَامَةَ يَنْقَادُ خَلْقٌ مِمَّنْ كَانَ مُكَذِّبًا فِي الدُّنْيَا فَإِيقَاعُ الْإِيمَانِ هُنَاكَ لِمَا يُشَاهَدُ مِنَ الْأَهْوَالِ أَوْلَى وَأَحْرَى مِنْهُ فِي الدُّنْيَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ. كَمَا قَالَ تعالى وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا فَارْجِعْنا نَعْمَلْ صالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ 32: 12 وَقَالَ تَعَالَى أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنا 19: 38 وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي فِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَعَاهُمْ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ فَلَمْ يُجِيبُوا فَإِنَّهُ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ بَلْ مَوْضُوعٌ وضعه عمرو بْنُ الصُّبْحِ.

وَأَمَّا السَّدُّ فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ ذَا الْقَرْنَيْنِ بَنَاهُ مِنَ الْحَدِيدِ وَالنُّحَاسِ وَسَاوَى بِهِ الْجِبَالَ الصُّمَّ الشَّامِخَاتِ الطِّوَالَ فَلَا يُعْرَفُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ بِنَاءٌ أَجَلُّ مِنْهُ وَلَا أَنْفَعُ لِلْخَلْقِ مِنْهُ فِي أَمْرِ دُنْيَاهُمْ. قَالَ الْبُخَارِيُّ وَقَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رَأَيْتُ السَّدَّ قَالَ وَكَيْفَ رَأَيْتَهُ قَالَ مِثْلَ الْبُرْدِ الْمُحَبَّرِ فَقَالَ رَأَيْتَهُ هَكَذَا. ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ مُعَلَّقًا بِصِيغَةِ الْجَزْمِ وَلَمْ أَرَهُ مُسْنَدًا مِنْ وَجْهٍ مُتَّصِلٍ أَرْتَضِيهِ غَيْرَ أَنَّ ابْنَ جَرِيرٍ رَوَاهُ فِي تَفْسِيرِهِ مُرْسَلًا فَقَالَ حَدَّثَنَا بِشْرٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ ذُكِرَ لَنَا أَنَّ رَجُلًا قَالَ (يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ رَأَيْتُ سَدَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ قَالَ انْعَتْهُ لِي قَالَ كَالْبُرْدِ الْمُحَبَّرِ طَرِيقَةٌ سَوْدَاءُ وَطَرِيقَةٌ حَمْرَاءُ قَالَ قَدْ رَأَيْتَهُ. وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ الْخَلِيفَةَ الْوَاثِقَ بَعَثَ رُسُلًا مِنْ جِهَتِهِ وَكَتَبَ لَهُمْ كُتُبًا إِلَى الْمُلُوكِ يُوصِلُونَهُمْ من بلاد إلى بلاد حتى ينهوا إِلَى السَّدِّ فَيَكْشِفُوا عَنْ خَبَرِهِ وَيَنْظُرُوا كَيْفَ بناه ذو القرنين على أَيِّ صِفَةٍ فَلَمَّا رَجَعُوا أَخْبَرُوا عَنْ صِفَتِهِ وَأَنَّ فِيهِ بَابًا عَظِيمًا وَعَلَيْهِ أَقْفَالٌ وَأَنَّهُ بِنَاءٌ مُحْكَمٌ شَاهِقٌ مُنِيفٌ جِدًّا وَأَنَّ بَقِيَّةَ اللَّبِنِ الْحَدِيدِ وَالْآلَاتِ فِي بُرْجٍ هُنَاكَ وَذَكَرُوا أَنَّهُ لَا يَزَالُ هُنَاكَ حَرَسٌ لِتِلْكَ الْمُلُوكِ الْمُتَاخِمَةِ لِتِلْكَ الْبِلَادِ وَمَحَلَّتُهُ فِي شَرْقِيِّ الْأَرْضِ فِي جِهَةِ الشَّمَالِ فِي زَاوِيَةِ الْأَرْضِ الشَّرْقِيَّةِ الشَّمَالِيَّةِ وَيُقَالُ إِنَّ بِلَادَهُمْ مُتَّسِعَةٌ جِدًّا وَإِنَّهُمْ يَقْتَاتُونَ بِأَصْنَافٍ مِنَ الْمَعَايِشِ مِنْ حِرَاثَةٍ وَزِرَاعَةٍ وَاصْطِيَادٍ مِنَ الْبَرِّ وَمِنَ الْبَحْرِ وَهُمْ أُمَمٌ وَخَلْقٌ لَا يَعْلَمُ عَدَدَهُمْ إِلَّا الَّذِي خَلَقَهُمْ.

فَإِنْ قِيلَ فَمَا الْجَمْعُ بَيْنَ قَوْلِهِ تَعَالَى فَمَا اسْطاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطاعُوا لَهُ نَقْباً 18: 97 وَبَيْنَ الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رضي الله عنها قَالَتْ اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ص: 111

مِنْ نَوْمٍ مُحْمَرًّا وَجْهُهُ وَهُوَ يَقُولُ (لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ وَحَلَّقَ تِسْعِينَ) قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ قَالَ نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ. وَأَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ وُهَيْبٍ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذَا وَعَقَدَ تِسْعِينَ) . فَالْجَوَابُ أَمَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ هَذَا إِشَارَةٌ إِلَى فَتْحِ أَبْوَابِ الشَّرِّ وَالْفِتَنِ وَأَنَّ هَذَا اسْتِعَارَةٌ مَحْضَةٌ وَضَرْبُ مَثَلٍ فَلَا إِشْكَالَ. وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ جَعَلَ ذَلِكَ إِخْبَارًا عَنْ أَمْرٍ مَحْسُوسٍ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ الْمُتَبَادِرُ فَلَا إِشْكَالَ أَيْضًا لِأَنَّ قَوْلَهُ (فَمَا اسْطاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطاعُوا لَهُ نَقْباً) 18: 97 أَيْ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ لِأَنَّ هَذِهِ صِيغَةُ خَبَرٍ مَاضٍ فَلَا يَنْفِي وُقُوعَهُ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ بِإِذْنِ اللَّهِ لَهُمْ فِي ذَلِكَ قَدَرًا وَتَسْلِيطَهُمْ عَلَيْهِ بِالتَّدْرِيجِ قَلِيلًا قَلِيلًا حَتَّى يَتِمَّ الْأَجَلُ وينقضي الأمر الْمَقْدُورُ فَيَخْرُجُونَ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ 21: 96 وَلَكِنَّ الْحَدِيثَ الْآخَرَ أَشْكَلُ مِنْ هَذَا وَهُوَ مَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ قَائِلًا حَدَّثَنَا رَوْحٌ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ حَدَّثَنَا أَبُو رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ (إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ لَيَحْفِرُونَ السَّدَّ كُلَّ يَوْمٍ حَتَّى إِذَا كَادُوا يَرَوْنَ شُعَاعَ الشَّمْسِ قَالَ الَّذِي عَلَيْهِمُ ارْجِعُوا فَسَتَحْفِرُونَهُ غَدًا فَيَعُودُونَ إِلَيْهِ كَأَشَدِّ مَا كَانَ حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ مُدَّتُهُمْ وَأَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَبْعَثَهُمْ عَلَى النَّاسِ حَفَرُوا حَتَّى إِذَا كَادُوا يَرَوْنَ شُعَاعَ الشَّمْسِ قَالَ الَّذِي عَلَيْهِمُ ارْجِعُوا فَسَتَحْفِرُونَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَيَسْتَثْنِي فَيَعُودُونَ إِلَيْهِ وَهُوَ كهيئة يوم تركوه فيحفرونه ويخرجون على الناس فيستقون المياه وتتحصن الناس فِي حُصُونِهِمْ فَيَرْمُونَ بِسِهَامِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ فَتَرْجِعُ وَعَلَيْهَا كَهَيْئَةِ الدَّمِ فَيَقُولُونَ قَهَرْنَا أَهْلَ الْأَرْضِ وَعَلَوْنَا أَهْلَ السَّمَاءِ فَيَبْعَثُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ نَغَفًا فِي أَقْفَائِهِمْ فَيَقْتُلُهُمْ بِهَا. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إِنَّ دَوَابَّ الْأَرْضِ لتسمن وتشكر شُكْرًا مِنْ لُحُومِهِمْ وَدِمَائِهِمْ وَرَوَاهُ أَحْمَدُ أَيْضًا عن حسن بن موسى عن سفيان عَنْ قَتَادَةَ بِهِ وَهَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ إِلَّا أَنَّهُ قال حديث أَبُو رَافِعٍ وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ بِهِ. ثُمَّ قَالَ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فَقَدْ أَخْبَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُمْ كُلَّ يَوْمٍ يلحسونه حتى يكادوا ينذرون شُعَاعَ الشَّمْسِ مِنْ وَرَائِهِ لِرِقَّتِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَفْعُ هَذَا الْحَدِيثِ مَحْفُوظًا وَإِنَّمَا هُوَ مَأْخُوذٌ عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ فقد استرحنا من المؤنة وَإِنْ كَانَ مَحْفُوظًا فَيَكُونُ مَحْمُولًا عَلَى أَنَّ ضيعهم هَذَا يَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ عِنْدَ اقْتِرَابِ خُرُوجِهِمْ كَمَا هُوَ الْمَرْوِيُّ عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ أَوْ يَكُونُ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ (وَمَا اسْتَطاعُوا لَهُ نَقْباً) 18: 97 أَيْ نَافِذًا مِنْهُ فَلَا يَنْفِي أَنْ يَلْحَسُوهُ وَلَا يَنْفُذُوهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَعَلَى هَذَا فَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عن أبى هريرة فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ وَعَقَدَ تِسْعِينَ أَيْ فُتِحَ فَتْحًا نَافِذًا فِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

ص: 112