الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إِلَى يَوْمِ الْفَصْلِ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَكَانَ فِي حِجَرٍ بِالْيَمَنِ فِيمَا يَزْعُمُونَ كِتَابٌ بِالزَّبُورِ كتب بالزمان الأول: لمن ملك ذمار الحمير الْأَخْيَارِ، لِمَنْ مُلْكُ ذِمَارٍ لِلْحَبَشَةِ الْأَشْرَارِ. لِمَنْ مُلْكُ ذِمَارْ لِفَارِسَ الْأَحْرَارْ، لِمَنْ مُلْكُ ذِمَارْ لِقُرَيْشٍ التُّجَّارْ. وَقَدْ نَظَمَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ هَذَا المعنى فيما ذكره المسعودي:
حين شدت ذِمَارُ قِيلَ لِمَنْ أَنْتِ
…
فَقَالَتْ لِحِمْيَرَ الْأَخْيَارِ
ثُمَّ سِيلَتْ مِنْ بَعْدِ ذَاكَ فَقَالَتْ
…
أَنَا لِلْحُبْشِ أَخْبَثِ الْأَشْرَارِ
ثُمَّ قَالُوا مِنْ بَعْدِ ذَاكَ لِمَنْ أَنْتِ
…
فَقَالَتْ لِفَارِسَ الْأَحْرَارِ
ثُمَّ قَالُوا مِنْ بَعْدِ ذَاكَ لِمَنْ أَنْتِ
…
فَقَالَتْ إِلَى قُرَيْشِ التُّجَّارِ
وَيُقَالُ إِنَّ هَذَا الْكَلَامَ الَّذِي ذَكَرَهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، وُجِدَ مَكْتُوبًا عِنْدَ قَبْرِ هُودٍ عليه السلام حِينَ كَشَفَتِ الرِّيحُ عَنْ قَبْرِهِ بِأَرْضِ الْيَمَنِ وَذَلِكَ قَبْلَ زَمَنِ بِلْقِيسَ بِيَسِيرٍ فِي أَيَّامِ مَالِكِ بْنِ ذِي الْمَنَارِ أَخِي عَمْرٍو ذِي الْأَذْعَارِ بْنِ ذي المنار ويقال كان مكتوبا على قبر هُودٍ أَيْضًا وَهُوَ مِنْ كَلَامِهِ عليه السلام حَكَاهُ السُّهَيْلِيُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قِصَّةُ السَّاطِرُونَ صَاحِبِ الْحَضْرِ
وَقَدْ ذَكَرَ قِصَّتَهُ هَاهُنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ هِشَامٍ لِأَجْلِ مَا قَالَهُ بَعْضُ عُلَمَاءِ النَّسَبِ: أَنَّ النُّعْمَانَ بْنَ الْمُنْذِرِ الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي وُرُودِ سَيْفِ بْنِ ذِي يَزَنَ عَلَيْهِ وَسُؤَالِهِ فِي مُسَاعَدَتِهِ فِي رَدِّ مُلْكِ الْيَمَنِ إِلَيْهِ أَنَّهُ مِنْ سُلَالَةِ السَّاطِرُونَ صَاحِبِ الْحَضْرِ وَقَدْ قَدَّمْنَا عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ أَنَّ النُّعْمَانَ بْنَ الْمُنْذِرِ مِنْ ذُرِّيَّةِ رَبِيعَةَ بْنِ نَصْرٍ وَأَنَّهُ رُوِيَ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ انه من أشلاء قيصر بْنِ مَعَدِّ بْنِ عَدْنَانَ فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ فِي نَسَبِهِ فَاسْتَطْرَدَ ابْنُ هِشَامٍ فِي ذِكْرِ صَاحِبِ الْحَضْرِ. وَالْحَضْرُ حِصْنٌ عَظِيمٌ بَنَاهُ هَذَا الْمَلِكُ وَهُوَ السَّاطِرُونَ عَلَى حَافَّةِ الْفُرَاتِ وَهُوَ مُنِيفٌ مُرْتَفِعُ الْبِنَاءِ، وَاسِعُ الرَّحْبَةِ وَالْفِنَاءِ، دَوْرُهُ بِقَدْرِ مَدِينَةٍ عَظِيمَةٍ وَهُوَ فِي غَايَةِ الْإِحْكَامِ وَالْبَهَاءِ وَالْحُسْنِ وَالسَّنَاءِ، وَإِلَيْهِ يُجْبَى مَا حَوْلَهُ من الأقطار والارجاء. واسم الساطرون الضيزن ابن مُعَاوِيَةَ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ أَجْرَمَ مِنْ بَنِي سَلِيحِ بْنِ حُلْوَانَ بْنِ الْحَافِ بْنِ قُضَاعَةَ كَذَا نَسَبَهُ ابْنُ الْكَلْبِيِّ.
وَقَالَ: غَيْرُهُ كَانَ مِنَ الْجَرَامِقَةِ وَكَانَ أَحَدَ مُلُوكِ الطَّوَائِفِ وَكَانَ يَقْدُمُهُمْ إِذَا اجْتَمَعُوا لِحَرْبِ عَدُوٍّ مِنْ غَيْرِهِمْ وَكَانَ حِصْنُهُ بَيْنَ دِجْلَةَ وَالْفُرَاتِ.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَكَانَ كِسْرَى سَابُورَ ذُو الْأَكْتَافِ غَزَا السَّاطِرُونَ مَلِكَ الْحَضْرِ وَقَالَ غَيْرُ ابْنِ هِشَامٍ: إِنَّمَا الَّذِي غَزَا صَاحِبَ الْحَضْرِ سَابُورُ بْنُ أردشير بْنِ بَابِكَ أَوَّلُ مُلُوكِ بَنِي سَاسَانَ أَذَلَّ مُلُوكَ الطَّوَائِفِ وَرَدَّ الْمُلْكَ إِلَى الْأَكَاسِرَةِ. وَأَمَّا سَابُورُ ذُو الْأَكْتَافِ بْنُ هُرْمُزَ فَبَعْدَ ذَلِكَ بِدَهْرٍ طَوِيلٍ وَاللَّهُ
أَعْلَمُ ذَكَرَهُ السُّهَيْلِيُّ.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: فَحَصَرَهُ سَنَتَيْنِ وَقَالَ غَيْرُهُ أَرْبَعَ سِنِينَ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ أَغَارَ عَلَى بِلَادِ سَابُورَ فِي غَيْبَتِهِ بِأَرْضِ الْعِرَاقِ فَأَشْرَفَتْ بِنْتُ السَّاطِرُونَ وَكَانَ اسْمُهَا النَّضِيرَةَ فَنَظَرَتْ إِلَى سَابُورَ وَعَلَيْهِ ثِيَابُ دِيبَاجٍ وعلى رأسه تاج من ذهب مكال بِالزَّبَرْجَدِ وَالْيَاقُوتِ وَاللُّؤْلُؤِ وَكَانَ جَمِيلًا، فَدَسَّتْ إِلَيْهِ أَتَتَزَوَّجُنِي إِنْ فَتَحْتُ لَكَ بَابَ الْحَضْرِ. فَقَالَ: نَعَمْ! فَلَمَّا أَمْسَى سَاطِرُونَ شَرِبَ حَتَّى سَكِرَ وَكَانَ لَا يَبِيتُ إِلَّا سَكْرَانَ فَأَخَذَتْ مَفَاتِيحَ بَابِ الْحَضْرِ مِنْ تَحْتِ رَأْسِهِ وَبَعَثَتْ بِهَا مَعَ مَوْلًى لَهَا فَفَتَحَ الْبَابَ وَيُقَالَ بَلْ دَلَّتْهُمْ عَلَى نَهْرٍ يَدْخُلُ مِنْهُ الْمَاءُ مُتَّسِعٍ فَوَلَجُوا مِنْهُ إِلَى الْحَضْرِ، وَيُقَالَ بَلْ دَلَّتْهُمْ عَلَى طِلَّسْمٍ كَانَ فِي الْحَضْرِ وَكَانَ فِي عِلْمِهِمْ أَنَّهُ لَا يُفْتَحُ حَتَّى تُؤْخَذَ حَمَامَةٌ وَرْقَاءُ وَتُخَضَّبُ رِجْلَاهَا بِحَيْضِ جَارِيَةٍ بِكْرٍ زَرْقَاءَ ثُمَّ تُرْسَلُ فَاذَا وَقَعَتْ عَلَى سُورِ الْحَضْرِ سَقَطَ ذَلِكَ الطِّلَّسْمُ فَيُفْتَحُ الْبَابُ فَفَعَلَ ذَلِكَ فَانْفَتَحَ الْبَابُ، فَدَخَلَ سَابُورُ فَقَتَلَ سَاطِرُونَ وَاسْتَبَاحَ الْحَضْرَ وَخَرَّبَهُ وَسَارَ بِهَا مَعَهُ فَتَزَوَّجَهَا فَبَيْنَا هِيَ نَائِمَةٌ عَلَى فِرَاشِهَا لَيْلًا إِذْ جَعَلَتْ تَمَلْمَلُ لَا تَنَامُ فَدَعَا لَهَا بِالشَّمْعِ فَفَتَّشَ فِرَاشَهَا فَوَجَدَ عَلَيْهِ وَرَقَةَ آسٍ. فَقَالَ لَهَا سَابُورُ أَهَذَا الَّذِي أَسْهَرَكِ! قَالَتْ نَعَمْ؟ قَالَ فَمَا كَانَ أَبُوكِ يَصْنَعُ بِكِ قَالَتْ: كَانَ يَفْرِشُ لِي الدِّيبَاجَ وَيُلْبِسُنِي الْحَرِيرَ وَيُطْعِمُنِي الْمُخَّ وَيَسْقِينِي الْخَمْرَ. قَالَ: أَفَكَانَ جَزَاءُ أَبِيكِ مَا صنعت به. أنت الى بذلك أسرع، فَرُبِطَتْ قُرُونُ رَأْسِهَا بِذَنَبِ فَرَسٍ ثُمَّ رَكَضَ الْفَرَسُ حَتَّى قَتَلَهَا فَفِيهِ يَقُولُ أَعْشَى بْنُ قَيْسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ:
أَلَمْ تَرَ لِلْحَضْرِ إِذْ أَهْلُهُ
…
بِنُعْمَى وَهَلْ خَالِدٌ مَنْ نَعِمْ
[1]
أَقَامَ به شاهبور الجنود
…
حَوْلَيْنِ تَضْرِبُ فِيهِ الْقُدُمْ
فَلَمَّا دَعَا رَبَّهُ دَعْوَةً
…
أَنَابَ إِلَيْهِ فَلَمْ يَنْتَقِمْ
فَهَلْ زَادَهُ رَبُّهُ قُوَّةً
…
وَمِثْلُ مُجَاوِرِهِ لَمْ يُقِمْ
وَكَانَ دَعَا قَوْمَهُ دَعْوَةً
…
هَلُمُّوا إِلَى أَمْرِكُمْ قَدْ صُرِمْ
فَمُوتُوا كِرَامًا بِأَسْيَافِكُمْ
…
أَرَى الْمَوْتَ يَجْشَمُهُ مَنْ جَشِمْ
وَقَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ فِي ذَلِكَ:
وَالْحَضْرُ صَابَتْ عَلَيْهِ دَاهِيَةٌ
…
مِنْ فَوْقِهِ أَيِّدٌ مَنَاكِبُهَا
رَبِيَّةٌ لَمْ تُوَقِّ وَالِدَهَا
…
لِحِينِهِا إِذْ أَضَاعَ رَاقِبُهَا
إِذْ غَبَقَتْهُ صَهْبَاءَ صَافِيَةً
…
وَالْخَمْرُ وَهْلٌ يَهِيمُ شَارِبُهَا
فَأَسْلَمَتْ أَهْلَهَا بِلَيْلَتِهَا
…
تظن أن الرئيس خاطبها
[1] كذا في سيرة ابن هشام والّذي في معجم البلدان وهل خالد من سلم انتهى