المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب ذكر بني إسماعيل وهم عرب الحجاز وما كان من أمور الجاهلية إلى زمان البعثة - البداية والنهاية - ط السعادة - جـ ٢

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الثاني]

- ‌بَابُ ذِكْرِ جَمَاعَةٍ مِنْ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ بعد موسى عليه السلام

- ‌قِصَّةُ حِزْقِيلَ

- ‌قِصَّةُ الْيَسَعَ عليه السلام

- ‌فَصْلٌ

- ‌قصة شمويل عليه السلام وفيها بدأ أمر داود عليه السلام

- ‌قِصَّةُ دَاوُدَ عليه السلام وَمَا كَانَ فِي أَيَّامِهِ وَذِكْرُ فَضَائِلِهِ وَشَمَائِلِهِ وَدَلَائِلُ نُبُوَّتِهِ وَأَعْلَامِهِ

- ‌ذِكْرُ كَمِّيَّةِ حَيَّاتِهِ وَكَيْفِيَّةِ وَفَاتِهِ عليه السلام

- ‌قِصَّةُ سُلَيْمَانَ بْنِ داود عليهما السلام

- ‌ذكر وفاته وكم كانت مدة مُلْكِهِ وَحَيَاتِهِ

- ‌بَابُ ذكر جماعة من أنبياء بنى إسرائيل عليهم السلام ممن لا يعلم وقت زمانهم على التعيين الا انهم بعد داود وسليمان عليهما السلام وقبل زكريا ويحيى عليهما السلام

- ‌فَمِنْهُمْ شِعْيَا بْنُ أَمْصِيَا

- ‌وَمِنْهُمْ أَرْمِيَا بْنُ حَلْقِيَا مِنْ سِبْطِ لَاوِي بْنِ يَعْقُوبَ

- ‌ذِكْرُ خَرَابِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ

- ‌ذِكْرُ شَيْءٍ مِنْ خَبَرِ دَانْيَالَ عليه السلام

- ‌وَهَذَا ذِكْرُ عِمَارَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ بَعْدَ خَرَابِهَا واجتماع الملأ من بَنِي إِسْرَائِيلَ بَعْدَ تَفَرُّقِهِمْ فِي بِقَاعِ الْأَرْضِ وشعابها

- ‌وَهَذِهِ قِصَّةُ الْعُزَيْرِ

- ‌فَصْلُ

- ‌قصة زكريا ويحيى عليهما السلام

- ‌بَيَانُ سَبَبِ قَتْلِ يَحْيَى عليه السلام

- ‌قصة عيسى بن مريم عبد الله ورسوله وابن أمته عَلَيْهِ مِنَ اللَّهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ

- ‌ذِكْرُ مِيلَادِ الْعَبْدِ الرَّسُولِ عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ الْبَتُولِ

- ‌بَابُ بَيَانِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مُنَزَّهٌ عن الولد تعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا

- ‌ذكر منشأ عيسى بن مريم عليهما السلام ومرباه في صغره وصباه وَبَيَانُ بَدْءِ الْوَحْيِ إِلَيْهِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى

- ‌بَيَانُ نُزُولِ الْكُتُبِ الْأَرْبَعَةِ وَمَوَاقِيتِهَا

- ‌بَيَانُ شَجَرَةِ طُوبَى مَا هِيَ

- ‌ذِكْرُ خَبَرِ الْمَائِدَةِ

- ‌فصل

- ‌ذِكْرُ رَفْعِ عِيسَى عليه السلام إِلَى السَّمَاءِ

- ‌ذكر صِفَةُ عِيسَى عليه السلام وَشَمَائِلُهُ وَفَضَائِلُهُ

- ‌فَصْلُ

- ‌بَيَانُ بِنَاءِ بَيْتِ لَحْمٍ وَالْقُمَامَةِ

- ‌كِتَابُ أَخْبَارِ الْمَاضِينَ

- ‌خبر ذي القرنين

- ‌بَيَانُ طَلَبِ ذِي الْقَرْنَيْنِ عَيْنَ الْحَيَاةِ

- ‌ذِكْرُ أُمَّتَيْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ

- ‌قِصَّةُ أَصْحَابِ الْكَهْفِ

- ‌قِصَّةُ الرَّجُلَيْنِ الْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ

- ‌قِصَّةُ أَصْحَابِ الْجَنَّةِ

- ‌قِصَّةُ أَصْحَابِ أَيْلَةَ الَّذِينَ اعْتَدَوْا فِي سَبْتِهِمْ

- ‌قِصَّةُ لُقْمَانَ

- ‌قِصَّةُ أَصْحَابِ الْأُخْدُودِ

- ‌باب بيان الاذن في الرواية والتحديث عَنْ أَخْبَارِ بَنِي إِسْرَائِيلَ

- ‌قِصَّةُ جُرَيْجٍ أَحَدِ عُبَّادِ بَنِي إِسْرَائِيلَ

- ‌قِصَّةُ بَرْصِيصَا

- ‌قصة الثلاثة الذين آووا الى الغار فَانْطَبَقَ عَلَيْهِمْ

- ‌خَبَرُ الثَّلَاثَةِ الْأَعْمَى وَالْأَبْرَصِ وَالْأَقْرَعِ

- ‌حديث الّذي استلف مِنْ صَاحِبِهِ أَلْفَ دِينَارٍ فَأَدَّاهَا

- ‌قِصَّةٌ أُخْرَى شَبِيهَةٌ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ فِي الصِّدْقِ وَالْأَمَانَةِ

- ‌قِصَّةٌ أُخْرَى

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌قِصَّةُ الْمَلِكَيْنِ التَّائِبَيْنِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌ذِكْرُ تَحْرِيفِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَتَبْدِيلِهِمْ أَدْيَانَهُمْ

- ‌ليس للجنب لمس التوراة

- ‌كِتَابُ الْجَامِعِ لِأَخْبَارِ الْأَنْبِيَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ

- ‌ذكر أخبار العرب

- ‌قِصَّةُ سَبَأٍ

- ‌فَصْلٌ

- ‌قِصَّةُ رَبِيعَةَ بْنِ نَصْرٍ بْنِ أَبِي حَارِثَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ

- ‌قِصَّةُ تُبَّعٍ أَبِي كَرِبٍ تُبَّانِ أَسْعَدَ مَلِكِ الْيَمَنِ مَعَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ

- ‌وُثُوبُ لَخْنِيعَةَ [1] ذِي شَنَاتِرَ عَلَى مُلْكِ الْيَمَنِ

- ‌ذِكْرُ خُرُوجِ الْمُلْكِ بِالْيَمَنِ مِنْ حِمْيَرَ وَصَيْرُورَتِهِ إِلَى الْحَبَشَةِ السُّودَانِ

- ‌ذِكْرُ خُرُوجِ أَبْرَهَةَ الْأَشْرَمِ عَلَى أَرْيَاطَ وَاخْتِلَافِهِمَا واقتتالهما وصيرورة ملك اليمن الى ابرهة بعد قتله ارياط

- ‌ذِكْرُ سَبَبِ قَصْدِ أَبْرَهَةَ بِالْفِيلِ مَكَّةَ لِيُخَرِّبَ الكعبة فأهلكه الله عاجلا غير آجل كما قال الله تَعَالَى

- ‌ذِكْرُ خُرُوجِ الْمُلْكِ عَنِ الْحَبَشَةِ وَرُجُوعِهِ إِلَى سيف ابن ذي يزن الحميري كما أخبر بذلك الكاهنان لربيعة بن نصر اللخمي

- ‌ذِكْرُ مَا آلَ إِلَيْهِ أَمْرُ الْفُرْسِ بِالْيَمَنِ

- ‌قِصَّةُ السَّاطِرُونَ صَاحِبِ الْحَضْرِ

- ‌خَبَرُ مُلُوكِ الطَّوَائِفِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ بَنِي إِسْمَاعِيلَ وهم عرب الحجاز وَمَا كَانَ مِنْ أُمُورِ الْجَاهِلِيَّةِ إِلَى زَمَانِ الْبَعْثَةِ

- ‌قصة خزاعة وخبر عمرو بن لحي وعبادة الأصنام بأرض العرب

- ‌بَابُ جَهْلِ الْعَرَبِ

- ‌خبر عدنان جد عرب الحجاز وهو الّذي ينتهى اليه نسب النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ذِكْرُ أُصُولِ أنساب قبائل عَرَبِ الْحِجَازِ إِلَى عَدْنَانَ

- ‌الْكَلَامُ عَلَى قُرَيْشٍ نَسَبًا وَاشْتِقَاقًا وَفَضْلًا وَهُمْ بَنُو النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ

- ‌خَبَرُ قُصَيِّ بْنِ كِلَابٍ وَمَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِ فِي ارْتِجَاعِهِ وِلَايَةَ الْبَيْتِ إِلَى قُرَيْشٍ وَانْتِزَاعِهِ ذَلِكَ مِنْ خُزَاعَةَ وَاجْتِمَاعِ قُرَيْشٍ إِلَى الْحَرَمِ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ أَمْنًا لِلْعِبَادِ بَعْدَ تَفَرُّقِهَا فِي الْبِلَادِ وَتَمَزُّقِهَا فِي الْجِبَالِ وَالْمِهَادِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌ذِكْرُ جُمَلٍ مِنَ الْأَحْدَاثِ الْوَاقِعَةِ فِي زَمَنِ الْجَاهِلِيَّةِ

- ‌باب ذكر جماعة مشهورين كانوا في الْجَاهِلِيَّةِ

- ‌خَبَرُ خَالِدِ بْنِ سِنَانٍ الْعَبْسِيِّ

- ‌ذِكْرُ حَاتِمٍ الطَّائِيِّ أَحَدِ أَجْوَادِ الْجَاهِلِيَّةِ

- ‌ذِكْرُ شَيْءٍ مِنْ أَخْبَارِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُدْعَانَ

- ‌ذِكْرُ امْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ حُجْرٍ الْكِنْدِيِّ صَاحِبِ إِحْدَى الْمُعَلَّقَاتِ

- ‌ذِكْرُ شَيْءٍ مِنْ أَخْبَارٍ أُمَيَّةَ بن أَبِي الصَّلْتِ الثَّقَفِيِّ كَانَ مِنْ شُعَرَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ وَقَدْ أَدْرَكَ زَمَنَ الْإِسْلَامِ

- ‌بحيرا الرَّاهِبُ

- ‌ذكر قس بن ساعدة الأيادي

- ‌ذكر زَيْدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ رضي الله عنه

- ‌ذكر شيء مما وقع مِنَ الَحَوَادِثِ فِي زَمَنِ الْفَتْرَةِ

- ‌فَمِنْ ذَلِكَ بُنْيَانُ الْكَعْبَةِ

- ‌ذِكْرُ كَعْبِ بْنُ لُؤَيٍّ

- ‌ذِكْرُ تَجْدِيدِ حَفْرِ زَمْزَمَ

- ‌ذِكْرُ نَذْرِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ذَبْحَ أَحَدِ وَلَدِهِ

- ‌ذِكْرُ تَزْوِيجِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ابْنَهُ عَبْدَ اللَّهِ مِنْ آمِنَةَ بِنْتِ وَهْبٍ الزُّهْرِيَّةِ

- ‌كِتَابُ سِيرَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (وَذِكْرُ أَيَّامِهِ وَغَزَوَاتِهِ وَسَرَايَاهُ وَالْوُفُودِ إِلَيْهِ وَشَمَائِلِهِ وَفَضَائِلِهِ وَدَلَائِلِهِ الدَّالَّةِ عَلَيْهِ)

- ‌بَابُ ذِكْرِ نَسَبِهِ الشَّرِيفِ وَطِيبِ أَصْلِهِ الْمُنِيفِ

- ‌بَابُ مَوْلِدِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌صِفَةُ مَوْلِدِهِ الشَّرِيفِ عليه الصلاة والسلام

- ‌فَصْلٌ فِيمَا وَقَعَ مِنَ الْآيَاتِ لَيْلَةَ مَوْلِدِهِ عليه الصلاة والسلام

- ‌ذكر ارتجاس الإيوان

- ‌ذِكْرُ حَوَاضِنِهِ وَمَرَاضِعِهِ عليه الصلاة والسلام

- ‌ذِكْرُ رَضَاعِهِ عليه الصلاة والسلام

- ‌فَصْلٌ

- ‌ فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ فِي خُرُوجِهِ عليه الصلاة والسلام مَعَ عَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ إِلَى الشَّامِ وَقِصَّتِهِ مَعَ بَحِيرَى الرَّاهِبِ

- ‌قِصَّةُ بَحِيرَى

- ‌فَصْلٌ

- ‌ذِكْرُ شُهُودِهِ عليه الصلاة والسلام حَرْبَ الْفِجَارِ

- ‌فَصْلٌ فِي شُهُودِهِ عليه الصلاة والسلام حلف الفضول

- ‌فصل في تَزْوِيجُهُ عليه الصلاة والسلام خَدِيجَةَ بِنْتَ خُوَيْلِدٍ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قصي

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ فِي تَجْدِيدِ قُرَيْشٍ بِنَاءَ الْكَعْبَةِ قَبْلَ الْمَبْعَثِ بِخَمْسِ سِنِينَ

- ‌ فَصْلٍ

- ‌كِتَابُ مَبْعَثِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌فَصْلٌ

- ‌ذِكْرُ أَخْبَارٍ غَرِيبَةٍ فِي ذَلِكَ

- ‌[1] قِصَّةُ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ الْجُهَنِيِّ

- ‌قِصَّةُ سَيْفِ بْنِ ذِي يَزَنَ الْحِمْيَرِيِّ وَبِشَارَتُهُ بِالنَّبِيِّ الْأُمِّيِّ

- ‌بَابٌ فِي هَوَاتِفِ الْجَانِّ

الفصل: ‌باب ذكر بني إسماعيل وهم عرب الحجاز وما كان من أمور الجاهلية إلى زمان البعثة

مَمْلَكَتَهُ وَخَرَّبَ بِلَادِهِ وَاسْتَبَاحَ بَيْضَةَ قَوْمِهِ وَنَهَبَ حَوَاصِلَهُ وَمَزَّقَ شَمْلَ الْفُرْسِ شَذَرَ مَذَرَ عَزَمَ أَنْ لَا يَجْتَمِعَ لَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ شَمْلٌ وَلَا يَلْتَئِمَ لَهُمْ أَمْرٌ فَجَعَلَ يُقِرُّ كُلَّ مَلِكٍ عَلَى طَائِفَةٍ مِنَ النَّاسِ فِي إِقْلِيمٍ مِنْ أَقَالِيمِ الْأَرْضِ مَا بَيْنَ عَرَبِهَا وَأَعَاجِمِهَا فَاسْتَمَرَّ كُلُّ مَلِكٍ مِنْهُمْ يَحْمِي حَوْزَتَهُ وَيَحْفَظُ حِصَّتَهُ وَيَسْتَغِلُّ مَحِلَّتَهُ فَاذَا هَلَكَ قَامَ وَلَدُهُ مِنْ بَعْدِهِ أَوْ أَحَدُ قَوْمِهِ فَاسْتَمَرَّ الْأَمْرُ كَذَلِكَ قَرِيبًا مِنْ خَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ حَتَّى كَانَ أَزْدَشَيْرُ بْنُ بَابِكَ مِنْ بَنِي سَاسَانَ بْنِ بَهْمَنَ بْنِ إِسْفِنْدِيَارَ بْنِ يَشْتَاسِبَ بْنِ لِهْرَاسِبَ فَأَعَادَ مُلْكَهُمْ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ وَرَجَعَتِ الممالك برمتها اليه وأزال ممالك مملوك الطَّوَائِفِ وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ تَالِدٌ وَلَا طَارِفٌ وَكَانَ تَأَخَّرَ عَلَيْهِ حِصَارُ صَاحِبِ الْحَضْرِ الَّذِي كَانَ أَكْبَرَهُمْ وَأَشَدَّهُمْ وَأَعْظَمَهُمْ إِذْ كَانَ رَئِيسَهُمْ وَمُقَدَّمَهُمْ فَلَمَّا مَاتَ أَزْدَشَيْرُ تَصَدَّى لَهُ وَلَدُهُ سَابُورُ فَحَاصَرَهُ حَتَّى أَخَذَهُ كَمَا تَقَدَّمَ وَاللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.

‌بَابُ ذِكْرِ بَنِي إِسْمَاعِيلَ وهم عرب الحجاز وَمَا كَانَ مِنْ أُمُورِ الْجَاهِلِيَّةِ إِلَى زَمَانِ الْبَعْثَةِ

تَقَدَّمَ ذِكْرُ إِسْمَاعِيلَ نَفْسِهِ عليه السلام مَعَ ذِكْرِ الْأَنْبِيَاءِ وَكَيْفَ كَانَ مِنْ أَمْرِهِ حِينَ احْتَمَلَهُ أَبُوهُ ابْرَاهِيمَ الْخَلِيلُ عليه الصلاة والسلام مَعَ أُمِّهِ هَاجَرَ فَأَسْكَنَهَا بِوَادِي مَكَّةَ بَيْنَ جِبَالِ فَارَانَ حَيْثُ لَا أَنِيسَ بِهِ وَلَا حَسِيسَ وَكَانَ إِسْمَاعِيلُ رَضِيعًا ثُمَّ ذَهَبَ وَتَرَكَهُمَا هُنَالِكَ عَنْ أَمْرِ اللَّهِ لَهُ بِذَلِكَ لَيْسَ عِنْدَ أُمِّهِ سِوَى جِرَابٌ فِيهِ تَمْرٌ وَوِكَاءٌ فِيهِ مَاءٌ فَلَمَّا نَفِدَ ذَلِكَ أَنْبَعَ اللَّهُ لِهَاجَرَ زَمْزَمَ الَّتِي هِيَ طَعَامُ طُعْمٍ وَشِفَاءُ سُقْمٍ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الطَّوِيلِ الَّذِي رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ رحمه الله. ثم نزلت جرهم وهم طَائِفَةٌ مِنَ الْعَرَبِ الْعَارِبَةِ مِنْ أُمَمِ الْعَرَبِ الْأَقْدَمِينَ عِنْدَ هَاجَرَ بِمَكَّةَ عَلَى أَنْ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْمَاءِ شَيْءٌ إِلَّا مَا يَشْرَبُونَ مِنْهُ وَيَنْتَفِعُونَ بِهِ فَاسْتَأْنَسَتْ هَاجَرُ بِهِمْ وَجَعَلَ الْخَلِيلُ عليه السلام يُطَالِعُ أَمْرَهُمْ فِي كُلِّ حِينٍ يُقَالَ إِنَّهُ كَانَ يَرْكَبُ الْبُرَاقَ مِنْ بِلَادِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فِي ذَهَابِهِ وَإِيَابِهِ ثُمَّ لَمَّا تَرَعْرَعَ الْغُلَامُ وَشَبَّ وَبَلَغَ مَعَ أَبِيهِ السَّعْيَ كَانَتْ قِصَّةُ الذَّبْحِ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُ أَنَّ الذَّبِيحَ هُوَ إِسْمَاعِيلُ عَلَى الصَّحِيحِ ثُمَّ لَمَّا كَبِرَ تَزَوَّجَ مِنْ جُرْهُمٍ امْرَأَةً ثُمَّ فَارَقَهَا وَتَزَوَّجَ غَيْرَهَا وَتَزَوَّجَ بِالسَّيِّدَةِ بِنْتِ مُضَاضِ بْنِ عَمْرٍو الْجُرْهُمِيِّ وَجَاءَتْهُ بِالْبَنِينَ الِاثْنَيْ عَشَرَ كما تقدم ذكرهم وهم: نابت وقيذر. ومنشا. ومسمع. وماشى. ودما. وأذر. ويطور. ونيشى. وطيما. وقيذما [1] هكذا ذكره محمد

[1] كذا في الأصل احدى عشر. قال ابن جرير الطبري: وقد ينطق بأسماء أولاد إسماعيل بغير الألفاظ التي ذكرت عن ابن إسحاق وقد ضبطهم زميلنا الفاضل محب الدين افندى الخطيب في كتابه اتجاه الموجات البشرية في جزيرة العرب بعد بحثه عن ذلك في مختلف المصادر هكذا.

نابت، قيدار، يطّور، تيما، دومة، مسمع، قدمة، أدب ايل، نفيس، مبسام، الهميسع، حداد.

ص: 184

ابْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ عَنْ كُتُبِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَهُ ابْنَةٌ وَاحِدَةٌ اسْمُهَا نَسَمَةُ وَهِيَ الَّتِي زوجها من ابن أخيه العيصو بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ ابْرَاهِيمَ فَوُلِدَ لَهُ مِنْهَا الروم وفارس وَالْأَشْبَانُ أَيْضًا فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ.

ثُمَّ جَمِيعُ عَرَبِ الْحِجَازِ عَلَى اخْتِلَافِ قَبَائِلِهِمْ يَرْجِعُونَ فِي أَنْسَابِهِمْ إِلَى وَلَدَيْهِ نَابِتٍ وَقَيْذَرَ، وَكَانَ الرَّئِيسُ بَعْدَهُ وَالْقَائِمُ بِالْأُمُورِ الْحَاكِمُ فِي مَكَّةَ وَالنَّاظِرُ فِي أَمْرِ الْبَيْتِ وَزَمْزَمَ نَابِتُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَهُوَ ابْنُ أُخْتِ الْجُرْهُمِيِّينَ، ثُمَّ تَغَلَّبَتْ جُرْهُمٌ عَلَى الْبَيْتِ طَمَعًا فِي بَنِي أُخْتِهِمْ فَحَكَمُوا بِمَكَّةَ وَمَا وَالَاهَا عِوَضًا عَنْ بَنِي إِسْمَاعِيلَ مُدَّةً طَوِيلَةً فَكَانَ أَوَّلُ مَنْ صَارَ إِلَيْهِ أَمْرُ الْبَيْتِ بَعْدَ نَابِتٍ مُضَاصَ بْنَ عَمْرِو بن سعد بن الرقيب ابن عيبر [1] بْنِ نَبْتِ بْنِ جُرْهُمٍ، وَجُرْهُمُ بْنُ قَحْطَانَ وَيُقَالُ جُرْهُمُ بْنُ يَقْطُنَ بْنُ عَيْبَرِ بْنِ شالخ بن ارفخشذ ابن سَامِ بْنِ نُوحٍ الْجُرْهُمِيُّ. وَكَانَ نَازِلًا بِأَعْلَى مَكَّةَ بِقُعَيْقِعَانَ وَكَانَ السَّمَيْدَعُ سَيِّدُ قَطُورَاءَ نَازِلًا بِقَوْمِهِ فِي أَسْفَلِ مَكَّةَ وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَعْشُرُ مَنْ مَرَّ بِهِ مُجْتَازًا إِلَى مَكَّةَ. ثُمَّ وَقَعَ بَيْنَ جُرْهُمٍ وَقَطُورَاءَ فَاقْتَتَلُوا فَقُتِلَ السَّمَيْدَعُ وَاسْتَوْثَقَ الْأَمْرُ لِمُضَاضٍ وَهُوَ الْحَاكِمُ بِمَكَّةَ وَالْبَيْتِ لَا يُنَازِعُهُ فِي ذَلِكَ وَلَدُ إِسْمَاعِيلَ مَعَ كثرتهم وشرفهم وانتثارهم بمكة وبغيرها وذلك لخؤولتهم لَهُ وَلِعَظَمَةِ الْبَيْتِ الْحَرَامِ. ثُمَّ صَارَ الْمُلْكُ بَعْدَهُ إِلَى ابْنِهِ الْحَارِثِ ثُمَّ إِلَى عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ ثُمَّ بَغَتْ جُرْهُمٌ بِمَكَّةَ وَأَكْثَرَتْ فِيهَا الْفَسَادَ وَأَلْحَدُوا بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى ذُكِرَ أَنَّ رَجُلًا مِنْهُمْ يُقَالَ لَهُ إِسَافُ بْنُ بَغِيٍّ وَامْرَأَةٌ يُقَالُ لَهَا نَائِلَةُ بِنْتُ وَائِلٍ اجْتَمَعَا فِي الْكَعْبَةِ فَكَانَ مِنْهُ إِلَيْهَا الْفَاحِشَةُ فَمَسَخَهُمَا اللَّهُ حَجَرَيْنِ فَنَصَبَهُمَا النَّاسُ قَرِيبًا مِنَ الْبَيْتِ لِيَعْتَبِرُوا بِهِمَا فَلَمَّا طَالَ الْمَطَالُ بَعْدَ ذَلِكَ بِمُدَدٍ عُبِدَا مِنْ دُونِ اللَّهِ فِي زَمَنِ خُزَاعَةَ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي مَوْضِعِهِ. فَكَانَا صَنَمَيْنِ مَنْصُوبَيْنِ يُقَالُ لَهُمَا إِسَافٌ وَنَائِلَةُ. فَلَمَّا أَكْثَرَتْ جُرْهُمٌ الْبَغْيَ بِالْبَلَدِ الْحَرَامِ تَمَالَأَتْ عَلَيْهِمْ خُزَاعَةُ الَّذِينَ كَانُوا نَزَلُوا حَوْلَ الْحَرَمِ وكانوا مِنْ ذُرِّيَّةِ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ الَّذِي خَرَجَ مِنَ الْيَمَنِ لِأَجْلِ مَا تَوَقَّعَ مِنْ سَيْلِ الْعَرِمِ كَمَا تَقَدَّمَ.

وَقِيلَ إِنَّ خُزَاعَةَ مِنْ بَنِي إِسْمَاعِيلَ فاللَّه أَعْلَمُ.

وَالْمَقْصُودُ أَنَّهُمُ اجْتَمَعُوا لِحَرْبِهِمْ وَآذَنُوهُمْ بِالْحَرْبِ وَاقْتَتَلُوا وَاعْتَزَلَ بَنُو إِسْمَاعِيلَ كِلَا الْفَرِيقَيْنِ فَغَلَبَتْ خُزَاعَةُ وَهُمْ بَنُو بَكْرِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ وَغُبْشَانُ وَأَجْلَوْهُمْ عَنِ الْبَيْتِ فَعَمَدَ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ بْنِ مُضَاضٍ الْجُرْهُمِيُّ وَهُوَ سَيِّدُهُمْ إِلَى غَزَالَيِ الْكَعْبَةِ وَهُمَا مِنْ ذَهَبٍ وَحَجَرِ الرُّكْنِ وَهُوَ الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ وَإِلَى سُيُوفٍ مُحَلَّاةٍ وَأَشْيَاءَ أُخَرَ فَدَفَنَهَا فِي زَمْزَمَ وَعَلَّمَ زَمْزَمَ وَارْتَحَلَ بِقَوْمِهِ فَرَجَعُوا إِلَى الْيَمَنِ. وفي ذلك يقول عمرو بن الحارث ابن مُضَاضٍ:

وَقَائِلَةٍ وَالدَّمْعُ سَكْبٌ مُبَادِرٌ

وَقَدْ شَرِقَتْ بِالدَّمْعِ مِنْهَا الْمَحَاجِرُ

كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْحَجُونِ إِلَى الصَّفَا

أَنِيسٌ وَلَمْ يَسْمَرْ بِمَكَّةَ سَامِرُ

فَقُلْتُ لَهَا وَالْقَلْبُ مِنِّي كَأَنَّمَا

يُلَجْلِجُهُ بين الجناحين طائر

[1] وفي السهيليّ: ابن هىّ في المكانين.

ص: 185

بَلَى نَحْنُ كُنَّا أَهْلَهَا فَأَزَالَنَا

صُرُوفُ اللَّيَالِي وَالْجُدُودُ الْعَوَاثِرُ

وَكُنَّا وُلَاةَ الْبَيْتِ مِنْ بَعْدِ نَابِتٍ

نَطُوفُ بِذَاكَ الْبَيْتِ وَالْخَيْرُ ظَاهِرُ

وَنَحْنُ وَلِينَا الْبَيْتَ مِنْ بَعْدِ نَابِتٍ

بِعِزٍّ فَمَا يَحْظَى لَدَيْنَا الْمُكَاثِرُ

مَلَكْنَا فَعَزَّزْنَا فَأَعْظِمْ بِمُلْكِنَا

فَلَيْسَ لِحَيٍّ غَيْرِنَا ثَمَّ فَاخِرُ

أَلَمْ تُنْكِحُوا مِنْ خَيْرِ شَخْصٍ عَلِمْتُهُ

فَأَبْنَاؤُهُ مِنَّا وَنَحْنُ الأصاهر

فان تنثني الدُّنْيَا عَلَيْنَا بِحَالِهَا

فَإِنَّ لَهَا حَالًا وَفِيهَا التَّشَاجُرُ

فَأَخْرَجَنَا مِنْهَا الْمَلِيكُ بِقُدْرَةٍ

كَذَلِكَ يَا لَلنَّاسِ تَجْرِي الْمَقَادِرُ

أَقُولُ إِذَا نَامَ الْخَلِيُّ وَلَمْ أَنَمْ

أَذَا الْعَرْشِ لَا يَبْعُدْ سُهَيْلٌ وعامر

وبدلت منها أو جهالا أُحِبُّهَا

قَبَائِلُ مِنْهَا حِمْيَرٌ وَيَحَابِرُ

وَصِرْنَا أَحَادِيثًا وَكُنَّا بِغِبْطَةٍ

بِذَلِكَ عَضَّتْنَا السُّنُونُ الْغَوَابِرُ

فَسَحَّتْ دُمُوعُ الْعَيْنِ تَبْكِي لِبَلْدَةٍ

بِهَا حَرَمٌ أَمْنٌ وَفِيهَا الْمَشَاعِرُ

وَتَبْكِي لِبَيْتٍ لَيْسَ يُؤْذَى حَمَامُهُ

يَظَلُّ بِهِ أَمْنًا وَفِيهِ الْعَصَافِرُ

وَفِيهِ وُحُوشٌ لَا تُرَامُ أَنِيسَةٌ

إِذَا خَرَجَتْ مِنْهُ فَلَيْسَتْ تُغَادِرُ

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ بْنِ مُضَاضٍ أَيْضًا يَذْكُرُ بَنِي بَكْرٍ وَغُبْشَانَ الَّذِينَ خَلَفُوا بَعْدَهُمْ بِمَكَّةَ:

يَا أَيُّهَا الناس سيروا إن قصاركم

أَنْ تُصْبِحُوا ذَاتَ يَوْمٍ لَا تَسِيرُونَا

حُثُّوا الْمَطِيَّ وَأَرْخُوا مِنْ أَزِمَّتِهَا

قَبْلَ الْمَمَاتِ وَقَضُّوا مَا تُقَضُّونَا

كُنَّا أُنَاسًا كَمَا كُنْتُمْ فَغَيَّرَنَا

دَهْرٌ فَأَنْتُمْ كَمَا صِرْنَا تَصِيرُونَا

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: هَذَا مَا صَحَّ لَهُ مِنْهَا وَحَدَّثَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالشِّعْرِ أَنَّ هَذِهِ الْأَبْيَاتَ أَوَّلُ شِعْرٍ قِيلَ فِي الْعَرَبِ وَأَنَّهَا وُجِدَتْ مَكْتُوبَةً فِي حَجَرٍ بِالْيَمَنِ وَلَمْ يُسَمَّ قَائِلُهَا وَذَكَرَ السُّهَيْلِيُّ لِهَذِهِ الْأَبْيَاتِ إِخْوَةً وَحَكَى عِنْدَهَا حِكَايَةً مُعْجِبَةً وَإِنْشَادَاتٍ مُعَرَّبَةً. قَالَ: وَزَادَ أَبُو الْوَلِيدِ الْأَزْرَقِيُّ فِي كِتَابِهِ فَضَائِلِ مَكَّةَ عَلَى هَذِهِ الْأَبْيَاتِ الْمَذْكُورَةِ الْمَنْسُوبَةِ إِلَى عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ بْنِ مُضَاضٍ:

قَدْ مَالَ دَهْرٌ عَلَيْنَا ثُمَّ أَهْلَكَنَا

بِالْبَغْيِ فِينَا وَبَزَّ النَّاسَ نَاسُونَا

وَاسْتَخْبِرُوا فِي صَنِيعِ النَّاسِ قَبْلَكُمُ

كَمَا اسْتَبَانَ طَرِيقٌ عِنْدَهُ الْهُونَا

كُنَّا زَمَانًا مُلُوكَ النَّاسِ قَبْلَكُمُ

بِمَسْكَنٍ فِي حَرَامِ اللَّهِ مَسْكُونَا

ص: 186