الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَوْسَاطِهِمْ وَيَخُوضُونَ الْبُحُورَ إِلَى أَعْدَائِهِمْ فِيهِمْ صَلَاةٌ لَوْ كَانَتْ فِي قَوْمِ نُوحٍ مَا أُهْلِكُوا بِالطُّوفَانِ، وَفِي عَادٍ مَا أُهْلِكُوا بِالرِّيحِ، وَفِي ثَمُودَ مَا أُهْلِكُوا بِالصَّيْحَةِ: بِسْمِ اللَّهِ وَقَوْلُهُ الْحَقُّ وَقَوْلُ الظَّالِمِينَ فِي تِبَابٍ.
ثُمَّ ذَكَرَ قِصَّةً أُخْرَى قَالَ فَعَجِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا قرأت عليه فِيهَا.
وَذَكَرْنَا عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ 7: 157 قِصَّةَ هِشَامِ بْنِ الْعَاصِ الْأُمَوِيِّ حِينَ بَعَثَهُ الصِّدِّيقُ فِي سَرِيَّةٍ إِلَى هِرَقْلَ يَدْعُوهُ إِلَى اللَّهِ عز وجل. فَذَكَرَ أَنَّهُ أَخْرَجَ لَهُمْ صور الأنبياء في رقعة مِنْ آدَمَ إِلَى مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ عَلَى النَّعْتِ وَالشَّكْلِ الَّذِي كَانُوا عَلَيْهِ. ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ لَمَّا أَخْرَجَ صُورَةَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَامَ قَائِمًا إِكْرَامًا لَهُ. ثُمَّ جَلَسَ وَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَيْهَا وَيَتَأَمَّلُهَا. قَالَ فَقُلْنَا لَهُ مَنْ أين لك هذه الصورة؟ فَقَالَ: إِنَّ آدَمَ سَأَلَ رَبَّهُ أَنْ يُرِيَهُ جميع الأنبياء من ذلك، فَأَنْزَلَ عَلَيْهِ صُوَرَهُمْ، فَكَانَ فِي خِزَانَةِ آدَمَ عليه السلام عِنْدَ مَغْرِبِ الشَّمْسِ فَاسْتَخْرَجَهَا ذُو الْقَرْنَيْنِ، فَدَفَعَهَا إِلَى دَانْيَالَ. ثُمَّ قَالَ: أَمَا وَاللَّهِ إِنَّ نَفْسِي قَدْ طَابَتْ بِالْخُرُوجِ مِنْ مُلْكِي وَإِنِّي كُنْتُ عَبْدًا لِأَشَرِّكُمْ مَلَكَةً حَتَّى أَمُوتَ. ثُمَّ أَجَازَنَا فَأَحْسَنَ جَائِزَتَنَا وَسَرَّحَنَا. فَلَمَّا أَتَيْنَا أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ فَحَدَّثْنَاهُ بِمَا رَأَيْنَا وَمَا أَجَازَنَا وَمَا قَالَ لَنَا، قَالَ فَبَكَى وَقَالَ: مِسْكِينٌ لَوْ أَرَادَ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا لَفَعَلَ، ثُمَّ قَالَ أَخْبَرَنَا رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُمْ وَالْيَهُودَ يَجِدُونَ نَعْتَ مُحَمَّدٍ عندهم. رواه الحاكم بطوله فليكتب هاهنا من التفسير. وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ.
وَقَالَ الْأُمَوِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ. قَالَ وَحَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ: قَدِمْتُ بِرَقِيقٍ مِنْ عِنْدِ النَّجَاشِيِّ أَعْطَانِيهِمْ فَقَالُوا لِي يَا عَمْرُو لَوْ رَأَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ لَعَرَفْنَاهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ تُخْبِرَنَا، فَمَرَّ أَبُو بَكْرٍ فَقُلْتُ أَهُوَ هَذَا؟ قَالُوا لَا، فَمَرَّ عُمَرُ فَقُلْتُ أَهُوَ هَذَا؟ قَالُوا لَا فَدَخَلْنَا الدَّارَ فَمَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَنَادُونِي يَا عَمْرُو هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَنَظَرْتُ فَإِذَا هُوَ هُوَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُخْبِرَهُمْ بِهِ أَحَدٌ، عَرَفُوهُ بِمَا كَانُوا يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ وَقَدْ تَقَدَّمَ إِنْذَارُ سَبَأٍ لِقَوْمِهِ وَبِشَارَتِهِ لَهُمْ بِوُجُودِ رسول الله صلى الله عليه وسلم في شِعْرٍ أَسْلَفْنَاهُ فِي تَرْجَمَتِهِ فَأَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ، وَتَقَدَّمَ قَوْلُ الْحَبْرَيْنِ مِنَ الْيَهُودِ لِتُبَّعٍ الْيَمَانِيِّ حِينَ حَاصَرَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ إِنَّهَا مُهَاجَرُ نَبِيٍّ يَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ فَرَجَعَ عَنْهَا وَنَظَمَ شِعْرًا يَتَضَمَّنُ السَّلَامَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
قِصَّةُ سَيْفِ بْنِ ذِي يَزَنَ الْحِمْيَرِيِّ وَبِشَارَتُهُ بِالنَّبِيِّ الْأُمِّيِّ
وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ سَهْلٍ الْخَرَائِطِيُّ فِي كِتَابِهِ هَوَاتِفِ الْجَانِّ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ بَكْرٍ- هُوَ ابْنُ بَكَّارٍ الْقَعْنَبِيُّ- عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مُحَمَّدِ بن السائب الكلبي عن أبي صالح عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ. قَالَ: لَمَّا ظَهَرَ سَيْفُ بْنُ ذِي يَزَنَ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ- وَاسْمُهُ النُّعْمَانُ بْنُ قَيْسٍ- عَلَى الْحَبَشَةِ وَذَلِكَ بَعْدَ مَوْلِدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِسَنَتَيْنِ أَتَتْهُ وُفُودُ
الْعَرَبِ وَشُعَرَاؤُهَا تُهَنِّئُهُ وَتَمْدَحُهُ وَتَذْكُرُ مَا كَانَ من حسن بلائه، وأتاه فيمن أتاه وفود قُرَيْشٍ فِيهِمْ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ بْنُ هَاشِمٍ، وَأُمَيَّةُ بن عبد شمس أبى عبد الله [1] وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جُدْعَانَ، وَخُوَيْلِدُ بْنُ أَسَدٍ فِي أُنَاسٍ مِنْ وُجُوهِ قُرَيْشٍ فَقَدِمُوا عَلَيْهِ صَنْعَاءَ، فَإِذَا هُوَ فِي رَأْسِ غُمْدَانَ الَّذِي ذَكَرَهُ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ:
وَاشْرَبْ هَنِيئًا عَلَيْكَ التَّاجُ مُرْتَفِعًا
…
فِي رَأْسِ غُمْدَانَ دَارًا مِنْكَ مِحْلَالَا
فَدَخَلَ عَلَيْهِ الْآذِنُ، فَأَخْبَرَهُ بِمَكَانِهِمْ فَأَذِنَ لَهُمْ، فَدَنَا عَبْدُ الْمُطَّلِبِ فَاسْتَأْذَنَهُ فِي الْكَلَامِ فَقَالَ لَهُ إِنْ كُنْتَ مِمَّنْ يَتَكَلَّمُ بين يدي فَقَدْ أَذِنَّا لَكَ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَلَّكَ أَيُّهَا الْمَلِكُ مَحَلًّا رَفِيعًا صَعْبًا مَنِيعًا، شَامِخًا بَاذِخًا، وَأَنْبَتَكَ مَنْبَتًا طَابَتْ أَرُومَتُهُ، وَعَزَّتْ جُرْثُومَتُهُ، وَثَبَتَ أَصْلُهُ، وَبَسَقَ فَرْعُهُ فِي أَكْرَمِ مَوْطِنٍ وَأَطْيَبِ مَعْدِنٍ فَأَنْتَ- أَبَيْتَ اللَّعْنَ- مَلِكُ الْعَرَبِ وَرَبِيعُهَا الَّذِي تَخْصَبُ بِهِ الْبِلَادُ، وَرَأْسُ الْعَرَبِ الَّذِي لَهُ تَنْقَادُ، وَعَمُودُهَا الَّذِي عَلَيْهِ الْعِمَادُ، وَمَعْقِلُهَا الَّذِي يَلْجَأُ إِلَيْهِ الْعِبَادُ. وَسَلَفُكَ خَيْرُ سَلَفٍ، وَأَنْتَ لَنَا مِنْهُمْ خَيْرُ خَلَفٍ. فَلَنْ يَخْمُدَ مَنْ هُمْ سَلَفُهُ وَلَنْ يَهْلِكَ مَنْ أَنْتَ خَلَفُهُ، وَنَحْنُ أَيُّهَا الْمَلِكُ أَهْلُ حَرَمِ اللَّهِ وَسَدَنَةُ بَيْتِهِ، أشخصنا إليك الّذي أبهجك من كشف الْكَرْبَ الَّذِي قَدْ فَدَحَنَا، وَفْدُ التَّهْنِئَةِ لَا وَفْدُ الْمَرْزِئَةِ. قَالَ: وَأَيُّهُمْ أَنْتَ أَيُّهَا الْمُتَكَلِّمُ؟ قَالَ أَنَا عَبْدُ الْمُطَّلِبِ بْنُ هَاشِمٍ. قَالَ ابْنُ أُخْتِنَا؟ قَالَ نَعَمْ، قَالَ ادْنُ فَأَدْنَاهُ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِ وَعَلَى الْقَوْمِ فَقَالَ مَرْحَبًا وَأَهْلًا وَنَاقَةً وَرَحْلًا، وَمُسْتَنَاخًا سَهْلًا، وَمَلِكًا رِبَحْلًا [2] يُعْطِي عَطَاءً جَزْلًا. قَدْ سَمِعَ الْمَلِكُ مَقَالَتَكُمْ وَعَرَفَ قَرَابَتَكُمْ، وَقَبِلَ وَسِيلَتَكُمْ، فَأَنْتُمْ أَهْلُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَلَكُمُ الْكَرَامَةُ مَا أَقَمْتُمْ وَالْحِبَاءُ إِذَا ظعنتم، ثم نهضوا إِلَى دَارِ الْكَرَامَةِ وَالْوُفُودِ، فَأَقَامُوا شَهْرًا لَا يَصِلُونَ إِلَيْهِ وَلَا يَأْذَنُ لَهُمْ بِالِانْصِرَافِ، ثُمَّ انْتَبَهَ لَهُمُ انْتِبَاهَةً فَأَرْسَلَ إِلَى عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَأَدْنَى مَجْلِسَهُ وَأَخْلَاهُ ثُمَّ قَالَ: يَا عَبْدَ الْمُطَّلِبِ إِنِّي مُفْضٍ إِلَيْكَ مِنْ سِرِّ عِلْمِي ما لَوْ يَكُونُ غَيْرُكَ لَمْ أَبُحْ بِهِ. وَلَكِنِّي رَأَيْتُكَ مَعْدِنَهُ فَأَطْلَعْتُكَ طَلِيعَهُ فَلْيَكُنْ عِنْدَكَ مَطْوِيًّا حَتَّى يَأْذَنَ اللَّهُ فِيهِ، فَإِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ، إِنِّي أَجِدُّ فِي الْكِتَابِ الْمَكْنُونِ وَالْعِلْمِ المخزون الّذي اخترناه لأنفسنا واحتجناه دون غيرنا خبرا عَظِيمًا، وَخَطَرًا جَسِيمًا فِيهِ شَرَفُ الْحَيَاةِ وَفَضِيلَةُ الْوَفَاةِ لِلنَّاسِ عَامَّةً وَلِرَهْطِكَ كَافَّةً وَلَكَ خَاصَّةً. فَقَالَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ أَيُّهَا الْمَلِكُ مِثْلُكَ سَرَّ وبر، فما هو فداؤك أَهْلُ الْوَبَرِ زُمَرًا بَعْدَ زُمَرٍ؟ قَالَ إِذَا ولد بِتِهَامَةْ، غُلَامٌ بِهِ عَلَامَةْ، بَيْنَ كَتِفَيْهِ شَامَةْ كَانَتْ لَهُ الْإِمَامَةْ، وَلَكُمْ بِهِ الزَّعَامَةْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةْ. قَالَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ- أَبَيْتَ اللَّعْنَ- لقد أُبْتُ بِخَيْرِ مَا آبَ بِهِ وَافِدٌ، وَلَوْلَا هيبة الملك وإجلاله وإعظامه لسألته من بشارته إِيَّايَ مَا أَزْدَادُ بِهِ سُرُورًا. قَالَ ابْنُ ذِي يَزَنَ هَذَا حِينُهُ الَّذِي يُولَدُ فِيهِ أَوْ قَدْ وُلِدَ وَاسْمُهُ مُحَمَّدٌ. يَمُوتُ أَبُوهُ وَأُمُّهُ وَيَكْفُلُهُ جَدُّهُ وَعَمُّهُ. وَلَدْنَاهُ مِرَارًا وَاللَّهُ بَاعِثُهُ جِهَارًا، وَجَاعِلٌ لَهُ مِنَّا أَنْصَارًا يُعِزُّ بِهِمْ أَوْلِيَاءَهُ وَيُذِلُّ بِهِمْ أَعْدَاءَهُ، وَيَضْرِبُ بِهِمُ النَّاسَ عَنْ عُرْضٍ، وَيَسْتَبِيحُ بِهِمْ كَرَائِمَ الْأَرْضِ، يكسر الأوثان ويخمد النيران، يعبد الرحمن ويدحر
[1] كلمة أبى عبد الله. غير موجودة في الدلائل.
[2]
الرجل الكثير العطاء.
الشَّيْطَانَ، قَوْلُهُ فَصْلٌ وَحُكْمُهُ عَدْلٌ يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَيَفْعَلُهُ وَيَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُبْطِلُهُ. فَقَالَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ أَيُّهَا الْمَلِكُ- عَزَّ جَدُّكَ وَعَلَا كَعْبُكَ، وَدَامَ مُلْكُكَ، وَطَالَ عُمُرُكَ. فَهَذَا نِجَارِي فَهَلِ الملك سار لي بإفصاح فقد أوضح لِي بَعْضَ الْإِيضَاحِ. فَقَالَ ابْنُ ذِي يَزَنَ: وَالْبَيْتِ ذِي الْحُجُبِ وَالْعَلَامَاتِ عَلَى النُّقُبِ إِنَّكَ يَا عَبْدَ الْمُطَّلِبِ لَجَدُّهُ غَيْرَ كَذِبٍ، فَخَرَّ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ سَاجِدًا فَقَالَ ارْفَعْ رَأْسَكَ ثَلَجَ صَدْرُكَ وَعَلَا أَمْرُكَ فَهَلْ أَحْسَسْتَ شَيْئًا مِمَّا ذَكَرْتُ لَكَ. فَقَالَ أَيُّهَا الْمَلِكُ كَانَ لِيَ ابْنٌ وَكُنْتُ بِهِ مُعْجَبًا وَعَلَيْهِ رَفِيقَا فَزَوَّجْتُهُ كَرِيمَةً مَنْ كَرَائِمِ قَوْمِهِ آمِنَةَ بِنْتَ وَهْبٍ فَجَاءَتْ بِغُلَامٍ سَمَّيْتُهُ مُحَمَّدًا فَمَاتَ أَبُوهُ وَأُمُّهُ وَكَفَلْتُهُ أَنَا وَعَمُّهُ. قَالَ ابْنُ ذِي يَزَنَ إِنَّ الَّذِي قُلْتُ لَكَ كَمَا قُلْتَ فَاحْتَفِظْ بِابْنِكَ وَاحْذَرْ عَلَيْهِ الْيَهُودَ فَإِنَّهُمْ لَهُ أَعْدَاءٌ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُمْ عَلَيْهِ سَبِيلًا، وَاطْوِ مَا ذَكَرْتُ لَكَ دُونَ هَؤُلَاءِ الرَّهْطِ الَّذِينَ معك فانى لست آمن ان تدخل لهم النفاسة من أن تكون لكم الرئاسة فَيَطْلُبُونَ لَهُ الْغَوَائِلَ وَيَنْصِبُونَ لَهُ الْحَبَائِلَ فَهُمْ فَاعِلُونَ أَوْ أَبْنَاؤُهُمْ وَلَوْلَا أَنِّي أَعْلَمُ أَنَّ الْمَوْتَ مُجْتَاحِي قَبْلَ مَبْعَثِهِ لَسِرْتُ بِخَيْلِي وَرَجِلِي حتى أصير بيثرب دار مملكته فَإِنِّي أَجِدُ فِي الْكِتَابِ النَّاطِقِ وَالْعِلْمِ السَّابِقِ أَنَّ بِيَثْرِبَ اسْتِحْكَامُ أَمْرِهِ وَأَهْلُ نُصْرَتِهِ وَمَوْضِعُ قَبْرِهِ وَلَوْلَا أَنِّي أَقِيهِ الْآفَاتِ وَأَحْذَرُ عَلَيْهِ الْعَاهَاتِ لَأَعْلَنْتُ عَلَى حَدَاثَةِ سِنِّهِ أَمْرَهُ وَلَأَوْطَأْتُ اسنان العرب عقبه، ولكنى صارف ذَلِكَ إِلَيْكَ عَنْ غَيْرِ تَقْصِيرٍ بِمَنْ مَعَكَ. قَالَ ثُمَّ أَمَرَ لِكُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ بِعَشَرَةِ أعبد وعشرة إِمَاءٍ وَبِمِائَةٍ مِنَ الْإِبِلِ وَحُلَّتَيْنِ مِنَ الْبُرُودِ وَبِخَمْسَةِ أَرْطَالٍ مِنَ الذَّهَبِ وَعَشَرَةِ أَرْطَالِ فِضَّةٍ وَكَرِشٍ مَمْلُوءٍ عَنْبَرًا وَأَمَرَ لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ بِعَشْرَةِ أَضْعَافِ ذَلِكَ وَقَالَ لَهُ: إِذَا حَالَ الْحَوْلُ فَأْتِنِي فَمَاتَ ابْنُ ذِي يَزَنَ قَبْلَ أَنْ يَحُولَ الْحَوْلُ، فَكَانَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ كَثِيرًا مَا يَقُولُ لَا يَغْبِطْنِي رَجُلٌ مِنْكُمْ بِجَزِيلِ عَطَاءِ الْمَلِكِ فَإِنَّهُ إِلَى نَفَادٍ وَلَكِنْ لِيَغْبِطْنِي بِمَا يَبْقَى لِي وَلِعَقِبِي مِنْ بَعْدِي ذِكْرُهُ وَفَخْرُهُ وَشَرَفُهُ، فَإِذَا قِيلَ لَهُ مَتَى ذَلِكَ قَالَ سَيُعْلَمُ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ قَالَ وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ أُمَيَّةُ بْنُ عَبْدِ شَمْسٍ:
جَلَبْنَا النُّصْحَ تحقبه المطايا
…
على أكوار إجمال ونوق
مقلفة مَرَاتِعُهَا تُعَالَى
…
إِلَى صَنْعَاءَ مِنْ فَجٍّ عَمِيقِ
[1]
تؤم بنا ابن ذي يزن وتغرى
…
بذات بطونها ذم الطريق
وترعى من مخايله بروقا
…
مواصلة الوميض الى بروق
فلما واصلت صنعاء حلت
…
بدار الملك والحسب العريق
وَهَكَذَا رَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الدَّلَائِلِ من طريق عمرو بن بكير بن بكار القعنبي ثُمَّ قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ أُخْبِرْتُ عَنْ أَبِي الحسن على بن إبراهيم بن عبد ربه بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُفَيْرِ بن عبد العزيز بن السفر بْنِ عُفَيْرِ بْنِ زُرْعَةَ بْنِ سَيْفِ بْنِ ذِي يَزَنَ حَدَّثَنِي أَبِي أَبُو يَزَنَ إِبْرَاهِيمُ حدثنا عمى احمد بن محمد ابو
[1] كذا بالأصول ولم نجد هذا الشعر في الدلائل ولا في غيره من المراجع.
رجاء به حَدَّثَنَا عَمِّي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عُفَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زُرْعَةَ بْنِ سَيْفِ بْنِ ذِي يَزَنَ الْحِمْيَرِيِّ قَالَ لَمَّا ظَهَرَ جَدِّي سَيْفُ بْنُ ذِي يَزَنَ عَلَى الْحَبَشَةِ. وَذَكَرَهُ بِطُولِهِ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْخَرَائِطِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو يُوسُفَ يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقُلُوسِيُّ حَدَّثَنَا الْعَلَاءُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ أَبِي سُوَيَّةَ أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُوَيَّةَ عَنْ جَدِّهِ أَبِي سُوَيَّةَ عَنْ أَبِيهِ خَلِيفَةَ قَالَ سَأَلْتُ مُحَمَّدَ بن عثمان بن ربيعة بن سواءة ابن خَثْعَمِ بْنِ سَعْدٍ فَقُلْتُ كَيْفَ سَمَّاكَ أَبُوكَ مُحَمَّدًا؟ فَقَالَ سَأَلْتُ أَبِي عَمَّا سَأَلْتَنِي عَنْهُ، فَقَالَ خَرَجْتُ رَابِعَ أَرْبَعَةٍ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ أَنَا مِنْهُمْ، وَسُفْيَانُ بْنُ مُجَاشِعِ بْنِ دَارِمٍ، وَأُسَامَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُنْدُبِ بْنِ الْعَقِيدِ، ويزيد ابن رَبِيعَةَ بْنِ كِنَانَةَ بْنِ حَرْبُوصِ بْنِ مَازِنٍ، وَنَحْنُ نُرِيدُ ابْنَ جَفْنَةَ مَلِكَ غَسَّانَ فَلَمَّا شَارَفْنَا الشَّامَ نَزَلْنَا عَلَى غَدِيرٍ عَلَيْهِ شَجَرَاتٌ فَتَحَدَّثْنَا فَسَمِعَ كَلَامَنَا رَاهِبٌ، فَأَشْرَفَ عَلَيْنَا فَقَالَ إِنَّ هَذِهِ لُغَةٌ مَا هِيَ بِلُغَةِ هَذِهِ البلاد فقلنا نَعَمْ نَحْنُ قَوْمٌ مِنْ مُضَرَ، قَالَ مِنْ أي المضرين؟ قُلْنَا مِنْ خِنْدَفٍ قَالَ أَمَا إِنَّهُ سَيُبْعَثُ وَشِيكًا نَبِيٌّ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ، فَسَارِعُوا إِلَيْهِ وَخُذُوا بِحَظِّكُمْ مِنْهُ تَرْشُدُوا. فَقُلْنَا لَهُ مَا اسْمُهُ؟ قَالَ: اسْمُهُ مُحَمَّدٌ. قَالَ فَرَجَعْنَا مِنْ عِنْدِ ابْنِ جَفْنَةَ فَوُلِدَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا ابْنٌ فَسَمَّاهُ مُحَمَّدًا. يَعْنِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ طَمِعَ فِي أَنْ يَكُونَ هَذَا النَّبِيُّ الْمُبَشَّرُ بِهِ وَلَدَهُ.
وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْخَرَائِطِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي سَعْدٍ حَدَّثَنَا حَازِمُ بْنُ عِقَالِ بْنِ الزَّهْرِ بْنِ حَبِيبِ بن المنذر بن أبى الحصين بن السموأل بن عاديا حدثني جابر بن جدان بْنِ جَمِيعِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ سِمَاكِ بْنِ الحصين بن السموأل بن عاديا. قَالَ لَمَّا حَضَرَتِ الْأَوْسَ بْنَ حَارِثَةَ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ الْوَفَاةُ اجْتَمَعَ إِلَيْهِ قَوْمُهُ مِنْ غَسَّانَ فَقَالُوا إِنَّهُ قَدْ حَضَرَكَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ مَا تَرَى وَكُنَّا نَأْمُرُكَ بِالتَّزَوُّجِ فِي شَبَابِكَ فَتَأْبَى وَهَذَا أَخُوكَ الْخَزْرَجُ لَهُ خَمْسَةُ بَنِينَ، وَلَيْسَ لَكَ وَلَدٌ غَيْرَ مَالِكٍ فَقَالَ: لَنْ يَهْلَكَ هَالِكٌ تَرَكَ مِثْلَ مَالِكٍ إِنَّ الَّذِي يُخْرِجُ النَّارَ مِنَ الْوَثِيمَةِ [1] قَادِرٌ أَنْ يَجْعَلَ لِمَالِكٍ نَسْلًا وَرِجَالًا بُسْلًا وَكُلٌّ إِلَى الْمَوْتِ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى مَالِكٍ وَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ الْمَنِيَّةُ وَلَا الدَّنِيَّةُ، الْعِقَابُ وَلَا الْعِتَابُ، التَّجَلُّدُ وَلَا التَّلَدُّدُ [2] الْقَبْرُ خَيْرٌ مِنَ الْفَقْرِ، إِنَّهُ مَنْ قَلَّ ذَلَّ، ومن كر فر، من كَرَمِ الْكَرِيمِ الدَّفْعُ عَنِ الْحَرِيمِ. وَالدَّهْرُ يَوْمَانِ فَيَوْمٌ لَكَ وَيَوْمٌ عَلَيْكَ، فَإِذَا كَانَ لَكَ فلا تبطر، وإذا كان عليك فاصطير، وكلاهما سينحسر، ليس يثبت مِنْهُمَا الْمَلِكُ الْمُتَوَّجُ، وَلَا اللَّئِيمُ الْمُعَلْهَجُ، سَلِّمْ ليومك حياك رَبِّكَ، ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ:
شَهِدْتُ السَّبَايَا يَوْمَ آل محرق
…
وأدرك أمرى صَيْحَةَ اللَّهِ فِي الْحِجْرِ
فَلَمْ أَرَ ذَا مُلْكٍ مِنَ النَّاسِ وَاحِدًا
…
وَلَا سُوقَةً إِلَّا إِلَى الْمَوْتِ وَالْقَبْرِ
فَعَلَّ الَّذِي أَرْدَى ثَمُودًا وَجُرْهُمًا
…
سَيُعْقِبُ لِي نَسْلًا عَلَى آخِرِ الدَّهْرِ
[1] الوثيمة الحجارة، يريد ما يكون من شرر إذا قدحت الحجارة بالزند.
[2]
في الأمالي لأبي على القالي هذه القصة بسياق غير هذا وزيادة ونقصان.