المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌كتاب مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم - البداية والنهاية - ط السعادة - جـ ٢

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الثاني]

- ‌بَابُ ذِكْرِ جَمَاعَةٍ مِنْ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ بعد موسى عليه السلام

- ‌قِصَّةُ حِزْقِيلَ

- ‌قِصَّةُ الْيَسَعَ عليه السلام

- ‌فَصْلٌ

- ‌قصة شمويل عليه السلام وفيها بدأ أمر داود عليه السلام

- ‌قِصَّةُ دَاوُدَ عليه السلام وَمَا كَانَ فِي أَيَّامِهِ وَذِكْرُ فَضَائِلِهِ وَشَمَائِلِهِ وَدَلَائِلُ نُبُوَّتِهِ وَأَعْلَامِهِ

- ‌ذِكْرُ كَمِّيَّةِ حَيَّاتِهِ وَكَيْفِيَّةِ وَفَاتِهِ عليه السلام

- ‌قِصَّةُ سُلَيْمَانَ بْنِ داود عليهما السلام

- ‌ذكر وفاته وكم كانت مدة مُلْكِهِ وَحَيَاتِهِ

- ‌بَابُ ذكر جماعة من أنبياء بنى إسرائيل عليهم السلام ممن لا يعلم وقت زمانهم على التعيين الا انهم بعد داود وسليمان عليهما السلام وقبل زكريا ويحيى عليهما السلام

- ‌فَمِنْهُمْ شِعْيَا بْنُ أَمْصِيَا

- ‌وَمِنْهُمْ أَرْمِيَا بْنُ حَلْقِيَا مِنْ سِبْطِ لَاوِي بْنِ يَعْقُوبَ

- ‌ذِكْرُ خَرَابِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ

- ‌ذِكْرُ شَيْءٍ مِنْ خَبَرِ دَانْيَالَ عليه السلام

- ‌وَهَذَا ذِكْرُ عِمَارَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ بَعْدَ خَرَابِهَا واجتماع الملأ من بَنِي إِسْرَائِيلَ بَعْدَ تَفَرُّقِهِمْ فِي بِقَاعِ الْأَرْضِ وشعابها

- ‌وَهَذِهِ قِصَّةُ الْعُزَيْرِ

- ‌فَصْلُ

- ‌قصة زكريا ويحيى عليهما السلام

- ‌بَيَانُ سَبَبِ قَتْلِ يَحْيَى عليه السلام

- ‌قصة عيسى بن مريم عبد الله ورسوله وابن أمته عَلَيْهِ مِنَ اللَّهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ

- ‌ذِكْرُ مِيلَادِ الْعَبْدِ الرَّسُولِ عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ الْبَتُولِ

- ‌بَابُ بَيَانِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مُنَزَّهٌ عن الولد تعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا

- ‌ذكر منشأ عيسى بن مريم عليهما السلام ومرباه في صغره وصباه وَبَيَانُ بَدْءِ الْوَحْيِ إِلَيْهِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى

- ‌بَيَانُ نُزُولِ الْكُتُبِ الْأَرْبَعَةِ وَمَوَاقِيتِهَا

- ‌بَيَانُ شَجَرَةِ طُوبَى مَا هِيَ

- ‌ذِكْرُ خَبَرِ الْمَائِدَةِ

- ‌فصل

- ‌ذِكْرُ رَفْعِ عِيسَى عليه السلام إِلَى السَّمَاءِ

- ‌ذكر صِفَةُ عِيسَى عليه السلام وَشَمَائِلُهُ وَفَضَائِلُهُ

- ‌فَصْلُ

- ‌بَيَانُ بِنَاءِ بَيْتِ لَحْمٍ وَالْقُمَامَةِ

- ‌كِتَابُ أَخْبَارِ الْمَاضِينَ

- ‌خبر ذي القرنين

- ‌بَيَانُ طَلَبِ ذِي الْقَرْنَيْنِ عَيْنَ الْحَيَاةِ

- ‌ذِكْرُ أُمَّتَيْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ

- ‌قِصَّةُ أَصْحَابِ الْكَهْفِ

- ‌قِصَّةُ الرَّجُلَيْنِ الْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ

- ‌قِصَّةُ أَصْحَابِ الْجَنَّةِ

- ‌قِصَّةُ أَصْحَابِ أَيْلَةَ الَّذِينَ اعْتَدَوْا فِي سَبْتِهِمْ

- ‌قِصَّةُ لُقْمَانَ

- ‌قِصَّةُ أَصْحَابِ الْأُخْدُودِ

- ‌باب بيان الاذن في الرواية والتحديث عَنْ أَخْبَارِ بَنِي إِسْرَائِيلَ

- ‌قِصَّةُ جُرَيْجٍ أَحَدِ عُبَّادِ بَنِي إِسْرَائِيلَ

- ‌قِصَّةُ بَرْصِيصَا

- ‌قصة الثلاثة الذين آووا الى الغار فَانْطَبَقَ عَلَيْهِمْ

- ‌خَبَرُ الثَّلَاثَةِ الْأَعْمَى وَالْأَبْرَصِ وَالْأَقْرَعِ

- ‌حديث الّذي استلف مِنْ صَاحِبِهِ أَلْفَ دِينَارٍ فَأَدَّاهَا

- ‌قِصَّةٌ أُخْرَى شَبِيهَةٌ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ فِي الصِّدْقِ وَالْأَمَانَةِ

- ‌قِصَّةٌ أُخْرَى

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌قِصَّةُ الْمَلِكَيْنِ التَّائِبَيْنِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌ذِكْرُ تَحْرِيفِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَتَبْدِيلِهِمْ أَدْيَانَهُمْ

- ‌ليس للجنب لمس التوراة

- ‌كِتَابُ الْجَامِعِ لِأَخْبَارِ الْأَنْبِيَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ

- ‌ذكر أخبار العرب

- ‌قِصَّةُ سَبَأٍ

- ‌فَصْلٌ

- ‌قِصَّةُ رَبِيعَةَ بْنِ نَصْرٍ بْنِ أَبِي حَارِثَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ

- ‌قِصَّةُ تُبَّعٍ أَبِي كَرِبٍ تُبَّانِ أَسْعَدَ مَلِكِ الْيَمَنِ مَعَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ

- ‌وُثُوبُ لَخْنِيعَةَ [1] ذِي شَنَاتِرَ عَلَى مُلْكِ الْيَمَنِ

- ‌ذِكْرُ خُرُوجِ الْمُلْكِ بِالْيَمَنِ مِنْ حِمْيَرَ وَصَيْرُورَتِهِ إِلَى الْحَبَشَةِ السُّودَانِ

- ‌ذِكْرُ خُرُوجِ أَبْرَهَةَ الْأَشْرَمِ عَلَى أَرْيَاطَ وَاخْتِلَافِهِمَا واقتتالهما وصيرورة ملك اليمن الى ابرهة بعد قتله ارياط

- ‌ذِكْرُ سَبَبِ قَصْدِ أَبْرَهَةَ بِالْفِيلِ مَكَّةَ لِيُخَرِّبَ الكعبة فأهلكه الله عاجلا غير آجل كما قال الله تَعَالَى

- ‌ذِكْرُ خُرُوجِ الْمُلْكِ عَنِ الْحَبَشَةِ وَرُجُوعِهِ إِلَى سيف ابن ذي يزن الحميري كما أخبر بذلك الكاهنان لربيعة بن نصر اللخمي

- ‌ذِكْرُ مَا آلَ إِلَيْهِ أَمْرُ الْفُرْسِ بِالْيَمَنِ

- ‌قِصَّةُ السَّاطِرُونَ صَاحِبِ الْحَضْرِ

- ‌خَبَرُ مُلُوكِ الطَّوَائِفِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ بَنِي إِسْمَاعِيلَ وهم عرب الحجاز وَمَا كَانَ مِنْ أُمُورِ الْجَاهِلِيَّةِ إِلَى زَمَانِ الْبَعْثَةِ

- ‌قصة خزاعة وخبر عمرو بن لحي وعبادة الأصنام بأرض العرب

- ‌بَابُ جَهْلِ الْعَرَبِ

- ‌خبر عدنان جد عرب الحجاز وهو الّذي ينتهى اليه نسب النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ذِكْرُ أُصُولِ أنساب قبائل عَرَبِ الْحِجَازِ إِلَى عَدْنَانَ

- ‌الْكَلَامُ عَلَى قُرَيْشٍ نَسَبًا وَاشْتِقَاقًا وَفَضْلًا وَهُمْ بَنُو النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ

- ‌خَبَرُ قُصَيِّ بْنِ كِلَابٍ وَمَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِ فِي ارْتِجَاعِهِ وِلَايَةَ الْبَيْتِ إِلَى قُرَيْشٍ وَانْتِزَاعِهِ ذَلِكَ مِنْ خُزَاعَةَ وَاجْتِمَاعِ قُرَيْشٍ إِلَى الْحَرَمِ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ أَمْنًا لِلْعِبَادِ بَعْدَ تَفَرُّقِهَا فِي الْبِلَادِ وَتَمَزُّقِهَا فِي الْجِبَالِ وَالْمِهَادِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌ذِكْرُ جُمَلٍ مِنَ الْأَحْدَاثِ الْوَاقِعَةِ فِي زَمَنِ الْجَاهِلِيَّةِ

- ‌باب ذكر جماعة مشهورين كانوا في الْجَاهِلِيَّةِ

- ‌خَبَرُ خَالِدِ بْنِ سِنَانٍ الْعَبْسِيِّ

- ‌ذِكْرُ حَاتِمٍ الطَّائِيِّ أَحَدِ أَجْوَادِ الْجَاهِلِيَّةِ

- ‌ذِكْرُ شَيْءٍ مِنْ أَخْبَارِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُدْعَانَ

- ‌ذِكْرُ امْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ حُجْرٍ الْكِنْدِيِّ صَاحِبِ إِحْدَى الْمُعَلَّقَاتِ

- ‌ذِكْرُ شَيْءٍ مِنْ أَخْبَارٍ أُمَيَّةَ بن أَبِي الصَّلْتِ الثَّقَفِيِّ كَانَ مِنْ شُعَرَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ وَقَدْ أَدْرَكَ زَمَنَ الْإِسْلَامِ

- ‌بحيرا الرَّاهِبُ

- ‌ذكر قس بن ساعدة الأيادي

- ‌ذكر زَيْدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ رضي الله عنه

- ‌ذكر شيء مما وقع مِنَ الَحَوَادِثِ فِي زَمَنِ الْفَتْرَةِ

- ‌فَمِنْ ذَلِكَ بُنْيَانُ الْكَعْبَةِ

- ‌ذِكْرُ كَعْبِ بْنُ لُؤَيٍّ

- ‌ذِكْرُ تَجْدِيدِ حَفْرِ زَمْزَمَ

- ‌ذِكْرُ نَذْرِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ذَبْحَ أَحَدِ وَلَدِهِ

- ‌ذِكْرُ تَزْوِيجِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ابْنَهُ عَبْدَ اللَّهِ مِنْ آمِنَةَ بِنْتِ وَهْبٍ الزُّهْرِيَّةِ

- ‌كِتَابُ سِيرَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (وَذِكْرُ أَيَّامِهِ وَغَزَوَاتِهِ وَسَرَايَاهُ وَالْوُفُودِ إِلَيْهِ وَشَمَائِلِهِ وَفَضَائِلِهِ وَدَلَائِلِهِ الدَّالَّةِ عَلَيْهِ)

- ‌بَابُ ذِكْرِ نَسَبِهِ الشَّرِيفِ وَطِيبِ أَصْلِهِ الْمُنِيفِ

- ‌بَابُ مَوْلِدِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌صِفَةُ مَوْلِدِهِ الشَّرِيفِ عليه الصلاة والسلام

- ‌فَصْلٌ فِيمَا وَقَعَ مِنَ الْآيَاتِ لَيْلَةَ مَوْلِدِهِ عليه الصلاة والسلام

- ‌ذكر ارتجاس الإيوان

- ‌ذِكْرُ حَوَاضِنِهِ وَمَرَاضِعِهِ عليه الصلاة والسلام

- ‌ذِكْرُ رَضَاعِهِ عليه الصلاة والسلام

- ‌فَصْلٌ

- ‌ فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ فِي خُرُوجِهِ عليه الصلاة والسلام مَعَ عَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ إِلَى الشَّامِ وَقِصَّتِهِ مَعَ بَحِيرَى الرَّاهِبِ

- ‌قِصَّةُ بَحِيرَى

- ‌فَصْلٌ

- ‌ذِكْرُ شُهُودِهِ عليه الصلاة والسلام حَرْبَ الْفِجَارِ

- ‌فَصْلٌ فِي شُهُودِهِ عليه الصلاة والسلام حلف الفضول

- ‌فصل في تَزْوِيجُهُ عليه الصلاة والسلام خَدِيجَةَ بِنْتَ خُوَيْلِدٍ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قصي

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ فِي تَجْدِيدِ قُرَيْشٍ بِنَاءَ الْكَعْبَةِ قَبْلَ الْمَبْعَثِ بِخَمْسِ سِنِينَ

- ‌ فَصْلٍ

- ‌كِتَابُ مَبْعَثِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌فَصْلٌ

- ‌ذِكْرُ أَخْبَارٍ غَرِيبَةٍ فِي ذَلِكَ

- ‌[1] قِصَّةُ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ الْجُهَنِيِّ

- ‌قِصَّةُ سَيْفِ بْنِ ذِي يَزَنَ الْحِمْيَرِيِّ وَبِشَارَتُهُ بِالنَّبِيِّ الْأُمِّيِّ

- ‌بَابٌ فِي هَوَاتِفِ الْجَانِّ

الفصل: ‌كتاب مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم

‌كِتَابُ مَبْعَثِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

تَسْلِيمًا كَثِيرًا. وَذِكْرُ شَيْءٍ مِنَ الْبِشَارَاتِ بِذَلِكَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ رحمه الله: وكانت الأحبار من اليهود والكهان من النصارى ومن الْعَرَبِ قَدْ تَحَدَّثُوا بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ مَبْعَثِهِ لَمَّا تَقَارَبَ زَمَانُهُ، أَمَّا الْأَحْبَارُ مِنَ الْيَهُودِ وَالرُّهْبَانُ مِنَ النَّصَارَى فَعَمَّا وَجَدُوا فِي كُتُبِهِمْ مَنْ صِفَتِهِ وَصِفَةِ زَمَانِهِ وَمَا كَانَ مِنْ عَهْدِ أَنْبِيَائِهِمْ إِلَيْهِمْ فِيهِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ في التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ 7: 157 الآية وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ 61: 6. وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ في التَّوْراةِ وَمَثَلُهُمْ في الْإِنْجِيلِ 48: 29 الآية [1] . وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ، قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي؟ قالُوا أَقْرَرْنا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ 3: 81 وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلَّا أُخِذَ عَلَيْهِ الْمِيثَاقُ لَئِنْ بُعِثَ مُحَمَّدٌ وَهُوَ حَيٌّ لِيُؤْمِنَنَّ بِهِ وَلِيَنْصُرُنَّهُ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ عَلَى أُمَّتِهِ الْمِيثَاقَ لَئِنْ بُعِثَ مُحَمَّدٌ وَهْمُ أَحْيَاءٌ لِيُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَيَنْصُرُنَّهُ وَلَيَتَّبِعُنَّهُ» . يُعْلَمُ مِنْ هَذَا أَنَّ جَمِيعَ الْأَنْبِيَاءِ بَشَّرُوا وَأَمَرُوا بِاتِّبَاعِهِ.

وَقَدْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام فِيمَا دَعَا بِهِ لِأَهْلِ مكة: (رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِكَ) 2: 129 الآية.

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ حَدَّثَنَا الْفَرَجُ بْنُ فَضَالَةَ حَدَّثَنَا لُقْمَانُ بْنُ عَامِرٍ سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا كَانَ بَدْءُ أَمْرِكَ؟ قَالَ:«دَعْوَةُ أَبِي إِبْرَاهِيمَ، وَبُشْرَى عِيسَى، وَرَأَتْ أُمِّي أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْهَا نُورٌ أَضَاءَتْ لَهُ قُصُورُ الشَّامِ» وَقَدْ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْهُ مِثْلَهُ. وَمَعْنَى هَذَا أَنَّهُ أَرَادَ بَدْءَ أَمْرِهِ بَيْنَ النَّاسِ وَاشْتِهَارَ ذِكْرِهِ وَانْتِشَارَهُ فَذَكَرَ دَعْوَةَ إِبْرَاهِيمَ الَّذِي تُنْسَبُ إِلَيْهِ الْعَرَبُ، ثُمَّ بُشْرَى عِيسَى الَّذِي هُوَ خَاتَمُ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمَا تَقَدَّمَ. يَدُلُّ هَذَا عَلَى أَنَّ مَنْ بَيْنَهُمَا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ بَشَّرُوا بِهِ أَيْضًا.

أَمَّا فِي الْمَلَأِ الْأَعْلَى فَقَدْ كَانَ أَمْرُهُ مَشْهُورًا مَذْكُورًا مَعْلُومًا مِنْ قَبْلِ خَلْقِ آدَمَ عليه الصلاة والسلام كَمَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ سُوَيْدٍ الْكَلْبِيِّ

[1] من أول هنا ليس موجودا في المصرية الى قوله وأما الكهان من صفحة 307.

ص: 306

عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ هِلَالٍ السُّلَمِيِّ عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ. قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ، وَإِنَّ آدَمَ لَمُنْجَدِلٌ فِي طِينَتِهِ، وَسَأُنْبِئُكُمْ بِأَوَّلِ ذَلِكَ، دَعْوَةُ أَبِي إِبْرَاهِيمَ، وَبِشَارَةُ عيسى بي ورؤيا أمي التي رأت، وكذلك أمهات المؤمنين» . وَقَدْ رَوَاهُ اللَّيْثُ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ وَقَالَ: إِنَّ أُمَّهُ رَأَتْ حِينَ وَضَعَتْهُ نُورًا أَضَاءَتْ مِنْهُ قُصُورُ الشَّامِ. وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ أَيْضًا حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ بُدَيْلِ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ عَنْ مَيْسَرَةَ الْفَجْرِ قَالَ: قلت يا رسول الله، متى كنت نبيا؟ قَالَ:«وَآدَمُ بَيْنَ الرُّوحِ وَالْجَسَدِ» تَفَرَّدَ بِهِنَّ أَحْمَدُ.

وَقَدْ رَوَاهُ عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ شَاهِينَ فِي كِتَابِ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ- يَعْنِي أَبَا الْقَاسِمِ الْبَغَوِيَّ- حَدَّثَنَا أَبُو هَمَّامٍ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَتَى وَجَبَتْ لَكَ النُّبُوَّةُ؟ قَالَ:

«بَيْنَ خَلْقِ آدَمَ وَنَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ» وَرَوَاهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ بِهِ. وَقَالَ: «وَآدَمُ مُنْجَدِلٌ فِي طِينَتِهِ» . وَرُوِيَ عَنِ الْبَغَوِيِّ أَيْضًا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْمِقْدَامِ عَنْ بَقِيَّةَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ- مَرْفُوعًا- فِي قَوْلِ اللَّهُ تَعَالَى وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمن نُوحٍ 33: 7 قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «كُنْتُ أَوَّلَ النَّبِيِّينَ فِي الْخَلْقِ وَآخِرَهُمْ فِي البعث» ومن حديث أبى مُزَاحِمٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ الرَّبِيعِ عَنْ جَابِرٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قِيلَ يَا رسول الله متى كنت نبيا؟ قال: «وآدم بَيْنَ الرُّوحِ وَالْجَسَدِ» . وَأَمَّا الْكُهَّانُ مِنَ الْعَرَبِ فَأَتَتْهُمْ بِهِ الشَّيَاطِينُ مِنَ الْجِنِّ مِمَّا تَسْتَرِقُ من السمع، إذ كانت وهي لَا تُحْجَبُ عَنْ ذَلِكَ بِالْقَذْفِ بِالنُّجُومِ، وَكَانَ الْكَاهِنُ وَالْكَاهِنَةُ لَا يَزَالُ يَقَعُ مِنْهُمَا بَعْضُ ذِكْرِ أُمُورِهِ وَلَا يُلْقِي الْعَرَبُ لِذَلِكَ فِيهِ بَالًا. حَتَّى بَعَثَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَوَقَعَتْ تِلْكَ الْأُمُورُ الَّتِي كَانُوا يَذْكُرُونَ فَعَرَفُوهَا، فَلَمَّا تَقَارَبَ أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَحَضَرَ زَمَانُ مَبْعَثِهِ حُجِبَتِ الشَّيَاطِينُ عَنِ السَّمْعِ، وحيل بينها وبين المقاعد التي كانت تعقد لاستراق السمع فيها، فرموا بالنجوم فعرفت الشياطين أَنَّ ذَلِكَ لِأَمْرٍ حَدَثَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ عز وجل. قَالَ وَفِي ذَلِكَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً) 72: 1- 2 إِلَى آخِرِ السُّورَةِ. وَقَدْ ذَكَرْنَا تَفْسِيرَ ذَلِكَ كُلِّهِ فِي كِتَابِنَا التَّفْسِيرِ، وَكَذَا قَوْلِهِ تَعَالَى وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ، فَلَمَّا حَضَرُوهُ قالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ، قالُوا يَا قَوْمَنا إِنَّا سَمِعْنا كِتاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ 46: 29- 30 الآيات، ذَكَرْنَا تَفْسِيرَ ذَلِكَ كُلِّهِ هُنَاكَ.

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ الْأَخْنَسِ أَنَّهُ حُدِّثَ أَنَّ أَوَّلَ الْعَرَبِ فَزِعَ لِلرَّمْيِ بِالنُّجُومِ حِينَ رُمِيَ بِهَا- هَذَا الْحَيُّ مِنْ ثَقِيفٍ- وَأَنَّهُمْ جَاءُوا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ يُقَالَ لَهُ عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ

ص: 307