المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌خبر عدنان جد عرب الحجاز وهو الذي ينتهى اليه نسب النبي صلى الله عليه وسلم - البداية والنهاية - ط السعادة - جـ ٢

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الثاني]

- ‌بَابُ ذِكْرِ جَمَاعَةٍ مِنْ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ بعد موسى عليه السلام

- ‌قِصَّةُ حِزْقِيلَ

- ‌قِصَّةُ الْيَسَعَ عليه السلام

- ‌فَصْلٌ

- ‌قصة شمويل عليه السلام وفيها بدأ أمر داود عليه السلام

- ‌قِصَّةُ دَاوُدَ عليه السلام وَمَا كَانَ فِي أَيَّامِهِ وَذِكْرُ فَضَائِلِهِ وَشَمَائِلِهِ وَدَلَائِلُ نُبُوَّتِهِ وَأَعْلَامِهِ

- ‌ذِكْرُ كَمِّيَّةِ حَيَّاتِهِ وَكَيْفِيَّةِ وَفَاتِهِ عليه السلام

- ‌قِصَّةُ سُلَيْمَانَ بْنِ داود عليهما السلام

- ‌ذكر وفاته وكم كانت مدة مُلْكِهِ وَحَيَاتِهِ

- ‌بَابُ ذكر جماعة من أنبياء بنى إسرائيل عليهم السلام ممن لا يعلم وقت زمانهم على التعيين الا انهم بعد داود وسليمان عليهما السلام وقبل زكريا ويحيى عليهما السلام

- ‌فَمِنْهُمْ شِعْيَا بْنُ أَمْصِيَا

- ‌وَمِنْهُمْ أَرْمِيَا بْنُ حَلْقِيَا مِنْ سِبْطِ لَاوِي بْنِ يَعْقُوبَ

- ‌ذِكْرُ خَرَابِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ

- ‌ذِكْرُ شَيْءٍ مِنْ خَبَرِ دَانْيَالَ عليه السلام

- ‌وَهَذَا ذِكْرُ عِمَارَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ بَعْدَ خَرَابِهَا واجتماع الملأ من بَنِي إِسْرَائِيلَ بَعْدَ تَفَرُّقِهِمْ فِي بِقَاعِ الْأَرْضِ وشعابها

- ‌وَهَذِهِ قِصَّةُ الْعُزَيْرِ

- ‌فَصْلُ

- ‌قصة زكريا ويحيى عليهما السلام

- ‌بَيَانُ سَبَبِ قَتْلِ يَحْيَى عليه السلام

- ‌قصة عيسى بن مريم عبد الله ورسوله وابن أمته عَلَيْهِ مِنَ اللَّهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ

- ‌ذِكْرُ مِيلَادِ الْعَبْدِ الرَّسُولِ عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ الْبَتُولِ

- ‌بَابُ بَيَانِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مُنَزَّهٌ عن الولد تعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا

- ‌ذكر منشأ عيسى بن مريم عليهما السلام ومرباه في صغره وصباه وَبَيَانُ بَدْءِ الْوَحْيِ إِلَيْهِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى

- ‌بَيَانُ نُزُولِ الْكُتُبِ الْأَرْبَعَةِ وَمَوَاقِيتِهَا

- ‌بَيَانُ شَجَرَةِ طُوبَى مَا هِيَ

- ‌ذِكْرُ خَبَرِ الْمَائِدَةِ

- ‌فصل

- ‌ذِكْرُ رَفْعِ عِيسَى عليه السلام إِلَى السَّمَاءِ

- ‌ذكر صِفَةُ عِيسَى عليه السلام وَشَمَائِلُهُ وَفَضَائِلُهُ

- ‌فَصْلُ

- ‌بَيَانُ بِنَاءِ بَيْتِ لَحْمٍ وَالْقُمَامَةِ

- ‌كِتَابُ أَخْبَارِ الْمَاضِينَ

- ‌خبر ذي القرنين

- ‌بَيَانُ طَلَبِ ذِي الْقَرْنَيْنِ عَيْنَ الْحَيَاةِ

- ‌ذِكْرُ أُمَّتَيْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ

- ‌قِصَّةُ أَصْحَابِ الْكَهْفِ

- ‌قِصَّةُ الرَّجُلَيْنِ الْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ

- ‌قِصَّةُ أَصْحَابِ الْجَنَّةِ

- ‌قِصَّةُ أَصْحَابِ أَيْلَةَ الَّذِينَ اعْتَدَوْا فِي سَبْتِهِمْ

- ‌قِصَّةُ لُقْمَانَ

- ‌قِصَّةُ أَصْحَابِ الْأُخْدُودِ

- ‌باب بيان الاذن في الرواية والتحديث عَنْ أَخْبَارِ بَنِي إِسْرَائِيلَ

- ‌قِصَّةُ جُرَيْجٍ أَحَدِ عُبَّادِ بَنِي إِسْرَائِيلَ

- ‌قِصَّةُ بَرْصِيصَا

- ‌قصة الثلاثة الذين آووا الى الغار فَانْطَبَقَ عَلَيْهِمْ

- ‌خَبَرُ الثَّلَاثَةِ الْأَعْمَى وَالْأَبْرَصِ وَالْأَقْرَعِ

- ‌حديث الّذي استلف مِنْ صَاحِبِهِ أَلْفَ دِينَارٍ فَأَدَّاهَا

- ‌قِصَّةٌ أُخْرَى شَبِيهَةٌ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ فِي الصِّدْقِ وَالْأَمَانَةِ

- ‌قِصَّةٌ أُخْرَى

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌قِصَّةُ الْمَلِكَيْنِ التَّائِبَيْنِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌ذِكْرُ تَحْرِيفِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَتَبْدِيلِهِمْ أَدْيَانَهُمْ

- ‌ليس للجنب لمس التوراة

- ‌كِتَابُ الْجَامِعِ لِأَخْبَارِ الْأَنْبِيَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ

- ‌ذكر أخبار العرب

- ‌قِصَّةُ سَبَأٍ

- ‌فَصْلٌ

- ‌قِصَّةُ رَبِيعَةَ بْنِ نَصْرٍ بْنِ أَبِي حَارِثَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ

- ‌قِصَّةُ تُبَّعٍ أَبِي كَرِبٍ تُبَّانِ أَسْعَدَ مَلِكِ الْيَمَنِ مَعَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ

- ‌وُثُوبُ لَخْنِيعَةَ [1] ذِي شَنَاتِرَ عَلَى مُلْكِ الْيَمَنِ

- ‌ذِكْرُ خُرُوجِ الْمُلْكِ بِالْيَمَنِ مِنْ حِمْيَرَ وَصَيْرُورَتِهِ إِلَى الْحَبَشَةِ السُّودَانِ

- ‌ذِكْرُ خُرُوجِ أَبْرَهَةَ الْأَشْرَمِ عَلَى أَرْيَاطَ وَاخْتِلَافِهِمَا واقتتالهما وصيرورة ملك اليمن الى ابرهة بعد قتله ارياط

- ‌ذِكْرُ سَبَبِ قَصْدِ أَبْرَهَةَ بِالْفِيلِ مَكَّةَ لِيُخَرِّبَ الكعبة فأهلكه الله عاجلا غير آجل كما قال الله تَعَالَى

- ‌ذِكْرُ خُرُوجِ الْمُلْكِ عَنِ الْحَبَشَةِ وَرُجُوعِهِ إِلَى سيف ابن ذي يزن الحميري كما أخبر بذلك الكاهنان لربيعة بن نصر اللخمي

- ‌ذِكْرُ مَا آلَ إِلَيْهِ أَمْرُ الْفُرْسِ بِالْيَمَنِ

- ‌قِصَّةُ السَّاطِرُونَ صَاحِبِ الْحَضْرِ

- ‌خَبَرُ مُلُوكِ الطَّوَائِفِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ بَنِي إِسْمَاعِيلَ وهم عرب الحجاز وَمَا كَانَ مِنْ أُمُورِ الْجَاهِلِيَّةِ إِلَى زَمَانِ الْبَعْثَةِ

- ‌قصة خزاعة وخبر عمرو بن لحي وعبادة الأصنام بأرض العرب

- ‌بَابُ جَهْلِ الْعَرَبِ

- ‌خبر عدنان جد عرب الحجاز وهو الّذي ينتهى اليه نسب النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ذِكْرُ أُصُولِ أنساب قبائل عَرَبِ الْحِجَازِ إِلَى عَدْنَانَ

- ‌الْكَلَامُ عَلَى قُرَيْشٍ نَسَبًا وَاشْتِقَاقًا وَفَضْلًا وَهُمْ بَنُو النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ

- ‌خَبَرُ قُصَيِّ بْنِ كِلَابٍ وَمَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِ فِي ارْتِجَاعِهِ وِلَايَةَ الْبَيْتِ إِلَى قُرَيْشٍ وَانْتِزَاعِهِ ذَلِكَ مِنْ خُزَاعَةَ وَاجْتِمَاعِ قُرَيْشٍ إِلَى الْحَرَمِ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ أَمْنًا لِلْعِبَادِ بَعْدَ تَفَرُّقِهَا فِي الْبِلَادِ وَتَمَزُّقِهَا فِي الْجِبَالِ وَالْمِهَادِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌ذِكْرُ جُمَلٍ مِنَ الْأَحْدَاثِ الْوَاقِعَةِ فِي زَمَنِ الْجَاهِلِيَّةِ

- ‌باب ذكر جماعة مشهورين كانوا في الْجَاهِلِيَّةِ

- ‌خَبَرُ خَالِدِ بْنِ سِنَانٍ الْعَبْسِيِّ

- ‌ذِكْرُ حَاتِمٍ الطَّائِيِّ أَحَدِ أَجْوَادِ الْجَاهِلِيَّةِ

- ‌ذِكْرُ شَيْءٍ مِنْ أَخْبَارِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُدْعَانَ

- ‌ذِكْرُ امْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ حُجْرٍ الْكِنْدِيِّ صَاحِبِ إِحْدَى الْمُعَلَّقَاتِ

- ‌ذِكْرُ شَيْءٍ مِنْ أَخْبَارٍ أُمَيَّةَ بن أَبِي الصَّلْتِ الثَّقَفِيِّ كَانَ مِنْ شُعَرَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ وَقَدْ أَدْرَكَ زَمَنَ الْإِسْلَامِ

- ‌بحيرا الرَّاهِبُ

- ‌ذكر قس بن ساعدة الأيادي

- ‌ذكر زَيْدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ رضي الله عنه

- ‌ذكر شيء مما وقع مِنَ الَحَوَادِثِ فِي زَمَنِ الْفَتْرَةِ

- ‌فَمِنْ ذَلِكَ بُنْيَانُ الْكَعْبَةِ

- ‌ذِكْرُ كَعْبِ بْنُ لُؤَيٍّ

- ‌ذِكْرُ تَجْدِيدِ حَفْرِ زَمْزَمَ

- ‌ذِكْرُ نَذْرِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ذَبْحَ أَحَدِ وَلَدِهِ

- ‌ذِكْرُ تَزْوِيجِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ابْنَهُ عَبْدَ اللَّهِ مِنْ آمِنَةَ بِنْتِ وَهْبٍ الزُّهْرِيَّةِ

- ‌كِتَابُ سِيرَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (وَذِكْرُ أَيَّامِهِ وَغَزَوَاتِهِ وَسَرَايَاهُ وَالْوُفُودِ إِلَيْهِ وَشَمَائِلِهِ وَفَضَائِلِهِ وَدَلَائِلِهِ الدَّالَّةِ عَلَيْهِ)

- ‌بَابُ ذِكْرِ نَسَبِهِ الشَّرِيفِ وَطِيبِ أَصْلِهِ الْمُنِيفِ

- ‌بَابُ مَوْلِدِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌صِفَةُ مَوْلِدِهِ الشَّرِيفِ عليه الصلاة والسلام

- ‌فَصْلٌ فِيمَا وَقَعَ مِنَ الْآيَاتِ لَيْلَةَ مَوْلِدِهِ عليه الصلاة والسلام

- ‌ذكر ارتجاس الإيوان

- ‌ذِكْرُ حَوَاضِنِهِ وَمَرَاضِعِهِ عليه الصلاة والسلام

- ‌ذِكْرُ رَضَاعِهِ عليه الصلاة والسلام

- ‌فَصْلٌ

- ‌ فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ فِي خُرُوجِهِ عليه الصلاة والسلام مَعَ عَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ إِلَى الشَّامِ وَقِصَّتِهِ مَعَ بَحِيرَى الرَّاهِبِ

- ‌قِصَّةُ بَحِيرَى

- ‌فَصْلٌ

- ‌ذِكْرُ شُهُودِهِ عليه الصلاة والسلام حَرْبَ الْفِجَارِ

- ‌فَصْلٌ فِي شُهُودِهِ عليه الصلاة والسلام حلف الفضول

- ‌فصل في تَزْوِيجُهُ عليه الصلاة والسلام خَدِيجَةَ بِنْتَ خُوَيْلِدٍ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قصي

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ فِي تَجْدِيدِ قُرَيْشٍ بِنَاءَ الْكَعْبَةِ قَبْلَ الْمَبْعَثِ بِخَمْسِ سِنِينَ

- ‌ فَصْلٍ

- ‌كِتَابُ مَبْعَثِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌فَصْلٌ

- ‌ذِكْرُ أَخْبَارٍ غَرِيبَةٍ فِي ذَلِكَ

- ‌[1] قِصَّةُ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ الْجُهَنِيِّ

- ‌قِصَّةُ سَيْفِ بْنِ ذِي يَزَنَ الْحِمْيَرِيِّ وَبِشَارَتُهُ بِالنَّبِيِّ الْأُمِّيِّ

- ‌بَابٌ فِي هَوَاتِفِ الْجَانِّ

الفصل: ‌خبر عدنان جد عرب الحجاز وهو الذي ينتهى اليه نسب النبي صلى الله عليه وسلم

بين الخورنق والسدير وبارق

والبيت ذو الشُّرُفَاتِ مِنْ سَنْدَادِ

وَأَوَّلُ هَذِهِ الْقَصِيدَةِ:

وَلَقَدْ عَلِمْتُ وَإِنْ تَطَاوَلَ بِي الْمَدَى

أَنَّ السَّبِيلَ سَبِيلُ ذِي الْأَعْوَادِ

مَاذَا أُؤَمِّلُ بَعْدَ آلِ مُحَرِّقٍ

تَرَكُوا مَنَازِلَهُمْ وَبَعْدَ إِيَادِ

نَزَلُوا بِأَنْقَرَةَ يَسِيلُ عَلَيْهِمُ

مَاءُ الْفُرَاتِ يَجِيءُ مِنْ أَطْوَادِ

أرض الخورنق والسدير وبارق

والبيت ذو الْكَعَبَاتِ مِنْ سَنْدَادِ

جَرَتِ الرِّيَاحُ عَلَى مَحَلِّ دِيَارِهِمْ

فَكَأَنَّمَا كَانُوا عَلَى مِيعَادِ

وَأَرَى النَّعِيمَ وَكُلَّمَا يُلْهَى بِهِ

يَوْمًا يَصِيرُ إِلَى بِلًى ونفاد

قال السهيليّ: الخورنق قصر بناه النعمان الا كبر لِسَابُورَ لِيَكُونَ وَلَدُهُ فِيهِ عِنْدَهُ، وَبَنَاهُ رَجُلٌ يقال له سنمار في عشرين سنة وَلَمْ يُرَ بِنَاءٌ أَعْجَبُ مِنْهُ فَخَشِيَ النُّعْمَانُ أَنْ يَبْنِيَ لِغَيْرِهِ مِثْلَهُ فَأَلْقَاهُ مِنْ أَعْلَاهُ فَقَتَلَهُ فَفِي ذَلِكَ يَقُولُ الشَّاعِرُ:

جَزَانِي جَزَاهُ اللَّهُ شَرَّ جَزَائِهِ

جَزَاءَ سِنِمَّارَ وَمَا كَانَ ذا ذنب

سوى رضفه الْبُنْيَانَ عِشْرِينَ حَجَّةً

يَعُدُّ عَلَيْهِ بِالْقَرَامِدِ وَالسَّكْبِ

فَلَمَّا انْتَهَى الْبُنْيَانُ يَوْمًا تَمَامَهُ

وَآضَ كَمِثْلِ الطَّوْدِ وَالْبَاذِخِ الصَّعْبِ

رَمَى بِسِنِمَّارَ عَلَى حُقِّ رَأْسِهِ

وَذَاكَ لَعَمْرُ اللَّهِ مِنْ أَقْبَحِ الْخَطْبِ

قَالَ السُّهَيْلِيُّ: أَنْشَدَهُ الْجَاحِظُ فِي كِتَابِ الْحَيَوَانِ وَالسِّنِمَّارُ مِنْ أَسْمَاءِ الْقَمَرِ وَالْمَقْصُودُ أَنَّ هَذِهِ الْبُيُوتَ كُلَّهَا هُدِمَتْ. لَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ جَهَّزَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى كُلِّ بَيْتٍ مِنْ هَذِهِ سَرَايَا تُخَرِّبُهُ وَإِلَى تِلْكَ الْأَصْنَامِ مَنْ كَسَرَهَا حَتَّى لَمْ يَبْقَ لِلْكَعْبَةِ مَا يُضَاهِيهَا وَعُبِدَ اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ وَتَفْصِيلُهُ فِي مَوَاضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَبِهِ الثِّقَةُ.

‌خبر عدنان جد عرب الحجاز وهو الّذي ينتهى اليه نسب النبي صلى الله عليه وسلم

لَا خِلَافَ أَنَّ عَدْنَانَ مِنْ سُلَالَةِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ ابْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ عليهما السلام وَاخْتَلَفُوا فِي عِدَّةِ الْآبَاءِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ إِسْمَاعِيلَ عَلَى أَقْوَالٍ كَثِيرَةٍ فَأَكْثَرُ مَا قِيلَ أَرْبَعُونَ أَبًا وَهُوَ الْمَوْجُودُ عِنْدَ أَهْلِ الْكِتَابِ أَخَذُوهُ مِنْ كِتَابِ رِخْيَا كَاتِبِ أَرَمِيَا بْنِ حَلْقِيَا عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ وَقِيلَ بَيْنَهُمَا ثَلَاثُونَ وَقِيلَ عِشْرُونَ وَقِيلَ خَمْسَةَ عَشَرَ وَقِيلَ عَشَرَةٌ وَقِيلَ تِسْعَةٌ وَقِيلَ سَبْعَةٌ وَقِيلَ إِنَّ أَقَلَّ مَا قِيلَ فِي ذَلِكَ أَرْبَعَةٌ لِمَا رَوَاهُ مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبِ بْنِ زَمْعَةَ الزَّمْعِيِّ عَنْ عَمَّتِهِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ معد بن عدنان

ص: 193

ابن أدد بن زند بن اليرى بْنِ أَعْرَاقِ الثَّرَى. قَالَتْ: أُمُّ سَلَمَةَ فَزَنْدٌ هو الهميسع واليرى هو نابت وَأَعْرَاقُ الثَّرَى هُوَ إِسْمَاعِيلُ لِأَنَّهُ ابْنُ ابْرَاهِيمَ وَإِبْرَاهِيمُ لَمْ تَأْكُلْهُ النَّارُ كَمَا أَنَّ النَّارَ لَا تَأْكُلُ الثَّرَى قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ لَا نَعْرِفُ زَنْدًا إِلَّا فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَزَنْدُ بْنُ الْجَوْنِ وَهُوَ أَبُو دُلَامَةَ الشَّاعِرُ قَالَ الْحَافِظُ أَبُو الْقَاسِمِ السُّهَيْلِيُّ وَغَيْرُهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ: مُدَّةُ مَا بَيْنَ عَدْنَانَ إِلَى زَمَنِ إِسْمَاعِيلَ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا أَرْبَعَةُ أَبَاءٍ أَوْ عَشَرَةٌ أَوْ عِشْرُونَ وَذَلِكَ أَنَّ مَعَدَّ بْنَ عدنان كان عمره زمن نصر ثِنْتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً. وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْحَى فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ إِلَى أَرْمِيَاءَ بْنِ حَلْقِيَا أَنِ اذهب إلى نصر فَأَعْلِمْهُ أَنِّي قَدْ سَلَّطْتُهُ عَلَى الْعَرَبِ وَأَمَرَ اللَّهُ أَرْمِيَا أَنْ يَحْمِلَ مَعَهُ مَعَدَّ بْنَ عَدْنَانَ عَلَى الْبُرَاقِ كَيْ لَا تُصِيبَهُ النِّقْمَةُ فِيهِمْ فَإِنِّي مُسْتَخْرِجٌ مِنْ صُلْبِهِ نَبِيًّا كَرِيمًا أَخْتِمُ بِهِ الرُّسُلَ فَفَعَلَ أَرْمِيَا ذَلِكَ وَاحْتَمَلَ مَعَدًّا عَلَى الْبُرَاقِ إِلَى أَرْضِ الشَّامِ فَنَشَأَ مَعَ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِمَّنْ بَقِيَ مِنْهُمْ بَعْدَ خَرَابِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَتَزَوَّجَ هُنَاكَ امْرَأَةً اسْمُهَا مُعَانَةُ بِنْتُ جَوْشَنَ مِنْ بَنِي دُبِّ بْنِ جُرْهُمٍ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى بِلَادِهِ ثُمَّ عَادَ بَعْدَ أَنْ هَدَأَتِ الْفِتَنُ وَتَمَحَّضَتْ جَزِيرَةُ الْعَرَبِ وَكَانَ رِخْيَا كَاتِبُ أَرْمِيَاءَ قَدْ كَتَبَ نَسَبَهُ فِي كِتَابٍ عِنْدَهُ لِيَكُونَ فِي خِزَانَةِ أَرْمِيَاءَ فَيَحْفَظُ نَسَبَ مَعَدٍّ كَذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَلِهَذَا كَرِهَ مَالِكٌ رحمه الله رَفْعَ النِّسَبِ إِلَى مَا بَعْدَ عَدْنَانَ.

قَالَ السُّهَيْلِيُّ: وَإِنَّمَا تَكَلَّمْنَا فِي رَفْعِ هَذِهِ الْأَنْسَابِ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَرَى ذَلِكَ وَلَمْ يَكْرَهْهُ كَابْنِ إِسْحَاقَ وَالْبُخَارِيِّ وَالزُّبَيْرِ بْنِ بَكَّارٍ وَالطَّبَرِيِّ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْعُلَمَاءِ، وَأَمَّا مَالِكٌ رحمه الله فَقَدْ سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يَرْفَعُ نَسَبَهُ إِلَى آدَمَ فَكَرِهَ ذَلِكَ، وَقَالَ لَهُ مِنْ أَيْنَ لَهُ عِلْمُ ذَلِكَ فَقِيلَ لَهُ فَإِلَى إِسْمَاعِيلَ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ أَيْضًا وَقَالَ وَمَنْ يُخْبِرُهُ بِهِ وَكَرِهَ أَيْضًا أَنْ يُرْفَعَ فِي نَسَبِ الْأَنْبِيَاءِ مِثْلَ أَنْ يُقَالَ ابْرَاهِيمُ بْنُ فَلَانِ بْنِ فُلَانٍ هَكَذَا ذَكَرَهُ الْمُعَيْطِيُّ فِي كِتَابِهِ.

قَالَ: وَقَوْلُ مَالِكٍ هَذَا نَحْوٌ مِمَّا رُوِيَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ قَالَ مَا وَجَدْنَا أَحَدًا يَعْرِفُ مَا بَيْنَ عَدْنَانَ وَإِسْمَاعِيلَ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ بَيْنَ عَدْنَانَ وَإِسْمَاعِيلَ ثَلَاثُونَ أَبَا لَا يُعْرَفُونَ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا أَنَّهُ كَانَ إِذَا بَلَغَ عَدْنَانَ يَقُولُ كَذَبَ النَّسَّابُونَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا وَالْأَصَحُّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مِثْلُهُ. وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِنَّمَا تنسب الى عدنان، وقال أبو عمر بن عَبْدِ الْبَرِّ فِي كِتَابِهِ الْإِنْبَاهِ فِي مَعْرِفَةِ قَبَائِلِ الرُّوَاةِ رَوَى ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ أَنَّهُ سَمِعَ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ مَا وَجَدْنَا أَحَدًا يَعْرِفُ مَا وَرَاءَ عَدْنَانَ وَلَا مَا وَرَاءَ قَحْطَانَ إِلَّا تَخَرُّصًا،. وَقَالَ أَبُو الْأَسْوَدِ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ سُلَيْمَانَ بن أبى خيثمة وَكَانَ مِنْ أَعْلَمِ قُرَيْشٍ بِأَشْعَارِهِمْ وَأَنْسَابِهِمْ يَقُولُ مَا وَجَدْنَا أَحَدًا يَعْرِفُ مَا وَرَاءَ مَعَدِّ بْنِ عَدْنَانَ فِي شِعْرِ شَاعِرٍ وَلَا عِلْمِ عَالِمٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ: وَكَانَ قَوْمٌ مِنَ السَّلَفِ مِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَعَمْرُو بن ميمون الأزدي وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ إِذَا تَلَوْا (وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ) 14: 9 قَالُوا كَذَبَ النَّسَّابُونَ.

ص: 194

قَالَ أَبُو عُمَرَ رحمه الله: وَالْمَعْنَى عِنْدَنَا فِي هَذَا غَيْرُ مَا ذَهَبُوا وَالْمُرَادُ أَنَّ مَنِ ادَّعَى إِحْصَاءَ بَنِي آدَمَ فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ الَّذِي خَلَقَهُمْ وَأَمَّا أَنْسَابُ الْعَرَبِ فَإِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ بِأَيَّامِهَا وَأَنْسَابِهَا قَدْ وَعَوْا وَحَفِظُوا جَمَاهِيرَهَا وَأُمَّهَاتِ قَبَائِلِهَا وَاخْتَلَفُوا فِي بَعْضِ فُرُوعِ ذَلِكَ.

قَالَ أَبُو عُمَرَ: وَالَّذِي عَلَيْهِ أَئِمَّةُ هَذَا الشَّأْنِ فِي نَسَبِ عَدْنَانَ قَالُوا عَدْنَانُ بْنُ أُدَدَ بْنِ مُقَوَّمِ بْنِ ناحور ابن تَيْرَحَ بْنِ يَعْرُبَ بْنِ يَشْجُبَ بْنِ نَابِتِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ عليهما السلام وَهَكَذَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارَ فِي السِّيرَةِ.

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَيُقَالُ عَدْنَانُ بْنُ أُدٍّ يَعْنِي عَدْنَانَ بْنِ أُدِّ بْنِ أُدَدَ ثُمَّ سَاقَ أَبُو عُمَرَ بَقِيَّةَ النَّسَبِ إِلَى آدَمَ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي قِصَّةِ الْخَلِيلِ عليه السلام. وَأَمَّا الْأَنْسَابُ إِلَى عَدْنَانَ مِنْ سَائِرِ قَبَائِلِ الْعَرَبِ فَمَحْفُوظَةٌ شَهِيرَةٌ جِدًّا لَا يَتَمَارَى فِيهَا اثْنَانِ وَالنَّسَبُ النَّبَوِيُّ إِلَيْهِ أَظْهَرُ وَأَوْضَحُ مِنْ فَلَقِ الصُّبْحِ وَقَدْ وَرَدَ حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ بِالنَّصِّ عَلَيْهِ كَمَا سَنُورِدُهُ فِي مَوْضِعِهِ بَعْدَ الْكَلَامِ عَلَى قَبَائِلِ الْعَرَبِ وَذِكْرِ أَنْسَابِهَا وَانْتِظَامِهَا فِي سِلْكِ النَّسَبِ الشَّرِيفِ وَالْأَصْلِ الْمُنِيفِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَبِهِ الثِّقَةُ وَعَلَيْهِ التُّكْلَانُ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا باللَّه الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ. وَمَا أَحْسَنَ مَا نَظَمَ النَّسَبَ النَّبَوِيَّ الْإِمَامُ أَبُو الْعَبَّاسِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّاشِئُ فِي قَصِيدَتِهِ الْمَشْهُورَةِ الْمَنْسُوبَةِ إِلَيْهِ وَهِيَ قَوْلُهُ:

مَدَحْتُ رَسُولَ اللَّهِ أَبْغِي بِمَدْحِهِ

وُفُورَ حُظُوظِي مِنْ كَرِيمِ الْمَآرِبِ

مَدَحْتُ امْرَأً فَاقَ [1] الْمَدِيحَ مُوَحَّدًا

بِأَوْصَافِهِ عَنْ مُبْعِدٍ وَمُقَارِبِ

نِبِيًّا تَسَامَى فِي الْمَشَارِقِ نُورُهُ

فَلَاحَتْ هَوَادِيهِ لِأَهْلِ الْمَغَارِبِ

أَتَتْنَا بِهِ الْأَنْبَاءُ قَبْلَ مَجِيئِهِ

وَشَاعَتْ بِهِ الْأَخْبَارُ فِي كُلِّ جَانِبِ

وَأَصْبَحَتِ الْكُهَّانُ تَهْتِفُ بِاسْمِهِ

وَتَنْفِي بِهِ رَجْمَ الظُّنُونِ الْكَوَاذِبِ

وَأُنْطِقَتِ الْأَصْنَامُ نُطْقًا تَبَرَّأَتْ

إِلَى اللَّهِ فِيهِ مِنْ مَقَالِ الْأَكَاذِبِ

وَقَالَتْ لِأَهْلِ الْكُفْرِ قَوْلًا مُبَيَّنًا

أَتَاكُمْ نَبِيٌّ مِنْ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ

وَرَامَ اسْتِرَاقَ السَّمْعِ جِنٌّ فَزَيَّلَتْ

مَقَاعِدَهُمْ مِنْهَا رُجُومُ الْكَوَاكِبِ

هَدَانَا إِلَى مَا لَمْ نَكُنْ نَهْتَدِي لَهُ

لِطُولِ الْعَمَى مِنْ وَاضِحَاتِ الْمَذَاهِبِ

وَجَاءَ بِآيَاتٍ تُبَيِّنُ أَنَّهَا

دَلَائِلُ جَبَّارٍ مُثِيبٍ مُعَاقِبِ

فَمِنْهَا انْشِقَاقُ الْبَدْرِ حِينَ تَعَمَّمَتْ

شُعُوبُ الضِّيَا مِنْهُ رُءُوسَ الْأَخَاشِبِ

وَمِنْهَا نُبُوعُ الْمَاءِ بَيْنَ بَنَانِهِ

وَقَدْ عَدِمَ الْوُرَّادُ قُرْبَ الْمَشَارِبِ

فَرَّوَى بِهِ جَمًّا غَفِيرًا وَأَسْهَلَتْ

بِأَعْنَاقِهِ طوعا أكف المذانب

[1] في نسخة الانباه المطبوعة: فات

ص: 195

وَبِئْرٌ طَغَتْ بِالْمَاءِ مِنْ مَسِّ سَهْمِهِ

وَمِنْ قَبْلُ لَمْ تَسْمَحْ بِمَذْقَةِ شَارِبِ

وَضَرْعٌ مَرَاهُ فَاسْتَدَرَّ وَلَمْ يَكُنْ

بِهِ دَرَّةٌ تُصْغِي إِلَى كَفِّ حَالِبِ

وَنُطْقٌ فَصِيحٌ مِنْ ذِرَاعٍ مُبِينَةٍ

لِكَيْدِ عَدُوٍّ لِلْعَدَاوَةِ نَاصِبِ

وَأَخْبَارُهُ بِالْأَمْرِ مِنْ قَبْلِ كَوْنِهِ

وَعِنْدَ بَوَادِيهِ بِمَا فِي الْعَوَاقِبِ

وَمِنْ تِلْكُمُ الْآيَاتِ وَحْيٌّ أَتَى بِهِ

قَرِيبُ الْمَآتِي مُسْتَجِمُّ الْعَجَائِبِ

تَقَاصَرَتِ الْأَفْكَارُ عَنْهُ فَلَمْ يُطِعْ

بَلِيغًا وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى قَلْبِ خَاطِبِ

حَوَى كُلَّ عِلْمٍ وَاحْتَوَى كُلَّ حِكْمَةٍ

وَفَاتَ مَرَامَ الْمُسْتَمِرِّ الْمُوَارِبِ

أَتَانَا بِهِ لَا عَنْ روية مرتىء

وَلَا صُحْفِ مُسْتَمْلٍ وَلَا وَصْفِ كَاتِبِ

يُوَاتِيهِ طَوْرًا فِي إِجَابَةِ سَائِلٍ

وَإِفْتَاءِ مُسْتَفْتٍ وَوَعْظِ مُخَاطِبِ

وَإِتْيَانِ بُرْهَانٍ وَفَرْضِ شَرَائِعٍ

وَقَصِّ أَحَادِيثَ وَنَصِّ مَآرِبِ

وَتَصْرِيفِ أَمْثَالٍ وَتَثْبِيتِ حُجَّةٍ

وَتَعْرِيفِ ذِي جَحْدٍ وَتَوْقِيفِ كَاذِبِ

وَفِي مَجْمَعِ النَّادِي وَفِي حَوْمَةِ الْوَغَى

وَعِنْدَ حُدُوثِ الْمُعْضِلَاتِ الْغَرَائِبِ

فَيَأْتِي عَلَى مَا شِئْتَ مِنْ طُرُقَاتِهِ

قَوِيمَ الْمَعَانِي مُسْتَدِرَّ الضَّرَائِبِ

يُصَدِّقُ مِنْهُ الْبَعْضُ بَعْضًا كَأَنَّمَا

يُلَاحَظُ مَعْنَاهُ بِعَيْنِ الْمُرَاقِبِ

وَعَجْزُ الْوَرَى عن ان يجئوا بِمِثْلِ مَا

وَصَفْنَاهُ مَعْلُومٌ بِطُولِ التَّجَارِبِ

تَأَبَّى بِعَبْدِ اللَّهِ أَكْرَمِ وَالِدٍ

تَبَلَّجَ مِنْهُ عَنْ كَرِيمِ الْمَنَاسِبِ

وَشَيْبَةَ ذِي الْحَمْدِ الَّذِي فَخِرَتْ به

قريش على أهل العلى وَالْمَنَاصِبِ

وَمَنْ كَانَ يُسْتَسْقَى الْغَمَامُ بِوَجْهِهِ

وَيَصْدُرُ عَنْ آرَائِهِ فِي النَّوَائِبِ

وَهَاشِمٍ الْبَانِي مَشِيدَ افْتِخَارِهِ

بِغُرِّ الْمَسَاعِي وَامْتِنَانِ الْمَوَاهِبِ

وَعَبْدِ مَنَافٍ وَهُوَ عَلَّمَ قَوْمَهُ

اشْتِطَاطَ الْأَمَانِي وَاحْتِكَامَ الرَّغَائِبِ

وَإِنَّ قُصَيًّا مِنْ كَرِيمٍ غِرَاسُهُ

لَفِي مَنْهَلٍ لَمْ يَدْنُ مِنْ كَفِّ قَاضِبِ

بِهِ جَمَعَ اللَّهُ الْقَبَائِلَ بَعْدَ مَا

تَقَسَّمَهَا نَهْبُ الْأَكُفِّ السَّوَالِبِ

وَحَلَّ كِلَابٌ مِنْ ذُرَى الْمَجْدِ مَعْقِلًا

تَقَاصَرَ عَنْهُ كُلُّ دَانٍ وَغَائِبِ

وَمُرَّةُ لَمْ يَحْلُلْ مَرِيرَةَ عَزْمِهِ

سِفَاهُ سَفِيهٍ أَوْ مَحُوبَةُ حَائِبِ

وَكَعْبٌ عَلَا عَنْ طَالِبِ الْمَجْدِ كَعْبُهُ

فنال بأدنى السعي أعلا الْمَرَاتِبِ

وَأَلْوَى لُؤَيٌّ بِالْعَدَاةِ فَطُوِّعَتْ

لَهُ هِمَمُ الشُّمِّ الْأُنُوفِ الْأَغَالِبِ

وَفِي غَالِبٍ بَأْسُ أَبِي الْبَأْسِ دُونَهُمْ

يُدَافِعُ عَنْهُمْ كُلَّ قِرْنٍ مُغَالِبِ

ص: 196

وَكَانَتْ لِفِهْرٍ فِي قُرَيْشٍ خَطَابَةٌ

يَعُوذُ بِهَا عِنْدَ اشْتِجَارِ الْمَخَاطِبِ

وَمَا زَالَ مِنْهُمْ مَالِكٌ خَيْرَ مَالِكٍ

وَأَكْرَمَ مَصْحُوبٍ وَأَكْرَمَ صَاحِبِ

وَلِلنَّضْرِ طَوْلٌ يَقْصُرُ الطَّرْفُ دُونَهُ

بِحَيْثُ الْتَقَى ضَوْءُ النُّجُومِ الثَّوَاقِبِ

لَعَمْرِي لَقَدْ أَبْدَى كِنَانَةَ قَبْلَهُ

مَحَاسِنَ تَأْبَى أَنْ تَطُوعَ لِغَالِبِ

وَمِنْ قَبْلِهِ أَبْقَى خُزَيْمَةُ حَمْدَهُ

تَلِيدَ تُرَاثٍ عَنْ حَمِيدِ الْأَقَارِبِ

وَمُدْرِكَةٌ لَمْ يُدْرِكِ النَّاسُ مِثْلَهُ

أَعَفَّ وَأَعْلَى عَنْ دَنِيِّ الْمَكَاسِبِ

وَإِلْيَاسُ كَانَ الْيَأْسُ مِنْهُ مُقَارِنًا

لِأَعْدَائِهِ قَبْلَ اعْتِدَادِ الْكَتَائِبِ

وَفِي مُضَرَ يَسْتَجْمِعُ الْفَخْرَ كُلَّهُ

إِذَا اعْتَرَكَتْ يَوْمًا زُحُوفُ الْمَقَانِبِ

وَحَلَّ نِزَارٌ مِنْ رِيَاسَةِ أَهْلِهِ

مَحَلًّا تَسَامَى عَنْ عُيُونٍ الرَّوَاقِبِ

وَكَانَ مَعَدٌّ عُدَّةً لِوَلِيِّهِ

إِذَا خَافَ مِنْ كَيْدِ الْعَدُوِّ المحارب

وما زال عَدْنَانُ إِذَا عُدَّ فَضْلُهُ

تَوَحَّدَ فِيهِ عَنْ قَرِينٍ وَصَاحِبِ

وَأُدٌّ تَأَدَّى الْفَضْلُ مِنْهُ بِغَايَةٍ

وَارْثٌ حَوَاهُ عَنْ قُرُومٍ أَشَايِبِ

وَفِي أُدَدٍ حِلْمٌ تَزَيَّنَ بِالْحِجَا

إِذَا الْحِلْمُ أَزْهَاهُ قُطُوبُ الحواجب

وما زال يَسْتَعْلِي هَمَيْسَعُ بِالْعُلَى

وَيَتْبَعُ آمَالَ الْبَعِيدِ الْمُرَاغِبِ

ونبت بنته دوحت الْعِزِّ وَابْتَنَى

مَعَاقِلَهُ فِي مُشْمَخِرِّ الْأَهَاضِبِ

وَحِيزَتْ لقيذار سماحة حاتم

وحكمة لقمان وهمة حاجب

هموا نَسْلُ إِسْمَاعِيلَ صَادِقِ وَعْدِهِ

فَمَا بَعْدَهُ فِي الْفَخْرِ مَسْعًى لِذَاهِبِ

وَكَانَ خَلِيلُ اللَّهِ أَكْرَمَ مَنْ عَنَتْ

لَهُ الْأَرْضُ مِنْ مَاشٍ عَلَيْهَا وراكب

وتارح ما زالت لَهُ أَرْيَحِيَّةٌ

تُبَيِّنُ مِنْهُ عَنْ حَمِيدِ الْمَضَارِبِ

وَنَاحُورُ نَحَّارُ الْعِدَى حُفِظَتْ لَهُ

مَآثِرُ لَمَّا يُحْصِهَا عَدُّ حَاسِبِ

وَأَشْرَعُ فِي الْهَيْجَاءِ ضَيْغَمُ غَابَةٍ

يَقُدُّ الطُّلَى بِالْمُرْهَفَاتِ الْقَوَاضِبِ

وَأَرْغَوُ نَابٌ فِي الْحُرُوبِ مُحَكَّمٌ

ضَنِينٌ عَلَى نَفْسِ الْمُشِحِّ الْمُغَالِبِ

وَمَا فَالِغٌ فِي فَضْلِهِ تِلْوَ قَوْمِهِ

وَلَا عَابِرٌ مِنْ دُونِهِمْ فِي الْمَرَاتِبِ

وَشَالِخْ وَأَرْفَخْشَذْ وَسَامٌ سَمَتْ بِهِمْ

سَجَايَا حَمَتْهُمْ كُلَّ زَارٍ وَعَائِبِ

وَمَا زَالَ نُوحٌ عِنْدَ ذِي العرش فاضلا

يعدده في المصطفين الأطائب

وَلَمْكٌ أَبُوهُ كَانَ فِي الرَّوْعِ رَائِعًا

جَرِيئًا عَلَى نَفْسِ الْكَمِيِّ الْمُضَارِبِ

وَمِنْ قَبْلِ لَمْكٍ لم يزل متوشلخ

يذود العدي بالذائدات الشوازب

ص: 197