المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل في شهوده عليه الصلاة والسلام حلف الفضول - البداية والنهاية - ط السعادة - جـ ٢

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الثاني]

- ‌بَابُ ذِكْرِ جَمَاعَةٍ مِنْ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ بعد موسى عليه السلام

- ‌قِصَّةُ حِزْقِيلَ

- ‌قِصَّةُ الْيَسَعَ عليه السلام

- ‌فَصْلٌ

- ‌قصة شمويل عليه السلام وفيها بدأ أمر داود عليه السلام

- ‌قِصَّةُ دَاوُدَ عليه السلام وَمَا كَانَ فِي أَيَّامِهِ وَذِكْرُ فَضَائِلِهِ وَشَمَائِلِهِ وَدَلَائِلُ نُبُوَّتِهِ وَأَعْلَامِهِ

- ‌ذِكْرُ كَمِّيَّةِ حَيَّاتِهِ وَكَيْفِيَّةِ وَفَاتِهِ عليه السلام

- ‌قِصَّةُ سُلَيْمَانَ بْنِ داود عليهما السلام

- ‌ذكر وفاته وكم كانت مدة مُلْكِهِ وَحَيَاتِهِ

- ‌بَابُ ذكر جماعة من أنبياء بنى إسرائيل عليهم السلام ممن لا يعلم وقت زمانهم على التعيين الا انهم بعد داود وسليمان عليهما السلام وقبل زكريا ويحيى عليهما السلام

- ‌فَمِنْهُمْ شِعْيَا بْنُ أَمْصِيَا

- ‌وَمِنْهُمْ أَرْمِيَا بْنُ حَلْقِيَا مِنْ سِبْطِ لَاوِي بْنِ يَعْقُوبَ

- ‌ذِكْرُ خَرَابِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ

- ‌ذِكْرُ شَيْءٍ مِنْ خَبَرِ دَانْيَالَ عليه السلام

- ‌وَهَذَا ذِكْرُ عِمَارَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ بَعْدَ خَرَابِهَا واجتماع الملأ من بَنِي إِسْرَائِيلَ بَعْدَ تَفَرُّقِهِمْ فِي بِقَاعِ الْأَرْضِ وشعابها

- ‌وَهَذِهِ قِصَّةُ الْعُزَيْرِ

- ‌فَصْلُ

- ‌قصة زكريا ويحيى عليهما السلام

- ‌بَيَانُ سَبَبِ قَتْلِ يَحْيَى عليه السلام

- ‌قصة عيسى بن مريم عبد الله ورسوله وابن أمته عَلَيْهِ مِنَ اللَّهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ

- ‌ذِكْرُ مِيلَادِ الْعَبْدِ الرَّسُولِ عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ الْبَتُولِ

- ‌بَابُ بَيَانِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مُنَزَّهٌ عن الولد تعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا

- ‌ذكر منشأ عيسى بن مريم عليهما السلام ومرباه في صغره وصباه وَبَيَانُ بَدْءِ الْوَحْيِ إِلَيْهِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى

- ‌بَيَانُ نُزُولِ الْكُتُبِ الْأَرْبَعَةِ وَمَوَاقِيتِهَا

- ‌بَيَانُ شَجَرَةِ طُوبَى مَا هِيَ

- ‌ذِكْرُ خَبَرِ الْمَائِدَةِ

- ‌فصل

- ‌ذِكْرُ رَفْعِ عِيسَى عليه السلام إِلَى السَّمَاءِ

- ‌ذكر صِفَةُ عِيسَى عليه السلام وَشَمَائِلُهُ وَفَضَائِلُهُ

- ‌فَصْلُ

- ‌بَيَانُ بِنَاءِ بَيْتِ لَحْمٍ وَالْقُمَامَةِ

- ‌كِتَابُ أَخْبَارِ الْمَاضِينَ

- ‌خبر ذي القرنين

- ‌بَيَانُ طَلَبِ ذِي الْقَرْنَيْنِ عَيْنَ الْحَيَاةِ

- ‌ذِكْرُ أُمَّتَيْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ

- ‌قِصَّةُ أَصْحَابِ الْكَهْفِ

- ‌قِصَّةُ الرَّجُلَيْنِ الْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ

- ‌قِصَّةُ أَصْحَابِ الْجَنَّةِ

- ‌قِصَّةُ أَصْحَابِ أَيْلَةَ الَّذِينَ اعْتَدَوْا فِي سَبْتِهِمْ

- ‌قِصَّةُ لُقْمَانَ

- ‌قِصَّةُ أَصْحَابِ الْأُخْدُودِ

- ‌باب بيان الاذن في الرواية والتحديث عَنْ أَخْبَارِ بَنِي إِسْرَائِيلَ

- ‌قِصَّةُ جُرَيْجٍ أَحَدِ عُبَّادِ بَنِي إِسْرَائِيلَ

- ‌قِصَّةُ بَرْصِيصَا

- ‌قصة الثلاثة الذين آووا الى الغار فَانْطَبَقَ عَلَيْهِمْ

- ‌خَبَرُ الثَّلَاثَةِ الْأَعْمَى وَالْأَبْرَصِ وَالْأَقْرَعِ

- ‌حديث الّذي استلف مِنْ صَاحِبِهِ أَلْفَ دِينَارٍ فَأَدَّاهَا

- ‌قِصَّةٌ أُخْرَى شَبِيهَةٌ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ فِي الصِّدْقِ وَالْأَمَانَةِ

- ‌قِصَّةٌ أُخْرَى

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌قِصَّةُ الْمَلِكَيْنِ التَّائِبَيْنِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌ذِكْرُ تَحْرِيفِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَتَبْدِيلِهِمْ أَدْيَانَهُمْ

- ‌ليس للجنب لمس التوراة

- ‌كِتَابُ الْجَامِعِ لِأَخْبَارِ الْأَنْبِيَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ

- ‌ذكر أخبار العرب

- ‌قِصَّةُ سَبَأٍ

- ‌فَصْلٌ

- ‌قِصَّةُ رَبِيعَةَ بْنِ نَصْرٍ بْنِ أَبِي حَارِثَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ

- ‌قِصَّةُ تُبَّعٍ أَبِي كَرِبٍ تُبَّانِ أَسْعَدَ مَلِكِ الْيَمَنِ مَعَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ

- ‌وُثُوبُ لَخْنِيعَةَ [1] ذِي شَنَاتِرَ عَلَى مُلْكِ الْيَمَنِ

- ‌ذِكْرُ خُرُوجِ الْمُلْكِ بِالْيَمَنِ مِنْ حِمْيَرَ وَصَيْرُورَتِهِ إِلَى الْحَبَشَةِ السُّودَانِ

- ‌ذِكْرُ خُرُوجِ أَبْرَهَةَ الْأَشْرَمِ عَلَى أَرْيَاطَ وَاخْتِلَافِهِمَا واقتتالهما وصيرورة ملك اليمن الى ابرهة بعد قتله ارياط

- ‌ذِكْرُ سَبَبِ قَصْدِ أَبْرَهَةَ بِالْفِيلِ مَكَّةَ لِيُخَرِّبَ الكعبة فأهلكه الله عاجلا غير آجل كما قال الله تَعَالَى

- ‌ذِكْرُ خُرُوجِ الْمُلْكِ عَنِ الْحَبَشَةِ وَرُجُوعِهِ إِلَى سيف ابن ذي يزن الحميري كما أخبر بذلك الكاهنان لربيعة بن نصر اللخمي

- ‌ذِكْرُ مَا آلَ إِلَيْهِ أَمْرُ الْفُرْسِ بِالْيَمَنِ

- ‌قِصَّةُ السَّاطِرُونَ صَاحِبِ الْحَضْرِ

- ‌خَبَرُ مُلُوكِ الطَّوَائِفِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ بَنِي إِسْمَاعِيلَ وهم عرب الحجاز وَمَا كَانَ مِنْ أُمُورِ الْجَاهِلِيَّةِ إِلَى زَمَانِ الْبَعْثَةِ

- ‌قصة خزاعة وخبر عمرو بن لحي وعبادة الأصنام بأرض العرب

- ‌بَابُ جَهْلِ الْعَرَبِ

- ‌خبر عدنان جد عرب الحجاز وهو الّذي ينتهى اليه نسب النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ذِكْرُ أُصُولِ أنساب قبائل عَرَبِ الْحِجَازِ إِلَى عَدْنَانَ

- ‌الْكَلَامُ عَلَى قُرَيْشٍ نَسَبًا وَاشْتِقَاقًا وَفَضْلًا وَهُمْ بَنُو النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ

- ‌خَبَرُ قُصَيِّ بْنِ كِلَابٍ وَمَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِ فِي ارْتِجَاعِهِ وِلَايَةَ الْبَيْتِ إِلَى قُرَيْشٍ وَانْتِزَاعِهِ ذَلِكَ مِنْ خُزَاعَةَ وَاجْتِمَاعِ قُرَيْشٍ إِلَى الْحَرَمِ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ أَمْنًا لِلْعِبَادِ بَعْدَ تَفَرُّقِهَا فِي الْبِلَادِ وَتَمَزُّقِهَا فِي الْجِبَالِ وَالْمِهَادِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌ذِكْرُ جُمَلٍ مِنَ الْأَحْدَاثِ الْوَاقِعَةِ فِي زَمَنِ الْجَاهِلِيَّةِ

- ‌باب ذكر جماعة مشهورين كانوا في الْجَاهِلِيَّةِ

- ‌خَبَرُ خَالِدِ بْنِ سِنَانٍ الْعَبْسِيِّ

- ‌ذِكْرُ حَاتِمٍ الطَّائِيِّ أَحَدِ أَجْوَادِ الْجَاهِلِيَّةِ

- ‌ذِكْرُ شَيْءٍ مِنْ أَخْبَارِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُدْعَانَ

- ‌ذِكْرُ امْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ حُجْرٍ الْكِنْدِيِّ صَاحِبِ إِحْدَى الْمُعَلَّقَاتِ

- ‌ذِكْرُ شَيْءٍ مِنْ أَخْبَارٍ أُمَيَّةَ بن أَبِي الصَّلْتِ الثَّقَفِيِّ كَانَ مِنْ شُعَرَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ وَقَدْ أَدْرَكَ زَمَنَ الْإِسْلَامِ

- ‌بحيرا الرَّاهِبُ

- ‌ذكر قس بن ساعدة الأيادي

- ‌ذكر زَيْدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ رضي الله عنه

- ‌ذكر شيء مما وقع مِنَ الَحَوَادِثِ فِي زَمَنِ الْفَتْرَةِ

- ‌فَمِنْ ذَلِكَ بُنْيَانُ الْكَعْبَةِ

- ‌ذِكْرُ كَعْبِ بْنُ لُؤَيٍّ

- ‌ذِكْرُ تَجْدِيدِ حَفْرِ زَمْزَمَ

- ‌ذِكْرُ نَذْرِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ذَبْحَ أَحَدِ وَلَدِهِ

- ‌ذِكْرُ تَزْوِيجِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ابْنَهُ عَبْدَ اللَّهِ مِنْ آمِنَةَ بِنْتِ وَهْبٍ الزُّهْرِيَّةِ

- ‌كِتَابُ سِيرَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (وَذِكْرُ أَيَّامِهِ وَغَزَوَاتِهِ وَسَرَايَاهُ وَالْوُفُودِ إِلَيْهِ وَشَمَائِلِهِ وَفَضَائِلِهِ وَدَلَائِلِهِ الدَّالَّةِ عَلَيْهِ)

- ‌بَابُ ذِكْرِ نَسَبِهِ الشَّرِيفِ وَطِيبِ أَصْلِهِ الْمُنِيفِ

- ‌بَابُ مَوْلِدِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌صِفَةُ مَوْلِدِهِ الشَّرِيفِ عليه الصلاة والسلام

- ‌فَصْلٌ فِيمَا وَقَعَ مِنَ الْآيَاتِ لَيْلَةَ مَوْلِدِهِ عليه الصلاة والسلام

- ‌ذكر ارتجاس الإيوان

- ‌ذِكْرُ حَوَاضِنِهِ وَمَرَاضِعِهِ عليه الصلاة والسلام

- ‌ذِكْرُ رَضَاعِهِ عليه الصلاة والسلام

- ‌فَصْلٌ

- ‌ فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ فِي خُرُوجِهِ عليه الصلاة والسلام مَعَ عَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ إِلَى الشَّامِ وَقِصَّتِهِ مَعَ بَحِيرَى الرَّاهِبِ

- ‌قِصَّةُ بَحِيرَى

- ‌فَصْلٌ

- ‌ذِكْرُ شُهُودِهِ عليه الصلاة والسلام حَرْبَ الْفِجَارِ

- ‌فَصْلٌ فِي شُهُودِهِ عليه الصلاة والسلام حلف الفضول

- ‌فصل في تَزْوِيجُهُ عليه الصلاة والسلام خَدِيجَةَ بِنْتَ خُوَيْلِدٍ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قصي

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ فِي تَجْدِيدِ قُرَيْشٍ بِنَاءَ الْكَعْبَةِ قَبْلَ الْمَبْعَثِ بِخَمْسِ سِنِينَ

- ‌ فَصْلٍ

- ‌كِتَابُ مَبْعَثِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌فَصْلٌ

- ‌ذِكْرُ أَخْبَارٍ غَرِيبَةٍ فِي ذَلِكَ

- ‌[1] قِصَّةُ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ الْجُهَنِيِّ

- ‌قِصَّةُ سَيْفِ بْنِ ذِي يَزَنَ الْحِمْيَرِيِّ وَبِشَارَتُهُ بِالنَّبِيِّ الْأُمِّيِّ

- ‌بَابٌ فِي هَوَاتِفِ الْجَانِّ

الفصل: ‌فصل في شهوده عليه الصلاة والسلام حلف الفضول

رفعت له بذي طلال كَفِّي

فَخَرَّ يَمِيدُ كَالْجِذْعِ الصَّرِيعِ

وَقَالَ لَبِيدُ بن ربيعة بن مالك بن جعفر بن كِلَابٍ:

وَأَبْلِغْ- إِنْ عَرَضْتَ- بَنِي كِلَابٍ

وَعَامِرَ وَالْخُطُوبُ لَهَا مَوَالِي

وَأَبْلِغْ- إِنْ عَرَضْتَ- بَنِي نُمَيْرٍ

وَأَخْوَالَ الْقَتِيلِ بَنِي هِلَالِ

بَأَنَّ الْوَافِدَ الرحال أمسى

مقيما عند تيمن ذي طلال

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: فَأَتَى آتٍ قُرَيْشًا فَقَالَ: إِنَّ الْبَرَّاضَ قَدْ قَتَلَ عُرْوَةَ، وَهُوَ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ بِعُكَاظٍ.

فَارْتَحَلُوا وَهَوَازِنُ لَا تَشْعُرُ بِهِمْ ثُمَّ بَلَغَهُمُ الْخَبَرُ فَاتَّبَعُوهُمْ فَأَدْرَكُوهُمْ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلُوا الْحَرَمَ. فَاقْتَتَلُوا حَتَّى جَاءَ اللَّيْلُ فَدَخَلُوا الْحَرَمَ فَأَمْسَكَتْ هَوَازِنُ عَنْهُمْ، ثُمَّ الْتَقَوْا بَعْدَ هَذَا الْيَوْمِ أَيَّامًا وَالْقَوْمُ مُتَسَانِدُونَ عَلَى كُلِّ قَبِيلٍ مِنْ قُرَيْشٍ وَكِنَانَةَ رَئِيسٌ مِنْهُمْ وَعَلَى كُلِّ قَبِيلٍ مِنْ قَيْسٍ رَئِيسٌ مِنْهُمْ. قَالَ وَشَهِدَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْضَ أَيَّامِهِمْ. أَخْرَجَهُ أَعْمَامُهُ مَعَهُمْ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «كُنْتُ أُنَبِّلُ عَلَى أَعْمَامِي» أَيْ أَرُدُّ عَلَيْهِمُ نَبْلَ عَدُوِّهِمْ إِذَا رَمَوْهُمْ بِهَا.

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وحديث الفجار طويل هو أَطْوَلُ مِمَّا ذَكَرْتُ وَإِنَّمَا مَنَعَنِي مِنَ اسْتِقْصَائِهِ قَطْعُهُ حَدِيثَ سِيرَةِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

وَقَالَ السُّهَيْلِيُّ: وَالْفِجَارُ بِكَسْرِ الْفَاءِ عَلَى وَزْنِ قِتَالٍ. وَكَانَتِ الْفِجَارَاتُ فِي الْعَرَبِ أَرْبَعَةً ذَكَرَهُنَّ الْمَسْعُودِيُّ. وَآخِرُهُنَّ، فَجِارُ الْبَرَّاضِ هَذَا. وَكَانَ الْقِتَالُ فِيهِ فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ، يَوْمِ شَمْطَةَ، وَيَوْمِ الْعَبْلَاءِ، وَهُمَا عِنْدَ عُكَاظٍ، وَيَوْمِ الشَّرِبِ- وَهُوَ أَعْظَمُهَا يَوْمًا- وَهُوَ الَّذِي حَضَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَفِيهِ قَيَّدَا رَئِيسُ قُرَيْشٍ وَبَنِي كِنَانَةَ وَهُمَا حَرْبُ بن أمية وأخوه سفيان أنفسهما لئلا يفروا. وَانْهَزَمَتْ يَوْمَئِذٍ قَيْسٌ إِلَّا بَنِي نَضْرٍ فَإِنَّهُمْ ثَبَتُوا. وَيَوْمِ الْحُرَيْرَةِ عِنْدَ نَخْلَةَ ثُمَّ تَوَاعَدُوا مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ إِلَى عُكَاظٍ. فَلَمَّا تُوَافُوا الْمَوْعِدَ رَكِبَ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ جَمَلَهُ وَنَادَى يَا مَعْشَرَ مُضَرَ عَلَامَ تُقَاتِلُونَ؟ فَقَالَتْ لَهُ هَوَازِنُ: مَا تَدْعُو إِلَيْهِ؟

قَالَ الصُّلْحُ، قَالُوا وَكَيْفَ؟ قَالَ نَدِيَ قَتْلَاكُمْ وَنَرْهَنُكُمْ رَهَائِنَ عَلَيْهَا، ونعفو عن دياتنا. قَالُوا وَمَنْ لَنَا بِذَلِكَ قَالَ أَنَا، قَالُوا وَمَنْ أَنْتَ؟ قَالَ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ فَوَقْعَ الصُّلْحُ عَلَى ذَلِكَ وَبَعَثُوا إِلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ رَجُلًا فِيهِمْ حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ فَلَمَّا رَأَتْ بَنُو عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ الرَّهْنَ فِي أَيْدِيهِمْ عَفَوْا عن دياتهم وَانْقَضَتْ حَرْبُ الْفَجِارِ. وَقَدْ ذَكَرَ الْأُمَوِيُّ حُرُوبَ الْفِجَارِ وَأَيَّامَهَا وَاسْتَقْصَاهَا مُطَوَّلًا فِيمَا رَوَاهُ عَنِ الأثرم. وهو المغيرة ابن عَلِيٍّ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ مَعْمَرِ بْنِ الْمُثَنَّى فَذَكَرَ ذَلِكَ.

‌فَصْلٌ فِي شُهُودِهِ عليه الصلاة والسلام حلف الفضول

قَالَ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ: أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الْمَالِينِيُّ أنبأنا أبو احمد بن عدي الحافظ حدثنا يحيى بن على

ص: 290

ابن هاشم الخفاف حدثنا أبو عبد الرحمن الأزدي حدثنا إسماعيل بن عُلَيَّةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ. قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «شَهِدْتُ مَعَ عُمُومَتِي حِلْفَ الْمُطَيَّبِينَ فَمَا أُحِبُّ أَنْ أَنْكُثَهُ- أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا- وَإِنَّ لِي حُمْرَ النَّعَمِ» . قَالَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. قَالَ وَأَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ مَطَرٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ دَاوُدَ السِّمْنَانِيُّ حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ مَهْدِيٍّ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا شَهِدْتُ حِلْفًا لِقُرَيْشٍ إِلَّا حَلِفَ الْمُطَيَّبِينَ، وَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِي حُمْرَ النَّعَمِ وَأَنِّي كُنْتُ نَقَضْتُهُ» قَالَ: وَالْمُطَيَّبُونَ هَاشِمٌ، وَأُمَيَّةُ، وَزُهْرَةُ، وَمَخْزُومٌ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: كَذَا رُوِيَ هَذَا التَّفْسِيرُ مُدْرَجًا فِي الْحَدِيثِ وَلَا أَدْرِي قَائِلَهُ، وَزَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ السِّيَرِ أَنَّهُ أَرَادَ حِلْفَ الْفُضُولِ فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُدْرِكْ حِلْفَ الْمُطَيَّبِينَ.

قُلْتُ: هَذَا لَا شَكَّ فِيهِ، وَذَلِكَ أَنَّ قُرَيْشًا تَحَالَفُوا بَعْدَ مَوْتِ قُصَيٍّ وَتَنَازَعُوا فِي الَّذِي كَانَ جَعَلَهُ قُصَيٌّ لِابْنِهِ عَبْدِ الدَّارِ مِنَ السِّقَايَةِ، وَالرِّفَادَةِ، وَاللِّوَاءِ، وَالنَّدْوَةِ، وَالْحِجَابَةِ، وَنَازَعَهُمْ فِيهِ بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ وَقَامَتْ مَعَ كُلِّ طَائِفَةٍ قَبَائِلُ مِنْ قُرَيْشٍ وَتَحَالَفُوا عَلَى النُّصْرَةِ لِحِزْبِهِمْ فَأَحْضَرَ أَصْحَابُ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ جَفْنَةً فِيهَا طِيبٌ فَوَضَعُوا أَيْدِيَهُمْ فِيهَا وَتَحَالَفُوا. فَلَمَّا قَامُوا مَسَحُوا أَيْدِيَهُمْ بِأَرْكَانِ الْبَيْتِ. فَسُمُّوُا الْمُطَيَّبِينِ كَمَا تَقَدَّمَ وَكَانَ هَذَا قَدِيمًا وَلَكِنَّ الْمُرَادَ بِهَذَا الْحِلْفِ حِلْفُ الْفُضُولِ وَكَانَ فِي دَارِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُدْعَانَ كَمَا رَوَاهُ الْحُمَيْدِيُّ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَمَّدٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنَيْ أَبِي بَكْرٍ قَالَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«لَقَدْ شَهِدْتُ فِي دَارِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُدْعَانَ حِلْفًا لَوْ دُعِيتُ بِهِ فِي الْإِسْلَامِ لَأَجَبْتُ، تَحَالَفُوا أَنْ يَرُدُّوا الْفُضُولَ عَلَى أَهْلِهَا وَأَلَّا يعد [1] ظَالِمٌ مَظْلُومًا» . قَالُوا: وَكَانَ حِلْفُ الْفُضُولِ قَبْلَ الْمَبْعَثِ بِعِشْرِينَ سَنَةً فِي شَهْرِ ذِي الْقَعْدَةِ، وَكَانَ بَعْدَ حَرْبِ الْفِجَارِ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ. وَذَلِكَ لِأَنَّ الْفِجَارَ كَانَ فِي شَعْبَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَكَانَ حِلْفُ الْفُضُولِ أَكْرَمَ حِلْفٍ سُمِعَ بِهِ وَأَشْرَفَهُ فِي الْعَرَبِ، وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ تَكَلَّمَ بِهِ وَدَعَا إِلَيْهِ الزُّبَيْرُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَكَانَ سَبَبُهُ أَنَّ رَجُلًا مِنْ زُبَيْدٍ قَدِمَ مَكَّةَ بِبِضَاعَةٍ فَاشْتَرَاهَا مِنْهُ الْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ فَحَبَسَ عَنْهُ حَقَّهُ، فَاسْتَعْدَى عَلَيْهِ الزُّبَيْدِيُّ الاحلاف عبد الدار ومخزوما وجمحا وَسَهْمًا وَعَدِيَّ بْنَ كَعْبِ فَأَبَوْا أَنْ يُعِينُوا عَلَى الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ وَزَبَرُوهُ- أَيِ انْتَهَرُوهُ- فلما رأى الزبيدي الشر أو في عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ- وَقُرَيْشٌ فِي أَنْدِيَتِهِمْ حَوْلَ الْكَعْبَةِ- فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ:

يَا آلَ فِهْرٍ لِمَظْلُومٍ بِضَاعَتُهُ

بِبَطْنِ مَكَّةَ نَائِي الدَّارِ وَالنَّفَرِ

وَمُحْرِمٍ أَشْعَثٍ لَمْ يَقْضِ عُمْرَتَهُ

يَا لَلرِّجَالِ وَبَيْنَ الْحِجْرِ وَالْحَجَرِ

إِنَّ الْحَرَامَ لِمَنْ تَمَّتْ كَرَامَتُهُ

وَلَا حَرَامَ لِثَوْبِ الفاجر الغدر

[1] كذا بالأصلين. والّذي في السهيليّ: يعز ظالم مظلوما.

ص: 291

فَقَامَ فِي ذَلِكَ الزُّبَيْرُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَقَالَ: مَا لِهَذَا مُتْرَكٌ فَاجْتَمَعَتْ هَاشِمٌ وَزُهْرَةُ وَتَيْمُ بْنُ مُرَّةَ فِي دَارِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُدْعَانَ فَصَنَعَ لَهُمْ طَعَامًا وَتَحَالَفُوا فِي ذِي الْقَعْدَةِ فِي شَهْرٍ حَرَامٍ فَتَعَاقَدُوا وَتَعَاهَدُوا باللَّه لَيَكُونُنَّ يَدًا وَاحِدَةً مَعَ الْمَظْلُومِ عَلَى الظَّالِمِ حَتَّى يُؤَدَّيَ إِلَيْهِ حَقُّهُ مَا بَلَّ بَحْرٌ صُوفَةً. وَمَا رَسَّى ثَبِيرٌ وَحِرَاءُ مَكَانَهُمَا. وَعَلَى التَّأَسِّي فِي الْمَعَاشِ. فَسَمَّتْ قُرَيْشٌ ذَلِكَ الْحِلْفَ حِلْفَ الْفُضُولِ، وَقَالُوا لَقَدْ دَخَلَ هَؤُلَاءِ فِي فَضْلٍ مِنَ الْأَمْرِ. ثُمَّ مَشَوْا إِلَى الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ فَانْتَزَعُوا مِنْهُ سِلْعَةَ الزُّبَيْدِيِّ فَدَفَعُوهَا إِلَيْهِ. وَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فِي ذَلِكَ:

حَلَفْتُ لَنَعْقِدَنَّ حِلْفًا عَلَيْهِمْ

وَإِنْ كُنَّا جَمِيعًا أَهْلَ دَارِ

نُسَمِّيهِ الْفُضُولَ إِذَا عقدنا

يعزبه الْغَرِيبُ لِذِي الْجِوَارِ

وَيَعْلَمُ مَنْ حَوَالِي الْبَيْتِ أَنَّا

أُبَاةُ الضَّيْمِ نَمْنَعُ كُلَّ عَارِ

وَقَالَ الزُّبَيْرُ أَيْضًا:

إِنَّ الْفُضُولَ تَعَاقَدُوا وَتَحَالَفُوا

أَلَّا يُقِيمَ بَبَطْنِ مَكَّةَ ظَالِمُ

أَمْرٌ عَلَيْهِ تَعَاقَدُوا وَتَوَاثَقُوا

فَالْجَارُ وَالْمُعْتَرُّ فِيهِمْ سَالِمُ

وَذَكَرَ قَاسِمُ بْنُ ثَابِتٍ- فِي غَرِيبِ الْحَدِيثِ-: أَنَّ رَجُلًا مِنْ خَثْعَمٍ قَدِمَ مَكَّةَ حَاجًّا- أَوْ مُعْتَمِرًا- وَمَعَهُ ابْنَةٌ لَهُ يُقَالَ لَهَا الْقَتُولُ مِنْ أَوْضَأِ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ، فَاغْتَصَبَهَا مِنْهُ نُبَيْهُ بْنُ الْحَجَّاجِ وَغَيَّبَهَا عَنْهُ. فَقَالَ الْخَثْعَمِيُّ: مَنْ يُعْدِينِي عَلَى هَذَا الرَّجُلِ؟ فَقِيلَ لَهُ عَلَيْكَ بِحِلْفِ الفضول. فوقف عند الكعبة ونادى يال حلف الْفُضُولِ: فَإِذَا هُمْ يُعْنِقُونَ إِلَيْهِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، وَقَدِ انْتَضَوْا أَسْيَافَهُمْ يَقُولُونَ: جَاءَكَ الْغَوْثُ فَمَا لَكَ؟ فَقَالَ إِنَّ نُبَيْهًا ظَلَمَنِي فِي بنتي وَانْتَزَعَهَا مِنِّي قَسْرًا فَسَارُوا مَعَهُ حَتَّى وَقَفُوا عَلَى بَابِ دَارِهِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ فَقَالُوا لَهُ أَخْرِجِ الْجَارِيَةَ وَيْحَكَ فَقَدْ، عَلِمْتَ مِنْ نَحْنُ وَمَا تَعَاقَدْنَا عَلَيْهِ، فَقَالَ أَفْعَلُ، وَلَكِنْ مَتِّعُونِي بِهَا اللَّيْلَةَ، فَقَالُوا لَا وَاللَّهِ وَلَا شَخْبَ لِقْحَةٍ فَأَخْرَجَهَا إِلَيْهِمْ وَهُوَ يَقُولُ:

رَاحَ صَحْبِي ولم أحيى الْقَتُولَا

لَمْ أُوَدِّعْهُمْ وَدَاعًا جَمِيلًا

إِذْ أَجَدَّ الْفُضُولُ أَنْ يَمْنَعُوهَا

قَدْ أَرَانِي وَلَا أَخَافُ الْفُضُولَا

لَا تَخَالِي أَنِّي عَشِيَّةَ رَاحَ الرَّكْبُ

هنتم عليّ أن لا يزولا

[1]

وَذَكَرَ أَبْيَاتًا أُخَرَ غَيْرَ هَذِهِ. وَقَدْ قِيلَ إِنَّمَا سُمِّيَ هَذَا حِلْفُ الْفُضُولِ لِأَنَّهُ أَشْبَهَ حِلْفًا تَحَالَفَتْهُ جُرْهُمٌ عَلَى مِثْلِ هَذَا مِنْ نَصْرِ الْمَظْلُومِ عَلَى ظَالِمِهِ. وَكَانَ الدَّاعِي إِلَيْهِ ثَلَاثَةٌ مِنْ أَشْرَافِهِمِ اسْمُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَضْلٌ:

وَهُمْ الْفَضْلُ بْنُ فَضَالَةَ، وَالْفَضْلُ بْنُ وداعة، والفضل بْنُ الْحَارِثِ. هَذَا قَوْلُ ابْنُ قُتَيْبَةَ. وَقَالَ غيره

[1] كذا في الحلبية، والمصرية: ان لا يزولا. وفي السهيليّ: ان لا أقولا.

ص: 292