المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب ذكر نسبه الشريف وطيب أصله المنيف - البداية والنهاية - ط السعادة - جـ ٢

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الثاني]

- ‌بَابُ ذِكْرِ جَمَاعَةٍ مِنْ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ بعد موسى عليه السلام

- ‌قِصَّةُ حِزْقِيلَ

- ‌قِصَّةُ الْيَسَعَ عليه السلام

- ‌فَصْلٌ

- ‌قصة شمويل عليه السلام وفيها بدأ أمر داود عليه السلام

- ‌قِصَّةُ دَاوُدَ عليه السلام وَمَا كَانَ فِي أَيَّامِهِ وَذِكْرُ فَضَائِلِهِ وَشَمَائِلِهِ وَدَلَائِلُ نُبُوَّتِهِ وَأَعْلَامِهِ

- ‌ذِكْرُ كَمِّيَّةِ حَيَّاتِهِ وَكَيْفِيَّةِ وَفَاتِهِ عليه السلام

- ‌قِصَّةُ سُلَيْمَانَ بْنِ داود عليهما السلام

- ‌ذكر وفاته وكم كانت مدة مُلْكِهِ وَحَيَاتِهِ

- ‌بَابُ ذكر جماعة من أنبياء بنى إسرائيل عليهم السلام ممن لا يعلم وقت زمانهم على التعيين الا انهم بعد داود وسليمان عليهما السلام وقبل زكريا ويحيى عليهما السلام

- ‌فَمِنْهُمْ شِعْيَا بْنُ أَمْصِيَا

- ‌وَمِنْهُمْ أَرْمِيَا بْنُ حَلْقِيَا مِنْ سِبْطِ لَاوِي بْنِ يَعْقُوبَ

- ‌ذِكْرُ خَرَابِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ

- ‌ذِكْرُ شَيْءٍ مِنْ خَبَرِ دَانْيَالَ عليه السلام

- ‌وَهَذَا ذِكْرُ عِمَارَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ بَعْدَ خَرَابِهَا واجتماع الملأ من بَنِي إِسْرَائِيلَ بَعْدَ تَفَرُّقِهِمْ فِي بِقَاعِ الْأَرْضِ وشعابها

- ‌وَهَذِهِ قِصَّةُ الْعُزَيْرِ

- ‌فَصْلُ

- ‌قصة زكريا ويحيى عليهما السلام

- ‌بَيَانُ سَبَبِ قَتْلِ يَحْيَى عليه السلام

- ‌قصة عيسى بن مريم عبد الله ورسوله وابن أمته عَلَيْهِ مِنَ اللَّهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ

- ‌ذِكْرُ مِيلَادِ الْعَبْدِ الرَّسُولِ عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ الْبَتُولِ

- ‌بَابُ بَيَانِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مُنَزَّهٌ عن الولد تعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا

- ‌ذكر منشأ عيسى بن مريم عليهما السلام ومرباه في صغره وصباه وَبَيَانُ بَدْءِ الْوَحْيِ إِلَيْهِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى

- ‌بَيَانُ نُزُولِ الْكُتُبِ الْأَرْبَعَةِ وَمَوَاقِيتِهَا

- ‌بَيَانُ شَجَرَةِ طُوبَى مَا هِيَ

- ‌ذِكْرُ خَبَرِ الْمَائِدَةِ

- ‌فصل

- ‌ذِكْرُ رَفْعِ عِيسَى عليه السلام إِلَى السَّمَاءِ

- ‌ذكر صِفَةُ عِيسَى عليه السلام وَشَمَائِلُهُ وَفَضَائِلُهُ

- ‌فَصْلُ

- ‌بَيَانُ بِنَاءِ بَيْتِ لَحْمٍ وَالْقُمَامَةِ

- ‌كِتَابُ أَخْبَارِ الْمَاضِينَ

- ‌خبر ذي القرنين

- ‌بَيَانُ طَلَبِ ذِي الْقَرْنَيْنِ عَيْنَ الْحَيَاةِ

- ‌ذِكْرُ أُمَّتَيْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ

- ‌قِصَّةُ أَصْحَابِ الْكَهْفِ

- ‌قِصَّةُ الرَّجُلَيْنِ الْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ

- ‌قِصَّةُ أَصْحَابِ الْجَنَّةِ

- ‌قِصَّةُ أَصْحَابِ أَيْلَةَ الَّذِينَ اعْتَدَوْا فِي سَبْتِهِمْ

- ‌قِصَّةُ لُقْمَانَ

- ‌قِصَّةُ أَصْحَابِ الْأُخْدُودِ

- ‌باب بيان الاذن في الرواية والتحديث عَنْ أَخْبَارِ بَنِي إِسْرَائِيلَ

- ‌قِصَّةُ جُرَيْجٍ أَحَدِ عُبَّادِ بَنِي إِسْرَائِيلَ

- ‌قِصَّةُ بَرْصِيصَا

- ‌قصة الثلاثة الذين آووا الى الغار فَانْطَبَقَ عَلَيْهِمْ

- ‌خَبَرُ الثَّلَاثَةِ الْأَعْمَى وَالْأَبْرَصِ وَالْأَقْرَعِ

- ‌حديث الّذي استلف مِنْ صَاحِبِهِ أَلْفَ دِينَارٍ فَأَدَّاهَا

- ‌قِصَّةٌ أُخْرَى شَبِيهَةٌ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ فِي الصِّدْقِ وَالْأَمَانَةِ

- ‌قِصَّةٌ أُخْرَى

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌قِصَّةُ الْمَلِكَيْنِ التَّائِبَيْنِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌ذِكْرُ تَحْرِيفِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَتَبْدِيلِهِمْ أَدْيَانَهُمْ

- ‌ليس للجنب لمس التوراة

- ‌كِتَابُ الْجَامِعِ لِأَخْبَارِ الْأَنْبِيَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ

- ‌ذكر أخبار العرب

- ‌قِصَّةُ سَبَأٍ

- ‌فَصْلٌ

- ‌قِصَّةُ رَبِيعَةَ بْنِ نَصْرٍ بْنِ أَبِي حَارِثَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ

- ‌قِصَّةُ تُبَّعٍ أَبِي كَرِبٍ تُبَّانِ أَسْعَدَ مَلِكِ الْيَمَنِ مَعَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ

- ‌وُثُوبُ لَخْنِيعَةَ [1] ذِي شَنَاتِرَ عَلَى مُلْكِ الْيَمَنِ

- ‌ذِكْرُ خُرُوجِ الْمُلْكِ بِالْيَمَنِ مِنْ حِمْيَرَ وَصَيْرُورَتِهِ إِلَى الْحَبَشَةِ السُّودَانِ

- ‌ذِكْرُ خُرُوجِ أَبْرَهَةَ الْأَشْرَمِ عَلَى أَرْيَاطَ وَاخْتِلَافِهِمَا واقتتالهما وصيرورة ملك اليمن الى ابرهة بعد قتله ارياط

- ‌ذِكْرُ سَبَبِ قَصْدِ أَبْرَهَةَ بِالْفِيلِ مَكَّةَ لِيُخَرِّبَ الكعبة فأهلكه الله عاجلا غير آجل كما قال الله تَعَالَى

- ‌ذِكْرُ خُرُوجِ الْمُلْكِ عَنِ الْحَبَشَةِ وَرُجُوعِهِ إِلَى سيف ابن ذي يزن الحميري كما أخبر بذلك الكاهنان لربيعة بن نصر اللخمي

- ‌ذِكْرُ مَا آلَ إِلَيْهِ أَمْرُ الْفُرْسِ بِالْيَمَنِ

- ‌قِصَّةُ السَّاطِرُونَ صَاحِبِ الْحَضْرِ

- ‌خَبَرُ مُلُوكِ الطَّوَائِفِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ بَنِي إِسْمَاعِيلَ وهم عرب الحجاز وَمَا كَانَ مِنْ أُمُورِ الْجَاهِلِيَّةِ إِلَى زَمَانِ الْبَعْثَةِ

- ‌قصة خزاعة وخبر عمرو بن لحي وعبادة الأصنام بأرض العرب

- ‌بَابُ جَهْلِ الْعَرَبِ

- ‌خبر عدنان جد عرب الحجاز وهو الّذي ينتهى اليه نسب النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ذِكْرُ أُصُولِ أنساب قبائل عَرَبِ الْحِجَازِ إِلَى عَدْنَانَ

- ‌الْكَلَامُ عَلَى قُرَيْشٍ نَسَبًا وَاشْتِقَاقًا وَفَضْلًا وَهُمْ بَنُو النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ

- ‌خَبَرُ قُصَيِّ بْنِ كِلَابٍ وَمَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِ فِي ارْتِجَاعِهِ وِلَايَةَ الْبَيْتِ إِلَى قُرَيْشٍ وَانْتِزَاعِهِ ذَلِكَ مِنْ خُزَاعَةَ وَاجْتِمَاعِ قُرَيْشٍ إِلَى الْحَرَمِ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ أَمْنًا لِلْعِبَادِ بَعْدَ تَفَرُّقِهَا فِي الْبِلَادِ وَتَمَزُّقِهَا فِي الْجِبَالِ وَالْمِهَادِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌ذِكْرُ جُمَلٍ مِنَ الْأَحْدَاثِ الْوَاقِعَةِ فِي زَمَنِ الْجَاهِلِيَّةِ

- ‌باب ذكر جماعة مشهورين كانوا في الْجَاهِلِيَّةِ

- ‌خَبَرُ خَالِدِ بْنِ سِنَانٍ الْعَبْسِيِّ

- ‌ذِكْرُ حَاتِمٍ الطَّائِيِّ أَحَدِ أَجْوَادِ الْجَاهِلِيَّةِ

- ‌ذِكْرُ شَيْءٍ مِنْ أَخْبَارِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُدْعَانَ

- ‌ذِكْرُ امْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ حُجْرٍ الْكِنْدِيِّ صَاحِبِ إِحْدَى الْمُعَلَّقَاتِ

- ‌ذِكْرُ شَيْءٍ مِنْ أَخْبَارٍ أُمَيَّةَ بن أَبِي الصَّلْتِ الثَّقَفِيِّ كَانَ مِنْ شُعَرَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ وَقَدْ أَدْرَكَ زَمَنَ الْإِسْلَامِ

- ‌بحيرا الرَّاهِبُ

- ‌ذكر قس بن ساعدة الأيادي

- ‌ذكر زَيْدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ رضي الله عنه

- ‌ذكر شيء مما وقع مِنَ الَحَوَادِثِ فِي زَمَنِ الْفَتْرَةِ

- ‌فَمِنْ ذَلِكَ بُنْيَانُ الْكَعْبَةِ

- ‌ذِكْرُ كَعْبِ بْنُ لُؤَيٍّ

- ‌ذِكْرُ تَجْدِيدِ حَفْرِ زَمْزَمَ

- ‌ذِكْرُ نَذْرِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ذَبْحَ أَحَدِ وَلَدِهِ

- ‌ذِكْرُ تَزْوِيجِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ابْنَهُ عَبْدَ اللَّهِ مِنْ آمِنَةَ بِنْتِ وَهْبٍ الزُّهْرِيَّةِ

- ‌كِتَابُ سِيرَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (وَذِكْرُ أَيَّامِهِ وَغَزَوَاتِهِ وَسَرَايَاهُ وَالْوُفُودِ إِلَيْهِ وَشَمَائِلِهِ وَفَضَائِلِهِ وَدَلَائِلِهِ الدَّالَّةِ عَلَيْهِ)

- ‌بَابُ ذِكْرِ نَسَبِهِ الشَّرِيفِ وَطِيبِ أَصْلِهِ الْمُنِيفِ

- ‌بَابُ مَوْلِدِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌صِفَةُ مَوْلِدِهِ الشَّرِيفِ عليه الصلاة والسلام

- ‌فَصْلٌ فِيمَا وَقَعَ مِنَ الْآيَاتِ لَيْلَةَ مَوْلِدِهِ عليه الصلاة والسلام

- ‌ذكر ارتجاس الإيوان

- ‌ذِكْرُ حَوَاضِنِهِ وَمَرَاضِعِهِ عليه الصلاة والسلام

- ‌ذِكْرُ رَضَاعِهِ عليه الصلاة والسلام

- ‌فَصْلٌ

- ‌ فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ فِي خُرُوجِهِ عليه الصلاة والسلام مَعَ عَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ إِلَى الشَّامِ وَقِصَّتِهِ مَعَ بَحِيرَى الرَّاهِبِ

- ‌قِصَّةُ بَحِيرَى

- ‌فَصْلٌ

- ‌ذِكْرُ شُهُودِهِ عليه الصلاة والسلام حَرْبَ الْفِجَارِ

- ‌فَصْلٌ فِي شُهُودِهِ عليه الصلاة والسلام حلف الفضول

- ‌فصل في تَزْوِيجُهُ عليه الصلاة والسلام خَدِيجَةَ بِنْتَ خُوَيْلِدٍ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قصي

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ فِي تَجْدِيدِ قُرَيْشٍ بِنَاءَ الْكَعْبَةِ قَبْلَ الْمَبْعَثِ بِخَمْسِ سِنِينَ

- ‌ فَصْلٍ

- ‌كِتَابُ مَبْعَثِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌فَصْلٌ

- ‌ذِكْرُ أَخْبَارٍ غَرِيبَةٍ فِي ذَلِكَ

- ‌[1] قِصَّةُ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ الْجُهَنِيِّ

- ‌قِصَّةُ سَيْفِ بْنِ ذِي يَزَنَ الْحِمْيَرِيِّ وَبِشَارَتُهُ بِالنَّبِيِّ الْأُمِّيِّ

- ‌بَابٌ فِي هَوَاتِفِ الْجَانِّ

الفصل: ‌باب ذكر نسبه الشريف وطيب أصله المنيف

بسم الله الرحمن الرحيم

‌كِتَابُ سِيرَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (وَذِكْرُ أَيَّامِهِ وَغَزَوَاتِهِ وَسَرَايَاهُ وَالْوُفُودِ إِلَيْهِ وَشَمَائِلِهِ وَفَضَائِلِهِ وَدَلَائِلِهِ الدَّالَّةِ عَلَيْهِ)

‌بَابُ ذِكْرِ نَسَبِهِ الشَّرِيفِ وَطِيبِ أَصْلِهِ الْمُنِيفِ

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ 6: 124 ولما سأل هرقل ملك الروم لأبي سُفْيَانَ تِلْكَ الْأَسْئِلَةَ عَنْ صِفَاتِهِ عليه الصلاة والسلام قَالَ كَيْفَ نَسَبُهُ فِيكُمْ؟ قَالَ هُوَ فِينَا ذُو نَسَبٍ قَالَ كَذَلِكَ الرُّسُلُ تَبْعَثُ فِي أَنْسَابِ قَوْمِهَا يَعْنِي فِي أَكْرَمِهَا أَحْسَابًا وَأَكْثَرِهَا قَبِيلَةً صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ.

فَهُوَ سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَفَخْرُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. أَبُو الْقَاسِمِ. وَأَبُو إِبْرَاهِيمَ. مُحَمَّدُ. وَأَحْمَدُ. وَالْمَاحِي الَّذِي يُمْحَى بِهِ الْكُفْرُ. وَالْعَاقِبُ الَّذِي مَا بَعْدَهُ نَبِيٌّ. وَالْحَاشِرُ الَّذِي يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمَيْهِ. وَالْمُقَفَّى.

وَنَبِيُّ الرَّحْمَةِ. وَنَبِيُّ التَّوْبَةِ. وَنَبِيُّ الْمَلْحَمَةِ. وَخَاتَمُ النَّبِيِّينَ. وَالْفَاتِحُ. وَطه. وَيس. وَعَبْدُ اللَّهِ.

قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَزَادَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ فَقَالَ سماه الله في القرآن رسولا. نبيا. أمينا. شَاهِدًا. مُبَشِّرًا.

نَذِيرًا، وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا. وَرَءُوفًا رَحِيمًا. وَمُذَكِّرًا. وَجَعَلَهُ رَحْمَةً وَنِعْمَةً وَهَادِيًا.

وَسَنُورِدُ الْأَحَادِيثَ الْمَرْوِيَّةَ فِي أَسْمَائِهِ عليه الصلاة والسلام فِي بَابٍ نَعْقِدُهُ بَعْدَ فَرَاغِ السِّيرَةِ. فَإِنَّهُ قَدْ وَرَدَتْ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ فِي ذَلِكَ اعْتَنَى بِجَمْعِهَا الْحَافِظَانِ الْكَبِيرَانِ أَبُو بكر البيهقي وأبو القاسم بن عَسَاكِرَ وَأَفْرَدَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ مُؤَلَّفَاتٍ حَتَّى رَامَ بَعْضُهُمْ أَنْ يَجْمَعَ لَهُ عليه الصلاة والسلام أَلْفَ اسْمٍ. وَأَمَّا الْفَقِيهُ الْكَبِيرُ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ الْمَالِكِيُّ شَارِحُ التِّرْمِذِيِّ بِكِتَابِهِ الَّذِي سَمَّاهُ الْأَحْوَذِيَّ فَإِنَّهُ ذَكَرَ مِنْ ذَلِكَ أَرْبَعَةً وَسِتِّينَ اسْمًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَهُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَكَانَ أَصْغَرَ وَلَدِ أَبِيهِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَهُوَ الذَّبِيحُ الثَّانِي الْمَفْدِىُّ بِمِائَةٍ مِنَ الْإِبِلِ كَمَا تَقَدَّمَ قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَكَانَ أَجْمَلَ رِجَالِ قُرَيْشٍ وَهُوَ أَخُو الْحَارِثِ وَالزُّبَيْرِ وَحَمْزَةَ وَضِرَارٍ وَأَبِي طَالِبٍ- وَاسْمُهُ عَبْدُ مَنَافٍ- وَأَبِي لَهَبٍ- وَاسْمُهُ عَبْدُ الْعُزَّى- وَالْمُقَوَّمِ- وَاسْمُهُ عَبْدُ الْكَعْبَةِ- وَقِيلَ هُمَا اثْنَانِ وَحَجْلٍ وَاسْمُهُ الْمُغِيرَةُ وَالْغَيْدَاقِ وَهُوَ كبير الجود- واسمه نوفل- ويقال إنه حجل. فَهَؤُلَاءِ أَعْمَامُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ

ص: 252

وَالسَّلَامُ. وَعَمَّاتُهُ سِتٌّ وَهُنَّ أَرْوَى. وَبَرَّةُ. وَأُمَيْمَةُ. وَصَفِيَّةُ. وَعَاتِكَةُ. وَأُمُّ حَكِيمٍ- وَهِيَ الْبَيْضَاءُ- وَسَنَتَكَلَّمُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمْ فِيمَا بَعْدُ إِنْ شَاءَ الله تعالى. كلهم أَوْلَادُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ- وَاسْمُهُ شَيْبَةُ- يُقَالَ لِشَيْبَةٍ كَانَتْ فِي رَأْسِهِ وَيُقَالَ لَهُ شَيْبَةُ الْحَمْدِ لِجُودِهِ. وَإِنَّمَا قِيلَ لَهُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ لِأَنَّ أَبَاهُ هَاشِمًا لَمَّا مَرَّ بِالْمَدِينَةِ فِي تِجَارَتِهِ إِلَى الشَّامِ نَزَلَ عَلَى عَمْرِو بْنِ زَيْدِ بْنِ لَبِيدِ بْنِ حَرَامِ بْنِ خِدَاشِ بْنِ خندف بْنِ عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ الْخَزْرَجِيِّ النَّجَّارِيِّ وَكَانَ سَيِّدَ قَوْمِهِ فَأَعْجَبَتْهُ ابْنَتُهُ سَلْمَى فَخَطَبَهَا إِلَى أَبِيهَا فَزَوَّجَهَا مِنْهُ وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِ مُقَامَهَا عِنْدَهُ وَقِيلَ بَلِ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا تَلِدَ إِلَّا عِنْدَهُ بِالْمَدِينَةِ فَلَمَّا رَجَعَ مِنَ الشَّامِ بَنَى بِهَا وَأَخَذَهَا مَعَهُ إِلَى مَكَّةَ فَلَمَّا خَرَجَ فِي تِجَارَةٍ أَخَذَهَا مَعَهُ وَهِيَ حُبْلَى فَتَرَكَهَا بِالْمَدِينَةِ وَدَخَلَ الشَّامَ فَمَاتَ بِغَزَّةَ وَوَضَعَتْ سَلْمَى وَلَدَهَا فَسَمَّتْهُ شَيْبَةُ فَأَقَامَ عِنْدَ أَخْوَالِهِ بَنِي عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ سَبْعَ سِنِينَ ثُمَّ جَاءَ عَمُّهُ الْمُطَّلِبُ بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ فَأَخَذَهُ خُفْيَةً مِنْ أُمِّهِ فَذَهَبَ بِهِ إِلَى مَكَّةَ. فَلَمَّا رَآهُ النَّاسُ وَرَأَوْهُ عَلَى الرَّاحِلَةِ قَالُوا مَنْ هَذَا مَعَكَ؟ فَقَالَ عَبْدِي ثُمَّ جَاءُوا فَهَنَّئُوهُ بِهِ وَجَعَلُوا يَقُولُونَ لَهُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ لِذَلِكَ فَغَلَبَ عَلَيْهِ وَسَادَ فِي قُرَيْشٍ سِيَادَةً عظيمة وذهب بشرفهم ورآستهم. فَكَانَ جِمَاعُ أَمْرِهِمْ عَلَيْهِ وَكَانَتْ إِلَيْهِ السِّقَايَةُ وَالرِّفَادَةُ بَعْدَ الْمُطَّلِبِ وَهُوَ الَّذِي جَدَّدَ حَفْرَ زمزم بعد ما كَانَتْ مَطْمُومَةً مَنْ عَهْدِ جُرْهُمٍ وَهُوَ أَوَّلُ من طلى الْكَعْبَةَ بِذَهَبٍ فِي أَبْوَابِهَا مِنْ تَيْنَكَ الْغَزَالَتَيْنِ اللتين من ذهب وحدهما فِي زَمْزَمَ مَعَ تِلْكَ الْأَسْيَافِ الْقَلْعِيَّةِ قَالَ ابن هشام: وعبد المطلب أخو أسد وفضلة وَأَبِي صَيْفِيٍّ وَحَيَّةَ وَخَالِدَةَ وَرُقَيَّةَ وَالشِّفَاءِ وَضَعِيفَةَ. كُلُّهُمْ أَوْلَادُ هَاشِمٍ وَاسْمُهُ عَمْرٌو وَإِنَّمَا سُمِّيَ هَاشِمًا لَهَشْمِهِ الثَّرِيدَ مَعَ اللَّحْمِ لِقَوْمِهِ فِي سِنِي الْمَحْلِ كَمَا قَالَ مَطْرُودُ بْنُ كَعْبٍ الخزاعي في قصيدته وقيل للزبعرى والد عبد الله:

عمرو الّذي هَشَمَ الثَّرِيدَ لِقَوْمِهِ

وَرِجَالُ مَكَّةَ مُسْنِتُونَ عِجَافُ

سُنَّتْ إِلَيْهِ الرِّحْلَتَانِ كِلَاهُمَا

سَفَرُ الشِّتَاءِ وَرِحْلَةُ الْأَصْيَافِ

وَذَلِكَ لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ رِحْلَتَيِ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ وَكَانَ أَكْبَرَ وَلَدِ أَبِيهِ. وَحَكَى ابن جرير انه كان تؤام أَخِيهِ عَبْدِ شَمْسٍ وَأَنَّ هَاشِمًا خَرَجَ وَرِجْلُهُ مُلْتَصِقَةٌ بِرَأْسِ عَبْدِ شَمْسٍ فَمَا تَخَلَّصَتْ حَتَّى سَالَ بَيْنَهُمَا دَمٌ فَقَالَ النَّاسُ بِذَلِكَ يَكُونُ بَيْنَ أَوْلَادِهِمَا حُرُوبٌ فَكَانَتْ وَقْعَةُ بَنِي الْعَبَّاسِ مَعَ بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ مِنَ الْهِجْرَةِ. وَشَقِيقُهُمُ الثَّالِثُ الْمُطَّلِبُ وَكَانَ الْمُطَّلِبُ أَصْغَرَ وَلَدِ أَبِيهِ وَأُمُّهُمْ عاتكة بنت مرة ابن هِلَالٍ. وَرَابِعُهُمْ نَوْفَلٌ مِنْ أُمٍّ أُخْرَى وَهِيَ واقدة بنت عمرو المازنية وكانوا قَدْ سَادُوا قَوْمَهُمْ بَعْدَ أَبِيهِمْ وَصَارَتْ إِلَيْهِمُ الرئاسة وَكَانَ يُقَالَ لَهُمْ الْمُجِيرُونَ وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ أَخَذُوا لِقَوْمِهِمْ قُرَيْشٍ الْأَمَانَ مِنْ مُلُوكِ الْأَقَالِيمِ لِيَدْخُلُوا فِي التِّجَارَاتِ إِلَى بِلَادِهِمْ فَكَانَ هَاشِمٌ قَدْ أَخَذَ أَمَانًا مِنْ مُلُوكِ الشَّامِ وَالرُّومِ وَغَسَّانَ وَأَخْذَ لَهُمْ عَبْدُ شَمْسٍ مِنَ النَّجَاشِيِّ الْأَكْبَرِ مَلِكِ الْحَبَشَةِ، وَأَخَذَ لَهُمْ نَوْفَلٌ مِنَ الْأَكَاسِرَةِ، وَأَخْذَ لَهُمُ الْمُطَّلِبُ أَمَانًا مِنْ مُلُوكِ حِمْيَرَ. وَلَهُمْ يَقُولُ الشَّاعِرُ:

ص: 253

يَا أَيُّهَا الرَّجُلُ الْمُحَوِّلُ رَحْلَهُ

ألَّا نَزَلْتَ بَآلِ عِبْدِ مَنَافِ

وَكَانَ إِلَى هَاشِمٍ السِّقَايَةُ وَالرِّفَادَةُ بَعْدَ أَبِيهِ، وَإِلَيْهِ وَإِلَى أَخِيهِ الْمُطَّلِبِ نَسَبُ ذَوِي الْقُرْبَى، وَقَدْ كَانُوا شَيْئًا وَاحِدًا فِي حَالَتِيِ الْجَاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلَامِ لَمْ يَفْتَرِقُوا، وَدَخَلُوا مَعَهُمْ فِي الشِّعْبِ، وَانْخَذَلَ عَنْهُمْ بَنُو عَبْدِ شَمْسٍ وَنَوْفَلٍ. وَلِهَذَا يَقُولُ أَبُو طَالِبٍ فِي قَصِيدَتِهِ:

جَزَى اللَّهُ عَنَّا عَبْدَ شَمْسٍ وَنَوْفَلًا

عُقُوبَةَ شَرٍّ عَاجِلًا غَيْرَ آجَلٍ

وَلَا يُعْرَفُ بَنُو أَبٍ تَبَايَنُوا فِي الْوَفَاةِ مِثْلُهُمْ، فَإِنَّ هَاشِمًا مَاتَ بِغَزَّةَ مِنْ أَرْضِ الشَّامِ، وَعَبْدَ شمس مات بمكة، ونوفل مات بسلامان مِنْ أَرْضِ الْعِرَاقِ، وَمَاتَ الْمُطَّلِبُ- وَكَانَ يُقَالَ له القمر لحسنه- بريمان مِنْ طَرِيقِ الْيَمَنِ. فَهَؤُلَاءِ الْإِخْوَةُ الْأَرْبَعَةُ الْمَشَاهِيرُ وَهُمْ هَاشِمٌ، وَعَبْدُ شَمْسٍ، وَنَوْفَلٌ، وَالْمُطَّلِبُ. وَلَهُمْ أَخٌ خَامِسٌ لَيْسَ بِمَشْهُورٍ وَهُوَ أَبُو عَمْرٍو وَاسْمُهُ عَبْدٌ، وَأَصْلُ اسْمِهِ عَبْدُ قُصَيٍّ. فَقَالَ النَّاسُ عَبْدُ بْنُ قُصَيٍّ دَرَجَ وَلَا عَقِبَ لَهُ. قَالَهُ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ وَغَيْرُهُ. وَأَخَوَاتٌ سِتٌّ وَهُنَّ، تُمَاضِرُ، وَحَيَّةُ، وَرَيْطَةُ، وَقِلَابَةُ، وَأُمُّ الْأَخْثَمِ، وَأُمُّ سُفْيَانَ. كُلُّ هَؤُلَاءِ أَوْلَادُ عَبْدِ مَنَافٍ وَمُنَافٌ اسْمُ صَنَمٍ وَأَصْلُ اسْمِ عَبْدِ مَنَافٍ الْمُغِيرَةُ-.

وَكَانَ قَدْ رَأَسَ فِي زَمَنِ وَالِدِهِ، وَذَهَبَ بِهِ الشَّرَفُ كُلَّ مَذْهَبٍ. وَهُوَ أَخُو عَبْدِ الدَّارِ الَّذِي كَانَ أَكْبَرَ وَلَدِ أَبِيهِ وَإِلَيْهِ أَوْصَى بِالْمَنَاصِبِ كَمَا تَقَدَّمَ. وَعَبْدِ الْعُزَّى وَعَبْدٍ وَبَرَّةَ وَتَخْمُرَ وَأُمُّهُمْ كُلِّهِمْ حُبَّى بنت حليل بن حبشي بن سلول بن كعب بن عمرو الخزاعي وَأَبُوهَا آخِرُ مُلُوكِ خُزَاعَةَ وَوُلَاةُ الْبَيْتِ مِنْهُمْ، وَكُلُّهُمْ أَوْلَادُ قُصَيٍّ وَاسْمُهُ زَيْدٌ. وَإِنَّمَا سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ أُمَّهُ تَزَوَّجَتْ بَعْدَ أَبِيهِ بِرَبِيعَةَ بن حزام بْنِ عُذْرَةَ فَسَافَرَ بِهَا إِلَى بِلَادِهِ وَابْنُهَا صَغِيرٌ فَسُمِّيَ قُصَيًّا لِذَلِكَ. ثُمَّ عَادَ إِلَى مَكَّةَ وَهُوَ كَبِيرٌ وَلَمَّ شَعَثَ قُرَيْشٍ وَجَمَعَهَا مِنْ مُتَفَرِّقَاتِ الْبِلَادِ، وَأَزَاحَ يَدَ خُزَاعَةَ عَنِ الْبَيْتِ، وَأَجْلَاهُمْ عَنْ مَكَّةَ وَرَجَعَ الْحَقُّ إِلَى نِصَابِهِ وَصَارَ رَئِيسَ قُرَيْشٍ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَكَانَتْ اليه الوفادة والسقاية- وهو سنها- وَالسَّدَانَةُ وَالْحِجَابَةُ وَاللِّوَاءُ وَدَارُهُ دَارُ النَّدْوَةِ كَمَا تَقَدَّمَ بَسْطُ ذَلِكَ كُلِّهُ- وَلِهَذَا قَالَ الشَّاعِرُ:

قصي، لعمري كان يدعى مجمعا

به جمع اللَّهُ الْقَبَائِلَ مِنْ فِهْرٍ

وَهُوَ أَخُو زُهْرَةَ كِلَاهُمَا ابْنَا كِلَابٍ أَخِي تَيْمٍ وَيَقَظَةَ أَبِي مَخْزُومٍ ثَلَاثَتُهُمْ أَبْنَاءُ مُرَّةَ أَخِي عَدِيٍّ وَهُصَيْصٍ وَهُمْ أَبْنَاءُ كَعْبٍ وَهُوَ الَّذِي كَانَ يَخْطُبُ قَوْمَهُ كُلَّ جُمُعَةٍ وَيُبَشِّرُهُمْ بِمَبْعَثِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَيُنْشِدُ فِي ذَلِكَ أَشْعَارًا كَمَا قَدَّمَنَا، وَهُوَ أَخُو عَامِرٍ وَسَامَةَ وَخُزَيْمَةَ وَسَعْدٍ وَالْحَارِثِ وَعَوْفٍ سَبْعَتُهُمْ أَبْنَاءُ لُؤَيٍّ أَخِي تَيْمٍ الْأَدْرَمِ وَهُمَا أَبْنَاءُ غَالِبٍ أَخِي الْحَارِثِ وَمُحَارِبٍ ثَلَاثَتُهُمْ أَبْنَاءُ فِهْرٍ، وَهُوَ أَخُو الْحَارِثِ وَكِلَاهُمَا ابْنُ مَالِكٍ. وَهُوَ أَخُو الصَّلْتِ وَيَخْلُدَ، وَهُمْ بَنُو النَّضْرِ الَّذِي إِلَيْهِ جِمَاعُ قُرَيْشٍ عَلَى الصَّحِيحِ كَمَا قَدَّمْنَا الدَّلِيلَ عَلَيْهِ، وَهُوَ أَخُو مَالِكٍ وَمِلْكَانَ وَعَبْدِ مَنَاةَ وَغَيْرِهِمْ كُلُّهُمْ أَوْلَادُ كِنَانَةَ أَخِي أَسَدٍ وَأَسَدَةَ وَالْهَوْنِ أَوْلَادِ خُزَيْمَةَ، وَهُوَ أَخُو هُذَيْلٍ وَهُمَا ابْنَا مدركة- واسمه عمر وأخو طَابِخَةَ وَاسْمُهُ عَامِرٌ وَقَمَعَةَ ثَلَاثَتُهُمْ أَبْنَاءُ إِلْيَاسَ

ص: 254

وأخى الياس هو غيلان وَالِدُ قَيْسٍ كُلِّهَا وَهُمَا وَلَدَا مُضَرَ أَخِي رَبِيعَةَ. وَيُقَالَ لَهُمَا الصَّرِيحَانِ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ وَأَخَوَاهُمَا أَنْمَارٌ وَإِيَادٌ تَيَامَنَا، أَرْبَعَتُهُمْ أَبْنَاءُ نِزَارٍ أَخِي قُضَاعَةَ- فِي قَوْلِ طَائِفَةٍ مِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ قُضَاعَةَ حِجَازِيَّةٌ عَدْنَانِيَّةٌ- وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ كِلَاهُمَا أَبْنَاءُ مَعَدِّ بْنِ عَدْنَانَ.

وَهَذَا النَّسَبُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فَجَمِيعُ قَبَائِلِ عَرَبِ الْحِجَازِ يَنْتَهُونَ إِلَى هَذَا النَّسَبِ وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ في قوله تعالى. قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ في الْقُرْبى 42: 23 لَمْ يَكُنْ بَطْنٌ مِنْ بُطُونِ قُرَيْشٍ إِلَّا وَلِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَسَبٌ يَتَّصِلُ بِهِمْ. وَصَدَقَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنه فِيمَا قَالَ وَأَزْيَدَ مِمَّا قَالَ، وَذَلِكَ أَنَّ جَمِيعَ قَبَائِلِ الْعَرَبِ الْعَدْنَانِيَّةِ تَنْتَهِي إِلَيْهِ بالآباء وكثير منهم بالأمهات أيضا كما ذكره مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ فِي أُمَّهَاتِهِ وَأُمَّهَاتِ آبائه وأمهاتهم ما يَطُولُ ذِكْرُهُ. وَقَدْ حَرَّرَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ رحمه الله وَالْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي تَرْجَمَةِ عَدْنَانَ نَسَبَهُ وَمَا قِيلَ فِيهِ وَأَنَّهُ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ لَا مَحَالَةَ وَإِنِ اخْتُلِفَ فِي كَمْ بَيْنَهُمَا أَبًا؟ عَلَى أَقْوَالٍ قَدْ بَسَطْنَاهَا فِيمَا تَقَدَّمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَدْ ذَكَرْنَا بَقِيَّةَ النَّسَبِ مَنْ عَدْنَانَ إِلَى آدَمَ وَأَوْرَدْنَا قَصِيدَةَ أَبِي الْعَبَّاسِ النَّاشِئِ الْمُتَضَمِّنَةَ ذَلِكَ، كُلُّ ذَلِكَ فِي أَخْبَارِ عَرَبِ الْحِجَازِ وللَّه الْحَمْدُ.

وَقَدْ تَكَلَّمَ الْإِمَامُ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ رحمه الله فِي أَوَّلِ تَارِيخِهِ عَلَى ذَلِكَ كَلَامًا مَبْسُوطًا جَيِّدًا مُحَرَّرًا نَافِعًا. وَقَدْ وَرَدَ حَدِيثٌ فِي انْتِسَابِهِ عليه السلام إِلَى عَدْنَانَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَلَكِنِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِصِحَّتِهِ كَمَا قَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ الْمُقْرِئُ- بِبَغْدَادَ- حَدَّثَنَا أَبُو عِيسَى بَكَّارُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بَكَّارٍ حَدَّثَنَا أَبُو جعفر احمد بن موسى بن سعد- إِمْلَاءً سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِينَ وَمِائَتَيْنِ- حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَبَانَ الْقَلَانِسِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ رَبِيعَةَ الْقُدَامِيُّ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ وَعَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ. قَالَ: بَلَغَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ رِجَالًا مِنْ كِنْدَةَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ مِنْهُ وَأَنَّهُ مِنْهُمْ فَقَالَ «إِنَّمَا كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ الْعَبَّاسُ وَأَبُو سفيان بن حرب فيأمنا بِذَلِكَ. وَإِنَّا لَنْ نَنْتَفِيَ مِنْ آبَائِنَا، نَحْنُ بَنُو النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ: قَالَ وَخَطَبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ «أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيِّ بْنِ كِلَابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غالب ابن فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرِكَةَ بْنِ إِلْيَاسَ بْنِ مضر بن نذار وَمَا افْتَرَقَ النَّاسُ فِرْقَتَيْنِ إِلَّا جَعَلَنِي اللَّهُ فِي خَيْرِهَا فَأُخْرِجْتُ مِنْ بَيْنِ أَبَوِيَّ فَلَمْ يُصِبْنِي شَيْءٌ مِنْ عُهْرِ الْجَاهِلِيَّةِ. وَخَرَجْتُ مِنْ نِكَاحٍ وَلَمْ أَخْرُجْ مِنْ سِفَاحٍ مِنْ لَدُنْ آدَمَ حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى أَبِي وَأُمِّي، فَأَنَا خَيْرُكُمْ نَفْسًا، وَخَيْرَكُمْ أَبًا» وَهَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ جِدًّا مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ. تَفَرَّدَ بِهِ الْقُدَامِىُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَلَكِنْ سَنَذْكُرُ لَهُ شَوَاهِدَ مِنْ وُجُوهٍ أُخَرَ. فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ «خَرَجْتُ مِنْ نِكَاحٍ لَا مِنْ سِفَاحٍ» قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ فِي قَوْلِهِ تعالى لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ من أَنْفُسِكُمْ 9: 128 قَالَ لَمْ يُصِبْهُ شَيْءٌ

ص: 255

مِنْ وِلَادَةِ الْجَاهِلِيَّةِ قَالَ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «إِنِّي خَرَجْتُ مِنْ نِكَاحٍ وَلَمْ أَخْرُجْ مِنْ سِفَاحٍ» وَهَذَا مُرْسَلٌ جَيِّدٌ. وَهَكَذَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنِ الْحَاكِمِ عَنِ الْأَصَمِّ عَنْ محمد بن إسحاق الصنعاني عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي بُكَيْرٍ عَنْ عَبْدِ الْغَفَّارِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللَّهَ أَخْرَجَنِي مِنَ النِّكَاحِ وَلَمْ يُخْرِجْنِي مِنَ السِّفَاحِ» وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ مَوْصُولًا فَقَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَمْرٍو الْعَدَنِيُّ الْمَكِّيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ قَالَ أَشْهَدُ عَلَى أَبِي حَدَّثَنِي عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «خَرَجْتُ مِنْ نِكَاحٍ وَلَمْ أَخْرُجْ مِنْ سِفَاحٍ مِنْ لَدُنْ آدَمَ إِلَى أَنْ وَلَدَنِي أَبِي وَأُمِّي وَلَمْ يُصِبْنِي من سفاح الجاهلية شيء» هذا غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَلَا يَكَادُ يَصِحُّ. وَقَالَ هُشَيْمٌ حَدَّثَنَا الْمَدِينِيُّ عَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا وَلَدَنِي مِنْ نِكَاحِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ شَيْءٌ، مَا وَلَدَنِي إِلَّا نِكَاحٌ كَنِكَاحِ الْإِسْلَامِ» وَهَذَا أَيْضًا غَرِيبٌ أَوْرَدَهُ الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ ثُمَّ أَسْنَدَهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَفِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ عَمِّهِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «وُلِدْتُ مِنْ نِكَاحٍ غَيْرِ سِفَاحٍ» ثُمَّ أَوْرَدَ ابْنُ عَسَاكِرَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي عَاصِمٍ عَنْ شَبِيبٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ 26: 219 قَالَ مِنْ نَبِيٍّ إِلَى نَبِيٍّ حَتَّى أُخْرِجْتُ نَبِيًّا. وَرَوَاهُ عَنْ عَطَاءٍ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَتَبْتُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خَمْسَمِائَةِ أَمٍّ فَمَا وَجَدْتُ فِيهِنَّ سِفَاحًا وَلَا شَيْئًا مِمَّا كَانَ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ. وَثَبَتَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «بُعِثْتُ مِنْ خَيْرِ قُرُونِ بَنِي آدَمَ قَرْنًا فَقَرْنًا حَتَّى بُعِثْتُ مِنَ الْقَرْنِ الَّذِي كُنْتُ فِيهِ» وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ شَدَّادٍ أَبِي عَمَّارٍ عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى مِنْ وَلَدِ إِبْرَاهِيمَ إِسْمَاعِيلَ وَاصْطَفَى مِنْ بَنِي إِسْمَاعِيلَ بَنِي كِنَانَةَ وَاصْطَفَى مِنْ بَنِي كِنَانَةَ قُرَيْشًا وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ» وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَبِي وَدَاعَةَ قَالَ قَالَ الْعَبَّاسُ بَلَغَهُ صلى الله عليه وسلم بَعْضُ مَا يَقُولُ النَّاسُ «فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَقَالَ: مَنْ أَنَا؟» قَالُوا أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ قَالَ «أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْخَلْقَ فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِ خَلْقِهِ وَجَعَلَهُمْ فِرْقَتَيْنِ فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِ فِرْقَةٍ، وَخَلَقَ الْقَبَائِلَ فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِ قَبِيلَةٍ، وَجَعَلَهُمْ بُيُوتًا فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِهِمْ بَيْتًا. فَأَنَا خَيْرُكُمْ بَيْتًا وَخَيْرُكُمْ نَفْسًا» صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ دَائِمًا أَبَدًا إِلَى يَوْمِ الدِّينِ. وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ قُرَيْشًا إِذَا الْتَقَوْا لَقِيَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِالْبَشَاشَةِ، وَإِذَا لَقُونَا لَقُونَا بِوُجُوهٍ لَا نَعْرِفُهَا. فَغَضِبَ

ص: 256

رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ ذَلِكَ غَضَبًا شَدِيدًا ثُمَّ قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَا يَدْخُلُ قَلْبَ رَجُلٍ الْإِيمَانُ حَتَّى يُحِبَّكُمْ للَّه وَلِرَسُولِهِ» فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ قُرَيْشًا جَلَسُوا فَتَذَاكَرُوا أَحْسَابَهُمْ فَجَعَلُوا مَثَلَكَ كَمَثَلِ نَخْلَةٍ فِي كَبْوَةٍ مِنَ الْأَرْضِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ يَوْمَ خَلَقَ الْخَلْقَ جَعَلَنِي فِي خَيْرِهِمْ، ثُمَّ لَمَّا فَرَّقَهُمْ [قَبَائِلَ] جَعَلَنِي فِي خَيْرِهِمْ قَبِيلَةً. ثُمَّ حِينَ جَعَلَ الْبُيُوتَ جَعَلَنِي فِي خَيْرِ بُيُوتِهِمْ فَأَنَا خَيْرُهُمْ نَفْسًا وَخَيْرُهُمْ بَيْتًا» . وَرَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنِ ابْنِ فُضَيْلٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عن ربيعة ابن الْحَارِثِ قَالَ بَلَغَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَهُ بِنَحْوِ مَا تَقَدَّمَ وَلَمْ يَذْكُرِ الْعَبَّاسَ. وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ حَدَّثَنِي قَيْسُ بْنُ عَبْدِ الله عن الأعمش عن عليلة بْنِ رِبْعِيٍّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إن اللَّهَ قَسَمَ الْخَلْقَ قِسْمَيْنِ فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِهِمَا قسما، فذلك قوله وَأَصْحابُ الْيَمِينِ 56: 27 وأصحاب الشمال، فَأَنَا مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ وَأَنَا خَيْرُ أَصْحَابِ الْيَمِينِ، ثُمَّ جَعَلَ الْقِسْمَيْنِ أَثْلَاثًا فَجَعَلَنِي فِي خيرها ثلثا، فذلك قوله وأصحاب الميمنة وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ 56: 10 فَأَنَا مِنَ السَّابِقِينَ، وَأَنَا خَيْرُ السَّابِقِينَ، ثُمَّ جَعَلَ الْأَثْلَاثَ قَبَائِلَ فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِهَا قَبِيلَةً فَذَلِكَ قَوْلُهُ وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ 49: 13 وَأَنَا أَتْقَى وَلَدِ آدَمَ وَأَكْرَمُهُمْ عَلَى اللَّهِ وَلَا فَخْرَ، ثُمَّ جَعَلَ الْقَبَائِلَ بُيُوتًا فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِهَا بَيْتًا وَذَلِكَ قَوْلُهُ إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً 33: 33، فَأَنَا وَأَهْلُ بَيْتِي مُطَهَّرُونَ مِنَ الذُّنُوبِ» . وَهَذَا الْحَدِيثُ فِيهِ غَرَابَةٌ وَنَكَارَةٌ. وَرَوَى الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ ذَكْوَانَ خَالِ وَلَدِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: إِنَّا لَقُعُودٌ بِفِنَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِذْ مَرَّتْ بِهِ امْرَأَةٌ، فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ هَذِهِ ابْنَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: مَثَلُ مُحَمَّدٍ فِي بَنِي هَاشِمٍ مَثَلُ الرَّيْحَانَةِ فِي وَسَطِ النَّتَنِ. فَانْطَلَقَتِ الْمَرْأَةُ فَأَخْبَرَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يُعْرَفُ فِي وَجْهِهِ الْغَضَبُ. فَقَالَ: «مَا بَالُ أَقْوَالٍ تَبْلُغُنِي عَنْ أَقْوَامٍ إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ سَبْعًا فَاخْتَارَ الْعَلْيَاءَ مِنْهَا فَأَسْكَنَهَا مَنْ شَاءَ مَنْ خَلْقِهِ، ثُمَّ خَلَقَ الْخَلْقَ فَاخْتَارَ مِنَ الْخَلْقِ بَنِي آدَمَ، وَاخْتَارَ مِنْ بَنِي آدَمَ الْعَرَبَ، وَاخْتَارَ مِنَ الْعَرَبِ مُضَرَ، وَاخْتَارَ مِنْ مُضَرَ قُرَيْشًا، وَاخْتَارَ مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ، وَاخْتَارَنِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ فَأَنَا خِيَارٌ مِنْ خِيَارٍ، فَمَنْ أَحَبَّ الْعَرَبَ فَبِحُبِّي أَحَبَّهُمْ، وَمَنْ أبغض العرب فببغضي أبغضهم» هذا أَيْضًا حَدِيثٌ غَرِيبٌ. وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ» وَرَوَى الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَوْفَلٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ أَوْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «قَالَ لِي جِبْرِيلُ قَلَبْتُ الْأَرْضَ مِنْ مَشَارِقِهَا وَمَغَارِبِهَا فَلَمْ أَجِدْ رَجُلًا أَفْضَلَ مِنْ مُحَمَّدٍ، وَقَلَبْتُ الْأَرْضَ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا فَلَمْ أَجِدْ بَنِي أَبٍ أَفْضَلَ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ» قَالَ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ وَإِنْ كَانَ فِي رُوَاتِهَا مَنْ لَا يُحْتَجُّ بِهِ فَبَعْضُهَا يُؤَكِّدُ بَعْضًا وَمَعْنَى جَمِيعِهَا يَرْجِعُ إِلَى حَدِيثِ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

ص: 257

قُلْتُ وَفِي هَذَا الْمَعْنَى يَقُولُ أَبُو طَالِبٍ يَمْتَدِحُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم:

إِذَا اجْتَمَعَتْ يَوْمًا قُرَيْشٌ لِمَفْخَرٍ

فَعَبْدُ مَنَافٍ سِرُّهَا وَصَمِيمُهَا

فَإِنْ حُصِّلَتْ أَشْرَافُ عَبْدِ مَنَافِهَا

فَفِي هَاشِمٍ أَشْرَافُهَا وَقَدِيمُهَا

وَإِنْ فَخَرَتْ يَوْمًا فَإِنَّ مُحَمَّدًا

هُوَ الْمُصْطَفَى مِنْ سِرِّهَا وَكَرِيمُهَا

تَدَاعَتْ قُرَيْشٌ غَثُّهَا وَسَمِينُهَا

عَلَيْنَا فَلَمْ تَظْفَرْ وَطَاشَتْ حُلُومُهَا

وَكُنَّا قَدِيمًا لَا نُقِرُّ ظُلَامَةً

إِذَا مَا ثَنَوْا صُعْرَ الْخُدُودِ نُقِيمُهَا

وَنَحْمِي حِمَاهَا كُلَّ يَوْمٍ كَرِيهَةٍ

وَنَضْرِبُ عَنْ أَجْحَارِهَا مَنْ يَرُومُهَا

بِنَا انْتَعَشَ الْعُودُ الذَّوَاءُ وَإِنَّمَا

بِأَكْنَافِنَا تندى وتنمى أرومها

وقال أبو السكن زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى الطَّائِيُّ فِي الْجُزْءِ الْمَنْسُوبِ اليه المشهور: حدثني عمر بن أبى زحر بن حصين عن جد، حُمَيْدِ بْنِ مُنْهِبٍ قَالَ قَالَ جَدِّي خُرَيْمُ بْنُ أَوْسٍ هَاجَرْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَدِمْتُ عَلَيْهِ مُنْصَرَفَهُ مِنْ تَبُوكَ، فَأَسْلَمْتُ فَسَمِعْتُ الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَمْتَدِحَكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قُلْ لَا يَفْضُضِ اللَّهُ فَاكَ فَأَنْشَأَ يقول:

من قبلها طبت في الضلال وَفِي

مُسْتَوْدَعٍ حَيْثُ يُخْصَفُ الْوَرَقُ

ثُمَّ هَبَطْتَ الْبِلَادَ لَا بَشَرٌ أَنْتَ

وَلَا مُضْغَةٌ وَلَا عَلَقُ

بَلْ نُطْفَةٌ تَرْكَبُ السَّفِينَ وَقَدْ

أَلْجَمَ نسرا وأهله الغرق

تنقل من صلب إِلَى رَحَمٍ

إِذَا مَضَى عَالَمٌ بَدَا طَبَقُ

حَتَّى احْتَوَى بَيْتُكَ الْمُهَيْمِنُ مِنْ

خِنْدَفَ عَلْيَاءَ تَحْتَهَا النُّطُقُ

وَأَنْتَ لَمَّا وُلِدْتَ أَشْرَقَتِ الْأَرْضُ

وَضَاءَتْ بِنُورِكَ الْأُفُقُ

فَنَحْنُ فِي ذَلِكَ الضِّيَاءِ وفي

النور وَسُبْلِ الرَّشَادِ نَخْتَرِقُ

وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الشِّعْرُ لِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ فَرَوَى الْحَافِظُ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ عَسَاكِرَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الحسن ابن أبى الحديد أخبرنا مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي نَصْرٍ أَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بن محمد بن احمد القرشي حدثنا أبو حصين محمد ابن إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزَّاهِدُ الْخُرَاسَانِيُّ حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إبراهيم بن سنان حَدَّثَنَا سَلَّامُ بْنُ سُلَيْمَانَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْمَكْفُوفُ الْمَدَائِنِيُّ حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ بْنُ عُمَرَ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ عَطَاءٍ وَمُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ سَأَلْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي أَيْنَ كُنْتَ وَآدَمُ فِي الْجَنَّةِ؟ قَالَ فَتَبَسَّمَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ ثُمَّ قَالَ: «كُنْتُ فِي صُلْبِهِ وَرُكِبَ بِيَ السَّفِينَةُ فِي صُلْبِ أَبِي نُوحٍ وَقُذِفَ بِيَ فِي صُلْبِ أَبِي إِبْرَاهِيمَ لَمْ يَلْتَقِ أَبَوَايَ عَلَى سِفَاحٍ قَطُّ لَمْ يَزَلِ اللَّهُ يَنْقُلُنِي مِنَ الْأَصْلَابِ الْحَسِيبَةِ إِلَى الْأَرْحَامِ الطَّاهِرَةِ صِفَتِي مَهْدِيٌّ لَا يَنْشَعِبُ شُعْبَتَانِ إِلَّا كُنْتُ فِي خَيْرِهِمَا وَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ بِالنُّبُوَّةِ ميثاقي وبالإسلام عهدي

ص: 258