الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سقى خمرا فذكر له رسول صلى الله عليه وسلم ومكانه وسألته أَنْ يُزَوِّجَهُ فَزَوَّجَهُ خَدِيجَةَ وَصَنَعُوا مِنَ الْبَقَرَةِ طَعَامًا فَأَكَلْنَا مِنْهُ وَنَامَ أَبُوهَا ثُمَّ اسْتَيْقَظَ صَاحِيًا. فَقَالَ: مَا هَذِهِ الْحُلَّةُ وَمَا هَذِهِ الصُّفْرَةُ وَهَذَا الطَّعَامُ فَقَالَتْ لَهُ ابْنَتُهُ الَّتِي كَانَتْ قَدْ كَلَّمَتْ عَمَّارًا هَذِهِ حُلَّةٌ كَسَاكَهَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ خَتَنُكَ وَبَقَرَةٌ أَهْدَاهَا لَكَ فَذَبَحْنَاهَا حِينَ زَوَّجْتَهُ خَدِيجَةَ، فَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ زَوَّجَهُ، وَخَرَجَ يَصِيحُ حَتَّى جَاءَ الْحِجْرَ، وَخَرَجَ بَنُو هَاشِمٍ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَجَاءُوهُ فَكَلَّمُوهُ. فَقَالَ أَيْنَ صَاحِبُكُمُ الَّذِي تَزْعُمُونَ أَنِّي زَوَّجْتُهُ خَدِيجَةَ؟ فَبَرَزَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ قَالَ إِنْ كُنْتُ زَوَّجْتُهُ فَسَبِيلُ ذَاكَ وَإِنْ لَمْ أَكُنْ فَعَلْتُ فَقَدْ زَوَّجْتُهُ. وَقَدْ ذَكَرَ الزُّهْرِيُّ فِي سِيَرِهِ أَنَّ أَبَاهَا زَوَّجَهَا مِنْهُ وَهُوَ سَكْرَانُ وَذَكَرَ نَحْوَ مَا تقدم حكاه السهيليّ.
قال المؤملي: الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ أَنَّ عَمَّهَا عَمْرَو بْنَ أَسَدٍ هُوَ الَّذِي زَوَّجَهَا مِنْهُ وَهَذَا هُوَ الَّذِي رَجَّحَهُ السُّهَيْلِيُّ.
وَحَكَاهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ قَالَتْ وَكَانَ خُوَيْلِدٌ مَاتَ قَبْلَ الْفِجَارِ، وَهُوَ الَّذِي نَازَعَ تُبَّعًا حِينَ أَرَادَ أَخْذَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ إِلَى الْيَمَنِ، فَقَامَ فِي ذَلِكَ خُوَيْلِدٌ وَقَامَ مَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ ثُمَّ رَأَى تُبَّعٌ فِي مَنَامِهِ مَا رَوَّعَهُ، فَنَزَعَ عَنْ ذَلِكَ وَتَرَكَ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ مَكَانَهُ.
وَذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فِي آخِرِ السِّيرَةِ أَنَّ أَخَاهَا عَمْرَو بْنَ خُوَيْلِدٍ هُوَ الَّذِي زَوَّجَهَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فاللَّه أَعْلَمُ.
فَصْلٌ
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَدْ كَانَتْ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ ذَكَرَتْ لِوَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بن عبد العزى ابن قُصَىٍّ- وَكَانَ ابْنَ عَمِّهَا وَكَانَ نَصْرَانِيًّا قَدْ تَتَبَّعَ الْكُتُبَ وَعَلِمَ مِنْ عِلْمِ النَّاسِ مَا ذَكَرَ لَهَا غُلَامُهَا مِنْ قَوْلِ الرَّاهِبِ وَمَا كَانَ يُرَى مِنْهُ إِذْ كَانَ الْمَلَكَانِ يُظِلَّانِهِ- فَقَالَ وَرَقَةُ: لَئِنْ كَانَ هَذَا حَقًّا يَا خَدِيجَةُ إِنَّ مُحَمَّدًا لَنَبِيُّ هَذِهِ الْأُمَّةِ، قَدْ عَرَفْتُ أَنَّهُ كَائِنٌ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ نَبِيٌّ يُنْتَظَرُ هَذَا زَمَانُهُ- أَوْ كَمَا قَالَ- فَجَعَلَ وَرَقَةُ يَسْتَبْطِئُ الْأَمْرَ وَيَقُولُ حَتَّى مَتَى؟ وَقَالَ فِي ذَلِكَ:
لَجِجْتُ وَكُنْتُ فِي الذِّكْرَى لَجُوجًا
…
لِهَمٍّ طالما ما بَعَثَ النَّشِيجَا
وَوَصْفٍ مِنْ خَدِيجَةَ بَعْدَ وَصْفٍ
…
فَقَدْ طَالَ انْتِظَارِي يَا خَدِيجَا
بِبَطْنِ الْمَكَّتَيْنِ على رجائي
…
حديثك أن أرى منه خروجا
بِمَا خَبَّرْتِنَا مِنْ قَوْلِ قَسٍّ
…
مِنَ الرُّهْبَانِ أَكْرَهُ أَنْ يَعُوجَا
بِأَنَّ مُحَمَّدًا سَيَسُودُ قَوْمًا
…
وَيَخْصِمُ مَنْ يَكُونُ لَهُ حَجِيجَا
وَيُظْهِرُ فِي البلاد ضياء نور
…
يقوم بِهِ الْبَرِيَّةَ أَنْ تَمُوجَا
فَيَلْقَى مَنْ يُحَارِبُهُ خسارا
…
ويلقى من يسالمه فلوجا
فيا ليتى إِذَا مَا كَانَ ذَاكُمْ
…
شَهِدْتُ وَكُنْتُ أَوَّلَهُمْ ولوجا
وُلُوجًا فِي الَّذِي كَرِهَتْ قُرَيْشٌ
…
وَلَوْ عَجَّتْ بمكتها عجيجا
أرجي بالذي كرهوا جميعا
…
إلى ذِي الْعَرْشِ إِنْ سَفَلُوا عُرُوجًا
وَهَلْ أَمْرُ السَّفَالَةِ غَيْرُ كُفْرٍ
…
بِمَنْ يَخْتَارُ مَنْ سَمَكَ الْبُرُوجَا
فَإِنْ يَبْقَوْا وَأَبْقَ يَكُنْ أُمُورٌ
…
يَضِجُّ الْكَافِرُونَ لَهَا ضَجِيجَا
وَإِنْ أَهْلَكْ فَكُلُّ فَتًى سيلقى
…
من الأقدار متلفة خروجا
وَقَالَ وَرَقَةُ أَيْضًا فِيمَا رَوَاهُ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنْهُ:
أَتُبْكِرُ أَمْ أَنْتَ الْعَشِيَّةَ رَائِحُ
…
وَفِي الصَّدْرِ مِنْ إِضْمَارِكَ الْحُزْنَ قَادِحُ؟
لِفُرْقَةِ قَوْمٍ لَا أُحِبُّ فِرَاقَهُمْ
…
كَأَنَّكَ عَنْهُمْ بَعْدَ يَوْمَيْنِ نَازِحُ
وَأَخْبَارِ صِدْقٍ خَبَّرَتْ عَنْ مُحَمَّدٍ
…
يُخَبِّرُهَا عَنْهُ إِذَا غَابَ ناصح
أتاك الَّذِي وَجَّهْتِ يَا خَيْرَ حُرَّةٍ
…
بِغَوْرٍ وَبِالنَّجْدَيْنِ حَيْثُ الصَّحَاصِحُ
إِلَى سُوقِ بُصْرَى فِي الرِّكَابِ الَّتِي غَدَتْ
…
وُهُنَّ مِنَ الْأَحْمَالِ قُعْصٌ دَوَالِحُ
[1]
فَيُخْبِرُنَا عَنْ كُلِّ خَيْرٍ بِعِلْمِهِ
…
وَلِلْحَقِّ أَبْوَابٌ لَهُنَّ مَفَاتِحُ
بِأَنَّ ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ مرسل
…
إلى كل من ضمت عليه الأباطح
وَظَنِّي بِهِ أَنْ سَوْفَ يُبْعَثُ صَادِقًا
…
كَمَا أُرْسِلَ الْعَبْدَانِ هُودٌ وَصَالِحُ
وَمُوسَى وَإِبْرَاهِيمُ حَتَّى يرى له
…
بهاء ومنشور من الذكر واضح
وَيَتْبَعُهُ حَيَّا لُؤَيٍّ وَغَالِبٍ
…
شَبَابُهُمْ وَالْأَشْيَبُونَ الْجَحَاجِحُ
فإن أبق حتى يدرك الناس دهره
…
فإني به مستبشر الود فارح
وإلا فإني يا خَدِيجَةُ فَاعْلَمِي
…
عَنْ أَرْضِكِ فِي الْأَرْضِ الْعَرِيضَةِ سَائِحُ
وَزَادَ الْأُمَوِيُّ:
فَمُتَّبِعٌ دِينَ الَّذِي أَسَّسَ الْبِنَا
…
وَكَانَ لَهُ فَضْلٌ عَلَى النَّاسِ رَاجِحُ
وَأَسَّسَ بُنْيَانًا بِمَكَّةَ ثَابِتًا
…
تَلَأْلَأَ فِيهِ بِالظَّلَامِ الْمَصَابِحُ
مُثَابًا لِأَفْنَاءِ الْقَبَائِلِ كُلِّهَا
…
تَخُبُّ إِلَيْهِ الْيَعْمَلَاتُ الطَّلَائِحُ
حَرَاجِيجُ [2] أَمْثَالُ الْقِدَاحِ مِنَ السُّرَى
…
يُعَلَّقُ فِي أَرْسَاغِهِنَّ السَّرَايِحُ
وَمِنْ شَعْرِهِ فِيمَا أَوْرَدَهُ أَبُو الْقَاسِمِ السُّهَيْلِيُّ فِي رَوْضِهِ:
لَقَدْ نَصَحْتُ لِأَقْوَامٍ وَقُلْتُ لَهُمْ
…
أَنَا النَّذِيرُ فَلَا يغرركم أحد
[1] الدلح: أن يمشى البعير بالحمل وقد أثقله
[2]
الحراجيج جمع حرجيج، وهي الناقة الطويلة