المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌صفة مولده الشريف عليه الصلاة والسلام - البداية والنهاية - ط السعادة - جـ ٢

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الثاني]

- ‌بَابُ ذِكْرِ جَمَاعَةٍ مِنْ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ بعد موسى عليه السلام

- ‌قِصَّةُ حِزْقِيلَ

- ‌قِصَّةُ الْيَسَعَ عليه السلام

- ‌فَصْلٌ

- ‌قصة شمويل عليه السلام وفيها بدأ أمر داود عليه السلام

- ‌قِصَّةُ دَاوُدَ عليه السلام وَمَا كَانَ فِي أَيَّامِهِ وَذِكْرُ فَضَائِلِهِ وَشَمَائِلِهِ وَدَلَائِلُ نُبُوَّتِهِ وَأَعْلَامِهِ

- ‌ذِكْرُ كَمِّيَّةِ حَيَّاتِهِ وَكَيْفِيَّةِ وَفَاتِهِ عليه السلام

- ‌قِصَّةُ سُلَيْمَانَ بْنِ داود عليهما السلام

- ‌ذكر وفاته وكم كانت مدة مُلْكِهِ وَحَيَاتِهِ

- ‌بَابُ ذكر جماعة من أنبياء بنى إسرائيل عليهم السلام ممن لا يعلم وقت زمانهم على التعيين الا انهم بعد داود وسليمان عليهما السلام وقبل زكريا ويحيى عليهما السلام

- ‌فَمِنْهُمْ شِعْيَا بْنُ أَمْصِيَا

- ‌وَمِنْهُمْ أَرْمِيَا بْنُ حَلْقِيَا مِنْ سِبْطِ لَاوِي بْنِ يَعْقُوبَ

- ‌ذِكْرُ خَرَابِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ

- ‌ذِكْرُ شَيْءٍ مِنْ خَبَرِ دَانْيَالَ عليه السلام

- ‌وَهَذَا ذِكْرُ عِمَارَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ بَعْدَ خَرَابِهَا واجتماع الملأ من بَنِي إِسْرَائِيلَ بَعْدَ تَفَرُّقِهِمْ فِي بِقَاعِ الْأَرْضِ وشعابها

- ‌وَهَذِهِ قِصَّةُ الْعُزَيْرِ

- ‌فَصْلُ

- ‌قصة زكريا ويحيى عليهما السلام

- ‌بَيَانُ سَبَبِ قَتْلِ يَحْيَى عليه السلام

- ‌قصة عيسى بن مريم عبد الله ورسوله وابن أمته عَلَيْهِ مِنَ اللَّهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ

- ‌ذِكْرُ مِيلَادِ الْعَبْدِ الرَّسُولِ عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ الْبَتُولِ

- ‌بَابُ بَيَانِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مُنَزَّهٌ عن الولد تعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا

- ‌ذكر منشأ عيسى بن مريم عليهما السلام ومرباه في صغره وصباه وَبَيَانُ بَدْءِ الْوَحْيِ إِلَيْهِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى

- ‌بَيَانُ نُزُولِ الْكُتُبِ الْأَرْبَعَةِ وَمَوَاقِيتِهَا

- ‌بَيَانُ شَجَرَةِ طُوبَى مَا هِيَ

- ‌ذِكْرُ خَبَرِ الْمَائِدَةِ

- ‌فصل

- ‌ذِكْرُ رَفْعِ عِيسَى عليه السلام إِلَى السَّمَاءِ

- ‌ذكر صِفَةُ عِيسَى عليه السلام وَشَمَائِلُهُ وَفَضَائِلُهُ

- ‌فَصْلُ

- ‌بَيَانُ بِنَاءِ بَيْتِ لَحْمٍ وَالْقُمَامَةِ

- ‌كِتَابُ أَخْبَارِ الْمَاضِينَ

- ‌خبر ذي القرنين

- ‌بَيَانُ طَلَبِ ذِي الْقَرْنَيْنِ عَيْنَ الْحَيَاةِ

- ‌ذِكْرُ أُمَّتَيْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ

- ‌قِصَّةُ أَصْحَابِ الْكَهْفِ

- ‌قِصَّةُ الرَّجُلَيْنِ الْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ

- ‌قِصَّةُ أَصْحَابِ الْجَنَّةِ

- ‌قِصَّةُ أَصْحَابِ أَيْلَةَ الَّذِينَ اعْتَدَوْا فِي سَبْتِهِمْ

- ‌قِصَّةُ لُقْمَانَ

- ‌قِصَّةُ أَصْحَابِ الْأُخْدُودِ

- ‌باب بيان الاذن في الرواية والتحديث عَنْ أَخْبَارِ بَنِي إِسْرَائِيلَ

- ‌قِصَّةُ جُرَيْجٍ أَحَدِ عُبَّادِ بَنِي إِسْرَائِيلَ

- ‌قِصَّةُ بَرْصِيصَا

- ‌قصة الثلاثة الذين آووا الى الغار فَانْطَبَقَ عَلَيْهِمْ

- ‌خَبَرُ الثَّلَاثَةِ الْأَعْمَى وَالْأَبْرَصِ وَالْأَقْرَعِ

- ‌حديث الّذي استلف مِنْ صَاحِبِهِ أَلْفَ دِينَارٍ فَأَدَّاهَا

- ‌قِصَّةٌ أُخْرَى شَبِيهَةٌ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ فِي الصِّدْقِ وَالْأَمَانَةِ

- ‌قِصَّةٌ أُخْرَى

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌قِصَّةُ الْمَلِكَيْنِ التَّائِبَيْنِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌ذِكْرُ تَحْرِيفِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَتَبْدِيلِهِمْ أَدْيَانَهُمْ

- ‌ليس للجنب لمس التوراة

- ‌كِتَابُ الْجَامِعِ لِأَخْبَارِ الْأَنْبِيَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ

- ‌ذكر أخبار العرب

- ‌قِصَّةُ سَبَأٍ

- ‌فَصْلٌ

- ‌قِصَّةُ رَبِيعَةَ بْنِ نَصْرٍ بْنِ أَبِي حَارِثَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ

- ‌قِصَّةُ تُبَّعٍ أَبِي كَرِبٍ تُبَّانِ أَسْعَدَ مَلِكِ الْيَمَنِ مَعَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ

- ‌وُثُوبُ لَخْنِيعَةَ [1] ذِي شَنَاتِرَ عَلَى مُلْكِ الْيَمَنِ

- ‌ذِكْرُ خُرُوجِ الْمُلْكِ بِالْيَمَنِ مِنْ حِمْيَرَ وَصَيْرُورَتِهِ إِلَى الْحَبَشَةِ السُّودَانِ

- ‌ذِكْرُ خُرُوجِ أَبْرَهَةَ الْأَشْرَمِ عَلَى أَرْيَاطَ وَاخْتِلَافِهِمَا واقتتالهما وصيرورة ملك اليمن الى ابرهة بعد قتله ارياط

- ‌ذِكْرُ سَبَبِ قَصْدِ أَبْرَهَةَ بِالْفِيلِ مَكَّةَ لِيُخَرِّبَ الكعبة فأهلكه الله عاجلا غير آجل كما قال الله تَعَالَى

- ‌ذِكْرُ خُرُوجِ الْمُلْكِ عَنِ الْحَبَشَةِ وَرُجُوعِهِ إِلَى سيف ابن ذي يزن الحميري كما أخبر بذلك الكاهنان لربيعة بن نصر اللخمي

- ‌ذِكْرُ مَا آلَ إِلَيْهِ أَمْرُ الْفُرْسِ بِالْيَمَنِ

- ‌قِصَّةُ السَّاطِرُونَ صَاحِبِ الْحَضْرِ

- ‌خَبَرُ مُلُوكِ الطَّوَائِفِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ بَنِي إِسْمَاعِيلَ وهم عرب الحجاز وَمَا كَانَ مِنْ أُمُورِ الْجَاهِلِيَّةِ إِلَى زَمَانِ الْبَعْثَةِ

- ‌قصة خزاعة وخبر عمرو بن لحي وعبادة الأصنام بأرض العرب

- ‌بَابُ جَهْلِ الْعَرَبِ

- ‌خبر عدنان جد عرب الحجاز وهو الّذي ينتهى اليه نسب النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ذِكْرُ أُصُولِ أنساب قبائل عَرَبِ الْحِجَازِ إِلَى عَدْنَانَ

- ‌الْكَلَامُ عَلَى قُرَيْشٍ نَسَبًا وَاشْتِقَاقًا وَفَضْلًا وَهُمْ بَنُو النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ

- ‌خَبَرُ قُصَيِّ بْنِ كِلَابٍ وَمَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِ فِي ارْتِجَاعِهِ وِلَايَةَ الْبَيْتِ إِلَى قُرَيْشٍ وَانْتِزَاعِهِ ذَلِكَ مِنْ خُزَاعَةَ وَاجْتِمَاعِ قُرَيْشٍ إِلَى الْحَرَمِ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ أَمْنًا لِلْعِبَادِ بَعْدَ تَفَرُّقِهَا فِي الْبِلَادِ وَتَمَزُّقِهَا فِي الْجِبَالِ وَالْمِهَادِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌ذِكْرُ جُمَلٍ مِنَ الْأَحْدَاثِ الْوَاقِعَةِ فِي زَمَنِ الْجَاهِلِيَّةِ

- ‌باب ذكر جماعة مشهورين كانوا في الْجَاهِلِيَّةِ

- ‌خَبَرُ خَالِدِ بْنِ سِنَانٍ الْعَبْسِيِّ

- ‌ذِكْرُ حَاتِمٍ الطَّائِيِّ أَحَدِ أَجْوَادِ الْجَاهِلِيَّةِ

- ‌ذِكْرُ شَيْءٍ مِنْ أَخْبَارِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُدْعَانَ

- ‌ذِكْرُ امْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ حُجْرٍ الْكِنْدِيِّ صَاحِبِ إِحْدَى الْمُعَلَّقَاتِ

- ‌ذِكْرُ شَيْءٍ مِنْ أَخْبَارٍ أُمَيَّةَ بن أَبِي الصَّلْتِ الثَّقَفِيِّ كَانَ مِنْ شُعَرَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ وَقَدْ أَدْرَكَ زَمَنَ الْإِسْلَامِ

- ‌بحيرا الرَّاهِبُ

- ‌ذكر قس بن ساعدة الأيادي

- ‌ذكر زَيْدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ رضي الله عنه

- ‌ذكر شيء مما وقع مِنَ الَحَوَادِثِ فِي زَمَنِ الْفَتْرَةِ

- ‌فَمِنْ ذَلِكَ بُنْيَانُ الْكَعْبَةِ

- ‌ذِكْرُ كَعْبِ بْنُ لُؤَيٍّ

- ‌ذِكْرُ تَجْدِيدِ حَفْرِ زَمْزَمَ

- ‌ذِكْرُ نَذْرِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ذَبْحَ أَحَدِ وَلَدِهِ

- ‌ذِكْرُ تَزْوِيجِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ابْنَهُ عَبْدَ اللَّهِ مِنْ آمِنَةَ بِنْتِ وَهْبٍ الزُّهْرِيَّةِ

- ‌كِتَابُ سِيرَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (وَذِكْرُ أَيَّامِهِ وَغَزَوَاتِهِ وَسَرَايَاهُ وَالْوُفُودِ إِلَيْهِ وَشَمَائِلِهِ وَفَضَائِلِهِ وَدَلَائِلِهِ الدَّالَّةِ عَلَيْهِ)

- ‌بَابُ ذِكْرِ نَسَبِهِ الشَّرِيفِ وَطِيبِ أَصْلِهِ الْمُنِيفِ

- ‌بَابُ مَوْلِدِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌صِفَةُ مَوْلِدِهِ الشَّرِيفِ عليه الصلاة والسلام

- ‌فَصْلٌ فِيمَا وَقَعَ مِنَ الْآيَاتِ لَيْلَةَ مَوْلِدِهِ عليه الصلاة والسلام

- ‌ذكر ارتجاس الإيوان

- ‌ذِكْرُ حَوَاضِنِهِ وَمَرَاضِعِهِ عليه الصلاة والسلام

- ‌ذِكْرُ رَضَاعِهِ عليه الصلاة والسلام

- ‌فَصْلٌ

- ‌ فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ فِي خُرُوجِهِ عليه الصلاة والسلام مَعَ عَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ إِلَى الشَّامِ وَقِصَّتِهِ مَعَ بَحِيرَى الرَّاهِبِ

- ‌قِصَّةُ بَحِيرَى

- ‌فَصْلٌ

- ‌ذِكْرُ شُهُودِهِ عليه الصلاة والسلام حَرْبَ الْفِجَارِ

- ‌فَصْلٌ فِي شُهُودِهِ عليه الصلاة والسلام حلف الفضول

- ‌فصل في تَزْوِيجُهُ عليه الصلاة والسلام خَدِيجَةَ بِنْتَ خُوَيْلِدٍ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قصي

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ فِي تَجْدِيدِ قُرَيْشٍ بِنَاءَ الْكَعْبَةِ قَبْلَ الْمَبْعَثِ بِخَمْسِ سِنِينَ

- ‌ فَصْلٍ

- ‌كِتَابُ مَبْعَثِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌فَصْلٌ

- ‌ذِكْرُ أَخْبَارٍ غَرِيبَةٍ فِي ذَلِكَ

- ‌[1] قِصَّةُ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ الْجُهَنِيِّ

- ‌قِصَّةُ سَيْفِ بْنِ ذِي يَزَنَ الْحِمْيَرِيِّ وَبِشَارَتُهُ بِالنَّبِيِّ الْأُمِّيِّ

- ‌بَابٌ فِي هَوَاتِفِ الْجَانِّ

الفصل: ‌صفة مولده الشريف عليه الصلاة والسلام

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَكْبَرُ مِنِّي، وَأَنَا أَسَنُّ. وُلِدَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ الْفِيلِ، وَوَقَفَتْ بِي أُمِّي عَلَى روث الفيل محيلا اعقله. وَتَنَبَّأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى رَأْسِ أَرْبَعِينَ سَنَةً. وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ يَعْنِي ابْنَ مَيْسَرَةَ- عَنْ بَعْضِهِمْ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ أَنَّهُ قَالَ:

أَنَا لِدَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وُلِدْتُ عَامَ الْفِيلِ. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ أَنَّهُ قَالَ أَنَا أَصْغَرُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بسنتين. قال يعقوب وحدثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ النَّوْفَلِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ. قَالَ وُلِدَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ الْفِيلِ، وَكَانَتْ بَعْدَهُ عُكَاظٌ بِخَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَبُنِيَ الْبَيْتُ عَلَى رَأْسِ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً مِنَ الْفِيلِ، وَتَنَبَّأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى رَأْسِ أَرْبَعِينَ سَنَةً مِنَ الْفِيلِ.

وَالْمَقْصُودُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وُلِدَ عَامَ الْفِيلِ عَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ فَقِيلَ بَعْدَهُ بِشَهْرٍ، وَقِيلَ بِأَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَقِيلَ بِخَمْسِينَ يَوْمًا- وَهُوَ أَشْهَرُ- وَعَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ كَانَ قُدُومُ الْفِيلِ لِلنِّصْفِ مِنَ الْمُحَرَّمِ، وَمَوْلِدُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَهُ بِخَمْسٍ وَخَمْسِينَ لَيْلَةً، وَقَالَ آخَرُونَ بَلْ كَانَ عَامُ الْفِيلِ قَبْلَ مَوْلِدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِعَشْرِ سِنِينَ. قَالَهُ ابْنُ أَبْزَى. وَقِيلَ بِثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً رَوَاهُ شُعَيْبُ بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَقِيلَ بَعْدَ الْفِيلِ بِثَلَاثِينَ سَنَةً. قَالَهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ رحمه الله. وَاخْتَارَهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ أَيْضًا رحمه الله. وَقَالَ أَبُو زَكَرِيَّا الْعَجْلَانِيُّ: بَعْدَ الْفِيلِ بِأَرْبَعِينَ عَامًا، رَوَاهُ ابْنُ عَسَاكِرَ وَهَذَا غَرِيبٌ جِدًّا، وَأَغْرَبُ مِنْهُ مَا قَالَ خَلِيفَةُ بن خياط حدثني شعيب بن حبان عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَبِي عَمْرٍو عَنِ الكلبي عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: وُلِدَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ الْفِيلِ بِخَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَهَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ وَمُنْكَرٌ وَضَعِيفٌ أَيْضًا، قَالَ خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ وَالْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ أَنَّهُ عليه السلام وُلِدَ عَامَ الْفِيلِ.

‌صِفَةُ مَوْلِدِهِ الشَّرِيفِ عليه الصلاة والسلام

قَدْ تَقَدَّمُ أَنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ لَمَّا ذَبَحَ تِلْكَ الْإِبِلَ الْمِائَةَ عَنْ وَلَدِهِ عَبْدِ اللَّهِ حِينَ كَانَ نَذَرَ ذَبْحَهُ فَسَلَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِمَا كَانَ قُدِّرَ فِي الْأَزَلِ مِنْ ظُهُورِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ صلى الله عليه وسلم خَاتَمِ الرُّسُلِ وَسَيِّدِ وَلَدِ آدَمَ مِنْ صُلْبِهِ، فَذَهَبَ كَمَا تَقَدَّمَ فَزَوَّجَهُ أَشْرَفَ عَقِيلَةٍ فِي قُرَيْشٍ آمِنَةَ بِنْتَ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةِ الزُّهْرِيَّةَ، فَحِينَ دَخَلَ بِهَا وَأَفْضَى إِلَيْهَا حَمَلَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَدْ كانت أم قتال رُقَيْقَةُ بِنْتُ نَوْفَلٍ أُخْتُ وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ تَوَسَّمَتْ مَا كَانَ بَيْنَ عَيْنَيْ عَبْدِ اللَّهِ قَبْلَ أَنْ يُجَامِعَ آمِنَةَ مِنَ النُّورِ، فَوَدَّتْ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مُتَّصِلًا بِهَا لِمَا كَانَتْ تَسْمَعُ مِنْ أَخِيهَا مِنَ الْبِشَارَاتِ بِوُجُودٍ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وَأَنَّهُ قَدْ أَزِفَ زَمَانُهُ فَعَرَضَتْ نَفْسَهَا عَلَيْهِ.

قَالَ بَعْضُهُمْ لِيَتَزَوَّجَهَا وَهُوَ أَظْهَرُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ، فَامْتَنَعَ عَلَيْهَا فَلَمَّا انْتَقَلَ ذَلِكَ النُّورُ الْبَاهِرُ إِلَى آمِنَةَ بِمُوَاقَعَتِهِ

ص: 262

إِيَّاهَا كَأَنَّهُ تَنَدَّمَ عَلَى مَا كَانَتْ عَرَضَتْ عَلَيْهِ. فَتَعَرَّضَ لَهَا لِتُعَاوِدَهُ. فَقَالَتْ لَا حَاجَةَ لِي فِيكَ وَتَأَسَّفَتْ عَلَى مَا فَاتَهَا مِنْ ذَلِكَ وَأَنْشَدَتْ فِي ذَلِكَ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنَ الشِّعْرِ الْفَصِيحِ الْبَلِيغِ. وَهَذِهِ الصِّيَانَةُ لِعَبْدِ اللَّهِ لَيْسَتْ لَهُ وَإِنَّمَا هِيَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَإِنَّهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ 6: 124 وَقَدْ تَقَدَّمَ الْحَدِيثُ الْمَرْوِيُّ مِنْ طَرِيقٍ جَيِّدٍ أَنَّهُ قَالَ عليه الصلاة والسلام: «وُلِدْتُ مِنْ نِكَاحٍ لَا مِنْ سِفَاحٍ» وَالْمَقْصُودُ أَنَّ أُمَّهُ حِينَ حَمَلَتْ بِهِ تُوُفِّيَ أَبُوهُ عَبْدُ اللَّهِ وَهُوَ حَمْلٌ فِي بَطْنِ أُمِّهِ عَلَى الْمَشْهُورِ. قال محمد ابن سَعْدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ- هُوَ الْوَاقِدِيُّ- حدثنا موسى بن عبيدة اليزيدي. وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صعصعة. قال: خَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ إِلَى الشَّامِ إِلَى غَزَّةَ فِي عِيرٍ مِنْ عِيرَاتِ قريش يحملونه تجارات، ففرغوا من تجاراتهم ثم انصرفوا فمروا بالمدينة وعبد الله ابن عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَوْمَئِذٍ مَرِيضٌ، فَقَالَ أَتَخَلَّفُ عِنْدَ أَخْوَالِي بَنِي عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ، فَأَقَامَ عِنْدَهُمْ مَرِيضًا شَهْرًا وَمَضَى أَصْحَابُهُ فَقَدِمُوا مَكَّةَ فَسَأَلَهُمْ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ عَنِ ابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ فَقَالُوا خَلَّفْنَاهُ عِنْدَ أَخْوَالِهِ بَنِي عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ وَهُوَ مَرِيضٌ. فَبَعَثَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ أَكْبَرَ وَلَدِهِ الْحَارِثَ. فَوَجَدَهُ قَدْ تُوُفِّيَ وَدُفِنَ فِي دَارِ النَّابِغَةِ فَرَجَعَ إِلَى أَبِيهِ فَأَخْبَرَهُ، فَوَجَدَ عَلَيْهِ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ وَإِخْوَتُهُ وَأَخَوَاتُهُ وَجْدًا شَدِيدًا، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَئِذٍ حَمْلٌ. وَلِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَوْمَ تُوُفِّيَ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً.

قَالَ الْوَاقِدِيُّ: هَذَا هُوَ أَثْبَتُ الْأَقَاوِيلِ فِي وَفَاةِ عَبْدِ اللَّهِ وَسِنِّهِ عِنْدَنَا. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَحَدَّثَنِي مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ بَعَثَ عَبْدَ اللَّهِ إِلَى الْمَدِينَةِ يَمْتَارُ لَهُمْ تَمْرًا فَمَاتَ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ وَقَدْ أَنْبَأَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِيهِ وَعَنْ عَوَانَةَ بْنِ الْحَكَمِ. قَالَا: تُوُفِّيَ عَبْدُ اللَّهِ بن عبد المطلب بعد ما أَتَى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثمانية وعشرين شَهْرًا، وَقِيلَ سَبْعَةُ أَشْهُرٍ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ:

وَالْأَوَّلُ أَثْبَتُ أَنَّهُ تُوُفِّيَ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَمْلٌ. وَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَسَنٍ عَنْ عَبْدِ السَّلَامِ عَنِ ابْنِ خَرَّبُوذَ. قَالَ: تُوُفِّيَ عَبْدُ اللَّهِ بِالْمَدِينَةِ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ابْنُ شَهْرَيْنِ، وَمَاتَتْ أُمُّهُ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِ سِنِينَ، وَمَاتَ جَدُّهُ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِ سِنِينَ، فَأَوْصَى بِهِ إِلَى عَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ. وَالَّذِي رَجَّحَهُ الْوَاقِدِيُّ وَكَاتِبُهُ الْحَافِظُ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام تُوُفِّيَ أَبُوهُ وَهُوَ جَنِينٌ فِي بَطْنِ أُمِّهِ وَهَذَا أَبْلَغُ الْيُتْمِ وَأَعْلَى مَرَاتِبِهِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الحديث «ورؤيا أمى الّذي رأت حين حمل بِي كَأَنَّهُ خَرَجَ مِنْهَا نُورٌ أَضَاءَتْ لَهُ قُصُورُ الشَّامِ» وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فَكَانَتْ آمِنَةُ بِنْتُ وَهْبٍ أُمُّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تُحَدِّثُ أَنَّهَا أُتِيَتْ حِينَ حَمَلَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقِيلَ لَهَا إِنَّكِ قَدْ حَمَلْتِ بِسَيِّدِ هَذِهِ الْأُمَّةِ، فَإِذَا وَقَعَ إِلَى الْأَرْضِ فَقُولِي: أُعِيذُهُ بالواحد، من شر كل حاسد، من كل بر عاهد [1] وكل عبد رائد، يذود عنى ذائد، فإنه عند الْحَمِيدِ الْمَاجِدْ، حَتَّى أَرَاهُ قَدْ أَتَى الْمَشَاهِدْ. وَآيَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ يَخْرُجُ مَعَهُ نُورٌ يَمْلَأُ قُصُورَ بُصْرَى مِنْ أَرْضِ الشَّامِ، فَإِذَا وَقَعَ فَسَمِّيهِ مُحَمَّدًا. فَإِنَّ اسْمَهُ فِي التَّوْرَاةِ أَحْمَدُ يحمده أهل السماء وأهل

[1] كذا في الأصلين ولم نقف عليه ولم يظهر لنا معناه.

ص: 263

الْأَرْضِ، وَاسْمَهُ فِي الْإِنْجِيلِ أَحْمَدُ يَحْمَدُهُ أَهْلُ السَّمَاءِ وَأَهْلُ الْأَرْضِ، وَاسْمَهُ فِي الْقُرْآنِ مُحَمَّدٌ. وَهَذَا وَذَاكَ يَقْتَضِي أَنَّهَا رَأَتْ حِينَ حَمَلَتْ بِهِ عليه السلام كَأَنَّهُ خَرَجَ مِنْهَا نُورٌ أَضَاءَتْ لَهُ قُصُورُ الشَّامِ. ثُمَّ لَمَّا وَضَعَتْهُ رَأَتْ عِيَانًا تَأْوِيلَ ذَلِكَ كَمَا رَأَتْهُ قَبْلَ ذَلِكَ هَاهُنَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ- هُوَ الْوَاقِدِيُّ- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عبدة عن أخيه ومحمد بن كعب القرظي. وحدثني عبد الله ابن جَعْفَرٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ عَمَّتِهِ أُمِّ بَكْرٍ بِنْتِ المسود عن أبيها. وحدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم المزني وزياد ابن حشرج عن أبى وجزة. وَحَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ. وَحَدَّثَنَا طَلْحَةُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: دَخَلَ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ فِي حَدِيثِ بَعْضٍ. أَنَّ آمِنَةَ بِنْتَ وَهْبٍ قَالَتْ لَقَدْ عَلِقْتُ بِهِ- تَعْنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَمَا وَجَدْتُ لَهُ مَشَقَّةً حَتَّى وَضَعْتُهُ، فَلَمَّا فَصَلَ مِنِّي خَرَجَ مَعَهُ نُورٌ أَضَاءَ لَهُ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ، ثُمَّ وَقَعَ إِلَى الْأَرْضِ مُعْتَمِدًا عَلَى يَدَيْهِ، ثُمَّ أَخَذَ قَبْضَةً مِنَ التُّرَابِ فَقَبَضَهَا وَرَفَعَ رَأَسَهُ إِلَى السَّمَاءِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ وَقَعَ جَاثِيًا عَلَى رُكْبَتَيْهِ، وَخَرَجَ مَعَهُ نُورٌ أَضَاءَتْ لَهُ قصور الشام وأسواقها حتى رئيت أَعْنَاقَ الْإِبِلِ بِبُصْرَى، رَافِعًا رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ. وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إسماعيل أنبأنا محمد بن إسحاق حدثنا يونس بن مُبَشِّرُ بْنُ الْحَسَنِ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ ابن جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي سُوَيْدٍ الثَّقَفِيِّ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ حَدَّثَتْنِي أُمِّي أَنَّهَا شَهِدَتْ وِلَادَةَ آمِنَةَ بِنْتِ وَهْبٍ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ ولدته، قالت فما شيء أنظره فِي الْبَيْتِ إِلَّا نُورٌ وَإِنِّي أَنْظُرُ إِلَى النُّجُومِ تَدْنُو حَتَّى إِنِّي لِأَقُولُ لَيَقَعْنَ عَلَيَّ.

وَذَكَرَ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنِ الشِّفَاءِ أُمِّ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهَا كَانَتْ قَابِلَتَهُ وَأَنَّهَا أَخْبَرَتْ بِهِ حِينَ سَقَطَ عَلَى يَدَيْهَا وَاسْتَهَلَّ سَمِعَتْ قَائِلًا يَقُولُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ، وَإِنَّهُ سَطَعَ مِنْهُ نُورٌ رُئِيَتْ مِنْهُ قُصُورُ الرُّومِ.

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: فَلَمَّا وَضَعَتْهُ بَعَثَتْ إِلَى عَبْدِ الْمُطَّلِبِ جَارِيَتَهَا- وَقَدْ هَلَكَ أَبُوهُ وَهِيَ حُبْلَى وَيُقَالَ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ هَلَكَ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ابْنُ ثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ شَهْرًا فاللَّه أَعْلَمُ أَيُّ ذَلِكَ كَانَ- فَقَالَتْ قد ولد لك غُلَامٌ فَانْظُرْ إِلَيْهِ، فَلَمَّا جَاءَهَا أَخْبَرَتْهُ وَحَدَّثَتْهُ بِمَا كَانَتْ رَأَتْ حِينَ حَمَلَتْ بِهِ، وَمَا قِيلَ لَهَا فِيهِ، وَمَا أُمِرَتْ أَنْ تُسَمِّيَهُ. فَأَخَذَهُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ فَأَدْخَلَهُ عَلَى هُبَلَ فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ، فَقَامَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ يَدْعُو وَيَشْكُرُ اللَّهَ عز وجل وَيَقُولُ:

الْحَمْدُ للَّه الَّذِي أَعْطَانِي

هَذَا الْغُلَامَ الطَّيِّبَ الْأَرْدَانِ

قَدْ سَادَ في المهد على الغلمان

أعيذه بالبيت ذِي الْأَرْكَانِ

حَتَّى يَكُونَ بِلُغَةِ الْفِتْيَانِ

حَتَّى أَرَاهُ بَالِغَ الْبُنْيَانِ

ص: 264

أعيذه من كل ذي شنئان

مِنْ حَاسِدٍ مُضْطَرِبِ الْعِنَانِ

ذِي هِمَّةٍ لَيْسَ لَهُ عَيْنَانِ

حَتَّى أَرَاهُ رَافِعَ اللِّسَانِ

[1]

أَنْتَ الّذي سميت في القرآن

في كتب ثابتة المثاني

احمد مكتوب عَلَى اللِّسَانِ

وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ أَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ احمد بن حاتم الدرابودى [2]- بِمَرْوٍ- حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبُوشَنْجِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو أَيُّوبَ سُلَيْمَانُ بْنُ سَلَمَةَ الْخَبَائِرِيُّ حَدَّثَنَا يونس بن عطاء بن عثمان ابن رَبِيعَةَ بْنِ زِيَادِ بْنِ الْحَارِثِ الصُّدَائِيُّ- بِمِصْرَ- حَدَّثَنَا الْحَكَمِ بْنِ أَبَانٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أَبِيهِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رضي الله عنه. قَالَ: وُلِدَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَخْتُونًا مَسْرُورًا، قَالَ فَأَعْجَبَ جَدَّهُ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ وَحَظِيَ عِنْدَهُ. وَقَالَ: لَيَكُونَنَّ لِابْنِي هَذَا شَأْنٌ فَكَانَ لَهُ شَأْنٌ. وَهَذَا الْحَدِيثُ فِي صِحَّتِهِ نَظَرٌ وَقَدْ رَوَاهُ الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمِصِّيصِيِّ عَنْ هُشَيْمٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَنَسٍ. قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مِنْ كَرَامَتِي عَلَى اللَّهِ أَنِّي وُلِدْتُ مَخْتُونًا ولم ير سوأتي أَحَدٌ ثُمَّ أَوْرَدَهُ مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ بْنِ عَرَفَةَ عَنْ هُشَيْمٍ بِهِ. ثُمَّ أَوْرَدَهُ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ- هُوَ الْبَاغَنْدِيُّ- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَيُّوبَ الْحِمْصِيُّ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَبِي مُوسَى الْمَقْدِسِيُّ حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ. قَالَ: وُلِدَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَسْرُورًا مَخْتُونًا. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْغِطْرِيفِيُّ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَالِكِيُّ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ سَلَمَةَ الْخَبَائِرِيُّ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَطَاءٍ حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ أَبَانٍ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أَبِيهِ الْعَبَّاسِ. قَالَ: وُلِدَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَخْتُونًا مَسْرُورًا، فَأَعْجَبَ ذَلِكَ جَدَّهُ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ وَحَظِيَ عِنْدَهُ، وَقَالَ لَيَكُونَنَّ لِابْنِي هَذَا شَأْنٌ، فَكَانَ لَهُ شَأْنٌ. وَقَدِ ادَّعَى بَعْضُهُمْ صِحَّتَهُ لِمَا وَرَدَ لَهُ مِنَ الطُّرُقِ حَتَّى زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ مُتَوَاتِرٌ وَفِي هَذَا كُلِّهِ نَظَرٌ، وَمَعْنًى مَخْتُونًا أَيْ مَقْطُوعَ الْخِتَانِ، وَمَسْرُورًا أَيْ مَقْطُوعَ السُّرَّةِ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ. وَقَدْ رَوَى الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُيَيْنَةَ الْبَصَرِيِّ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَدَائِنِيُّ السُّلَمِيُّ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ محارب بن مسلم بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ أَنَّ جِبْرِيلَ خَتَنَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حِينَ طَهَّرَ قَلْبَهُ وَهَذَا غَرِيبٌ جِدًّا. وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ جَدَّهُ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ خَتَنَهُ وَعَمِلَ لَهُ دَعْوَةً جَمَعَ قُرَيْشًا عَلَيْهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ أَنْبَأَنِي مُحَمَّدُ بْنُ كَامِلٍ الْقَاضِي- شِفَاهًا- أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَهُ- يَعْنِي السُّلَمِيَّ- حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ أَبِي الْحَكَمِ التَّنُوخِيِّ.

قَالَ: كَانَ الْمَوْلُودُ إِذَا وُلِدَ فِي قُرَيْشٍ دَفَعُوهُ إِلَى نِسْوَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ إِلَى الصبح يكفأن عليه برمة، فلما ولد

[1] كذا في الأصلين. وفي السهيليّ: رافع السان: ولعلها: حتى أرى منه رفيع الشان.

[2]

كذا في المصرية. وفي الحلبية: الدرايردى وفي المعجم دراورد، ودريرات.

ص: 265