الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حَجَرٌ آخَرُ كَذَلِكَ ثُمَّ آخَرُ كَذَلِكَ فَأَخَذَ الثَّلَاثَةَ فِي مِخْلَاتِهِ فَلَمَّا تَوَاجَهَ الصَّفَّانِ بَرَزَ جَالُوتُ وَدَعَا إِلَى نَفْسِهِ فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ دَاوُدُ فَقَالَ لَهُ ارْجِعْ فَإِنِّي أَكْرَهُ قَتْلَكَ فَقَالَ لَكِنِّي أُحِبُّ قَتْلَكَ وَأَخَذَ تِلْكَ الْأَحْجَارَ الثَّلَاثَةَ فَوَضَعَهَا فِي الْقَذَّافَةِ ثُمَّ أَدَارَهَا فَصَارَتِ الثَّلَاثَةُ حَجَرًا وَاحِدًا. ثُمَّ رَمَى بِهَا جَالُوتَ فَفَلَقَ رَأَسَهُ وَفَرَّ جَيْشُهُ مُنْهَزِمًا فَوَفَّى لَهُ طَالُوتُ بِمَا وَعَدَهُ فَزَوَّجَهُ ابْنَتَهُ وَأَجْرَى حُكْمَهُ فِي مُلْكِهِ وَعَظُمَ دَاوُدُ عليه السلام عِنْدَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَحَبُّوهُ وَمَالُوا إِلَيْهِ أَكْثَرَ مِنْ طَالُوتَ فَذَكَرُوا أَنَّ طَالُوتَ حَسَدَهُ وَأَرَادَ قَتْلَهُ وَاحْتَالَ عَلَى ذَلِكَ فَلَمْ يَصِلْ إِلَيْهِ وَجَعَلَ الْعُلَمَاءُ يَنْهَوْنَ طَالُوتَ عَنْ قَتْلِ دَاوُدَ فَتَسَلَّطَ عَلَيْهِمْ فَقَتَلَهُمْ حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ إِلَّا الْقَلِيلُ. ثُمَّ حَصَلَ لَهُ تَوْبَةٌ وَنَدَمٌ وَإِقْلَاعٌ عَمَّا سَلَفَ مِنْهُ وَجَعَلَ يُكْثِرُ مِنَ الْبُكَاءِ وَيَخْرُجُ إِلَى الْجَبَّانَةِ فَيَبْكِي حَتَّى يَبُلَّ الثَّرَى بِدُمُوعِهِ فَنُودِيَ ذَاتَ يَوْمٍ مِنَ الْجَبَّانَةِ أَنْ يَا طَالُوتُ قَتَلْتَنَا وَنَحْنُ أَحْيَاءٌ وَآذَيْتَنَا وَنَحْنُ أَمْوَاتٌ فَازْدَادَ لِذَلِكَ بُكَاؤُهُ وَخَوْفُهُ وَاشْتَدَّ وَجَلُهُ ثُمَّ جَعَلَ يَسْأَلُ عَنْ عَالِمٍ يَسْأَلُهُ عَنْ أَمْرِهِ وَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ فَقِيلَ لَهُ وَهَلْ أَبْقَيْتَ عَالِمًا؟ حَتَّى دُلَّ عَلَى امْرَأَةٍ مِنَ الْعَابِدَاتِ فَأَخَذَتْهُ فَذَهَبَتْ بِهِ إِلَى قَبْرِ يُوشَعَ عليه السلام قَالُوا فَدَعَتِ اللَّهَ فَقَامَ يُوشَعُ مِنْ قَبْرِهِ فَقَالَ أَقَامَتِ الْقِيَامَةُ فَقَالَتْ لَا وَلَكِنَّ هَذَا طَالُوتُ يَسْأَلُكَ هَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ فَقَالَ نَعَمْ يَنْخَلِعُ مِنَ الْمُلْكِ وَيَذْهَبُ فَيُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى يُقْتَلَ. ثُمَّ عَادَ مَيِّتًا فَتَرَكَ الْمُلْكَ لِدَاوُدَ عليه السلام وَذَهَبَ وَمَعَهُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ مِنْ أَوْلَادِهِ فَقَاتَلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى قُتِلُوا قَالُوا فَذَلِكَ قوله وَآتاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشاءُ 2: 251 هَكَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ جَرِيرٍ فِي تَارِيخِهِ مِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ بِإِسْنَادِهِ. وَفِي بَعْضِ هَذَا نَظَرٌ وَنَكَارَةٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ النَّبِيُّ الَّذِي بُعِثَ فَأَخْبَرَ طَالُوتَ بِتَوْبَتِهِ هُوَ الْيَسَعُ بْنُ أَخْطُوبَ حَكَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ أَيْضًا. وذكر الثعلبي انها أتت به الى قبرا شمويل فَعَاتَبَهُ عَلَى مَا صَنَعَ بَعْدَهُ مِنَ الْأُمُورِ وَهَذَا أَنْسَبُ. وَلَعَلَّهُ إِنَّمَا رَآهُ فِي النَّوْمِ لَا أَنَّهُ قَامَ مِنَ الْقَبْرِ حَيًّا فَإِنَّ هَذَا إِنَّمَا يَكُونُ مُعْجِزَةً لِنَبِيٍّ وَتِلْكَ الْمَرْأَةُ لم تكن نبية والله أعلم وَزَعَمَ أَهْلُ التَّوْرَاةِ أَنَّ مُدَّةَ مُلْكِ طَالُوتَ الى أن قتل مع أولاده أربعون سَنَةً فاللَّه أَعْلَمُ
قِصَّةُ دَاوُدَ عليه السلام وَمَا كَانَ فِي أَيَّامِهِ وَذِكْرُ فَضَائِلِهِ وَشَمَائِلِهِ وَدَلَائِلُ نُبُوَّتِهِ وَأَعْلَامِهِ
هُوَ دَاوُدُ بْنُ إِيشَا [1] بن عويد بن عابر بْنِ سَلَمُونَ بْنِ نَحْشُوَنَ بْنِ عَوِينَاذَبَ بْنِ ارم بن حصرون بن فارص ابن يَهُوذَا بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ عَبْدُ اللَّهِ وَنَبِيُّهُ وَخَلِيفَتُهُ فِي أَرْضِ بيت المقدس قال
[1] هكذا بالنسخ والّذي في ابن جرير داود بن ايشى بن عوبد بن باعز بن سلمون بن نحشون ابن عمى نادب بن رام إلخ وفي العرائس خلافهما فراجعه (محمود الامام)
مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ كَانَ دَاوُدُ عليه السلام قَصِيرًا أَزْرَقَ الْعَيْنَيْنِ قَلِيلَ الشَّعْرِ طَاهِرَ القلب ونقيه. تُقُدِّمَ أَنَّهُ لَمَّا قَتَلَ جَالُوتَ وَكَانَ قَتْلُهُ لَهُ فِيمَا ذَكَرَ ابْنُ عَسَاكِرَ عِنْدَ قَصْرِ أُمِّ حَكِيمٍ بِقُرْبِ مَرْجِ الصُّفَّرِ فَأَحَبَّتْهُ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَمَالُوا إِلَيْهِ وَإِلَى مُلْكِهِ عَلَيْهِمْ فَكَانَ مِنْ أَمْرِ طَالُوتَ مَا كَانَ وَصَارَ الْمُلْكُ إِلَى دَاوُدَ عليه السلام وَجَمَعَ اللَّهُ لَهُ بين الملك والنبوة بين خير الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَكَانَ الْمُلْكُ يَكُونُ فِي سِبْطٍ والنبوة في آخَرَ فَاجْتَمَعَ فِي دَاوُدَ هَذَا وَهَذَا كَمَا قَالَ تَعَالَى وَقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ وَآتاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشاءُ. وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعالَمِينَ 2: 251 أَيْ لَوْلَا إِقَامَةُ الْمُلُوكِ حُكَّامًا عَلَى النَّاسِ لَأَكَلَ قَوِيُّ النَّاسِ ضَعِيفَهُمْ. وَلِهَذَا جَاءَ فِي بَعْضِ الْآثَارِ (السُّلْطَانُ ظِلُّ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ) . وَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ (إِنَّ اللَّهَ لَيَزَعُ بِالسُّلْطَانِ مَا لَا يَزَعُ بِالْقُرْآنِ) . وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ جَرِيرٍ فِي تَارِيخِهِ أَنَّ جَالُوتَ لَمَّا بَارَزَ طَالُوتَ فَقَالَ لَهُ اخْرُجْ الى واخرج إِلَيْكَ فَنَدَبَ طَالُوتُ النَّاسَ فَانْتَدَبَ دَاوُدُ فَقَتَلَ جَالُوتَ. قَالَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ فَمَالَ النَّاسُ إِلَى دَاوُدَ حَتَّى لَمْ يَكُنْ لِطَالُوتَ ذِكْرٌ وَخَلَعُوا طَالُوتَ وَوَلَّوْا عَلَيْهِمْ دَاوُدَ وَقِيلَ إِنَّ ذَلِكَ عَنْ أَمْرِ شَمْوِيلَ حَتَّى قَالَ بَعْضُهُمْ إنه ولاه قبل الواقعة. قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ وَالَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّهُ انما ولى ذلك بَعْدَ قَتْلِ جَالُوتَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَرَوَى ابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّ قَتْلَهُ جَالُوتَ كَانَ عِنْدَ قَصْرِ أَمِّ حَكِيمٍ وَأَنَّ النَّهْرَ الَّذِي هُنَاكَ هُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْآيَةِ فاللَّه أَعْلَمُ وَقَالَ تَعَالَى وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صالِحاً إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ 34: 10- 11 وَقَالَ تَعَالَى وَسَخَّرْنا مَعَ داوُدَ الْجِبالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فاعِلِينَ. وَعَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شاكِرُونَ 21: 79- 80. أعانه الله على عمل المروع من الحديد ليحصن المقاتلة من الأعداء وأرشده الى صنعتها وكيفيتها فقال (وَقَدِّرْ في السَّرْدِ) 34: 11 أي لا تدق المسمار فيغلق وَلَا تُغَلِّظْهُ فَيَفْصِمَ قَالَهُ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ وَالْحَكَمُ وعكرمة.
قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَقَتَادَةُ وَالْأَعْمَشُ كَانَ اللَّهُ قَدْ أَلَانَ لَهُ الْحَدِيدَ حَتَّى كَانَ يَفْتِلُهُ بِيَدِهِ لَا يَحْتَاجُ إِلَى نَارٍ وَلَا مِطْرَقَةٍ. قَالَ قَتَادَةُ فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ عَمِلَ الدُّرُوعَ مِنْ زَرَدٍ وَإِنَّمَا كَانَتْ قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ صَفَائِحَ قَالَ ابْنُ شَوْذَبٍ كَانَ يَعْمَلُ كُلَّ يَوْمٍ دِرْعًا يَبِيعُهَا بِسِتَّةِ آلَافِ دِرْهَمٍ وَقَدْ ثبت في الحديث أَنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلَ الرَّجُلُ مِنْ كَسْبِهِ وَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَاوُدَ كَانَ يَأْكُلُ مِنْ كَسْبِ يَدِهِ وَقَالَ تَعَالَى وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ. إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْراقِ وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ وَشَدَدْنا مُلْكَهُ وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطابِ 38: 17- 20 قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ الْأَيْدُ الْقُوَّةُ فِي الطَّاعَةِ يَعْنِي ذَا قُوَّةٍ فِي الْعِبَادَةِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ قَالَ قَتَادَةُ أُعْطِيَ قُوَّةً فِي الْعِبَادَةِ وَفِقْهًا فِي الْإِسْلَامِ قَالَ وَقَدْ ذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ وَيَصُومُ نِصْفَ الدَّهْرِ. وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ (أَحَبُّ الصَّلَاةِ الى الله صلاة داود
وَأَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ) كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ وَيَنَامُ سُدُسَهُ وَكَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا وَلَا يَفِرُّ إِذَا لَاقَى. وَقَوْلُهُ (إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْراقِ وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ) 38: 18- 19 كَمَا قَالَ (يَا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ) 34: 10 أَيْ سَبِّحِي مَعَهُ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ وَغَيْرُ وَاحِدٍ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ) إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْراقِ) 38: 18 أَيْ عِنْدَ آخَرِ النَّهَارِ وَأَوَّلِهِ وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ اللَّهُ تَعَالَى قَدْ وَهَبَهُ مِنَ الصَّوْتِ الْعَظِيمِ مَا لَمْ يُعْطِهِ أَحَدًا بِحَيْثُ إِنَّهُ كَانَ إِذَا تَرَنَّمَ بِقِرَاءَةِ كِتَابِهِ يَقِفُ الطَّيْرُ فِي الْهَوَاءِ يُرَجِّعُ بِتَرْجِيعِهِ وَيُسَبَّحُ بِتَسْبِيحِهِ وَكَذَلِكَ الْجِبَالُ تُجِيبُهُ وَتُسَبِّحُ مَعَهُ كُلَّمَا سَبَّحَ بُكْرَةً وَعَشِيًّا صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ قَالَ أُعْطِيَ دَاوُدُ مِنْ حُسْنِ الصَّوْتِ مَا لَمْ يُعْطَ أَحَدٌ قَطُّ حَتَّى إِنْ كَانَ الطَّيْرُ وَالْوَحْشُ ينعكف حَوْلَهُ حَتَّى يَمُوتَ عَطَشًا وَجُوعًا وَحَتَّى إِنَّ الْأَنْهَارَ لَتَقِفُ. وَقَالَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ كَانَ لَا يَسْمَعُهُ أَحَدٌ إِلَّا حَجَلَ كَهَيْئَةِ الرَّقْصِ وَكَانَ يَقْرَأُ الزَّبُورَ بِصَوْتٍ لَمْ تَسْمَعِ الْآذَانُ بِمِثْلِهِ فَيَعْكُفُ الْجِنُّ وَالْإِنْسُ وَالطَّيْرُ وَالدَّوَابُّ عَلَى صَوْتِهِ حَتَّى يَهْلَكَ بَعْضُهَا جُوعًا وَقَالَ أَبُو عوانة الأسفراييني حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الدُّنْيَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ الطُّوسِيُّ سمعت صبيحا أنبأنا برادح [1] قال ابو عوانة وحدثني أبو العباس المدني حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ الْعَدَوِيُّ حَدَّثَنَا سَيَّارٌ هُوَ ابْنُ حَاتِمٍ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ مَالِكٍ قَالَ كَانَ دَاوُدُ عليه السلام إِذَا أَخَذَ فِي قِرَاءَةِ الزَّبُورِ تَفَتَّقَتِ الْعَذَارَى وَهَذَا غَرِيبٌ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ سَأَلْتُ عَطَاءً عَنِ الْقِرَاءَةِ عَلَى الْغِنَاءِ فَقَالَ وَمَا بأس بذلك سمعت عبيد بن عمر يقول كان داود عليه السلام يأخذ العزفة فَيَضْرِبُ بِهَا فَيَقْرَأُ عَلَيْهَا فَتَرُدُّ عَلَيْهِ صَوْتَهُ يريد بذلك أن يبكى وتبكى. وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَوْتَ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَهُوَ يَقْرَأُ فَقَالَ لَقَدْ أُوتِيَ أَبُو مُوسَى مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ وَهَذَا عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَلَمْ يُخْرِجَاهُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَقَالَ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا حَسَنٌ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال لَقَدْ أُعْطِيَ أَبُو مُوسَى مِنْ مَزَامِيرِ دَاوُدَ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ أَبِي عثمان الترمذي أَنَّهُ قَالَ لَقَدْ سَمِعْتُ الْبَرْبَطَ وَالْمِزْمَارَ فَمَا سَمِعْتُ صَوْتًا أَحْسَنَ مِنْ صَوْتِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ. وَقَدْ كَانَ مَعَ هَذَا الصَّوْتِ الرَّخِيمِ سَرِيعَ الْقِرَاءَةِ لِكِتَابِهِ الزَّبُورِ كَمَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خُفِّفَ عَلَى دَاوُدَ الْقِرَاءَةُ فَكَانَ يَأْمُرُ بِدَابَّتِهِ فَتُسْرَجُ فَكَانَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُسْرَجَ دَابَّتُهُ وَكَانَ لَا يَأْكُلُ إِلَّا مِنْ عَمَلِ يَدَيْهِ وكذلك رواه البخاري
[1] قوله انبئنا برادح. كذا بالنسخة الحلبية وبإحدى النسختين المصريتين (ابا تراب رح) وفي الثانية (أبا تراب ح) فليحرر انتهى محمود الامام
مُنْفَرِدًا بِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بِهِ وَلَفْظُهُ خُفِّفَ عَلَى داود القرآن فكان يأمر بدوا به فَتُسْرَجُ فَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ قَبْلَ أَنْ تُسْرَجَ دَوَابُّهُ وَلَا يَأْكُلُ إِلَّا مِنْ عَمَلِ يَدَيْهِ. ثُمَّ قال البخاري ورواه موسى ابن عُقْبَةَ عَنْ صَفْوَانَ هُوَ ابْنُ سُلَيْمٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ أَسْنَدَهُ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَرْجَمَةِ دَاوُدَ عليه السلام فِي تَارِيخِهِ مِنْ طُرُقٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي عَاصِمٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ السَّبْرِيِّ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ بِهِ. وَالْمُرَادُ بِالْقُرْآنِ هَاهُنَا الزبور الّذي أنزله عليه وأوحاه اليه وذكر رواية أَشْبَهُ أَنْ يَكُونَ مَحْفُوظًا فَإِنَّهُ كَانَ مَلِكًا لَهُ أَتْبَاعٌ فَكَانَ يَقْرَأُ الزَّبُورَ بِمِقْدَارِ مَا تُسْرَجُ الدَّوَابُّ وَهَذَا أَمْرٌ سَرِيعٌ مَعَ التَّدَبُّرِ وَالتَّرَنُّمِ وَالتَّغَنِّي بِهِ عَلَى وَجْهِ التَّخَشُّعِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً 4: 163 وَالزَّبُورُ كِتَابٌ مَشْهُورٌ وَذَكَرْنَا فِي التَّفْسِيرِ الْحَدِيثَ الَّذِي رَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ أُنْزِلَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَفِيهِ مِنَ الْمَوَاعِظِ وَالْحِكَمِ مَا هو معروف لمن نظر فيه وقوله (وَشَدَدْنا مُلْكَهُ وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطابِ) 38: 20 أَيْ أَعْطَيْنَاهُ مُلْكًا عَظِيمًا وَحُكْمًا نَافِذًا. رَوَى ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلَيْنِ تَدَاعَيَا إِلَى دَاوُدَ عليه السلام فِي بَقَرٍ ادَّعَى أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ أَنَّهُ اغْتَصَبَهَا مِنْهُ فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَأَرْجَأَ أَمْرَهُمَا إِلَى اللَّيْلِ فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنْ يَقْتُلَ الْمُدَّعِيَ فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ لَهُ دَاوُدُ إِنِ اللَّهَ قَدْ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ أَقْتُلَكَ فَأَنَا قَاتِلُكَ لَا مَحَالَةَ فَمَا خَبَرُكَ فِيمَا ادَّعَيْتَهُ عَلَى هَذَا قَالَ وَاللَّهِ يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنِّي لَمُحِقٌّ فِيمَا ادَّعَيْتُ عَلَيْهِ وَلَكِنِّي كُنْتُ اغْتَلْتُ أَبَاهُ قَبْلَ هذا فَأَمَرَ بِهِ دَاوُدُ فَقُتِلَ فَعَظُمَ أَمْرُ دَاوُدَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ جِدًّا وَخَضَعُوا لَهُ خُضُوعًا عظيما. قال ابن عباس وهو قوله تعالى وَشَدَدْنا مُلْكَهُ 38: 20 وقوله تعالى وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ 38: 20 أي النبوة وفصل الخطاب قَالَ شُرَيْحٌ وَالشَّعْبِيُّ وَقَتَادَةُ وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السلمي وغيرهم فصل الخطاب الشُّهُودُ وَالْأَيْمَانُ يَعْنُونَ بِذَلِكَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينَ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَالسُّدِّيُّ هُوَ إِصَابَةُ الْقَضَاءِ وَفَهْمُهُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ هُوَ الْفَصْلُ فِي الْكَلَامِ وَفِي الْحُكْمِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَهَذَا لَا يُنَافِي مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي مُوسَى أَنَّهُ قَوْلُ (أَمَّا بَعْدُ) . وَقَالَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ لَمَّا كَثُرَ الشَّرُّ وَشَهَادَاتُ الزُّورِ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ أُعْطِيَ دَاوُدُ سِلْسِلَةٌ لِفَصْلِ الْقَضَاءِ فَكَانَتْ مَمْدُودَةً مِنَ السَّمَاءِ إِلَى صَخْرَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَكَانَتْ مِنْ ذَهَبٍ فَإِذَا تَشَاجَرَ الرَّجُلَانِ فِي حَقٍّ فَأَيُّهُمَا كَانَ مُحِقًّا نَالَهَا وَالْآخَرُ لَا يَصِلُ إِلَيْهَا فَلَمْ تَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى أَوْدَعَ رَجُلٌ رَجُلًا لُؤْلُؤَةً فَجَحَدَهَا مِنْهُ وَاتَّخَذَ عُكَّازًا وَأَوْدَعَهَا فِيهِ فَلَمَّا حَضَرَا عند الصخرة تَنَاوَلَهَا الْمُدَّعِي فَلَمَّا قِيلَ لِلْآخَرِ خُذْهَا بِيَدِكَ عَمَدَ إِلَى الْعُكَّازِ فَأَعْطَاهُ الْمُدَّعِي وَفِيهِ تِلْكَ اللُّؤْلُؤَةُ وَقَالَ اللَّهمّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي دَفَعْتُهَا إِلَيْهِ ثُمَّ تَنَاوَلَ السِّلْسِلَةَ فَنَالَهَا فَأَشْكَلَ أَمْرُهَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ. ثُمَّ رُفِعَتْ سَرِيعًا مِنْ بَيْنِهِمْ. ذَكَرَهُ بِمَعْنَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ. وَقَدْ رَوَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ بِشْرٍ عَنْ إِدْرِيسَ ابن سنان عن وهب به بمعناه (وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ إِذْ دَخَلُوا عَلى داوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ
قالُوا لَا تَخَفْ خَصْمانِ بَغى بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ وَاهْدِنا إِلى سَواءِ الصِّراطِ إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ فَقالَ أَكْفِلْنِيها وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إِلى نِعاجِهِ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ راكِعاً وَأَنابَ. فَغَفَرْنا لَهُ ذلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ) 38: 21- 25.
وَقَدْ ذَكَرَ كَثِيرٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ هَاهُنَا قِصَصًا وَأَخْبَارًا أَكْثَرُهَا إِسْرَائِيلِيَّاتٌ وَمِنْهَا مَا هُوَ مَكْذُوبٌ لَا مَحَالَةَ تَرَكْنَا إِيرَادَهَا فِي كِتَابِنَا قَصْدًا اكْتِفَاءً وَاقْتِصَارًا عَلَى مُجَرَّدِ تِلَاوَةِ الْقِصَّةِ مِنَ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْأَئِمَّةُ فِي سَجْدَةِ ص هَلْ هِيَ مِنْ عَزَائِمِ السُّجُودِ أَوْ إِنَّمَا هِيَ سَجْدَةُ شُكْرٍ لَيْسَتْ مِنْ عَزَائِمِ السُّجُودِ عَلَى قَوْلَيْنِ قَالَ الْبُخَارِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ عَنِ الْعَوَّامِ قَالَ سَأَلْتُ مُجَاهِدًا عَنْ سَجْدَةِ ص فَقَالَ سَأَلْتُ ابن عباس من أين سجدت قال أو ما تقرأ (وَمن ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ) 6: 84 (أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى الله فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ) 6: 90 فَكَانَ دَاوُدُ مِمَّنْ أُمِرَ نَبِيُّكُمْ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِ فَسَجَدَهَا دَاوُدُ عليه السلام فَسَجَدَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ هُوَ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ فِي السُّجُودِ فِي ص لَيْسَتْ مِنْ عَزَائِمِ السُّجُودِ. وَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْجُدُ فِيهَا. وَكَذَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَيُّوبَ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَقَالَ النَّسَائِيُّ أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَسَنِ الْمِقْسَمِيُّ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ ذَرٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَجَدَ فِي ص وَقَالَ سَجَدَهَا دَاوُدُ تَوْبَةً وَنَسْجُدُهَا شُكْرًا تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ ص فَلَمَّا بَلَغَ السَّجْدَةَ نَزَلَ فَسَجَدَ وَسَجَدَ معه الناس فَلَمَّا كَانَ يَوْمٌ آخَرُ قَرَأَهَا فَلَمَّا بَلَغَ السجدة تشرف النَّاسُ لِلسُّجُودِ فَقَالَ إِنَّمَا هِيَ تَوْبَةُ نَبِيٍّ ولكن رأيتكم تشرفتم فَنَزَلَ وَسَجَدَ. تَفَرَّدَ بِهِ أَبُو دَاوُدَ وَإِسْنَادُهُ عَلَى شَرْطِ الصَّحِيحِ. وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ حَدَّثَنَا بَكْرٌ هُوَ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو الصِّدِّيقِ النَّاجِي أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رَأَى رُؤْيَا أَنَّهُ يَكْتُبُ ص فَلَمَّا بَلَغَ إِلَى الَّتِي يَسْجُدُ بِهَا رَأَى الدَّوَاةَ وَالْقَلَمَ وَكُلَّ شَيْءٍ بِحَضْرَتِهِ انْقَلَبَ سَاجِدًا قَالَ فَقَصَّهَا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يَزَلْ يَسْجُدُ بِهَا بَعْدُ تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ خُنَيْسٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ قَالَ قَالَ لِي ابْنُ جُرَيْجٍ حَدَّثَنِي جَدُّكَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي يَزِيدَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي
رَأَيْتُ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ كَأَنِّي أُصَلِّي خَلْفَ شجرة فقرأت السجدة فسجدت الشجرة بسجودى فَسَمِعْتُهَا تَقُولُ وَهِيَ سَاجِدَةٌ (اللَّهمّ اكْتُبْ لِي بِهَا عِنْدَكَ أَجْرًا وَاجْعَلْهَا لِي عِنْدَكَ ذُخْرًا وَضَعْ عَنِّي بِهَا وِزْرًا وَاقْبَلْهَا مِنِّي كَمَا قَبِلْتَ مِنْ عَبْدِكَ دَاوُدَ) وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَامَ فَقَرَأَ السَّجْدَةَ ثُمَّ سَجَدَ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ وَهُوَ سَاجِدٌ كَمَا حَكَى الرَّجُلُ عَنْ كَلَامِ الشَّجَرَةِ. ثُمَّ قَالَ التِّرْمِذِيُّ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.
وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ أَنَّهُ عليه السلام مَكَثَ سَاجِدًا أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَقَالَهُ مُجَاهِدٌ وَالْحَسَنُ وَغَيْرُهُمَا وَوَرَدَ فِي ذَلِكَ حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ لَكِنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ وَهُوَ ضَعِيفٌ مَتْرُوكُ الرِّوَايَةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فَغَفَرْنا لَهُ ذلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ 38: 25. اى ان لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِزُلْفَى وَهِيَ الْقُرْبَةُ الَّتِي يُقَرِّبُهُ اللَّهُ بِهَا وَيُدْنِيهِ مِنْ حَظِيرَةِ قُدُسِهِ بسببها كما ثبت في حديث (الْمُقْسِطُونَ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ الَّذِينَ يُقْسِطُونَ فِي أَهْلِيهِمْ وَحُكْمِهِمْ وَمَا وَلُوا) . وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ حَدَّثَنَا فُضَيْلٌ عَنْ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِنْ أَحَبَّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَقْرَبَهُمْ مِنْهُ مَجْلِسًا إِمَامٌ عَادِلٌ وَإِنَّ أَبْغَضَ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَشَدَّهُمْ عَذَابًا إِمَامٌ جَائِرٌ وَهَكَذَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ فُضَيْلِ بْنِ مَرْزُوقٍ الْأَغَرِّ بِهِ وَقَالَ لَا نَعْرِفُهُ مَرْفُوعًا إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زِيَادٍ حَدَّثَنَا سَيَّارٌ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ دِينَارٍ فِي قَوْلِهِ (وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ) 38: 25 قال يقوم دَاوُدُ عليه السلام يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ سَاقِ الْعَرْشِ فَيَقُولُ اللَّهُ يَا دَاوُدُ مَجِّدْنِي الْيَوْمَ بِذَلِكَ الصَّوْتِ الْحَسَنِ الرَّخِيمِ الَّذِي كُنْتَ تُمَجِّدُنِي فِي الدُّنْيَا فَيَقُولُ وَكَيْفَ وَقَدْ سُلِبْتُهُ فَيَقُولُ إِنِّي أَرُدُّهُ عَلَيْكَ الْيَوْمَ قَالَ فَيَرْفَعُ دَاوُدُ بصوت يستفرغ نعيم أهل الجنان (يَا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ) 38: 26 هَذَا خِطَابٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى مَعَ دَاوُدَ وَالْمُرَادُ وُلَاةُ الْأُمُورِ وَحُكَّامُ النَّاسِ وَأَمْرُهُمْ بِالْعَدْلِ والتباع الْحَقِّ الْمُنَزَّلِ مِنَ اللَّهِ لَا مَا سِوَاهُ مِنَ الْآرَاءِ وَالْأَهْوَاءِ وَتَوَعُّدُ مَنْ سَلَكَ غَيْرَ ذَلِكَ وَحَكَمَ بِغَيْرِ ذَلِكَ وَقَدْ كَانَ دَاوُدُ عليه السلام هُوَ الْمُقْتَدَى بِهِ فِي ذَلِكَ الوقت فِي الْعَدْلِ وَكَثْرَةِ الْعِبَادَةِ وَأَنْوَاعِ الْقُرُبَاتِ حَتَّى إنه كان لا يمضى سَاعَةٌ مِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ وَأَطْرَافِ النَّهَارِ إِلَّا وَأَهْلُ بَيْتِهِ فِي عِبَادَةٍ لَيْلًا وَنَهَارًا كَمَا قَالَ تَعَالَى اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ 34: 13 قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الدُّنْيَا حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ بسام حدثنا صالح المزي عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ عَنْ أَبِي الْجَلْدِ قَالَ قَرَأْتُ فِي مَسْأَلَةِ دَاوُدَ عليه السلام أَنَّهُ قَالَ يَا رَبِّ كَيْفَ لِي أَنْ أَشْكُرَكَ وَأَنَا لَا أَصِلُ إِلَى شُكْرِكَ إِلَّا بِنِعْمَتِكَ قَالَ فَأَتَاهُ الْوَحْيُ «أَنْ يَا دَاوُدُ ألست تَعَلَمُ أَنَّ الَّذِي بِكَ مِنَ النِّعَمِ مِنِّي قَالَ بَلَى يَا رَبِّ قَالَ فَإِنِّي أَرْضَى بِذَلِكَ مِنْكَ» وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ بَالَوَيْهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ الْقُرَشِيُّ حَدَّثَنَا رَوْحُ بن عبادة حدثني عبد الله ابن لَاحِقٍ عَنِ ابْنِ
شِهَابٍ قَالَ قَالَ دَاوُدُ «الْحَمْدُ للَّه كَمَا يَنْبَغِي لِكَرَمِ وَجْهِهِ وَعِزِّ جَلَالِهِ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ إِنَّكَ أَتْعَبْتَ الْحَفَظَةَ يَا دَاوُدَ» وَرَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الدُّنْيَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْجَعْدِ عَنِ الثَّوْرِيِّ مِثْلَهُ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ فِي كِتَابِ الزُّهْدِ أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ رَجُلٍ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ إِنَّ فِي حِكْمَةِ آلِ دَاوُدَ حَقٌّ عَلَى الْعَاقِلِ أَنْ لَا يَغْفُلَ عَنْ أَرْبَعِ سَاعَاتٍ سَاعَةٌ يُنَاجِي فِيهَا رَبَّهُ وَسَاعَةٌ يُحَاسِبُ فِيهَا نَفْسَهُ وَسَاعَةٌ يُفْضِي فِيهَا إِلَى إِخْوَانِهِ الَّذِينَ يُخْبِرُونَهُ بِعُيُوبِهِ وَيَصْدُقُونَهُ عَنْ نَفْسِهِ وَسَاعَةٌ يُخَلِّي بَيْنَ نَفْسِهِ وَبَيْنَ لَذَّاتِهَا فِيمَا يَحِلُّ وَيَجْمُلُ فَإِنَّ هَذِهِ السَّاعَةَ عَوْنٌ عَلَى هَذِهِ السَّاعَاتِ وَإِجْمَامٌ لِلْقُلُوبِ وَحَقٌّ عَلَى الْعَاقِلِ أَنْ يَعْرِفَ زَمَانَهُ وَيَحْفَظَ لِسَانَهُ وَيُقْبِلَ عَلَى شَأْنِهِ وَحَقٌّ عَلَى الْعَاقِلِ أَنْ لَا يَظْعَنَ إِلَّا فِي إِحْدَى ثَلَاثٍ زَادٌ لِمَعَادِهِ وَمَرَمَّةٌ لِمَعَاشِهِ وَلَذَّةٌ فِي غير محرم وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الدُّنْيَا عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي خَيْثَمَةَ عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي الْأَغَرِّ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ فَذَكَرَهُ. وَرَوَاهُ أَيْضًا عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْجَعْدِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْهَيْثَمِ الرَّقَاشِيِّ عَنْ أَبِي الْأَغَرِّ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ فَذَكَرَهُ وَأَبُو الْأَغَرِّ هَذَا هُوَ الَّذِي أَبْهَمَهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ فِي رِوَايَتِهِ. قَالَهُ ابْنُ عَسَاكِرَ وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا بِشْرُ بْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا شَيْخٌ مِنْ أَهْلِ صَنْعَاءَ يُقَالُ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُ وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ فَذَكَرَ مِثْلَهُ. وَقَدْ رَوَى الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَرْجَمَةِ دَاوُدَ عليه السلام أَشْيَاءَ كَثِيرَةً مَلِيحَةً مِنْهَا قَوْلُهُ كُنْ لِلْيَتِيمِ كَالْأَبِ الرَّحِيمِ وَاعْلَمْ أَنَّكَ كَمَا تَزْرَعُ كَذَلِكَ تَحْصُدُ. وَرَوَى بِسَنَدٍ غَرِيبٍ مَرْفُوعًا قَالَ دَاوُدُ يَا زَارِعَ السَّيِّئَاتِ أَنْتَ تَحْصُدُ شَوْكَهَا وَحَسَكَهَا وَعَنْ دَاوُدَ عليه السلام أَنَّهُ قَالَ مَثَلُ الْخَطِيبِ الْأَحْمَقِ فِي نَادِي الْقَوْمِ كَمَثَلِ الْمُغَنِّي عِنْدَ رَأْسِ الْمَيِّتِ وَقَالَ أَيْضًا مَا أَقْبَحَ الْفَقْرَ بَعْدَ الْغِنَى وَأَقْبَحُ مِنْ ذَلِكَ الضَّلَالَةُ بَعْدَ الْهُدَى وَقَالَ انْظُرْ مَا تَكْرَهُ أَنْ يُذْكَرَ عَنْكَ فِي نَادِي الْقَوْمِ فَلَا تَفْعَلْهُ إِذَا خَلَوْتَ. وَقَالَ لَا تَعِدَنَّ أَخَاكَ بِمَا لَا تُنْجِزُهُ لَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ عَدَاوَةُ مَا بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْوَاقِدِيُّ حَدَّثَنِي هِشَامُ بن سعد عن عمر مولى عفرة قَالَ قَالَتْ يَهُودُ لَمَّا رَأَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ انْظُرُوا إِلَى هَذَا الَّذِي لَا يَشْبَعُ مِنَ الطَّعَامِ وَلَا وَاللَّهِ مَا لَهُ هِمَّةٌ إِلَّا إِلَى النِّسَاءِ حَسَدُوهُ لِكَثْرَةِ نِسَائِهِ وَعَابُوهُ بِذَلِكَ فَقَالُوا لَوْ كَانَ نَبِيًّا مَا رَغِبَ فِي النِّسَاءِ وَكَانَ أَشَدَّهُمْ فِي ذَلِكَ حُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ فَأَكْذَبَهُمُ اللَّهُ وَأَخْبَرَهُمْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَسِعَتِهِ عَلَى نَبِيِّهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَامُهُ فَقَالَ (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى مَا آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ) 4: 54 يَعْنِي بِالنَّاسِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً) 4: 54 يعنى ما أتى الله سليمان ابن داود كانت له ألف امرأة سبعمائة مهرية وَثَلَاثُمِائَةٍ سُرِّيَّةٌ وَكَانَتْ لِدَاوُدَ عليه السلام مِائَةُ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ امْرَأَةُ أُورْيَا أَمُّ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ الَّتِي تَزَوَّجَهَا بَعْدَ الْفِتْنَةِ هَذَا أَكْثَرُ مِمَّا لِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم. وَقَدْ ذَكَرَ الْكَلْبِيُّ نَحْوَ هَذَا وَأَنَّهُ كَانَ لِدَاوُدَ عليه السلام مِائَةُ امْرَأَةٍ وَلِسُلَيْمَانَ أَلْفُ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ ثَلَاثُمِائَةٍ سُرِّيَّةٌ [1] وَرَوَى الْحَافِظُ فِي تَارِيخِهِ فِي تَرْجَمَةِ صَدَقَةَ الدِّمَشْقِيِّ الَّذِي يَرْوِيِ عَنِ ابن عباس من طريق الفرج
[1] من هنا لآخر القصة لم يوجد في النسختين الموجودتين بالمكتبة المصرية