الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حرف الطَّاء الْمُهْملَة
212 -
ططر الْملك الظَّاهِر
كَانَ في الِابْتِدَاء من ممالك الظَّاهِر برقوق ثمَّ ترقى فِي سلطنة المؤبد حَتَّى صَار أحد المقدمين ثمَّ جعله في مرض مَوته متكلماً على ابْنه المظفر احْمَد وسافر بِهِ بعد موت أبيه ثمَّ اسْتَقر أتابكا وَأخذ في تمهيد الْأَمر لنَفسِهِ إلى أَن خلع المظفر وَاسْتقر عوضه في المملكة يَوْم الْجُمُعَة تَاسِع عشر شعْبَان سنة 724 ثمَّ برز فى سَابِع عشر رَمَضَان عائداالى الْقَاهِرَة فوصلها فِي رَابِع شَوَّال ثمَّ مرض وَلزِمَ الْفراش الى مستهل ذي الْقعدَة وانتعش قَلِيلا ثمَّ أَخذ يتزايد مَرضه إلى ثاني ذي الْحجَّة فَجمع الْقُضَاة وَالْعُلَمَاء وعهد إِلَى وَالِده مُحَمَّد ثمَّ مَاتَ في رَابِع ذي الْحجَّة من السنة الْمَذْكُورَة وَله نَحْو خمسين سنة وَدفن من يَوْمه بالقرافة فَكَانَت مدَّته نيفا وَتِسْعين يَوْمًا وَكَانَ يحب الْعلمَاء ويعظمهم مَعَ حسن الْخلق والمكارم الزَّائِدَة وَالعطَاء الواسنع وَقد كَانَ فِي آخر أَيَّام الْمُؤَيد يحْتَاج إِلَى الْقَلِيل فَلَا يجده لِكَثْرَة عطائه حَتَّى انه أَرَادَ مُكَافَأَة شخص قدم لَهُ مَأْكُولا فَلم يجد شَيْئا فَسَأَلَ خواصه هَل عِنْدهم شئ يقرضونه فَكل وَاحِد مِنْهُم يحلف أَنه لَيْسَ عِنْده شئ الا وَاحِدًا مِنْهُم فَلم يكن بَين هَذَا وَبَين استيلائه على المملكة بأسرها وعَلى جَمِيع مَا في الخزائن السُّلْطَانِيَّة الَّتِى جمعهَا الْمُؤَيد سوى أُسْبُوع قَالَ المقريزي كَانَ يمِيل إلى تدين وَفِيه لين واعطاء وكرم مَعَ طيش وخفة وَشدَّة تعصب لمَذْهَب الْحَنَفِيَّة يُرِيد أَن لَا يدع أحداً من الْفُقَهَاء غير الْحَنَفِيَّة وأتلف في مدَّته مَعَ قصرهَا أَمْوَالًا عَظِيمَة وَحمل الدولة كلفاً
كَبِيرَة اتعب بهَا من بعده وَقَالَ ابْن خطيب الناصرية إنه كَانَ مائلاً إلى الْعدْل وَأهل الْعلم يُحِبهُمْ ويكرمهم وَيتَكَلَّم فِي مسَائِل من الْفِقْه على مَذْهَب أَبى حنيفَة
213 -
طقطاي بن منكوتمر بن سابر خَان بن جنكزخان المغلي ملك التتار
كَانَ وَاسع المملكة جداً وعساكره تفوت الْحصْر حَتَّى يُقَال إنه جهّز جَيْشًا فَأخْرج من كل عشرَة وَاحِدًا فبلغوا مأتي ألف كَذَا قَالَ ابْن حجر في الدُّرَر الكامنة وَهَذَا شئ لم يسمع في جَيش ملك من الْمُلُوك وَكَانَت مُدَّة ملكه ثَلَاثًا وَعشْرين سنة وَكَانَت وَفَاته سنة 712 اثنتي عشر وَسَبْعمائة وَلم يسلم بل كَانَ يحب الْمُسلمين خُصُوصا الْفُضَلَاء مِنْهُم وَمن كل الْملَل ويميل إِلَى الْأَطِبَّاء والسحرة وَأسلم وَلَده وَيُقَال إن عرض مَمْلَكَته ثَمَانِيَة أشهر وطولها سنة قَالَ بَعضهم وَفِيه عدل وميل إِلَى أهل الْخَيْر وَكَانَ يحب الأطباء ومملكته وَاسِعَة جداً حَتَّى يُقَال ثماني مائَة فَرسَخ في سِتّمائَة فَرسَخ وَكَانَ لَهُ ولد حسن الشكل فَأسلم وَأحب الْقُرْآن وسماعه
214 -
طهماسب ملك بِلَاد الْعَجم
طارت أخباره إلى الْيمن في وسط الْمِائَة الثَّانِيَة عشر من الْهِجْرَة وَأخْبر عَنهُ الأغراب بِقُوَّة باهرة وسلطنة عَظِيمَة ومحصل مَا بلغ عَنهُ حَسْبَمَا نَقله من إدراك تِلْكَ الأيام من أهل هَذِه الأرض انه كَانَ خَادِمًا فِي بعض مشَاهد الْأَئِمَّة الَّتِى هُنَالك ثمَّ بعد ذَلِك خرج إلى بعض الأمكنة ودعا جمَاعَة من النَّاس إلى اتِّبَاعه فَاتَّبعُوهُ وَمَا زَالَ امْرَهْ يظْهر حَتَّى استولى على ملك تِلْكَ الديار وعَلى سَائِر ممالك الْعَجم وعَلى ممالك الْعرَاق ثمَّ لما تقرر
ملكه لَهَا غزا بجيوش لَا تحصى إلى بِلَاد الْهِنْد وَكَانَ ملكهَا إذ ذَاك يُقَال لَهُ مُحَمَّد شاه فَتَلقاهُ بجيوش عَظِيمَة فَوَقع المصاف بَين الجيشين وتطاول أَيَّامًا وَقتل في بَعْضهَا أَمِير أُمَرَاء ملك الْهِنْد وَكَانَ من يَلِيهِ في الرُّتْبَة من أمراء السُّلْطَان يطْمع فِي أَن يكون مَكَانَهُ فولى السُّلْطَان رجلاً آخر فخامر عَلَيْهِ ذَلِك الأمير وانخزل بطَائفَة من جُنُوده إلى طهماسب فضعف بذلك السَّبَب سُلْطَان الْهِنْد ثمَّ سعى ذَلِك الأمير في الصُّلْح بَين الْملكَيْنِ فتواعدا للاجتماع إلى مَكَان عَيناهُ فَسبق إليه سُلْطَان الْهِنْد ثمَّ وصل طهماسب فَقعدَ وَنظر إلى سُلْطَان الْهِنْد وَهُوَ يشرب التنباك ولحيته محلوقة فأنكر عَلَيْهِ ذَلِك ووبخّه ثمَّ تم الصُّلْح على أَن يدْخل طهماسب بجيوشه إلى مَدِينَة السُّلْطَان وهى مَدِينَة عَظِيمَة تسمى نى خور وَيكون أَهلهَا في أمان وَيعود سُلْطَان الْهِنْد مَعَه مكرماً وَيبقى في مَمْلَكَته فدخلا تِلْكَ الْمَدِينَة وَلما حضرت صَلَاة الْجُمُعَة خَافَ أهل الْهِنْد أَن يُغير طهماسب رسومهم فى الْخطْبَة إِلَى رسوم الْعَجم فَلم يفعل بل تَركهم على حَالهم فَفَرِحُوا بذلك وَكَانَ جَيْشه منتشراً فِي جَمِيع الْمَدِينَة نازلين مَعَ أهلها فَكَانَ أوباش الْهِنْد إِذا ظفروا بِوَاحِد من جيوش طهماسب قَتَلُوهُ غيلَة وأفنوا بِهَذَا السَّبَب جمَاعَة كَثِيرَة فَبلغ السُّلْطَان طهماسب ذَلِك فبحث عَنهُ وتفقد أَصْحَابه ففقد كثيراً مِنْهُم فَأمر جيوشه بقتل أهل الْمَدِينَة فَمَا زَالُوا يقتلُون من وجدوه فِي ثَلَاثَة أَيَّام حَتَّى بلغ الْقَتْلَى من الْهِنْد زِيَادَة على مائَة ألف ثمَّ أَمرهم بعد الْيَوْم الثَّالِث بِرَفْع السَّيْف ونادى بالأمان وصادر أهل الْمَدِينَة واستخرج مَا مَعَهم من الأموال وأخذ من خَزَائِن سلطانهم مَا أحب أَخذه ثمَّ ارتحل وَقد دوخ بِلَاد الْهِنْد وَصَارَ سلطانها الْمَذْكُور نَائِبا لَهُ فِيهَا وَعَاد إِلَى بِلَادهمْ ثمَّ عزم على
الْغَزْو إِلَى مصر وَالشَّام وَالروم وَقد خافته الْمُلُوك وأيقنوا بِأَنَّهُ لَا طَاقَة لَهُم بِهِ فَكفى الله شَره وَدفع عَن الْمُسلمين ضره وسلط عَلَيْهِ جمَاعَة من غلمانه تواطؤا عَلَيْهِ فَقَتَلُوهُ وَهُوَ على فرَاشه وَكَانَت مُدَّة ملكه تسع سِنِين هَذَا حَاصِل مَا علق بحفظي من أَخْبَار من أخبرنَا عَن أَخْبَار من أخْبرهُم فِي تِلْكَ الأيام من الغرباء الواصلين إِلَى هَذِه الديار ثمَّ وصل إِلَى صنعاء السَّيِّد إبراهيم العجمي الْحَكِيم وَكَانَ أَبوهُ من جملَة الأطباء لطهماسب وَذكر لنا من أخباره غرائب وعجائب وَأخْبرنَا أنه كَانَ فِي ابْتِدَاء أمره سايسا من سواس الْجمال وَكَانَ عَظِيم الْخلقَة قوي الْبدن فاتفق أَن ملك الْهِنْد غزا بِلَاد الْعَجم وَكَانَ سلطانها إِذا ذَاك مشتغلاً باللهو والبطالة فَمَا زَالَ سُلْطَان الْهِنْد يفتحها إقليماً بعد إقليم ومدينة بعد مَدِينَة حَتَّى لم يبْق الا الْمَدِينَة الَّتِى فِيهَا سُلْطَان الْعَجم وسلطان الْعَجم مشتغل بِمَا هُوَ فِيهِ من البطالة ثمَّ التجأ سُلْطَان الْعَجم إِلَى بعض الْمشَاهد المعتقد فِيهَا فِي تِلْكَ الْمَدِينَة خوفاً من صَاحب الْهِنْد فَلَمَّا وَقع مِنْهُ ذَلِك قَامَ صَاحب التَّرْجَمَة يَدْعُو النَّاس إِلَى جِهَاد سُلْطَان الْهِنْد وَدفعه عَن مَدِينَة سُلْطَان الْعَجم الَّتِى قد أشرف على أَخذهَا فَتَبِعَهُ جمَاعَة وَخَرجُوا من الْمَدِينَة وَهُوَ أمامهم فهزموا جيوش سُلْطَان الْهِنْد وتبعوهم وأخرجوا من قد كَانَ مِنْهُم في مَدَائِن الْعَجم حَتَّى أخرجوهم من بِلَاد الْعَجم ثمَّ رجعُوا إِلَى الْمَدِينَة فَصَارَ صَاحب التَّرْجَمَة الْمُتَكَلّم فى مملكة الْعَجم ومازال أمره يقوى حَتَّى خلع السُّلْطَان العجمي الْمَذْكُور سَابِقًا وَبعد ذَلِك غزا بِلَاد الْهِنْد مكافئاً لَهُم بِمَا فعلوا فى بِلَاد الْعَجم وَقع مِنْهُ فِي بِلَادهمْ من الْقَتْل والاسر والنهب ملا ياتى عَلَيْهِ الْحصْر وصف لنا أَنه لما كَانَ من الهنود مَا قدمنَا من الْقَتْل لاصحابه غيلَة خرج
الْيَوْم الثاني إِلَى سطح جَامعهَا وَهُوَ مَكَان مُرْتَفع وَحَوله فسحة كَبِيرَة من جَمِيع الْجِهَات وَكَانَ لابساً للحمرة وَذَلِكَ عَلامَة الْقَتْل ثمَّ صعد على سطح الْجَامِع وجيوشه حول الْجَامِع من جَمِيع جهاته ينظرُونَ إِلَيْهِ ويرتقبون مَا يَأْمر بِهِ فاستقر سَاعَة ثمَّ أَخذ سَيْفه وسله من غمده وَوَضعه مسلولاً وَصَاح الْجَيْش صَيْحَة وَاحِدَة وشهروا سِلَاحهمْ وَسعوا نَحْو الْمَدِينَة يقتلُون من وجدوه ثمَّ اسْتمرّ ذَلِك من أول يَوْم الى وَقت الْعَصْر فوصل سُلْطَان الْهِنْد وَكَانَ قد أَمنه وَعلم أَنه لَا ذَنْب لَهُ فِيمَا وَقع من الهنود وَوصل وَعَلِيهِ كفن منشور وَسيف مَشْهُور وَاضع لَهُ على رقبته ثمَّ رمى نَفسه بَين يدي صَاحب التَّرْجَمَة وَقَالَ أَيهَا السُّلْطَان قد كَانَ هلك غَالب أهل الْمَدِينَة وَوصل الْقَتْل إلى الأخيار وَلم يَقع مَا وَقع الامن جمَاعَة يسيرَة من الأشرار فَلَمَّا سمع ذَلِك أَخذ السَّيْف الَّذِي قد كَانَ سَله فِي أول الْيَوْم فأغمده فِي غمده فَذهب جمَاعَة كَثِيرَة من البَاقِينَ حوله يصيحون للجيش الَّذِي صَار يقتل أهل الْهِنْد فَمن سمع الصائح رَجَعَ وَترك الْقَتْل ثمَّ من جملَة مَا ذكره لنا السَّيِّد إبراهيم أَن صَاحب التَّرْجَمَة صَار لَا يصبر بعد ذَلِك عَن سفك الدِّمَاء وَصَارَ يقتل من لَا ذَنْب لَهُ من أَصْحَابه ورعيته فأجمع رأي ابْن أَخِيه وَنَحْو ثلثمِائة نفر من جنده على قَتله وَهُوَ فِي الْغَزْو فَدَخَلُوا عَلَيْهِ وَقد تساقط أَكْثَرهم فِي الْخيام من هيبته ثمَّ قَتَلُوهُ وَله أخيار طَوِيلَة