المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حرف الباء الموحدة - البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع - جـ ١

[الشوكاني]

فهرس الكتاب

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌ذكر من اسْمه أَحْمد

- ‌ أَحْمد بن يُوسُف الرباعي

- ‌حرف الْبَاء الْمُوَحدَة

- ‌حرف التَّاء الْمُثَنَّاة الْفَوْقِيَّة

- ‌حرف الثَّاء الْمُثَلَّثَة

- ‌حرف الْجِيم

- ‌حرف الْحَاء الْمُهْملَة

- ‌حرف الْخَاء الْمُعْجَمَة

- ‌حرف الدَّال الْمُهْملَة

- ‌حرف الذَّال الْمُعْجَمَة

- ‌حرف الرَّاء

- ‌حرف الزاي

- ‌حرف السِّين الْمُهْملَة

- ‌حرف الشين الْمُعْجَمَة

- ‌حرف الصَّاد الْمُهْملَة

- ‌ السَّيِّد صَلَاح بن جلال بن صَلَاح الدَّين بن مُحَمَّد بن الْحسن ابْن المهدي بن الأمير علي بن المحسن بن يحيى بن يحيى

- ‌حرف الضَّاد الْمُعْجَمَة

- ‌حرف الطَّاء الْمُهْملَة

- ‌حرف الظَّاء الْمُعْجَمَة

- ‌حرف الْعين الْمُهْملَة

- ‌ عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد بن عبد الْغفار القاضي عضد الدَّين الإيجي

- ‌ عبد الرازق بن احْمَد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عمر بن أَبى المعالي مُحَمَّد بن مَحْمُود بن أَحْمد بن مُحَمَّد

- ‌ السَّيِّد عبد الْقَادِر بن احْمَد بن عبد الْقَادِر بن النَّاصِر بن عبد الرب بن علي بن شمس الدَّين

- ‌على بن الْحُسَيْن بن الْقَاسِم بن مَنْصُور بن على الموصلى زين الدَّين ين شيخ القوفية

الفصل: ‌حرف الباء الموحدة

في النوم فَقَالَ يَا أَبَا البركات كَيفَ ترْضى بفراقنا فَترك الرحيل وَأقَام بِالْمَدِينَةِ إلى أَن مَاتَ وسمى نَفسه عاشق النبي وَذكر أَن صَاحب تونس بعث اليه يطْلب مِنْهُ الْعود إلى بَلَده ويرغبه فِيهِ فَأجَاب أَنى لَو أَعْطَيْت ملك الْمغرب والمشرق لم أَرغب عَن جوَار رَسُول الله صلى الله عليه وآله وسلم فَذكر أَنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم وأطعمه ثَلَاث لقمات قَالَ وَقَالَ لي كلَاما لَا أقوله لَاحَدَّ غير أَن في آخره وَاعْلَم أنّي عَنْك رَاض فَعمل قصيدة مِنْهَا

(فَرَرْت من الدُّنْيَا إلى سَاكن الْحمى

فرار محب عَائِذ بحبيبه)

(لجأت إلى هَذَا الجناب وانما

لجأت الى سامى الْعباد رحيبه)

قَالَ ابْن فضل الله وَذكر أَبُو البركات أَنه رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فَأَنْشد بَين يَدَيْهِ هَذَا الْبَيْت

(لولاك لم أدر الْهوى

لولاك لم أدر الطَّرِيق)

مَاتَ في سنة 734 أَربع وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة

‌حرف الْبَاء الْمُوَحدَة

(103)

بايزيد خَان بن مُرَاد بن أورخان ابْن عُثْمَان الغازي سُلْطَان الروم وَمَا إليها

ولد سنة 748 ثَمَان وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وَجلسَ على التخت سنة 792 وَفتح كثيراً من بِلَاد النَّصَارَى وقلاعهم وَاسْتولى على من كَانَ بالروم من مُلُوك الطوائف وَخرج عَلَيْهِ تيمورلنك إلى بِلَاده وَكَانَ قد لقِيه بِجَيْش الروم وَفِيهِمْ طَائِفَة من التتار فخدع تيمور من كَانَ مَعَ صَاحب التَّرْجَمَة من التتار فمالوا اليه فقاتل هُوَ وَمن مَعَه قتالاً شَدِيدا وَكَانَ شجاعاً فَمَا زَالَ

ص: 160

يضْرب بِسَيْفِهِ حَتَّى كَاد يصل إلى تيمور فرموا عَلَيْهِ بساطاً وأمسكوه وحبسوه فَمَاتَ كمداً في الْأسر سنة 805 خمس وثمان مائَة

(104)

بايزيد خَان بن مُحَمَّد بن مُرَاد بن مُحَمَّد بن بايزيد

الْمَذْكُور قبله ولد سنة 855 خمس وَخمسين وَثَمَانمِائَة وَجلسَ على التخت بعد وَالِده سنة 886 وعظمت سلطنته وافتتح عدَّة قلاع لِلنَّصَارَى وَخرج عَلَيْهِ أَخُوهُ جم فَانْهَزَمَ من صَاحب التَّرْجَمَة لما وَقع المصاف وفرّ إلى بِلَاد النَّصَارَى فَأرْسل إليه حلاقاً مَعَه سم فَمَا زَالَ يتَقرَّب إلى جم حَتَّى اتَّصل بِهِ وَحلق لَهُ بسكين مَسْمُومَة وهرب فسرى السم وَمَات وَكَانَ السُّلْطَان بايزيد سُلْطَانا مُجَاهدًا مثاغرا مرابطاً محباً لأهل الْعلم محسناً إليهم وَمَات سنة 918 ثَمَان عشرَة وَتِسْعمِائَة وفي أَيَّامه ظهر شاه اسمعيل الآتي ذكره وَكَانَ الْحَرْب بَينه وَبَين السُّلْطَان سليم ابْن صَاحب الترجمة كَمَا سيأتي تَحْقِيقه بعد أَن غلب سليم على السلطنة وَأَخذهَا من وَالِده كَمَا سيأتي إِن شَاءَ الله تَعَالَى

(105)

برسباي الدقماقي الظّاهري البرقوقي الْملك الْأَشْرَف

اشْتَرَاهُ برقوق ثمَّ أعْتقهُ وَاسْتمرّ في خدمَة ابْنه النَّاصِر ثمَّ صَار مَعَ الْمُؤَيد بعد قتل النَّاصِر وَحضر مَعَه إلى مصر فولاه نِيَابَة طرابلس ثمَّ غضب عَلَيْهِ فاعتقله فَلَمَّا دخل ططر الشَّام بعد الْمُؤَيد استصحبه إلى الْقَاهِرَة وَقَررهُ دواداراً كَبِيرا فَلَمَّا اسْتَقر ابْنه الصَّالح مُحَمَّد كَانَ نَائِبا عَنهُ في التَّكَلُّم مُدَّة أشهر إلى أَن أجمع الرأي على خلعه وسلطنة صَاحب التَّرْجَمَة وَذَلِكَ في ثامن ربيع الآخر سنة 825 وأذعن الْأُمَرَاء والنواب لذَلِك وساس الْملك ونالته السَّعَادَة ودانت لَهُ الْبِلَاد وأهلها وَفتحت فِي أَيَّامه

ص: 161

بِلَاد كَثِيرَة من غير قتال وَاسْتمرّ إلى أن مَاتَ في عصر يَوْم السبت ثَالِث عشر ذي الْحجَّة سنة 841 إحدى وَأَرْبَعين وثمان مائَة وعهد إلى ابْنه الْعَزِيز بالسلطنة وَأَن يكون الأتابك جقمق نظام المملكة وَكثر تزاحم النَّاس عَلَيْهِ وَكَانَت أَيَّامه هُدُوا وسكونا وَلكنه كَانَ مَوْصُوفا بالشح وَالْبخل والطمع مَعَ الْجُبْن والخور وَكَثْرَة التلون وَسُرْعَة الْحَرَكَة والتقلب فِي الأمور وَشَمل بِلَاد مصر وَالشَّام الخراب وَقلت الأموال بهَا وافتقر النَّاس وسائت سيرة الْحُكَّام والولاة مَعَ بُلُوغ آماله ونيل أغراضه وقهر أعاديه وقتلهم بيد غَيره وَله مآثر في أَرض مصر عَظِيمَة مِنْهَا الْمدرسَة المنسوبة إليه ومدحه بعض الْعلمَاء بتوسيعه على الطّلبَة فَوق مَا كَانَ يَفْعَله من قبله فَقَالَ السَّبَب إن من تقدم من الْفُقَهَاء لم يَكُونُوا يوافقون الْمُلُوك على أغراضهم فَلم يسمحوا لَهُم بِكَثِير أَمر وَأما فُقَهَاء زَمَاننَا فهم لأجل كَونهم في قبضتنا وطوع أمرنَا نسمح لَهُم بِهَذَا النزر الْيَسِير قَالَ السخاوي وَهَذَا كَانَ إِذْ ذَاك وإلا فالآن مَعَ موافقتهم لَهُم في إشاراتهم فضلاً عَن عباراتهم لَا يعطونهم شَيْئا بل يتلفتون لما بِأَيْدِيهِم ويحسدونهم على الْيَسِير انْتهى

(106)

برقوق الْملك الظَّاهِر أَبُو سعيد الجركسي

واسْمه الطنبغا وَلكنه سمي بذلك الِاسْم لنتوء فِي عَيْنَيْهِ كَأَنَّهُمَا البرقوق كَانَ مَمْلُوكا لرجل يُقَال لَهُ الخواجة عُثْمَان ثمَّ ملكه الْأَشْرَف شعْبَان فَلَمَّا قتل ترقى إلى أَن صَار أَمِير أَرْبَعِينَ ثمَّ مَا زَالَ يترقى حَتَّى قبض على بعض الْأُمَرَاء الْكِبَار وَتَوَلَّى التَّدْبِير للدولة مَكَانَهُ ثمَّ حصل التنافس بَينه وَبَين أَمِير يُقَال لَهُ بركه وَوَقع بَينهمَا حَرْب وَكَانَ الغلب لبرقوق فَقبض على

ص: 162

بركه وسجنه ثمَّ مَا زَالَ يعْمل فِي توليه للسلطنة اسْتِقْلَالا وخلع مخدومه الصَّالح حاجي إلى أَن اسْتَقل في رَمَضَان سنة 784 فَجَلَسَ على التخت ولقب بِالظَّاهِرِ وَبَايَعَهُ الْخَلِيفَة والقضاة والأمراء فَمن دونهم وخلعوا الصَّالح بن الْأَشْرَف وأدخلوه إلى دور أَهله بالقلعة فَلَمَّا كَانَ بعد ذَلِك بِمدَّة خرج جمَاعَة من الْأُمَرَاء على برقوق فبرز إليهم فتسلل من مَعَه وخذلوه فتغيب حِينَئِذٍ واختفى في دَار بِقرب الْمدرسَة الشيخونية ظَاهر الْقَاهِرَة ثمَّ إن الْأُمَرَاء أعادوا الصَّالح إلى المملكة ولقب بالمنصور وَصَارَ يلبغا الناصري أتابكاً لَهُ وَأَرَادَ منطاش قتل برقوق فَلم يُوَافقهُ الناصري بل شيّعه إلى الكرك وسجنه بهَا ثمَّ بعد ذَلِك ثار منطاش على الناصري فحاربه إلى أَن قبض عَلَيْهِ وسجنه بالإسكندرية واستقل منطاش بِالتَّدْبِيرِ وَكَانَ أهوج فَلم يَنْتَظِم لَهُ أَمر وانتقضت عَلَيْهِ الْأَطْرَاف فَجمع العساكر وَخرج إلى جِهَة الشَّام فاتفق خُرُوج برقوق من الكرك وانضم إليه جمع قَلِيل فَالْتَقوا بمنطاش فانكسر إِلَى جِهَة الشَّام فاستولى الظَّاهِر برقوق على جَمِيع الأثقال وَفِيهِمْ الْخَلِيفَة والقضاة وأتباعهم فساقهم إلى الْقَاهِرَة واستقرت قدمه في الْملك وَأعَاد الصَّالح بن الأشرف إلى مَكَانَهُ الَّذِي كَانَ فِيهِ كل ذَلِك فِي أَوَائِل سنة 792 ثمَّ جمع العساكر وَتوجه إلى الشَّام لمحاربة منطاش فحصرها وهرع إليه الأمراء وتعصب الشاميون لمنطاش فَمَا أَفَادَ بل انهزم منطاش بعد أَن دَامَت الْحَرْب بَينهمَا مُدَّة وثبث برقوق في الْملك إلى أَن مَاتَ سنة 801 إحدى وثمان مائَة وعهد بالسلطنة لوَلَده فرج وَله يَوْمئِذٍ تسع سِنِين واستحلف القاضي الشافعي فَحلف لَهُ وَكَذَلِكَ الْخَلِيفَة وَجَمِيع الأمراء وَكَانَت مُدَّة اسْتِقْلَال برقوق

ص: 163

بالمملكة من غير مشارك تسع عشرَة سنة وَمن آثاره الْمدرسَة الَّتِى عمرها بَين القصرين وَكَانَ شجاعاً ذكياً خَبِيرا بالأمور حازماً مهاباً فإن تيمورلنك لم يقدر على التَّقَدُّم على مصر فِي سلطنته لما بلغه عَنهُ من الحزم والعزم والشدة وَالْقُوَّة وَلما بلغه موت برقوق أعْطى من بشره مبلغاً من المَال كثيرا وَحصل مَعَه الطمع فِي أَخذ مصر فَدفع الله عَنْهَا كَمَا سيأتي بَيَان ذَلِك في تَرْجَمته إن شَاءَ الله تَعَالَى وَكَانَ برقوق أول من أَخذ الْبَذْل على الولايات حَتَّى وَظِيفَة الْقَضَاء وَسَائِر الْوَظَائِف الدِّينِيَّة وَهُوَ أول مُلُوك الجراكسة في مصر

(107)

أَبُو بكر بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عمر بن لَعَلَّه ذُؤَيْب شرف الْمَعْرُوف تنكر بِابْن قاضي شهبة الدمشقي الشافعي

ولد سنة 779 تسع وَسبعين وَسَبْعمائة وَأخذ الْعلم عَن جمَاعَة كالسراج البلقيني وطبقته وَله مصنفات مِنْهَا الذيل على تَارِيخ ابْن حجر وطبقات الشَّافِعِيَّة وَشرح الْمِنْهَاج إلى الْخلْع في أَربع مجلدات وَشرح التَّنْبِيه وَله التَّارِيخ الْكَبِير من سنة 200 إلى 792 وَله ذيل على تَارِيخ الذهبي في ثَمَان مجلدات وَمَات عَاشر ذي الْقعدَة سنة 851 إحدى وَخمسين وثمان مائَة

(108)

أَبُو بكر بن على بن عبد الله التقي الحموي الإزراري الْمَعْرُوف بِابْن حجَّة

قَالَ السّخاوي بِكَسْر الْحَاء الْمُهْملَة ولد تَقْرِيبًا سنة 767 سبع وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة بحماه وَنَشَأ بهَا وَأخذ فنوناً من الْعلم ومعاني الأدب وارتحل إلى الشَّام ومصر ومدح الأكابر ثمَّ عَاد إلى بِلَاده وَدخل الْقَاهِرَة فِي الايام

ص: 164

المؤيدية فَعظم أمره وَتَوَلَّى كِتَابَة الإنشاء ثمَّ توقف أمره فَعَاد إلى بِلَاده فَأَقَامَ بهَا ملازماً للْعلم وَالْأَدب إلى أَن مَاتَ وَله يَد طولى في النظم والنثر مَعَ زهو وإعجاب وَقد يأتي في نظمه بِمَا هُوَ حسن وَبِمَا هُوَ في غَايَة الركة والتكلف وَمَعَ ذَلِك فيفضله على ماهو من أشعار غَيره في السَّمَاء وَهُوَ في الأرض كَمَا يفعل ذَلِك في شرح بديعته الْمَشْهُورَة بأيدي النَّاس وَهُوَ من أحسن تصانيفه وَمِنْهَا بُلُوغ المرام من سيرة ابْن هِشَام وَالرَّوْض الْأنف والأعلام وأمان الْخَائِفِينَ من أمة سيد الْمُرْسلين وبلوغ المُرَاد من الْحَيَوَان والنبات والجماد في مجلدين وبروق الغبث على الْغَيْث الذى انسجم وكشف اللثام عَن وَجه التورية والاستخدام وقهوة الإنشاء في مجلدين جمع فِيهِ مَا أنشأه عَن الْمُلُوك وتأهل الْغَرِيب فِي أَربع مجلدات وَغير ذَلِك من المصنفات وشعره كثير وبسبب عجبه وتيهه هجاه كثير من معاصريه بمقاطيع مقذعة وَزَاد في التحامل عَلَيْهِ النواجي الآتي ذكره إِن شَاءَ الله حَتَّى صنّف كتاباً سَمَّاهُ الْحجَّة في سرقات ابْن حجَّة رَأَيْته فِي مُجَلد لطيف تكلف فِيهِ غَايَة التَّكَلُّف وشعره مَشْهُور قد ذكر مِنْهُ في شرح بديعته كثيراً وَذكر أَيْضا فِيهِ بَعْضًا من نثره وَهُوَ أحسن من نظمه وَمَات فِي الْعشْر الْأَوَاخِر من شعْبَان سنة 837 سبع وَثَلَاثِينَ وثمان مائَة

ص: 165

(109)

أَبُو بكر بن علي الْحداد الزبيدي الحنفي

قَرَأَ على وَالِده وعَلى على بن نوح وعَلى علي بن عمر العلوي وبرع في أَنْوَاع من الْعلم واشتهر ذكره وطار صيته وصنّف مصنّفات في فقه الْحَنَفِيَّة مِنْهَا شرحان لمختصر القدوري صَغِير وكبير وَجمع تَفْسِيرا حسناً هُوَ الْآن مَشْهُور عِنْد النَّاس يسمونه تَفْسِير الْحداد وَله مصنفات كَثِيرَة تبلغ عشْرين مجلداً وَمَات سنة 800 ثَمَان مائَة بِمَدِينَة زبيد وَله زهد وورع وعفة وَعبادَة

(110)

السَّيِّد أَبُو بكر بن مُحَمَّد بن عبد الْمُؤمن بن حريز

بمهملتين وَآخره زاي العلوي الحسيني الحصني ثمَّ الدمشقي الشافعي الْمَعْرُوف بالتقي الحصني ولد سنة 752 اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَسَبْعمائة وَأخذ الْعلم عَن جمَاعَة من أهل عصره وبرع وقصده الطّلبَة وصنّف التصانيف كشرح التَّنْبِيه في خمس مجلدات وَشرح الْمِنْهَاج وَشرح صَحِيح مُسلم في ثَلَاث مجلدات وَشرح أَرْبَعِينَ النَّوَوِيّ فِي مُجَلد وَشرح مُخْتَصر أبي شُجَاع فِي مُجَلد وَشرح الْأَسْمَاء الْحسنى في مُجَلد وتلخيص مهمات الأسنوي في مجلدين وقواعد الْفِقْه فِي مجلدين وَله في التصوف مصنفات وَمَات لَيْلَة الْأَرْبَعَاء منتصف جُمَادَى الْآخِرَة سنة 829 تسع وَعشْرين وثمان مائَة

111 -

بيبرس العثماني الجاشنكير الْملك المظفر

كَانَ من مماليك الْمَنْصُور قلاون وترقى إلى أَن جعله أَمِير طبلخانة وَكَانَ أشقر اللَّوْن مستدير اللِّحْيَة مَوْصُوفا بِالْعقلِ التَّام وَالْفِقْه وَهُوَ من جملَة الأمراء الَّذين تعصبوا للناصر حَتَّى أقاموه في السلطنة وَبعد استقراره

ص: 166

صَار صَاحب التَّرْجَمَة من أكَابِر أمرائه وَولى الأستاذ دارية لَهُ ثمَّ قَامَ بنصرة النَّاصِر مرة أُخْرَى وَأَعَادَهُ إلى السلطنة وَصَارَ مُدبرا للملكة هُوَ وسلار فَكَانَ هَذَا الاستاذ دَار وسلار نَائِب السلطنة وَعظم قدره ثمَّ خرج لِلْحَجِّ بعد سنة 701 وَصَحبه كثير من الأمراء وَحج بِالنَّاسِ فَصنعَ من الْمَعْرُوف شَيْئا كثيراً وَمن محاسنه أَنه قلع المسمار الَّذِي كَانَ في وسط الْكَعْبَة وَكَانَ الْعَوام يسمونه سرة الدُّنْيَا وينبطح الْوَاحِد مِنْهُم على وَجهه وَيَضَع سرته مكشوفة عَلَيْهِ ويعتقد أَن من فعل ذَلِك عتق من النَّار وَكَانَ بِدعَة شنيعة وَكَذَلِكَ أَزَال الْحلقَة الَّتِى يسمونها العروة الوثقى وَهُوَ الَّذِي كَانَ السَّبَب في الْقيام على النَّصَارَى وَالْيَهُود حَتَّى منعُوا من ركُوب الْخَيل والملابس الفاخرة وَاسْتقر الْحَال على أَن النصراني يلبس الْعِمَامَة الزَّرْقَاء واليهودي يلبس الْعِمَامَة الصَّفْرَاء فِي جَمِيع الديار المصرية والشامية وَلَا يركب أحد مِنْهُم فرساً وَلَا يتظاهر بملبوس فاخر وَلَا يضاهى الْمُسلمين فى شئ من ذَلِك وصمم في ذَلِك بعد أَن بذلوا أَمْوَالًا كَثِيرَة فَامْتنعَ وضاق بهم الأمر جداً حَتَّى أسلم كثير مِنْهُم وهدمت في هَذِه الكائنة عدَّة كنايس وأبطل عيد الشَّهِيد وَهُوَ موسم من مواسم النَّصَارَى كَانَ يخرجُون إلى النيل فيلقون فِيهِ أصبعاً لبَعض من سلف مِنْهُم يَزْعمُونَ أَن النيل لَا يزِيد إلا إن وضع الأصبع فِيهِ وَكَانَ يحصل فِي ذَلِك الْعِيد من الْفُجُور وَالْفِسْق والمجاهرة بالمعاصي أَمر عَظِيم وَكَانَ صَاحب التَّرْجَمَة قد غلب هُوَ وسلاّر على سلطنة النَّاصِر وَلم يبْق بِيَدِهِ إلا الِاسْم وَكَانَ يُبَالغ فِي التأدب مَعَ رَفِيقه سلار فَلَمَّا حجروا على النَّاصِر التَّصَرُّف فِي المملكة وَصَارَ مَعَهُمَا صُورَة بِلَا حَقِيقَة أظهر أَنه يُرِيد الْحَج ثمَّ خرج وَعدل من

ص: 167

الطَّرِيق إلى الكرك وَأرْسل إلى الأمراء بِمصْر بأنه قد ترك الْملك فاضطرب الأمراء عِنْد ذَلِك وَتَشَاوَرُوا فِي من يسْتَقرّ في السلطنة مَكَانَهُ فَحسن سلار لبيبرس أَن يتسلطن فَأَجَابَهُ إلى ذَلِك بعد تمنع كَبِير وَأَفْتَاهُ جمَاعَة من الْعلمَاء بِجَوَاز ذَلِك فتسلطن وتلقب بالمظفر وَكتب عَهده عَن الْخَلِيفَة وَركب بالعمامة المدورة والتقليد على رَأس الْوَزير وناب عَنهُ سلاّر على عَادَته وأطاعه أهل الشَّام وَذَلِكَ كُله فِي شهر شَوَّال سنة 708 وَيُقَال أن التشاريف الَّتِى أَعْطَاهَا الْأُمَرَاء وَغَيرهم كَانَت ألف تشريف وَمِائَتَيْنِ وأبطل ضَمَان الْخمر من طرابلس وَكَانَ ذَلِك من حَسَنَاته فَلَمَّا كَانَ وسط سنة 709 خامر عَلَيْهِ جمَاعَة من الْأُمَرَاء وتوجهوا إلى النَّاصِر فَأَخَذُوهُ من الكرك فتوجهوا مَعَه إلى دمشق وَسَارُوا في عَسْكَر كثير فَلَمَّا تحقق حَرَكَة النَّاصِر جرد إليه عسكراً كثيراً فخامروا وانهزموا ثمَّ لم يُرْسل أحداً إلا خامر عَلَيْهِ حَتَّى صهره وزج ابْنَته وفي غُضُون ذَلِك زين بعض الْفُقَهَاء لبيبرس أَن يجدد لَهُ الْخَلِيفَة عهداً بالسلطنة فَفعل وَقَرَأَ ذَلِك وَأرْسل بنسخة إِلَى الْأُمَرَاء الخارجين عَلَيْهِ وَكَانَ أَوله (إِنَّه من سُلَيْمَان وَإنَّهُ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم) فَلَمَّا قرئَ على كَبِيرهمْ قَالَ ولسليمان الريح وَأمر بِقِرَاءَة هَذَا الْعَهْد على المنابر يَوْم الْجُمُعَة فَلَمَّا سَمعه الْعَامَّة صاحوا فَمنهمْ من يَقُول نصر الله النَّاصِر وَمِنْهُم من يَقُول يَا نَاصِر يَا مَنْصُور وَاتفقَ أَنه نصب أَمِيرا في شهر رَمَضَان ومروا بِهِ من وسط الْقَاهِرَة عَلَيْهِ الزِّينَة فَكَانَ الْعَامَّة يَقُولُونَ يافرحة لاتتم وَكَانَ الْأَمر كَذَلِك ثمَّ أَشَارَ عَلَيْهِ جمَاعَة مِمَّن تَأَخّر مَعَه أَن يشْهد عَلَيْهِ بالنزول عَن السلطنة وَيتَوَجَّهُ إلى أطفيح ويكاتب النَّاصِر ويستعطفه من هُنَالك وينتظر جَوَابه فَفعل وَخرج عَلَيْهِم

ص: 168