الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي حُرْمَةِ صَيْدِ الْمَدِينَةِ، وَفِي الْوَاجِبِ عَلَى مُنْتَهِكِهَا فِيهِ
4790 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ الرَّبِيعِ اللُّؤْلُؤِيُّ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَعْبَدٍ، وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ الْوَاسِطِيُّ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو يُوسُفَ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ اللهَ عز وجل حَرَّمَ مَكَّةَ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ، وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ، وَوَضَعَهَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْأَخْشَبَيْنِ لَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي، وَلَمْ تَحِلَّ لِي إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، لَا يُخْتَلَى خَلَاهَا، وَلَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا، وَلَا يَرْفَعُ لُقَطَتُهَا إِلَّا مُنْشِدٌ "، فَقَالَ الْعَبَّاسُ: إِلَّا الْإِذْخِرَ، فَإِنَّهُ لَا غِنَى لِأَهْلِ مَكَّةَ عَنْهُ لِبُيُوتِهِمْ وَقُبُورِهِمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" إِلَّا الْإِذْخِرَ "
⦗ص: 279⦘
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ: أَنَّ تَحْرِيمَ مَكَّةَ كَانَ بِتَحْرِيمِ اللهِ إِيَّاهَا يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ، وَوَضْعِهِ إِيَّاهَا بَيْنَ الْأَخْشَبَيْنِ اللَّذَيْنِ وَضَعَهَا بَيْنَهُمَا
4791 -
وَحَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، وَبَحْرُ بْنُ نَصْرِ بْنِ سَابِقٍ قَالَ الرَّبِيعُ، وَبَحْرٌ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنَا أَبِي، وَشُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ ، عَنِ اللَّيْثِ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ اللهَ عز وجل حَرَّمَ مَكَّةَ، وَلَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ، فَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، فَلَا يَسْفِكَنَّ فِيهَا دَمًا، وَلَا يَعْضُدَنَّ فِيهَا شَجَرًا، فَإِنْ تَرَخَّصَ مُتَرَخِّصٌ، فَقَالَ: قَدْ حَلَّتْ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَإِنَّ اللهَ أَحَلَّهَا لِي، وَلَمْ يُحِلَّهَا لِلنَّاسِ، وَإِنَّمَا أَحَلَّهَا لِي سَاعَةً "
4792 -
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا شُرَيْحٍ الْكَعْبِيَّ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم،
⦗ص: 280⦘
ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ
4793 -
وَحَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْبُ بْنُ شَدَّادٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ: لَمَّا فَتَحَ اللهُ عز وجل عَلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ، قَتَلَتْ هُذَيْلٌ رَجُلًا مِنْ بَنِي لَيْثٍ بِقَتِيلٍ كَانَ لَهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:" إِنَّ اللهَ حَبَسَ عَنْ أَهْلِ مَكَّةَ الْقَتْلَ، وَسَلَّطَ عَلَيْهِمْ رَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ، وَإِنَّهَا لَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ كَانَ قَبْلِي، وَلَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدِي، وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَتَيْنِ مِنْ نَهَارٍ، وَإِنَّهَا بَعْدَ سَاعَتَيَّ هَذِهِ حَرَامٌ لَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا، وَلَا يُخْتَلَى شَوْكُهَا، وَلَا تُلْتَقَطُ سَاقِطَتُهَا إِلَّا لِمُنْشِدٍ "
⦗ص: 281⦘
4794 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَيْمُونٍ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ ، عَنْ يَحْيَى، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ:" إِنَّ اللهَ عز وجل حَبَسَ عَنْ أَهْلِ مَكَّةَ الْفِيلَ "
4795 -
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ،
⦗ص: 282⦘
وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْمِنْقَرِيُّ قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: وَقَفَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْحَجُونِ، ثُمَّ قَالَ:" وَاللهِ إِنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللهِ، وَأَحَبُّ أَرْضِ اللهِ إِلَى اللهِ عز وجل، لَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ كَانَ قَبْلِي، وَلَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدِي، وَمَا أُحِلَّتْ لِي إِلَّا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ، وَهِيَ بَعْدَ سَاعَتِهَا هَذِهِ حَرَامٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ "
4796 -
وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الدَّرَاوَرْدِيِّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ قَالَ: فَفِي هَذِهِ الْآثَارِ أَنَّ مَكَّةَ حَرَامٌ، وَأَنَّهَا لَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ الْوَاجِبُ عَلَى مَنِ انْتَهَكَ حُرْمَةَ صَيْدِهَا الْوَاجِبِ عَلَى قَاتِلِ الصَّيْدِ فِي الْإِحْرَامِ كَمَا ذَكَرَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ، بِقَوْلِهِ: {لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ
⦗ص: 283⦘
وَأَنْتُمْ حُرُمٌ، وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [المائدة: 95] الْآيَةَ، وَمَا أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ جَمِيعًا عَلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي حُرْمَةِ مَكَّةَ، وَهُوَ حَلَالٌ مِنْ وُجُوبِ مِثْلِ ذَلِكَ عَلَيْهِ غَيْرَ مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الصَّوْمِ فِي ذَلِكَ، وَمِنْ قَوْلِ بَعْضِهِمْ: إِنَّهُ لَا يُجْزِئُ صَوْمٌ، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ: أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ، وَمِنْ قَوْلِ غَيْرِهِمْ: إِنَّ الصَّوْمَ يُجْزِئُ فِي ذَلِكَ كَمَا يُجْزِئُ فِي الْقَتْلِ فِي الْإِحْرَامِ، وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ مِنْهُمْ: مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَهُوَ الْقَوْلُ عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ، وَاللهُ أَعْلَمُ ثُمَّ نَظَرْنَا فِيمَا أَنْبَأَنَا اللهُ عز وجل فِي كِتَابِهِ مِمَّا كَانَ مِنْ إِبْرَاهِيمَ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم فِيهَا مِنْ قَوْلِهِ:{رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا} [إبراهيم: 35]، وَمِنْ قَوْلِهِ:{رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا} [البقرة: 126] ، فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنَ التَّحْرِيمِ الَّذِي كَانَ مِنَ اللهِ عز وجل فِي شَيْءٍ، كَمَا لَمْ يَكُنِ الرِّبَا الَّذِي حَرَّمَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الرِّبَا الَّذِي حَرَّمَهُ اللهُ عز وجل فِي كِتَابِهِ فِي شَيْءٍ؛ لِأَنَّ الرِّبَا الَّذِي حَرَّمَهُ اللهُ عز وجل فِي كِتَابِهِ فِي النَّسِيئَةِ، وَالَّذِي حَرَّمَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ فِي التَّفَاضُلِ، وَكَانَ مَا دَعَا بِهِ إِبْرَاهِيمُ صلى الله عليه وسلم لِأَهْلِ مَكَّةَ هُوَ الْأَمَانُ الَّذِي يَبِينُونَ بِهِ عَنْ سَائِرِ أَهْلِ الْبُلْدَانِ سِوَى مَكَّةَ، وَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ عز وجل:{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ} [العنكبوت: 67] ، وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَنَا وَاللهُ أَعْلَمُ لِمَا كَانَ مِنْ دُعَاءِ إِبْرَاهِيمَ صلى الله عليه وسلم فِي الْآيَتَيْنِ اللَّتَيْنِ تَلَوْنَا، ثُمَّ نَظَرْنَا إِلَى مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي تَحْرِيمِهِ الْمَدِينَةَ، كَيْفَ كَانَ؟
4797 -
فَوَجَدْنَا عَلِيَّ بْنَ مَعْبَدٍ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ
⦗ص: 284⦘
إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى الْمَازِنِيُّ ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ، وَدَعَا لَهُمْ، وَإِنِّي حَرَّمْتُ الْمَدِينَةَ، وَدَعَوْتُ لَهُمْ بِمِثْلِ مَا دَعَا بِهِ إِبْرَاهِيمُ لِأَهْلِ مَكَّةَ أَنْ يُبَارِكَ لَهُمْ فِي صَاعِهِمْ وَمُدِّهِمْ " وَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا قَدْ دَلَّنَا عَلَى أَنَّ الَّذِي كَانَ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَدِينَةِ، هُوَ مِثْلُ الَّذِي كَانَ مِنْ إِبْرَاهِيمَ صلى الله عليه وسلم فِي مَكَّةَ فِي أَمَانِ أَهْلِهَا فِيهَا، وَفِي أَنْ يَكُونُوا فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ مَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ النَّاسِ فِيمَا سِوَاهَا، غَيْرَ أَنَّا وَجَدْنَا فِيمَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
4798 -
مَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ إِبْرَاهِيمَ صلى الله عليه وسلم حَرَّمَ بَيْتَ اللهِ وَأَمْنِهِ، وَإِنِّي حَرَّمْتُ الْمَدِينَةَ مِمَّا بَيْنَ لَابَتَيْهَا، لَا يُقْطَعُ عِضَاهُهَا،
⦗ص: 285⦘
وَلَا يُصَادُ صَيْدُهَا " وَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ تَحْرِيمُ مَا بَيْنَ لَابَتَيِ الْمَدِينَةِ أَنْ لَا يُقْطَعَ عِضَاهُهَا، وَلَا يُصَادُ صَيْدُهَا، فَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ زِيَادَةً زَادَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَدِينَتِهِ عَلَى مَا كَانَ مِنْ إِبْرَاهِيمَ صلى الله عليه وسلم فِي مَكَّةَ، وَدُعَاؤُهُ اللهَ عز وجل بِذَلِكَ، وَإِجَابَتُهُ إِيَّاهُ فِيهِ ثُمَّ نَظَرْنَا: هَلْ حُكْمُ مَا تُنْتَهَكُ حُرْمَتُهُ بَيْنَ لَابَتَيِ الْمَدِينَةِ مِنَ الصَّيْدِ وَالْعِضَاهِ، كَمَا تُنْتَهَكُ فِي حُرْمَةِ مَكَّةَ مِنْهُمَا، وَفِي الْوَاجِبِ بِذَلِكَ عَلَى مُنْتَهِكِهِمَا؟
4799 -
فَوَجَدْنَا إِبْرَاهِيمَ بْنَ مَرْزُوقٍ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ الزُّهْرِيُّ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدٍ وَهُوَ ابْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ سَعْدًا رضي الله عنه رَكِبَ إِلَى قَصْرِهِ بِالْعَقِيقِ، فَوَجَدَ غُلَامًا يَقْطَعُ شَجَرًا أَوْ يَخْبِطُهُ فَأَخَذَ سَلَبُهُ، فَلَمَّا رَجَعَ أَتَاهُ أَهْلُ الْغُلَامِ، فَكَلَّمُوهُ أَنْ يَرُدَّ مَا أَخَذَ مِنْ غُلَامِهِمْ، فَقَالَ: " مَعَاذَ اللهِ أَنْ أَرُدَّ شَيْئًا نَفَّلَنِيهِ
⦗ص: 286⦘
رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم " عَلَيْهِ وَأَبَى أَنْ يَرُدَّ إِلَيْهِمْ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: هَكَذَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ
4800 -
وَحَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَا: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ يَعْلَى بْنَ حَكِيمٍ يُحَدِّثُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللهِ قَالَ: شَهِدْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه، وَأَتَاهُ قَوْمٌ فِي عَبْدٍ لَهُمْ
⦗ص: 287⦘
أَخَذَ سَعْدٌ سَلَبَهُ رَآهُ يَصِيدُ فِي حَرَمِ الْمَدِينَةِ الَّذِي حَرَّمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَكَلَّمُوهُ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ سَلَبَهُ، فَأَبَى، وَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ حَدَّ حُدُودَ حَرَمِ الْمَدِينَةِ، فَقَالَ:" مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَصِيدُ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْحُدُودِ، فَمَنْ وَجَدَهُ، فَلَهُ سَلَبُهُ " وَلَا أَرُدُّ عَلَيْكُمْ طُعْمَةً أَطْعَمَنِيهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَكِنْ إِنْ شِئْتُمْ أَنْ أُعَوِّضَ لَكُمْ مَكَانَ سَلَبِهِ فَعَلْتُ، وَاللَّفْظُ لِيَزِيدَ
4801 -
وَوَجَدْنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ ، عَنْ يَعْلَى بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللهِ أَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه أَخَذَ عَبْدًا صَادَ فِي حَرَمِ الْمَدِينَةِ الَّذِي حَرَّمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَسَلَبَهُ ثِيَابَهُ، فَجَاءَ مَوَالِيهِ إِلَى سَعْدٍ فَكَلَّمُوهُ ، فَقَالَ سَعْدٌ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَرَّمَ هَذَا الْحَرَمَ، وَقَالَ:" مَنْ أَخَذَ يَصِيدُ فِيهِ شَيْئًا فَلِمَنْ أَخَذَهُ سَلَبُهُ " فَلَمْ أَكُنْ لِأَرُدَّ عَلَيْكُمْ طُعْمَةً
⦗ص: 288⦘
أَطْعَمَنِيهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَكِنْ إِنْ شِئْتُمْ أَعْطَيْتُكُمْ ثَمَنَهُ فَكَانَ فِي هَذَا مَا قَدْ دَلَّنَا أَنَّ الْوَاجِبَ فِي انْتِهَاكِ الصَّيْدِ وَالْعِضَاهِ بَيْنَ لَابَتَيِ الْمَدِينَةِ غَيْرُ الْوَاجِبِ فِي انْتِهَاكِهِمَا فِي حُرْمَةِ مَكَّةَ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِي انْتِهَاكِهِمَا فِي حُرْمَةِ مَكَّةَ مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ فِي ذَلِكَ، وَالْوَاجِبُ فِي انْتِهَاكِ حُرْمَتِهَا مِنَ الْمَدِينَةِ هُوَ مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ، ثُمَّ وَجَدْنَا فُقَهَاءَ الْأَمْصَارِ الَّذِينَ تَدُورُ عَلَيْهِمُ الْفُتْيَا، وَيُؤْخَذُ الْعِلْمُ عَنْهُمْ فِي الْحَرَمَيْنِ وَفِي سَائِرِ الْبُلْدَانِ سِوَاهُمَا مُجْتَمِعِينَ عَلَى أَنَّ أَخْذَ سَلَبِ مُنْتَهِكِ حُرْمَةِ الصَّيْدِ وَالْعِضَاهِ بِالْمَدِينَةِ غَيْرُ مُسْتَعْمَلَةٍ، فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ إِجْمَاعَهُمْ عَلَى تَرْكِ مَا فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ كَانَ لِوُقُوفِهِمْ عَلَى نَسْخِهِ؛ لِأَنَّهُمُ الْمَأْمُونُونَ عَلَى مَا رَوَوْا، وَعَلَى مَا قَالُوا، وَلِأَنَّ مَنْ تَرَكَ مَا قَالَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، أَوْ حَكَمَ بِهِ خَارِجٌ مِنْ هَذِهِ الرُّتْبَةِ، غَيْرُ مَقْبُولٍ قَوْلُهُ، وَغَيْرُ مُسْتَعْمَلَةٍ رِوَايَتُهُ، وَحَاشَ للَّهِ عز وجل أَنْ يَكُونُوا كَذَلِكَ، وَلَكِنَّ تَرْكَهُمْ لِذَلِكَ كَانَ عِنْدَنَا وَاللهُ أَعْلَمُ عَلَى مِثْلِ تَرْكِهِمْ مَا سِوَاهُ مِمَّا قَدْ رُوِيَ فِي انْتِهَاكِ الْحَرَمِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَمِثْلُ ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْهُ فِي مَانِعِ الزَّكَاةِ:" إِنَّا آخِذُوهَا وَشَطْرَ مَالِهِ عَزْمَةً مِنْ عَزَمَاتِ رَبِّنَا عز وجل " وَمَا رُوِيَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم فِي حَرِيسَةِ الْجَبَلِ: " أَنَّ فِيهَا غَرَامَةَ مِثْلَيْهَا،
⦗ص: 289⦘
وَجَلَدَاتِ نَكَالٍ " وَمَا رُوِيَ عَنْهُ فِيمَنْ وَقَعَ بِجَارِيَةِ امْرَأَتِهِ مُسْتَكْرِهًا لَهَا أَنَّهَا تُعْتَقَ عَلَيْهِ، وَيَكُونُ عَلَيْهِ مِثْلُهَا، وَأَنَّهُ إِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ إِلَيْهَا، وَهِيَ مُطَاوِعَةٌ لَهُ كَانَتْ لَهُ، وَكَانَ عَلَيْهَا مِثْلُهَا لِزَوْجَتِهِ، فَأَلْزَمَ جَارِيَةً فَاسِدَةً، وَجَعَلَ عَلَيْهَا مَكَانَهَا جَارِيَةً غَيْرَ فَاسِدَةٍ، وَأَعْتَقَتْ عَلَيْهِ إِذَا كَانَ وَقَعَ بِهَا مُسْتَكْرِهًا لَهَا، فَمِثْلُ ذَلِكَ وَاللهُ أَعْلَمُ مَا رُوِيَ مِنَ السَّلَبِ فِيمَا ذَكَرْنَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ كَانَ وَالْأَحْكَامُ فِيهِ كَذَلِكَ، ثُمَّ نُسِخَ بِنَسْخِ أَشْكَالِهِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي هَذَا الْبَابِ، وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ