الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي صَلَاتِهِ عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ بَعْدَ مَقْتَلِهِمْ بِثَمَانِي سِنِينَ
4907 -
حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، وَابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ: أَنَّ أَبَا الْخَيْرِ، أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ سَمِعَ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ يَقُولُ: إِنَّ آخِرَ مَا خَطَبَ لَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ صَلَّى عَلَى شُهَدَاءِ أُحُدٍ، ثُمَّ رَقِيَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَحَمِدَ اللهَ عز وجل، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:" إِنِّي فَرَطٌ لَكُمْ، وَأَنَا عَلَيْكُمْ شَهِيدٌ "
4908 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ يَوْمًا، فَصَلَّى عَلَى أَهْلِ أُحُدٍ صَلَاتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ صَلَّى عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ بَعْدَ مَقْتَلِهِمْ بِثَمَانِي سِنِينَ، فَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؛ لِأَنَّهُ لَمْ تَكُنْ سُنَّةُ الشُّهَدَاءِ قَبْلَ ذَلِكَ الصَّلَاةَ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ جَعَلَ اللهُ الصَّلَاةَ عَلَيْهِمْ مِنْ سُنَّتِهِمْ، فَصَلَّى عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِذَلِكَ ، فَقَالَ قَائِلٌ: وَكَيْفَ تَقْبَلُونَ هَذَا، وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى عَلَيْهِمْ بِحَضْرَةِ قَتْلِهِمْ؟ وَذَكَرَ مَا قَدْ
4909 -
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ ، عَنْ مِقْسَمٍ،
⦗ص: 433⦘
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُوضَعُ بَيْنَ يَدَيْهِ يَوْمَ أُحُدٍ عَشَرَةٌ، فَيُصَلِّي عَلَيْهِمْ وَعَلَى حَمْزَةَ، ثُمَّ يُرْفَعُ الْعَشَرَةُ وَحَمْزَةُ مَوْضُوعٌ، ثُمَّ تُوضَعُ عَشَرَةٌ، فَيُصَلَّى عَلَيْهِمْ وَعَلَى حَمْزَةَ مَعَهُمْ
4910 -
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ بِالْقَتْلَى، فَجَعَلَ يُصَلِّي عَلَيْهِمْ، فَيَضَعُ تِسْعَةً وَحَمْزَةَ، فَيُكَبِّرُ عَلَيْهِمْ سَبْعَ تَكْبِيرَاتٍ، ثُمَّ يُرْفَعُونَ، وَيُتْرَكُ حَمْزَةُ، ثُمَّ يُجَاءُ بِتِسْعَةٍ، فَيُكَبِّرُ عَلَيْهِمْ سَبْعًا حَتَّى فَرَغَ مِنْهُمْ
⦗ص: 434⦘
فَقَالَ الْقَائِلُ: فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ قَدْ كَانَ صَلَّى عَلَيْهِمْ بِحَضْرَةِ قَتْلِهِمْ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ مِمَّنْ قَدْ صَلَّى قَبْلَ ذَلِكَ عَلَى الْمَدْفُونِ جَازَ لَهُ أَنْ يُعِيدَ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ، وَفِي جَوَازِ ذَلِكَ لَهُ مَا يَجُوزُ بِهِ لِغَيْرِهِ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ أَيْضًا فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عز وجل وَعَوْنِهِ: أَنَّ الَّذِي قَدْ رُوِيَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَدْ خَالَفَهُ فِيهِ جَابِرٌ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، كَمَا قَدْ
4911 -
حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَهُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، أَخْبَرَهُ " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِدَفْنِ قَتْلَى أُحُدٍ بِدِمَائِهِمْ، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يُغَسَّلُوا "
4912 -
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ، حَدَّثَهُ: أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُ: " أَنَّ شُهَدَاءَ أُحُدٍ لَمْ يُغَسَّلُوا، وَدُفِنُوا بِدِمَائِهِمْ، وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِمْ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَهَذَا جَابِرٌ وَأَنَسٌ يُخْبِرَانِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَكُنْ صَلَّى عَلَيْهِمْ بِحَضْرَةِ قَتْلِهِمْ، وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ، وَقَدْ صَلَّى عَلَيْهِمْ غَيْرُهُ بِأَمْرِهِ، فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ: هَلْ رُوِيَ فِيهِ شَيْءٌ أَمْ لَا؟
4913 -
فَوَجَدْنَا إِبْرَاهِيمَ بْنَ مَرْزُوقٍ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ بْنِ فَارِسٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ مَرَّ بِحَمْزَةَ عليه السلام، وَقَدْ جُدِعَ وَمُثِّلَ بِهِ، فَقَالَ:" لَوْلَا أَنْ تَجْزَعَ صَفِيَّةُ، لَتَرَكْتُهُ حَتَّى يَحْشُرَهُ اللهُ عز وجل مِنْ بُطُونِ الطَّيْرِ وَالسِّبَاعِ " فَكَفَّنَهُ فِي نَمِرَةٍ، إِذَا خَمَّرَ رَأْسَهُ بَدَتْ رِجْلَاهُ، وَإِذَا خَمَّرَ رِجْلَيْهِ بَدَا رَأْسُهُ، فَخَمَّرَ رَأْسَهُ، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنَ الشُّهَدَاءِ غَيْرَهُ، وَقَالَ:" أَنَا شَهِيدٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ "
⦗ص: 436⦘
فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَكُنْ صَلَّى عَلَى أَحَدٍ مِنَ الشُّهَدَاءِ يَوْمَ أُحُدٍ غَيْرَ حَمْزَةَ، وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فَعَلَ ذَلِكَ مِنَ الصَّلَاةِ عَلَى حَمْزَةَ، وَمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ عَلَى غَيْرِهِ لِمَا أَشْغَلَهُ يَوْمَئِذٍ مِمَّا كَانَ نَزَلَ بِهِ فِي وَجْهِهِ، وَمِنْ هَشْمِ الْبَيْضَةِ عَلَى رَأْسِهِ كَمَا قَدْ
4914 -
حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي حَازِمٍ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُمَحِيُّ ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ قَالَ سَعِيدٌ فِي حَدِيثِهِ: سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَازِمٍ: عَنْ سَهْلٍ أَنَّهُ سُئِلَ، عَنْ وَجْهِ رَسُولِ اللهِ يَوْمَ أُحُدٍ، بِأَيِّ شَيْءٍ دُووِيَ؟ قَالَ سَهْلٌ: " كُسِرَتِ الْبَيْضَةُ عَلَى رَأْسِهِ، وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ، وَجُرِحَ وَجْهُهُ، فَكَانَتْ فَاطِمَةُ تَغْسِلُهُ، وَكَانَ عَلِيٌّ عليه السلام يَسْكُبُ الْمَاءَ بِالْمِجَنِّ، فَلَمَّا رَأَتْ فَاطِمَةُ أَنَّ الْمَاءَ لَا يَزِيدُ الدَّمَ إِلَّا كَثْرَةً، أَخَذَتْ قِطْعَةَ
⦗ص: 437⦘
حَصِيرٍ، فَأَحْرَقَتْهَا وَأَلْصَقَتْهَا عَلَى جُرْحِهِ، فَاسْتَمْسَكَ الدَّمُ " يَخْتَلِفُ لَفْظُ ابْنِ أَبِي حَازِمٍ وَسَعِيدٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ
4915 -
وَكَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " اشْتَدَّ غَضَبُ اللهِ عَلَى قَوْمٍ دَمَّوْا وَجْهَ رَسُولِ اللهِ، وَهَشَمُوا عَلَيْهِ الْبَيْضَةَ، وَكَسَرُوا رَبَاعِيَتَهُ "
4916 -
وَكَمَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خُشَيْشٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَنَسٍ:" أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ يَوْمَ أُحُدٍ وَشُجَّ وَجْهُهُ، فَجَعَلَ يَسْلُتُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ، وَيَقُولُ: " كَيْفَ يُفْلِحُ قَوْمٌ شَجُّوا وَجْهَ نَبِيِّهِمْ، وَكَسَرُوا رَبَاعِيَتَهُ، وَهُوَ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللهِ عز وجل " فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل:{لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} [آل عمران: 128]
⦗ص: 439⦘
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ صلى الله عليه وسلم تَرَكَ الصَّلَاةَ عَلَيْهِمْ لِمَا شَغَلَهُ عَنْهُمْ مِنْ أَلَمِ مَا نَزَلَ بِهِ، غَيْرَ حَمْزَةَ، فَإِنَّهُ اخْتَصَّهُ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ لِمَكَانِهِ مِنْهُ ، فَقَالَ قَائِلٌ: فَقَدْ رُوِيَ الْحَدِيثُ الَّذِي ذَكَرْتَ فِيهِ اخْتِصَاصَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَمْزَةَ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا رَوَاهُ عَلَيْهِ عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ الَّذِي ذَكَرْتَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِهِ عَنْهُ، وَذَكَرَ مَا قَدْ
4917 -
حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ:" كُفِّنَ حَمْزَةُ فِي نَمِرَةٍ، كَانُوا إِذَا مَدُّوهَا عَلَى رَأْسِهِ خَرَجَتْ رِجْلَاهُ وَإِذَا مَدُّوهَا عَلَى رِجْلَيْهِ خَرَجَ رَأْسُهُ فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُقَدِّمُوا عَلَى رَأْسِهِ، وَيَجْعَلُوا عَلَى رِجْلَيْهِ مِنَ الْإِذْخِرِ، وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " لَوْلَا أَنْ تَجْزَعَ صَفِيَّةُ، لَتَرَكْنَا حَمْزَةَ، فَلَمْ نَدْفِنْهُ حَتَّى يُحْشَرَ مِنْ بُطُونِ الطَّيْرِ وَالسِّبَاعِ "
⦗ص: 440⦘
وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ ابْنُ وَهْبٍ صَلَاةَ رَسُولِ اللهِ عَلَى حَمْزَةَ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عز وجل وَعَوْنِهِ: أَنَّ ابْنَ وَهْبٍ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ، فَقَدْ زَادَ عَلَيْهِ عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ أُسَامَةَ مَا فِي حَدِيثِهِ مِنْ إِثْبَاتِهِ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ، وَكِلَاهُمَا بِحَمْدِ اللهِ ثِقَةٌ، ثَبْتٌ، مَقْبُولُ الرِّوَايَةِ، وَمَنْ زَادَ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى غَيْرِهِ زِيَادَةً فِي حَدِيثٍ رَوَيَاهُ جَمِيعًا، كَانَتْ زِيَادَتُهُ مَقْبُولَةً ، فَقَالَ قَائِلٌ: فَقَدْ ذَكَرْتَ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا الْبَابِ: أَنَّ الْمَيِّتَ إِذَا فَنِيَ بِبِلًى أَوْ بِمَا سِوَاهُ، فَصَارَ بِذَلِكَ مَعْدُومًا: أَنَّهُ لَا يُصَلَّى عَلَى قَبْرِهِ، وَفِي حَدِيثِ عُقْبَةَ الَّذِي رَوَيْتَهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ بَعْدَ مَقْتَلِهِمْ بِثَمَانِي سِنِينَ، فَهَذَا الْحَدِيثُ حُجَّةٌ عَلَيْكَ لِمَا ذَكَرْتَهُ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَوْتَى يَفْنَوْنَ فِي أَقَلِّ مِنْ تِلْكَ الْمُدَّةِ؛ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عز وجل وَعَوْنِهِ: أَنَّ شُهَدَاءَ أُحُدٍ قَدْ عَلِمَ رَسُولُ اللهِ أَنَّهُمْ لَمْ يَفْنَوْا، وَأَنَّهُمْ بَاقُونَ، لِمَا أَنْزَلَ اللهُ عز وجل عَلَيْهِ فِيهِمْ مِنْ قَوْلِهِ: " {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران: 169] فَصَلَّى عَلَيْهِمْ لِذَلِكَ، وَقَدْ رُوِيَ فِي وُجُودِهِمْ عَلَى الْأَحْوَالِ الَّتِي ذَكَرَهَا اللهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ بَعْدَ أَضْعَافِ هَذِهِ الْمُدَّةِ مِنَ الزَّمَانِ
مَا قَدْ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ أَبِي عَقِيلٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ
⦗ص: 441⦘
عُيَيْنَةَ ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ:" لَمَّا أَرَادَ مُعَاوِيَةُ يُجْرِي الْعَيْنَ الَّتِي عِنْدَ قُبُورِ الشُّهَدَاءِ بِالْمَدِينَةِ أَمَرَ مُنَادِيًا، فَنَادَى: مَنْ كَانَ لَهُ مَيِّتٌ، فَلْيَأْتِهِ قَالَ جَابِرٌ: فَذَهَبْتُ إِلَى أَبِي، فَأَخْرَجْنَاهُمْ رِطَابًا يَتَثَنُّونَ، فَأَصَابَتِ الْمِسْحَاةُ أُصْبُعَ رَجُلٍ مِنْهُمْ، فَانْفَطَرَتْ دَمًا " فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى بَقَاءِ أَبْدَانِهِمْ بَعْدَ الْمُدَّةِ الَّتِي كَانَ صَلَّى عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيهَا، فَهَكَذَا نَقُولُ: مَنْ عُلِمَ بَقَاءُ بَدَنِهِ بَعْدَ مُدَّةٍ، وَإِنْ طَالَتْ فِي قَبْرِهِ، جَازَ أَنْ يُصَلَّى عَلَى قَبْرِهِ، إِذَا لَمْ يَكُنْ صُلِّيَ عَلَيْهِ قَبْلَ دَفْنِهِ اقْتِدَاءً بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ وَاتِّبَاعًا لَهُ وَاللهَ عز وجل نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ