الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا يَحْكِيهِ عَنْ رَبِّهِ عز وجل مِنْ قَوْلِهِ: " كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ هُوَ لَهُ، إِلَّا الصِّيَامَ هُوَ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ
"
4870 -
حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ، هُوَ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَخِلْفَةُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ عز وجل مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ "
⦗ص: 373⦘
فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ، فَوَجَدْنَا الصِّيَامَ فِيهِ مَعْنًى لَمْ نَجِدْهُ فِي غَيْرِهِ مِنَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تُعُبِّدَ النَّاسُ بِهَا، مِنْهَا: الصَّلَاةُ، فَقَدْ يَقْدِرُ الْإِنْسَانُ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا عَلَى أَنَّهُ يُرِيدُ بِهَا غَيْرَ اللهِ عز وجل، فَيُرِي النَّاسَ صَلَاتَهُ، وَيُخْفِي عَنْهُمْ عَيْبَهُ، فَكَذَلِكَ هُوَ فِي صَدَقَتِهِ، وَفِي حَجِّهِ، وَكَانَ الصِّيَامُ بِخِلَافِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَهَيَّأُ لِأَحَدٍ أَنْ يَرَاهُ مِنْهُ كَمَا يَرَى تِلْكَ الْأَشْيَاءَ مِنْ أَهْلِهَا، وَإِنَّمَا يَنْفَرِدُ بِعِلْمِهِ مِنْهُ وَوُقُوفِهِ عَلَيْهِ اللهُ عز وجل دُونَ مَنْ سِوَاهُ، فَكَانَ مَا يَنْفَرِدُ بِهِ عز وجل مِنْ خَلْقِهِ هُوَ الَّذِي لَهُ، وَمَا يَكُونُ هُوَ يَعْلَمُهُ، ثُمَّ يَعْلَمُهُ خَلْقُهُ، مِمَّنْ يَكُونُ مِنْهُ عَلَى مَا قَدْ ذَكَرْنَا مِمَّا قَدْ كَانَ لَهُ فِيهِ شُرَكَاءُ جَلَّ وَتَعَالَى، وَكَانَ ذَلِكَ الَّذِي ذَكَرْنَا مِنَ الصِّيَامِ مَا يَنَالُهُ وَخَارِجًا عَنْهُ، فَأُضِيفَ الصِّيَامُ فِيمَا ذَكَرْنَا إِلَى اللهِ عز وجل، وَلَمْ يُضَفْ مَا سِوَاهُ مِمَّا وَصَفْنَا إِلَيْهِ، إِذْ كَانَ قَدْ يَأْتِيهِ، وَخَالَفَهُ فِيمَا يَنْفَرِدُ اللهُ عز وجل بِهِ مِنَ الصِّيَامِ، وَمَا يُشْرِكُهُ فِيهِ غَيْرُهُ مِنْ سِوَاهُ، وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ