الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي إِقَامَتِهِ حَدِّ الزِّنَى عَلَى الْمُقِرِّ بِهِ عِنْدَهُ مِنَ الْمَرْأَةِ الَّتِي أَنْكَرَتْ ذَلِكَ
4941 -
حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، وَنَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ جَمِيعًا قَالَا: حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى قَالَ: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ حَدَّثَنِي سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ صَاحِبُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَسْلَمَ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ: إِنَّهُ زَنَى بِامْرَأَةٍ سَمَّاهَا فَأَرْسَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَرْأَةِ، فَدَعَاهَا، فَسَأَلَهَا عَمَّا قَالَ: فَأَنْكَرَتْ، فَحَدَّهُ وَتَرَكَهَا هَكَذَا حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ وَنَصْرٌ بِهَذَا الْحَدِيثِ بِغَيْرِ إِدْخَالٍ مِنْهُمَا بَيْنَ مُسْلِمِ بْنِ خَالِدٍ، وَبَيْنَ أَبِي حَازِمٍ فِيهِ أَحَدًا
4942 -
وَقَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ إِسْحَاقَ ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ
⦗ص: 461⦘
عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ امْرَأَةً أَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: زَنَى بِي فُلَانٌ، فَبَعَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى فُلَانٍ، فَسَأَلَهُ فَأَنْكَرَ، فَرَجَمَ الْمَرْأَةَ فَأَدْخَلَ ابْنُ أَبِي دَاوُدَ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَبَيْنَ أَبِي حَازِمٍ عَبَّادَ بْنَ إِسْحَاقَ، فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَقَامَ حَدَّ الزِّنَى عَلَى الْمُقِرِّ بِهِ عِنْدَهُ مِنَ الرَّجُلِ، وَمِنَ الْمَرْأَةِ، وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ قَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيهَا، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ الْمُقِرَّ بِالزِّنَى يُحَدُّ حَدَّ الزَّانِي، وَإِنَّ الْمُنْكِرَ لِذَلِكَ لَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَمِمَّنْ كَانَ يَذْهَبُ إِلَى ذَلِكَ مِنْهُمْ: أَبُو يُوسُفَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يُحَدُّ الْمُقِرُّ بِالزِّنَى مِنْهُمَا، إِذْ كَانَ لِلْمُنْكِرِ مِنْهُمَا مُطَالَبَةُ الْمُقِرِّ بِالزِّنَى بِحَدِّ الْقَذْفِ بِالزِّنَى الَّذِي رَمَاهُ بِهِ، لِأَنَّا نُحِيطُ عِلْمًا أَنَّهُ لَا يَجْتَمِعُ عَلَيْهِ فِيمَا أَقَرَّ بِهِ مِنْ ذَلِكَ هَذَانِ الْحَدَّانِ جَمِيعًا؛ لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ صَادِقًا فِيمَا أَقَرَّ بِهِ كَانَ زَانِيًا، وَكَانَ عَلَيْهِ حَدُّ الزِّنَى، وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ حَدُّ قَذْفٍ لِصَاحِبِهِ، وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا كَانَ قَاذِفًا، وَوَجَبَ عَلَيْهِ حَدُّ الْقَذْفِ لِصَاحِبِهِ، وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ حَدُّ الزِّنَى؛ لِأَنَّهُ كَانَ كَاذِبًا فِي إِقْرَارِهِ بِهِ، وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ: أَبُو حَنِيفَةَ، وَقَدِ احْتَجَّ عَلَيْهِ مُخَالِفُوهُ بِهَذَا
⦗ص: 462⦘
الْحَدِيثِ، وَادَّعُوا عَلَيْهِ تَرْكَهُ إِيَّاهُ فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ
4943 -
فَوَجَدْنَا إِبْرَاهِيمَ بْنَ مُحَمَّدٍ الصَّيْرَفِيَّ، قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِمَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ:" أَحَقٌّ مَا بَلَغَنِي عَنْكَ؟ " قَالَ: وَمَا بَلَغَكَ عَنِّي؟ قَالَ: " إِنَّكَ أَتَيْتَ جَارِيَةَ آلِ فُلَانٍ " فَأَقَرَّ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، فَأَمَرَ بِهِ، فَرُجِمَ "
4944 -
وَوَجَدْنَا أَحْمَدَ بْنَ دَاوُدَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ نُعَيْمِ بْنِ هَزَّالٍ، وَكَانَ هَزَّالٌ اسْتَرْجَمَ لِمَاعِزٍ قَالَ: كَانَتْ لِأَهْلِهِ جَارِيَةٌ تَرْعَى غَنَمًا، وَإِنَّ مَاعِزًا وَقَعَ عَلَيْهَا، وَإِنَّ هَزَّالًا أَخَذَهُ فَمَكَرَ بِهِ وَخَدَعَهُ، فَقَالَ: انْطَلِقْ إِلَى رَسُولِ اللهِ فَنُخْبِرَهُ بِالَّذِي صَنَعْتَ عَسَى أَنْ يَنْزِلَ فِيكَ قُرْآنٌ، فَأَمَرَ بِهِ نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا عَضَّهُ مَسُّ الْحِجَارَةِ انْطَلَقَ يَسْعَى، فَاسْتَقْبَلَهُ رَجُلٌ بِلَحْيِ بَعِيرٍ، فَضَرَبَهُ، فَصَرَعَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" يَا هَزَّالُ ، لَوْ كُنْتَ سَتَرْتَهُ بِثَوْبِكَ كَانَ خَيْرًا لَكَ "
⦗ص: 464⦘
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَوَقَفْنَا بِمَا رُوِّينَاهُ فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ عَلَى أَنَّ الْمُقِرَّ كَانَ بِالزِّنَى عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَانَ هُوَ الرَّجُلُ الْمَذْكُورُ فِي الْحَدِيثَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ كَمَا فِي حَدِيثِ الرَّبِيعِ وَنَصْرٍ، لَا الْمَرْأَةِ كَمَا فِي حَدِيثِ ابْنِ أَبِي دَاوُدَ، وَأَنَّ ذَلِكَ الرَّجُلَ كَانَ مِنْ أَسْلَمَ وَهُوَ مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ لَا اخْتِلَافَ فِيهِ أَنَّهُ كَذَلِكَ وَدَلَّ مَا فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ الْآخَرَيْنِ: أَنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي أَقَرَّ ذَلِكَ الرَّجُلُ بِالزِّنَى بِهَا كَانَتْ أَمَةً لَا حَدَّ لَهَا عَلَيْهِ فِي رَمْيِهِ إِيَّاهَا بِالزِّنَى، وَهَكَذَا يَقُولُ أَبُو حَنِيفَةَ فِي الْمَرْمِيَّةِ بِالزِّنَى الَّتِي ذَكَرْنَا إِذَا كَانَتْ أَمَةً لَا يَجِبُ عَلَى قَاذِفِهَا حَدٌّ، وَأَنْكَرَتِ الزِّنَى الَّذِي رَمَاهَا بِهِ أَنَّ الْمُقِرَّ بِالزِّنَى يُحَدُّ حَدَّ الزِّنَى، وَإِنَّمَا يُرْفَعُ عَنْهُ حَدُّ الزِّنَى إِذَا كَانَتْ حُرَّةً يَجِبُ لَهَا عَلَيْهِ حَدُّ الْقَذْفِ الَّذِي يُجْعَلُ بِهِ كَاذِبًا فِيمَا رَمَاهَا بِهِ، سَاقِطَ الشَّهَادَةِ فِي الْمُسْتَأْنَفِ، وَأَمَّا إِذَا كَانَتْ أَمَةً لَا حَدَّ عَلَى قَاذِفِهَا، فَإِنَّهُ يَكُونُ مَحْدُودًا فِي الزِّنَى أَقَرَّ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ فِيمَا أَقَرَّ بِهِ غَيْرَ حَدِّ الزِّنَى الَّذِي أَقَرَّ بِهِ، وَإِذَا كَانَتْ حُرَّةً كَانَ عَلَيْهِ لَهَا حَدُّ الْقَذْفِ الَّذِي نُحِيطُ عِلْمًا أَنَّهُ لَا يَكُونُ عَلَيْهِ مَعَهُ حَدُّ الزِّنَى، فَبَانَ بِحَمْدِ اللهِ وَنِعْمَتِهِ أَنْ لَا حُجَّةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لِمَنِ ادَّعَى فِيهِ الْخِلَافَ لَهُ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ، وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ