الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ: " إِنَّ هَذَا الْمَالَ حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ
"
4886 -
حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْجِيزِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي عَبَّادٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ خَوْلَةَ قَالَ: جِئْنَاهَا لِنَسْأَلَهَا عَنْ حَدِيثٍ سَمِعَتْهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَتْ تَحْتَ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رضي الله عنه فَخَلَفَ عَلَيْهَا بَعْدَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ، فَجَاءَ زَوْجُهَا، وَنَحْنُ عِنْدَهَا، فَقَالَ: مَا جَاءَ بِكُمْ؟ قُلْنَا: جِئْنَاهَا لِنَسْأَلَهَا عَنْ حَدِيثٍ سَمِعَتْهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لَهَا: انْظُرِي مَا تُحَدِّثِينَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَإِنَّ كَذِبًا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَيْسَ كَالْكَذِبِ قَالَتْ: أَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَدْ دَخَلَ عَلَى عَمِّهِ يَعُودُهُ، يَقُولُ:" إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، فَمَنْ أَخَذَهُ بِحَقِّهِ بُورِكَ لَهُ فِيهِ، وَرُبَّ مُتَخَوِّضٍ فِيمَا اشْتَهَتْ نَفْسُهُ مِنْ مَالِ اللهِ عز وجل وَرَسُولِهِ، لَهُ النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ "
⦗ص: 395⦘
فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ، فَوَجَدْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ بِتَحْقِيقٍ أَخَذَهُ إِيَّاهُ عَنْ خَوْلَةَ وَسَمَاعًا لَهُ مِنْهَا، وَوَجَدْنَا الَّذِي حَدَّثَ بِهِ عَنْهُ مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ ثُمَّ وَجَدْنَا دَاوُدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَطَّارَ قَدْ خَالَفَ مُسْلِمًا فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ، فَذَكَرَ أَنَّهُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ لَا عَنْ خَوْلَةَ
4887 -
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَطَّارُ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ ، عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ ، فَمَنْ أَخَذَهُ بِحَقِّهِ بُورِكَ لَهُ فِيهِ، وَرُبَّ مُتَخَوِّضٍ فِي مَالِ اللهِ عز وجل وَرَسُولِهُ صلى الله عليه وسلم، فِيمَا اشْتَهَتْ نَفْسُهُ، لَهُ النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ "
4888 -
وَكَمَا حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ رِجَالٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الشَّافِعِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ الْعَطَّارُ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَتَأَمَّلْنَا رِوَايَةَ مُسْلِمٍ لِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ خَوْلَةَ: هَلْ هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ كَمَا رَوَاهُ عَنْهَا
4889 -
فَوَجَدْنَا الرَّبِيعَ بْنَ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيَّ، وَمُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَدْ حَدَّثَانَا قَالَ الرَّبِيعُ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ قَالَ: أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنَا أَبِي وَشُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ قَالَا: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، ثُمَّ اجْتَمَعَا، فَقَالَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ ، عَنْ عُبَيْدٍ أَبِي الْوَلِيدِ قَالَ:
⦗ص: 397⦘
سَمِعْتُ خَوْلَةَ ابْنَةَ قَيْسِ بْنِ قَهْدٍ، وَكَانَتْ تَحْتَ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ تَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " إِنَّ هَذَا الْمَالَ حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ مَنْ أَصَابَهُ بِحَقِّهِ بُورِكَ لَهُ فِيهِ، وَرُبَّ مُتَخَوِّضٍ فِيمَا شَاءَتْ نَفْسُهُ مِنْ مَالِ اللهِ عز وجل وَرَسُولِهِ، لَيْسَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَّا النَّارُ " فَوَقَفْنَا بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ سَعِيدًا الْمَقْبُرِيَّ لَمْ يَسْمَعْ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ خَوْلَةَ، وَأَنَّهُ إِنَّمَا سَمِعَهُ مِنْ عُبَيْدٍ أَبِي الْوَلِيدِ عَنْهَا، وَعُبَيْدٌ هَذَا هُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ: سَنُوطَا، قَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ
4890 -
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ ، عَنْ عُبَيْدٍ سَنُوطَا ، عَنْ خَوْلَةَ ابْنَةِ قَيْسٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ
⦗ص: 398⦘
4891 -
وَكَمَا حَدَّثَنَا الْمُطَّلِبُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ حَيَّانَ الْأَزْدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ ، عَنْ عُبَيْدٍ سَنُوطَا ، عَنْ خَوْلَةَ ابْنَةِ قَيْسٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ، ثُمَّ تَأَمَّلْنَا مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ ذِكْرِ خَوْلَةَ، هَلْ هُوَ عَلَى مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَمْ لَا؟
4892 -
فَوَجَدْنَا يُونُسَ بْنَ عَبْدِ الْأَعْلَى قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ: سَمِعْتُ حَيْوَةَ بْنَ شُرَيْحٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الْأَسْوَدِ: أَنَّهُ سَمِعَ النُّعْمَانَ بْنَ أَبِي عَيَّاشٍ الْأَنْصَارِيَّ يَقُولُ: إِنَّهُ سَمِعَ خَوْلَةَ ابْنَةَ ثَامِرٍ تَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، وَكَمْ مِنْ مُتَخَوِّضٍ فِي مَالِ اللهِ عز وجل وَرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم بِغَيْرِ الْحَقِّ، لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ النَّارُ "
⦗ص: 399⦘
4893 -
وَوَجَدْنَا الرَّبِيعَ بْنَ سُلَيْمَانَ الْجِيزِيَّ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَيْوَةُ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ، فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ نِسْبَةُ خَوْلَةَ إِلَى ثَامِرٍ، فَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ قَيْسُ بْنُ قَهْدٍ الَّذِي نُسِبَ إِلَيْهِ فِيمَا رُوِّينَا قَبْلَ هَذَا كَانَ يُلَقَّبُ بِثَامِرٍ، فَرَوَى بَعْضُهُمْ حَدِيثَهَا بِحَقِيقَةِ اسْمِ أَبِيهَا، وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ بِاللَّقَبِ الَّذِي كَانَ يُلَقَّبُ بِهِ ثُمَّ تَأَمَّلْنَا قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم:" إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ " فَذَكَرَ الْمَالَ وَهُوَ مُذَكَّرٌ بِمِثْلِ مَا يُذَكَّرُ بِهِ الْمُؤَنَّثُ، فَقَالَ:" خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ " وَلَمْ يَقُلْ: خَضِرًا حُلْوًا، فَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَنَا وَاللهُ أَعْلَمُ عَلَى رَدِّهِ الْمَالَ إِلَى الدُّنْيَا، وَإِذْ كَانَ الْمَالُ لَا يَكُونُ إِلَّا فِيهَا، وَوَكَّدَ ذَلِكَ بِمَا تُؤَكِّدُ الْعَرَبُ الْأَشْيَاءَ الَّتِي تُؤَكِّدُهَا، فَإِنَّهَا كَانَتْ إِذَا أَرَادَتْ ذَلِكَ اسْتَعْمَلَتْ فِيهِ مِثْلَ
⦗ص: 400⦘
هَذَا فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ جَمِيعًا، فَتَقُولُ فِي الْخَيْرِ: فُلَانٌ عَلَّامَةٌ، وَفُلَانٌ نَسَّابَةٌ، وَتَقُولُ فِي الشَّرِّ: فُلَانٌ هُمَزَةٌ، فُلَانٌ لُمَزَةٌ، فِي أَشْيَاءَ مِنْ هَذَا النَّوْعِ، فِيمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْهَا كِفَايَةٌ، وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ أَيْضًا
4894 -
كَمَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ مَعْبَدٍ الْجُهَنِيِّ عَنْ مُعَاوِيَةَ أَنَّهُ كَانَ لَا يَكَادُ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِشَيْءٍ، وَكَانَ لَا يَدَعُ هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ كُلَّ يَوْمِ جُمُعَةٍ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ قَالَ:" مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، وَإِنَّ هَذَا الْمَالَ حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ، فَمَنْ أَخَذَهُ بِحَقِّهِ بَارَكَ اللهُ فِيهَا، وَإِيَّاكُمْ وَالتَّمَادُحَ فَإِنَّهُ الذَّبْحُ "
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا يُقْضَى لِبَعْضِ الْقُرَّاءِ عَلَى بَعْضٍ مِمَّا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ فِي قِرَاءَتِهِمْ: {مِنْ لَدُنِّي} [الكهف: 76] مِنَ التَّثْقِيلِ وَمِنَ التَّخْفِيفِ
4895 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ الرَّقِّيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ حَمْزَةَ الزَّيَّاتِ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا ذَكَرَ أَحَدًا، فَدَعَا لَهُ، بَدَأَ بِنَفْسِهِ، فَقَالَ ذَاتَ يَوْمٍ: " رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْنَا، وَعَلَى مُوسَى، لَوْ لَبِثَ مَعَ صَاحِبِهِ، لَأَبْصَرَ الْعَجَبَ الْعُجَابَ، وَلَكِنَّهُ قَالَ:{إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي} [الكهف: 76] مُثَقَّلَةٌ
4896 -
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الْحَفَرِيُّ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ ، عَنْ حَمْزَةَ الزَّيَّاتِ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَرَأَ {إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا} [الكهف: 76] مُثَقَّلَةً
4897 -
وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أُمَيَّةُ بْنُ خَالِدٍ ، عَنْ شُعْبَةَ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ: {قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا} [الكهف: 76] بِثِقَلِ النُّونِ قَالَ: وَهَذَا مِمَّا لَا نَعْلَمُ لِمَنْ رَوَاهُ فِيهُ مُخَالِفًا عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا رَوَاهُ عَنْهُ عَلَيْهِ، فَأَمَّا اخْتِلَافُ الْقُرَّاءِ فِي ذَلِكَ وَكَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عِمْرَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ الْأَعْمَشُ: (مِنْ لَدُنِّيَّ) مُشَدَّدٌ، حَمْزَةُ كَمِثْلٍ، أَبُو عَمْرٍو كَمِثْلٍ، عَاصِمٌ:(لَدْنِي) ، مَكْسُورَةُ النُّونِ، وَبِجَزْمِ الدَّالِ، وَيُشِمُّهَا الضَّمَّةَ، وَبِنَصْبِ اللَّامِ فِي السُّورَةِ (مِنْ لَدْنِهِ) مِثْلِهَا، وَلِنَافِعٍ:(مِنْ لَدُنِي) مُخَفَّفَةٌ وَفِيمَا أَجَازَهُ لَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ الْقَاسِمِ بْنِ
⦗ص: 404⦘
سَلَّامٍ فِي كِتَابِهِ فِي " الْقِرَاءَاتِ " قَالَ: وَقَوْلُهُ {قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا} [الكهف: 76] كَانَ نَافِعٌ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ يَقْرَءُونَهَا بِفَتْحِ اللَّامِ وَتَخْفِيفِ النُّونِ مَعَ ضَمِّ الدَّالِ: (لَدُنِي) ، وَكَذَلِكَ قَرَأَهَا عَاصِمٌ، إِلَّا أَنَّهُ كَانَ يُشِمُّ اللَّامَ الضَّمَّةَ، مَعَ جَزْمِ الدَّالِ (لَدْنِي) ، وَأَمَّا الْأَعْمَشُ وَأَبُو عَمْرٍو وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا يُثَقِّلُونَ النُّونَ مَعَ فَتْحِ اللَّامِ وَضَمِّ الدَّالِ:{لَدُنِّي} [الكهف: 76] قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَكَذَلِكَ الْقِرَاءَةُ عِنْدَنَا، وَهِيَ اللُّغَةُ الْعَالِيَةُ، وَإِنَّمَا ثُقِّلَتِ النُّونُ لِيَسْلَمَ سُكُونُهَا، وَهِيَ مِنَ الْأَصْلِ سَاكِنَةٌ، كَقَوْلِهِمْ فِي " مِنْ "، وَ " عَنْ "، أَلَا تَرَى أَنَّ النُّونَ مِنْهُمَا سَاكِنَةٌ فِي الْأَصْلِ، كَقَوْلِكَ: مِنْ فُلَانٍ، وَعَنْكَ، فَإِذَا أَضَفْتَ إِلَى نَفْسِكَ، قُلْتَ: مِنِّي، وَعَنِّي، فَزِدْتَ نُونًا ثَانِيَةً، لِيَسْلَمَ السُّكُونُ الَّذِي كَانَ فِيهَا، وَلَوْ قُلْتَ: مِنِّي وَعَنِّي مُخَفَّفَتَيْنِ، لَذَهَبَ السُّكُونُ، وَصَارَتِ النُّونُ إِلَى الْكِسَرِ، فَلِهَذَا قَالُوا: مِنِّي وَعَنِّي بِالتَّشْدِيدِ كَذَا لَدُنِّي قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَمِمَّا جَاءَ ذِكْرُهُ فِي الْقُرْآنِ فِي نُونِ الْجَمَاعَةِ فِي " لَدُنْ ": {لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا} [الأنبياء: 17]، {أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا} [القصص: 57] ، {وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً} [مريم: 13] ، وَفِي إِجْمَاعِهِمْ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ أَوْلَى الْقِرَاءَاتِ فِيمَا قَدْ ذَكَرْنَا اخْتِلَافَهُمْ فِيهِ مَا كَانَ يَقْرَؤُهُ الْأَعْمَشُ وَحَمْزَةُ وَأَبُو عَمْرٍو عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُمْ فِي ذَلِكَ لَا سِيَّمَا قَدْ شُدَّ ذَلِكَ بِمَا قَدْ رُوِّينَاهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيهِ مِمَّا يُوَافِقُ مَا قَرَءُؤُهُ عَلَيْهِ وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ