الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي صَلَاتِهِ عَلَى النَّجَاشِيِّ بِالْمَدِينَةِ، وَهَلْ كَانَ ذَلِكَ، وَالنَّجَاشِيُّ حِينَئِذٍ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ أَوِ بِالْمَدِينَةِ
4850 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْأَزْدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ الْعَطَّارُ ، عَنْ يَحْيَى يَعْنِي ابْنَ أَبِي كَثِيرٍ ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" إِنَّ أَخَاكُمُ النَّجَاشِيُّ قَدْ مَاتَ، فَصَلُّوا عَلَيْهِ " قَالَ: وَنَحْنُ نَرَى أَنَّ الْجِنَازَةَ قَدْ أَتَتْ قَالَ: فَصَفَفْنَا فَصَلَّيْنَا عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا مَاتَ بِالْحَبَشَةِ، فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ دَخَلَ الْمَدِينَةَ
⦗ص: 330⦘
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِمَّا كَانَ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَمْرِ النَّجَاشِيِّ: أَنَّهُ حُمِلَ إِلَى الْمَدِينَةِ بِلَطِيفِ قُدْرَةِ اللهِ عز وجل فِي الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ حَتَّى صَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، كَمَا يُصَلِّي عَلَى مَنْ مَاتَ عِنْدَهُ بِالْمَدِينَةِ وَدَفَعَ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ حُجَّةٌ لِمَنْ أَطْلَقَ الصَّلَاةَ عَلَى الْمَيِّتِ الْغَائِبِ، وَكَانَ مَا كَانَ مِنَ اللهِ عز وجل فِي ذَلِكَ مِنْ لَطِيفِ قَدْرَتِهِ كَمِثْلِ مَا كَانَ مِنْهُ لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا كَذَّبَتْهُ قُرَيْشٌ حِينَ أَخْبَرَهُمْ: أَنَّهُ أُسْرِيَ بِهِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى بَيْتِهِ مِنْ لَيْلَتِهِ
4851 -
كَمَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا شُجَاعُ بْنُ أَشْرَسَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ وَهُوَ الْمَاجِشُونُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ
⦗ص: 331⦘
الْفَضْلِ وَهُوَ الْهَاشِمِيُّ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " لَقَدْ رَأَيْتُنِي فِي الْحِجْرِ، وَقُرَيْشٌ تَسْأَلُنِي عَنْ مَسْرَايَ، فَسَأَلُونِي عَنْ أَشْيَاءَ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ لَمَا أَتَيْتُهَا، فَكَرَبْتُ كَرْبًا مَا كَرَبْتُ مِثْلَهُ قَطُّ، فَرَفَعَهُ اللهُ عز وجل إِلَيَّ أَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَمَا سَأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ إِلَّا أَنْبَأْتُهُمْ بِهِ "
4852 -
كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ: قَالَ: ابْنُ شِهَابٍ، قَالَ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " لَمَّا كَذَّبَتْنِي قُرَيْشٌ، قُمْتُ فِي الْحِجْرِ، فَجَلَّى الله عز وجل لِي بَيْتَ الْمَقْدِسِ، فَطَفِقْتُ أُخْبِرُهُمْ عَنْ أَثَاثِهِ، وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ "
⦗ص: 332⦘
4853 -
وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا قتبيَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ عُقَيْلٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ جَابِرٍ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ فَقَالَ قَائِلٌ: تَفْسِيرُ هَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَيْتَهُ عَنْ عِمْرَانَ مُحَالٌ؛ لِأَنَّ فِيهِ: أَنَّ الْجِنَازَةَ أَتَتْ فِيمَا يَرَوْنَهُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَنَّ صَلَاتَهُ عَلَيْهِ كَانَ حِينَ دَخَلَ الْمَدِينَةَ، وَالْجِنَازَةُ لَا إِتْيَانَ لَهَا، وَالنَّجَاشِيُّ لَا دُخُولَ لَهُ؛ لِأَنَّ الدُّخُولَ إِنَّمَا يَكُونُ مِنَ الْأَحْيَاءِ لَا مِنَ الْأَمْوَاتِ،
⦗ص: 333⦘
فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ الْقَوْلِ بِتَوْفِيقِ اللهِ جَلَّ وَعَزَّ وَعَوْنِهِ: إِنَّ هَذَا وَنَحْوَهُ قَدْ يُذْكَرُ بِهِ الْأَمْوَاتُ كَمَا يُذْكَرُ بِهِ الْأَحْيَاءُ؛ لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ: قَدْ حَضَرَتِ الْجِنَازَةُ بِمَعْنَى: قَدْ أُحْضِرَتِ الْجِنَازَةُ، وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ فِي كَلَامِهِمْ، حَتَّى يُقَالَ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللهِ عز وجل قَالَ اللهُ تبارك وتعالى:{أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ} [الأعراف: 97]{أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ} فَأَضَافَ الْإِتْيَانَ إِلَى الْبَأَسِ، وَالْبَأْسُ لَا يَأْتِي، إِنَّمَا يُؤْتَى بِهِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُهُ عز وجل:{وَضَرَبَ اللهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ} [النحل: 112] الْآيَةَ، وَكَانَ إِتْيَانُ الرِّزْقِ إِيَّاهَا: إِنَّمَا هُوَ بِإِتْيَانِ مَنْ يَأْتِي بِهِ إِلَيْهَا، فَمِثْلُ ذَلِكَ أَيْضًا: إِتْيَانُ الْجِنَازَةِ إِلَى مَا كَانَ عِنْدَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ إِتْيَانِهَا إِلَيْهِ، وَدُخُولِ النَّجَاشِيِّ الْمَدِينَةَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي دَخَلَهَا هُوَ عَلَى ذَلِكَ مِمَّا فَعَلَهُ مِنْ سِوَى الْجِنَازَةِ، وَسِوَى النَّجَاشِيِّ، فَارْتَفَعَ بِحَمْدِ اللهِ أَنْ يَكُونَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ اسْتِحَالَةٌ كَمَا ذَكَرَ هَذَا الْمُدَّعِي لِذَلِكَ، وَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَدْفَعُ أَنْ يَكُونَ لِمَنْ يَرَى الصَّلَاةَ عَلَى الْمَيِّتِ الْغَائِبِ فِيهِ حُجَّةٌ، وَمِمَّنْ كَانَ لَا يَرَى الصَّلَاةَ عَلَى الْمَيِّتِ الْغَائِبِ: أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَأَصْحَابُهُمَا، وَاللهَ عز وجل نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ