الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْثِهِ مَنْ كَانَ بَعَثَهُ فِي قِتَالِ مَنْ بَعَثَهُ لِقِتَالِهِ بِلَا إِمْرَةٍ كَانَ أَمْرُهُ فِي ذَلِكَ
4878 -
حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي الْمُجَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه قَالَ: لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ جَاءَتْهُ جُهَيْنَةُ، فَقَالُوا: إِنَّكَ قَدْ نَزَلَتْ بَيْنَ أَظْهُرِنَا، فَأَوْثِقْ لَنَا حَتَّى نُأَمِّنَكَ، وَتُأَمِّنَنَا، فَأَوْثَقَ لَهُمْ لَوْ لَمْ يُسْلِمُوا، فَبَعَثَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي رَجَبٍ، وَأَمَرَنَا أَنْ نُغِيرَ عَلَى حَيٍّ مِنْ كِنَانَةَ إِلَى جَنْبِ جُهَيْنَةَ، فَأَغَرْنَا عَلَيْهِمْ، فَكَانُوا كَثِيرًا، فَلَجَأْنَا إِلَى جُهَيْنَةَ، فَمَنَعُونَا، وَقَالُوا: لِمَ تُقَاتِلُونَ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ؟ فَقُلْنَا: إِنَّمَا نُقَاتِلُ مَنْ أَخْرَجَنَا مِنَ الْبَلَدِ الْحَرَامِ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ، فَقَالَ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ: مَا تَرَوْنَ؟ قَالُوا: نَأْتِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَنُخْبِرُهُ، وَقَالَ قَوْمٌ: لَا، بَلْ نُقِيمُ هَاهُنَا، وَقُلْتُ أَنَا فِي أُنَاسٍ مَعِي:
⦗ص: 382⦘
لَا بَلْ نَأْتِي عِيرَ قُرَيْشٍ هَذِهِ، فَنَقْتَطِعُهَا، فَانْطَلَقْنَا إِلَى الْعِيرِ، وَكَانَ الْفَيْءُ إِذْ ذَاكَ مَنْ أَخَذَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ، وَانْطَلَقَ أَصْحَابُنَا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَأَخْبَرُوهُ، فَقَامَ غَضْبَانَ، مُحْمَرَّ الْوَجْهِ، فَقَالَ:" ذَهَبْتُمْ جَمِيعًا، وَجِئْتُمْ مُتَفَرِّقِينَ؟ إِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْفُرْقَةُ، لَأَبْعَثَنَّ عَلَيْكُمْ رَجُلًا لَيْسَ بِخَيْرِكُمْ، أَصْبَرُكُمْ عَلَى الْجُوعِ وَالْعَطَشِ " فَبَعَثَ عَلَيْنَا عَبْدَ اللهِ بْنَ جَحْشٍ الْأَسَدِيَّ، فَكَانَ أَوَّلَ أَمِيرٍ فِي الْإِسْلَامِ فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ ذَلِكَ الْجَيْشَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَمِيرٌ، فَقَالَ قَائِلٌ: كَيْفَ تَقْبَلُونَ هَذَا، وَقَدْ رُوِّيتُمْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟
⦗ص: 383⦘
فَذَكَرَ مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ: " إِذَا كُنْتُمْ ثَلَاثَةً فِي سَفَرٍ، فَأَمِّرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدَكُمْ " فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عز وجل وَعَوْنِهِ: أَنَّ حَدِيثَ سَعْدٍ كَانَ مُتَقَدِّمًا، وَكَانَ مِنَ الْمَبْعُوثِينَ فِيمَا بُعِثُوا لَهُ مَا كَانَ مِنْهُمْ مِنَ الِاخْتِلَافِ، فَكَانَ مِنَ اللهِ عز وجل فِي ذَلِكَ لِكَرَاهَتِهِ الِاخْتِلَافَ مَا قَدْ أَجْرَى أُمُورَ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمُسْتَأْنَفِ عَلَى خِلَافِهِ مِنَ التَّأْمِيرِ عَلَى جُيُوشِهِ لِتَرْجِعَ الْأُمُورُ إِلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ يَجِبُ عَلَى مَنْ مَعَهُ طَاعَتُهُ، وَتَرْكُ الْخُرُوجِ عَنْ قَوْلِهِ، وَشَدَّ ذَلِكَ مَا أَنْزَلَهُ عز وجل فِي كِتَابِهِ مِنْ قَوْلِهِ:{وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الأنفال: 46] ، وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ