الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ: " انْظُرُوا إلَى قُرَيْشٍ، فَاسْمَعُوا مِنْ قَوْلِهِمْ، وَذَرُوا فِعْلَهُمْ
"
3131 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحْرِزٍ أَبُو عَبْدِ اللهِ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ الْعَبْدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَامِرِ بْنِ شَهْرٍ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " انْظُرُوا إلَى قُرَيْشٍ فَاسْمَعُوا مِنْ قَوْلِهِمْ، وَذَرُوا فِعْلَهُمْ ".
⦗ص: 157⦘
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ فَكَانَ مَعْنَاهُ عِنْدَنَا، وَاللهُ أَعْلَمُ، أَنَّ الْمُرَادِينَ مِنْ قُرَيْشٍ الْمَأْمُورَ بِالِاسْتِمَاعِ مِنْ قَوْلِهِمْ هُمْ ذَوُو الْقَوْلِ الَّذِي يَجِبُ أَنْ يُسْتَمَعَ لَا مَنْ سِوَاهُمْ مِمَّنْ لَيْسَ مِنْ ذَوِي الْقَوْلِ الَّذِي يَجِبُ أَنْ يُسْتَمَعَ. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ:" وَذَرُوا فِعْلَهُمْ " هُوَ أَيْضًا عَلَى مَنْ كَانَ مِنْهُمْ مِنْ ذَوِي الْفِعْلِ الْمَذْمُومِ، لَا مَنْ سِوَاهُمْ مِنْ ذَوِي الْفِعْلِ الْمَحْمُودِ ، وَاللهَ عز وجل نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ.
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الِاخْتِيَارِ مِمَّا قُرِئَ عَلَيْهِ قَوْلُ اللهِ عز وجل: {اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ} [الروم: 54] أَوْ: (مِنْ ضُعْفٍ) عَلَى مَا قُرِئَ عَلَيْهِ مِنْ هَذَيْنِ الْحَرْفَيْنِ
3132 -
حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ الْأَسَدِيُّ الْكُوفِيُّ، وَحَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ الْكَيْسَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْخُرَاسَانِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ مَرْزُوقٍ، عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ: (اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضُعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضُعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضُعْفًا)، فَرَدَّ عَلَيَّ:{اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً، ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا} [الروم: 54] ثُمَّ قَالَ لِي: " قَرَأْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَمَا قَرَأْتَ عَلَيَّ، فَرَدَّ عَلَيَّ كَمَا رَدَدْتُ عَلَيْكَ ".
⦗ص: 159⦘
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَهَذَا حَدِيثٌ لَا نَعْلَمُ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الْبَابِ غَيْرُهُ، وَفِيهِ رَدُّهُ عَلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ {ضَعْفًا} [الأعراف: 38] مَكَانَ قِرَاءَتِهِ (ضُعْفًا) ، وَإِنْ كَانَ الْقُرَّاءُ قَدِ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ، فَقِرَاءَةُ بَعْضِهِمْ عَلَى {ضَعْفٍ} [الأعراف: 38] ، وَقِرَاءَةُ بَعْضِهِمْ عَلَى (ضُعْفٍ) . فَالَّذِي عِنْدَنَا أَنَّ الْأَوْلَى فِي ذَلِكَ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيهِ، وَإِنْ كَانَ وَاسِعًا لِلنَّاسِ أَنْ يَقْرَءُوا الْقِرَاءَةَ الْأُخْرَى ; لِأَنَّ مُحَالًا عِنْدَنَا أَنْ يَكُونُوا قَرَءُوهَا إِلَّا مِنْ حَيْثُ جَازَ لَهُمْ أَنْ يَقْرَءُوهَا، وَلِأَنَّهُ قَدْ قَرَأَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ هَذَا الْحَرْفَ عَلَى مَا قَرَأَهُ عَلَيْهِ مَنْ قَرَأَهَا {ضَعْفًا} [الأعراف: 38] . وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الِاخْتِلَافُ كَانَ فِي ذَلِكَ جَاءَ مِنَ الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي هَذِهِ الْأَبْوَابِ مِمَّا كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقْرَؤُهُ عَلَى النَّاسِ فَيَأْخُذُونَهُ عَنْهُ كَمَا يَقْرَؤُهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ يَعْرِضُ الْقُرْآنَ عَلَى
⦗ص: 160⦘
جِبْرِيلُ صَلَّى الله عَلَيْهِمَا فَيُبَدِّلُ مِنْ ذَلِكَ مَا يُبَدِّلُ فَيَكُونُ أَحَدُ هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ قَدْ لَحِقَهُ التَّبْدِيلُ ، وَيَكُونُ الْمَعْنَى الْآخَرُ هُوَ الَّذِي جُعِلَ مَكَانَ الْمَعْنَى الْأَوَّلِ ، وَإِنْ لَمْ يَرْوُوهُ نَصًّا عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَاتَّسَعَ بِذَلِكَ عِنْدَنَا الْقِرَاءَةُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْحَرْفَيْنِ، غَيْرَ أَنَّ مَا فَصَلَ مِنْ هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ الْمَعْنَى الْآخَرُ مِنْهُمَا بِحِكَايَةِ مَنْ حَكَاهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ رَدِّهِ إيَّاهُ عَلَى مَنْ قَرَأَ عَلَيْهِ الْحَرْفَ الْآخَرَ مِنْ ذَيْنِكَ الْحَرْفَيْنِ بِالِاخْتِيَارِ أَوْلَى، وَاللهَ عز وجل نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ. وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْقِرَاءَةِ فِي هَذَا الْحَرْفِ، فَقَرَأَهُ بَعْضُهُمْ بِالضَّمِّ، وَمِمَّنْ قَرَأَهُ مِنْهُمْ كَذَلِكَ أَبُو جَعْفَرٍ، وَشَيْبَةُ، وَنَافِعٌ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، وَأَبُو عَمْرٍو، وَالْكِسَائِيُّ. وَقَرَأَهُ بَعْضُهُمْ بِالْفَتْحِ، وَمِمَّنْ قَرَأَهُ مِنْهُمْ كَذَلِكَ يَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ، وَعَاصِمٌ، وَالْأَعْمَشُ، وَكَذَلِكَ أَجَازَهُ لَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، وَذُكِرَ لَنَا عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ اخْتِيَارَهُ لِلْقِرَاءَةِ الْأُولَى (مِنْ ضُعْفٍ) ، اتِّبَاعًا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَعَ مَنِ اتَّبَعَهُ عَلَيْهَا، وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ.