الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا كَانَ مِنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه فِي قِسْمَتِهِ خُمُسَ مَا بُعِثَ فِي قِسْمَتِهِ مِنَ السَّبْيِ وَوُقُوعِ الْوَصِيفَةِ الَّتِي كَانَتْ فِيهِ فِي آلِهِ، وَمَا كَانَ مِنْهُ فِيهَا مِنْ وَطْئِهِ لَهَا، وَمِنْ تَنَاهِي ذَلِكَ إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِلَا اسْتِبْرَاءٍ مَذْكُورٍ
فِيهِ، وَتَرْكِ إنْكَارِ ذَلِكَ عَلَيْهِ
3051 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ يَعْنِي ابْنَ رَاهْوَيْهِ قَالَ: حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَلِيلِ بْنُ عَطِيَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ أَبْغَضَ إلَيَّ مِنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ حَتَّى أَحْبَبْتُ رَجُلًا مِنْ قُرَيْشٍ لَا أُحِبُّهُ إِلَّا عَلَى بُغْضِ عَلِيٍّ، فَبُعِثَ ذَلِكَ الرَّجُلَ عَلَى خَيْلٍ فَصَحِبْتُهُ، وَمَا أَصْحَبُهُ إِلَّا عَلَى بَغْضَاءِ عَلِيٍّ، فَأَصَابَ سَبْيًا، فَكَتَبَ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَبْعَثْ لَهُ مَنْ يُخَمِّسُهُ، فَبَعَثَ إلَيْنَا عَلِيًّا رضي الله عنه، وَفِي السَّبْيِ وَصِيفَةٌ مِنْ أَفْضَلِ السَّبْيِ، فَلَمَّا خَمَّسَهُ صَارَتِ الْوَصِيفَةُ فِي الْخُمُسِ، ثُمَّ خَمَّسَ فَصَارَتْ فِي أَهْلِ بَيْتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ خَمَّسَ فَصَارَتْ فِي آلِ عَلِيٍّ، فَأَتَانَا وَرَأْسُهُ
⦗ص: 59⦘
تَقْطُرُ، فَقُلْنَا: مَا هَذَا؟ فَقَالَ: " أَلَمْ تَرَوْا إلَى الْوَصِيفَةِ صَارَتْ فِي الْخُمُسِ، ثُمَّ صَارَتْ فِي آلِ بَيْتِ النَّبِيِّ عليه السلام، ثُمَّ صَارَتْ فِي آلِ عَلِيٍّ، وَقَعْتُ عَلَيْهَا "، فَكَتَبَ وَبَعَثَنِي مُصَدِّقًا لِكِتَابِهِ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمَا قَالَ عَلِيٌّ، فَجَعَلْتُ أَقُولُ عَلَيْهِ وَيَقُولُ: صَدَقَ، وَأَقُولُ وَيَقُولُ: صَدَقَ، فَأَمْسَكَ بِيَدِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:" أَتَبْغَضُ عَلِيًّا؟ " فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ:" لَا تَبْغَضْهُ، وَإِنْ كُنْتَ تُحِبُّهُ فَازْدَدْ لَهُ حُبًّا، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَنَصِيبُ آلِ عَلِيٍّ فِي الْخُمُسِ أَفْضَلُ مِنْ وَصِيفَةٍ " فَمَا كَانَ أَحَدٌ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَحَبَّ إلَيَّ مِنْ عَلِيٍّ ". قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ بُرَيْدَةَ: " وَاللهِ مَا فِي الْحَدِيثِ بَيْنِي وَبَيْنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم غَيْرُ أَبِي.
⦗ص: 60⦘
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَمَّادٍ قَالَ: حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ قَالَ: حَمَلْتُ حَدِيثَ عَلِيِّ بْنِ سُوَيْدٍ يَعْنِي ابْنَ مَنْجُوفٍ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ فِي عَلِيٍّ، فَلَمَّا كَتَبْتُهُ ذَهَبَ مِنِّي لِغَيْرِ شَكٍّ بَقِيَ مِنْهُ فِيهِ "، وَقَدْ حَدَّثَنَا بِهِ يَحْيَى ، عَنْ عَبْدِ الْجَلِيلِ بْنِ عَطِيَّةَ ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَعَادَ هَذَا الْحَدِيثُ إلَى رِوَايَةِ النَّضْرِ بْنِ شُمَيْلٍ ، وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ إيَّاهُ ، عَنْ عَبْدِ الْجَلِيلِ بْنِ عَطِيَّةَ. فَقَالَ قَائِلٌ: وَكَيْفُ يَجُوزُ أَنْ تَقْبَلُوا هَذَا الْحَدِيثَ إذْ كَانَ فِيهِ أَنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه قَسَّمَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَهْلِ الْخُمُسِ مَا ذَكَرْتَ قِسْمَتَهُ فِيهِ وَهُوَ شَرِيكٌ فِي ذَلِكَ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ يُقَاسِمُ نَفْسَهُ لِنَفْسِهِ وَلِغَيْرِهِ. فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عز وجل وَعَوْنِهِ: أَنَّ مَا يُقَسَّمُ بِالْوِلَايَةِ مِنَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي مِنْ هَذَا الْجِنْسِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ هُوَ شَرِيكٌ فِي ذَلِكَ، كَمَا يُقَسِّمُ الْإِمَامُ بِالْإِمَامَةِ الْغَنَائِمَ بَيْنَ أَهْلِهَا وَهُوَ مِنْهُمْ ، وَإِذَا كَانَ الْإِمَامُ كَذَلِكَ فِيمَا ذَكَرْنَا كَانَ مَنْ يَقْسِمُهُ لِذَلِكَ سِوَاهُ يَقُومُ فِيهِ مَقَامَهُ، فَبَانَ بِحَمْدِ اللهِ وَنِعْمَتِهِ صِحَّةُ هَذَا الْمَعْنَى مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ.
⦗ص: 61⦘
ثُمَّ عَادَ هَذَا الْقَائِلُ سَائِلًا لَنَا فَقَالَ: فَإِنَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا مَا لَا يَجُوزُ لَكُمْ قَبُولُهُ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه فِي الْوَصِيفَةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ مِنْ وُقُوعِهِ عَلَيْهَا ; لِأَنَّهَا إنَّمَا كَانَتْ صَارَتْ فِي آلِهِ، وَآلُهُ غَيْرُهُ، فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عز وجل وَعَوْنِهِ: أَنَّ الْمُرَادَ بِآلِهِ هُوَ نَفْسُهُ عليه السلام، بِمَعْنَى أَنَّهَا وَقَعَتْ فِي نَصِيبِهِ، فَكَانَ مِنْهُ فِيهَا مَا كَانَ ; لِأَنَّ الْعَرَبَ تَجْعَلُ آلَ الرَّجُلِ الرَّجُلَ، وَتَجْعَلُ آلَهَ صُلْبَهُ. وَمِنْهُ مَا قَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا خَاطَبَ بِهِ عَبْدَ اللهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى لَمَّا جَاءَ بِصَدَقَةِ أَبِيهِ.
3052 -
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، وَأَبُو زَيْدٍ صَاحِبُ الْهَرَوِيِّ، وَأَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالُوا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذَا أَتَاهُ قَوْمٌ بِصَدَقَتِهِمْ قَالَ: " اللهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِمْ "، قَالَ " فَأَتَاهُ أَبِي بِصَدَقَتِهِ، فَقَالَ: " اللهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى ".
⦗ص: 62⦘
فَكَانَ ذَلِكَ بِمَعْنَى: اللهُمَّ صَلِّ عَلَى أَبِي أَوْفَى، وَمِنْ ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي أَبِي مُوسَى " لَقَدْ أُوتِيَ هَذَا مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ صلى الله عليه وسلم " بِمَعْنَى: مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ دَاوُدَ صلى الله عليه وسلم. وَالْآلُ صِلَةٌ ; لِأَنَّ الْمَزَامِيرَ إنَّمَا كَانَتْ لِدَاوُدَ صلى الله عليه وسلم لَا لِغَيْرِهِ مِنْ آلِهِ، وَلَا مِمَّنْ سِوَاهُمْ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا هُوَ أَجَلُّ مِنْ هَذَا، وَهُوَ قَوْلُهُ عز وجل:{أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [غافر: 46] ، لَا لِإِخْرَاجِ فِرْعَوْنَ مِنْهُمْ، وَهُوَ دَاخِلٌ فِيهِمْ، وَأَمَّا مَا سِوَى هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ بِمَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ وَطْءِ عَلِيٍّ رضي الله عنه الْوَصِيفَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِلَا اسْتِبْرَاءٍ كَانَ مِنْهُ فِيهَا، فَإِنَّ الَّذِي أَتَيْنَا بِهِ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا الْبَابِ يُغْنِينَا عَنِ الْكَلَامِ فِي ذَلِكَ فِي هَذَا الْبَابِ، وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ.