الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الرَّجُلِ الَّذِي كَانَ يَكْتُبُ لَهُ فَكَانَ يُمْلِي عَلَيْهِ: عَلِيمًا حَكِيمًا، فَيَكْتُبُ: سَمِيعًا عَلِيمًا، وَلَا يُنْكِرُ ذَلِكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْهُ، فَارْتَدَّ عَنِ الْإِسْلَامِ، هَلْ كَانَ مِنْ قُرَيْشٍ أَوْ مِنَ الْأَنْصَارِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ
3226 -
حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ أَبِي الْحَجَّاجِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: " كَانَ رَجُلٌ نَصْرَانِيُّ فَأَسْلَمَ وَقَرَأَ الْبَقَرَةَ، وَآلَ عِمْرَانَ، وَكَتَبَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَعَادَ نَصْرَانِيًّا، فَكَانَ يَقُولُ: مَا يَقْرَأُ مُحَمَّدٌ إلَّا مَا كَتَبْتُ لَهُ، فَأَمَاتَهُ اللهُ عز وجل، فَدَفَنُوهُ فَأَصْبَحَ قَدْ لَفَظَتْهُ الْأَرْضُ، فَقَالُوا: هَذَا عَمَلُ مُحَمَّدٍ، إنَّهُ وَأَصْحَابَهُ نَبَشُوا عَلَى صَاحِبِنَا فَأَلْقَوْهُ ، فَحَفَرُوا فَأَعْمَقُوا، فَأَصْبَحُوا قَدْ لَفَظَتْهُ الْأَرْضُ، فَقَالُوا: هَذَا عَمَلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ، نَبَشُوا عَلَى صَاحِبِنَا فَأَلْقَوْهُ. فَحَفَرُوا لَهُ فَأَعْمَقُوا لَهُ فِي الْأَرْضِ مَا اسْتَطَاعُوا، فَأَصْبَحَ قَدْ لَفَظَتْهُ
⦗ص: 260⦘
الْأَرْضُ، فَعَلِمُوا أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ النَّاسِ، فَأَلْقَوْهُ ". قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَبَانَ بِهَذَا الْحَدِيثِ بِحَمْدِ اللهِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْ قُرَيْشٍ وَلَا مِنَ الْأَنْصَارِ، وَأَنَّهُ كَانَ نَصْرَانِيًّا. فَقَالَ قَائِلٌ: قَدْ ذَكَرْتَ قَبْلَ هَذَا الْبَابِ فِي كِتَابِكَ هَذَا مَا دَفَعْتَ أَنْ يَكُونَ هَذَا الرَّجُلُ كَانَ الَّذِي يُمْلِي عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَيَكْتُبُ خِلَافَهُ يُمْضِيهِ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ مَعْنَى مَا أَمْلَى عَلَيْهِ مَعْنَى مَا كَتَبَهُ، وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ ذَلِكَ الرَّجُلَ كَانَ يَقُولُ: مَا يَقْرَأُ مُحَمَّدٌ إِلَّا مَا كَتَبْتُ لَهُ ، فَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ الَّذِي كَانَ يَكْتُبُهُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَانَ مِنَ الْقُرْآنِ. فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عز وجل وَعَوْنِهِ: أَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ مَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الَّذِي كَانَ يَكْتُبُهُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَانَ قُرْآنًا، إذْ كَانَ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ قُرْآنٍ، مِمَّا كَانَ يَكْتُبُهُ إلَى مَنْ يَدْعُوهُ إلَى اللهِ عز وجل مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ، ثُمَّ يَقْرَؤُهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى النَّاسِ الَّذِينَ يَحْضُرُونَهُ لِيَسْمَعُوهُ وَيَعْلَمُوهُ ، وَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهُ بِنَفْسِهِ، وَلَكِنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهُ بِأَمْرِهِ، فَيَكُونُ ذَلِكَ قِرَاءَةً لَهُ، وَلَيْسَ كُلُّ مَقْرُوءٍ قُرْآنًا ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ
⦗ص: 261⦘
فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ} ، وَقَالَ عز وجل:{اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا} [الإسراء: 14] ، فِي نَظَائِرَ لِذَلِكَ فِي الْقُرْآنِ كَثِيرَةٍ، يُغْنِي مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْهَا عَنْ ذِكْرِ بَقِيَّتِهَا. فَعَادَ مَعْنَى مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ إلَى مَا فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ وَلَيْسَ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ الَّذِي كَانَ يُمْلِيهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ فَيَكْتُبُ ذَلِكَ الرَّجُلُ خِلَافَهُ مِمَّا مَعْنَاهُ مَعْنَى الْقُرْآنِ فِي وَاحِدٍ مِنْ ذَيْنِكَ الْحَدِيثَيْنِ مِنَ الْقُرْآنِ ، وَاللهَ عز وجل نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ.