الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَحْكَامِ الْغُصُوبِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ الَّتِي اخْتَصَمُوا إلَيْهِ فِيهَا فِي الْإِسْلَامِ
3223 -
حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ جَمِيعًا قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ، عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ قَالَ:" كُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَتَاهُ رَجُلَانِ يَخْتَصِمَانِ فِي أَرْضٍ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: إنَّ هَذَا يَا رَسُولَ اللهِ انْتَزَى عَلَى أَرْضِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَهُوَ امْرُؤُ الْقَيْسِ بْنُ عَابِسٍ الْكِنْدِيُّ، وَخَصْمُهُ رَبِيعَةُ بْنُ عَيْدَانَ، فَقَالَ لَهُ: " بَيِّنَتُكَ بَيِّنَتُكَ "، قَالَ: لَيْسَ لِي بَيِّنَةٌ، قَالَ: " يَمِينُهُ "، قَالَ: إذَنْ يَذْهَبُ بِهَا، قَالَ: " لَيْسَ لَكَ إِلَّا ذَلِكَ "، فَلَمَّا قَامَ لِيَحْلِفَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنِ اقْتَطَعَ أَرْضًا ظَالِمًا لَقِيَ اللهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ "
3224 -
حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ الْكُوفِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:" جَاءَ رَجُلٌ مِنْ حَضْرَمَوْتَ وَرَجُلٌ مِنْ كِنْدَةَ إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ الْحَضْرَمِيُّ: يَا رَسُولَ اللهِ، إنَّ هَذَا غَلَبَنِي عَلَى أَرْضٍ كَانَتْ لِي، فَقَالَ الْكِنْدِيُّ: هِيَ أَرْضِي فِي يَدِي، أَزْرَعُهَا، لَيْسَ لَهُ فِيهَا حَقٌّ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِلْحَضْرَمِيِّ: " أَلَكَ بَيِّنَةٌ؟ "، قَالَ: لَا، فَقَالَ
⦗ص: 257⦘
النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " فَأَحْلِفْهُ "، فَقَالَ: إنَّهُ لَيْسَ لَهُ يَمِينٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" لَيْسَ لَكَ مِنْهُ إِلَّا ذَلِكَ "، فَانْطَلَقَ لِيُحَلِّفَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" أَمَا إنَّهُ إنْ حَلَفَ عَلَى مَالِكَ ظُلْمًا لِيَأْكُلَهُ لَقِيَ اللهَ عز وجل وَهُوَ عَنْهُ مُعْرِضٌ ".
3225 -
حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: ثنا جَنْدَلُ بْنُ وَالِقٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: فَقَالَ الْحَضْرَمِيُّ: " يَا رَسُولَ اللهِ، إنَّ هَذَا غَلَبَنِي عَلَى أَرْضٍ كَانَتْ لِأَبِي ". فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ خُصُومَةُ الرَّجُلَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فِيهِ إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَصْبٍ ادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ أَنَّهُ كَانَ مِنْهُ إيَّاهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، وَدُعَاءُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْمُدَّعِيَ بِبَيِّنَةٍ إنْ كَانَتْ لَهُ عَلَى مَا ادَّعَاهُ عِنْدَهُ مِنْ ذَلِكَ ، وَإِعْلَامُهُ إيَّاهُ أَنَّ لَهُ يَمِينَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنْ طَلَبَهَا. وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ أَقَامَ عِنْدَهُ بَيِّنَةً عَلَى مَا ادَّعَاهُ عِنْدَهُ ، لَحُكِمَ لَهُ بِهِ عَلَى مَنِ ادَّعَاهُ عَلَيْهِ عِنْدَهُ، وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْغَاصِبَ لِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مِلْكُهُ عَلَى الَّذِي كَانَ غَصَبَهُ إيَّاهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ بِغَصْبِهِ إيَّاهُ كَانَ مِنْهُ ، فَمِثْلُ ذَلِكَ الْحَرْبِيُّ يَغْصِبُ الْحَرْبِيَّ أَرْضًا فِي دَارِ
⦗ص: 258⦘
الْحَرْبِ، ثُمَّ يُسْلِمَانِ فَيَخْتَصِمَانِ فِيهَا إلَى إمَامِ الْمُسْلِمِينَ، أَنَّهُ يَنْظُرُ بَيْنَهُمَا فِي ذَلِكَ، وَحَكَمَ بَيْنَهُمَا فِيهِ كَمَا يَحْكُمُ فِي مِثْلِهِ لَوْ كَانَ بَيْنَ مُسْلِمَيْنِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ. وَقَدْ كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ يَذْهَبُ إلَى هَذَا الْقَوْلِ أَيْضًا، إِلَّا أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إنْ كَانَ مَلِكُهُمْ خُوصِمَ إلَيْهِ فِي ذَلِكَ فِي دَارِ مُلْكِهِ فَجَعَلَهُ لِغَاصِبِهِ بِغَصْبِهِ إيَّاهُ، ثُمَّ خُوصِمَ فِي ذَلِكَ إلَى إمَامِ الْمُسْلِمِينَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ أَمْضَى ذَلِكَ وَلَمْ يَرُدَّهُ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يُخَاصِمْ فِي ذَلِكَ إلَى مَلِكِهِمْ وَلَا كَانَ مِنْهُ فِيهِ إمْضَاؤُهُ لِغَاصِبِهِ نَظَرَ فِيمَا بَيْنَ الْغَاصِبِ لَهُ وَالْمَغْصُوبِ مِنْهُ، وَحَكَمَ فِي ذَلِكَ كَمَا يَحْكُمُ فِي غَصْبِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ. وَكَانَ بَعْضُ مَنْ يَذْهَبُ إلَى قَوْلِهِ هَذَا يَحْتَجُّ لَهُ فِيهِ بِمَا قَدْ رُوِّينَاهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا مِنْ كِتَابِنَا هَذَا مِنْ قَوْلِهِ:" كُلُّ مِيرَاثٍ قُسِمَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَهُوَ عَلَى قِسْمَةِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَكُلُّ مِيرَاثٍ أَدْرَكَهُ الْإِسْلَامُ فَهُوَ عَلَى قِسْمَةِ الْإِسْلَامِ ". قَالَ: فَكَمَا كَانَ الْمِيرَاثُ إذَا قُسِّمَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ عَلَى غَيْرِ حُكْمِ الْإِسْلَامِ أُمْضِيَ ذَلِكَ وَلَمْ يُرَدَّ إلَى حُكْمِ الْإِسْلَامِ ، وَإِذَا لَمْ يُقْسَمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ حَتَّى أَدْرَكَهُ الْإِسْلَامُ ، قُسِمَ عَلَى حُكْمِ الْإِسْلَامِ ، كَانَ مِثْلَ ذَلِكَ الْغَصْبِ الَّذِي ذَكَرْنَا إذَا أُجْرِيَ فِيهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مَعْنًى ، أُمْضِيَ ذَلِكَ الْمَعْنَى فِيهِ ، وَلَمْ يُرَدَّ إلَى حُكْمِ الْإِسْلَامِ ، وَإِذَا لَمْ يُمْضَ فِيهِ ذَلِكَ الْمَعْنَى حَتَّى أَدْرَكَهُ الْإِسْلَامُ رُدَّ إلَى حُكْمِ الْإِسْلَامِ فِيهِ ، وَاللهَ عز وجل نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ.