الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَلَهَا وَفِيهَا كَرَاهَةُ الْأَخِيرِ) قَالَ فِي الرِّسَالَةِ: وَالْمُسَافِرُ يَأْخُذُهُ الْوَقْتُ فِي طِينٍ خَضْخَاضٍ لَا يَجِدُ أَيْنَ يُصَلِّي فَلْيَنْزِلْ عَنْ دَابَّتِهِ وَيُصَلِّ فِيهِ قَائِمًا يُومِئُ بِالسُّجُودِ أَخْفَضَ مِنْ الرُّكُوعِ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَنْزِلَ فِيهِ صَلَّى عَلَى دَابَّتِهِ إلَى الْقِبْلَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ:" كَالرَّاكِبِ ". طَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ وَالتُّونُسِيِّ أَنَّ الْمَرِيضَ لَا يَجُوزُ لَهُ النُّزُولُ أَصْلًا وَحَمْلًا لَا يُعْجِبُنِي عَلَى الْمَنْعِ، وَحَمَلَهَا الْمَازِرِيُّ وَاللَّخْمِيُّ عَلَى الْكَرَاهَةِ. وَلِابْنِ يُونُسَ وَابْنِ أَبِي زَيْدٍ: مَأْخَذٌ آخَرُ لَمْ يَذْكُرْهُ. ابْنُ عَرَفَةَ: أَنَّ مَعْنَى " لَا يُعْجِبُنِي " يُرِيدُ بِهِ صَلَاتَهُ حَيْثُمَا تَوَجَّهَتْ بِهِ فَأَمَّا لَوْ وُقِفَتْ لَهُ الدَّابَّةُ وَاسْتَقْبَلَ بِهَا الْقِبْلَةَ لَجَازَ، انْتَهَى
وَقَدْ تَبَيَّنَ بِهَذَا أَنَّ مَا تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ: " كَالرَّاكِبِ " هُنَا كَانَ يَنْبَغِي نَقْلُهُ وَمَا عَنَى بِالرَّاكِبِ هُنَاكَ إلَّا الصَّحِيحَ.
[بَاب فِي كَيْفِيَّةِ الصَّلَاةِ]
[فَصَلِّ فِي فَرَائِض الصَّلَاة]
فَصْلٌ ابْنُ شَاسٍ: الْبَابُ الرَّابِعُ فِي كَيْفِيَّةِ الصَّلَاةِ، وَأَفْعَالُ الصَّلَاةِ تَنْقَسِمُ إلَى أَرْكَانٍ وَسُنَنٍ وَفَضَائِلَ. ذَكَرَ فِي أَوَّلِ الرِّسَالَةِ صِفَةَ الْعَمَلِ فِي الصَّلَاةِ، وَأَخَّرَ الْكَلَامَ فِي فَرَائِضِهَا لِآخِرِ الْكِتَابِ
قَالَ شَارِحُهَا: لِأَنَّ مَنْ لَمْ يُبَيِّنْ فَرْضًا مِنْ سُنَّةٍ إلَّا أَنَّهُ وَفَّى بِالصَّلَاةِ - كَمَا ذَكَرَ - فِي هَذَا الْبَابِ بَرِئَتْ ذِمَّتُهُ؛ لِأَنَّ جِبْرِيلَ لَمَّا صَلَّى بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى الصَّلَاةَ كَامِلَةً بِجَمِيعِ فَرَائِضِهَا وَسُنَنِهَا وَفَضَائِلِهَا. نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْأَجْوِبَةِ. وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» فَلَمْ يَأْمُرْهُمْ سِوَى بِفِعْلِ مَا رَأَوْا وَإِنَّمَا يُحْتَاجُ لِتَبْيِينِ الْفَرَائِضِ مِنْ غَيْرِهَا لِأَجْلِ الْإِخْلَالِ، وَمَا يُجْزِئُ سُجُودُ السَّهْوِ لَهُ وَمَا لَا، وَقَدْ رَشَّحَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ هَذَا فِي السِّرَاجِ فِي الِاسْمِ السَّادِسَ عَشَرَ
(فَرَائِضُ الصَّلَاةِ تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ وَقِيَامٌ لَهَا
إلَّا لِمَسْبُوقٍ فَتَأْوِيلَانِ) ابْنُ يُونُسَ: مِنْ الْفُرُوضِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا فِي الصَّلَاةِ تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ وَالْقِيَامُ لَهَا لِلْفَذِّ وَالْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ. وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: إنْ كَبَّرَ الْمَأْمُومُ لِلرُّكُوعِ وَنَوَى بِهَا تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ أَجْزَأَهُ. ابْنُ يُونُسَ: إنَّمَا يَصِحُّ هَذَا إذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ فِي حَالِ قِيَامٍ، وَقِيلَ: يُجْزِئُهُ، وَإِنْ كَبَّرَ وَهُوَ رَاكِعٌ. ابْنُ بَشِيرٍ: هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْقِيَامَ يَجِبُ لِلْقِرَاءَةِ، وَالْمَأْمُومُ لَا تَجِبُ الْقِرَاءَةُ فِي حَقِّهِ (وَإِنَّمَا يُجْزِئُ " اللَّهُ أَكْبَرُ ") التَّلْقِينُ: لَفْظُ " اللَّهُ أَكْبَرُ " مُتَعَيَّنٌ فَلَا يُجْزِئُهُ غَيْرُهُ كَنَحْوِ " اللَّهُ أَكْبَرُ "(فَإِنْ عَجَزَ سَقَطَ) ابْنُ عَرَفَةَ: يَكْفِي الْأَخْرَسَ نِيَّتُهُ. الْأَبْهَرِيُّ: وَكَذَا الْعَاجِزُ لِعُجْمَتِهِ. بَعْضُ شُيُوخِ الْقَاضِي: تَرْجَمَةُ لُغَتِهِ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَجُوزُ افْتِتَاحُ الصَّلَاةِ بِالتَّكْبِيرِ مُتَرْجَمًا بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ نَحْوُ " بزرك خداي ".
(وَنِيَّةُ الصَّلَاةِ الْمُعَيَّنَةِ) ابْنُ رُشْدٍ: مِنْ الْفَرَائِضِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا لِلصَّلَاةِ النِّيَّةُ، وَمِنْ صِفَتِهَا عَلَى الْكَمَالِ أَنْ يَسْتَشْعِرَ النَّاوِي الْإِيمَانَ بِقَلْبِهِ فَيَقْرُنَ بِذَلِكَ اعْتِقَادَ الْقُرْبَةِ لِلَّهِ بِأَدَاءِ مَا افْتَرَضَ عَلَيْهِ مِنْ تِلْكَ الصَّلَاةِ بِعَيْنِهَا، وَذَلِكَ يَحْتَوِي عَلَى أَرْبَعِ نِيَّاتٍ
وَهِيَ: اعْتِقَادُ الْقُرْبَةِ، وَاعْتِقَادُ الْوُجُوبِ، وَاعْتِقَادُ الْقَصْدِ إلَى الْأَدَاءِ، وَتَعَيُّنُ الصَّلَاةِ. فَإِذَا أَحْرَمَ - وَنِيَّتُهُ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ - فَقَدْ أَتَى بِإِحْرَامِهِ عَلَى أَكْمَلِ أَحْوَالِهِ، وَإِلَّا فَيُجْزِئُهُ إذَا
عَيَّنَ الصَّلَاةَ؛ لِأَنَّ التَّعْيِينَ لَهَا يَقْتَضِي الْوُجُوبَ وَالْقُرْبَةَ وَالْأَدَاءَ، وَكَذَلِكَ إذَا سَهَا وَقْتَ إحْرَامِهِ عَنْ اسْتِشْعَارِ الْإِيمَانِ لَمْ يَفْسُدْ إحْرَامُهُ لِتَقَدُّمِ اعْتِقَادِهِ لَهُ لِأَنَّهُ مَوْصُوفٌ بِهِ فِي حَالِ الذِّكْرِ لَهُ وَالْغَفْلَةِ عَنْهُ.
وَقَالَ الْمَازِرِيُّ: النِّيَّةُ الْقَصْدُ إلَى الشَّيْءِ وَالْعَزْمُ عَلَيْهِ قَالَ: وَقَدْ أَحْدَثَ النَّاسُ فِي النِّيَّةِ أُمُورًا كَثِيرَةً حَتَّى إنَّ الرَّجُلَ يَكُونُ عُمْرُهُ سِتِّينَ سَنَةً وَنَحْوَهَا يَأْتِي سَائِلًا هَلْ عَلَيْهِ إعَادَةُ شَهْرِ رَمَضَانَ لِأَنَّهُ صَامَهُ بِغَيْرِ نِيَّةٍ لِأَنَّهُ قِيلَ لَهُ: بَقِيَ عَلَيْك أَنْ تَقْصِدَ إلَى النِّيَّةِ.
؟ ، فَانْظُرْ كَيْفَ صَارَتْ النِّيَّةُ تَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ لَاحْتَاجَتْ نِيَّةُ النِّيَّةِ إلَى نِيَّةٍ، وَإِنَّمَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَصُومَ بِغَيْرِ نِيَّةٍ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ بِدُخُولِ الشَّهْرِ. (وَلَفْظُهُ وَاسِعٌ) ابْنُ يُونُسَ: يَنْوِي بِقَلْبِهِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ نُطْقٌ بِلِسَانِهِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ. ابْنُ الْعَرَبِيِّ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِلِسَانِهِ بِنِيَّتِهِ فَيَقُولَ: أُؤَدِّي ظُهْرَ الْوَقْتِ، ثُمَّ يُكَبِّرَ. وَهِيَ بِدْعَةٌ، أَمَا إنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْمُشَوَّشِ الْخَاطِرِ الْمُوَسْوَسِ الْفِكْرِ إذَا خَشِيَ أَنْ لَا يَرْتَبِطَ فِي قَلْبِهِ عَقْدُ النِّيَّةِ أَنْ يُعَضِّدَهُ بِالْقَوْلِ حَتَّى يُذْهِبَ عَنْهُ اللَّبْسَ.
(وَإِنْ تَخَالَفَا فَالْعَقْدُ) سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يُهِلَّ بِالْحَجِّ مُفْرِدًا فَأَخْطَأَ فَقَرَنَ فَتَكَلَّمَ بِالْعُمْرَةِ قَالَ: لَيْسَ ذَلِكَ بِشَيْءٍ إنَّمَا ذَلِكَ إلَى نِيَّتِهِ وَهُوَ عَلَى حَجِّهِ.
قَالَ مَالِكٌ: أَمَّا مَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ، وَإِلَى نِيَّتِهِ، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: هَذَا كَمَا قَالَ لِقَوْلِهِ عليه السلام: «الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» فَلَا يَلْزَمُ الرَّجُلَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ مَا تَكَلَّمَ بِهِ لِسَانُهُ إذَا لَمْ يَعْتَقِدْهُ بِقَلْبِهِ وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَتَّى لِغَيْرِهِ (وَالرَّفْضُ مُبْطِلٌ) ابْنُ عَرَفَةَ: عُزُوبُ النِّيَّةِ وَتَحَوُّلُهَا بِيَسِيرِ النَّفْلِ سَهْوًا
دُونَ عَمَلٍ مُغْتَفَرٌ.
الْمَازِرِيُّ: اُغْتُفِرَ عُزُوبُ النِّيَّةِ لِلْمَشَقَّةِ فَإِنْ خَطَرَتْ بِبَالِهِ وَقَصَدَ رَفْضَهَا وَأَنْ يُوقِعَ بَقِيَّةَ صَلَاتِهِ لَهْوًا فَلَا يُجْزِئُهُ لِقَطْعِهِ النِّيَّةَ، وَعَلَى هَذَا اُخْتُلِفَ فِيمَنْ ظَنَّ أَنَّهُ أَحْدَثَ فَخَرَجَ فَتَبَيَّنَ خَطَؤُهُ. اُنْظُرْهُ فِي الرُّعَافِ عِنْدَ قَوْلِهِ:" كَظَنِّهِ فَخَرَجَ "(كَسَلَامٍ أَوْ ظَنِّهِ فَأَتَى بِنَفْلٍ إنْ طَالَتْ، أَوْ رَكَعَ، وَإِلَّا فَلَا) قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ مِنْ مَكْتُوبَةٍ فَنَسِيَ فَسَلَّمَ، ثُمَّ أَتَى بِنَافِلَةٍ، ثُمَّ ذَكَرَ ذَلِكَ أَثْنَاءَ النَّافِلَةِ، فَإِنْ كَانَ طَالَ ذَلِكَ اسْتَأْنَفَ الصَّلَاةَ، وَإِنْ كَانَ رَكَعَ اسْتَأْنَفَ أَيْضًا طَالَ، أَوْ لَمْ يَطُلْ، وَسَوَاءٌ خَرَجَ ذَلِكَ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ بِسَلَامٍ، أَوْ خَرَجَ بِغَيْرِ سَلَامٍ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ قَرِيبًا حِينَ قَامَ بَنَى وَسَجَدَ.
ابْنُ رُشْدٍ: قَوْلُهُ: " بَنَى وَسَجَدَ " مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ مَا صَلَّى بِنِيَّةِ النَّافِلَةِ لَا يُعْتَدُّ بِهِ مِنْ صَلَاتِهِ فَيُلْغِي مَا عَمِلَ وَيَسْتَأْنِفُهُ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ، انْتَهَى
وَانْظُرْ لَوْ قَرَأَ بِنِيَّةِ الْفَرِيضَةِ فَسَهَا وَرَكَعَ بِنِيَّةِ النَّافِلَةِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: إنَّمَا جُعِلَ الرُّكُوعُ طُولًا مَعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْقِرَاءَةِ، فَلَوْ رَكَعَ بِنِيَّةِ النَّافِلَةِ بَعْدَ أَنْ قَرَأَ بِنِيَّةِ الْفَرِيضَةِ لَوَجَبَ أَنْ يُلْغِيَ الرَّكْعَةَ وَيَسْتَأْنِفَهَا وَيَسْجُدَ بَعْدَ السَّلَامِ انْتَهَى.
فَانْظُرْ إنْ كَانَ هَذَا الْفَرْعُ دَاخِلًا فِي قَوْلِهِ: "، وَإِلَّا فَلَا " وَانْظُرْ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى لَوْ قَرَأَ سَجْدَةً فَرَكَعَ بِهَا أَنَّهُ إنْ كَانَ تَعَمَّدَ الرُّكُوعَ بِهَا أَجْزَأَتْهُ تِلْكَ الرَّكْعَةُ، قَالَهُ فِي سَمَاعِ عِيسَى قَالَ: وَلَا أُحِبُّ لَهُ ذَلِكَ وَقَرَأَهَا إذَا قَامَ فِي أُخْرَى وَسَجَدَ قَالَ: وَالْمَكْتُوبَةُ وَالنَّافِلَةُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ. ابْنُ رُشْدٍ: لَا خِلَافَ أَنَّ الرَّكْعَةَ تُجْزِئُهُ لِأَنَّهُ رَكَعَ بِنِيَّةِ الرُّكُوعِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ وَتَرَكَ السُّجُودَ الَّذِي لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَيْهِ. ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَهْوِيَ لِيَسْجُدَهَا فَنَسِيَ فَرَكَعَ فَإِنْ ذَكَرَ وَهُوَ رَاكِعٌ خَرَّ مِنْ رَكْعَتِهِ فَسَجَدَ، ثُمَّ اعْتَدَلَ فَقَرَأَ وَرَكَعَ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ حَتَّى فَرَغَ مِنْ رَكْعَتِهِ أَلْغَى تِلْكَ الرَّكْعَةَ. ابْنُ رُشْدٍ: وَهَذَا صَحِيحٌ عَلَى مَذْهَبِهِ فِي الِاعْتِبَارِ بِاخْتِلَافِ نِيَّتِهِ فِي الصَّلَاةِ. وَلِابْنِ رُشْدٍ أَيْضًا نَقْلُ النِّيَّةِ سَهْوًا مِنْ فَرْضٍ آخَرَ، أَوْ لِنَفْلٍ سَهْوًا دُونَ
طُولٍ وَلَا رُكُوعٍ مُغْتَفَرٌ. (كَأَنْ لَمْ يَظُنَّهُ) الْجَلَّابُ (أَوْ عَزَبَتْ) تَقَدَّمَ قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ: عُزُوبُ النِّيَّةِ مُغْتَفَرٌ (أَوْ لَمْ يَنْوِ الرَّكَعَاتِ) اللَّخْمِيِّ: أَجَازَ أَشْهَبُ دُخُولَهُ مَعَ إمَامٍ جَاهِلًا كَوْنَهُ فِي جُمُعَةٍ، أَوْ خَمِيسٍ. ابْنُ عَرَفَةَ: لَوْ نَوَى مَنْوِيَّ إمَامِهِ جَاهِلًا قَصْرَهُ، وَإِتْمَامَهُ أَجْزَأَهُ
ابْنُ رُشْدٍ: اتِّفَاقًا
فَقَوْلُ الْمَازِرِيِّ وَابْنِ بَشِيرٍ فِي لُزُومِ نِيَّةِ عَدَدِ الرَّكَعَاتِ قَوْلَانِ خِلَافُهُ. ابْنُ يُونُسَ: لَوْ أَنَّهُ دَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ وَهُوَ لَا يَدْرِي أَهُوَ يُصَلِّي ظُهْرًا، أَوْ جُمُعَةً لَأَجْزَأَهُ مَا صَادَفَ مِنْ ذَلِكَ. ابْنُ رُشْدٍ: وَالْحُجَّةُ فِي ذَلِكَ «أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، وَأَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ قَدِمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ مُحْرِمَيْنِ. فَسَأَلَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَ أَحْرَمْتُمَا؟ فَكِلَاهُمَا قَالَ: قُلْت: لَبَّيْكَ إهْلَالًا كَإِهْلَالِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَصَوَّبَ فِعْلَهُمَا» .
وَقَالَ مَالِكٌ: مَنْ أَتَى الْمَسْجِدَ يَوْمَ الْخَمِيسِ فَظَنَّهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَصَلَّى الْإِمَامُ الظُّهْرَ أَرْبَعًا فَصَلَاتُهُ تُجْزِئُهُ؛ لِأَنَّ الْجُمُعَةَ ظُهْرٌ، وَإِنْ أَتَى يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَظَنَّهُ يَوْمَ الْخَمِيسِ فَوَجَدَ الْإِمَامَ فِي الصَّلَاةِ فَدَخَلَ مَعَهُ يَنْوِي الظُّهْرَ فَصَلَّى الْإِمَامُ الْجُمُعَةَ فَلْيُعِدْ صَلَاتَهُ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَهَذَا رَأْيٌ؛ لِأَنَّ الْجُمُعَةَ لَا تَكُونُ إلَّا بِنِيَّةٍ
ابْنُ يُونُسَ: تَحْصِيلُهَا أَنَّهُ إذَا وَقَعَ الظَّنُّ عَلَى يَوْمِ الْجُمُعَةِ أَجْزَأَهُ، وَإِلَّا لَمْ يَجْزِهِ وَسَيَأْتِي فِي صَلَاةِ السَّفَرِ فُرُوعٌ مِنْ نَحْوِ هَذَا (أَوْ الْأَدَاءَ) تَقَدَّمَ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ إذَا عَيَّنَ الصَّلَاةَ أَجْزَأَهُ؛ لِأَنَّ التَّعْيِينَ لَهَا يَقْتَضِي الْأَدَاءَ وَالْوُجُوبَ
وَالْقُرْبَةَ، وَالْأَكْمَلُ لَهُ أَنْ يَنْوِيَ هَذَا كُلَّهُ. (وَنِيَّةُ اقْتِدَاءِ الْمَأْمُومِ) ابْنُ عَرَفَةَ: شَرْطُ صِحَّةِ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ مُطْلَقًا نِيَّةُ اتِّبَاعِهِ إمَامَهُ (وَجَازَ لَهُ دُخُولٌ عَلَى مَا أَحْرَمَ بِهِ الْإِمَامُ) هَذَا مِنْ مَعْنَى قَوْلِهِ قَبْلَ هَذَا: " أَوْ
لَمْ يَنْوِ الرَّكَعَاتِ " وَلَمْ أَجِدْ مَا نَقَلَ بَهْرَامَ هُنَاكَ. (وَبَطَلَتْ بِسَبْقِهَا إنْ كَثُرَ، وَإِلَّا فَخِلَافٌ) . ابْنُ رُشْدٍ: الْأَصَحُّ أَنْ تَقَدُّمَ النِّيَّةِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ بِيَسِيرٍ جَائِزٌ كَالْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ فِي مَذْهَبِنَا وَالصِّيَامِ عِنْدَ الْجَمِيعِ خِلَافًا لِلرِّسَالَةِ وَعَبْدِ الْوَهَّابِ؛ أَنَّ مِنْ شَرْطِهَا مُقَارَنَتَهَا لِلْإِحْرَامِ. ابْنُ الْعَرَبِيِّ: أَجْمَعُوا عَلَى مُقَارَنَتِهَا لِلْإِحْرَامِ. أَبُو عُمَرَ: حَاصِلُ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنْ لَا يَضُرُّ عُزُوبُهَا بَعْدَ قَصْدِهِ الْمَسْجِدَ لَهَا مَا لَمْ يَصْرِفْهَا لِغَيْرِ ذَلِكَ.
(وَفَاتِحَةٌ) ابْنُ عَرَفَةَ: فَرَائِضُ الصَّلَاةِ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ بَعْدَ التَّكْبِيرِ (بِحَرَكَةِ لِسَانٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: وَلَا تُجْزِئُ الْقِرَاءَةُ فِي الصَّلَاةِ حَتَّى يُحَرِّكَ بِهَا لِسَانَهُ. اُنْظُرْ هَلْ كَذَلِكَ وَلَوْ فِي غَيْرِ
الصَّلَاةِ، أَوْ فِيمَا عَدَا الْفَاتِحَةَ فِي النَّافِلَةِ. عَنْ مُجَاهِدٍ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ أَنَّهُ خَتَمَ الْقُرْآنَ بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ
وَنَقَلَ النَّوَوِيُّ عَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ كَانَ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ مَا بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَفِيمَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ خَتْمَتَيْنِ فِي رَمَضَانَ. وَقَالَ الْبُرْزُلِيِّ: نُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا أَبِي الْعَبَّاسِ مِنْ أَسَاتِيذِ الْقُرَّاءِ أَنَّهُ كَانَ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ مَا بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ خَتْمَةً قَالَ: وَهَذَا لَا يَتَأَتَّى إلَّا أَنْ يَكُونَ يَمُرُّ عَلَيْهِ بِقَلْبِهِ، وَأَمَّا بِلِسَانِهِ مِنْ غَيْرِ إسْقَاطِ حُرُوفٍ فَهُوَ مُحَالٌ عَادَةً، وَنُقِلَ أَنَّ الْإِجْمَاعَ وَقَعَ عَلَى أَنَّ لِلْجُنُبِ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ بِقَلْبِهِ وَلَا يُحَرِّكَ بِهِ لِسَانَهُ. (عَلَى إمَامٍ وَفَذٍّ) ابْنُ عَرَفَةَ: لَا تَلْزَمُ الْفَاتِحَةُ مَأْمُومًا خِلَافًا لِابْنِ الْعَرَبِيِّ فِي السِّرِّيَّةِ، وَلَا يَقْرَؤُهَا فِي جَهْرِيَّةٍ وَلَوْ لَمْ يَسْمَعْ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ خِلَافًا لِابْنِ نَافِعٍ (وَإِنْ لَمْ يُسْمِعْ نَفْسَهُ لَهَا) ابْنُ عَرَفَةَ: قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ لَا بِحَرَكَةِ لِسَانٍ عَدَمٌ. ابْنُ الْقَاسِمِ: تَحْرِيكُ لِسَانِ الْمُسِرِّ فَقَطْ يُجْزِئُهُ وَلَوْ أَسْمَعَ أُذُنَيْهِ كَانَ أَحَبَّ إلَيَّ.
(وَقِيَامٌ لَهَا) ابْنُ يُونُسَ: الْقِيَامُ لِلْإِمَامِ وَالْفَذِّ قَدْرَ قِرَاءَةِ أُمِّ الْقُرْآنِ مِنْ الْفُرُوضِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا (فَيَجِبُ تَعَلُّمُهَا إنْ أَمْكَنَ، وَإِلَّا ائْتَمَّ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنَا فَالْمُخْتَارُ سُقُوطُهُمَا) ابْنُ عَرَفَةَ: يَلْزَمُ جَاهِلَهَا تَعَلُّمُهَا فَإِنْ
ضَاقَ الْوَقْتُ ائْتَمَّ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلِابْنِ سَحْنُونٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ فَرْضُهُ ذِكْرُ اللَّهِ
ابْنُ رُشْدٍ: يَلْزَمُهُ أَنْ يَقِفَ فِي الْأُولَى قَدْرَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ، وَفِي غَيْرِهَا أَقَلَّ مُسَمًّى الْقِيَامِ اللَّخْمِيِّ: لَيْسَ يَبِينُ اسْتِحْبَابُ أَنْ يَقِفَ قَدْرَ قِرَاءَةِ أُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ؛ لِأَنَّ الْوُقُوفَ لَمْ يَكُنْ لِنَفْسِهِ، وَإِنَّمَا كَانَ لِيَقْرَأَ الْقُرْآنَ فَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ ذَلِكَ سَقَطَ الْقِيَامُ إذْ هُوَ لِغَيْرِ فَائِدَةٍ، وَكَذَا الْقَوْلُ: إنَّ فَرْضَهُ أَنْ يَذْكُرَ اللَّهَ، وَإِنْ فَرَّطَ فِي التَّعْلِيمِ قَضَى مِنْ الصَّلَوَاتِ مَا صَلَّى فَذًّا بَعْدَ مُضِيِّ قَدْرِ مَا يَتَعَلَّمُ فِيهِ.
وَقَالَ عِيَاضٌ عَنْ ابْنِ يَاسِينَ الْمُدَبِّرِ لِدَوْلَةِ الْمُرَابِطِينَ: إنَّهُ كَانَ مَوْصُوفًا بِعِلْمٍ وَخَيْرٍ آكَدَ مِنْ الشِّدَّةِ فِي ذَاتِ اللَّهِ وَتَغْيِيرِ الْمُنْكَرِ حَتَّى إنَّهُ ضَرَبَ بِالسَّوْطِ
ابْنُ عُمَرَ: وَهُوَ إذْ ذَاكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ لِحَقٍّ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ، وَالْكُلُّ لَهُ مُطِيعٌ، وَكَانَ أَخَذَ جَمِيعَهُمْ بِصَلَاةِ الْجَمَاعَةِ وَعَاقَبَ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا عَشَرَةَ أَسْوَاطٍ لِكُلِّ رَكْعَةٍ تَفُوتُهُ كَانُوا عِنْدَهُ إذْ ذَاكَ مِمَّنْ لَا تَصِحُّ لَهُ صَلَاتُهُ إلَّا مَأْمُومًا لِجَهْلِهِمْ بِالْقِرَاءَةِ وَالصَّلَاةِ (وَنُدِبَ فَصْلٌ بَيْنَ تَكْبِيرِهِ وَرُكُوعِهِ) اللَّخْمِيِّ: اُخْتُلِفَ فِيمَنْ لَا يُحْسِنُ الْقِرَاءَةَ، فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَحْنُونٍ: فَرْضُهُ أَنْ يَذْكُرَ اللَّهَ فِي صَلَاتِهِ يُرِيدُ فِي مَوْضِعِ الْقِرَاءَةِ.
وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْوَهَّابِ: لَيْسَ يَلْزَمُهُ مِنْ طَرِيقِ الْوُجُوبِ تَسْبِيحٌ وَلَا تَحْمِيدٌ، وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَقِفَ وُقُوفًا مَا فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَرَكَعَ أَجْزَأَهُ
(وَهَلْ تَجِبُ الْفَاتِحَةُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، أَوْ الْجُلِّ.؟ خِلَافٌ) عِيَاضٌ: الْمَشْهُورُ وُجُوبُ الْفَاتِحَةِ فِي جُلِّ الصَّلَاةِ. ابْنُ رُشْدٍ: ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ إنْ تَرَكَهَا مِنْ رَكْعَةٍ سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ، وَأَعَادَ الصَّلَاةَ، قِيلَ: ثُنَائِيَّةً كَانَتْ، أَوْ غَيْرَ ثُنَائِيَّةٍ
وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ: إنَّمَا ذَلِكَ إذَا كَانَتْ الصَّلَاةُ ثُلَاثِيَّةً، أَوْ رُبَاعِيَّةً. الْكَافِي: لَا بُدَّ مِنْ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ لِلْإِمَامِ وَالْمُنْفَرِدِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مِنْ الْفَرِيضَةِ وَالنَّافِلَةِ.
وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ وَعَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَنَّهُ مَنْ لَمْ يَقْرَأْهَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ فَقَدْ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَأْمُومًا، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا، فَمَنْ سَهَا عَنْ قِرَاءَتِهَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ أَلْغَاهَا، وَأَتَى بِرَكْعَةٍ بَدَلًا مِنْهَا كَمَنْ أَسْقَطَ سَجْدَةً سَوَاءً، وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ أَقْوَالِ مَالِكٍ انْتَهَى
مَا يَنْبَغِي أَنْ يَحْفَظَهُ مِنْ خَمْسَةِ الْأَقْوَالِ الَّتِي فِي الْمَسْأَلَةِ
(وَإِنْ تَرَكَ آيَةً مِنْهَا سَجَدَ) عَبْدُ الْحَقِّ: يُلَقَّنُ مُسْقِطُ آيَةٍ مِنْهَا، وَإِنْ لَمْ يَقِفْ. الْمَازِرِيُّ: قَالَ
بَعْضُهُمْ: تَرْكُ آيَةٍ مِنْهَا كَتَرْكِهَا. وَقَالَ إسْمَاعِيلُ عَنْ الْمَذْهَبِ: يَسْجُدُ قَبْلُ.
(وَرُكُوعٌ تَقْرُبُ رَاحَتَاهُ فِيهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ وَنُدِبَ تَمْكِينُهَا مِنْهُمَا وَنَصْبُهُمَا) ابْنُ عَرَفَةَ: مِنْ فَرَائِضِ الصَّلَاةِ الرُّكُوعُ. ابْنُ شَاسٍ: وَأَقَلُّهُ انْحِنَاؤُهُ بِحَيْثُ تُقَارِبُ رَاحَتَاهُ رُكْبَتَيْهِ، وَيُسْتَحَبُّ نَصْبُ رُكْبَتَيْهِ عَلَيْهِمَا يَدَاهُ. الْبَاجِيُّ: الْمُجْزِئُ مِنْهُ تَمْكِينُ يَدَيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ. ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَابْنُ شَعْبَانَ: مُفَرَّقَةً أَصَابِعُهُمَا.
وَفِي الْمُدَوَّنَةِ: أَيُفَرِّقُ أَصَابِعَهُ فِي رُكُوعِهِ وَيَضُمُّهَا فِي سُجُودِهِ.؟ .
قَالَ: أَكْرَهُ أَنْ نَجِدَ فِيهِ حَدًّا وَرَآهُ بِدْعَةً، وَسَمِعَ أَشْهَبُ: لَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ وَلَا يَنْكُسُهُ،
أَحْسَنُهُ اعْتِدَالُ ظَهْرِهِ.
وَفِي الرِّسَالَةِ وَغَيْرِهَا: وَيُجَافِي الرَّجُلُ بِضَبْعَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ. ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَكَذَا فِي السُّجُودِ (وَرَفْعٌ مِنْهُ) عِبَارَةُ ابْنِ عَرَفَةَ مِنْ فَرَائِضِ الصَّلَاةِ الرُّكُوعُ، وَالرَّفْعُ مِنْهُ مَطْلُوبٌ وَاعْتِدَالُهُ إثْرَ رَفْعِهِ مِنْهُ مَطْلُوبٌ
وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ خَرَّ مِنْ رَكْعَتِهِ سَاجِدًا لَمْ يَعْتَدَّ بِهَا، وَأُحِبُّ تَمَادِيهِ مُعْتَدًّا بِهَا، وَيُعِيدُ صَلَاتَهُ. ابْنُ الْمَوَّازِ: وَإِنْ فَعَلَهُ سَهْوًا فَلْيَرْجِعْ مُنْحَنِيًا إلَى رَكْعَةٍ، وَلَا يَرْجِعُ قَائِمًا، فَإِنْ فَعَلَ أَعَادَ صَلَاتَهُ، وَإِنْ رَجَعَ مُحْدَوْدِبًا يُرِيدُ، ثُمَّ رَفَعَ سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ، وَأَجْزَأَتْهُ، وَإِنْ كَانَ مَأْمُومًا حَمَلَ عَنْهُ إمَامُهُ سُجُودَ السَّهْوِ. ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنْ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ رُكُوعِهِ فَلَمْ يَعْتَدِلْ قَائِمًا حَتَّى سَجَدَ أَجْزَأَتْهُ صَلَاتُهُ وَاسْتَغْفَرَ اللَّهَ
ابْنُ يُونُسَ: وَقَالَ أَشْهَبُ: لَا تُجْزِئُهُ صَلَاتُهُ. قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: وَهَذَا أَصَحُّ. الْقَبَّابُ: وَهُوَ الصَّحِيحُ
وَفِي التَّلْقِينِ: مِنْ فُرُوضِ الصَّلَاةِ الرَّفْعُ مِنْ الرُّكُوعِ. وَاخْتُلِفَ فِي الِاعْتِدَالِ فِي الْقِيَامِ مِنْهُ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَجِبَ مِنْهُ مَا كَانَ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبَ، وَكَذَلِكَ فِي الْجَلْسَةِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ انْتَهَى.
اُنْظُرْ لَفْظَ الِاعْتِدَالِ فِي كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ، هَلْ هُوَ الَّذِي عَنَى بِهِ فِي التَّلْقِينِ؟ .
وَانْظُرْ أَيْضًا قَوْلَ شَارِحِ التَّهْذِيبِ: الطُّمَأْنِينَةُ وَالِاعْتِدَالُ اسْمَانِ لِمَعْنًى وَاحِدٍ.
(وَسُجُودٌ) ابْنُ عَرَفَةَ: مِنْ فَرَائِضِ الصَّلَاةِ السُّجُودُ وَهُوَ مَسُّ الْأَرْضِ وَمَا اتَّصَلَ بِهَا مِنْ سَطْحِ مَحَلِّ الْمُصَلَّى كَالسَّرِيرِ بِالْجَبْهَةِ انْتَهَى
اُنْظُرْ قَوْلَ ابْنِ عَرَفَةَ: " سَطْحٌ " فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ، اُنْظُرْهُ بَعْدَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ:" لَا حَصِيرٌ وَتَرْكُهُ أَحْسَنُ "(عَلَى جَبْهَتِهِ، وَأَعَادَ لِتَرْكِ أَنْفِهِ بِوَقْتٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ
قَالَ مَالِكٌ: وَالسُّجُودُ عَلَى الْجَبْهَةِ وَالْأَنْفِ جَمِيعًا. ابْنُ الْقَاسِمِ: فَإِنْ سَجَدَ عَلَى الْأَنْفِ دُونَ الْجَبْهَةِ أَعَادَ أَبَدًا، وَإِنْ سَجَدَ عَلَى الْجَبْهَةِ دُونَ الْأَنْفِ أَجْزَأَهُ. عَبْدُ الْوَهَّابِ: وَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ اسْتِحْبَابًا (وَسُنَّ عَلَى أَطْرَافِ
قَدَمَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ) . ابْنُ الْقَصَّارِ: يَقْوَى فِي نَفْسِي أَنَّ السُّجُودَ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ، وَأَطْرَافِ الْقَدَمَيْنِ سُنَّةٌ
الرِّسَالَةُ: وَتَكُونُ رِجْلَاك فِي سُجُودِك قَائِمَتَيْنِ، بُطُونُ إبْهَامَيْهِمَا إلَى الْأَرْضِ، وَكَرِهَ مَالِكٌ شَدَّ جَبْهَتِهِ بِالْأَرْضِ. (كَيَدَيْهِ عَلَى الْأَصَحِّ) قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: قَبْضُ السَّاجِدِ أَصَابِعَهُ عَلَى شَيْءٍ، أَوْ لِغَيْرِ عُذْرٍ عَمْدًا يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ مِنْهُ
سَنَدٌ: مَحْمَلُهُ أَنَّهُ مَسَّ الْأَرْضَ بِبَعْضِ كَفِّهِ وَلَوْ لَمْ يَمَسَّهَا إلَّا بِظَاهِرِ أَصَابِعِهِ لَمْ يَجْزِهِ. ابْنُ رُشْدٍ: إيجَابُهُ الِاسْتِغْفَارَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ سُنَّةٌ فَيَتَخَرَّجُ فِي تَرْكِهِ عَمْدًا إلَّا لِعُذْرٍ قَوْلَانِ
ابْنُ شَاسٍ: لَا يَجِبُ كَشْفُ الْكَفَّيْنِ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ، وَنَحْوَ هَذَا نَقَلَ الْقَبَّابُ عَنْ الْمَازِرِيِّ خِلَافَ مَا لِابْنِ رُشْدٍ. اُنْظُرْ رَسْمَ " شَكَّ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ "، وَانْظُرْ فِي ابْنِ بَطَّالٍ رَفْعُ الْأَيْدِي فِي الْبُرْنُسِ وَالْكِسَاءِ قَبْلَ بَابِ الْخُشُوعِ مِنْ الْبُخَارِيِّ
(وَرَفْعٌ مِنْهُ) التَّلْقِينُ: الْفَصْلُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ.
قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ سَحْنُونٍ: مَنْ لَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ مِنْ السُّجُودِ لَا يُجْزِئُهُ وَخَفَّفَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ.
(وَجُلُوسٌ لِسَلَامٍ) ابْنُ عَرَفَةَ: مِنْ فُرُوضِ الصَّلَاةِ جُلُوسٌ قَدْرَ التَّسْلِيمِ
(وَسَلَامٌ عُرِّفَ بِأَلْ) التَّلْقِينُ: الْوَاجِبُ مِنْ التَّسْلِيمِ مَرَّةً وَلَفْظُهُ مُتَعَيَّنٌ، وَهُوَ أَنْ يَقُولَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ
لَا يُجْزِئُ غَيْرُهُ
(وَفِي اشْتِرَاطِ نِيَّةِ الْخُرُوجِ بِهِ خِلَافٌ) ابْنُ رُشْدٍ: كَمَا لَا يَدْخُلُ فِي الصَّلَاةِ إلَّا بِتَكْبِيرَةٍ يَنْوِي بِهَا الدُّخُولَ فِي الصَّلَاةِ وَالتَّحَرُّمَ بِهَا، فَكَذَلِكَ لَا يَخْرُجُ مِنْ الصَّلَاةِ إلَّا بِتَسْلِيمَةٍ يَنْوِي بِهَا الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلَاةِ وَالتَّحَلُّلَ مِنْهَا، فَإِنْ سَلَّمَ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ وَلَا نِيَّةَ لَهُ أَجْزَأَ ذَلِكَ عَنْهُ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ نِيَّتِهِ؛ إذْ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُجَدِّدَ الْإِحْرَامَ لِكُلِّ رُكْنٍ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ.
وَإِنْ نَسِيَ السَّلَامَ الْأَوَّلَ وَسَلَّمَ الثَّانِيَ لَمْ يَجْزِهِ.
ابْنُ الْمَاجِشُونِ: يَلْزَمُ تَجْدِيدُ النِّيَّةِ لِلْخُرُوجِ. ابْنُ الْعَرَبِيِّ: الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ خِلَافُ هَذَا. (وَأَجْزَأَ فِي تَسْلِيمَةِ الرَّدِّ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ، وَعَلَيْك السَّلَامُ) الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ تَرْجِيحُ الرَّدِّ بِ " السَّلَامُ عَلَيْكُمْ " عَلَى " عَلَيْك السَّلَامُ ".
(وَطُمَأْنِينَةٌ) أَبُو عُمَرَ: الِاعْتِدَالُ فَرْضٌ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إلَى مَنْ لَا يُقِيمُ صُلْبَهُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ» وَلَا خِلَافَ فِي هَذَا، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي الطُّمَأْنِينَةِ بَعْدَ الِاعْتِدَالِ. وَقَالَ فِي كَافِيهِ: لَا يُجْزِئُ رُكُوعٌ وَلَا وُقُوفٌ بَعْدَ الرُّكُوعِ وَلَا سُجُودٌ وَلَا جُلُوسٌ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ حَتَّى يَعْتَدِلَ رَاكِعًا وَاقِفًا وَسَاجِدًا وَجَالِسًا، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فِي الْأَثَرِ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ.
وَقَالَ عِيَاضٌ: فَرَائِضُ الصَّلَاةِ الطُّمَأْنِينَةُ فِي أَرْكَانِهَا، وَمِنْ سُنَنِهَا الِاعْتِدَالُ فِي الْفَصْلِ بَيْنَ الْأَرْكَانِ.
(وَتَرْتِيبُ أَدَاءً) عِيَاضٌ: مِنْ فَرَائِضِ الصَّلَاةِ التَّرْتِيبُ فِي أَدَائِهَا. الْقَبَّابُ: لَوْ عَكَسَ أَحَدٌ صَلَاتَهُ فَبَدَأَ بِالْجُلُوسِ قَبْلَ الْقِيَامِ، أَوْ بِالسُّجُودِ قَبْلَ الرُّكُوعِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ لَمْ تَجْزِهِ صَلَاتُهُ بِإِجْمَاعٍ
(وَاعْتِدَالٌ عَلَى الْأَصَحِّ، وَالْأَكْثَرُ عَلَى نَفْيِهِ) ابْنُ عَرَفَةَ:
الِاعْتِدَالُ إثْرَ الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ مَطْلُوبٌ، وَأَمَّا الطُّمَأْنِينَةُ فِيهِ، وَفِي الْأَرْكَانِ فَقَالَ اللَّخْمِيِّ: الْأَحْسَنُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ. وَالْجَلَّابُ: إنَّ الطُّمَأْنِينَةَ فَرْضٌ. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ عَنْ سَمَاعِ عِيسَى: سُنَّةٌ وَصَوَّبَهُ. انْتَهَى نَصُّ اللَّخْمِيُّ وَابْنِ عَرَفَةَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ قَبْلَ قَوْلِهِ:" وَسُجُودٌ " هَلْ كَلَامُهُمْ فِي الِاعْتِدَالِ عَلَى مَوْضِعٍ وَاحِدٍ، وَكَذَا كَلَامُهُمْ أَيْضًا فِي الطُّمَأْنِينَةِ فَانْظُرْهُ أَنْتَ فَإِنِّي لَمْ أُحَصِّلْهُ، ثُمَّ أَطْلَعَنِي بَعْضُ الْأَصْحَابِ عَلَى نَصِّ شَارِحِ التَّهْذِيبِ أَنَّهُ يُعَبَّرُ عَنْ الطُّمَأْنِينَةِ بِالِاعْتِدَالِ وَعَنْ الِاعْتِدَالِ بِالطُّمَأْنِينَةِ، وَنُقِلَ أَنَّهُمَا لِمُسَمًّى وَاحِدٍ، ثُمَّ اطَّلَعْت عَلَى قَوْلِ الْمَازِرِيِّ الَّذِي أَلْحَقْته بَعْدَ هَذَا. وَبِالْجُمْلَةِ مَنْ نَقَرَ صَلَاتَهُ نَقْرَ الدِّيكِ وَلَكِنَّهُ كَانَ يَسْتَوِي قَائِمًا وَجَالِسًا عِنْدَ الرَّفْعِ وَالسُّجُودِ فَقَالَ اللَّخْمِيِّ: أَقَلُّ مَا يُجْزِئُهُ مِنْ الطُّمَأْنِينَةِ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ طُمَأْنِينَةٍ، وَلَهُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى ذَلِكَ مَا أَحَبَّ إذَا كَانَ فَذًّا. وَإِنْ كَانَ لَا يَسْتَوِي قَائِمًا وَلَا جَالِسًا فَقَدْ تَقَدَّمَ نَصُّ أَبِي عُمَرَ أَنَّهُ قَدْ فَاتَهُ فَرْضٌ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:«لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إلَى مَنْ لَا يُقِيمُ صُلْبَهُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ» .
وَقَالَ فِي التَّلْقِينِ: يَجِبُ مِنْ الِاعْتِدَالِ مَا كَانَ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبَ قَالَ: وَكَذَلِكَ فِي الْجَلْسَةِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ. وَانْظُرْ نَصَّ ابْنِ الْقَاسِمِ: مَنْ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فَلَمْ يَعْتَدِلْ قَائِمًا، أَوْ جَالِسًا حَتَّى سَجَدَ اسْتَغْفَرَ اللَّهَ، فَقَالَ اللَّخْمِيِّ: لَمْ يُوجِبْ عَلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ الطُّمَأْنِينَةَ.
قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: اسْتَغْفَرَ اللَّهَ عَلَى أَنَّ الِاعْتِدَالَ سُنَّةٌ انْتَهَى
اُنْظُرْ هَذَا كُلَّهُ. وَقَالَ الْمَازِرِيُّ: قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: «ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا» وَقَالَ مِثْلَهُ فِي السُّجُودِ فَعِنْدَنَا قَوْلَانِ فِي ذَلِكَ: نَفْيُ إيجَابِ الطُّمَأْنِينَةِ تَعَلُّقًا بِقَوْلِهِ: {ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [الحج: 77] وَلَمْ يَأْمُرْنَا بِزِيَادَةٍ عَلَى مَا يُسَمَّى رُكُوعًا وَسُجُودًا، وَالثَّانِي إيجَابُهَا تَعَلُّقًا بِهَذَا الْحَدِيثِ
وَقَالَ عِيَاضٌ: وَقَوْلُهُ: «ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا» حُجَّةٌ فِي وُجُوبِ الِاعْتِدَالِ فِي الْقِيَامِ مِنْ الرَّكْعَةِ وَفِي الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ. وَلَا خِلَافَ أَنَّ الْفَصْلَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَاجِبٌ، وَإِلَّا كَانَ سَجْدَةً وَاحِدَةً، وَلَكِنَّ الِاعْتِدَالَ فِي الْجُلُوسِ فِيمَا بَيْنَهُمَا وَفِي رَفْعِ الرَّأْسِ مِنْ الرُّكُوعِ وَالِاعْتِدَالِ مِنْهُ، مُخْتَلَفٌ فِي وُجُوبِهِ عِنْدَنَا، وَهَلْ هُوَ مُسْتَحَقٌّ لِذَاتِهِ فَلَا بُدَّ مِنْهُ، أَوْ لِلْفَصْلِ فَيَحْصُلَ الْفَصْلُ بِمَا حَصَلَ مِنْهُ وَتَمَامُهُ سُنَّةٌ؟ انْتَهَى. فَأَتَى الْمَازِرِيُّ بِقَوْلَيْنِ فِي الطُّمَأْنِينَةِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ، وَأَتَى عِيَاضٌ بِقَوْلَيْنِ فِي الِاعْتِدَالِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ. التَّلْقِينُ: الِاعْتِدَالُ وَاجِبٌ. الْمَازِرِيُّ: الِاعْتِدَالُ هَاهُنَا الطُّمَأْنِينَةُ.
(وَسُنَنُهَا سُورَةٌ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ فِي الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ) قَالَ مَالِكٌ وَأَشْهَبُ: السُّورَةُ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ لِغَيْرِ الْمَأْمُومِ فِي أَوَّلِ الْفَرْضِ سُنَّةٌ. ابْنُ رُشْدٍ: إذَا قَرَأَ مَعَ الْإِمَامِ فِي السِّرِّ
سُورَةً فَإِنْ شَاءَ قَرَأَ أُخْرَى، وَإِنْ شَاءَ سَكَتَ، أَوْ دَعَا، وَالْأَمْرُ فِي ذَلِكَ وَاسِعٌ. (وَقِيَامٌ لَهَا) اللَّخْمِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ: الْعَاجِزُ عَنْ قِيَامِ السُّورَةِ يَرْكَعُ إثْرَ الْفَاتِحَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ: لِأَنَّ قِيَامَ السُّورَةِ لِقَارِئِهَا فَرْضٌ كَوُضُوءِ النَّفْلِ لَا سُنَّةٌ كَمَا أَطْلَقُوهُ، وَإِلَّا جَلَسَ وَقَرَأَهَا.
(وَجَهْرٌ - أَقَلُّهُ أَنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ وَمَنْ يَلِيهِ - وَسِرٌّ بِمَحَلِّهِمَا) التَّلْقِينُ: الْجَهْرُ بِالْقِرَاءَةِ فِي
مَوْضِعِ الْجَهْرِ وَالْإِسْرَارُ بِهَا فِي مَوْضِعِ الْإِسْرَارِ سُنَّتَانِ
ابْنُ عَرَفَةَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: يُسْمِعُ نَفْسَهُ فِي الْجَهْرِ وَفَوْقَهُ قَلِيلًا، وَالْمَرْأَةُ دُونَهُ فِيهِ وَتُسْمِعُ نَفْسَهَا. ابْنُ عَرَفَةَ: فَجَهْرُ الْمَرْأَةِ مُسْتَحَبٌّ سِوَى الرَّجُلِ. السِّرُّ وَالْجَهْرُ صِفَةٌ لِلصَّوْتِ. الْجَوْهَرِيُّ: جَهَرَ بِالْقَوْلِ رَفَعَ بِهِ صَوْتَهُ وَأَسْرَرْته فِي أُذُنَيْهِ.
(وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ إلَّا الْإِحْرَامَ) ابْنُ عَرَفَةَ: تَكْبِيرَةُ كُلِّ رُكْنٍ فِعْلِيٍّ سُنَّةٌ، وَسَمِعَهُ عِيسَى وَسَمِعَ أَبُو زَيْدٍ: مَجْمُوعُ التَّكْبِيرِ سُنَّةٌ.
. (وَسَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ
لِإِمَامٍ وَفَذٍّ وَكُلُّ تَشَهُّدٍ وَالْجُلُوسُ الْأَوَّلُ) ابْنُ رُشْدٍ: مِنْ سُنَنِ الصَّلَاةِ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ لِلْإِمَامِ وَالْفَذِّ وَالتَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ وَالْجُلُوسُ لَهُ وَالتَّشَهُّدُ الْآخِرُ (وَالزَّائِدُ عَلَى قَدْرِ السَّلَامِ مِنْ الثَّانِي) ابْنُ يُونُسَ: الْوَاجِبُ مِنْ الْجُلُوسِ قَدْرُ مَا يُسَلِّمُ فِيهِ، وَأَمَّا مَا يَقَعُ فِيهِ التَّشَهُّدُ فَمَسْنُونٌ. (وَعَلَى الطُّمَأْنِينَةِ) اللَّخْمِيِّ: اُخْتُلِفَ فِي حُكْمِ الزَّائِدِ عَلَى أَقَلَّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الطُّمَأْنِينَةِ؛ فَقِيلَ: فَرْضٌ مُوَسَّعٌ، وَقِيلَ: نَافِلَةٌ وَهُوَ الْأَحْسَنُ. (وَرَدُّ مُقْتَدٍ عَلَى إمَامِهِ، ثُمَّ يَسَارِهِ وَبِهِ أَحَدٌ) ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ يُونُسَ: مِنْ السُّنَنِ رَدُّ السَّلَامِ عَلَى الْإِمَامِ. عِيَاضٌ: وَعَلَى مَنْ صَلَّى عَلَى يَسَارِهِ. الرِّسَالَةُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ أَحَدٌ لَمْ يَرُدَّ عَلَى يَسَارِهِ شَيْئًا. اللَّخْمِيِّ: وَأَمَّا الْمَسْبُوقُ فَإِذَا قَضَى صَلَاتَهُ فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَنْ يَسَارِهِ وَالْإِمَامُ لَمْ يَنْصَرِفْ رَدَّ عَلَيْهِمَا، وَإِلَّا فَقَوْلَانِ لِمَالِكٍ. وَالْأَحْسَنُ الرَّدُّ لِأَنَّ السَّلَامَ يَتَضَمَّنُ دُعَاءً، انْتَهَى
وَانْظُرْ أَيْضًا الَّذِي عَنْ يَمِينِ الْمَسْبُوقِ، هَلْ يَرُدُّ عَلَى هَذَا الَّذِي يَقْضِي؟ .
قَالَ ابْنُ سَعْدُونٍ: لَيْسَ عَلَيْهِ. بَعْضُ الشُّيُوخِ: سَلَامُ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ لِلْخُرُوجِ مِنْ الصَّلَاةِ وَهُوَ عَلَى الْمَأْمُومِينَ بِالتَّبَعِ، فَلِذَلِكَ كَانَ الرَّدُّ سُنَّةً بِخِلَافِ الرَّدِّ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ فَرْضٌ.
قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: الِابْتِدَاءُ بِالسَّلَامِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَالرَّدُّ آكَدُ، وَأَوْجَبُ، وَالِاخْتِيَارُ أَنْ يَقُولَ الْمُبْتَدِئُ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، وَيَقُولُ الرَّادُّ: وَعَلَيْكُمْ السَّلَامُ، وَيَجُوزُ الِابْتِدَاءُ بِلَفْظِ الرَّدِّ، وَالرَّدُّ بِلَفْظِ الِابْتِدَاءِ، وَالْمَارُّ بِغَيْرِهِ، وَالدَّاخِلُ عَلَيْهِ هُوَ الَّذِي يَبْدَأُ وَإِنْ كَانَ مَاشِيًا، وَاَلَّذِي يَمُرُّ بِهِ رَاكِبًا أَوْ صَغِيرًا. وَإِذَا سَلَّمَ وَاحِدٌ مِنْ الْقَوْمِ، أَوْ رَدَّ أَجْزَأَ عَنْهُمْ. وَيُكْرَهُ السَّلَامُ عَلَى الشَّابَّةِ وَلَا بَأْسَ بِهِ عَلَى الْمُتَجَالَّةِ، وَهَلْ تَشْمِيتُ الْعَاطِسِ وَاجِبٌ عَلَى الْكِفَايَةِ كَرَدِّ السَّلَامِ، أَوْ عَلَى كُلِّ مَنْ سَمِعَهُ؟
قَوْلَانِ
(وَجَهْرٌ بِتَسْلِيمَةِ التَّحْلِيلِ فَقَطْ) رَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ: يَجْهَرُ الْمَأْمُومُ بِتَسْلِيمَةِ التَّحْلِيلِ جَهْرًا يُسْمِعُ مَنْ يَلِيهِ.
وَرَوَى عَلِيٌّ: وَيُخْفِي السَّلَامَ الثَّانِيَ. الْبَاجِيُّ: وَجْهُهُ أَنَّ السَّلَامَ الثَّانِيَ رَدٌّ فَلَا يَسْتَدْعِي بِالْجَهْرِ بِهِ رَدًّا، وَالْأَوَّلُ يَقْتَضِي الرَّدَّ فَلِذَلِكَ جَهَرَ بِهِ، وَسَمِعَ ابْنُ وَهْبٍ: أُحِبُّ عَدَمَ جَهْرِ الْمَأْمُومِ بِالتَّكْبِيرِ " وَرَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ "، فَإِنْ أَسْمَعَ مَنْ يَلِيهِ فَلَا بَأْسَ، وَتَرْكُ ذَلِكَ أَحَبُّ إلَيَّ قَالَ مَالِكٌ: وَلَا يَحْذِفُ سَلَامَهُ وَتَكْبِيرَهُ حَتَّى لَا يُفْهَمَ، وَلَا يُطِيلُهُ جِدًّا.
وَفِي الْوَاضِحَةِ: وَلْيَحْذِفْ الْإِمَامُ سَلَامَهُ وَلَا يَمُدَّهُ.
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَتِلْكَ السُّنَّةُ. وَكَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَحْذِفُهُ وَيَخْفِضُ صَوْتَهُ.
وَفِي الْمُدَوَّنَةِ: أَيُّ شَيْءٍ يَقُولُ مَالِكٌ فِيمَنْ كَانَ خَلْفَ الْإِمَامِ فَسَلَّمَ رَجُلٌ عَنْ يَسَارِهِ فَرَدَّ عَلَيْهِ أَيُسْمِعُهُ؟ .
قَالَ: يُسَلِّمُ سَلَامًا يُسْمِعُ نَفْسَهُ وَمَنْ يَلِيهِ وَلَا يَجْهَرُ ذَلِكَ الْجَهْرَ قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْإِمَامِ إذَا سَهَا فَسَلَّمَ، ثُمَّ سَجَدَ لِسَهْوِهِ، ثُمَّ سَلَّمَ قَالَ: سَلَامُهُ مِنْ بَعْدِ سُجُودِ السَّهْوِ كَسَلَامِهِ قَبْلَ ذَلِكَ فِي الْجَهْرِ، وَمَنْ خَلْفَهُ يُسَلِّمُونَ بَعْدَ سُجُودِ السَّهْوِ كَمَا يُسَلِّمُونَ قَبْلَ ذَلِكَ فِي الْجَهْرِ (وَإِنْ سَلَّمَ عَلَى يَسَارِهِ ثُمَّ تَكَلَّمَ لَمْ تَبْطُلْ) ابْنُ شَعْبَانَ: إنْ سَلَّمَ عَلَى
يَسَارِهِ، ثُمَّ تَكَلَّمَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ. أَبُو مُحَمَّدٍ: لَا وَجْهَ لِفَسَادِ صَلَاتِهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَرَكَ التَّيَامُنَ
اُنْظُرْ قَبْلَ هَذَا قَوْلَ ابْنِ رُشْدٍ: إنْ نَسِيَ السَّلَامَ الْأَوَّلَ لَمْ يَجْزِهِ الثَّانِي.
(وَسُتْرَةٌ لِإِمَامٍ وَفَذٍّ إنْ خَشِيَا مُرُورًا) ابْنُ عَرَفَةَ: سُتْرَةُ الْمُصَلِّي غَيْرَ مَأْمُومٍ حَيْثُ تَوَقَّعَ مَارًّا.
قَالَ عِيَاضٌ: مُسْتَحَبَّةٌ. الْبَاجِيُّ: مَنْدُوبَةٌ. وَقِيلَ: سُنَّةٌ وَفِيهَا لَا يُصَلِّي حَيْثُ يَتَوَقَّعُ مُرُورًا إلَّا لَهَا، فَإِنَّ مَنْ صَلَّى دُونَهَا انْتَهَى
وَانْظُرْ إنَّمَا هَذَا فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَأَمَّا الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ فَإِنَّهُ إذَا صَلَّى فِيهِ لِغَيْرِ سُتْرَةٍ فَمُرُورُ الطَّائِفِينَ بَيْنَ يَدَيْهِ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ الطَّائِفِينَ مُصَلُّونَ، فَلِذَلِكَ جَازَتْ الصَّلَاةُ إلَيْهِمْ. وَمِنْ طَرِيقِ الْمَعْنَى أَنَّ الَّذِي يُصَلِّي مُعَايِنًا لِلْقِبْلَةِ يَسْتَقْبِلُ بِوَجْهِهِ وُجُوهَ بَعْضِ الْمُصَلِّينَ إلَيْهَا، وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي غَيْرِهَا، فَإِذَا جَازَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ وُجُوهَهُمْ جَازَ أَنْ يَمُرُّوا بَيْنَ يَدَيْهِ
اُنْظُرْ رَسْمَ " الْمُحْرِمِ مِنْ كِتَابِ الْحَجِّ "، وَانْظُرْ إنْ كَانَ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى أَنْ يَشْرَعَ فِي نَافِلَةِ إمَامٍ قَاضٍ لِصَلَاتِهِ، أَوْ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ الْقَضَاءِ (بِطَاهِرٍ ثَابِتٍ غَيْرِ مُشْغِلٍ فِي غِلَظِ رُمْحٍ وَطُولِ ذِرَاعٍ) فِي الْحَدِيثِ: " يَسْتُرُ
الْمُصَلِّي مِثْلَ مُؤَخِّرَةِ الرَّحْلِ يَجْعَلُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ ".
وَفِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: هُوَ نَحْوٌ مِنْ عَظْمِ الذِّرَاعِ يُرِيدُ فِي الِارْتِفَاعِ قَالَ: وَإِنِّي لَأُحِبُّ أَنْ يَكُونَ فِي جُلَّةِ الرُّمْحِ وَالْحَرْبَةِ يُرِيدُ فِي غِلَظِهِ. ابْنُ سَيِّدَهُ: الذِّرَاعُ مَا بَيْنَ طَرَفَيْ الْمَرْفِقِ إلَى طَرَفِ الْأُصْبُعِ الْوُسْطَى انْتَهَى.
وَقَدْ تَذَكَّرُوا: الْعَنَزَةُ الَّتِي كَانَتْ تُرْكَزُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَرَقُّ مِنْ الرُّمْحِ.
قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: فَلَا بَأْسَ أَنْ تَكُونَ السُّتْرَةُ دُونَ مُؤَخِّرَةِ الرَّحْلِ فِي الطُّولِ وَدُونَ الرُّمْحِ فِي الْغِلَظِ. ابْنُ عَرَفَةَ: وَمَا اسْتَلْزَمَهُ مِنْ طَاهِرٍ ثَابِتٍ غَيْرِ مُشَوِّشٍ مِثْلُهُ. رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ الْقَلَنْسُوَةُ وَالْوِسَادَةُ ذَوَاتَا ارْتِفَاعٍ سُتْرَةٌ، رَوَاهُ عَلِيٌّ بِقَيْدِ:" إنْ لَمْ يَجِدْ "(لَا دَابَّةٍ) ابْنُ رُشْدٍ: إنْ اسْتَتَرَ بِالْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ أَسَاءَ وَلَا إثْمَ عَلَى الْمَارِّ خَلْفَهَا.
وَفِي الْمُدَوَّنَةِ: لَا بَأْسَ بِالْبَعِيرِ - وَكَأَنَّهُ رَأَى الْبَقَرَةَ وَالشَّاةَ كَالْبَعِيرِ - لَا الْخَيْلِ لِنَجَاسَتِهَا، وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: وَمَنْ صَلَّى وَبَيْنَ يَدَيْهِ جِدَارُ مِرْحَاضٍ، أَوْ قَبْرٍ فَلَا بَأْسَ بِهِ إذَا كَانَ مَكَانُهُ طَاهِرًا.
وَفِي الْإِحْيَاءِ: مَنْ خَلَعَ نَعْلَهُ عِنْدَ الصَّلَاةِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَضَعَهُ مِنْ وَرَائِهِ فَيَكُونُ قَلْبُهُ مُلْتَفِتًا إلَيْهِ بَلْ يَضَعُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ (وَحَجَرٍ وَاحِدٍ) ابْنُ عَرَفَةَ: تُكْرَهُ السُّتْرَةُ بِحَجَرٍ وَاحِدٍ. ابْنُ بَشِيرٍ: إنْ كَانَتْ السُّتْرَةُ شَيْئًا مُفْرَدًا كَحَجَرٍ أَوْ عُودٍ فَيَنْبَغِي أَنْ تُجْعَلَ عَلَى الْيَمِينِ مُحَاذَرَةً مِنْ التَّشْبِيهِ بِالْأَصْنَامِ. وَقَدْ كَانَ صلى الله عليه وسلم إذَا صَلَّى لِشَيْءٍ مِنْ هَذَا النَّحْوِ جَعَلَهُ عَنْ يَمِينِهِ، أَوْ عَنْ يَسَارِهِ وَلَا يَصْمُدُ إلَيْهِ
وَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: لَا خَيْرَ فِي جَعْلِ مُصْحَفٍ فِي الْقِبْلَةِ يُصَلِّي إلَيْهِ، وَانْظُرْ لَمْ يَذْكُرْ الدُّنُوَّ مِنْ
السُّتْرَةِ. وَنَصَّ عِيَاضٌ أَنَّ ذَلِكَ أَيْضًا مِنْ الْفَضَائِلِ.
وَفِي الصَّحِيحِ: «كَانَ بَيْنَ مُصَلَّى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَدْرُ مَمَرِّ الشَّاةِ» . الْقَبَّابُ: قَدْرُ الْمُبَاحِ مِنْ التَّأْخِيرِ هُوَ الَّذِي يُمَكِّنُ الْمُصَلِّيَ أَنْ يَدْرَأَ مَنْ يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَنَالُهُ يَدُهُ، وَلَمْ يَحُدَّ مَالِكٌ فِي ذَلِكَ حَدًّا (وَخَطٍّ) فِيهَا لِمَالِكٍ: الْخَطُّ بَاطِلٌ وَلَا أَعْرِفُهُ. أَبُو مُحَمَّدٍ: صُورَتُهُ عِنْدَ مَنْ ذَهَبَ إلَيْهِ أَنْ يَخُطَّ خَطًّا مِنْ الْقِبْلَةِ إلَى الدَّبُورِ عِوَضًا مِنْ السُّتْرَةِ (وَأَجْنَبِيَّةٍ، وَفِي الْمَحْرَمِ قَوْلَانِ) الْجَلَّابُ: وَلَا يَسْتَتِرُ الرَّجُلُ بِامْرَأَةٍ إلَّا أَنْ تَكُونَ مِنْ ذَوَاتِ مَحَارِمِهِ، وَلَا بَأْسَ بِالسُّتْرَةِ بِالصَّبِيِّ إذَا كَانَ غَيْرَ مُتَحَرِّكٍ يَثْبُتُ فِي مَكَانِهِ وَلَا يَنْصَرِفُ عَنْهُ. وَرَوَى عَلِيٌّ: لَا يَسْتَتِرُ بِنَائِمٍ وَلَا مُتَحَلِّقِينَ. اللَّخْمِيِّ: فَعَلَيْهِ يُمْنَعُ لِسُتْرَةٍ وَرَاءَهَا مُوَاجِهٌ. وَرَوَى الشَّيْخُ: لَا يَسْتَتِرُ بِالْوَادِي وَالْمَاءِ وَالنَّارِ. ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا بَأْسَ أَنْ يُصَلِّيَ إلَى ظَهْرِ رَجُلٍ لَا جَنْبِهِ. وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ صَلَّى عَلَى مَوْضِعٍ مُشْرِفٍ فَإِنْ كَانَ يَغِيبُ عَنْهُ رُءُوسُ النَّاسِ، وَإِلَّا اسْتَتَرَ وَالسُّتْرَةُ أَحَبُّ إلَيَّ. مَالِكٌ: وَلَا بَأْسَ أَنْ يَنْحَازَ الَّذِي يَقْضِي بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ إلَى مَا قَرُبَ مِنْهُ مِنْ الْأَسَاطِينِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَعَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ، وَإِلَى خَلْفِهِ يُقَهْقِرُ قَلِيلًا لِيَسْتَتِرَ بِذَلِكَ إذَا كَانَ ذَلِكَ قَرِيبًا، وَإِنْ بَعُدَ أَقَامَ وَدَرَأَ الْمَارَّ جُهْدَهُ، وَرَوَى ابْنُ نَافِعٍ بِالْمَعْرُوفِ. وَقَدْ دَرَأَ رَجُلٌ رَجُلًا فَكَسَرَ أَنْفَهُ فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: لَوْ تَرَكْتَهُ كَانَ أَهْوَنَ مِنْ هَذَا. ابْنُ شَعْبَانَ: وَالدِّيَةُ فِي مِثْلِ هَذَا عَلَى الْعَاقِلَةِ. أَشْهَبُ: فَإِنْ بَعُدَ أَشَارَ إلَيْهِ. ابْنُ عَرَفَةَ: تَلَقِّيهِمْ. قَوْلُ أَشْهَبَ: هَذَا بِالْقَبُولِ يَرُدُّ قَوْلَ ابْنِ الْعَرَبِيِّ: إنَّمَا يَسْتَحِقُّ الْمُصَلِّي قَدْرَ رُكُوعِهِ
وَسُجُودِهِ.
وَفِي الْمَجْمُوعَةِ: إذَا اسْتَتَرَ الْإِمَامُ بِرُمْحِهِ فَسَقَطَ فَلْيُقِمْهُ إنْ خَفَّ، وَإِنْ شَغَلَهُ عَنْ صَلَاتِهِ فَلْيَدَعْهُ.
قَالَ مَالِكٌ: وَلَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ شَيْءٌ يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي لَا حَائِضٌ وَلَا حِمَارٌ وَلَا كَلْبٌ أَسْوَدُ وَلَا غَيْرُ ذَلِكَ انْتَهَى
وَانْظُرْ لَمْ يَذْكُرْ الْمُرُورَ بَيْنَ الصُّفُوفِ وَالْإِمَامُ يُصَلِّي قَالَ مَالِكٌ: ذَلِكَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ سُتْرَةٌ لَهُمْ. وَانْظُرْ أَيْضًا: مِثْلُ الْمُرُورِ الْكَلَامُ وَالْمُنَاوَلَةُ قَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَ عَنْ يَمِينِ الْمُصَلِّي رَجُلٌ وَعَنْ يَسَارِهِ رَجُلٌ، فَأَرَادَ الَّذِي عَنْ يَمِينِهِ أَنْ يُنَاوِلَ ثَوْبًا لِلَّذِي عَنْ يَسَاره بَيْنَ يَدَيْهِ لَمْ يَصْلُحْ لَهُ ذَلِكَ. ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَا يُكَلِّمُهُ. (وَأَثِمَ مَارٌّ لَهُ مَنْدُوحَةٌ وَمُصَلٍّ تَعَرَّضَ) اللَّخْمِيِّ: إنْ مَرَّ غَيْرَ مُضْطَرٍّ بَيْنَ يَدَيْ تَارِكِهَا حَيْثُ الْمُرُورُ أَثِمَا، وَعَكْسُهُمَا لَا يَأْثَمَانِ، وَبَيْنَ يَدَيْ تَارِكِهَا حَيْثُ أَمِنَ الْمُرُورَ أَثِمَ الْمَارُّ وَعَكْسُهُ الْمُصَلِّي. وَأَخَذَ
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ التَّأْثِيمِ وُجُوبَ السُّتْرَةِ ابْنُ عَرَفَةَ: وَيُرَدُّ بِأَنَّ اتِّفَاقَهُمْ عَلَى تَعْلِيقِ التَّأْثِيمِ بِالْمُرُورِ نَصٌّ فِي عَدَمِ الْوُجُوبِ وَالْإِلْزَامِ دُونَ مُرُورٍ.
(وَإِنْصَاتُ مُقْتَدٍ) لَوْ قَالَ: " وَإِنْصَاتُ مُقْتَدٍ فِيمَا جَهَرَ فِيهِ الْإِمَامُ وَلَوْ لَمْ يَسْمَعْ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ " لَكَانَ أَبْيَنَ. عِيَاضٌ: مِنْ وَظَائِفِ الْمَأْمُومِ أَنْ لَا يَقْرَأَ وَرَاءَ الْإِمَامِ فِيمَا جَهَرَ فِيهِ وَيَقْرَأَ سِرًّا فِيمَا أَسَرَّ فِيهِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ: وَلَوْ لَمْ يَسْمَعْ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ (وَلَوْ سَكَتَ إمَامُهُ) اُنْظُرْ هَذَا مَعَ تَقْرِيرِ ابْنِ عَرَفَةَ قَالَ: لَا يَقْرَؤُهَا - يَعْنِي الْفَاتِحَةَ - مَأْمُومٌ فِي جَهْرِيَّةٍ. الْبَاجِيُّ: رَوَى ابْنُ نَافِعٍ إنْ كَانَ
إمَامُهُ يَسْكُتُ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ قَرَأَهَا حِينَئِذٍ
(وَنُدِبَتْ إنْ أَسَرَّ) ابْنُ عَرَفَةَ: ثَالِثُ الْأَقْوَالِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ اسْتِحْبَابُ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فِي السِّرِّيَّةِ (كَرَفْعِ يَدَيْهِ مَعَ إحْرَامِهِ حِينَ شُرُوعِهِ) مِنْ رَسْمِ " تَأْخِيرٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ " سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ عِنْدَ التَّكْبِيرِ فَقَالَ: مَا هُوَ بِالْأَمْرِ الْعَامِّ، كَأَنَّهُ لَمْ يَرَهُ مِنْ الْعَمَلِ.
وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ عِنْدَ تَكَلُّمِهِ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ: أَمَّا رَفْعُ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ فِي الصَّلَاةِ فَالْمَشْهُورُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْيَدَيْنِ تُرْفَعُ فِي ذَلِكَ. وَوَقَعَ لَهُ فِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ إنْكَارُ الرَّفْعِ فِي ذَلِكَ وَلِهَذَا يَنْحُو قَوْلَهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ انْتَهَى
وَقَالَ فِي الْإِكْمَالِ: اُخْتُلِفَ عَنْ مَالِكٍ فِي الرَّفْعِ فَرُوِيَ عَنْهُ: لَا رَفْعَ إلَّا فِي الِافْتِتَاحِ. وَهِيَ أَشْهَرُ الرِّوَايَاتِ.
وَرُوِيَ عَنْهُ الرَّفْعُ عِنْدَ الِافْتِتَاحِ وَعِنْدَ الرُّكُوعِ وَعِنْدَ الرَّفْعِ مِنْهُ. وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ مَشْهُورَةٌ عَنْ مَالِكٍ عَمِلَ بِهَا كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ.
وَرُوِيَ عَنْهُ: لَا رَفْعَ فِي أَوَّلِ الصَّلَاةِ وَلَا فِي شَيْءٍ مِنْهَا. ذَكَرَهَا ابْنُ شَعْبَانَ وَابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ وَابْنُ الْقَصَّارِ، وَتَأَوَّلَهَا بَعْضُهُمْ عَلَى تَضْعِيفِ الرَّفْعِ فِي الْمُدَوَّنَةِ. ابْنُ يُونُسَ: رَفْعُ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ فَضِيلَةٌ، وَقِيلَ: سُنَّةٌ. ابْنُ رُشْدٍ: ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ يَرْفَعُهُمَا حَذْوَ صَدْرِهِ، وَهُوَ نَصُّ سَمَاعِ أَشْهَبَ، وَانْظُرْهُ فِي ابْنِ بَطَّالٍ فِي بَابِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَرْفَعُونَ أَيْدِيَهُمْ فِي الْأَكْسِيَةِ والبرانيس وَأَشَارَ شَرِيكٌ إلَى صَدْرِهِ. الْمَازِرِيُّ: الْمَشْهُورُ حَذْوَ الْمَنْكِبَيْنِ قَائِمَتَانِ كَفَّاهُ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ، وَأَصَابِعُهُ حَذْوَ أُذُنَيْهِ. سَحْنُونَ: مَبْسُوطَتَانِ بُطُونُهُمَا إلَى الْأَرْضِ. عِيَاضٌ: وَقِيلَ: إلَى السَّمَاءِ. ابْنُ أَبِي يَحْيَى: قِيلَ: مَعْنَى رَفْعِهِمَا نَفْضُهُمَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا. وَقِيلَ: عَلَامَةً لِلتَّذَلُّلِ وَالِاسْتِسْلَامِ،
وَقِيلَ: إشَارَةً إلَى إظْهَارِ الْفَاقَةِ وَالسُّؤَالِ. وَعَلَى هَذَا فَيَجْمَعُ بَيْنَ الرَّغَبِ وَالرَّهَبِ يَرْفَعُهُمَا إلَى السَّمَاءِ، وَإِذَا أَرْسَلَهُمَا قَلَبَهُمَا. ذَكَرَهُ عِيَاضٌ. وَمِنْ الْإِكْمَالِ مَا نَصُّهُ: وَرَخَّصَ بَعْضُهُمْ فِي كَوْنِ بُطُونِهِمَا إلَى السَّمَاءِ وَقَالَ: هَذَا الرَّغَبُ فَيَكُونُ هَذَا وَهُمَا مُنْخَفِضَتَانِ، فَإِذَا أَخَذَ فِي التَّكْبِيرِ رَفَعَهُمَا، ثُمَّ أَرْسَلَهُمَا. وَرُوِيَ إلَى الْمَنْكِبَيْنِ، وَإِلَى صَدْرِهِ. قِيلَ: إلَى الصَّدْرِ وَالْمَنْكِبَيْنِ أَيَّامَ الْبَرْدِ، وَأَيْدِيهِمْ تَحْتَ أَكْسِيَتِهِمْ. وَمُقْتَضَى الرِّوَايَاتِ مُقَارَنَةُ الرَّفْعِ لِلتَّكْبِيرِ، أَوْ مُقَارَنَتُهُ. ابْنُ عَرَفَةَ: وَفِي إرْسَالِ يَدَيْهِ وَوَضْعِ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى أَرْبَعَةُ مَذَاهِبَ
الْمُدَوَّنَةُ: يُكْرَهُ وَضْعُ يُمْنَاهُ. عَلَى يُسْرَاهُ فِي الْفَرْضِ لَا النَّفْلِ لِطُولِ الْقِيَامِ. وَرَوَى الْوَاقِدِيُّ: يُمْسِكُ بِالْكَفِّ أَوْ بِالرُّسْغِ. عِيَاضٌ: اخْتَارَ شُيُوخُنَا قَبْضَ كَفِّ الْيُمْنَى عَلَى رُسْغِ الْيُسْرَى. ابْنُ حَبِيبٍ: لَيْسَ لِوَضْعِهَا مَوْضِعٌ مَعْرُوفٌ. الْقَاضِي: تَحْتَ صَدْرِهِ فَوْقَ سُرَّتِهِ. ابْنُ سَيِّدَهُ: الرُّسْغُ مَفْصِلُ مَا بَيْنَ الْكَفِّ وَالذِّرَاعِ. وَقِيلَ: مَفْصِلُ مَا بَيْنَ السَّاعِدِ وَالْكَفِّ وَالسَّاقِ وَالْقَدَمِ.
ابْنُ الْعَرَبِيِّ: كَرِهَ مَالِكٌ وَضْعَ الْيَدِ عَلَى الْأُخْرَى فِي الصَّلَاةِ وَقَالَ: إنَّهُ مَا سَمِعَ بِشَيْءٍ فِي قَوْلِهِ - سُبْحَانَهُ -: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: 2] قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَقَدْ سَمِعْنَا وَرَوَيْنَا مَحَاسِنَ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ ذَلِكَ يُفْعَلُ فِي الْفَرِيضَةِ.
وَفِي رِوَايَةِ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ: إنَّ وَضْعَ الْيَدِ عَلَى الْأُخْرَى مُسْتَحَبٌّ فِي الْفَرِيضَةِ وَالنَّافِلَةِ. ابْنُ رُشْدٍ: وَهَذَا هُوَ الْأَظْهَرُ؛ لِأَنَّ النَّاسَ كَانُوا يَأْمُرُونَ بِهِ فِي الزَّمَانِ الْأَوَّلِ.
(وَتَطْوِيلُ قِرَاءَةٍ بِصُبْحٍ، وَالظُّهْرُ تَلِيهَا، وَتَقْصِيرُهَا بِمَغْرِبٍ وَعَصْرٍ، وَتَوَسُّطٌ بِعِشَاءٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: أَطْوَلُ الصَّلَوَاتِ قِرَاءَةُ الصُّبْحِ وَالظُّهْرِ. قَالَ غَيْرُهُ: وَيُخَفِّفُهَا فِي الْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَيُوَسِّطُهَا فِي الْعِشَاءِ.
قَالَ يَحْيَى: وَالصُّبْحُ أَطْوَلُ. أَشْهَبُ: الظُّهْرُ نَحْوُ الصُّبْحِ. الرِّسَالَةُ: يَقْرَأُ فِي الصُّبْحِ مِنْ طِوَالِ الْمُفَصَّلِ.
قَالَ فِي النَّوَادِرِ: طِوَالُ الْمُفَصَّلِ إلَى " عَبَسَ ". قِيلَ: مِنْ " الَّذِينَ
كَفَرُوا "، وَقِيلَ: مِنْ " ص "، وَقِيلَ: مِنْ " الرَّحْمَنُ ". (وَثَانِيَةٍ عَنْ أُولَى) ابْنُ الْعَرَبِيِّ: حَرَاسِ مِنْ أَنْ تَجْهَلُوا أَنَّ الرَّكْعَةَ الْأُولَى فِي الشَّرِيعَةِ أَطْوَلُ مِنْ الثَّانِيَةِ فَتُسَوُّوا بَيْنَهُمَا، وَإِنَّهُ لَأَشَرُّ مَا يَجْهَلُهُ النَّاسُ.
وَفِي الْوَاضِحَةِ: إنَّ ذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ.
وَفِي الْمُخْتَصَرِ: لَا بَأْسَ بِطُولِ قِرَاءَةِ ثَانِيَةِ الْفَرْضِ عَنْ الْأُولَى.
وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَمْ يَزَلْ مِنْ عَمَلِ النَّاسِ أَنْ يَقْرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى بِالشَّمْسِ.
وَفِي الثَّانِيَةِ بِالْبَلَدِ. ابْنُ رُشْدٍ: لَعَمْرِي أَنْ يَقْرَأَ فِي الثَّانِيَةِ
بِمَا بَعْدَ الَّتِي قَرَأَ فِي الْأُولَى، وَالْأَمْرُ فِي ذَلِكَ وَاسِعٌ. (وَجُلُوسٍ أَوَّلٍ) ابْنُ رُشْدٍ: تَقْصِيرُ الْجَلْسَةِ الْأُولَى فَضِيلَةٌ. وَقِيلَ لِمَالِكٍ: أَيَدْعُو الْإِمَامُ بَعْدَ تَشَهُّدِهِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ بِمَا بَدَا لَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ. ابْنُ رُشْدٍ: لَكِنَّهُ لَا يَطُولُ وَلَا يُكْرَهُ الدُّعَاءُ إلَّا فِي ثَلَاثَةِ مَوَاطِنَ: فِي الرُّكُوعِ، وَفِي الْجُلُوسِ قَبْلَ التَّشَهُّدِ، وَفِي الْقِيَامِ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ، وَأَمَّا دُعَاءُ التَّوَجُّهِ فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: يَقُولُهُ بَعْدَ الْإِقَامَةِ وَقَبْلَ الْإِحْرَامِ. ابْنُ رُشْدٍ: وَهَذَا أَحْسَنُ.
(وَقَوْلُ مُقْتَدٍ وَفَذٍّ: رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ) ابْنُ يُونُسَ: قَوْلُ الْمَأْمُومِ: " رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ " فَضِيلَةٌ. ابْنُ رُشْدٍ: سُنَّةٌ. ابْنُ عَرَفَةَ: سُنَّةُ رَفْعِ الرُّكُوعِ لِلْفَذِّ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَفَضِيلَتُهُ " رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ ". وَإِثْبَاتُ الْوَاوِ فِي ذَلِكَ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَفِي زِيَادَةِ " اللَّهُمَّ " طَرِيقَانِ.
(وَتَسْبِيحٌ بِرُكُوعٍ وَسُجُودٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: لَا أَعْرِفُ قَوْلَ النَّاسِ فِي الرُّكُوعِ " سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ "، وَفِي السُّجُودِ " سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى "، وَأَنْكَرَهُ وَلَمْ يَحُدَّ فِيهِ حَدًّا وَلَا دُعَاءً مَخْصُوصًا.
وَنَقَلَ ابْنُ رُشْدٍ هَذِهِ الرِّوَايَةَ وَفِيهَا قِيلَ: فَلَا تَرَاهُ؟ قَالَ: لَا.
قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: لَا أَنَّهُ يَرَى أَنَّ تَرْكَهُ أَحْسَنُ مِنْ فِعْلِهِ لِأَنَّهُ مِنْ السُّنَنِ الَّتِي يُسْتَحَبُّ بِهَا الْعَمَلُ عِنْدَ الْجَمِيعِ ثُمَّ تَأْوِيلُ كَرَاهَةِ
مَالِكٍ.
(وَتَأْمِينُ فَذٍّ مُطْلَقًا، وَإِمَامٍ بِسِرٍّ وَمَأْمُومٍ بِسِرٍّ) عِبَارَةُ الشَّامِلِ وَمَأْمُومٌ عَلَى قِرَاءَةِ نَفْسِهِ وَقِرَاءَةِ إمَامِهِ إنْ سَمِعَهُ
الرِّسَالَةُ: فَإِذَا قُلْت: (وَلَا الضَّالِّينَ) فَقُلْ: آمِينَ إنْ كُنْت وَحْدَك، أَوْ خَلْفَ إمَامٍ وَتُخْفِيهَا وَيَقُولُهَا الْإِمَامُ فِيمَا أَسَرَّ فِيهِ
(أَوْ جَهْرٍ إنْ سَمِعَهُ عَلَى الْأَظْهَرِ) . ابْنُ عَرَفَةَ: يُسْتَحَبُّ قَوْلُ الْمَأْمُومِ سِرًّا إثْرَ خَتْمِ فَاتِحَةِ إمَامِهِ " آمِينَ ". الشَّيْخُ: مَمْدُودًا مُخَفَّفًا. أَبُو عُمَرَ: قِيلَ: مَعْنَاهُ اللَّهُمَّ اسْتَجِبْ لَنَا فَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ فَقَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ: يَتَحَرَّى. وَرَوَى الشَّيْخُ: لَا يُؤَمِّنُ وَصَوَّبَهُ ابْنُ رُشْدٍ. الرِّسَالَةُ، وَفِي قَوْلِ الْإِمَامِ إيَّاهَا فِي الْجَهْرِ اخْتِلَافٌ. الْبَاجِيُّ: هُمَا رِوَايَتَانِ. (وَإِسْرَارُهُمْ بِهِ) التَّلْقِينُ: الِاخْتِيَارُ إخْفَاءُ التَّأْمِينِ.
(وَقُنُوتٌ سِرًّا بِصُبْحٍ
فَقَطْ وَقَبْلَ الرُّكُوعِ) عِيَاضٌ: مِنْ فَضَائِلِ الصَّلَاةِ وَمُسْتَحَبَّاتِهَا الْقُنُوتُ فِي الصُّبْحِ.
قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَاسِعٌ الْقُنُوتُ قَبْلَ الرُّكُوعِ وَبَعْدَهُ وَاَلَّذِي آخُذُ بِهِ فِي نَفْسِي قَبْلَ الرُّكُوعِ (وَلَفْظُهُ وَهُوَ " اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُك " إلَى آخِرِهِ) . فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ فِي الْقُنُوتِ دُعَاءٌ مُؤَقَّتٌ وَلَا وُقُوفٌ مُؤَقَّتٌ. وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُك» إلَى آخِرِهِ
زَادَ فِي التَّلْقِينِ: اللَّهُمَّ اهْدِنَا إلَى آخِرِهِ.
(وَتَكْبِيرُهُ فِي الشُّرُوعِ إلَّا فِي قِيَامِهِ مِنْ اثْنَتَيْنِ فَلِاسْتِقْلَالِهِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: وَيُكَبِّرُ فِي حَالِ انْحِطَاطِهِ لِرُكُوعٍ، أَوْ سُجُودٍ وَيَقُولُ:" سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ " فِي حَالِ رَفْعِ رَأْسِهِ، وَيُكَبِّرُ فِي حَالِ رَفْعِهِ مِنْ السُّجُودِ، وَإِذَا قَامَ مِنْ الْجَلْسَةِ الْأُولَى فَلَا يُكَبِّرُ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَائِمًا. (وَالْجُلُوسُ كُلُّهُ بِإِفْضَاءِ الْيُسْرَى لِلْأَرْضِ وَالْيُمْنَى عَلَيْهَا، وَإِبْهَامُهَا لِلْأَرْضِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: الْجُلُوسُ مَا بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَفِي التَّشَهُّدَيْنِ سَوَاءٌ يُفْضِي بِأَلْيَتَيْهِ إلَى الْأَرْضِ
أَبُو عُمَرَ: يُفْضِي بِوَرِكِهِ الْأَيْسَرِ إلَى الْأَرْضِ وَيَنْصِبُ قَدَمَهُ الْيُمْنَى عَلَى صَدْرِهَا وَيَجْعَلُ بَاطِنَ الْإِبْهَامِ عَلَى الْأَرْضِ لَا ظَاهِرَهُ. الْقَبَّابُ: وَأَمَّا الْوَرِكُ الْأَيْمَنُ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُرْتَفِعًا عَنْ الْأَرْضِ.
قَالَ فِي الرِّسَالَةِ: وَلَا تَقْعُدُ عَلَى رِجْلِك الْيُسْرَى، وَإِنَّمَا يَجِيءُ قُعُودٌ عَلَى طَرَفِ الْوَرِكِ الْأَيْسَرِ. عِيَاضٌ: مَعْنَى نَصْبِ الْقَدَمِ رَفْعُ جَانِبِهَا عَنْ الْأَرْضِ، وَكُلُّ شَيْءٍ رَفَعْته فَقَدْ نَصَبْته. أَبُو عُمَرَ: وَيَجْعَلُ قَدَمَهُ الْيُسْرَى تَحْتَ سَاقِهِ الْيُمْنَى. الْبَاجِيُّ: يَنْصِبُ الْيُمْنَى وَيُثْنِي الْيُسْرَى وَيُخْرِجُهُمَا جَمِيعًا مِنْ جِهَةِ وَرِكِهِ الْأَيْمَنِ.
وَفِي الْمُدَوَّنَةِ: يَجْعَلُ بَاطِنَ إبْهَامِ رِجْلِهِ الْيُمْنَى مِمَّا يَلِي الْأَرْضَ. ابْنُ أَبِي يَحْيَى: ظَاهِرُ الرِّسَالَةِ جَمِيعُ بُطُونِ الْأَصَابِعِ، وَإِنَّمَا الْمُتَمَكَّنُ مُبَاشَرَةُ الْأَرْضِ بِالْإِبْهَامِ وَبَعْضِ الْأَصَابِعِ. الرِّسَالَةُ: وَإِنْ شِئْت - أَحَنَيْتَ الْيُمْنَى فِي انْتِصَابِهَا فَجَعَلْت جَنْبَ إبْهَامِهَا إلَى الْأَرْضِ فَوَاسِعٌ. (وَوَضْعُ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ بِرُكُوعِهِ) تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَرُكُوعٌ " أَنَّ هَذَا مُسْتَحَبٌّ. (وَوَضْعُهُمَا حَذْوَ أُذُنَيْهِ، أَوْ قُرْبَهُمَا بِسُجُودٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: يَتَوَجَّهُ بِيَدَيْهِ إلَى الْقِبْلَةِ وَلَمْ يَحُدَّ أَيْنَ يَضَعُهُمَا. الرِّسَالَةُ: تَجْعَلُ يَدَيْك حَذْوَ أُذُنَيْك، أَوْ دُونَ ذَلِكَ.
(وَمُجَافَاةُ رَجُلٍ فِيهِ بَطْنَهُ فَخِذَيْهِ وَمَرْفِقَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ) . عِيَاضٌ: مِنْ فَضَائِلِ الصَّلَاةِ وَمُسْتَحَبَّاتهَا - أَنْ يُجَافِيَ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ
بِضَبْعَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ وَلَا يَضُمُّهُمَا وَلَا يَفْتَرِشُ ذِرَاعَيْهِ.
قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: يَرْفَعُ بَطْنَهُ عَنْ فَخِذَيْهِ فِي سُجُودِهِ وَيُجَافِي ضَبْعَيْهِ تَفْرِيجًا مُقَارَبًا. وَاسْتَحَبَّ ابْنُ شَاسٍ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ. وَمِنْ الرِّسَالَةِ: وَتُجَافِي بِضَبْعَيْك عَنْ جَنْبَيْك، ثُمَّ قَالَ: وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَتَكُونُ مُنْضَمَّةً مُنْزَوِيَةً فِي سُجُودِهَا وَجُلُوسِهَا، وَأَمْرِهَا كُلِّهِ.
(وَالرِّدَاءُ)
ابْنُ رُشْدٍ وَعِيَاضٌ: اتِّخَاذُ الرِّدَاءِ عِنْدَ الصَّلَاةِ مُسْتَحَبٌّ.
(وَسَدْلُ يَدَيْهِ وَهَلْ يَجُوزُ الْقَبْضُ فِي النَّفْلِ، أَوْ إنْ طَوَّلَ وَهَلْ كَرَاهِيَتُهُ فِي الْفَرْضِ لِلِاعْتِمَادِ، أَوْ خِيفَةِ اعْتِقَادِ وُجُوبِهِ، أَوْ إظْهَارِ خُشُوعٍ.؟ تَأْوِيلَاتٌ) تَقَدَّمَ عِنْدَ رَفْعِ الْيَدَيْنِ أَنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ وَضْعَ الْيَدِ عَلَى الْأُخْرَى مَكْرُوهٌ فِي الْفَرْضِ لَا النَّفْلِ لِطُولِ الْقِيَامِ. ابْنُ رُشْدٍ: وَيُكْرَهُ فِي النَّفْلِ دُونَ طُولٍ. ابْنُ شَاسٍ: حَمْلُ الْقَاضِي الْكَرَاهَةَ إنْ اعْتَمَدَ. الْبَاجِيُّ: قَدْ تُحْمَلُ كَرَاهَةُ ذَلِكَ لِئَلَّا يَعْتَقِدَ الْجُهَّالُ رُكْنِيَّتَهُ. اللَّخْمِيِّ: وَقِيلَ: فِي كَرَاهَةِ ذَلِكَ خِيفَةَ أَنْ يُظْهِرَ بِجَوَارِحِهِ مِنْ الْخُشُوعِ مَا لَا يُضْمِرُهُ.
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ خُشُوعِ النِّفَاقِ. قِيلَ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: أَنْ يُرَى الْجَسَدُ خَاشِعًا وَالْقَلْبُ غَيْرُ خَاشِعٍ. (وَتَقْدِيمُ يَدَيْهِ فِي سُجُودِهِ وَتَأْخِيرُهُمَا عِنْدَ الْقِيَامِ) مِنْ الْمَجْمُوعَةِ قَالَ
مَالِكٌ: الِاعْتِمَادُ عَلَى يَدَيْهِ عِنْدَ الْقِيَامِ مِنْ الْجُلُوسِ فِي الصَّلَاةِ كُلِّهَا أَحَبُّ إلَيَّ وَهُوَ أَقْرَبُ لِلسَّكِينَةِ. وَرَوَى ابْنُ شَعْبَانَ اسْتِحْبَابَ وَضْعِ رُكْبَتَيْهِ قَبْلَ يَدَيْهِ، وَرَوَى الْمَبْسُوطُ الْعَكْسَ
وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ: لَا تَحْدِيدَ، وَاسْتَحَبَّ اللَّخْمِيِّ تَأْخِيرَهُمَا عَنْ رُكْبَتَيْهِ فِي قِيَامِهِ.
(وَعَقْدُهُ يُمْنَاهُ فِي تَشَهُّدِهِ الثَّلَاثَ مَادًّا السَّبَّابَةَ وَالْإِبْهَامَ) ابْنُ شَعْبَانَ: يَضَعُ يَدَيْهِ بَيْنَ سَجْدَتَيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ مَبْسُوطَتَيْنِ. ابْنُ بَشِيرٍ: وَأَمَّا فِي جُلُوسِهِ لِلتَّشَهُّدَيْنِ فَيَبْسُطُ يَدَهُ الْيُسْرَى وَيَقْبِضُ الْيُمْنَى، وَصِفَةُ مَا يَفْعَلُ أَنْ يَقْبِضَ ثَلَاثَ أَصَابِعَ وَهِيَ الْوُسْطَى وَالْخِنْصَرُ وَمَا بَيْنَهُمَا وَيَبْسُطَ الْمُسَبِّحَةَ وَيَحْمِلَ جَانِبَهَا مِمَّا يَلِي السَّمَاءَ وَيَمُدَّ الْإِبْهَامَ عَلَى الْوُسْطَى وَهُوَ كَالْعَاقِدِ ثَلَاثَةً وَعِشْرِينَ. ابْنُ الْحَاجِبِ: تِسْعَةً وَعِشْرِينَ. وَالْمَرْوِيُّ ثَلَاثَةً وَخَمْسِينَ. ابْنُ بِنُدُودِ: الْوَاحِدُ ضَمُّ الْخِنْصَرِ لِأَقْرَبِ بَاطِنِ الْكَفِّ مِنْهُ، وَالِاثْنَانِ ضَمُّهُ مَعَ الْبِنْصِرِ كَذَلِكَ، وَالثَّلَاثَةُ ضَمُّهُمَا مَعَ الْوُسْطَى كَذَلِكَ، وَالسَّبْعَةُ ضَمُّ الْخِنْصَرِ فَقَطْ عَلَى لُحْمَةِ أَصْلِ الْإِبْهَامِ، وَالثَّمَانِيَةُ ضَمُّهَا كَذَلِكَ، وَالْبِنْصِرُ عَلَيْهَا،
وَالتِّسْعَةُ ضَمُّهَا كَذَلِكَ وَالْوُسْطَى عَلَيْهَا، وَالْعِشْرُونَ مِنْ السَّبَّابَةِ وَالْإِبْهَامِ مَعًا، وَالْخَمْسُونَ مِنْ السَّبَّابَةِ وَعَطْفِ الْإِبْهَامِ كَأَنَّهَا رَاكِعَةٌ. انْتَهَى مَوْضِعُ الْحَاجَةِ مِنْهُ
(وَتَحْرِيكُهَا دَائِمًا) . ابْنُ الْقَاسِمِ: يُشِيرُ بِأُصْبُعِهِ فِي التَّشَهُّدِ يُرِيدُ يُحَرِّكُهَا مُلِحًّا. ابْنُ رُشْدٍ: هَذِهِ هِيَ السُّنَّةُ. ابْنُ الْعَرَبِيِّ: إيَّاكُمْ وَالتَّحْرِيكَ فِي التَّشَهُّدِ وَلَا تَلْتَفِتُوا لِرِوَايَةِ الْعُتْبِيَّةِ فَإِنَّهَا بَلِيَّةٌ.
(وَتَيَامُنٌ بِالسَّلَامِ) . ابْنُ يُونُسَ: التَّيَامُنُ بِالسَّلَامِ سُنَّةٌ. ابْنُ عَرَفَةَ: سَلَامُ غَيْرِ الْمَأْمُومِ قُبَالَتَهُ مُتَيَامِنًا قَلِيلًا. وَتَأْوِيلُ بَعْضِهِمْ أَنَّ الْمَأْمُومَ كَذَلِكَ، وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ،
وَقَالَهُ الْبَاجِيُّ وَعَبْدُ الْحَقِّ انْتَهَى
اُنْظُرْ ابْنَ يُونُسَ فَإِنَّهُ لَمْ يُفَصِّلْ.
(وَدُعَاءٌ بِتَشَهُّدٍ ثَانٍ) ابْنُ عَرَفَةَ: يُسْتَحَبُّ الدُّعَاءُ عَقِبَ التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ (وَهَلْ لَفْظُ التَّشَهُّدِ وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم سُنَّةٌ، أَوْ فَضِيلَةٌ.؟ خِلَافٌ) . مُحَمَّدٌ: تَشَهُّدُ الصَّلَاةِ سُنَّةٌ. وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ: اسْتَحَبَّ مَالِكٌ " التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ الزَّاكِيَاتُ لِلَّهِ الطَّيِّبَاتُ الصَّلَوَاتُ لِلَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْك أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ". مُحَمَّدٌ: التَّشَهُّدُ سُنَّةٌ وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَرْضٌ. ابْنُ مُحْرِزٍ: لَعَلَّهُ يُرِيدُ فِي الْجُمْلَةِ لَا فِي الصَّلَاةِ. عِيَاضٌ: حُكِيَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْوُجُوبُ وَالسُّنَّةُ وَالْفَضِيلَةُ.
(وَلَا
بَسْمَلَةَ فِيهِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: لَمْ يَعْرِفْ مَالِكٌ فِي التَّشَهُّدِ " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ". (وَجَازَتْ كَتَعَوُّذٍ بِنَفْلٍ وَكُرِهَا بِفَرْضٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: لَا يُبَسْمِلُ فِي الْفَرِيضَةِ لَا سِرًّا وَلَا جَهْرًا، إمَامًا، أَوْ غَيْرَهُ. وَأَمَّا فِي
النَّافِلَةِ فَوَاسِعٌ إنْ شَاءَ قَرَأَ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ وَلَا يَتَعَوَّذُ فِي الْمَكْتُوبَةِ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ، وَيَتَعَوَّذُ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ إذَا قَرَأَ
وَمَنْ قَرَأَ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ تَعَوَّذَ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ إنْ شَاءَ. وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَنَصُّ الْمَجْمُوعَةِ أَنَّ التَّعَوُّذَ يَكُونُ بَعْدَ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ، وَرَدَّ ابْنُ الْعَرَبِيِّ هَذَا بِأَبْلَغِ رَدٍّ (كَدُعَاءٍ قَبْلَ قِرَاءَةٍ) تَقَدَّمَ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ: لَا يُكْرَهُ الدُّعَاءُ إلَّا فِي ثَلَاثَةِ مَوَاطِنَ: قَبْلَ الْقِرَاءَةِ وَقَبْلَ التَّشَهُّدِ وَفِي الرُّكُوعِ خَاصَّةً
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: إنَّمَا يُكْرَهُ الدُّعَاءُ قَبْلَ الْفَاتِحَةِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى (وَبَعْدَ الْفَاتِحَةِ) الْجُزُولِيُّ (وَأَثْنَاءَهَا) الطَّرَّازُ: لَا يَدْعُو فِي قِيَامِهِ
قَبْلَ قِرَاءَتِهِ وَلَا فِي الْفَاتِحَةِ (وَأَثْنَاءَ سُورَةٍ) بَهْرَامَ (وَرُكُوعٍ وَقَبْلَ تَشَهُّدٍ) هَذَا هُوَ نَصُّ ابْنِ رُشْدٍ. (وَبَعْدَ سَلَامِ إمَامٍ) سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ نَسِيَ تَشَهُّدَهُ حَتَّى سَلَّمَ إمَامُهُ تَشَهَّدَ وَلَمْ يَدْعُ (وَتَشَهُّدٍ أَوَّلٍ) تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَجُلُوسٍ أَوَّلٍ ".
قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: إنَّ الدُّعَاءَ جَائِزٌ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: فِيهِ رِوَايَتَانِ (لَا بَيْنَ سَجْدَتَيْهِ) الْكَافِي: لَا بَأْسَ بِالدُّعَاءِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ يَقُولُ: رَبِّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَارْزُقْنِي وَاهْدِنِي وَعَافِنِي»
(وَدَعَا بِمَا أَحَبَّ - وَإِنْ لِدُنْيَا - وَسَمَّى مَنْ أَحَبَّ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: لِلْمُصَلِّي أَنْ يَدْعُوَ فِي قِيَامِهِ وَقُعُودِهِ وَسُجُودِهِ بِجَمِيعِ حَوَائِجِهِ لِدُنْيَاهُ وَأُخْرَاهُ. وَبَلَغَنِي عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: إنِّي أَدْعُو اللَّهَ فِي حَوَائِجِي كُلِّهَا فِي الصَّلَاةِ حَتَّى فِي الْمِلْحِ. قَالَ مَالِكٌ: وَلَا بَأْسَ أَنْ تَدْعُوَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الظَّالِمِ. الْكَافِي: وَلَوْ سَمَّى أَحَدًا يَدْعُو لَهُ، أَوْ يَدْعُو عَلَيْهِ لَمْ يَضُرَّ.
(وَلَوْ قَالَ: يَا فُلَانُ فَعَلَ اللَّهُ بِك كَذَا لَمْ تَبْطُلْ) ابْنُ شَعْبَانَ: لَوْ قَالَ: يَا فُلَانُ فَعَلَ اللَّه بِك
فَسَدَتْ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ كَلَامُ الشَّيْخِ: لَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ.
(وَكُرِهَ سُجُودٌ عَلَى ثَوْبٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: يُكْرَهُ أَنْ يَسْجُدَ عَلَى الطَّنَافِسِ وَبُسُطِ الشَّعَرِ وَالْأَدَمِ وَثِيَابِ الْقُطْنِ وَالْكَتَّانِ، وَأَحْلَاسِ الدَّوَابِّ، وَلَا يَضَعُ كَفَّيْهِ عَلَيْهِ، وَلَا شَيْءَ عَلَى مَنْ صَلَّى عَلَى ذَلِكَ. ابْنُ حَبِيبٍ: وَلَا بَأْسَ أَنْ يَقُومَ وَيَقْعُدَ عَلَى مَا كُرِهَ إذَا وَضَعَ وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ عَلَى الْأَرْضِ. مَالِكٌ: وَتُبْدِي الْمَرْأَةُ كَفَّيْهَا فِي السُّجُودِ حَتَّى تَضَعَهُمَا عَلَى مَا تَضَعُ جَبْهَتَهَا
الْأَدَمُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالدَّالِ جَمْعُ أَدِيمٍ وَهُوَ الْجِلْدُ الْمَدْبُوغُ،، وَأَحْلَاسٌ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ جَمْعُ حِلْسٍ وَهُوَ مَا يَلِي ظُهُورَ الدَّوَابِّ (لَا حَصِيرٍ وَتَرْكُهُ أَحْسَنُ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ أَنْ يَسْجُدَ عَلَى الْخُمْرَةِ وَالْحَصِيرِ وَمَا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَيَضَعُ كَفَّيْهِ عَلَيْهَا. ابْنُ حَبِيبٍ: يُسْتَحَبُّ مُبَاشَرَةُ الْأَرْضِ بِوَجْهِهِ وَيَدَيْهِ. اللَّخْمِيِّ: مِنْ غَيْرِ حَائِلِ حَصِيرٍ وَلَا غَيْرِهِ.
وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّهُ كَانَ يُؤْتَى بِالتُّرَابِ فَيُوضَعُ عَلَى الْخُمْرَةِ فِي مَوْضِعِ سُجُودِهِ فَيَسْجُدُ عَلَيْهِ. عِيَاضٌ: وَالْخُمْرَةُ حَصِيرٌ صَغِيرٌ مِنْ جَرِيدٍ سُمِّيَ بِذَلِكَ
لِأَنَّهُ يُخَمِّرُ وَجْهَ الْمُصَلِّي أَيْ يُغَطِّيهِ. الطَّبَرِيُّ: وَهُوَ مُصَلًّى صَغِيرٌ يُنْسَجُ مِنْ سَعَفِ النَّخْلِ وَيُوصَلُ بِالْخُيُوطِ وَيُسْجَدُ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ كَبِيرًا قَدْرَ طُولِ الرَّحْلِ، وَأَكْبَرَ فَإِنَّهُ يُقَالُ لَهُ حَصِيرٌ. «وَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِ أَنَسٍ عَلَى حَصِيرٍ مِنْ جَرِيدِ النَّخْلِ» . اللَّخْمِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ: وَيُكْرَهُ السُّجُودُ عَلَى مَا عَظُمَ ثَمَنُهُ مِنْ حُصْرِ السَّامَانِ. وَانْظُرْ السُّجُودَ عَلَى مَا لَيْسَ ثَابِتًا مِنْ كَدْسٍ مِنْ ثِيَابٍ وَفُرُشٍ وَحَطَبٍ وَتِبْنٍ وَقَصَبٍ وَزَرْعٍ صَافٍ، أَوْ مَخْلُوطٍ بِقَصَبِهِ أَوْ تِبْنِهِ. قَالَ الزَّنَاتِيُّ: صَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ.
(وَرَفْعُ مُومِئٍ مَا يَسْجُدُ عَلَيْهِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: إذَا لَمْ يَقْدِرْ الْمَرِيضُ أَنْ يَسْجُدَ عَلَى الْأَرْضِ فَلْيُومِئْ بِظَهْرِهِ وَرَأْسِهِ وَلَا يَرْفَعُ إلَى جَبْهَتِهِ، أَوْ يَنْصِبُ بَيْنَ يَدَيْهِ شَيْئًا يَسْجُدُ عَلَيْهِ، فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يُعِدْ. اللَّخْمِيِّ: هَذَا إنْ نَوَى حِينَ إيمَائِهِ إلَى الْأَرْضِ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ نِيَّتُهُ الْإِشَارَةَ إلَى الْوِسَادَةِ الَّتِي رُفِعَتْ لَهُ دُونَ الْأَرْضِ لَمْ يَجْزِهِ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا قَوْلُ
مَالِكٍ: إنَّهُ يَحْسُرُ الْعِمَامَةَ عَنْ جَبْهَتِهِ حِينَ إيمَائِهِ.
(وَسُجُودُهُ عَلَى كَوْرِ عِمَامَتِهِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ صَلَّى وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَرْفَعَ عَنْ بَعْضِ جَبْهَتِهِ حَتَّى يَمَسَّ الْأَرْضَ بَعْضُ جَبْهَتِهِ، فَإِنْ سَجَدَ عَلَى كَوْرِ الْعِمَامَةِ كَرِهْته وَلَا يُعِيدُ. ابْنُ حَبِيبٍ: هَذَا إنْ كَانَ قَدْرَ الطَّاقَتَيْنِ، وَإِنْ كَانَ كَثِيفًا أَعَادَ. التُّونُسِيُّ: قَوْلُ ابْنُ حَبِيبٍ تَفْسِيرٌ. (أَوْ طَرَفِ كُمٍّ) ابْنُ مَسْلَمَةَ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يَسْجُدَ عَلَى ثَوْبِ جَسَدِهِ وَلَا عَلَى يَدَيْهِ فِي كُمَّيْهِ. الْمَازِرِيُّ: كَشْفُهُمَا مُسْتَحَبٌّ.
(وَنَقْلُ حَصْبَاءَ مِنْ ظِلٍّ لَهُ بِمَسْجِدٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَحْمِلَ الرَّجُلُ الْحَصْبَاءَ وَالتُّرَابَ مِنْ مَوْضِعِ الظِّلِّ إلَى مَوْضِعِ الشَّمْسِ يَسْجُدُ عَلَيْهِ. قِيلَ: إنَّمَا ذَلِكَ فِي الْمَسَاجِدِ خَاصَّةً لِأَنَّهُ يَحْفِرُهَا وَيُؤْذِي الْمُصَلِّيَ وَالْمَاشِيَ فِيهَا، وَأَمَّا فِي غَيْرِ الْمَسَاجِدِ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ. انْتَهَى مِنْ ابْنِ يُونُسَ.
(وَقِرَاءَةٌ بِرُكُوعٍ، أَوْ سُجُودٍ) فِي الصَّحِيحِ «نُهِيت أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا، أَوْ سَاجِدًا» عِيَاضٌ: إلَى النَّهْيِ عَنْ الْقِرَاءَةِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ ذَهَبَ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ، وَأَبَاحَ ذَلِكَ بَعْضُ السَّلَفِ
(وَدُعَاءٌ خَاصٌّ) اُنْظُرْ هَذَا اللَّفْظَ عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَتَسْبِيحٌ بِرُكُوعٍ ".
(أَوْ بِعَجَمِيَّةٍ لِقَادِرٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: كَرِهَ مَالِكٌ أَنْ يُحْرِمَ الرَّجُلُ بِالْعَجَمِيَّةِ، أَوْ يَدْعُوَ بِهَا فِي الصَّلَاةِ أَوْ يَحْلِفَ بِهَا.
قَالَ: وَمَا يُدْرِيهِ أَنَّ الَّذِي حَلَفَ بِهِ هُوَ اللَّهُ. وَقَدْ نَهَى عُمَرُ عَنْ رَطَانَةِ الْأَعَاجِمِ وَقَالَ: إنَّهَا خَبٌّ. وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ سُؤَالَ مَالِكٍ عَنْ الْعَجَمِيِّ يَدْعُو فِي صَلَاتِهِ بِلِسَانِهِ وَهُوَ لَا يُفْصِحُ بِالْعَرَبِيَّةِ فَقَالَ: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا} [البقرة: 286] .
وَكَأَنَّهُ يُخَفِّفُ. ابْنُ يُونُسَ: نَهَى عُمَرُ عَنْ رَطَانَةِ الْأَعَاجِمِ إنَّمَا ذَلِكَ فِي الْمَسَاجِدِ. وَقِيلَ إنَّمَا ذَلِكَ بِحَضْرَةِ مَنْ لَا يَفْهَمُ لِأَنَّهُ مِنْ مَعْنَى تَنَاجِي اثْنَيْنِ دُونَ وَاحِدٍ. وَأَخَذَ اللَّخْمِيِّ مِنْ قَوْلِهَا: " وَمَا يُدْرِيهِ إلَى آخِرِهِ " الْجَوَازَ إنْ عَلِمَ كَوْنَهُ اسْمًا فِي تِلْكَ اللُّغَةِ.
(وَالْتِفَاتٌ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: لَا يَلْتَفِتُ الْمُصَلِّي فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يَقْطَعْ ذَلِكَ صَلَاتَهُ، وَإِنْ كَانَ بِجَمِيعِ جَسَدِهِ قَالَ الْحَسَنُ: إلَّا أَنْ يَسْتَدْبِرَ الْقِبْلَةَ.
(وَتَشْبِيكُ أَصَابِعَ) سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا بَأْسَ بِتَشْبِيكِ الْأَصَابِعِ بِالْمَسْجِدِ فِي غَيْرِ صَلَاتِهِ، وَإِنَّمَا كُرِهَ فِي الصَّلَاةِ (وَفَرْقَعَتُهَا) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: كَرِهَ مَالِكٌ أَنْ يُصَلِّيَ، وَفِي فَمِهِ دِرْهَمٌ، أَوْ دِينَارٌ، أَوْ شَيْءٌ مِنْ الْأَشْيَاءِ. ابْنُ الْقَاسِمِ: فَإِنْ فَعَلَ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ. وَكَرِهَ مَالِكٌ أَنْ يُصَلِّيَ وَكُمُّهُ مَحْشُوٌّ بِخُبْزٍ، أَوْ غَيْرِهِ، وَكَرِهَ أَنْ يُفَرْقِعَ أَصَابِعَهُ فِي الصَّلَاةِ. ابْنُ يُونُسَ: إنَّمَا كَرِهَ مَالِكٌ ذَلِكَ كُلَّهُ لِاشْتِغَالِهِ عَنْ الصَّلَاةِ.
(وَإِقْعَاءٌ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَا أَدْرَكْتُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إلَّا وَهُوَ يَنْهَى
عَنْ الْإِقْعَاءِ فِي الصَّلَاةِ وَيَكْرَهُهُ وَهُوَ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ فِي الصَّلَاةِ. ابْنُ يُونُسَ: قَوْلُ مَالِكٍ هَذَا أَبْيَنُ مِنْ قَوْلِ أَبِي عُبَيْدَةَ: إنَّ الْإِقْعَاءَ جُلُوسُ الرَّجُلِ عَلَى أَلْيَتَيْهِ نَاصِبًا فَخِذَيْهِ كَإِقْعَاءِ الْكَلْبِ وَيَضَعُ يَدَيْهِ بِالْأَرْضِ. وَقِيلَ: هُوَ الْجُلُوسُ عَلَى أَلْيَتَيْهِ، وَرِجْلَيْهِ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ.، ابْنُ زَرْقُونٍ: كَرِهَ مَالِكٌ الصِّفَتَيْنِ مَعًا.
(وَتَخَصُّرٌ) عِيَاضٌ مِنْ مَكْرُوهَاتِ الصَّلَاةِ الِاخْتِصَارُ وَهُوَ وَضْعُ الْيَدِ عَلَى الْخَاصِرَةِ فِي الْقِيَامِ وَهُوَ مِنْ فِعْلِ الْيَهُودِ (وَتَغْمِيضُ بَصَرِهِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: وَيَضَعُ بَصَرَهُ فِي الصَّلَاةِ أَمَامَ قِبْلَتِهِ (وَرَفْعُهُ رِجْلًا) عِيَاضٌ: مِنْ مَكْرُوهَاتِ الصَّلَاةِ الصَّفَدُ وَهُوَ ضَمُّ الْقَدَمَيْنِ فِي قِيَامِهِ كَالْمُكَبَّلِ، وَالصَّفَدُ هُوَ رَفْعُ إحْدَاهُمَا كَمَا تَفْعَلُ الدَّابَّةُ عِنْدَ الْوُقُوفِ (أَوْ وَضْعُ قَدَمٍ عَلَى أُخْرَى) اللَّخْمِيِّ: وَلَا يَضَعُ رِجْلًا عَلَى رِجْلٍ فِي الصَّلَاةِ. (وَإِقْرَانُهُمَا) فِيهَا لِمَالِكٍ: لَا بَأْسَ أَنْ يُرَوِّحَ رِجْلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ، وَعَابَ أَنْ يَقْرُنَهُمَا وَهُوَ
أَنْ يَعْتَمِدَ عَلَيْهِمَا مَعًا وَلَا يَعْتَمِدَ عَلَى إحْدَاهُمَا.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: إنْ فَعَلَ ذَلِكَ اخْتِيَارًا وَكَانَ مَتَى شَاءَ رَوَّحَ وَاحِدَةً قَامَ عَلَى الْأُخْرَى، فَهَذَا يَجُوزُ، وَإِنَّمَا الَّذِي لَا خَيْرَ فِيهِ أَنْ يَجْعَلَ حَظَّهُمَا مِنْ الْقِيَامِ سَوَاءً يَرَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ. ابْنُ يُونُسَ: وَإِنَّمَا كُرِهَ لِأَنَّهُ يَصِيرُ يَشْتَغِلُ بِذَلِكَ عَنْ الصَّلَاةِ.
(وَتَفَكُّرٌ بِدُنْيَوِيٍّ) عِيَاضٌ: مِنْ مَكْرُوهَاتِ الصَّلَاةِ تَحَدُّثُ النَّفْسِ بِأُمُورِ الدُّنْيَا، وَقَدْ بَسَطَ الْقَبَّابُ هَذَا بَسْطًا شَافِيًا فَانْظُرْهُ (وَحَمْلُ شَيْءٍ بِكُمٍّ، أَوْ فَمٍ)، تَقَدَّمَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ بِهَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ:" وَفَرْقَعَتُهَا "(وَتَزْوِيقُ قِبْلَةٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: ذَكَرَ مَالِكٌ مَا عُمِلَ مِنْ التَّزْوِيقِ فِي قِبْلَةِ مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ فَقَالَ: كَرِهَ ذَلِكَ النَّاسُ حِينَ عَمِلُوهُ لِأَنَّهُ يُشْغِلُ النَّاسَ، فِي صَلَاتِهِمْ. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: أَمَّا تَحْسِينُ بِنَاءِ الْمَسْجِدِ وَتَحْصِينُهُ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَهُوَ مُسْتَحَبٌّ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَيُتَصَدَّقُ بِثَمَنِ مَا يُجَمَّرُ بِهِ الْمَسْجِدُ وَيُخَلَّقُ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ تَجْمِيرِ الْمَسْجِدِ وَتَخْلِيقِهِ. عِيَاضٌ:
التَّجْمِيرُ تَبْخِيرُهُ بِالْبَخُورِ، وَتَخْلِيقُهُ جَعْلُ الْخَلُوقِ فِي حِيطَانِهِ وَهُوَ الطِّيبُ الْمَعْجُونُ بِالزَّعْفَرَانِ فَهُوَ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ. ثُمَّ تَأَوَّلَ قَوْلَهُ:" أَحَبُّ إلَيَّ "، وَأَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الصَّدَقَةِ وَهَذَا نَحْوُ مَا لِابْنِ رُشْدٍ لَمَّا ذَكَرَ النُّصُوصَ بِكَرَاهِيَةِ الْوَصِيَّةِ لِلْكُفَّارِ قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: مَنْ نَذَرَهَا لَزِمَهُ الْوَفَاءُ بِهَا.
قَالَ مَالِكٌ: لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْكَافِرِ الذِّمِّيِّ فِيهَا أَجْرٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَالْكَرَاهَةُ إنَّمَا لِإِيثَارِ الذِّمِّيِّ عَلَى الْمُسْلِمِ لَا بِنَفْسِ الْوَصِيَّةِ لِلذِّمِّيِّ.
(وَتَعَمُّدُ مُصْحَفٍ فِيهِ لِيُصَلِّيَ لَهُ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: إذَا جَعَلَ الْمُصْحَفَ فِي الْقِبْلَةِ لِيُصَلِّيَ لَهُ فَلَا خَيْرَ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مَوْضِعَهُ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَأَكْرَهُ الصَّلَاةَ إلَى حَجَرٍ مُنْفَرِدٍ فِي الطَّرِيقِ تَشْبِيهًا بِالْأَنْصَابِ، وَأَمَّا أَحْجَارٌ كَثِيرَةٌ فَجَائِزٌ (وَعَبَثٌ بِلِحْيَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا) عِيَاضٌ: مِنْ مَكْرُوهَاتِ الصَّلَاةِ الْعَبَثُ بِأَصَابِعِهِ، أَوْ بِخَاتَمِهِ أَوْ بِلِحْيَتِهِ، وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا بَأْسَ أَنْ يُحَوِّلَ خَاتَمَهُ فِي أَصَابِعِهِ لِلرُّكُوعِ فِي سَهْوِهِ. ابْنُ رُشْدٍ: هَذَا
نَحْوُ مَا لَهُ فِي الَّذِي يُحْصِي الْآيَ بِيَدِهِ فِي صَلَاتِهِ فَإِنَّهُ أَجَازَ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الشُّغْلُ الْيَسِيرُ فِي الصَّلَاةِ مَكْرُوهًا لِأَنَّهُ إنَّمَا قَصَدَ بِذَلِكَ إصْلَاحَ صَلَاتِهِ. (كَبِنَاءِ مَسْجِدٍ غَيْرِ مُرَبَّعٍ، وَفِي كُرْهِ الصَّلَاةِ بِهِ قَوْلَانِ) .