الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[بَاب فِي صَلَاة الْخَوْف] [
فَصَلِّ فِي أَنْوَاع صَلَاة الْخَوْف]
فَصْلٌ
ابْنُ شَاسٍ: الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ وَهِيَ نَوْعَانِ: الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونُوا فِي شِدَّةِ الْحَرْبِ وَالْتِحَامِ الْفِئَتَيْنِ.
الثَّانِي أَنْ يَحْضُرَ وَقْتُ الصَّلَاةِ وَالْمُسْلِمُونَ مُتَصَدُّونَ لِحَرْبِ الْعَدُوِّ وَلَوْ صَلَّوْا بِأَجْمَعِهِمْ لَخَافُوا مَعَرَّتَهُ
(رُخِّصَ) مُحَمَّدٌ: صَلَاةُ الْخَوْفِ طَائِفَتَيْنِ بِإِمَامٍ تَوْسِعَةً وَرُخْصَةً وَلَوْ صَلَّى بَعْضُهُمْ فَذًّا أَجْزَأَهُمْ
اللَّخْمِيِّ: مُقْتَضَاهُ جَوَازُ صَلَاتِهَا بِإِمَامَيْنِ إذْ لَوْ كَانَتْ عِلَّةُ اجْتِمَاعِهِمْ عَلَى إمَامٍ وَاحِدٍ عَدَمَ الْخِلَافِ عَلَى الْأَئِمَّةِ مَا جَازَ صَلَاةُ بَعْضِهِمْ فَذًّا
الْمَازِرِيُّ: يُفَرَّقُ بِأَنَّ جَمْعَ طَائِفَةٍ أُخْرَى بِإِمَامٍ أَثْقَلُ عَلَى الْإِمَامِ الْأَوَّلِ مِنْ صَلَاةِ بَعْضِهِمْ فَذًّا.
أَبُو عُمَرَ: وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَبُو يُوسُفَ وَابْنُ عُلَيَّةَ: لَا تُصَلَّى صَلَاةُ خَوْفٍ بَعْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِإِمَامٍ وَاحِدٍ وَإِنَّمَا تُصَلَّى بِإِمَامَيْنِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ} [النساء: 102] قَالُوا: فَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُمْ لِأَنَّهُ لَهُ صلى الله عليه وسلم مَا لَيْسَ لِغَيْرِهِ (لِقِتَالٍ جَائِزٍ) الْجُزُولِيُّ: هَلْ تُصَلَّى صَلَاةُ الْخَوْفِ إذَا خَافُوا مِنْ الْمُحَارِبِينَ، أَوْ السِّبَاعِ، أَوْ لَا؟ قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ: صَلَاةُ الْخَوْفِ مَشْرُوعَةٌ فِي كُلِّ قِتَالٍ مَأْذُونٍ فِيهِ (أَمْكَنَ تَرْكُهُ لِبَعْضٍ قَسْمُهُمْ) ابْنُ رُشْدٍ: إنْ كَانَ الْخَوْفُ يُتَوَقَّعُ فِيهِ مَعَرَّةٌ
لِعُدْوَانٍ اشْتَغَلَ الْكُلُّ بِالصَّلَاةِ وَأَرَادَ الْإِمَامُ أَنْ يُصَلِّيَ بِالْكُلِّ جَمَاعَةً فَرَّقَهُمْ طَائِفَتَيْنِ
الْبَاجِيُّ: هَذَا إنْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ انْكِشَافَ الْخَوْفِ قَبْلَ ذَهَابِ الْوَقْتِ، فَإِنْ رَجَوْا ذَلِكَ انْتَظَرُوا مَا لَمْ يَخْرُجْ الْوَقْتُ (وَإِنْ وِجَاهَ الْقِبْلَةِ) أَشْهَبُ: إنْ كَانَ عَدُوُّهُمْ قِبْلَتَهُمْ وَأَمْكَنَ صَلَاتُهُمْ جَمِيعًا فَلَا يَعْدِلُ عَنْ صَلَاةِ الْخَوْفِ طَائِفَتَانِ خَوْفَ أَنْ يَفْتِنَهُمْ الْعَدُوُّ (أَوْ عَلَى دَوَابِّهِمْ قِسْمَيْنِ) أَبُو عُمَرَ: يَجْعَلُهُمْ طَائِفَتَيْنِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَإِنْ صَلَّى بِكُلِّ رَكْعَةٍ "(وَعَلَّمَهُمْ) الْكَافِي: إنْ لَمْ يَأْمَنْ أَنْ يَغْشَاهُمْ الْعَدُوُّ قَبْلَ فَرَاغِهِمْ عَرَّفَهُمْ الْإِمَامُ كَيْفَ يُصَلُّونَ، ثُمَّ أَمَرَ بِالْأَذَانِ وَجَعَلَهُمْ طَائِفَتَيْنِ (وَصَلَّى بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ) ابْنُ عَرَفَةَ: يُصَلِّي الْإِمَامُ حِينَ الْخَوْفِ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ (بِالْأُولَى فِي الثُّنَائِيَّةِ رَكْعَةً، وَإِلَّا فَرَكْعَتَيْنِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: وَيُصَلِّي فِي الْحَضَرِ حَضَرِيَّةً رَكْعَتَيْنِ بِكُلِّ طَائِفَةٍ، وَفِي السَّفَرِ سَفَرِيَّةً رَكْعَةً بِكُلِّ طَائِفَةٍ وَيُصَلِّي فِي الْمَغْرِبِ بِالطَّائِفَةِ الْأُولَى رَكْعَتَيْنِ وَبِالثَّانِيَةِ رَكْعَةً (ثُمَّ قَامَ سَاكِتًا، أَوْ دَاعِيًا، أَوْ قَارِئًا فِي الثُّنَائِيَّةِ) ابْنُ يُونُسَ: حَدِيثُ الْقَاسِمِ أَشْبَهُ بِالْقُرْآنِ، وَإِلَى الْأَخْذِ بِهِ رَجَعَ مَالِكٌ وَهُوَ أَنْ يُصَلِّيَ الْإِمَامُ بِالطَّائِفَةِ الْأُولَى ثُمَّ تُتِمُّ لِنَفْسِهَا
وَيَثْبُتُ الْإِمَامُ قَائِمًا فَإِنْ شَاءَ سَكَتَ، وَإِنْ شَاءَ دَعَا وَأَخَذَ فِي الْقِرَاءَةِ بِقَدْرِ مَا تَأْتِي فِيهِ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى، فَإِذَا أَتَمَّتْ الْأُولَى سَلَّمَتْ وَذَهَبَتْ وِجَاهَ الْعَدُوِّ، ثُمَّ أَتَتْ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً ثُمَّ تَشَهَّدَ وَسَلَّمَ وَقَضَوْا هُمْ بَعْدَ سَلَامِهِ
وَإِلَى الْأَخْذِ بِهَذَا رَجَعَ مَالِكٌ وَهُوَ أَحْوَطُ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الصَّلَاةِ مُتَّصِلًا إذَا أَمْكَنَ ذَلِكَ أَوْلَى مِنْ الْمَشْيِ بَيْنَ الرَّكْعَتَيْنِ، وَالْمَشْيُ إلَى مَكَانِ الْعَدُوِّ إنَّمَا هُوَ لِلْحِفْظِ وَالْحِرَاسَةِ فَوُقُوفُهَا غَيْرَ مُصَلِّيَةٍ أَمْكَنُ فِي التَّحَرُّزِ
أَبُو عُمَرَ: فِي جَوَازِ صَلَاةِ الْخَوْفِ قَوْلَانِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْجَوَازِ فِي صِفَتِهَا ثَمَانِيَةُ أَقْوَالٍ (وَفِي قِيَامِهِ بِغَيْرِهَا تَرَدُّدٌ) ابْنُ بَشِيرٍ: إذَا كَانَتْ صَلَاةَ حَضَرٍ، أَوْ كَانَتْ الْمَغْرِبَ فَهَلْ يَجْلِسُ الْإِمَامُ حَتَّى تَأْتِيَ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ بَعْدَ إكْمَالِ هَذِهِ، أَوْ يَقُومُ فَيَنْتَظِرُهُمْ؟ فِي الْمَذْهَبِ قَوْلَانِ، وَإِذَا قُلْنَا يَقُومُ فَهَلْ يَقْرَأُ، أَوْ يُسَبِّحُ وَيَذْكُرُ اللَّهَ؟ وَفِي الْمَذْهَبِ قَوْلَانِ
وَقَالَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ: أَمَّا حَيْثُ لَا تَكُونُ الْقِرَاءَةُ إلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُسَبِّحَ لِئَلَّا تَفُوتَ الْقِرَاءَةُ جُمْلَةً، وَحَيْثُ تَكُونُ الْقِرَاءَةُ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ فَيَفْتَتِحُ بِالْقِرَاءَةِ؛ لِأَنَّهُمْ يُدْرِكُونَ بَعْضَهَا
وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: وَيُصَلِّي الْإِمَامُ فِي الْمَغْرِبِ بِالطَّائِفَةِ الْأُولَى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يَثْبُتُ قَائِمًا حَتَّى
يُصَلِّيَ مَنْ خَلْفَهُ رَكْعَةً يَقْرَءُونَ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَيُسَلِّمُونَ وَيُصَلِّي بِالطَّائِفَةِ رَكْعَةً يَقْرَأُ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَيُسَلِّمُ وَيَقْضُونَ رَكْعَتَيْنِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ
قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَلَا يَقْرَأُ هُوَ فِي قِيَامِهِ فِي الْمَغْرِبِ حَتَّى تَأْتِيَ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَقْرَأُ بِغَيْرِ أُمِّ الْقُرْآنِ فَخَالَفَتْ غَيْرَهَا
قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ انْتَهَى مِنْ ابْنِ يُونُسَ
وَعَلَى هَذَا كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَخْتَصِرَ خَلِيلٌ
(وَأَتَمَّتْ الْأُولَى وَانْصَرَفَتْ ثُمَّ صَلَّى بِالثَّانِيَةِ مَا بَقِيَ وَسَلَّمَ فَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ) تَقَدَّمَ أَنَّ هَذَا هُوَ مُخْتَارُ ابْنِ يُونُسَ وَفَسَّرَهُ بِأَنَّهُ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ (وَلَوْ صَلَّوْا بِإِمَامَيْنِ، أَوْ بَعْضٌ فَذًّا جَازَ) تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَرُخِّصَ "(وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ أَخَّرُوا لِآخِرِ الِاخْتِيَارِيِّ وَصَلَّوْا) ابْنُ يُونُسَ: إنْ كَانَ الْخَوْفُ يَمْنَعُ مِنْ الْجَمْعِ وَيُعَجِّلُ عَنْ إتْمَامِ الصَّلَاةِ عَلَى هَيْئَتِهَا الْمَعْهُودَةِ وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ فِي حَالِ الْمُطَاعَنَةِ وَالْمُضَارَبَةِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا، فَهَذَا يُمْهِلُ الْمُكَلَّفَ عِنْدَنَا حَتَّى إذَا خَافَ فَوَاتَ الْوَقْتِ صَلَّى بِحَسَبِ مَا أَمْكَنَهُ، وَلَا يُشْتَرَطُ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الِاسْتِقْبَالُ وَلَا الرُّجُوعُ وَلَا السُّجُودُ وَلَا الْقِيَامُ وَلَا لُزُومُ مَوْضِعٍ وَاحِدٍ وَلَا تَرْكُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ
مِنْ الطَّعْنِ، وَالضَّرْبِ، وَالْفَرِّ، وَالْكَرِّ، وَقَوْلٍ يَفْتَقِرُ إلَيْهِ مِنْ التَّنْبِيهِ لِغَيْرِهِ، أَوْ التَّحْذِيرِ مِنْ عَدُوِّهِ افْتَقَرَ إلَى ذَلِكَ (إيمَاءً) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إذَا كَانُوا فِي الْقِتَالِ فَلْيُؤَخِّرُوا إلَى آخِرِ الْوَقْتِ ثُمَّ يُصَلُّوا حِينَئِذٍ عَلَى خُيُولِهِمْ وَيُومِئُونَ مُقْبِلِينَ وَمُدْبِرِينَ، وَإِنْ احْتَاجُوا إلَى الْكَلَامِ فِي ذَلِكَ لَمْ يَقْطَعْ الْكَلَامُ صَلَاتَهُمْ (كَأَنْ دَهَمَهُمْ عَدُوٌّ بِهَا) ابْنُ عَرَفَةَ: إنْ دَهَمَهُمْ عَدُوٌّ وَهُمْ بِالصَّلَاةِ صَلَّوْا بِقَدْرِ الطَّاقَةِ دُونَ تَرْكِ مَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ
اللَّخْمِيِّ: يَنْبَغِي أَنْ يَقْطَعَ بَعْضُهُمْ الصَّلَاةَ وَيَقِفُوا وِجَاهَ الْعَدُوِّ؛ فَيُصَلِّيَ الْإِمَامُ بِاَلَّذِينَ مَعَهُ نِصْفَ الصَّلَاةِ وَتَأْتِيَ الطَّائِفَةُ الْأُولَى، فَتُصَلِّيَ بَقِيَّةَ صَلَاةِ الْإِمَامِ
وَانْظُرْ إنْ عَرَضَ لَهُمْ الْخَوْفُ أَثْنَاءَ الصَّلَاةِ ابْنُ بَشِيرٍ (وَحَلَّ لِلضَّرُورَةِ مَشْيٌ وَرَكْضٌ وَطَعْنٌ وَعَدَمُ تَوَجُّهٍ وَكَلَامٌ) تَقَدَّمَ نَصُّ ابْنِ بَشِيرٍ وَابْنِ عَرَفَةَ بِهَذَا كُلِّهِ (وَإِمْسَاكُ مُلَطَّخٍ) ابْنُ شَاسٍ: وَلَا يَجِبُ عَلَى أَحَدٍ إلْقَاءُ السِّلَاحَ إذَا تَلَطَّخَ بِالدَّمِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُسْتَغْنِيًا عَنْهُ وَلَا يَخْشَى عَلَيْهِ.
(وَإِنْ أَمِنُوا بِهَا أَتَمَّتْ صَلَاةَ أَمْنٍ) ابْنُ رُشْدٍ: الْقَوْلُ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ هُوَ الصَّوَابُ وَهُوَ قَوْلُهُ: إذَا انْكَشَفَ الْخَوْفُ بَعْدَ أَنْ صَلَّى الْإِمَامُ رَكْعَةً مِنْ صَلَاةِ الْخَوْفِ أَنَّهُ يُتِمُّ بِالطَّائِفَتَيْنِ
مَعًا الصَّلَاةَ وَتَقْضِي الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ مَا فَاتَهَا
اللَّخْمِيِّ: فَإِنْ كَانَ فِي الظُّهْرِ - وَهُمْ مُقِيمُونَ - فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ ذَهَبَ الْخَوْفُ - وَهُوَ قَائِمٌ -، وَكَانَ بَعْضُهُمْ يُصَلِّي شَيْئًا وَبَعْضُهُمْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَبَعْضُهُمْ صَلَّى رَكْعَةً فَإِنَّهُ يَتَّبِعُهُ مَنْ لَمْ يُصَلِّ الرَّكْعَتَيْنِ، وَيُمْهِلُ مَنْ صَلَّى رَكْعَةً حَتَّى يُصَلِّيَهَا الْإِمَامُ، ثُمَّ يَتَّبِعَهُ فِي الرَّابِعَةِ، وَيُمْهِلُ مَنْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى يُسَلِّمَ الْإِمَامُ أَجْزَأَتْ صَلَاةُ مَنْ أَتَمَّ وَانْصَرَفَ قَبْلَ ذَهَابِ الْخَوْفِ (وَبَعْدَهَا لَا إعَادَةَ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إذَا اشْتَدَّ الْخَوْفُ صَلَّوْا عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِمْ رُكْبَانًا وَمُشَاةً مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةِ، أَوْ غَيْرِهَا وَيَرْكَعُونَ إيمَاءً
قَالَ مَالِكٌ: وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِمْ إنْ أَمِنُوا فِي الْوَقْتِ
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: وَإِذَا كَانُوا طَالِبِينَ - وَعَدُوُّهُمْ مُنْهَزِمُونَ -، وَطَلَبُهُمْ أَثْخَنَ فِي قَتْلِهِمْ فَلْيُصَلُّوا بِالْأَرْضِ.
وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: هُمْ فِي سَعَةٍ أَنْ لَا يَنْزِلُوا وَإِنْ كَانُوا طَالِبِينَ انْتَهَى
وَانْظُرْ الْخَوْفَ بِالْبَحْرِ نَصَّ ابْنُ الْمَوَّازِ أَنَّهُمْ إذَا قُوتِلُوا فِي الْبَحْرِ صَلَّوْا صَلَاةَ الْخَوْفِ وَلَا يَقْطَعُ صَلَاتَهُمْ رَمْيُهُمْ بِالنَّبْلِ (كَسَوَادٍ ظُنَّ عَدُوًّا فَظَهَرَ نَفْيُهُ) اللَّخْمِيِّ: لَهُمْ إنْ خَافُوا الْعَدُوَّ أَنْ يُصَلُّوا صَلَاةَ الْخَوْفِ وَإِنْ لَمْ يُعَايِنُوهُ
وَقَالَ أَشْهَبُ فِي الْقَوْمِ نَظَرُوا إلَى سَوَادٍ فَظَنُّوهُ عَدُوًّا فَصَلَّوْا صَلَاةَ
خَوْفٍ طَائِفَتَيْنِ، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّ ذَلِكَ السَّوَادَ إبِلٌ، أَوْ غَيْرُهَا: إنَّ صَلَاتَهُمْ تَامَّةٌ وَاسْتَحَبَّ مُحَمَّدٌ الْإِعَادَةَ.
(وَإِنْ سَهَا مَعَ الْأُولَى سَجَدَتْ بَعْدَ إكْمَالِهَا وَإِلَّا سَجَدَتْ الْقَبْلِيِّ مَعَهُ وَالْبَعْدِيَّ بَعْدَ الْقَضَاءِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إذَا سَهَا الْإِمَامُ مَعَ الطَّائِفَةِ الْأُولَى سَجَدُوا لِلسَّهْوِ بَعْدَ بِنَائِهِمْ كَانَ قَبْلُ، أَوْ بَعْدُ، ثُمَّ إذَا صَلَّى بِالثَّانِيَةِ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ السَّلَامِ سَجَدُوا مَعَهُ، ثُمَّ سَلَّمَ هُوَ، وَإِنْ كَانَتْ بَعْدَ السَّلَامِ سَلَّمَ هُوَ وَسَجَدَ وَلَا يَسْجُدُونَ إلَّا بَعْدَ الْقَضَاءِ.
(وَإِنْ صَلَّى فِي ثُلَاثِيَّةٍ أَوْ رُبَاعِيَّةٍ بِكُلِّ رَكْعَةٍ بَطَلَتْ الْأُولَى وَالثَّالِثَةُ فِي الرُّبَاعِيَّةِ كَغَيْرِهِمَا عَلَى الْأَرْجَحِ) ابْنُ حَبِيبٍ: لَوْ جَهِلَ الْإِمَامُ فِي الْمَغْرِبِ فَصَلَّى بِثَلَاثِ طَوَائِفَ رَكْعَةً رَكْعَةً فَصَلَاةُ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ جَائِزَةٌ وَتَفْسُدُ عَلَى الْأُولَى قَالَهُ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغُ وَابْنُ يُونُسَ.
وَوَجْهُهُ أَنَّ السُّنَّةَ يُصَلِّي بِالطَّائِفَةِ الْأُولَى رَكْعَتَيْنِ فَلَمَّا صَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً فَقَدْ خَالَفَ السُّنَّةَ وَوَجَبَ أَنْ لَا تُجْزِئَهُمْ
وَأَيْضًا فَقَدْ صَارُوا يُصَلُّونَ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ أَفْذَاذًا وَقَدْ كَانَ وَاجِبٌ أَنْ يُصَلُّوهَا مَأْمُومِينَ، وَأَمَّا الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ فَهُمْ كَمَنْ فَاتَتْهُمْ رَكْعَةٌ مِنْ الطَّائِفَةِ الْأُولَى وَأَدْرَكَ الثَّانِيَةَ فَوَجَبَ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَةَ الْبِنَاءِ وَرَكْعَةً فَذًّا وَكَذَلِكَ فَعَلُوا، وَأَمَّا الطَّائِفَةُ الثَّالِثَةُ فَقَدْ وَافَقَ بِهَا سُنَّةَ صَلَاةِ الْخَوْفِ فِي الْمَغْرِبِ فَأَجْزَأَتْهُمْ، وَكَذَلِكَ قَالَ بَعْضُهُمْ فِي الرُّبَاعِيَّةِ فِي الْحَضَرِ إنْ صَلَّاهَا بِأَرْبَعِ طَوَائِفَ بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَةً: إنَّ صَلَاتَهُ وَصَلَاةَ الثَّانِيَةِ وَالرَّابِعَةِ تَامَّةٌ وَتَفْسُدُ صَلَاةُ الْبَاقِينَ، وَوَجْهُهُ عَلَى نَحْوِ مَا فَسَّرْنَا فِي الْمَغْرِبِ مِنْ مُخَالَفَةِ السُّنَّةِ وَأَنَّ الطَّائِفَةَ الْأُولَى وَجَبَ عَلَيْهَا أَنْ تُصَلِّيَ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ بِإِمَامٍ فَصَلَّوْهَا أَفْذَاذًا، وَكَذَلِكَ الطَّائِفَةُ الثَّالِثَةُ وَجَبَ عَلَيْهَا أَنْ تُصَلِّيَ الرَّكْعَةَ بِإِمَامٍ فَصَلَّوْهَا أَفْذَاذًا فَفَسَدَتْ عَلَيْهِمْ، وَأَمَّا الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ فَهُمْ كَمَنْ فَاتَتْهُ مِنْ الطَّائِفَةِ الْأُولَى رَكْعَةٌ وَأَدْرَكَ الثَّانِيَةَ
وَكَذَلِكَ الرَّابِعَةُ هُمْ كَمَنْ فَاتَتْهُ رَكْعَةٌ مِنْ الطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ.
وَقَالَ سَحْنُونَ: بَلْ تَبْطُلُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ فِي الثُّلَاثِيَّةِ وَالرُّبَاعِيَّةِ
ابْنُ يُونُسَ: وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّهُ خَالَفَ بِهَا سُنَّتَهَا (وَصُحِّحَ خِلَافُهُ) ابْنُ الْجَلَّابِ: لَوْ جَهِلَ فَصَلَّى فِي الثُّلَاثِيَّةِ أَوْ الرُّبَاعِيَّةِ بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَةً: صَلَاةُ الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ فِي الرُّبَاعِيَّةِ بَاطِلَةٌ، وَأَمَّا غَيْرُهُمَا فَصَحِيحَةٌ عَلَى الْأَصَحِّ.