المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل في وقت الرفاهية ووقت المعذورين ووقت الكراهية في الصلاة] - التاج والإكليل لمختصر خليل - جـ ٢

[محمد بن يوسف المواق]

فهرس الكتاب

- ‌[كِتَابُ الصَّلَاةِ] [

- ‌بَاب فِي مَوَاقِيت الصَّلَاة] [

- ‌فَصَلِّ فِي وَقْت الرَّفَاهِيَة وَوَقْت الْمَعْذُورِينَ وَوَقْت الْكَرَاهِيَة فِي الصَّلَاة]

- ‌[بَاب فِي الْأَذَان وَالْإِقَامَة] [

- ‌فَصَلِّ فِي حُكْم الْأَذَان وَالْإِقَامَة]

- ‌[بَاب فِي شُرُوط صِحَّة الصَّلَاة]

- ‌[فَصَلِّ الطَّهَارَةُ مِنْ الْحَدَثِ وَالطَّهَارَةُ مِنْ الْخَبَثِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي سِتْر الْعَوْرَة]

- ‌[بَابٌ فِي اسْتِقْبَال الْقِبْلَة]

- ‌[بَاب فِي كَيْفِيَّةِ الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي فَرَائِض الصَّلَاة]

- ‌[فَصْلٌ قِيَامُ الْإِحْرَامِ وَالْقِرَاءَةِ لِلْفَرْضِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي قَضَاء الصَّلَاة الْفَائِتَة]

- ‌[بَابٌ فِي السُّجُودِ] [

- ‌فَصْلٌ فِي سُجُودُ السَّهْوِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي سُجُودُ التِّلَاوَةِ]

- ‌[بَابٌ فِي صَلَاةِ التَّطَوُّعِ]

- ‌[بَاب فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي حُكْم صَلَاة الْجَمَاعَة]

- ‌[فَصْلٌ فِي صِفَةِ الْأَئِمَّةِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي شُرُوط الِاقْتِدَاء بِالْإِمَامِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي اسْتِخْلَاف الْإِمَام]

- ‌[بَاب فِي صَلَاة السَّفَر]

- ‌[بَابٌ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[بَاب فِي صَلَاة الْخَوْف] [

- ‌فَصَلِّ فِي أَنْوَاع صَلَاة الْخَوْف]

- ‌[بَاب فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ] [

- ‌فَصَلِّ فِي حُكْم صَلَاة الْعِيد]

- ‌[بَابُ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ وَالْخُسُوف]

- ‌[فَصَلِّ فِي حُكْم صَلَاة الْكُسُوف وَالْخُسُوف]

- ‌[بَاب فِي صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي حُكْم صَلَاة الِاسْتِسْقَاء]

الفصل: ‌فصل في وقت الرفاهية ووقت المعذورين ووقت الكراهية في الصلاة]

[كِتَابُ الصَّلَاةِ] [

‌بَاب فِي مَوَاقِيت الصَّلَاة] [

‌فَصَلِّ فِي وَقْت الرَّفَاهِيَة وَوَقْت الْمَعْذُورِينَ وَوَقْت الْكَرَاهِيَة فِي الصَّلَاة]

بَابٌ ابْنُ شَاسٍ: فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ أَبْوَابٌ:

الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي الْمَوَاقِيتِ

وَفِيهِ فُصُولٌ ثَلَاثَةٌ:

الْأَوَّلُ: فِي وَقْتِ الرَّفَاهِيَةِ.

الثَّانِي: فِي وَقْتِ الْمَعْذُورِينَ.

الثَّالِثُ: فِي أَوْقَاتِ الْكَرَاهِيَةِ (الْوَقْتُ الْمُخْتَارُ لِلظُّهْرِ مِنْ زَوَالِ

ص: 9

الشَّمْسِ لِآخِرِ الْقَامَةِ بِغَيْرِ ظِلِّ الزَّوَالِ)

ص: 11

(وَهُوَ أَوَّلُ وَقْتِ الْعَصْرِ لِلِاصْفِرَارِ وَاشْتَرَكَتَا بِقَدْرِ إحْدَاهُمَا) ابْنُ عَرَفَةَ: أَوَّلُ الظُّهْرِ زَوَالُ الشَّمْسِ، وَهُوَ كَوْنُهَا بِأَوَّلِ ثَانِي أَعْلَى دَرَجَاتِ دَائِرَتِهَا، وَيُعْرَفُ بِذَلِكَ بِزِيَادَةِ أَقَلِّ ظِلِّهَا. وَمَنَعَ ابْنُ الْقَصَّارِ التَّقْلِيدَ فِي دُخُولِ وَقْتِهَا وَلَوْ لِعَامِّيٍّ لِوُضُوحِهِ. الْمُدَوَّنَةُ: وَآخِرُ وَقْتِهَا أَنْ يَصِيرَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ بَعْدَ طَرْحِ ظِلِّ الزَّوَالِ، وَهُوَ بِعَيْنِهِ أَوَّلُ وَقْتِ الْعَصْرِ يَكُونُ وَقْتًا لَهُمَا مُمْتَزِجًا بَيْنَهُمَا، فَإِذَا زَادَ عَلَى الْمِثْلِ زِيَادَةً خَرَجَ وَقْتُ الظُّهْرِ وَانْفَرَدَ الْوَقْتُ بِالْعَصْرِ. ابْنُ نَاجِي: فَيَقَعُ الِاشْتِرَاكُ بَيْنَ الْوَقْتَيْنِ مَا دَامَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ، فَإِذَا

ص: 19

تَبَيَّنَتْ الزِّيَادَةُ خَرَجَ وَقْتُ الظُّهْرِ وَانْفَرَدَ وَقْتُ الْعَصْرِ

قَالَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَرَوَاهُ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ

ابْنُ رُشْدٍ: وَهُوَ الْأَظْهَرُ. وَآخِرُ وَقْتِ الْعَصْرِ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ. (وَهَلْ فِي آخِرِ الْقَامَةِ الْأُولَى، أَوْ أَوَّلِ الثَّانِيَةِ؟ خِلَافٌ) الَّذِي تَقَدَّمَ هُوَ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمَشْهُورَ وَهُوَ مُقْتَضَى مَا

ص: 20

لِابْنِ يُونُسَ. وَفِي الْمَسْأَلَةِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ، اُنْظُرْهَا فِي الطِّوَالِ، وَفِي اللَّخْمِيِّ.

(وَلِلْمَغْرِبِ غُرُوبُ الشَّمْسِ تُقَدَّرُ بِفِعْلِهَا بَعْدَ شُرُوطِهَا) فِيهَا: وَقْتُ الْمَغْرِبِ غُرُوبُ الشَّمْسِ لَا تُؤَخَّرُ. ابْنُ رُشْدٍ: إلَّا لِعُذْرٍ مِثْلِ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ لِلْمَرِيضِ، وَالْمَطَرِ، وَالْمُسَافِرِ، ثُمَّ قَالَ: فَحَصَلَ الْإِجْمَاعُ أَنَّ الْمُبَادَرَةَ بِالْمَغْرِبِ عِنْدَ الْغُرُوبِ أَفْضَلُ

بَهْرَامَ: قَالَ صَاحِبُ الْإِرْشَادِ: يُرَاعَى مِقْدَارُ فِعْلِهَا بَعْدَ تَحْصِيلِ شُرُوطِهَا

ابْنُ عَرَفَةَ: اعْتِبَارُ مَا يَسَعُهَا بِغُسْلِهَا لَازِمٌ لِوُجُوبِهِ وَعَدَمِ وُجُوبِهِ بَلْ قَبْلَ وَقْتِهَا. وَإِجْمَاعُهُمْ عَلَى امْتِنَاعِ التَّكْلِيفِ بِمُوَقِّتٍ بِمَا لَا يَسَعُهُ وَبِاعْتِبَارِهِمْ هَذَا يُفْهَمُ قَوْلُ الْمَازِرِيِّ: فَاعِلُهَا - إثْرَ الْغُرُوبِ - وَالْمُتَوَانِي قَلِيلًا كِلَاهُمَا أَدَّاهَا فِي وَقْتِهَا.

ص: 23

(وَلِلْعِشَاءِ مِنْ غُرُوبِ حُمْرَةِ الشَّفَقِ لِلثُّلُثِ الْأَوَّلِ) فِيهَا: أَوَّلُ وَقْتِ الْعِشَاءِ مَغِيبُ الشَّفَقِ وَهُوَ الْحُمْرَةُ، وَلَا يُنْظَرُ إلَى الْبَيَاضِ الْبَاقِي بَعْدَهَا كَمَا لَا يُنْظَرُ فِي الصَّوْمِ إلَى الْبَيَاضِ الَّذِي قَبْلَ الْفَجْرِ. وَآخِرُ وَقْتِهَا

ص: 29

ثُلُثُ اللَّيْلِ

اُنْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِهِمْ: عَلَى الْقُرْصِ دَائِرَتَانِ: حَمْرَاءُ وَقَبْلَهَا بَيْضَاءُ، أَوَّلُ مَا يَطْلُعُ الْبَيْضَاءُ ثُمَّ الْحَمْرَاءُ، ثُمَّ الْقُرْصُ، وَالْأَحْكَامُ تَتَعَلَّقُ بِالْبَيْضَاءِ، وَهِيَ دَائِرَةُ سَكَنٍ لِاتِّسَاعِهَا تَظْهَرُ كَأَنَّهَا خَطٌّ مُسْتَقِيمٌ مِنْ الْقِبْلَةِ إلَى الشَّمَالِ. وَيُسَمَّى الْفَجْرَ الْمُعْتَرِضَ وَالْمُسْتَطِيرَ وَالصَّادِقَ، وَالْفَجْرُ الْكَاذِبُ هُوَ الْمُسْتَطِيلُ مِنْ الْمَشْرِقِ إلَى الْمَغْرِبِ يُسَمَّى كَاذِبًا لِأَنَّهُ يَقِلُّ وَيَتَلَاشَى.

(وَلِلصُّبْحِ مِنْ الْفَجْرِ الصَّادِقِ) ابْنُ عَرَفَةَ: أَوَّلُ الصُّبْحِ طُلُوعُ الْفَجْرِ وَهُوَ بَيَاضُ الْأُفُقِ الْمُنْتَشِرِ. ابْنُ شَاسٍ: أَوَّلُ الصُّبْحِ طُلُوعُ الْفَجْرِ الصَّادِقِ الْمُسْتَطِيرِ ضَوْءُهُ لَا الْفَجْرِ الْكَاذِبِ الَّذِي يَبْدُو مُسْتَطِيلًا، ثُمَّ يَنْمَحِقُ (لِلْإِسْفَارِ الْأَعْلَى) فِيهَا: وَآخِرُ وَقْتِهَا إذَا أَسْفَرَ. ابْنُ عَرَفَةَ: فِي كَوْنِ الْإِسْفَارِ مَا إذَا تَمَّتْ الصَّلَاةُ بَدَأَ حَاجِبُ الشَّمْسِ، أَوْ بِمَا تَبِينُ بِهِ الْأَشْيَاءُ تَفْسِيرَانِ:

ص: 32

الْأَوَّلُ لِعَبْدِ الْحَقِّ وَلِلرِّسَالَةِ، وَالتَّفْسِيرُ الثَّانِي لِابْنِ عَرَفَةَ وَبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ.

(وَإِنْ مَاتَ وَسَطَ الْوَقْتِ بِلَا

ص: 36

أَدَاءً لَمْ يَعْصِ) الْمَازِرِيُّ: وُجُوبُ الصَّلَاةِ يَتَعَلَّقُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْمَالِكِيَّةِ بِجَمِيعِ الْوَقْتِ، فَعَلَيْهِ لَوْ مَاتَ الْمُكَلَّفُ فِي وَسَطِ الْوَقْتِ قَبْلَ الْأَدَاءِ لَمْ يَعْصِ (إلَّا أَنْ يَظُنَّ الْمَوْتَ) ابْنُ الْحَاجِبِ: الْجُمْهُورُ أَنَّ جَمِيعَ وَقْتِ الظُّهْرِ وَنَحْوِهِ وَقْتٌ لِأَدَائِهِ. وَمَنْ أَخَّرَ مَعَ ظَنِّ الْمَوْتِ قَبْلَ الْفِعْلِ عَصَى اتِّفَاقًا، فَإِنْ لَمْ يَمُتْ ثُمَّ فَعَلَهُ فِي وَقْتِهِ فَالْجُمْهُورُ: أَدَاءً، وَإِنْ ظَنَّ السَّلَامَةَ فَمَاتَ فَجْأَةً فَلَا يَعْصِي

(وَالْأَفْضَلُ لِفَذٍّ تَقْدِيمُهَا مُطْلَقًا) ابْنُ رُشْدٍ: الْبِدَارُ إلَى الصَّلَاةِ أَوَّلَ الْوَقْتِ مِنْ فِعْلِ الْخَوَارِجِ

أَبُو عُمَرَ: جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ فِي الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا أَنَّ الْمُبَادِرَ لِأَدَائِهَا أَفْضَلُ مِنْ الْمُتَأَنِّي لِقَوْلِهِ - سُبْحَانَهُ -: {سَابِقُوا} {وَسَارِعُوا} وَلِحَدِيثِ «أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ

ص: 38

الصَّلَاةُ لِأَوَّلِ وَقْتِهَا» وَفِي الْحَدِيثِ «أَوَّلُ الْوَقْتِ رِضْوَانُ اللَّهِ وَآخِرُهُ عَفْوُ اللَّهِ» .

(وَعَلَى جَمَاعَةٍ آخِرُهُ) اُنْظُرْ هَذَا إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الصُّبْحِ خَاصَّةً

رَوَى ابْنُ نَافِعٍ فِي الْمُسَافِرِينَ يُقَدِّمُونَ الرَّجُلَ لِسِنِّهِ فَيُسْفِرُ بِصَلَاةِ الصُّبْحِ قَالَ: يُصَلِّي الرَّجُلُ وَحْدَهُ أَوَّلَ الْوَقْتِ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ يُصَلِّيَ بَعْدَ الْإِسْفَارِ مَعَ جَمَاعَةٍ. الْبَاجِيُّ: جَعَلَ الْإِسْفَارَ هُنَا وَقْتَ الضَّرُورَةِ. الْمَازِرِيُّ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ. اُنْظُرْ بَحْثَهُ مَعَ الْبَاجِيِّ (وَلِلْجَمَاعَةِ تَقْدِيمُ غَيْرِ الظُّهْرِ) ابْنُ عَرَفَةَ: عَنْ الْجُمْهُورِ صَلَاةُ الْعَصْرِ أَوَّلَ وَقْتِهَا فِي مَسَاجِدِ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ تَأْخِيرِهَا قَلِيلًا خِلَافًا لِلْقَاضِي وَأَشْهَبَ

أَبُو عُمَرَ: اسْتَحَبَّ مَالِكٌ فِي مَسَاجِدِ الْجَمَاعَاتِ أَنْ لَا يُعَجِّلُوا بِصَلَاةِ الْعِشَاءِ.

وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْهُ أَنَّ أَوَائِلَ الْأَوْقَاتِ أَحَبُّ إلَيْهِ فِي كُلِّ صَلَاةٍ إلَّا الظُّهْرَ (وَتَأْخِيرُهَا لِرُبُعِ الْقَامَةِ) فِيهَا: أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ تُصَلِّيَ الظُّهْرَ فِي الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ، وَالْفَيْءُ ذِرَاعٌ. عِيَاضٌ: ذِرَاعُ الْإِنْسَانِ رُبُعُ قَامَتِهِ، وَالْفَيْءُ الظِّلُّ الَّذِي تَزُولُ عَلَيْهِ الشَّمْسُ

أَبُو عُمَرَ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَكَذَا الْفَذُّ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ وَالْبَغْدَادِيِّينَ (وَيُزَادُ لِشِدَّةِ الْحَرِّ وَفِيهَا نُدِبَ تَأْخِيرُ الْعِشَاءِ قَلِيلًا) تَقَدَّمَ نَقْلُ أَبِي عُمَرَ أَنَّهُمَا رِوَايَتَانِ.

(وَإِنْ شَكَّ فِي دُخُولِ الْوَقْتِ لَمْ تَجْزِهِ وَلَوْ وَقَعَتْ فِيهِ) ابْنُ رُشْدٍ: إذَا صَلَّى - وَهُوَ غَيْرُ عَالِمٍ بِدُخُولِ الْوَقْتِ -

ص: 42

وَجَبَ أَنْ لَا تُجْزِئَهُ صَلَاتُهُ وَإِنْ انْكَشَفَ لَهُ أَنَّهُ صَلَّاهَا بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ لِأَنَّهُ صَلَّاهَا وَهُوَ غَيْرُ عَالِمٍ بِوُجُوبِهَا عَلَيْهِ وَقِيلَ: إنَّهَا تُجْزِئُهُ

اُنْظُرْ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ نَظَائِرَ مِنْهَا: مَنْ شَكَّ هَلْ أَتَمَّ صَلَاتَهُ فَسَلَّمَ عَلَى شَكِّهِ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ قَدْ كَانَ أَتَمَّ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: صَلَاتُهُ فَاسِدَةٌ. وَمِنْهَا: مَنْ انْحَرَفَ عَنْ الْقِبْلَةِ عَامِدًا، ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ مُسْتَقْبِلُهَا قَالَ الْبَاجِيُّ: صَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ. وَانْظُرْ أَيْضًا - مِنْ مَعْنَى هَذَا - نَقْلَ ابْنِ يُونُسَ: مَنْ صَلَّى عُرْيَانًا - وَعِنْدَهُ ثَوْبٌ نَجِسٌ -: إنْ كَانَ يَظُنُّ أَنَّ صَلَاتَهُ صَحِيحَةٌ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ فَرْضَهُ الصَّلَاةُ بِالثَّوْبِ النَّجِسِ فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ. وَكَانَ ابْنُ اللَّبَّادِ يُفْتِي أَنَّ مَا يَأْخُذُهُ بَنُو عُبَيْدٍ مِنْ الزَّكَاةِ يَجْزِي، وَإِنْ كَانُوا لَا يُقِرُّونَ بِالزَّكَاةِ لِأَنَّا إنْ قُلْنَا: لَا تُجْزِئُ لَمْ يُؤَدِّ النَّاسُ شَيْئًا فَلَأَنْ يُؤَدُّوا بِتَأْوِيلٍ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَتْرُكُوهَا عَامِدِينَ.

قَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ: وَكُنْت أَسْتَحِبُّ هَذَا، وَكَانَ سَيِّدِي ابْنُ سِرَاجٍ رحمه الله يُرَشِّحُ هَذَا وَيَقُولُ، إذَا ظَهَرَ لِلْإِنْسَانِ خِلَافُ مَا يَظْهَرُ لِغَيْرِهِ فَيَمْتَنِعُ فِي ذَاتِهِ، وَلَا يَحْمِلُ النَّاسَ عَلَى مَذْهَبِهِ فَيُدْخِلَ عَلَيْهِمْ شَغَبًا فِي أَنْفُسِهِمْ وَحِيرَةً فِي دِينِهِمْ.

وَقَالَ فِي الْإِحْيَاءِ: لَوْ أَقْدَمَ عَلَى شَيْءٍ مَعَ حَزَازَةٍ فِي قَلْبِهِ اسْتَضَرَّ بِهِ وَأَظْلَمَ قَلْبُهُ، بَلْ لَوْ أَقْدَمَ عَلَى حَرَامٍ فِي عِلْمِ اللَّهِ، وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ حَلَالٌ لَمْ يُؤَثِّرْ ذَلِكَ فِي قَسَاوَةِ قَلْبِهِ.

قَالَ الشَّاطِبِيُّ: إذَا قَصَدَ مُخَالَفَةَ الشَّرْعِ فَشَرِبَ حِلَابًا عَلَى أَنَّهُ خَمْرٌ فَعَلَيْهِ دَرْكُ الْإِثْمِ فِي قَصْدِ الْمُخَالَفَةِ.

وَقَالَ عِزُّ الدِّينِ: مَنْ فَعَلَ وَاجِبًا فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ مُحَرَّمٌ أُثِيبَ عَلَى قَصْدِهِ وَلَا إثْمَ عَلَيْهِ؛ إذْ فَعَلَ مَفْسَدَةً يَظُنُّهَا مَصْلَحَةً. ابْنُ شَاسٍ: وَاشْتَبَهَ عَلَيْهِ الْوَقْتُ فَلْيَجْتَهِدْ وَيَسْتَدِلَّ بِالْأَوْرَادِ وَأَرْبَابِ الصَّنَائِعِ وَشِبْهِ ذَلِكَ، وَيَحْتَاطُ، ثُمَّ إنْ وَقَعَتْ صَلَاتُهُ فِي الْوَقْتِ، أَوْ بَعْدَهُ فَلَا قَضَاءَ، وَإِنْ وَقَعَتْ قَبْلَ الْوَقْتِ مَضَى كَالِاجْتِهَادِ

ص: 43

فِي شَهْرِ رَمَضَانَ.

(وَالضَّرُورِيُّ بَعْدَ الْمُخْتَارِ لِلطُّلُوعِ فِي الصُّبْحِ) ابْنُ عَرَفَةَ: الضَّرُورِيُّ تَالِي الِاخْتِيَارِيِّ.

قَالَ: وَتَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِي آخِرِ الصُّبْحِ. ابْنُ شَاسٍ: قِيلَ: آخِرُهَا الْمُخْتَارُ طُلُوعُ الشَّمْسِ، وَقِيلَ: الْإِسْفَارُ الْأَعْلَى وَقَدْ تَقَدَّمَ عِبَارَةُ غَيْرِهِ، عَبَّرَ بِحَاجِبِ الشَّمْسِ عَنْ قُرْصِهَا. (وَلِلْغُرُوبِ فِي الظُّهْرَيْنِ وَلِلْفَجْرِ فِي الْعِشَاءَيْنِ) ابْنُ عَرَفَةَ: الضَّرُورِيُّ تَالِي الِاخْتِيَارِيِّ، فِي النَّهَارِيَّتَيْنِ لِلْغُرُوبِ، وَلِلْفَجْرِ فِي الْعِشَاءَيْنِ

ص: 44

(وَتُدْرَكُ فِيهِ الصُّبْحُ بِرَكْعَةٍ لَا أَقَلَّ) ابْنُ عَرَفَةَ: تَجِبُ الصُّبْحُ وَالْعَصْرُ وَالْعِشَاءُ عَلَى ذِي مَانِعٍ يُرْفَعُ ذَلِكَ الْمَانِعُ بِقَدْرِ رَكْعَةٍ قَبْلَ الطُّلُوعِ، أَوْ الْغُرُوبِ أَوْ الْفَجْرِ. ابْنُ الْقَاسِمِ: بِسَجْدَتَيْهَا. الْقَاضِي: مَعَ ظَاهِرِ

ص: 45

الرِّوَايَاتِ: بِقِرَاءَتِهَا وَطُمَأْنِينَتِهَا. اللَّخْمِيِّ: وَعَلَى عَدَمِ فَرْضِيَّتِهَا لَا يُعْتَبَرَانِ.

(وَالْكُلُّ أَدَاءٌ) الْبَاجِيُّ: إذَا أَحْرَمَتْ الْمَرْأَةُ بِالْعَصْرِ قَبْلَ الْغُرُوبِ بِرَكْعَةٍ، فَلَمَّا كَانَتْ فِي آخِرِ رَكْعَةٍ مِنْهَا - وَقَدْ غَرَبَتْ الشَّمْسُ - حَاضَتْ فَإِنَّهَا تَقْضِي الْعَصْرَ لِأَنَّهَا حَاضَتْ بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِهَا. قَالَهُ سَحْنُونَ وَرَأَيْت لِأَصْبَغَ: لَا قَضَاءَ عَلَيْهَا، وَقَوْلُ سَحْنُونٍ أَقْيَسُ.

وَقَالَ اللَّخْمِيِّ عَنْ قَوْلِ سَحْنُونٍ: إنَّهُ أَقْيَسُ. وَقَالَ عَنْ قَوْلِ أَصْبَغَ: إنَّهُ أَشْهَرُ

ابْنُ بَشِيرٍ: أَثْمَرَ هَذَا الْخِلَافُ اخْتِلَافًا فِي مُدْرِكِ رَكْعَةٍ مِنْ الْوَقْتِ هَلْ يَكُونُ مُؤَدِّيًا لِجَمِيعِ الصَّلَاةِ، أَوْ مُؤَدِّيًا لِلرَّكْعَةِ، قَاضِيًا لِلثَّلَاثِ.؟ .

(وَالظُّهْرَانِ وَالْعِشَاءَانِ بِفَصْلِ رَكْعَةٍ عَنْ الْأُولَى لَا الثَّانِيَةِ) مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ وَأَصْبَغُ: تَجِبُ أُولَى الْمُشْتَرَكَتَيْنِ بِإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ فَوْقَ قَدْرِهَا فَإِذَا طَهُرَتْ الْحَائِضُ، وَأَفَاقَ الْمُغْمَى، وَاحْتَلَمَ الصَّبِيُّ، وَأَسْلَمَ النَّصْرَانِيُّ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ اللَّيْلِ قَدْرُ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ صَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ. ابْنُ يُونُسَ: لِأَنَّهُ إذَا صَلَّى الْمَغْرِبَ بَقِيَتْ رَكْعَةٌ لِلْعِشَاءِ، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ. ابْنُ الْقَاسِمِ: فَإِذَا طَهُرَتْ فِي السَّفَرِ لِثَلَاثٍ فَلَيْسَ عَلَيْهَا إلَّا الْعِشَاءُ رَكْعَتَيْنِ. (كَحَاضِرٍ سَافَرَ أَوْ قَادِمٍ) ابْنُ عَرَفَةَ: ثَالِثُ الْأَقْوَالِ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَأَصْبَغَ أُولَى الْمُشْتَرَكَتَيْنِ تَجِبُ بِإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ

ص: 48

فَوْقَ قَدْرِهَا إلَّا الثَّانِيَةَ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: وَقَصْرُ الْأُولَى لِسَفَرٍ وَإِتْمَامُهَا لِقُدُومٍ بِإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ، وَلَوْ سَافَرَ بَعْدَ قَدْرِ الثَّانِيَةِ مِثْلُهَا، فَلَوْ سَافَرَ لِثَلَاثٍ قَبْلَ الْغُرُوبِ قَصَرَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ، وَإِنْ سَافَرَ لِأَقَلَّ قَصَرَ الْعَصْرَ، وَلَوْ سَافَرَ لِأَرْبَعٍ قَبْلَ الْفَجْرِ قَصَرَ الْعِشَاءَ، فَإِنْ سَافَرَ لِأَقَلَّ فَالرِّوَايَةُ كَذَلِكَ. رَوَى الْجَلَّابُ يُتِمُّ وَلَوْ قَدِمَ لِخَمْسٍ قَبْلَ الْمَغْرِبِ أَتَمَّهُمَا، وَلِأَقَلَّ أَتَمَّ الْعَصْرَ، وَلَوْ قَدِمَ لِأَرْبَعٍ قَبْلَ الْفَجْرِ أَتَمَّ وَلِأَقَلَّ كَذَلِكَ وَخَرَّجَ الْجَلَّابُ قَصْرَهُ (وَأَثِمَ) ابْنُ بَشِيرٍ: الْأَدَاءُ وَالتَّأْثِيمُ مُتَنَافِيَانِ لِأَنَّ مَعْنَى الْأَدَاءِ مُوَافَقَةُ الْأَمْرِ، وَمَعْنَى التَّأْثِيمِ مُخَالَفَةُ الْأَمْرِ. ابْنُ عَرَفَةَ: لَا تَنَافِيَ بَيْنَهُمَا.

قَالَ مَالِكٌ: إذَا أَخَّرَ غَيْرُ ذِي عُذْرٍ لِغَيْرِ الضَّرُورِيِّ كُرِهَ لَهُ وَكَانَ مُؤَدِّيًا

وَفِي الصَّحِيحِ: «مَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ كَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ» قَالَ أَشْهَبُ وَابْنُ وَهْبٍ: مَعْنَى الْفَوَاتِ هُنَا مَنْ لَمْ يُصَلِّهَا فِي الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ.

وَقَالَ سَحْنُونَ: هُوَ الَّذِي تَغْرُبُ عَلَيْهِ الشَّمْسُ. ابْنُ زَرْقُونٍ: فَعَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ: لَا يَأْثَمُ مَنْ أَخَّرَ الْعَصْرَ عَنْ الْقَامَتَيْنِ. (إلَّا لِعُذْرٍ بِكُفْرٍ، وَإِنْ بِرِدَّةٍ، وَصِبًا، وَإِغْمَاءٍ، وَجُنُونٍ، وَنَوْمٍ، وَغَفْلَةٍ كَحَيْضٍ لَا

ص: 49

سُكْرٍ) اُنْظُرْ هَذَا الْمَسَاقَ فَإِنَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ يَأْثَمُ وَمَنْ لَا يَأْثَمُ، وَعِبَارَةُ غَيْرِهِ إنَّمَا يَذْكُرُونَ هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ تَسْقُطُ عَنْهُ الصَّلَاةُ، وَمَنْ لَا تَسْقُطُ.

قَالَ ابْنُ شَاسٍ: يَعْنِي بِالْعُذْرِ الْحَيْضَ. ابْنُ عَرَفَةَ: وَالنِّفَاسَ وَالْكُفْرَ - وَلَوْ رِدَّةً - وَالْإِغْمَاءَ وَالْجُنُونَ وَالصِّبَا. ابْنُ شَاسٍ: وَأَمَّا السُّكْرُ فَلَا يُسْقِطُ الْقَضَاءَ وَكَذَلِكَ النَّوْمُ. (وَالْمَعْذُورُ، وَغَيْرُ كَافِرٍ يُقَدَّرُ لَهُ الطُّهْرُ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنَّمَا تَنْظُرُ الْحَائِضُ إلَى مَا بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ بَعْدَ فَرَاغِهَا

ص: 50

مِنْ غُسْلِهَا وَجِهَازِهَا مِنْ غَيْرِ تَوَانٍ وَلَا تَفْرِيطٍ، وَكَذَلِكَ الْمُغْمَى عَلَيْهِ إنَّمَا يُرَاعِي بَعْدَ وُضُوئِهِ، وَهُوَ الْقِيَاسُ فِيهِ، وَفِي النَّصْرَانِيِّ إلَّا أَنِّي أَسْتَحْسِنُ فِي النَّصْرَانِيِّ - يُسْلِمُ - أَنْ يَنْظُرَ إلَى مَا بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ سَاعَةَ يُسْلِمُ لِقَوْلِ مَالِكٍ: إذَا أَسْلَمَ النَّصْرَانِيُّ فِي رَمَضَانَ وَقَدْ مَضَى بَعْضُ النَّهَارِ أَنَّهُ يَكُفُّ عَنْ الْأَكْلِ وَيَقْضِي يَوْمًا مَكَانَهُ، فَالصَّلَاةُ أَحْرَى أَنْ تَكُونَ عَلَيْهِ مَا أَسْلَمَ فِي وَقْتِهَا.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: يَنْبَغِي فِي الصَّبِيِّ - يَحْتَلِمُ - أَنْ يَكُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فِي الْحَائِضِ

(وَإِنْ ظَنَّ إدْرَاكَهُمَا فَرَكَعَ فَخَرَجَ الْوَقْتُ قَضَى الْأَخِيرَةَ) سَمِعَ عِيسَى: إنْ قَدَّرَتْ خَمْسَ رَكَعَاتٍ فَبَدَأَتْ بِالظُّهْرِ فَلَمَّا صَلَّتْ رَكْعَةً غَابَتْ الشَّمْسُ فَلْتُضِفْ إلَيْهَا أُخْرَى، وَتُسَلِّمْ، وَتَكُونُ نَافِلَةً، ثُمَّ تُصَلِّي الْعَصْرَ. وَكَذَلِكَ لَوْ صَلَّتْ ثَلَاثًا ثُمَّ غَرَبَتْ الشَّمْسُ لَأَضَافَتْ رَابِعَةً وَتَكُونُ نَافِلَةً وَتُصَلِّي الْعَصْرَ.

ص: 51

ابْنُ رُشْدٍ: هَذِهِ مَسْأَلَةٌ صَحِيحَةٌ. ابْنُ رُشْدٍ: وَلَوْ كَانَتْ لَمْ تَعْقِدْ رَكْعَةً لَكَانَ الِاخْتِيَارُ لَهَا أَنْ تَقْطَعَ.

(وَإِنْ تَطَهَّرَ فَأَحْدَثَ، أَوْ تَبَيَّنَ عَدَمُ طَهُورِيَّةِ الْمَاءِ، أَوْ ذَكَرَ مَا يُرَتَّبُ فَالْقَضَاءُ) ابْنُ الْقَاسِمِ: لَوْ أَحْدَثَتْ الْحَائِضُ بَعْدَ غُسْلِهَا، أَوْ الْمُغْمَى عَلَيْهِ بَعْدَ وُضُوئِهِ، فَتَوَضَّأَ فَغَرَبَتْ الشَّمْسُ فَلْيَقْضِيَا مَا لَزِمَهُمَا قَبْلَ الْحَدَثِ لِأَنَّهَا صَلَاةٌ قَدْ وَجَبَتْ عَلَيْهِمَا وَلَيْسَ نَقْضُ الْوُضُوءِ بِاَلَّذِي يُسْقِطُهَا. وَلَوْ كَانَا اغْتَسَلَا، أَوْ تَوَضَّآ بِمَاءٍ غَيْرِ طَاهِرٍ وَصَلَّيَا ثُمَّ عَلِمَا بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ عَلِمَا قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَا أَعَادَا الْوُضُوءَ وَالْغُسْلَ، وَعَمِلَا عَلَى مَا بَقِيَ لَهُمَا بَعْدَ فَرَاغِهِمَا وَلَمْ يَنْظُرَا إلَى الْوَقْتِ الْأَوَّلِ، وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ مُخَالِفَةٌ لِلَّتِي قَبْلَهَا. ابْنُ رُشْدٍ: هُمَا جَمِيعًا لَمْ يَكُنْ مِنْهُمْ تَفْرِيطٌ فَلَيْسَ يَبِينُ تَفْرِقَتُهُ بَيْنَهُمَا، فَإِمَّا أَنْ عُذِرَا جَمِيعًا فَلْيَعْمَلَا عَلَى مَا بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ بَعْدَ الطَّهَارَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى مَا لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ:

ص: 52

وَإِمَّا أَنْ لَا يُعْذَرَا فِيهِمَا جَمِيعًا.

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْحَائِضِ تَطْهُرُ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ يُفِيقُ لِقَدْرِ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ مِنْ النَّهَارِ، ثُمَّ ذَكَرَ صَلَاةً نَسِيَهَا فَإِنَّهُ يَبْدَأُ بِالْفَائِتَةِ، ثُمَّ يُصَلِّي الْعَصْرَ كَمَا لَوْ ذَكَرَتْ صَلَاةً نَسِيَتْهَا لِقَدْرِ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ وَلَمْ تَكُنْ صَلَّتْ الْعَصْرَ فَإِنَّهَا تَبْدَأُ بِالْفَائِتَةِ، ثُمَّ تُصَلِّي الْعَصْرَ، وَكَمَا لَوْ حَاضَتْ حِينَئِذٍ لَسَقَطَتْ الْعَصْرُ فَكَذَلِكَ إذَا طَهُرَتْ حِينَئِذٍ تَجِبُ عَلَيْهَا، لِأَنَّ مَا يَسْقُطُ بِالْحَيْضِ يَجِبُ بِالطُّهْرِ. ثُمَّ رَجَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ هَذَا. وَوَجَّهَ ابْنُ يُونُسَ هَذَا الْقَوْلَ الْمَرْجُوعَ إلَيْهِ، انْتَهَى

وَانْظُرْ اخْتِصَارَ خَلِيلٍ عَلَى الْقَوْلِ الْمَرْجُوعِ عَنْهُ إلَّا أَنَّ ابْنَ الْمَوَّازِ صَوَّبَهُ، وَكَذَلِكَ أَيْضًا صَوَّبَهُ ابْنُ يُونُسَ بَعْدَ تَوْجِيهِهِ الْقَوْلَ الْمَرْجُوعَ إلَيْهِ (وَأَسْقَطَ عُذْرٌ حَصَلَ غَيْرُ نَوْمٍ وَنِسْيَانٍ الْمُدْرَكَ) ابْنُ عَرَفَةَ: ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ سُقُوطُ الصَّلَاةِ بِطُرُوِّ الْعُذْرِ بِقَدْرِ الرَّكْعَةِ.

(وَأُمِرَ صَبِيٌّ بِهَا لِسَبْعٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: قَالَ مَالِكٌ: يُؤْمَرُ

ص: 53

الصِّبْيَانُ بِالصَّلَاةِ إذَا أَثْغَرُوا وَهِيَ حِينَ تُنْزَعُ أَسْنَانُهُمْ. ابْنُ الْقَاسِمِ: وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ. ابْنُ رُشْدٍ: الصَّوَابُ أَنْ لَا يُفَرَّقَ بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ إلَّا عِنْدَ عَشْرٍ لَا عِنْدَ الْإِثْغَارِ. ابْنُ حَبِيبٍ: ذُكُورًا كَانُوا، أَوْ إنَاثًا، اللَّخْمِيِّ: كُلُّ وَاحِدٍ بِفِرَاشٍ عَلَى حِدَةٍ، وَقِيلَ: عَلَى فِرَاشٍ وَاحِدٍ إذَا كَانَ بَيْنَهُمْ ثَوْبٌ حَائِلٌ.

وَفِي الْمُدَوَّنَةِ: لَا يُؤْمَرُونَ بِالصَّوْمِ إلَّا عِنْدَ الْبُلُوغِ. ابْنُ رُشْدٍ: الصَّوَابُ عِنْدِي إذَا عَقَلَ الصَّبِيُّ مَعْنَى الْقُرْبَةِ أَنَّهُ وَوَلِيُّهُ مَأْجُورَانِ عَلَى فِعْلِهِمَا «لِقَوْلِهِ عليه السلام لِلْمَرْأَةِ الَّتِي أَخَذَتْ بِضَبْعَيْ الصَّبِيِّ وَقَالَتْ: أَلِهَذَا حَجٌّ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ وَلَكِ أَجْرٌ» . (وَضُرِبَ لِعَشْرٍ) رَوَى ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مُرُوا الصِّبْيَانَ بِالصَّلَاةِ لِسَبْعٍ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا لِعَشْرٍ وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ» وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي التَّأْدِيبِ أَنَّهُ يَكُونُ بِالْوَعِيدِ وَالتَّقْرِيعِ لَا بِالشَّتْمِ، فَإِنْ لَمْ يُفِدْ الْقَوْلُ انْتَقَلَ إلَى الضَّرْبِ

ص: 57

بِالسَّوْطِ مِنْ وَاحِدٍ إلَى ثَلَاثَةٍ ضَرْبَ إيلَامٍ فَقَطْ دُونَ تَأْثِيرٍ فِي الْعُضْوِ. قَالَ أَشْهَبُ: إنْ زَادَ الْمُؤَدِّبُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْوَاطٍ اُقْتُصَّ مِنْهُ.

(وَمُنِعَ نَفْلٌ وَقْتَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَغُرُوبِهَا) اُنْظُرْ هَذَا الَّذِي قُرِّرَ، وَهُوَ مُقْتَضَى مَا يَأْتِي لِابْنِ رُشْدٍ. وَقَرَّرَ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ عَرَفَةَ أَنَّ حُكْمَ مَا قَبْلَ الْغُرُوبِ وَقَبْلَ الطُّلُوعِ إلَى الْغُرُوبِ وَالطُّلُوعِ وَاحِدٌ

عَبَّرَ ابْنُ عَرَفَةَ بِالْمَنْعِ وَعَبَّرَ ابْنُ شَاسٍ بِالْكَرَاهَةِ. (وَخُطْبَةِ جُمُعَةٍ) ابْنُ عَرَفَةَ: يَمْنَعُ جُلُوسُ الْإِمَامِ لِلْخُطْبَةِ النَّفَلَ وَلَوْ تَحِيَّةً اتِّفَاقًا. الْبَاجِيُّ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَكَذَا عِنْدَ خُرُوجِهِ لِلْخُطْبَةِ. ابْنُ رُشْدٍ: لَوْ افْتَتَحَهُ حِينَ الْمَنْعِ مَنْ كَانَ بِالْمَسْجِدِ قَطَعَ اتِّفَاقًا، انْتَهَى نَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ

ابْنُ رُشْدٍ: إنْ خَرَجَ الْخَطِيبُ وَقَدْ شَرَعَ فِي نَافِلَةٍ أَتَمَّهَا وَكَذَا يُتِمُّهَا إذَا شَرَعَ فِيهَا وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ

وَرَوَى ابْنُ شَعْبَانَ إنْ خَرَجَ عَلَيْهِ وَهُوَ فِيهِ أَتَمَّ قِرَاءَتَهُ بِالْفَاتِحَةِ فَقَطْ، وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ كَانَ فِي التَّشَهُّدِ سَلَّمَ، وَلَمْ يَدْعُ، وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ يَدْعُو مَا دَامَ الْأَذَانُ

اُنْظُرْ فِي نَوَازِلِ الْبُرْزُلِيُّ: إنْ

ص: 58

ذَكَرَ صَلَاةَ الصُّبْحِ. (وَكُرِهَ بَعْدَ فَجْرٍ وَفَرْضِ عَصْرٍ) هَذِهِ عِبَارَةُ ابْنِ شَاسٍ أَعْنِي لَفْظَ " كُرِهَ ". وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: يُمْنَعُ النَّفَلُ غَيْرُ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ بِطُلُوعِهِ حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ، وَبَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ.

قَالَ مَالِكٌ: مَنْ ذَكَرَ بَعْدَ رَكْعَةٍ مِنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ أَنَّهُ صَلَّاهَا شَفَعَهَا لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَمَّدْ نَفْلًا بَعْدَ الْعَصْرِ. ابْنُ رُشْدٍ: إنَّمَا مُنِعَ النَّفَلُ بَعْدَ الْعَصْرِ لِلذَّرِيعَةِ لِإِيقَاعِهِ عِنْدَ الْغُرُوبِ أَوْ الطُّلُوعِ، وَلِهَذَا جَازَ نَفْلُ مَنْ لَمْ يُصَلِّ الْعَصْرَ بَعْدَ صَلَاتِهِ غَيْرَهُ فَلَوْ مُنِعَ لِذَاتِ الْوَقْتِ مَا جَازَ انْتَهَى

اُنْظُرْ مَنْ صَلَّى الْعَصْرَ وَحْدَهُ، ثُمَّ وَجَدَ جَمَاعَةً يَنْتَظِرُونَ صَلَاةَ الْعَصْرِ لَهُ أَنْ يُعِيدَ مَعَهُمْ، فَانْظُرْ هَلْ يُحَيِّي الْمَسْجِدَ.؟ .

(إلَى أَنْ تَرْتَفِعَ قَدْرَ رُمْحٍ) قَالَ شَارِحُ الرِّسَالَةِ: قَوْلُهُ: " إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ " يُرِيدُ: وَتَرْتَفِعُ قَدْرَ رُمْحِ الْأَعْرَابِ وَتَبْيَضُّ وَتَذْهَبُ مِنْهَا الْحُمْرَةُ.

(وَتُصَلَّى الْمَغْرِبُ) عِبَارَةُ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ عَرَفَةَ: " حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ ". وَاَلَّذِي لِلْبَاجِيِّ " لَوْ تَنَفَّلَ مُتَنَفِّلٌ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ قَبْلَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ لَمْ يَكُنْ بِهِ بَأْسٌ، لَكِنَّ الْمُسْتَحَبَّ تَقْدِيمُ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ أَوَّلَ وَقْتِهَا " وَنَحْوُ هَذَا لِلَّخْمِيِّ، وَرُوِيَ نَحْوُهُ عَنْ مَالِكٍ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا لَا يُعْجِبُنِي انْتَهَى

اُنْظُرْ لَيْلَةَ الْجَمْعِ لَا بَأْسَ أَنْ يُحَيِّيَ الْمَسْجِدَ، بِهَذَا أَفْتَيْت وَكَانَ غَيْرِي يَمْنَعُهُ. (إلَّا رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ، وَالْوِرْدَ قَبْلَ الْفَرْضِ لِنَائِمٍ عَنْهُ) فِيهَا لَا يُعْجِبُنِي النَّفَلُ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَّا رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ، وَمَنْ فَاتَهُ حِزْبُهُ فَلْيُصَلِّهِ بَيْنَ الْفَجْرِ وَصَلَاةِ الصُّبْحِ وَمَا هُوَ مِنْ عَمَلِ النَّاسِ، إلَّا مَنْ غَلَبَتْهُ عَيْنُهُ فَأَرْجُو خِفَّتَهُ (وَجِنَازَةً وَسُجُودَ تِلَاوَةٍ قَبْلَ إسْفَارٍ وَاصْفِرَارٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: لَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ بَعْدَ الصُّبْحِ مَا لَمْ يُسْفِرْ بِالضِّيَاءِ، وَبَعْدَ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَصْفَرَّ، فَإِذَا أَسْفَرَ، أَوْ اصْفَرَّتْ فَلَا يُصَلُّوا عَلَيْهَا،

ص: 60

إلَّا أَنْ يَخَافُوا عَلَيْهَا، فَإِذَا غَابَتْ الشَّمْسُ بَدَءُوا بِمَا أَحَبُّوا مِنْ الْمَغْرِبِ، أَوْ الْجِنَازَةِ

وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ: لَا بَأْسَ بِسُجُودِ التِّلَاوَةِ بَعْدَ الصُّبْحِ مَا لَمْ يُسْفِرْ بِالضِّيَاءِ، وَبَعْدَ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ. ابْنُ يُونُسَ: الْأَوْلَى مَا فِي الْمُوَطَّأِ، أَوْ غَيْرِهِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يَسْجُدُ قِيَاسًا عَلَى النَّوَافِلِ.

(وَقَطَعَ مُحْرِمٌ بِوَقْتِ نَهْيٍ) فِي الْمَجْمُوعَةِ: لَوْ أَحْرَمَ فِي وَقْتِ نَهْيٍ قَطَعَ وَلَا قَضَاءَ، وَمَنْ نَوَى صَلَاةَ يَوْمٍ بِعَيْنِهِ لَمْ يُصَلِّ وَقْتَ الْمَنْعِ وَلَا يَقْضِهِ. وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ - اُنْظُرْهُ - قَبْلَ قَوْلِهِ:" إلَى أَنْ تَرْتَفِعَ قَدْرَ رُمْحٍ ". ابْنُ رُشْدٍ: لَوْ أَحْرَمَ بِالْعَصْرِ، ثُمَّ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ ذَكَرَ أَنَّهُ كَانَ قَدْ صَلَّاهَا فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يَقْطَعُ كَقَوْلِ مَالِكٍ: إنْ أَحْرَمَ مَنْ صَلَّى ظُهْرًا وَحْدَهُ مَعَ إمَامٍ ظَنَّهُ فِي تَشَهُّدِهِ الْأَوَّلِ فَسَلَّمَ سَلَّمَ مَعَهُ، وَلَوْ أَنَّهُ أَتَمَّهَا رَكْعَتَيْنِ لَكَانَ أَحْسَنَ، وَلَوْ ذَكَرَ بَعْدَ إحْرَامِهِ - فِيمَا يَجُوزُ النَّفَلُ بَعْدَهُ - جَرَتْ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ فِي وُجُوبِ إتْمَامِ مَنْ أَصْبَحَ صَائِمًا بِالْقَضَاءِ فَذَكَرَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ تَقُولُ عَلَى هَذَا: بَيْنَمَا هُوَ يُصَلِّي الْعَصْرَ تَذَكَّرَ أَنَّهُ صَلَّاهَا وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ عَقَدَ رَكْعَةً أَوْ لَا فَرْقٌ وَبَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فَرْقٌ انْتَهَى.

(وَجَازَتْ بِمَرْبِضِ بَقَرٍ وَغَنَمٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: أَجَازَ مَالِكٌ الصَّلَاةَ فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ. ابْنُ الْقَاسِمِ: أَوْ مَرَابِضِ الْبَقَرِ. (كَمَقْبَرَةٍ وَلَوْ لِمُشْرِكٍ)

ص: 63

مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: أَجَازَ مَالِكٌ الصَّلَاةَ فِي الْمَقْبَرَةِ، وَفِي الْحَمَّامِ إذَا كَانَ مَوْضِعُهُ طَاهِرًا. ابْنُ الْقَاسِمِ: حَدِيثُ النَّهْيِ عَنْ الصَّلَاةِ بِالْمَقْبَرَةِ تَأْوِيلُهُ مَقْبَرَةُ الْمُشْرِكِينَ. ابْنُ يُونُسَ: قَالَ غَيْرُهُ: كَانَتْ دَارِسَةً، أَوْ حَدِيثَةً لِأَنَّهَا حُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ النَّارِ.

وَفِي الرِّسَالَةِ: وَنَهَى عَنْ الصَّلَاةِ فِي مَقْبَرَةِ الْمُشْرِكِينَ وَكَنَائِسِهِمْ انْتَهَى

مَا يَجِبُ أَنْ تَكُونَ بِهِ الْفَتْوَى.

(وَمَزْبَلَةٍ وَمَحَجَّةٍ وَمَجْزَرَةٍ إنْ أُمِنَتْ مِنْ النَّجِسِ) ابْنُ يُونُسَ: نَهْيُهُ عليه السلام عَنْ الصَّلَاةِ فِي الْمَزْبَلَةِ وَالْمَجْزَرَةِ وَمَحَجَّةِ الطَّرِيقِ لِأَنَّهَا لَا تَخْلُو عَنْ النَّجِسِ. فِي الْمُدَوَّنَةِ: كَرِهَ مَالِكٌ الصَّلَاةَ عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ لِمَا يُصِيبُهَا مِنْ زِبْلِ الدَّوَابِّ، وَاسْتَحَبَّ أَنْ يَتَنَحَّى عَنْهَا. ابْنُ حَبِيبٍ: لَا يُصَلِّي بِطَرِيقٍ فِيهِ أَرْوَاثُ الدَّوَابِّ وَأَبْوَالُهَا إلَّا لِضِيقِ الْمَسْجِدِ فِي الْجُمُعَةِ.

الشَّيْخُ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَفِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ (وَإِلَّا فَلَا إعَادَةَ عَلَى الْأَحْسَنِ إنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ) ابْنُ بَشِيرٍ: إنْ لَمْ يَتَيَقَّنْ بِوُجُودِ النَّجَاسَةِ فِي الْمَزْبَلَةِ وَالْمَجْزَرَةِ وَقَارِعَةِ الطَّرِيقِ، وَصَلَّى بِهَا فَالْمَشْهُورُ لَا يُعِيدُ إلَّا فِي الْوَقْتِ، عَامِدًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، نَظَرًا إلَى الْأَصْلِ لَا إلَى الْغَالِبِ.

(وَكُرِهَتْ بِكَنِيسَةٍ وَلَمْ تُعَدْ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: كَرِهَ مَالِكٌ الصَّلَاةَ فِي الْكَنَائِسِ لِنَجَاسَتِهَا وَلِلصُّوَرِ الَّتِي فِيهَا وَلَا يَنْزِلُ بِهَا إلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ وَيَبْسُطُ فِيهَا ثَوْبًا طَاهِرًا. ابْنُ رُشْدٍ: فَإِنْ

ص: 64

صَلَّى بِهَا دُونَ حَائِلٍ طَاهِرٍ فَعَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ إلَّا أَنْ يُضْطَرَّ فَإِنْ كَانَتْ دَارِسَةً كُرِهَتْ الصَّلَاةُ بِهَا فَإِنْ صَلَّى فَلَا إعَادَةَ.

(وَبِمَعْطِنِ إبِلٍ وَلَوْ أُمِنَ) ابْنُ يُونُسَ: كَرِهَ مَالِكٌ الصَّلَاةَ فِي مَعَاطِنِ الْإِبِلِ وَإِنْ بَسَطَ عَلَيْهَا ثَوْبًا طَاهِرًا (وَفِي الْإِعَادَةِ قَوْلَانِ) ابْنُ حَبِيبٍ: مَنْ صَلَّى بِمَعْطِنِ إبِلٍ أَعَادَ أَبَدًا، جَاهِلًا كَانَ، أَوْ عَامِدًا. أَصْبَغُ: يُعِيدَانِ فِي الْوَقْتِ. اُنْظُرْ الصَّلَاةَ فِي بَطْنِ الْوَادِي قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: نَقْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ النَّهْيَ عَنْ ذَلِكَ عَنْ الْمَذْهَبِ لَا أَعْرِفُهُ.

(وَمَنْ تَرَكَ فَرْضًا أُخِّرَ لِبَقَاءِ رَكْعَةٍ بِسَجْدَتَيْهَا مِنْ الضَّرُورِيِّ وَقُتِلَ) مَالِكٌ: إنْ قَالَ: أُصَلِّي وَلَمْ يَفْعَلْ قُتِلَ بِقَدْرِ رَكْعَةٍ قَبْلَ طُلُوعِ

ص: 66

الشَّمْسِ وَغُرُوبِهَا، وَطُلُوعِ الْفَجْرِ لِلصُّبْحِ وَالْعَصْرِ وَالْعِشَاءِ. اللَّخْمِيِّ: وَلَا يُعْتَبَرُ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ لِلْخِلَافِ. الْمَازِرِيُّ: وَلَا الطُّمَأْنِينَةُ. ابْنُ عَرَفَةَ: جَحْدُ وُجُوبِ الْخَمْسِ رِدَّةٌ. الْقَاضِي: وَكَذَا فَرْضُ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ الْأَكْثَرِ وَيُسْتَتَابُ. وَهَلْ فِي الْحَالِ، أَوْ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ؟ رِوَايَتَانِ، رَجَّحَ ابْنُ رُشْدٍ، وَاللَّخْمِيُّ الثَّانِيَةَ. مَالِكٌ: وَلَا يُخَوَّفُ. ابْنُ رُشْدٍ: فَإِنْ أَقَرَّ وَأَبَى قُتِلَ اتِّفَاقًا. الْمَازِرِيُّ: فَإِنْ قَالَ: لَا أُصَلِّي قُتِلَ حَدًّا عِنْدَ مَالِكٍ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ. (بِالسَّيْفِ) صَرَّحَ أَشْهَبُ بِقَتْلِهِ بِالسَّيْفِ (حَدًّا وَلَوْ قَالَ: أَنَا أَفْعَلُ) تَقَدَّمَ قَوْلُ مَالِكٍ: إنْ قَالَ: أُصَلِّي وَلَمْ يَفْعَلْ قُتِلَ بِقَدْرِ رَكْعَةٍ. وَتَقَدَّمَ قَوْلُ الْمَازِرِيِّ: فَإِنْ قَالَ: لَا أُصَلِّي قُتِلَ حَدًّا عِنْدَ مَالِكٍ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ. وَيَبْقَى النَّظَرُ هَلْ حُكْمُ مَنْ قَالَ: لَا أُصَلِّي حُكْمُ مَنْ قَالَ أُصَلِّي وَلَمْ يَفْعَلْ يُقْتَلُ بِقَدْرِ رَكْعَةٍ.؟ .

قَالَهُ الْأَكْثَرُ، أَوْ يُعَجَّلُ قَتْلُهُ قَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ؟ (وَصَلَّى عَلَيْهِ غَيْرُ فَاضِلٍ) سَيَأْتِي فِي الْجَنَائِزِ عِنْدَ قَوْلِهِ:" وَصَلَاةُ فَاضِلٍ عَلَى بِدْعِيٍّ وَمُظْهِرِ كَبِيرَةٍ "(وَلَا يُطْمَسُ قَبْرُهُ) ابْنُ شَاسٍ: يُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُدْفَنُ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ كَمَا يُدْفَنُ سَائِرُهُمْ وَلَا يُطْمَسُ قَبْرُهُ (لَا فَائِتَةٍ) ابْنُ عَرَفَةَ: فِي قَتْلِهِ لِامْتِنَاعِ قَضَاءِ الْفَائِتَةِ قَوْلَانِ لِلْمُتَأَخِّرِينَ (عَلَى الْأَصَحِّ) الْمَازِرِيُّ: وَهُوَ الرَّاجِحُ (وَالْجَاحِدُ كَافِرٌ) تَقَدَّمَ نَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ جَحْدُ وُجُوبِ الْخَمْسِ رِدَّةٌ.

ص: 67