الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابْنُ رُشْدٍ: قِيلَ كَثْرَةُ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ أَفْضَلُ لِمَا فِي الْحَدِيثِ: «مَنْ رَكَعَ رَكْعَةً أَوْ سَجَدَ سَجْدَةً رَفَعَ اللَّهُ لَهُ بِهَا دَرَجَةً وَحَطَّ بِهَا عَنْهُ خَطِيئَةً» وَقِيلَ: طُولُ الْقِيَامِ أَفْضَلُ لِمَا فِي الْحَدِيثِ: «أَفْضَلُ الصَّلَاةِ طُولُ الْقُنُوتِ» وَهَذَا الْقَوْلُ أَظْهَرُ؛ إذْ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ مَا يُعَارِضُهُ.
الْمَازِرِيُّ: وَقِيلَ أَمَّا فِي النَّهَارِ فَكَثْرَةُ السُّجُودِ أَفْضَلُ وَأَمَّا فِي اللَّيْلِ فَطُولُ الْقِيَامِ أَفْضَلُ.
[بَاب فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ]
[فَصَلِّ فِي حُكْم صَلَاة الْجَمَاعَة]
فَصْلٌ ابْنُ شَاسٍ: الْبَابُ الثَّامِنُ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ وَفِيهِ أَرْبَعَةُ فُصُولٍ: فِي حُكْمِهَا وَفِي صِفَةِ الْأَئِمَّةِ، وَفِي شُرُوطِ الْقُدْوَةِ.
وَفِي اسْتِخْلَافِ الْإِمَامِ.
(الْجَمَاعَةُ بِفَرْضٍ غَيْرِ جُمُعَةٍ سُنَّةٌ) .
ابْنُ عَرَفَةَ: صَلَاةُ الْخَمْسِ جَمَاعَةٌ.
أَكْثَرُ الشُّيُوخِ: سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ.
ابْنُ رُشْدٍ: فَرْضٌ فِي الْجُمْلَةِ، سُنَّةٌ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ، مُسْتَحَبَّةٌ لِلرَّجُلِ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ.
وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا يَتَخَلَّفُ عَرُوسٌ عَنْ الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا فِي الْجَمَاعَةِ وَخُفِّفَ لَهُ
تَرْكُ بَعْضِهَا لِتَأْنِيسِ أَهْلِهِ.
ابْنُ الْعَرَبِيِّ: الصَّلَاةُ فِي الْجَمَاعَةِ مَعْنَى الدِّينِ وَشِعَارُ الْإِسْلَامِ لَوْ تَرَكَهَا أَهْلُ مِصْرٍ قُوتِلُوا، وَأَهْلُ حَارَةٍ جُبِرُوا عَلَيْهَا وَأُكْرِهُوا.
(وَلَا تَتَفَاضَلُ) ابْنُ عَرَفَةَ: الْمَشْهُورُ أَنَّهَا لَا تَتَفَاضَلُ
بِالْكَثْرَةِ.
وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ: صَلَاةٌ فِي الْجَمَاعَةِ حَيْثُ الْمِنْبَرُ وَالْخُطْبَةُ أَفْضَلُ مِنْ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ صَلَاةً فِي غَيْرِهِ مِنْ الْمَسَاجِدِ.
وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَالثَّوَابُ عَلَى عَدَدِ الرِّجَالِ حَتَّى فِي الثَّلَاثَةِ مَسَاجِدَ.
ابْنُ بَشِيرٍ: لَا يَجُوزُ تَعَدِّي الْمَسْجِدِ الْمُجَاوِرِ إلَى غَيْرِهِ إلَّا لِجُرْحَةِ إمَامِهِ (وَإِنَّمَا يَحْصُلُ فَضْلُهَا بِرَكْعَةٍ) ابْنُ يُونُسَ وَابْنُ رُشْدٍ: يُدْرِكُ فَضْلَ الْجَمَاعَةِ بِجُزْءٍ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ.
ابْنُ عَرَفَةَ: وَلَا يَثْبُتُ حُكْمُهَا بِأَقَلَّ مِنْ إدْرَاكِ رَكْعَةٍ.
قَالَ مَالِكٌ: وَحَدُّهَا إمْكَانُ يَدَيْهِ بِرُكْبَتَيْهِ قَبْلَ رَفْعِ إمَامِهِ.
وَاسْتَحَبَّ مَالِكٌ عَدَمَ إحْرَامِهِ حِينَ الشَّكِّ فِي
إدْرَاكِهَا فَإِنْ فَعَلَ فَسَمِعَ أَشْهَبُ يَقْضِيهَا وَصَحَّتْ صَلَاتُهُ.
قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَيَسْجُدُ بَعْدَ سَلَامِهِ.
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يُسَلِّمُ مَعَ الْإِمَامِ وَيُعِيدُ.
(وَنُدِبَ لِمَنْ يُحَصِّلُهُ كَمُصَلٍّ بِصَبِيٍّ لَا امْرَأَةٍ أَنْ يُعِيدَ) التَّلْقِينُ: الْإِعَادَةُ فِي الْجَمَاعَةِ مُسْتَحَبَّةٌ.
وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ: لَهُ أَنْ يُعِيدَ، وَنَحْوُهُ فِي الرِّسَالَةِ وَرَأَيْت فِي بَعْضِ التَّعَالِيقِ:
رَوَى أَبُو زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إنَّمَا يُعِيدُ إنْ كَانَتْ الْجَمَاعَةُ فِي مَسْجِدٍ، فَاسْتَظْهِرْ عَلَيْهِ.
وَانْظُرْ بَعْدَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَلَا غَيْرَهَا ".
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: صَلَاةُ الصَّبِيِّ نَافِلَةٌ، مَنْ صَلَّى مَعَهُ لَهُ أَنْ يُعِيدَ فِي جَمَاعَةٍ.
وَأَمَّا مَنْ صَلَّى بِزَوْجَتِهِ فَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ: لَا يُعِيدُ.
وَقَالَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْقَرَوِيِّينَ.
وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ لَهُ أَنْ يُعِيدَ فِي جَمَاعَةٍ وَذَهَبَ إلَى هَذَا أَبُو الْحَسَنِ الْقَابِسِيُّ التُّونُسِيُّ وَلَا يُعِيدُ مَأْمُومٌ بِنَاسِي حَدَثِهِ لِحُصُولِ حُكْمِ الْجَمَاعَةِ لِصِحَّتِهَا لَهُ جُمُعَةً.
كَذَلِكَ، وَفِي إعَادَةِ الْإِمَامِ فِي الْعَكْسِ نَظَرٌ.
الْمَازِرِيُّ: لَا نَظَرَ فِيهِ مَعَ قَبُولِهِ الْأَوَّلَ؛ لِأَنَّهُ وَالْعَكْسُ سَوَاءٌ.
ابْنُ عَرَفَةَ: بَلْ النَّظَرُ مُتَقَرِّرٌ.
(مُفَوِّضًا) ابْنُ عَرَفَةَ: فِي كَوْنِ الْإِعَادَةِ بِنِيَّةِ النَّفْلِ، أَوْ الْفَرْضِ رَابِعُ الْأَقْوَالِ بِنِيَّةِ التَّفْوِيضِ.
اُنْظُرْ نَصَّ الْمُدَوَّنَةِ إنَّمَا ذَلِكَ إلَى اللَّهِ عِنْدَ قَوْلِهِ: " مَأْمُومًا ".
وَسَمِعَ عِيسَى ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ أَعَادَ فِي جَمَاعَةٍ فَذَكَرَ عِنْدَ فَرَاغِهِ أَنَّ الَّتِي صَلَّى فِي الْبَيْتِ صَلَّاهَا عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ أَنَّهُ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ.
ابْنُ رُشْدٍ: هَذَا مِثْلُ مَا فِي سَمَاعِ سَحْنُونٍ وَزَادَ فِيهِ أَنَّ مَالِكًا قَالَهُ.
ابْنُ رُشْدٍ: وَوَجْهُ هَذَا أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ مَعَ الْإِمَامِ بِنِيَّةِ النَّافِلَةِ كَالْمُتَوَضِّئِ يَغْسِلُ وَجْهَهُ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا إنْ لَمْ يَعُمَّ
فِي بَعْضِهَا أَجْزَأَهُ مَا عَمَّ بِهِ مِنْهَا، وَيُؤَيِّدُ هَذَا قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ لِلَّذِي سَأَلَهُ أَيَّتُهُمَا أَجْعَلُ صَلَاتِي؟ قَالَ: أَوَأَنْتَ تَجْعَلُهَا، إنَّمَا ذَلِكَ إلَى اللَّهِ.
وَقِيلَ: إنَّهُمَا مَعًا صَلَاتَانِ فَرِيضَتَانِ وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ إنَّهُ لَا يُعِيدُ الْمَغْرِبَ فِي جَمَاعَةٍ وَلَوْ كَانَتْ الثَّانِيَةُ نَافِلَةً لَمَا جَازَ لَهُ إعَادَةُ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ فِي جَمَاعَةٍ.
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَيْضًا: لَوْ أَعَادَ فِي جَمَاعَةٍ فَصَلَّى رَكْعَةً فَانْتَقَضَ وُضُوءُهُ، أَوْ ذَكَرَ أَنَّهُ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ إنَّهُ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَكَذَلِكَ قَالَهُ مَالِكٌ.
ابْنُ رُشْدٍ: وَلَوْ أَعَادَهَا لِاعْتِقَادِ صَلَاتِهَا فَذَكَرَ أَنَّهُ صَلَّاهَا أَجْزَأَتْهُ.
(مَأْمُومًا) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: لَا يَؤُمُّ مُعِيدٌ فَإِنْ فَعَلَ أَعَادَ مَنْ ائْتَمَّ بِهِ، إذْ لَا يَدْرِي أَيَّتُهُمَا صَلَاتُهُ إنَّمَا ذَلِكَ إلَى اللَّهِ.
ابْنُ حَبِيبٍ: وَلَا يُعِيدُ الْإِمَامُ.
ابْنُ عَرَفَةَ: وَظَاهِرُهَا أَنَّ لِلْمُؤْتَمِّينَ بِالْمُعِيدِ أَنْ يُعِيدُوا جَمَاعَةً.
وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: بَلْ أَفْذَاذًا.
ابْنُ يُونُسَ: إذْ قَدْ تَكُونُ هَذِهِ صَلَاتَهُ فَصَحَّتْ لَهُمْ جَمَاعَةً فَلَا يُعِيدُونَهَا فِي جَمَاعَةٍ، وَوَجَبَتْ عَلَيْهِمْ
الْإِعَادَةُ خَوْفًا أَنْ تَكُونَ الْأُولَى صَلَاتَهُ وَهَذِهِ نَافِلَةً فَاحْتَاطَ لِلْوَجْهَيْنِ.
(وَلَوْ مَعَ وَاحِدٍ) ابْنُ عَرَفَةَ: أَقَلُّ الْجَمَاعَةِ الَّتِي يُعِيدُ مَعَهَا اثْنَانِ أَوْ إمَامٌ رَاتِبٌ.
وَنَقْلُ ابْنُ الْحَاجِبِ تُعَادُ مَعَ وَاحِدٍ لَا أَعْرِفُهُ.
وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: إذَا جَمَعَ قَوْمٌ فِي مَسْجِدٍ لَهُ إمَامٌ رَاتِبٌ وَلَمْ يَحْضُرْ فَلَهُ إذَا جَاءَ أَنْ يَجْمَعَ فِيهِ، وَإِذَا صَلَّى فِيهِ إمَامُهُ وَحْدَهُ، ثُمَّ أَتَى أَهْلُهُ لَمْ يَجْمَعُوا فِيهِ وَصَلَّوْا أَفْذَاذًا.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنْ أَتَى هَذَا الْإِمَامُ الَّذِي صَلَّى وَحْدَهُ إلَى مَسْجِدٍ آخَرَ فَأُقِيمَتْ فِيهِ تِلْكَ الصَّلَاةُ فَلَا يُعِيدُهَا مَعَهُمْ؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَدْ جَعَلَهُ وَحْدَهُ جَمَاعَةً (غَيْرَ مَغْرِبٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: تُعَادُ جَمِيعُ الصَّلَوَاتِ إلَّا الْمَغْرِبَ؛ لِأَنَّهَا وِتْرُ صَلَاةِ النَّهَارِ (كَعِشَاءٍ بَعْدَ وِتْرٍ) سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا يُعِيدُ فِي جَمَاعَةٍ مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ وَحْدَهُ وَأَوْتَرَ.
ابْنُ رُشْدٍ: هَذَا صَحِيحٌ عَلَى أَصْلِهِ أَنَّ مَنْ أَعَادَ فِي
جَمَاعَةٍ لَا يَدْرِي أَيَّتُهُمَا صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَتْ هَذِهِ الثَّانِيَةُ صَلَاتَهُ بَطَلَ وِتْرُهُ.
فَإِنْ هُوَ أَعَادَهَا فَقَالَ سَحْنُونَ: يُعِيدُ الْوِتْرَ.
وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ: لَا يُعِيدُهُ (وَإِنْ أَعَادَ وَلَمْ يَعْقِدْ قَطَعَ، وَإِلَّا شَفَعَ، وَإِنْ أَتَمَّ وَلَوْ سَلَّمَ أَتَى بِرَابِعَةٍ إنْ قَرُبَ) سَمِعَ عِيسَى: مَنْ نَسِيَ فَأَعَادَ الْمَغْرِبَ فِي جَمَاعَةٍ فَإِنْ ذَكَرَ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ رَجَعَ، وَإِنْ ذَكَرَ بَعْدَ أَنْ صَلَّى رَكْعَةً فَإِنْ قَطَعَ كَانَ أَحَبَّ إلَيَّ، وَإِنْ صَلَّى الثَّانِيَةَ، ثُمَّ قَطَعَ رَجَوْت أَنْ يَكُونَ خَفِيفًا، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ إلَّا بَعْدَ ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ أَضَافَ إلَيْهَا رَابِعَةً وَسَلَّمَ.
وَخَرَّجَ ابْنُ رُشْدٍ اسْتِحْبَابَ الْقَطْعِ فِيمَا إذَا ذَكَرَ بَعْدَ رَكْعَةٍ هُوَ الَّذِي يَأْتِي عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ يَعْنِي فِيمَنْ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ الْمَغْرِبُ وَهُوَ بِهَا اُنْظُرْهُ عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَإِقَامَةُ مَغْرِبٍ ".
وَفِي الْوَاضِحَةِ: إنْ ذَكَرَ بَعْدَ رَكْعَةٍ شَفَعَهَا.
ابْنُ حَبِيبٍ: وَإِنْ ذَكَرَ بَعْدَمَا سَلَّمَ مِنْ الْمَغْرِبِ أَتَى بِرَابِعَةٍ إنْ قَرُبَ وَإِنْ بَعُدَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
(وَأَعَادَ مُؤْتَمٌّ بِمُعِيدٍ أَبَدًا) تَقَدَّمَ نَصُّهَا وَأَعَادَ مَنْ ائْتَمَّ بِهِ إذْ لَا يَدْرِي أَيَّتُهُمَا صَلَاتُهُ (أَفْذَاذًا) تَقَدَّمَ أَنَّ هَذَا نَصُّ ابْنِ حَبِيبٍ خِلَافُ ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ اُنْظُرْ، قَبْلَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ:" مَأْمُومًا ".
(وَإِنْ تَبَيَّنَ عَدَمُ الْأُولَى أَوْ فَسَادُهَا أَجْزَأَتْ) تَقَدَّمَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ ذَكَرَ أَنَّ الَّتِي صَلَّى فِي بَيْتِهِ
كَانَتْ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ (وَلَا يُطَالُ رُكُوعٌ لِدَاخِلٍ) .
ابْنُ حَبِيبٍ: إنْ رَكَعَ الْإِمَامُ فَحَسَّ أَحَدًا دَخَلَ فِي الْمَسْجِدِ فَلَا يَمُدُّ فِي رُكُوعِهِ لِيُدْرِكَ الرَّجُلُ الرَّكْعَةَ.
قَالَ اللَّخْمِيِّ: وَمَنْ وَرَاءَهُ أَعْظَمُ عَلَيْهِ حَقًّا مِمَّنْ يَأْتِي.
وَسَمِعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَفَسَّرَهُ ابْنُ رُشْدٍ بِالْكَرَاهَةِ.
وَقَالَ سَحْنُونَ: يَنْتَظِرُهُ، وَإِنْ طَالَ ذَلِكَ.
ابْنُ رُشْدٍ عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ: يَجُوزُ الْيَسِيرُ الَّذِي لَا يَضُرُّ بِمَنْ مَعَهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ «رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ أَطَالَ وَقَالَ: إنَّ ابْنِي ارْتَحَلَنِي» «وَخَفَّفَ صلى الله عليه وسلم حِينَ سَمِعَ بُكَاءَ الصَّبِيِّ» .
انْتَهَى نَصُّ ابْنِ رُشْدٍ، وَقَدْ ظَهَرَ مِنْهُ الْمَيْلُ إلَى تَخْفِيفِ ذَلِكَ.
وَمِنْ قَوَاعِدِ عِزِّ الدِّينِ مَا نَصُّهُ: ظَنَّ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا انْتَظَرَ فِي رُكُوعِهِ الْمَسْبُوقَ لِيُدْرِكَ الرَّكْعَةَ أَشْرَكَ فِي الْعِبَادَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ.
بَلْ هُوَ جَمْعٌ بَيْنَ الْقُرْبَتَيْنِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِعَانَةِ عَلَى إدْرَاكِ الْقُرْبَةِ، وَلَوْ كَانَ كَمَا ظَنَّ لَكَانَ تَعْلِيمُ الْعِلْمِ، وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَالْأَذَانُ رِيَاءً وَيَا لَيْتَ شِعْرِي مَا الَّذِي يَقُولُ فِي انْتِظَارِ الْإِمَامِ
بَقِيَّةَ الْجَمَاعَةِ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ.
(وَالْإِمَامُ الرَّاتِبُ كَجَمَاعَةٍ) تَقَدَّمَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ: الْإِمَامُ الرَّاتِبُ إذَا صَلَّى وَحْدَهُ لَا يُعِيدُ فِي جَمَاعَةٍ، وَتَقَدَّمَ قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ: أَقَلُّ الْجَمَاعَةِ الَّتِي يُعِيدُ مَعَهَا اثْنَانِ، أَوْ إمَامٌ رَاتِبٌ.
(وَلَا تُبْتَدَأُ صَلَاةٌ بَعْدَ الْإِقَامَةِ) ابْنُ عَرَفَةَ: إذَا أُقِيمَتْ بِمَوْضِعٍ صَلَاةٌ مُنِعَ فِيهِ ابْتِدَاءُ غَيْرِهَا، وَالْجُلُوسُ فِيهِ، وَلَزِمَتْ مَنْ لَمْ يُصَلِّهَا، أَوْ صَلَّاهَا فَذًّا وَهِيَ مِمَّا تُعَادُ.
الْبَاجِيُّ: وَرِحَابُ الْمَسْجِدِ الْمَمْنُوعَةُ فِيهَا الْفَجْرُ مِثْلُهُ.
الشَّيْخُ: مَنْ كَانَ بِمَسْجِدِ قَوْمٍ فَأَقَامُوهَا أُمِرَ بِالدُّخُولِ مَعَهُمْ لِلْحَدِيثِ اُنْظُرْ عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَإِقَامَةُ مَغْرِبٍ عَلَيْهِ " وَهُوَ بِهَا.
ابْنُ عَرَفَةَ: وَإِنْ أُقِيمَتْ عَلَى مَنْ بِالْمَسْجِدِ وَعَلَيْهِ مَا قَبْلَهَا فَلِابْنِ رُشْدٍ عَنْ أَحَدِ سَمَاعَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ: تَلْزَمُ نِيَّةُ النَّفْلِ، وَالْآخَرُ: يَخْرُجُ، وَقَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ.
ابْنُ رُشْدٍ: وَيَضَعُ الْخَارِجُ يَدَهُ عَلَى أَنْفِهِ سَمِعَهُ سَحْنُونَ فِي الْخَارِجِ
لِإِقَامَةِ مَا لَا يُعَادُ.
(وَإِنْ أُقِيمَتْ وَهُوَ فِي صَلَاةٍ قَطَعَ، وَإِنْ خَشِيَ فَوَاتَ رَكْعَةٍ) ابْنُ بَشِيرٍ: إنْ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ يُصَلِّي فَذًّا، فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يُدْرِكُ الْإِمَامَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى قَطَعَ، وَكُلُّ مَا نَذْكُرُهُ
بَعْدُ مِنْ التَّفْصِيلِ إنَّمَا هُوَ يَتَمَادَى إذَا عَلِمَ أَنَّهُ يُدْرِكُ مَعَ إمَامِهِ الرَّكْعَةَ الْأُولَى (وَإِلَّا أَتَمَّ النَّافِلَةَ) ابْنُ الْقَاسِمِ: سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الرَّجُلِ يُكَبِّرُ فِي النَّافِلَةِ فَتُقَامُ الصَّلَاةُ قَالَ: يَمْضِي عَلَى نَافِلَتِهِ وَلَا يَقْطَعُهَا إلَّا أَنْ يَخَافَ فَوَاتَ الرَّكْعَةِ فَلْيَقْطَعْ بِسَلَامٍ فَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْ أَعَادَ الصَّلَاةَ؛ لِأَنَّهُ عَلَى إحْرَامِهِ الْأَوَّلِ وَلَا يُجْزِئُهُ إنْ أَحْرَمَ، وَيَنْوِي بِهِ الْقَطْعَ.
ابْنُ رُشْدٍ: وَكَذَا قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَيَأْتِي عَلَى قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِيمَنْ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ الظُّهْرُ وَهُوَ بِهَا إنْ لَمْ يَرْكَعْ قَطَعَ: أَنْ يَقْطَعَ النَّافِلَةَ إنْ لَمْ يَرْكَعْ.
وَفَرَّقَ عَبْدُ الْحَقِّ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْفَرِيضَةَ إذَا قَطَعَهَا عَادَ إلَيْهَا بِخِلَافِ النَّافِلَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَمَّدْ قَطْعَهَا.
ابْنُ رُشْدٍ: وَالصَّوَابُ أَنْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَرَجَّحَ ابْنُ يُونُسَ قَوْلَ عَبْدِ الْحَقِّ وَمَا ذَكَرَ هَذَا التَّخْرِيجَ الَّذِي خَرَّجَ ابْنُ رُشْدٍ (أَوْ فَرِيضَةً غَيْرَهَا) الَّذِي لِلَّخْمِيِّ وَالْمَازِرِيِّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَنْ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ فَرِيضَةٌ وَهُوَ فِيهَا، أَوْ فِي فَرِيضَةٍ غَيْرِهَا، وَأَنَّ الْحُكْمَ وَاحِدٌ.
وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ فَرِيضَةٌ وَهُوَ فِي فَرِيضَةٍ أُخْرَى إنْ طَمِعَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْهَا وَيُدْرِكَ الصَّلَاةَ مَعَ الْإِمَامِ أَتَمَّهَا، وَإِلَّا قَطَعَ وَدَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ فَصَلَّى، فَإِذَا فَرَغَ رَجَعَ فَاسْتَأْنَفَ الصَّلَاتَيْنِ كِلْتَيْهِمَا الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِ، وَاَلَّتِي صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ.
ابْنُ رُشْدٍ: قَوْلُهُ: " أَتَمَّهَا " يُرِيدُ إنْ طَمِعَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْهَا قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ الْإِمَامُ الرَّكْعَةَ الْأُولَى.
وَسَوَاءٌ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ، أَوْ بَعْدَ أَنْ رَكَعَ، وَهَذَا مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ لِوُجُوبِ الصَّلَاةِ الَّتِي كَانَ فِيهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ الَّتِي قَامَتْ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَنْ قَامَتْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَهُوَ يُصَلِّي تِلْكَ الصَّلَاةَ بِعَيْنِهَا لِنَفْسِهِ.
وَقَوْلُهُ: " وَإِلَّا قَطَعَ " ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ يُدْرِكُ أَنْ يُتِمَّ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ الْإِمَامُ خِلَافُ مَا اسْتَحَبَّ ابْنُ الْقَاسِمِ.
وَقَوْلُهُ: " وَدَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ " فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ قَالَ قَبْلَ هَذَا: لَا يَنْبَغِي أَنْ يُصَلِّيَ نَافِلَةً وَلَمْ يُصَلِّ الْفَرِيضَةَ.
وَمِثْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ إنَّمَا يُصَلِّي هَذِهِ مَعَ الْإِمَامِ عَلَى أَنَّهَا نَافِلَةٌ فَلَعَلَّهُ
اسْتَخَفَّ هَذَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِمَا عَلَيْهِ فِي الْخُرُوجِ مِنْ الْمَسْجِدِ مِنْ سُوءِ الظَّنِّ وَلَمْ يَلْتَفِتْ إلَى هَذَا الْمَعْنَى فِي الْمُدَوَّنَةِ.
اُنْظُرْ عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَلَا تُبْدَأُ صَلَاةٌ بَعْدَ الْإِقَامَةِ "(وَإِلَّا انْصَرَفَ فِي الثَّالِثَةِ عَنْ شَفْعٍ كَالْأُولَى إنْ عَقَدَهَا) أَمَّا إنْ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ وَهُوَ قَائِمٌ فِي الثَّالِثَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ أَحْرَمَ بِالظُّهْرِ فِي الْمَسْجِدِ فَأُقِيمَتْ عَلَيْهِ الظُّهْرُ فَإِنْ صَلَّى ثَالِثَةً صَلَّى رَابِعَةً، وَلَا يَجْعَلُهَا نَافِلَةً، وَيُسَلِّمُ وَيَدْخُلُ مَعَ الْإِمَامِ، وَإِنْ رَكَعَ رَكْعَةً صَلَّى ثَانِيَةً وَسَلَّمَ وَدَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ.
ابْنُ يُونُسَ: يُرِيدُ مَا لَمْ يَخَفْ فَوَاتَ
رَكْعَةٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ لَمْ يَرْكَعْ قَطَعَ.
وَتَخْرِيجُ ابْنِ رُشْدٍ اُنْظُرْ عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَإِلَّا أَتَمَّ النَّافِلَةَ "(وَالْقَطْعُ بِسَلَامٍ، أَوْ مُنَافٍ) ابْنُ الْحَاجِبِ: وَالْقَطْعُ بِسَلَامٍ، أَوْ مُنَافٍ وَانْظُرْ عِنْدَ قَوْلِهِ:" وَإِلَّا أَتَمَّ النَّافِلَةَ "(وَإِلَّا أَعَادَ) تَقَدَّمَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ لَمْ يُسَلِّمْ أَعَادَ الصَّلَاةَ؛ لِأَنَّهُ عَلَى إحْرَامِهِ الْأَوَّلِ.
(وَإِنْ أُقِيمَتْ بِمَسْجِدٍ عَلَى مُحَصِّلِ الْفَضْلِ وَهُوَ بِهِ خَرَجَ وَلَمْ يُصَلِّهَا) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ مَعَ وَاحِدٍ فَأَكْثَرَ فَلَا يُعِيدُ فِي جَمَاعَةٍ كَانَ إمَامًا، أَوْ مَأْمُومًا وَلْيَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ (وَلَا غَيْرَهَا) تَقَدَّمَ نَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ: إذَا أُقِيمَتْ بِمَوْضِعٍ صَلَاةٌ مُنِعَ فِي ابْتِدَاءِ غَيْرِهَا وَالْجُلُوسِ فِيهِ.
اُنْظُرْ قَوْلَهُ: " بِمَوْضِعِ مَا تَقَدَّمَ " عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَنُدِبَ لِمَنْ لَمْ يُحَصِّلْ "(وَإِلَّا لَزِمَتْهُ كَمَنْ لَمْ يُصَلِّهَا) تَقَدَّمَ نَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ أَيْضًا: