الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابْنُ عَرَفَةَ: قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: تَعَمَّدَ خَامِسَةً بَانَ أَنَّهَا رَابِعَةٌ تُجْزِئُ.
الصَّقَلِّيُّ: قِيلَ لَا تُجْزِئُهُ وَاخْتُلِفَ فِي إجْزَائِهَا إنْ كَانَتْ سَهْوًا وَالْأَشْبَهُ الْإِجْزَاءُ، وَنَفْيُهُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ مَا بَطَلَ مِنْ صَلَاةِ الْفَذِّ قُضِيَ.
[فَصْلٌ فِي سُجُودُ التِّلَاوَةِ]
فَصْلٌ ابْنُ شَاسٍ: النَّوْعُ الثَّانِي سُجُودُ التِّلَاوَةِ
(سَجَدَ بِشَرْطِ الصَّلَاةِ) ابْنُ بَشِيرٍ: أَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ سُجُودَ التِّلَاوَةِ مَشْرُوعٌ عَلَى الْجُمْلَةِ وَهُوَ جُزْءٌ مِنْ الصَّلَاةِ يُشْتَرَطُ فِيهِ مَا يُشْتَرَطُ فِي الصَّلَاةِ مِنْ طَهَارَةِ الْحَدَثِ وَالْخَبَثِ وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ وَاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ.
ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَسُجُودُ التِّلَاوَةِ وَاجِبٌ وُجُوبَ سُنَّةٍ لَا يَأْثَمُ مَنْ تَرَكَهُ عَامِدًا (بِلَا إحْرَامٍ وَسَلَامٍ) الرِّسَالَةُ: يُكَبِّرُ لَهَا وَلَا يُسَلِّمُ مِنْهَا (قَارِئٌ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ قَرَأَ سَجْدَةً فِي صَلَاةٍ، أَوْ غَيْرِهَا فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَسْجُدَهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي غَيْرِ إبَّانِ صَلَاةٍ فَلَا أُحِبُّ أَنْ يَقْرَأَهَا حِينَئِذٍ، وَلْيَتَعَدَّهَا إذَا قَرَأَ - يُرِيدُ يَتَعَدَّى مَوْضِعَ ذِكْرِ السُّجُودِ خَاصَّةً لَا الْآيَةَ الَّتِي هِيَ فِيهَا - وَأَكْرَهُ أَنْ يَخْطِرَ فِيهَا الْمُتَوَضِّئُ وَلْيَقْرَأْهَا وَكَرِهَ مَالِكٌ قِرَاءَتَهَا خَاصَّةً لَا شَيْءٍ قَبْلَهَا وَلَا شَيْءٍ بَعْدَهَا فِي الصَّلَاةِ، أَوْ غَيْرِهَا ثُمَّ يَسْجُدُ بِهَا.
قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ قَرَأَهَا غَيْرُ مُتَوَضِّئٍ أَوْ قَرَأَهَا مُتَوَضِّئٌ فِي غَيْرِ إبَّانِ سُجُودِهَا نُهِيَ عَنْ ذَلِكَ.
وَكَذَلِكَ لَوْ قَرَأَهَا فِي صَلَاةٍ فَلَمْ يَسْجُدْهَا فَلْيُنْهَ عَنْ ذَلِكَ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
(وَمُسْتَمِعٌ فَقَطْ إنْ جَلَسَ لِيَتَعَلَّمَ وَلَوْ تَرَكَ الْقَارِئُ إنْ صَلَحَ لِيَؤُمَّ) ابْنُ رُشْدٍ: الْجُلُوسُ لِاسْتِمَاعِ تِلَاوَةِ التَّالِي عَلَى سَبِيلِ التَّعْلِيمِ جَائِزٌ وَوَاجِبٌ أَنْ يَسْجُدَ هَذَا الْجَالِسُ بِسُجُودِ التَّالِي.
فَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ التَّالِي فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ: يَسْجُدُ هَذَا الْمُسْتَمِعُ انْتَهَى.
وَانْظُرْ الْأُسْتَاذُ إذَا قَرَأَ التِّلْمِيذُ السَّجْدَةَ فَقِيلَ: يَسْجُدُ الْمُقْرِئُ بِسُجُودِ الْقَارِئِ إذَا كَانَ بَالِغًا فِي أَوَّلِ سَجْدَةٍ تَمُرُّ بِهِ وَلَيْسَ عَلَيْهِمَا السُّجُودُ فِيمَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَقِيلَ: لَا سُجُودَ عَلَيْهِمَا وَلَا فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ.
ابْنُ زَرْقُونٍ: الْقَوْلَانِ لِمَالِكٍ انْتَهَى.
وَانْظُرْ مَنْ جَلَسَ لِاسْتِمَاعِ قِرَاءَةِ إنْسَانٍ لِلثَّوَابِ وَالْأَجْرِ لِلتَّعْلِيمِ، فَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ الْقَارِئُ لَمْ يَسْجُدْ هَذَا، وَإِنْ سَجَدَ الْقَارِئُ فَحَكَى ابْنُ شَعْبَانَ فِي ذَلِكَ قَوْلَيْنِ.
ابْنُ زَرْقُونٍ: وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يَسْجُدُ، وَظَاهِرُ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يَسْجُدُ.
وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: ظَاهِرُ السَّمَاعِ كَالْمُدَوَّنَةِ.
ابْنُ رُشْدٍ: وَأَمَّا مَنْ سَمِعَ قِرَاءَةَ رَجُلٍ دُونَ أَنْ يَجْلِسَ لِاسْتِمَاعِ قِرَاءَتِهِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَ بِسُجُودِهِ.
وَحَسَّنَ اللَّخْمِيِّ السُّجُودَ لِسَامِعِ الصَّبِيِّ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَسْجُدُهَا سَامِعُهَا مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: مَنْ سَمِعَ مُصَلِّيًا يَقْرَأُ سَجْدَةً سَجَدَ وَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ الْمُصَلِّي.
أَبُو عُمَرَ: أَصْلُ هَذَا الْبَابِ قَوْلُهُ سبحانه وتعالى: {إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا} [مريم: 58] وَالْآيَةُ الْأُخْرَى {إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ} [الإسراء: 107](وَلَمْ يَجْلِسْ لِيَسْمَعَ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: لَيْسَ عَلَى مَنْ سَمِعَ سَجْدَةً أَنْ يَسْجُدَهَا.
وَكَرِهَ مَالِكٌ أَنْ يَجْلِسَ إلَيْهِ لَا يُرِيدُ تَعَلُّمًا.
قَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ: فَإِنْ سَجَدَ فَلَا يَسْجُدُ مَعَهُ انْتَهَى. مِنْ ابْنِ يُونُسَ.
(فِي إحْدَى عَشْرَةَ لَا ثَانِيَةِ) الطَّحَاوِيُّ: لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي سُجُودٍ فِي كُلِّ سَجْدَةٍ جَاءَتْ بِلَفْظِ الْخَبَرِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا جَاءَ بِلَفْظِ الْأَمْرِ.
ابْنُ يُونُسَ: قَالَ مَالِكٌ: أَجْمَعَ النَّاسُ، فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى الْأَمْرُ الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا أَنَّ عَزَائِمَ السُّجُودِ إحْدَى عَشْرَةَ سَجْدَةً لَيْسَ فِي الْمُفَصَّلِ مِنْهَا شَيْءٌ: آخِرُ الْأَعْرَافِ وَ " الْآصَالِ " فِي الرَّعْدِ " وَيُؤْمَرُونَ " فِي النَّحْلِ وَ " خُشُوعًا " فِي سُبْحَانَ وَ " بُكِيًّا " فِي مَرْيَمَ وَ " مَا شَاءَ " فِي الْحَجِّ " وَنُفُورًا " فِي الْفُرْقَانِ وَ " الْعَظِيمِ " فِي النَّمْلِ وَ " لَا يَسْتَكْبِرُونَ " فِي السَّجْدَةِ.
ابْنُ يُونُسَ وَالْوَقَارُ وَابْنُ حَبِيبٍ " وَحُسْنَ مَآبٍ " فِي ص.
الْبَاجِيُّ وَالْقَابِسِيُّ وَأَنَابَ، الْمُدَوَّنَةُ وَ " يَعْبُدُونَ " فِي السَّجْدَةِ.
ابْنُ حَبِيبٍ: وَتَرَكَ مَالِكٌ الْأَخْذَ بِالسَّجْدَةِ الْآخِرَةِ مِنْ الْحَجِّ وَأَنَا آخُذُ بِالسُّجُودِ وَفِيهَا اتِّبَاعًا لِفِعْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَفِعْلِ الْأُمَّةِ بَعْدَهُ.
(وَالنَّجْمِ وَالِانْشِقَاقِ وَالْقَلَمِ) ابْنُ حَبِيبٍ: وَتَرَكَ مَالِكٌ الْأَخْذَ بِالسُّجُودِ فِي النَّجْمِ وَالِانْشِقَاقِ وَالْقَلَمِ.
عَبْدُ الْوَهَّابِ: لَمْ يَمْنَعْ مَالِكٌ السُّجُودَ فِي الْمُفَصَّلِ، وَإِنَّمَا مَنَعَ أَنْ يَكُونَ مِنْ عَزَائِمِ السُّجُودِ الَّتِي يَعْزِمُ عَلَى النَّاسِ فِي السُّجُودِ فِيهَا.
وَمِنْ أَحْكَامِ ابْنِ الْعَرَبِيِّ: ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ «أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَرَأَ {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} [الانشقاق: 1] فَسَجَدَ فِيهَا فَلَمَّا انْصَرَفَ أَخْبَرَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَجَدَ فِيهَا» .
وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ: إنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ عَزَائِمِ السُّجُودِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا مِنْهُ وَهِيَ رِوَايَةُ الْمَدَنِيِّينَ عَنْهُ وَقَدْ اعْتَضَدَ فِيهَا الْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ.
وَلَمَّا أَمَمْتُ بِالنَّاسِ تَرَكْتُ قِرَاءَةَ هَذِهِ السُّورَةِ لِأَنِّي إنْ سَجَدْت أَنْكَرُوا، وَإِنْ تَرَكْت كَانَ تَقْصِيرًا مِنِّي فَاجْتَنَبْتهَا إلَّا إذَا صَلَّيْت وَحْدِي.
(وَهَلْ سُنَّةٌ، أَوْ فَضِيلَةٌ خِلَافٌ) ابْنُ عَرَفَةَ: الْأَكْثَرُ أَنَّ سُجُودَ التِّلَاوَةِ سُنَّةٌ لِقَوْلِهَا يَسْجُدُهَا بَعْدَ الْعَصْرِ وَالصُّبْحِ مَا لَمْ تَصْفَرَّ أَوْ يُسْفِرْ كَالْجِنَازَةِ.
الْقَاضِي ابْنُ الْكَاتِبِ: فَضِيلَةٌ لِقَوْلِهِ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَدَعَهَا فِي إبَّانِ صَلَاةٍ.
(وَكَبَّرَ لِخَفْضٍ وَرَفْعٍ وَلَوْ لِغَيْرِ صَلَاةٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ قَرَأَ سَجْدَةً فِي الصَّلَاةِ فَلْيُكَبِّرْ إذَا سَجَدَهَا، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْهَا.
وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ إذَا كَانَتْ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ فَكَانَ يُضَعِّفُ
التَّكْبِيرَ لَهَا قَبْلَ السُّجُودِ وَبَعْدَهُ.
ثُمَّ قَالَ: أَرَى أَنْ يُكَبِّرَ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: كُلُّ ذَلِكَ وَاسِعٌ ابْنُ يُونُسَ: التَّكْبِيرُ أَحْسَنُ.
(وَ " ص ": " وَأَنَابَ " وَ " فُصِّلَتْ ": " تَعْبُدُونَ ") ابْنُ حَبِيبٍ: فِي ص عِنْدَ قَوْلِهِ: " مَآبٍ ".
ابْنُ يُونُسَ: وَقَالَ غَيْرُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَأَنَابَ "، وَفِي حم تَنْزِيلٌ " إنْ كُنْتُمْ إيَّاهُ تَعْبُدُونَ " قَالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " لَا يَسْأَمُونَ " وَكُلٌّ وَاسِعٌ، الْأَوَّلُ أَحَبُّ إلَيْنَا.
(وَكُرِهَ سُجُودُ شُكْرٍ، أَوْ زَلْزَلَةٍ) ابْنُ عَرَفَةَ: فِي جَوَازِ السُّجُودِ لِلشُّكْرِ وَكَرَاهَتِهِ وَمَنْعِهِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ.
رَوَى الْإِبَاحَةَ ابْنُ الْقَصَّارِ وَمِنْ الْعَارِضَةِ مَا نَصُّهُ: وَقَدْ بَيَّنَّا أَنْوَاعَ السُّجُودِ مِنْهُ سُجُودُ الْآيَاتِ كَمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي مَيْمُونَةَ سَجَدَ لَمَّا بَلَغَهُ صَوْتُ مَيْمُونَةَ، «وَكَانَ صلى الله عليه وسلم إذَا جَاءَهُ أَمْرُ سُرُورٍ خَرَّ سَاجِدًا لِلَّهِ شُكْرًا» .
قَالَ أَبُو عِيسَى: وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ وَلَمْ يَرَهُ مَالِكٌ.
قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَلِمَ لَمْ يَرَهُ وَالسُّجُودُ لِلَّهِ دَائِمًا هُوَ الْوَاجِبُ فَإِذَا وُجِدَ أَدْنَى سَبَبٍ لِلسُّجُودِ فَلْيَغْتَنِمْ.
وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ: أَنْكَرَ مَالِكٌ السُّجُودَ فِي الزَّلَازِلِ.
وَقَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ: هُوَ ضَلَالٌ مُجْمَعٌ عَلَى تَرْكِهِ.
(وَجَهْرٌ بِهَا بِمَسْجِدٍ وَقِرَاءَةٌ بِتَلْحِينٍ) الْقُرْطُبِيُّ: الْخِلَافُ فِي الْقِرَاءَةِ بِالتَّلْحِينِ هُوَ مَا لَمْ يُغَيِّرْ مَعْنَى الْقُرْآنِ بِكَثْرَةِ التَّرْجِيعَاتِ كَالْقِرَاءَةِ أَمَامَ الْمُلُوكِ
بِمِصْرَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ وَكَذَلِكَ بَيْنَ يَدَيْ الْوُعَّاظِ.
ابْنُ الْعَرَبِيِّ: كَرِهَ مَالِكٌ التَّطْرِيبَ فِي الْأَذَانِ وَلَمْ يَرَ لِمَنْ يَأْخُذْ عَلَى قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ بِالْأَلْحَانِ فِي رَمَضَانَ أُجْرَةً وَلَا أَجْرًا.
قَالَ: وَالْقِرَاءَةُ بِالتَّلْحِينِ سُنَّةٌ وَسَمَاعُهُ يَزِيدُ إيمَانًا بِالْقُرْآنِ وَغِبْطَةً، وَيُكْسِبُ الْقُرْآنَ خَشْيَةً، وَقَدْ ثَبَتَ مِنْ كُلِّ طَرِيقٍ «أَنَّ أَبَا مُوسَى قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: لَوْ عَلِمْت أَنَّك تَسْمَعُنِي لَحَبَّرْته لَك تَحْبِيرًا» .
عِيَاضٌ: مِنْ إعْجَازِ الْقُرْآنِ أَنَّ قَارِئَهُ لَا يَمَلُّهُ وَسَامِعَهُ لَا يَمُجُّهُ وَسِوَاهُ مِنْ الْكُتُبِ لَا يُوجَدُ ذَلِكَ فِيهَا حَتَّى أَحْدَثَ أَصْحَابُهَا أَلْحَانًا وَطُرُقًا يَسْتَجْلِبُونَ بِتِلْكَ اللُّحُونِ تَنْشِيطَهُمْ عَلَى قِرَاءَتِهَا.
وَمِنْ أَحْكَامِ ابْنِ الْعَرَبِيِّ: اسْتَحْسَنَ كَثِيرٌ مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ الْقِرَاءَةَ بِالْأَلْحَانِ وَالتَّرْجِيعَ وَكَرِهَ ذَلِكَ مَالِكٌ وَهُوَ جَائِزٌ.
ثُمَّ قَالَ: وَالْقَلْبُ يَخْشَعُ لِلصَّوْتِ الْحَسَنِ كَمَا يَخْضَعُ لِلْوَجْهِ الْحَسَنِ وَمَا تَتَأَثَّرُ بِهِ الْقُلُوبُ فِي التَّقْوَى فَهُوَ أَعْظَمُ فِي الْأَجْرِ.
وَقَالَ فِي الْعَارِضَةِ: لِلصَّوْتِ الْحَسَنِ أَثَرٌ عَظِيمٌ فِي النُّفُوسِ فَإِنْ كَانَ الْمَنْطِقُ رَخِيمًا رَقِيقَ الْحَوَاشِي أَوْسَعَ الْأُذُنَ سَمَاعًا وَالنَّفْسَ مَيْلًا وَقَبُولًا، وَإِنْ كَانَ مُنَغَّمًا انْتَهَى.
وَذَلِكَ بِتَقْدِيرِ الْحَرَكَاتِ وَالسَّكَنَاتِ مِنْهُ وَتَرْدِيدِ الْأَنْفَاسِ عَلَيْهِ وَذَلِكَ هُوَ التَّحْبِيرُ فِي الْكَلَامِ وَالتَّنْغِيمُ فِي الْغِنَاءِ.
وَقَدْ مَاتَ قَوْمٌ مِنْ الْفُقَرَاءِ فِي السَّمَاعِ لِلْحَقِّ وَمَاتَ كَثِيرٌ مِنْ الْبَطَّالِينَ فِي السَّمَاعِ لِشَهْوَةِ الْعِشْقِ.
وَعَرَّفَ عِيَاضٌ بِالشِّبْلِيِّ فَقَالَ: هُوَ شَيْخُ الصُّوفِيَّةِ ذُو الْأَنْبَاءِ الْبَدِيعَةِ وَوَاحِدُ الْمُتَصَوِّفِينَ فِي عُلُومِ الشَّرِيعَةِ عَالِمًا فَقِيهًا عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ.
قَالَ: سُئِلَ عَنْ السَّمَاعِ فَقَالَ: ظَاهِرُهُ فِتْنَةٌ وَبَاطِنُهُ عِبْرَةٌ فَمَنْ عَرَفَ الْإِشَارَةَ حَلَّ لَهُ اسْتِمَاعُ الْعِبْرَةِ.
وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: عَنْ عِزِّ الدِّينِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ: إنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَى عِلْمِهِ وَدِينِهِ لَا يَنْعَقِدُ إجْمَاعٌ بِدُونِهِ.
قَالَ فِي قَوَاعِدِهِ: الطَّرِيقُ فِي صَلَاحِ الْقُلُوبِ يَكُونُ بِأَسْبَابٍ مِنْ خَارِجٍ فَيَكُونُ بِالْقُرْآنِ وَهَؤُلَاءِ أَفْضَلُ أَهْلِ السَّمَاعِ، وَيَكُونُ بِالْوَعْظِ وَالتَّذْكِيرِ وَيَكُونُ بِالْحِدَاءِ وَالنَّشِيدِ وَيَكُونُ بِالْغِنَاءِ بِالْآلَاتِ الْمُخْتَلَفِ فِي سَمَاعِهَا كَالشَّبَّابَاتِ، فَإِنْ كَانَ السَّامِعُ لِهَذِهِ الْآلَاتِ مُسْتَحِلًّا سَمَاعَ ذَلِكَ فَهُوَ مُحْسِنٌ بِسَمَاعِ مَا يَحْصُلُ لَهُ مِنْ الْأَحْوَالِ وَتَارِكٌ لِلْوَرَعِ لِسَمَاعِهِ مَا اُخْتُلِفَ فِي جَوَازِ سَمَاعِهِ، وَإِلَّا فَهُوَ مُحْسِنٌ بِمَا حَصَلَ لَهُ مِنْ الْأَحْوَالِ مُسِيءٌ فِي سَمَاعِ مَا هُوَ يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَهُ.
وَقَالَ عِيَاضٌ: كَانَ سَحْنُونَ رَقِيقَ الْقَلْبِ رَاهِبَ هَذِهِ الْأُمَّةِ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَالِكٍ أَفْقَهُ مِنْهُ.
قَالَ الْقَابِسِيُّ: إنِّي لَأَجِدُ فِي نَفْسِي مِنْ خِلَافِ سَحْنُونٍ لِمَالِكٍ مَا لَا أَجِدُ مِنْ خِلَافِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِمَالِكٍ.
وَقَالَ ابْنُ حَارِثٍ: سَحْنُونَ إمَامُ النَّاسِ أَظْهَرُ السُّنَّةَ وَأَخْمَلُ الْبِدْعَةَ.
قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَكَانَ الَّذِينَ يَحْضُرُونَ مَجْلِسَهُ مِنْ الْعِبَادِ أَكْثَرَ مِمَّا يَحْضُرُهُ مِنْ طَلَبَةِ الْعِلْمِ.
قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ: عَرَضْت فَدَعَوْت لَيْلَةَ عُرْسِي جَمَاعَةً مِنْ أَصْحَابِنَا وَفِيهِمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْمَشْرِقِ وَمِنْ أَصْحَابِ ابْنِ حَنْبَلٍ قَدِمَ عَلَيْنَا وَكُنَّا نَسْمَعُ مِنْهُ، فَكَأَنَّ أَصْحَابَنَا فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ فِي تَغْبِيرٍ وَخُشُوعٍ، ثُمَّ
أَخَذُوا بَعْدَ ذَلِكَ فِي مَسَائِلِ الْعِلْمِ ثُمَّ ابْتَدَرُوا بَعْدَ ذَلِكَ إلَى زَوَايَا الدَّارِ يَصِلُونَ أَحْزَابَهُمْ.
فَقَالَ الشَّيْخُ: أَصْحَابُ مَنْ هَؤُلَاءِ وَمَنْ يُعَلِّمُهُمْ فَوَاَللَّهِ مَا رَأَيْت قَطُّ أَقْبَلَ مِنْهُمْ وَمَا صَحِبُوا رَجُلًا إلَّا قَبِلُوهُ.
فَقَالُوا: أَصْحَابُ سَحْنُونٍ.
فَقَالَ: وَاَللَّهِ لَقَدْ رَأَيْت أَصْحَابَ الْعُلَمَاءِ عِنْدَنَا بِالْمَشْرِقِ فَوَاَللَّهِ مَا رَأَيْت مِثْلَ هَؤُلَاءِ.
قَالَ عِيَاضٌ: وَخَرَجَ سَحْنُونَ وَمُوسَى بْنُ الصُّمَادِحِيِّ وَابْنُ رَشِيدٍ إلَى الْمُنَسْتِيرِ وَمَعَهُمْ مَنْ يُغَبِّرُ.
فَقَالَ الرَّاوِي: فَنَظَرْت إلَى سَحْنُونٍ تَسِيلُ دُمُوعُهُ عَلَى لِحْيَتِهِ، ثُمَّ سَكَتَ الْفَتَى فَقَالَ سَحْنُونَ: ابْنُ يَحْيَى يَرْتَجِي أَنْ يَرْفَعَ صَوْتَهُ لَوْ كَانَ مَنْ يَقُولُ لَهُ وَأَبَى أَنْ يَقُولَ لَهُ.
قَالَ عِيَاضٌ: كَانَ ابْنُ الصُّمَادِحِيِّ مِنْ أَهْلِ الْوَرَعِ وَالدِّينِ لَهُ سَمَاعٌ مِنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرَوَى عَنْهُ سَحْنُونَ وَقَالَ عَنْهُ: مَا جَلَسَ فِي الْجَامِعِ مُنْذُ ثَلَاثِينَ سَنَةً أَحَقُّ بِالْفَتْوَى مِنْ ابْنِ الصُّمَادِحِيِّ قَالَ: وَكَانَ ابْنُ رَشِيدٍ ثِقَةً مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْفِقْهِ رَوَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ وَهْبٍ.
قَالَ عِيَاضٌ: وَكَانَ حَمْدِيسُ يُنْكِرُ عَلَى هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَجْتَمِعُونَ لِلتَّغْبِيرِ قَالَ: وَكَانَ مَيْسَرَةُ صَالِحًا نَاسِكًا وَكَانَ يَسْمَعُ التَّغْبِيرَ وَرُبَّمَا حُرِّكَ مِنْهُ فَيَبْكِي وَيُقِيمُ أَيَّامًا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ.
قَالَ عِيَاضٌ عَنْ ابْنِ مُعَتِّبٍ: إنَّهُ ثِقَةٌ نَبِيلٌ عَالِمٌ بِالْحَدِيثِ صَحِيحُ الْيَقِينِ بِاَللَّهِ وَكَانَ فِيهِ رِقَّةٌ حَضَرَ مَجْلِسَ السَّبْتِ فَقَرَأَ الْقُرَّاءُ وَغَبَّرُوا وَأَخَذُوا فِي تَغْبِيرِ:
دَعْ الدُّنْيَا لِمَنْ جَهِلَ الصَّوَابَا
…
فَقَدْ خَسِرَ الْمُحِبُّ لَهَا وَخَابَا
يَظَلُّ نَهَارَهُ يَبْكِي بِبَثٍّ
…
وَيَطْوِي اللَّيْلَ بِالْأَحْزَانِ ذَابَا
فَلَمَّا وَصَلُوا تَحَرَّكَ وَبَكَى ثُمَّ قَرَأَ قَارِئٌ: {يَا عِبَادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ} [الزخرف: 68] .
الْآيَاتِ الثَّلَاثَ.
فَصَاحَ صَيْحَةً مَدِيدَةً، ثُمَّ سَقَطَ عَلَى وَجْهِهِ وَحُمِلَ إلَى دَارِهِ وَمَاتَ بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ.
قَالَ عِيَاضٌ: وَكَانَ ابْنُ اللَّبَّادِ يَحْضُرُ مَجْلِسَ السَّبْتِ وَيَقُولُ: هُوَ يَغِيظُ بَنِي عُبَيْدٍ.
قَالَ: وَكَانَ ابْنُ اللَّبَّادِ كَثِيرَ الِاتِّبَاعِ لِلسُّنَنِ، أَجَلَّ شُيُوخِ وَقْتِهِ، مُفْتِيًا مُجَابَ الدَّعْوَةِ، عَلَيْهِ عَوَّلَ، الشَّيْخُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ نَظَرَ إلَى رِجْلَيْهِ بَعْدَ أَنْ أَفْلَجَ وَقَدْ انْتَفَضَتَا فَبَكَى ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُمَا عَلَى الصِّرَاطِ فَأَنْتَ الْعَالِمُ بِهِمَا وَالشَّاهِدُ عَلَيْهِمَا إنَّهُمَا مَا مَشَيَا لَكَ فِي مَعْصِيَةٍ.
وَقَالَ عِيَاضٌ: وَكَانَ ابْنُ التَّبَّانِ الْفَقِيهُ الْإِمَامُ مِنْ الْعُلَمَاءِ الرَّاسِخِينَ وَالْفُقَهَاءِ الْمُبَرَّزِينَ ضُرِبَتْ إلَيْهِ أَكْبَادُ الْإِبِلِ مِنْ الْأَمْصَارِ لِعِلْمِهِ بِالذَّبِّ عَنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ كَانَ مُجَابَ الدَّعْوَةِ.
قَالَ عَنْهُ الْقَابِسِيُّ بَعْدَ مَوْتِهِ: رَحِمَك اللَّهُ لَقَدْ كُنْت تَغَارُ عَلَى الْمَذْهَبِ وَتَذُبُّ عَنْ الشَّرِيعَةِ.
قَالَ: وَكَانَ يَسْمَعُ التَّغْبِيرَ وَيَرِقُّ لِهَذِهِ الْمَعَانِي وُجِدَ عِنْدَ مُغَبِّرٍ فَقِيلَ لَهُ: أَلَيْسَ التَّغْبِيرُ بِدْعَةً؟ قَالَ: وَالِاجْتِمَاعُ أَيْضًا عَلَى الْمَسَائِلِ بِدْعَةٌ فَبَلَغَ السَّبَّائِيَّ كَلَامُهُ يَشُقُّ عَلَيْهِ.
وَبِالْجُمْلَةِ لَمْ يَزَلْ السَّلَفُ تَخْتَلِفُ أَجْوِبَتُهُمْ فِي هَذَا الْمَنْزَعِ الَّذِي لَا شَكَّ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ مَا أَمَرَ بِهِ وَمُيْقَنٌ لَا يُعَزُّ مُرْتَكِبُهُ، وَرَحِمَ اللَّهُ سَيِّدِي ابْنَ سِرَاجٍ رحمه الله الْقَائِلَ: بِدْعَةُ الضَّلَالَةِ أَنْ تَحْكُمَ عَلَى النَّازِلَةِ بِغَيْرِ مَا حَكَمَ بِهِ الشَّرْعُ، فَيُوشِكُ أَنْ يَكُونَ كِلَا الْفَرِيقَيْنِ مُبْتَدِعًا بِهَذِهِ النِّسْبَةِ أَعْنِي الْقَائِلَ لَيْلَةُ الزَّمْرِ خَيْرٌ مِنْ لَيْلَةٍ بِالْفُقَرَاءِ.
وَمِثْلُ قَوْلِ ابْنِ الْبَنَّاءِ إذَا جَعَلُوا لِلطَّرِيقِ رُكْنًا وَقَدْ ضَمَّنْت رِسَالَةً بَيَّنْت فِيهَا حُكْمَ الزَّوَايَا وَاَلَّذِينَ يَنْتَابُونَهَا مِنْ الْعَامَّةِ وَالطَّلَبَةِ يَجِبُ عَلَى مَنْ بِهِ رَغْبَةٌ فِي مُدْرَكِ حُكْمِ الشَّرْعِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يُطَالِعَهَا.
(كَجَمَاعَةٍ) مِنْ ابْنِ يُونُسَ: كَرِهَ مَالِكٌ اجْتِمَاعَ الْقُرَّاءِ يَقْرَءُونَ فِي سُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَقَالَ: لَمْ يَكُنْ مِنْ عَمَلِ النَّاسِ.
وَرَآهَا بِدْعَةً.
قَالَ
مُحْيِي الدِّينِ النَّوَوِيُّ فِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ» الْحَدِيثَ.
فِيهِ جَوَازُ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ بِالْإِدَارَةِ وَهُوَ مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ وَكَرِهَهُ مَالِكٌ وَتَأَوَّلَ ذَلِكَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا ابْنُ رُشْدٍ: إنَّمَا كَرِهَهُ مَالِكٌ لِأَنَّهُ أَمْرٌ مُبْتَدَعٌ وَلِأَنَّهُمْ يَبْتَغُونَ بِهِ الْأَلْحَانَ عَلَى نَحْوِ مَا يُفْعَلُ فِي الْغِنَاءِ فَوَجْهُ الْمَكْرُوهِ فِي ذَلِكَ بَيِّنٌ.
الْمَازِرِيُّ: وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ يُبِيحُ الِاجْتِمَاعَ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي الْمَسَاجِدِ، وَإِنْ كَانَ مَالِكٌ قَدْ قَالَ بِالْكَرَاهَةِ لِنَحْوِ مَا اقْتَضَى هَذَا الظَّاهِرُ جَوَازَهُ.
وَقَالَ: يُقَامُونَ وَلَعَلَّهُ لَمَّا صَادَفَ الْعَمَلَ لَمْ يَسْتَمِرَّ عَلَيْهِ كَرِهَ إحْدَاثَهُ وَكَانَ كَثِيرًا مَا يَتْرُكُ بَعْضَ الظَّوَاهِرِ بِالْعَمَلِ.
وَقَالَ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي قَوَاعِدِهِ: مِنْ الْعَجَبِ الْعَجِيبِ أَنْ يَقِفَ الْمُقَلِّدُ عَلَى ضَعْفِ مَأْخَذِ إمَامِهِ وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ يُقَلِّدُهُ كَأَنَّ إمَامَهُ نَبِيٌّ أُرْسِلَ إلَيْهِ وَهَذَا نَأْيٌ عَنْ الْحَقِّ وَبُعْدٌ عَنْ الصَّوَابِ لَا يَرْضَى بِهِ أَحَدٌ مِنْ أُولِي الْأَلْبَابِ، بَلْ تَجِدُ أَحَدَهُمْ يُنَاضِلُ عَنْ مُقَلَّدِهِ وَيَتَحَيَّلُ لِدَفْعِ ظَوَاهِرِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَيَتَأَوَّلُهَا وَقَدْ رَأَيْنَاهُمْ يَجْتَمِعُونَ فِي الْمَجَالِسِ فَإِذَا ذُكِرَ لِأَحَدِهِمْ خِلَافُ مَا وَطَّنَ عَلَيْهِ نَفْسَهُ تَعَجَّبَ مِنْهُ غَايَةَ التَّعَجُّبِ لِمَا أَلِفَهُ مِنْ تَقْلِيدِ إمَامِهِ حَتَّى ظَنَّ أَنَّ الْحَقَّ مُنْحَصِرٌ فِي مَذْهَبِ إمَامِهِ، وَلَوْ تَدَبَّرَ لَكَانَ تَعَجُّبُهُ مِنْ مَذْهَبِ غَيْرِهِ.
فَالْبَحْثُ مَعَ هَؤُلَاءِ ضَائِعٌ مُفْضٍ إلَى التَّقَاطُعِ وَالتَّدَابُرِ مِنْ غَيْرِ فَائِدَةٍ يُجْدِيهَا، فَالْأَوْلَى تَرْكُ الْبَحْثِ مَعَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ إذَا عَجَزَ أَحَدُهُمْ عَنْ تَمْشِيَةِ مَذْهَبِ إمَامِهِ قَالَ: لَعَلَّ إمَامِي وَقَفَ عَلَى دَلِيلٍ لَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ، وَلَا يَعْلَمُ الْمِسْكِينُ أَنَّ هَذَا مُقَابَلٌ بِمِثْلِهِ وَيُفَصِّلُ لِخَصْمِهِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الدَّلِيلِ الْوَاضِحِ.
فَسُبْحَانَ اللَّهِ مَا أَكْثَرَ مَنْ أَعْمَى التَّقْلِيدُ بَصَرَهُ حَتَّى حَمَلَهُ عَلَى مِثْلِ مَا ذَكَرْته، وَفَّقَنَا اللَّهُ لِاتِّبَاعِ الْحَقِّ أَيْنَمَا كَانَ وَعَلَى لِسَانِ مَنْ ظَهَرَ، انْتَهَى نَصُّهُ.
(وَجُلُوسٌ لَهَا لَا لِتَعْلِيمٍ) تَقَدَّمَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ: كَرِهَ مَالِكٌ أَنْ يَجْلِسَ إلَيْهِ لَا يُرِيدُ تَعْلِيمًا (وَأُقِيمَ الْقَارِئُ فِي الْمَسْجِدِ يَوْمَ الْخَمِيسِ، أَوْ غَيْرِهِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: يُقَامُ الَّذِي يَقْعُدُ فِي الْمَسْجِدِ يَوْمَ الْخَمِيسِ، أَوْ غَيْرِهِ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ.
وَفِي الْعُتْبِيَّةِ: وَالْقِرَاءَةُ فِي الْمَسَاجِدِ مُحْدَثَةٌ وَلَنْ يَأْتِيَ آخِرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِأَهْدَى مِمَّا كَانَ عَلَيْهِ أَوَّلُهَا وَالْقُرْآنُ حَسَنٌ، قِيلَ: فَالتَّقَرِّي فِي الْمَسْجِدِ إذَا خَفَّ أَهْلُهُ جَعَلُوا رَجُلًا حَسَنَ الصَّوْتِ فَقَرَأَ لَهُمْ، فَكَرِهَهُ.
قِيلَ: فَقَوْلُ عُمَرَ لِأَبِي مُوسَى ذَكِّرْنَا رَبَّنَا قَالَ: وَاَللَّهِ مَا سَمِعْت هَذَا قَطُّ قَبْلَ هَذَا الْمَجْلِسِ.
ابْنُ رُشْدٍ: كَرِهَهُ إذَا أَرَادُوا بِذَلِكَ حُسْنَ صَوْتٍ لَا إذَا قَالُوا لَهُ ذَلِكَ اسْتِدْعَاءً لِرِقَّةِ قُلُوبِهِمْ بِسَمَاعِ قِرَاءَتِهِ الْحَسَنَةِ.
وَقَدْ كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إذَا رَأَى أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ قَالَ: ذَكِّرْنَا رَبَّنَا فَيَقْرَأُ عِنْدَهُ وَكَانَ حَسَنَ الصَّوْتِ، وَإِنَّمَا اسْتَدْعَى عُمَرُ رِقَّةَ قَلْبِهِ بِسَمَاعِ قِرَاءَتِهِ لِلْقُرْآنِ وَهَذَا لَا بَأْسَ بِهِ إذَا صَحَّ مِنْ فَاعِلِهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، وَإِنَّمَا اتَّقَى مَالِكٌ أَنْ يَكُونَ الْمُحَدِّثُ بِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ ذَرِيعَةَ أَنْ يُعْتَقَدَ أَنْ يُقَدَّمَ الرَّجُلُ لِلْإِمَامَةِ لِحُسْنِ صَوْتِهِ لَا لِمَا سِوَى ذَلِكَ مِمَّا يُرَغَّبُ فِي إمَامَتِهِ مِنْ أَجْلِهِ، فَقَدْ وَرَدَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«بَادِرُوا بِالْمَوْتِ سِتًّا» أَحَدُهُمَا بَشَرٌ يَتَّخِذُونَ الْقُرْآنَ مِنْ أَمِيرٍ يُقَدِّمُونَ أَحَدَهُمْ لِيُغْنِيَهُمْ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّهُمْ فِقْهًا ".
قَالَ عِيَاضٌ: كَانَ سَحْنُونَ رَقِيقَ الْقَلْبِ.
قَالَ لِرَجُلٍ مَرَّةً: اقْرَأْ عَلَيَّ.
فَقَرَأَ: {وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ} [غافر: 41] فَلَمَّا بَلَغَ {فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ} [غافر: 44] الْآيَةَ قَالَ: حَسْبُك وَهُوَ يَبْكِي.
(وَفِي كُرْهِ قِرَاءَةِ الْجَمَاعَةِ عَلَى الْوَاحِدِ رِوَايَتَانِ) مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ: سُئِلَ عَنْ قُرَّاءِ مِصْرٍ كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ يُقْرِئُ النَّفَرَ
فَيَفْتَحُ عَلَيْهِمْ.
قَالَ: ذَلِكَ حَسَنٌ.
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا أَرَى بِهِ بَأْسًا.
ابْنُ رُشْدٍ: كَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ هَذَا وَلَا يَرْضَاهُ صَوَابًا ثُمَّ رَجَعَ وَخَفَّفَهُ.
وَوَجْهُ الْكَرَاهَةِ بَيِّنٌ لِأَنَّهُ إذَا قَرَأَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ لَا بُدَّ أَنْ يَفُوتَهُ سَمَاعُ مَا يَقْرَأُ بِهِ بَعْضُهُمْ مَا دَامَ يُصْغِي إلَى غَيْرِهِمْ وَيَشْتَغِلُ بِالرَّدِّ عَلَى الَّذِي يُصْغِي إلَيْهِ فَقَدْ يُخْطِئُ فِي ذَلِكَ الْحِينِ وَيَظُنُّ أَنَّهُ قَدْ سَمِعَهُ، وَأَجَازَ قِرَاءَتَهُ فَيَحْمِلُ عَنْهُ الْخَطَأَ وَيَظُنُّهُ مَذْهَبًا لَهُ.
وَوَجْهُ تَخْفِيفِ ذَلِكَ الْمَشَقَّةُ الدَّاخِلَةُ عَلَى الْمُقْرِئِ بِانْفِرَادِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْقِرَاءَةِ عَلَيْهِ إذَا كَثُرُوا وَقَدْ لَا يَعُمُّهُمْ فَرَأْيُ جَمْعِهِمْ فِي الْقِرَاءَةِ أَحْسَنُ مِنْ الْقَطْعِ بِبَعْضِهِمْ.
(وَاجْتِمَاعٌ لِدُعَاءٍ يَوْمَ عَرَفَةَ) سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الْجُلُوسِ بَعْدَ الْعَصْرِ فِي الْمَسَاجِدِ بِالْبُلْدَانِ يَوْمَ عَرَفَةَ لِلدُّعَاءِ فَكَرِهَ ذَلِكَ. ابْنُ رُشْدٍ: كَرِهَهُ، وَإِنْ كَانَ الدُّعَاءُ حَسَنًا وَأَفْضَلُهُ يَوْمَ عَرَفَةَ؛ لِأَنَّ الِاجْتِمَاعَ لِذَلِكَ الْيَوْمِ بِدْعَةٌ.
وَقَالَ سَحْنُونَ: حَضَرْت أَشْهَبَ يَوْمَ عَرَفَةَ بِجَامِعِ مِصْرَ وَكَانَ مِنْ حَالِهِمْ إقَامَتُهُمْ بِمَسْجِدِهِمْ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ يَعْنِي لِلذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ كَمَا يَفْعَلُ أَهْلُ عَرَفَةَ بِهَا، وَكَانَ يُصَلِّي جَالِسًا يَعْنِي النَّافِلَةَ، وَفِي جَانِبِهِ صُرَّةٌ يُعْطِي مِنْهَا السُّؤَالَ.
فَنَظَرْت فَإِذَا بِيَدِ سَائِلٍ دِينَارٌ مِمَّا أَعْطَاهُ فَذَكَرْته لَهُ فَقَالَ لِي: وَمَا كُنَّا نُعْطِي مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ.
وَنَقَلَ الْجُزُولِيُّ بِسَنَدِهِ إلَى الْحَسَنِ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ صَنَعَ ذَلِكَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَعْنِي اجْتِمَاعَ النَّاسِ يَوْمَ عَرَفَةَ فِي الْمَسَاجِدِ تَشْبِيهًا بِأَهْلِ عَرَفَةَ.
وَسُئِلَ عَنْهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فَقَالَ: أَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ قَدْ فَعَلَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، الْحَسَنُ وَبَكْرٌ وَثَابِتٌ وَابْنُ وَاسِعٍ، وَكَانُوا يَشْهَدُونَ الْمَسْجِدَ يَوْمَ عَرَفَةَ.
(وَمُجَاوَزَتُهَا لِمُتَطَهِّرٍ وَقْتَ جَوَازٍ) تَقَدَّمَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ: أَكْرَهُ أَنْ يَخْطِرَ فِيهَا الْمُتَوَضِّئُ (وَإِلَّا فَهَلْ يُجَاوِزُ مَحَلَّهَا، أَوْ الْآيَةَ تَأْوِيلَانِ) تَقَدَّمَ نَصُّ ابْنِ يُونُسَ: يُرِيدُ يَتَعَدَّى مَوْضِعَ السُّجُودِ خَاصَّةً.
ابْنُ رُشْدٍ: الصَّوَابُ اخْتِصَارُ آيَتِهَا لِئَلَّا يُغَيِّرَ الْمَعْنَى.
(وَاقْتِصَارٌ عَلَيْهَا وَأُوِّلَ بِالْكَلِمَةِ وَالْآيَةِ قَالَ: وَهُوَ الْأَشْبَهُ) تَقَدَّمَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ:
كَرِهَ مَالِكٌ قِرَاءَةَ السَّجْدَةِ خَاصَّةً لَا شَيْءٍ قَبْلَهَا وَلَا شَيْءٍ بَعْدَهَا فِي صَلَاةٍ، أَوْ غَيْرِهَا ثُمَّ يَسْجُدُ بِهَا.
قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ شُيُوخِهِ: كَرَاهَتُهُ فِيهَا قِرَاءَةَ السَّجْدَةِ فَقَطْ يُرِيدُ مَوْضِعَ السَّجْدَةِ فَقَطْ لَا آيَتَهَا الْمَازِرِيُّ: وَقِيلَ آيَتُهَا.
قَالَ الْمَازِرِيُّ: وَهُوَ الْأَشْبَهُ؛ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَلِمَتَيْ السَّجْدَةِ وَجُمْلَةِ الْآيَةِ (وَتَعَمُّدُهَا بِفَرِيضَةٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: أَكْرَهُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَتَعَمَّدَ فِي الْفَرِيضَةِ قِرَاءَةَ سُورَةٍ فِيهَا سَجْدَةٌ لِأَنَّهُ يَخْلِطُ عَلَى النَّاسِ صَلَاتَهُمْ، وَأَكْرَهُ أَنْ يَتَعَمَّدَهَا الْفَذُّ فِي الْفَرِيضَةِ وَهُوَ الَّذِي رَأَيْت مَالِكًا يَذْهَبُ إلَيْهِ.
ابْنُ بَشِيرٍ: الصَّحِيحُ الْجَوَازُ «لِمُدَاوَمَتِهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى: الم فِي الصُّبْحِ» وَعَلَى ذَلِكَ كَانَ يُوَاظِبُ الْخِيَارُ مِنْ أَشْيَاخِي وَأَشْيَاخِهِمْ (أَوْ خُطْبَةٍ) رَوَى مُحَمَّدٌ لَا يَقْرَؤُهَا خَطِيبٌ فَإِنْ فَعَلَ رَوَى أَشْهَبُ يَنْزِلُ فَلْيَسْجُدْ، وَيَسْجُدُ النَّاسُ مَعَهُ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلْيَسْجُدُوا هُمْ، وَلَهُمْ فِي التَّرْكِ سَعَةٌ، وَرَوَى عَلِيٌّ: لَا يَنْزِلُ وَلَا يَسْجُدُهَا.
(لَا نَفْلٍ) ابْنُ بَشِيرٍ: وَلَمْ يَخْتَلِفْ الْمَذْهَبُ فِي جَوَازِ صَلَاةِ النَّافِلَةِ بِسُورَةٍ فِيهَا سَجْدَةٌ (مُطْلَقًا) ابْنُ بَشِيرٍ: الْمَنْصُوصُ الْجَوَازُ وَلَوْ كَانَ فِي جَمَاعَةٍ لَا يَأْمَنُ التَّخْلِيطَ.
اللَّخْمِيِّ: فَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ الْإِمَامُ لَمْ يَسْجُدْ مَأْمُومُهُ (وَإِنْ قَرَأَهَا فِي فَرْضٍ سَجَدَ) الرِّسَالَةُ: يَسْجُدُهَا مَنْ قَرَأَهَا فِي الْفَرِيضَةِ وَالنَّافِلَةِ (لَا خُطْبَةٍ) اُنْظُرْ عِنْدَ قَوْلِهِ: " أَوْ خُطْبَةٍ ".
(وَجَهَرَ إمَامُ السِّرِّيَّةِ، وَإِلَّا اُتُّبِعَ) اللَّخْمِيِّ: إنْ قَرَأَ إمَامٌ سُورَةَ سَجْدَةٍ فِي صَلَاةٍ سِرِّيَّةٍ اُسْتُحِبَّ تَرْكُ قِرَاءَةِ السَّجْدَةِ فَإِنْ قَرَأَهَا أَعْلَنَ بِهَا وَسَجَدَ فَلَوْ لَمْ يَجْهَرْ بِهَا وَسَجَدَ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يَسْجُدُ مَعَهُ مَأْمُومُهُ.
وَقَالَ سَحْنُونَ: لَا يَسْجُدُونَ مَعَهُ لِاحْتِمَالِ سَهْوِهِ.
وَفِي السُّلَيْمَانِيَّةِ: إنْ لَمْ يَتَّبِعُوهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ.
(وَمُجَاوِزُهَا بِيَسِيرٍ يَسْجُدُ) ابْنُ حَبِيبٍ: إذَا جَاوَزَ الْقَارِئُ السَّجْدَةَ بِيَسِيرٍ فَلْيَسْجُدْهَا مِنْ حَيْثُ انْتَهَى.
اللَّخْمِيِّ: الْيَسِيرُ بِالْآيَتَيْنِ. ابْنُ عَرَفَةَ: لِذَا اسْتَحَبَّ بَعْضُهُمْ تَأْخِيرَ السُّجُودِ فِيمَا اُخْتُلِفَ فِي مَحَلِّهِ (وَبِكَثِيرٍ يُعِيدُهَا فِي الْفَرْضِ مَا لَمْ يَنْحَنِ) ابْنُ حَبِيبٍ: إذَا جَاوَزَ الْقَارِئُ السَّجْدَةَ بِكَثِيرٍ رَجَعَ إلَى السَّجْدَةِ فَقَرَأَهَا وَسَجَدَهَا، ثُمَّ رَجَعَ إلَى حَيْثُ انْتَهَى فِي الْقِرَاءَةِ.
ابْنُ عَرَفَةَ: إنْ ذَكَرَهَا بَعْدَ رُكُوعِ فَرْضٍ فَلَا يُعِيدُهَا فِي ثَانِيَةٍ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتِهِ عَنْ مَالِكٍ، وَكَذَا قَالَ مَالِكٌ أَيْضًا: إذَا ذَكَرَهَا فِي خَفْضِ الرُّكُوعِ.
(وَبِالنَّفَلِ فِي ثَانِيَتِهِ فَفِي فِعْلِهَا قَبْلَ الْفَاتِحَةِ قَوْلَانِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: إنْ قَرَأَ السَّجْدَةَ فِي نَافِلَةٍ فَنَسِيَ سُجُودَهَا حَتَّى رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ رُكُوعِهِ يُرِيدُ " أَوْ ذَكَرَ وَهُوَ رَاكِعٌ " فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَقْرَأَهَا فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ.
أَبُو مُحَمَّدٍ: يُرِيدُ يَقْرَأُ " الْحَمْدُ "، ثُمَّ الْآيَةَ الَّتِي فِيهَا السَّجْدَةُ فَيَسْجُدُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيَقْرَأُ السُّورَةَ الَّتِي مَعَ أُمِّ الْقُرْآنِ.
ابْنُ يُونُسَ: وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: بَلْ يُقَدِّمُهَا عَلَى قِرَاءَةِ " الْحَمْدُ "، وَإِنَّمَا يُكْرَهُ أَنْ يُقَدِّمَ قَبْلَ أُمِّ الْقُرْآنِ ذِكْرًا أَوْ دُعَاءً فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى.
قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ حَتَّى صَلَّى الثَّانِيَةَ مِنْ النَّافِلَةِ فَذَكَرَهَا وَهُوَ رَاكِعٌ تَمَادَى وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَدْخُلَ فِي نَافِلَةٍ أُخْرَى.
(وَإِنْ قَصَدَهَا فَرَكَعَ سَهْوًا اعْتَدَّ بِهِ وَلَا سَهْوَ) ابْنُ عَرَفَةَ: عَلَى الْمَعْرُوفِ إنْ قَصَدَ السَّجْدَةَ فَرَكَعَ سَهْوًا فَلِلَّخْمِيِّ عَنْ مَالِكٍ يَمْضِي عَلَى رُكُوعِهِ.
ابْنُ الْقَاسِمِ: يَخِرُّ سَاجِدًا وَيَقُومُ فَيَقْرَأُ.
ابْنُ حَبِيبٍ: وَيَسْجُدُ بَعْدَ أَنْ طَالَ رُكُوعُهُ.
الشَّيْخُ: إنْ اطْمَأَنَّ.
ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ حَتَّى رَفَعَ أَلْغَى تِلْكَ الرَّكْعَةَ.
ابْنُ يُونُسَ: لِأَنَّهُ نَوَى بِهَا السَّجْدَةَ، ثُمَّ يَقُومُ فَيَقْرَأُ شَيْئًا، ثُمَّ يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ لِسَهْوِهِ بَعْدَ السَّلَامِ.
وَتَعَقَّبَ الْمَازِرِيُّ قَوْلَهُ: " فَيَقْرَأُ شَيْئًا " لِقَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ: مَنْ سَجَدَ آخِرَ سُورَةٍ قَامَ إنْ شَاءَ رَكَعَ، أَوْ بَعْدَ قِرَاءَةِ شَيْءٍ مِنْ الْأُخْرَى.
اُنْظُرْ عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَالرَّفْضُ مُبْطِلٌ "(بِخِلَافِ تَكْرِيرِهَا، أَوْ سُجُودٍ قَبْلَهَا سَهْوًا) قَالَ مَالِكٌ: إنْ سَجَدَ السَّجْدَةَ، ثُمَّ سَجَدَ مَعَهَا ثَانِيَةً سَهْوًا فَلْيَسْجُدْ بَعْدَ السَّلَامِ.
قَالَ: وَلَوْ سَجَدَ فِي آيَةٍ قَبْلَهَا يَظُنُّ أَنَّهَا سَجْدَةٌ فَلْيَقْرَأْ السَّجْدَةَ فِي بَاقِي صَلَاتِهِ وَيَسْجُدُ لَهَا وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ.
(قَالَ وَأَصْلُ الْمَذْهَبِ تَكْرِيرُهُ إنْ كَرَّرَ حِزْبًا إلَّا الْمُعَلِّمَ وَالْمُتَعَلِّمَ فَأَوَّلَ مَرَّةٍ) الْمَازِرِيُّ: قَالَ فِي الْقَارِئِ يَقْرَأُ السَّجْدَةَ بَعْدَ أَنْ يَسْجُدَ فِيهَا إنَّهُ يَسْجُدُ أَيْضًا قَالَ: وَهُوَ أَصْلُ الْمَذْهَبِ عِنْدِي إلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَارِئُ مِمَّنْ يَتَكَرَّرُ ذَلِكَ عَلَيْهِ غَالِبًا كَالْمُعَلِّمِ وَالْمُتَعَلِّمِ فَفِيهِ قَوْلَانِ إذَا كَانَا بَالِغَيْنِ.
قَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ: يَسْجُدُ أَوَّلَ مَرَّةٍ.
وَقَالَ أَصْبَغُ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: لَا سُجُودَ عَلَيْهِمَا وَلَا فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ (وَنُدِبَ لِسَاجِدِ الْأَعْرَافِ قِرَاءَةٌ قَبْلَ رُكُوعِهِ) الرِّسَالَةُ: فِي سَجْدَةِ الْأَعْرَافِ إنْ كَانَ فِي صَلَاةٍ قَامَ فَقَرَأَ مِنْ الْأَنْفَالِ، أَوْ مِنْ غَيْرِهَا مَا تَيَسَّرَ عَلَيْهِ، ثُمَّ رَكَعَ وَسَجَدَ.
اُنْظُرْ