الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَعَقُّبَ الْمَازِرِيِّ قَبْلَ قَوْلِهِ: " بِخِلَافِ تَكْرِيرِهَا "(وَلَا يَكْفِي عَنْهَا رُكُوعٌ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: لَا يَرْكَعُ بِهَا فِي الصَّلَاةِ، أَوْ غَيْرِهَا.
ابْنُ يُونُسَ: لِأَنَّهُ إنْ قَصَدَ بِهِ الرَّكْعَةَ فَلَمْ يَسْجُدْهَا، وَإِنْ قَصَدَ بِهِ السَّجْدَةَ فَقَدْ أَحَالَهَا عَنْ صِفَتِهَا وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ.
(وَإِنْ تَرَكَهَا وَقَصَدَهُ صَحَّ وَكُرِهَ) سَمِعَ عِيسَى: لَوْ قَرَأَ سَجْدَةً فَرَكَعَ فَإِنْ كَانَ تَعَمَّدَ الرُّكُوعَ أَجْزَأَتْهُ تِلْكَ الرَّكْعَةُ وَلَا أُحِبُّ لَهُ ذَلِكَ وَقَرَأَهَا إذَا قَامَ فِي أُخْرَى وَسَجَدَ.
ابْنُ رُشْدٍ: وَلَا خِلَافَ أَنَّهَا تُجْزِئُهُ لِأَنَّهُ رَكَعَ بِنِيَّةِ الرُّكُوعِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ وَتَرَكَ السُّجُودَ الَّذِي لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَيْهِ (وَسَهْوًا اعْتَدَّ بِهِ عِنْدَ مَالِكٍ لَا ابْنِ الْقَاسِمِ فَيَسْجُدُ إنْ اطْمَأَنَّ بِهِ) ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ أَرَادَ أَنْ يَهْوِيَ لِيَسْجُدَهَا فَنَسِيَ فَرَكَعَ فَإِنَّهُ إنْ ذَكَرَ وَهُوَ رَاكِعٌ خَرَّ مِنْ رَكْعَتِهِ فَسَجَدَهَا، ثُمَّ اعْتَدَلَ فَقَرَأَ وَرَكَعَ، وَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ حَتَّى فَرَغَ مِنْ رَكْعَتِهِ أَلْغَى تِلْكَ الرَّكْعَةَ.
ابْنُ رُشْدٍ: هَذَا صَحِيحٌ عَلَى مَذْهَبِهِ فِي الِاعْتِبَارِ بِاخْتِلَافِ نِيَّتِهِ فِي الصَّلَاةِ انْتَهَى.
أَضِفْ هَذَا النَّقْلَ لِمَا نَقَلْته عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَإِنْ قَصَدَهَا فَرَكَعَ سَهْوًا " وَانْظُرْهُ أَنْتَ.
[بَابٌ فِي صَلَاةِ التَّطَوُّعِ]
فَصْلٌ
ابْنُ شَاسٍ: الْبَابُ السَّابِعُ فِي صَلَاةِ التَّطَوُّعِ
(نُدِبَ نَفْلٌ) عِيَاضٌ: الصَّلَاةُ عَلَى خَمْسَةِ أَقْسَامٍ: فَرْضٌ عَلَى الْأَعْيَانِ، وَفَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ، وَسُنَّةٌ، وَفَضِيلَةٌ، وَتَطَوُّعٌ.
وَالتَّطَوُّعُ هُوَ كُلُّ صَلَاةٍ تَنَفَّلَ فِيهَا فِي الْأَوْقَاتِ الَّتِي أُبِيحَتْ الصَّلَاةُ فِيهَا (وَتَأَكَّدَ بَعْدَ مَغْرِبٍ كَظُهْرٍ وَقَبْلَهَا كَعَصْرٍ بِلَا حَدٍّ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: لَمْ يُوَقِّتْ مَالِكٌ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَلَا بَعْدَهَا رُكُوعًا مَعْلُومًا، وَإِنَّمَا يُوَقِّتُ فِي هَذَا أَهْلُ الْعِرَاقِ.
الشَّيْخُ: يُسْتَحَبُّ النَّفَلُ
بَعْدَ الظُّهْرِ بِأَرْبَعِ رَكَعَاتٍ يُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ وَكَذَا قَبْلَهَا وَكَذَا قَبْلَ الْعَصْرِ وَبَعْدَ الْمَغْرِبِ بِرَكْعَتَيْنِ.
وَفِي الرِّسَالَةِ: وَإِنْ تَنَفَّلَ بِسِتِّ رَكَعَاتٍ فَحَسَنٌ: الْجَلَّابُ: الرَّكْعَتَانِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ مُسْتَحَبَّةٌ كَرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ.
عِيَاضٌ: وَرَكْعَتَانِ بَعْدَ الْوُضُوءِ فَضِيلَةٌ (وَالضُّحَى) ابْنُ عَرَفَةَ: نَصُّ التَّلْقِينِ وَالرِّسَالَةِ أَنَّ صَلَاةَ الضُّحَى نَافِلَةٌ.
أَبُو عُمَرَ: فَضِيلَةٌ وَهِيَ ثَمَانِ رَكَعَاتٍ وَقَدْ عُدَّتْ أَيْضًا فِي السُّنَنِ.
ابْنُ الْعَرَبِيِّ: مِنْ آكَدِ النَّوَافِلِ رَكْعَتَانِ عِنْدَ حُلُولِ الشَّمْسِ مِنْ الْمَشْرِقِ بِالنِّسْبَةِ الَّتِي تَجِبُ صَلَاةُ الْعَصْرِ فِي كَوْنِهَا مِنْ الْمَغْرِبِ وَهِيَ الضُّحَى الَّتِي مَنْ أَتَى بِهَا كَانَ مِنْ الْأَوَّابِينَ وَحَمَى ثَلَاثَمِائَةٍ وَسِتِّينَ عَظْمًا مِنْ النَّارِ.
(وَسِرٌّ بِهِ نَهَارًا وَجَهْرٌ لَيْلًا) الرِّسَالَةُ: يُصَلِّي الشَّفْعَ وَالْوِتْرَ جَهْرًا وَكَذَلِكَ يُسْتَحَبُّ فِي نَوَافِلِ اللَّيْلِ الْإِجْهَارُ، وَفِي نَوَافِلِ النَّهَارِ الْإِسْرَارُ، وَإِنْ جَهَرَ فِي النَّهَارِ فِي نَفْلِهِ فَذَلِكَ وَاسِعٌ.
ابْنُ عَرَفَةَ: سَمِعَ أَشْهَبُ لَا بَأْسَ بِرَفْعِ صَوْتِهِ بِقِرَاءَةِ صَلَاتِهِ فِي بَيْتِهِ وَحْدَهُ وَلَعَلَّهُ أَنْشَطُ لَهُ وَكَانُوا بِالْمَدِينَةِ يَفْعَلُونَهُ حَتَّى صَارَ الْمُسَافِرُونَ يَتَوَاعَدُونَ لِقِيَامِ الْقُرَّاءِ، وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ ذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ.
ابْنُ رُشْدٍ: هَذَا لِمَنْ حَسُنَتْ حَالَتُهُ لِيُقْتَدَى بِهِ فَيَحْصُلَ لَهُ أَجْرُ الِاقْتِدَاءِ بِهِ.
وَسَمِعَ أَشْهَبُ: كَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَخْرُجُ فِي اللَّيْلِ آخِرِهِ. وَكَانَ حَسَنَ الصَّوْتِ يُصَلِّي فَقَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ: لِبُرْدٍ اُطْرُدْ هَذَا الْقَارِئَ عَنِّي فَقَدْ أَذَانِي فَسَكَتَ بُرْدٌ فَقَالَ: وَيُحْكَى يَا بُرْدُ اُطْرُدْ هَذَا الْقَارِئَ عَنِّي فَقَالَ بُرْدٌ: إنَّ الْمَسْجِدَ لَيْسَ لَنَا إنَّمَا هُوَ لِلنَّاسِ فَسَمِعَ ذَلِكَ عُمَرُ فَأَخَذَ نَعْلَهُ وَتَنَحَّى.
ابْنُ رُشْدٍ: أَمَرَ سَعِيدٌ بِطَرْدِ الْقَارِئِ عَنْهُ يُرِيدُ مِنْ جِوَارِهِ لَا مِنْ الْمَسْجِدِ جُمْلَةً وَمِنْ حَقِّ مَنْ أُوذِيَ أَنْ يَنْهَى مَنْ آذَاهُ، وَلَوْ رَفَعَ رَجُلٌ فِي دَارِهِ صَوْتَهُ بِالْقِرَاءَةِ لَمَا وَجَبَ لِجَارِهِ مَنْعُهُ، وَلِمَا نَقَلَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي مَسَالِكِهِ «قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِعُمَرَ اخْفِضْ قَلِيلًا» ، نَقَلَ حِكَايَةَ ابْنِ الْمُسَيِّبِ مَعَ عُمَرَ، ثُمَّ قَالَ: وَالْجَهْرُ أَفْضَلُ لِمَنْ كَانَتْ لَهُ نِيَّةٌ فِي الْجَهْرِ، وَخَيْرُ النَّاسِ مَنْ انْتَفَعَ النَّاسُ بِهِ وَانْتَفَعَ هُوَ بِكَلَامِ اللَّهِ.
وَفِي ذَلِكَ أَيْضًا أَنَّهُ يُسْمِعُ أُذُنَيْهِ وَيُوقِظُ قَلْبَهُ لِتَدْبِيرِ الْكَلَامِ وَتَفْهِيمِ الْمَعَانِي وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إلَّا فِي الْجَهْرِ.
وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يَرْجُوَ يَقَظَةَ نَائِمٍ فَيَذْكُرَ اللَّهَ فَيَكُونَ هُوَ لَهُ مُعَاوِنًا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى فَيَكُونَ فِي الْعَمَلِ الْوَاحِدِ عَشَرَةُ نِيَّاتٍ فَيُعْطَى عَشَرَةَ أُجُورٍ.
وَقَالَ فِي الْعَارِضَةِ: لَا شَكَّ
أَنَّ الْعَلَانِيَةَ بِالْقِرَاءَةِ وَغَيْرِهَا أَفْضَلُ إذَا خَلَصَتْ مِنْ الرِّيَاءِ وَقَدْ كَشَفَ اللَّهُ الْقِنَاعَ بِالْبَيَانِ عَنْ ذَلِكَ عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «قَالَ اللَّهُ مَنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْته فِي نَفْسِي وَمَنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَأٍ ذَكَرْته فِي مَلَأٍ خَيْرٍ مِنْ مَلَئِهِ» ابْنُ عَرَفَةَ: وَرَفْعُ الصَّوْتِ بِالدُّعَاءِ وَالذِّكْرِ بِالْمَسْجِدِ آخِرَ اللَّيْلِ مَعَ حُسْنِ النِّيَّةِ قُرْبَةٌ، وَفِي جَوَازِهِ بِعَسْعَسَةِ اللَّيْلِ بَعْدَ مُضِيِّ نِصْفِهِ وَمَنْعِهِ نَقْلٌ.
ابْنُ سَهْلٍ: الْجَوَازُ لِابْنِ عَتَّابٍ وَالْمَسِيلِيِّ وَالْمَنْعُ لِابْنِ دَحُونٍ وَابْنِ حَزْمٍ.
وَقَدْ كَانَ مِنْ جَوَابِ ابْنِ عَتَّابٍ، أَوْ قَالَ: الِاحْتِسَابُ فِي ذَلِكَ غَيْرُ سَائِغٍ؛ إذْ ذَاكَ ذِكْرُ اللَّهِ تَنْشَرِحُ لَهُ الصُّدُورُ صُدُورُ أَهْلِ الْإِيمَانِ وَتَطْمَئِنُّ بِهِ قُلُوبُهُمْ وَمَتَى عُهِدَ مَنْ ابْتَهَلَ فِي الدُّعَاءِ وَالِاسْتِغْفَارِ أَنْ يُوقَفَ مَوْقِفَ الْإِنْكَارِ وَالْإِقْرَارِ.
أَمَا سَمِعَ الْمُحْتَسِبُ قَوْلَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ: {وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ} [الأنعام: 52] الْآيَةَ.
، ثُمَّ اسْتَدَلَّ بِقَوْلِ مَالِكٍ: كَانَ السَّلَفُ يَتَوَاعَدُونَ الْإِسْفَارَ لِقِيَامِ الْقُرَّاءِ.
وَقَالَ الْمَسِيلِيُّ: كُلُّ مَا صَنَعَهُ هَذَا الْمُؤَذِّنُ حَسَنٌ مَأْمُورٌ بِهِ مُرَغَّبٌ فِيهِ قَدِيمٌ مِنْ فِعْلِ الصَّالِحِينَ.
كَانَ عُرْوَةُ يَقُومُ بِاللَّيْلِ يَصِيحُ فِي الطُّرُقِ يَحُضُّ وَيُخَوِّفُ وَيَتْلُو {أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى} [الأعراف: 98] إلَى يَلْعَبُونَ قَالَ عِيَاضٌ: عَنْ ابْنِ عَتَّابٍ: هُوَ وَشَيْخُ الْمُفْتِينَ حَافِظًا نُظَّارًا تَفَقَّهَ بِهِ الْأَنْدَلُسِيُّونَ مِنْ جُلَّةِ الْفُقَهَاءِ عَلَى سُنَنِ أَهْلِ الْفَضْلِ، جَزِلُ الرَّأْيِ حَصِيبُ الْعَقْلِ عَلَى مَنْهَجِ السَّلَفِ الْمُتَقَدِّمِ.
وَفِي التِّرْمِذِيِّ وَصَحَّحَهُ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ قَامَ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اُذْكُرُوا اللَّهَ» . الْحَدِيثَ.
(وَتَأَكَّدَ بِوِتْرٍ) خَيَّرَ الْإِبْيَانِيُّ وَيَحْيَى بْنُ عُمَرَ فِي الْجَهْرِ فِي الشَّفْعِ وَأَلْزَمَاهُ فِي الْوِتْرِ، فَإِنْ أَسَرَّهُ
سَهْوًا سَجَدَ قَبْلُ. وَجَهْلًا بَطَلَ.
وَاسْتَبْعَدَ عَبْدُ الْحَقِّ الْبُطْلَانَ.
ابْنُ يُونُسَ: قِيلَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ أَسَرَّ فِي الْوِتْرِ كَمَا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إذَا قَرَأَهُ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَحْدَهَا.
الْبَاجِيُّ: يَجْهَرُ بِهِ الْإِمَامُ وَأَمَّا الْأَفْذَاذُ فِي الْمَسْجِدِ فَيُسِرُّونَهُ.
ابْنُ عَلَاقٍ: فِي هَذَا نَظَرٌ لِأَنَّهُ يَقْضِي فَرْضَهُ جَهْرًا وَمِنْ الِاسْتِذْكَارِ مَا نَصُّهُ: فِي الَّذِي يَقْضِي فَرْضَهُ، وَإِلَى جَنْبِهِ مَنْ يَعْمَلُ مِثْلَ عَمَلِهِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ أَنْ يُفَرِّطَ فِي الْجَهْرِ لِئَلَّا يُخْلَطَ عَلَيْهِ كَمَا لَا يَجِبُ ذَلِكَ لِمُتَنَفِّلٍ إلَى جَنْبِهِ مُتَنَفِّلٌ مِثْلُهُ، وَإِذَا كَانَ هَكَذَا فَحَرَامٌ عَلَى النَّاسِ أَنْ يَتَحَدَّثُوا فِي الْمَسْجِدِ بِمَا يَشْغَلُ الْمُصَلِّيَ عَنْ صَلَاتِهِ وَيَخْلِطُ عَلَيْهِ قِرَاءَتَهُ.
ابْنُ رُشْدٍ: لَا يَجُوزُ لِمُصَلٍّ بِالْمَسْجِدِ إلَى جَنْبِهِ مُصَلٍّ رَفْعُ صَوْتِهِ بِالْقِرَاءَةِ، وَمَنْ قَضَى رَكْعَةً جَهْرًا لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُفَرِّطَ فِي جَهْرِهِ لِقُرْبِ مُصَلٍّ مِثْلِهِ (وَتَحِيَّةُ مَسْجِدِ) عِيَاضٌ: تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ فَضِيلَةٌ.
قَالَ مَالِكٌ: وَلَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ.
أَبُو عُمَرَ: عَلَى هَذَا جَمَاعَةُ فُقَهَاءَ وَكَانَ الْقَاسِمُ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ فَيَجْلِسُ وَلَا يُصَلِّي وَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ وَسَالِمٌ ابْنُهُ.
قَالَ: وَرَحَلَ الْغَازِيُّ بْنُ قَيْسٍ إلَى الْمَدِينَةِ لِيَسْمَعَ مِنْ مَالِكٍ فَدَخَلَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ مَسْجِدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَجَلَسَ وَلَمْ يَرْكَعْ فَقَالَ لَهُ الْغَازِيُّ بْنُ قَيْسٍ: قُمْ فَارْكَعْ فَإِنَّ جُلُوسَك دُونَ رُكُوعٍ جَهْلٌ بِالسُّنَّةِ، وَنَحْوَ هَذَا مِنْ جَفَاءِ الْقَوْلِ.
فَقَامَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ فَرَكَعَ، ثُمَّ أَسْنَدَ ظَهْرَهُ وَجَلَسَ النَّاسُ إلَيْهِ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ الْغَازِيُّ بْنُ أَبِي قَيْسٍ خَجِلَ وَنَدِمَ فَسَأَلَ عَنْهُ فَقِيلَ: هُوَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ أَحَدُ فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ وَأَشْرَافِهِمْ فَقَامَ يَعْتَذِرُ إلَيْهِ فَقَالَ لَهُ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ: يَا أَخِي لَا عَلَيْك أَمَرْتَنَا بِخَيْرٍ فَأَطَعْنَاك.
وَمِنْ نَحْوِ هَذَا التَّخَلُّقِ مَا حَكَاهُ عِيَاضٌ عَنْ قَاضِي الْجَمَاعَةِ ابْنِ السُّلَيْمِ قَالَ: حَضَرَ يَوْمًا مَسْجِدًا بِأَطْرَافِ قُرْطُبَةَ لِانْتِظَارِ جِنَازَةٍ فَحَانَ وَقْتُ الْعَصْرِ فَأَشَارَ
عَلَى رَجُلٍ مِنْ الْعَامَّةِ أَنْ يُؤَذِّنَ فَتَغَيَّرَ الرَّجُلُ وَقَالَ لَهُ: لَمْ تَرَ بِالْمَسْجِدِ مَنْ هُوَ أَنْجَسُ مِنِّي فَتَبَسَّمَ الْقَاضِي وَاسْتَغْفَرَ اللَّهَ، ثُمَّ خَرَجَ بِنَفْسِهِ فَأَذَّنَ وَرَجَعَ وَقَالَ لِلرَّجُلِ: قَدْ رَأَيْت مَنْ هُوَ أَنْجَسُ مِنْك فَلَا تَعُدْ لِمِثْلِ قَوْلِك تَابَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَعَلَيْك.
(وَجَازَ تَرْكُ مَارٍّ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: جَائِزٌ لِلْمُجْتَازِ أَنْ يَمُرَّ فِي الْمَسْجِدِ وَلَا يَرْكَعَ، وَيُكْرَهُ لِغَيْرِهِ الْقُعُودُ دُونَ رُكُوعٍ.
(وَتَأَدَّتْ بِفَرْضٍ) الْجَلَّابُ: مَنْ تَكَرَّرَ دُخُولُهُ بَعْدَ رُكُوعِهِ لَمْ يُعِدْهُ وَمَنْ جَلَسَ دُونَهُ تَلَافَاهُ وَيَكْفِي عِنْدَ الْفَرْضِ.
(وَبَدَأَ بِهَا بِمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ قَبْلَ السَّلَامِ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم) سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يَبْدَأُ مَنْ دَخَلَ مَسْجِدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِالرُّكُوعِ قَبْلَ سَلَامِهِ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم وَالْعَكْسُ وَاسِعٌ.
ابْنُ الْقَاسِمِ: أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَبْدَأَ بِالرُّكُوعِ.
ابْنُ رُشْدٍ لِحَدِيثِ: «إذَا دَخَلَ فَلْيَرْكَعْ» .
وَالْفَاءُ لِلتَّعْقِيبِ، وَتَوْسِيعِهِ، مَالِكٌ: لِأَنَّ الْمَنْهِيَّ عِنْدَ الْجُلُوسِ قَبْلَ الرُّكُوعِ (وَإِيقَاعُ نَفْلٍ بِهِ بِمُصَلَّاهُ صلى الله عليه وسلم، وَالْفَرْضُ بِالصَّفِّ الْأَوَّلِ) سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مُصَلَّى صلى الله عليه وسلم أَحَبُّ مَوْضِعٍ إلَيَّ مِنْ مَسْجِدِهِ لِلنَّفْلِ.
ابْنُ الْقَاسِمِ: وَهُوَ الْعَمُودُ الْمُخَلَّقُ، وَالْفَرْضُ الصَّفُّ الْأَوَّلُ.
وَمِنْ الِاسْتِذْكَارِ مَا نَصُّهُ: لَا أَعْلَمُ خِلَافًا بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ مَنْ بَكَّرَ وَانْتَظَرَ الصَّلَاةَ، وَإِنْ لَمْ يُصَلِّ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ أَفْضَلُ مِمَّنْ تَأَخَّرَ، ثُمَّ صَلَّى فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ، فَمَا وَرَدَ مِنْ مَعْنَى الصَّفِّ الْأَوَّلِ إلَّا مِنْ أَجْلِ الْبُكُورِ.
(وَتَحِيَّةُ مَسْجِدِ مَكَّةَ الطَّوَافُ) سَمِعَ الْقَرِينَانِ: تَأْخِيرَهُ دَاخِلَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ رُكُوعَهُ عَنْ
طَوَافِهِ.
(وَتَرَاوِيحُ) ابْنُ حَبِيبٍ: قِيَامُ رَمَضَانَ فَضِيلَةٌ.
أَبُو عُمَرَ: سُنَّةٌ وَالْجَمْعُ لَهُ بِالْمَسْجِدِ حَسَنٌ (وَانْفِرَادٌ بِهَا) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: قِيَامُ الرَّجُلِ فِي بَيْتِهِ فِي رَمَضَانَ أَحَبُّ إلَيَّ لِمَنْ قَوِيَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ كُلُّ النَّاسِ يَقْوَى عَلَى ذَلِكَ (إنْ لَمْ تُعَطَّلْ الْمَسَاجِدُ) أَبُو عُمَرَ: إذَا قَامَتْ الصَّلَاةُ فِي الْمَسَاجِدِ فِي رَمَضَانَ وَلَوْ بِأَقَلِّ
عَدَدٍ فَالصَّلَاةُ حِينَئِذٍ فِي الْبَيْتِ أَفْضَلُ.
(وَالْخَتْمُ فِيهَا) اللَّخْمِيِّ: وَالْخَتْمُ أَحْسَنُ (وَسُورَةٌ تُجْزِئُ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: وَلَيْسَ خَتْمُ الْقُرْآنِ سُنَّةً فِي رَمَضَانَ.
قَالَ رَبِيعَةُ: وَلَوْ أَمَّهُمْ رَجُلٌ بِسُورَةٍ حَتَّى يَنْقَضِيَ الشَّهْرُ لَأَجْزَأَ (ثَلَاثٌ وَعِشْرُونَ ثُمَّ جُعِلَتْ تِسْعًا وَثَلَاثِينَ) نَافِعٌ: أَدْرَكْت النَّاسَ يَقُومُونَ تِسْعًا وَثَلَاثِينَ رَكْعَةً وَيُوتِرُونَ مِنْهَا بِثَلَاثٍ.
قَالَ مَالِكٌ: وَهُوَ الَّذِي لَمْ يَزَلْ عَلَيْهِ النَّاسُ.
اللَّخْمِيِّ: الَّذِي آخُذُ بِهِ مَا جَمَعَ عَلَيْهِ عُمَرُ إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً.
ابْنُ حَبِيبٍ: رَجَعَ عُمَرُ إلَى ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ (وَخَفَّفَ مَسْبُوقُهَا ثَانِيَتَهُ وَلَحِقَ) ابْنُ عَرَفَةَ: رَوَى الْأَكْثَرُ: الْمَسْبُوقُ فِي ثَانِيَتِهِ فَذٌّ مُوَافِقٌ حَرَكَةَ إمَامِهِ.
ابْنُ الْقَاسِمِ: بَلْ مُؤْتَمٌّ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ: أُولَاهَا.
قَوْلُ سَحْنُونٍ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ يَقْضِي رَكْعَةً مُخَفِّفًا وَيَدْخُلُ مَعَهُمْ.
(وَقِرَاءَةُ شَفْعٍ بِسَبِّحْ وَالْكَافِرُونَ) رَوَى عَلِيٌّ: مَا عِنْدِي شَيْءٌ يُسْتَحَبُّ بِهِ الْقِرَاءَةُ فِي الشَّفْعِ دُونَ غَيْرِهِ.
الْبَاجِيُّ: هَذَا لِمَنْ أَوْتَرَ بِوَاحِدَةٍ عَقِبَ صَلَاةِ الْوِتْرِ فَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْرَأَ فِي الشَّفْعِ بِ " سَبِّحْ " وَ " الْكَافِرُونَ ".
وَفَسَّرَ عِيَاضٌ الْمَذْهَبَ بِهَذَا انْتَهَى.
اُنْظُرْ فِهْرِسْتَ عِيَاضٍ ذَكَرَ سِلْسِلَةَ قِرَاءَةِ الشَّفْعِ بِالْإِخْلَاصِ وَذَكَرَ أَنَّهُ هُوَ الْتَزَمَ ذَلِكَ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ مُنْذُ رَوَى ذَلِكَ (وَوِتْرٍ بِإِخْلَاصٍ وَمُعَوِّذَتَيْنِ) فِيهَا لِمَالِكٍ الْوِتْرُ وَاحِدَةٌ، وَكَانَ مَالِكٌ يَقْرَأُ فِيهَا فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَ " قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ " والْمُعَوِّذتَيْن.
وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعَةِ: مَا قِرَاءَةُ الْإِخْلَاصِ أَحَدٌ فِي الْوِتْرِ بِلَازِمٍ.
الْبَاجِيُّ: مَا فِي الْمَجْمُوعَةِ يَنْفِي اللُّزُومَ
وَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ يَدُلُّ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ.
(إلَّا لِمَنْ لَهُ حِزْبٌ فَمِنْهُ فِيهِمَا) الْمَازِرِيُّ: وَقَعَ فِي نَفْسِي عَدَمُ تَعْيِينِ قِرَاءَةِ الْوِتْرِ إثْرَ تَهَجُّدِهِ فَأَمَرْت بِهِ إمَامَ تَرَاوِيحِ رَمَضَانَ، ثُمَّ خِفْت انْدِرَاسَ الشَّفْعِ عِنْدَ الْعَوَامّ إنْ لَمْ يَخْتَصَّ بِقِرَاءَةٍ فَرَجَعْت لِلْمَأْلُوفِ، ثُمَّ بَعْدَ طُولٍ رَأَيْت الْبَاجِيَّ قَدْ أَشَارَ إلَى مَا كُنْت اخْتَرْته انْتَهَى.
اُنْظُرْ تَعَقُّبَ ابْنِ عَرَفَةَ هَذَا.
وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: يَقْرَأُ الْمُتَهَجِّدُ فِي رَكْعَةِ الْوِتْرِ مِنْ تَمَامِ حِزْبِهِ وَغَيْرِهِ: بِ " قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ " فَقَطْ لِحَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ وَهُوَ أَصَحُّ مِنْ قِرَاءَتِهِ بِهَا مَعَ الْمُعَوِّذَتَيْنِ وَانْتَهَتْ الْغَفْلَةُ بِقَوْمٍ يُصَلُّونَ التَّرَاوِيحَ فَإِذَا انْتَهَوْا لِلْوِتْرِ قَرَءُوا فِيهِ: بِ " قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ " وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ.
(وَفِعْلُهُ لِمُنْتَبِهٍ آخِرَ اللَّيْلِ) ابْنُ يُونُسَ: الْأَفْضَلُ عِنْدَ مَالِكٍ تَأْخِيرُ الْوِتْرِ إلَى آخِرِ اللَّيْلِ لِفَضِيلَةِ قِيَامِ اللَّيْلِ إلَّا لِمَنْ يَكُونُ الْغَالِبُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَنْتَبِهَ فَالْأَفْضَلُ أَنْ يُوتِرَ، ثُمَّ يَنَامَ لِأَنَّ فِي نَوْمِهِ قَبْلَهُ تَغْرِيرًا بِالْوِتْرِ.
(وَلَمْ يُعِدْهُ مُقَدِّمٌ) عِيَاضٌ: ذَهَبَ بَعْضُ أَئِمَّةِ الصَّحَابَةِ، وَكَافَّةُ أَئِمَّةِ الْفَتْوَى إلَى مَنْعِ نَقْضِ الْوِتْرِ وَأَنَّهُ إذَا بَدَا لَهُ فِي التَّنَفُّلِ بَعْدَ الْوِتْرِ لَمْ يَنْقُضْهُ وَلَمْ يَشْفَعْهُ، وَصَلَّى مَا بَدَا لَهُ وَلَمْ يُعِدْهُ، وَقَدْ اُخْتُلِفَ عَنْ مَالِكٍ فِي هَذَا، وَالْمَشْهُورُ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يُعِيدُهُ (ثُمَّ صَلَّى وَجَازَ) فِي الْمُخْتَصَرِ مَنْ أَوْتَرَ فِي الْمَسْجِدِ، ثُمَّ أَرَادَ التَّنَفُّلَ تَنَفَّلَ.
وَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ:
يُؤَخِّرُ قَلِيلًا، وَإِنْ انْصَرَفَ إلَى بَيْتِهِ تَنَفَّلَ مَا أَحَبَّ.
وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْعَ مَنْ أَوْتَرَ مَعَ الْإِمَامِ فِي رَمَضَانَ أَنْ يَصِلَ وِتْرَهُ بِرَكْعَةٍ لِيُوتِرَ بَعْدَ ذَلِكَ بَلْ يُسَلِّمُ مَعَهُ وَيُصَلِّي بَعْدَ ذَلِكَ مَا شَاءَ.
وَقَالَ قَبْلَ ذَلِكَ: يَتَأَنَّى قَلِيلًا أَعْجَبُ إلَيَّ انْتَهَى.
اُنْظُرْ مَنْ أَتَى الْمَسْجِدَ يُصَلِّي الْأَشْفَاعَ مَعَ الْإِمَامِ فَدَخَلَ مَعَهُ فَإِذَا هُوَ فِي الْوِتْرِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: يَشْفَعُهُ كَمَا إذَا أَوْتَرَ مَعَهُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ الْعَتَمَةَ انْتَهَى.
وَانْظُرْ عَلَى هَذَا فِي لَيَالِي الْإِحْيَاءِ مَنْ أَوْتَرَ أَوَّلَ اللَّيْلِ ثُمَّ أَتَى الْمَسْجِدَ آخِرَ اللَّيْلِ فَعَلَى هَذَا إذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ مِنْ رَكْعَةِ الْوِتْرِ قَامَ هَذَا الَّذِي كَانَ أَوْتَرَ فَشَفَعَ هَذَا الْوِتْرَ الَّذِي صَلَّاهُ مَعَ هَذَا الْإِمَامِ، وَرُبَّمَا تَجِدُ بَعْضَ الْعَوَامّ لَيَالِيَ الْإِحْيَاءِ إذَا نُودِيَ بِالشَّفْعِ وَالْوِتْرِ تَرَكُوا الْقِيَامَ مَعَ الْإِمَامِ لِرَكْعَتَيْ الشَّفْعِ فَضْلًا عَنْ رَكْعَةِ الْوِتْرِ وَهَذَا لَا يَنْبَغِي انْتَهَى.
(وَعَقِبَ شَفْعٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: الْوِتْرُ وَاحِدَةٌ ثُمَّ قَالَ: لَا بُدَّ مِنْ شَفْعٍ قَبْلَهَا.
الْبَاجِيُّ: هَذَا الْمَشْهُورُ انْتَهَى.
وَانْظُرْ هَلْ يَنُوبُ مَنَابَ الشَّفْعِ كُلُّ نَافِلَةٍ؟ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ انْتَهَى.
وَانْظُرْ لَوْ صَلَّى الْوِتْرَ دُونَ شَفْعٍ فَقَالَ سَحْنُونَ: إنْ قَرُبَ شَفَعَهَا وَأَوْتَرَ، وَإِنْ بَعُدَ أَجْزَأَهُ لِقَوْلِ مَالِكٍ: لَا بَأْسَ أَنْ يُوتِرَ الْمُسَافِرُ بِرَكْعَةٍ وَقَدْ أَوْتَرَ سَحْنُونَ فِي مَرَضِهِ بِوَاحِدَةٍ.
وَقِيلَ لِمَالِكٍ: مَنْ صَلَّى بَعْدَ الْعِشَاءِ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ جَلَسَ، ثُمَّ بَدَا لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يُوتِرَ.
قَالَ: أَرْجُو أَنْ يَكُونَ لَهُ سَعَةٌ فِي أَنْ يُوتِرَ بِوَاحِدَةٍ.
ابْنُ رُشْدٍ: قَوْلُهُ: " يُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ، وَإِنْ طَالَ مَا بَيْنَ الشَّفْعِ وَالْوَاحِدَةِ " صَحِيحٌ عَلَى مَذْهَبِهِ فِي الْفَصْلِ بَيْنَ الشَّفْعِ وَالْوِتْرِ بِسَلَامٍ.
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إذَا طَالَ رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أَوْتَرَ، وَوَجَّهَ هَذَا مُرَاعَاةً لِقَوْلِ مَنْ قَالَ: الْوِتْرُ ثَلَاثٌ بِغَيْرِ سَلَامٍ.
وَهَذَا إذَا كَانَ قَبْلَ الْفَجْرِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ بَعْدَ الْفَجْرِ وَقَدْ رَكَعَ بَعْدَ الْعِشَاءِ لَأَوْتَرَ بِوَاحِدَةٍ قَوْلًا وَاحِدًا انْتَهَى.
وَعِبَارَةُ ابْنِ يُونُسَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ: مَنْ أَصْبَحَ وَلَمْ يُوتِرْ فَإِنْ كَانَ تَنَفَّلَ بَعْدَ الْعَتَمَةِ فَلْيُوتِرْ الْآنَ بِوَاحِدَةٍ، وَإِلَّا شَفَعَ الْآنَ بِرَكْعَتَيْنِ انْتَهَى.
اُنْظُرْ هَذَا مَعَ أَنَّهُ مَنْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَهُ.
(مُنْفَصِلٍ عَنْهُ بِسَلَامٍ إلَّا لِاقْتِدَاءٍ بِوَاصِلٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: لَا بُدَّ مِنْ شَفْعٍ قَبْلَ الْوِتْرِ يُسَلِّمُ مِنْهُ فِي حَضَرٍ، أَوْ سَفَرٍ، وَمَنْ صَلَّى خَلْفَ مَنْ لَا يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِسَلَامٍ تَبِعَهُ.
اُنْظُرْ قَوْلَ الْإِمَامِ " لَا بُدَّ مِنْ شَفْعٍ يُسَلِّمُ مِنْهُ " وَمَعَ ذَلِكَ أَمَرَ بِالِاقْتِدَاءِ بِاتِّبَاعِ مَنْ لَا يَفْصِلُ بِسَلَامٍ، وَأَغْرَبُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ ذَكَرَ عَنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ أَوْتَرَ بِالنَّاسِ لِعَارِضٍ يَعْرِضُ بِإِمَامِهِمْ الَّذِي مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُوتِرَ بِثَلَاثٍ لَا يَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ أَنَّهُ لَا يُخَالِفُ فِعْلَهُ بَلْ يَتْرُكُ
السَّلَامَ مِنْ الشَّفْعِ مُوَافَقَةً لِلْمَنُوبِ عَنْهُ.
اُنْظُرْ رَسْمَ الصَّلَاةِ الثَّانِيَ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ (وَكُرِهَ وَصْلُهُ) .
الْجَلَّابُ: الْوِتْرُ رَكْعَةٌ بَعْدَ شَفْعٍ مُنْفَصِلٍ مِنْهَا بِتَسْلِيمَةٍ وَيُكْرَهُ أَنْ يُوتِرَ بِثَلَاثٍ بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ فِي آخِرِهَا، وَانْظُرْ إذَا لَمْ يُسَلِّمْ مِنْ شَفْعِهِ حَتَّى قَامَ (وَأَوْتَرَ بِوَاحِدَةٍ) اُنْظُرْ عِنْدَ قَوْلِهِ:" وَعَقِبَ شَفْعٍ ".
(وَقِرَاءَةُ ثَانٍ مِنْ غَيْرِ انْتِهَاءِ الْأَوَّلِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: كَرِهَ مَالِكٌ لِلْقُرَّاءِ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ أَنْ يَقْرَأَ أَحَدُهُمْ فِي غَيْرِ الْمَوْضِعِ الَّذِي انْتَهَى إلَيْهِ صَاحِبُهُ وَقَالَ: إنَّمَا يَقْرَأُ هَؤُلَاءِ مَا خَفَّ عَلَيْهِمْ لِيُوَافِقَ ذَلِكَ مَا يُرِيدُونَ، وَلْيَقْرَأْ الثَّانِي مِنْ حَيْثُ انْتَهَى الْأَوَّلُ وَهُوَ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ النَّاسُ انْتَهَى.
وَانْظُرْ حُكْمَ مَنْ دَخَلَ وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ الْأَشْفَاعَ وَعَلَيْهِ الْعِشَاءُ.
قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: يَدْخُلُ مَعَهُمْ فِي الْأَشْفَاعِ وَيُؤَخِّرُ الْعِشَاءَ مَا لَمْ يَخْرُجْ وَقْتُهَا الْمُعْتَادُ.
وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يُؤَخِّرُهَا وَيُصَلِّيهَا وَسَطَ النَّاسِ.
وَقَالَ مَرَّةً بِمُؤَخَّرِ الْمَسْجِدِ، وَنَحْوُهُ فِي التَّفْرِيعِ.
وَفِي التَّفْرِيعِ
أَيْضًا: لَا بَأْسَ بِالنَّفْلِ بَيْنَ الْأَشْفَاعِ إنْ جَلَسَ الْإِمَامُ بَيْنَ التَّرَاوِيحِ، وَإِلَّا فَلَا (وَنَظَرٌ بِمُصْحَفٍ فِي فَرْضٍ وَأَثْنَاءَ نَفْلٍ لَا أَوَّلَهُ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: أَجَازَ مَالِكٌ أَنْ يَؤُمَّ الْإِمَامُ بِالنَّاسِ فِي الْمُصْحَفِ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ وَكَرِهَ ذَلِكَ فِي صَلَاةِ الْفَرْضِ.
وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا: إنْ ابْتَدَأَ النَّافِلَةَ بِغَيْرِ مُصْحَفٍ مَنْشُورٍ فَلَا يَنْبَغِي إذَا شَكَّ فِي حَرْفٍ أَنْ يَنْظُرَ فِيهِ، وَلَكِنْ يُتِمُّ صَلَاتَهُ ثُمَّ يَنْظُرُ (وَجَمْعٌ كَثِيرٌ لِنَفْلٍ أَوْ بِمَكَانٍ مُشْتَهِرٍ، وَإِلَّا فَلَا) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: لَا بَأْسَ بِصَلَاةِ النَّافِلَةِ فِي جَمَاعَةٍ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا.
ابْنُ عَرَفَةَ: فَأَطْلَقَهُ اللَّخْمِيِّ وَقَيَّدَهُ الصَّقَلِّيُّ وَابْنُ أَبِي زَمَنِينَ بِرِوَايَةِ ابْنِ حَبِيبٍ إنْ قَلَّتْ الْجَمَاعَةُ كَالثَّلَاثَةِ وَخَفِيَ مَحَلُّهُمْ انْتَهَى.
اُنْظُرْ ابْنَ زَرْقُونٍ فَإِنَّهُ صَرَّحَ أَنَّ رِوَايَةَ ابْنِ حَبِيبٍ مُخَالِفَةٌ لِلْمُدَوَّنَةِ.
(وَكَلَامٌ بَعْدَ الصُّبْحِ لِقُرْبِ الطُّلُوعِ لَا بَعْدَ الْفَجْرِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ:
يَجُوزُ الْكَلَامُ بَعْدَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَيُكْرَهُ بَعْدَ الصُّبْحِ لِطُلُوعِ الشَّمْسِ، أَوْ قُرْبِهِ.
(وَضِجْعَةٌ بَيْنَ صُبْحٍ وَرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا بَأْسَ بِالضِّجْعَةِ بَيْنَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَصَلَاةِ الصُّبْحِ إنْ لَمْ يُرِدْ بِهَا فَصْلًا بَيْنَهُمَا، وَإِنْ أَرَادَ ذَلِكَ فَلَا أُحِبُّهُ.
أَبُو مُحَمَّدٍ: لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ اسْتِنَانًا؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَفْعَلْهُ اسْتِنَانًا.
(وَالْوِتْرُ سُنَّةٌ آكَدُ) .
ابْنُ يُونُسَ: الْوِتْرُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ لَا يَسَعُ لِأَحَدِ تَرْكُهَا.
سَحْنُونَ: يُجَرَّحُ تَارِكُهُ.
ابْنُ عَرَفَةَ: اعْتَذَرَ بَعْضُهُمْ عَنْ التَّجْرِيحِ بِأَنَّ تَرْكَهُ عَلَامَةُ اسْتِخْفَافٍ بِأُمُورِ الدِّينِ.
وَقَالَ أَصْبَغُ: يُؤَدَّبُ.
الْمَازِرِيُّ: لِاسْتِخْفَافِهِ بِالسُّنَّةِ كَقَوْلِ ابْنِ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ: تَارِكُ السُّنَّةِ فَاسِقٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ اسْتِشْكَالُ ابْنِ الْعَرَبِيِّ.
(ثُمَّ عِيدٌ ثُمَّ كُسُوفٌ، ثُمَّ اسْتِسْقَاءٌ) .
ابْنُ شَاسٍ: آكَدُ السُّنَنِ الْعِيدَانِ ثُمَّ الْكُسُوفُ وَلَا شَكَّ فِي تَقْدِيمِ الْوِتْرِ عَلَى مَا ذُكِرَ انْتَهَى نَصُّهَا.
اُنْظُرْ بَعْدَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَأُخِّرَ الِاسْتِسْقَاءُ لِيَوْمٍ آخَرَ "(وَوَقْتُهُ بَعْدَ عِشَاءٍ) ابْنُ عَرَفَةَ: وَقْتُ الْوِتْرِ بَعْدَ الشَّفَقِ وَصَلَاةُ الْعِشَاءِ إلَى الْفَجْرِ، وَفِعْلُهُ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ وَلَوْ سَهْوًا لَغْوٌ (صَحِيحَةٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ، ثُمَّ انْصَرَفَ إلَى بَيْتِهِ فَتَوَضَّأَ وَأَوْتَرَ، ثُمَّ ذَكَرَ ذَلِكَ فَلْيُعِدْ الْعِشَاءَ، ثُمَّ الْوِتْرَ.
(وَشَفَقٌ لِلْفَجْرِ) تَقَدَّمَ نَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ بِهَذَا.
(وَضَرُورِيَّةٌ لِلصُّبْحِ) عِبَارَةُ الْبَاجِيِّ آخِرُ وَقْتِ صَلَاةِ اللَّيْلِ وَالْوِتْرِ فِي الضَّرُورَةِ مَا لَمْ يُصَلِّ الصُّبْحَ (وَنُدِبَ قَطْعُهَا لَهُ لِفَذٍّ لَا مُؤْتَمٍّ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ ذَكَرَ الْوِتْرَ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ لَمْ يَقْضِهِ وَلَيْسَ كَرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ فِي الْقَضَاءِ، وَمَنْ كَانَ خَلْفَ إمَامٍ فِي الصُّبْحِ، أَوْ وَحْدَهُ فَذَكَرَ وِتْرَ لَيْلَتِهِ فَقَدْ اسْتَحَبَّ لَهُ مَالِكٌ أَنْ يَقْطَعَ وَيُوتِرَ، ثُمَّ يُصَلِّيَ الصُّبْحَ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: ثُمَّ أَرْخَصَ مَالِكٌ لِلْمَأْمُومِ أَنْ يَتَمَادَى (وَفِي الْإِمَامِ رِوَايَتَانِ) ابْنُ حَبِيبٍ: وَيَقْطَعُ الْإِمَامُ إلَّا أَنْ يُسْفِرَ جِدًّا.
وَقَالَ الْمُغِيرَةُ: لَا يَقْطَعُ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ فَذٍّ وَلَا غَيْرِهِ.
أَبُو عُمَرَ: وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَهُوَ الصَّوَابُ.
الْبَاجِيُّ: وَهُوَ أَوْلَى.
اللَّخْمِيِّ: وَلِمَالِكٍ فِي الْمَبْسُوطِ
لَا يَقْطَعُ الْفَذُّ فَعَلَيْهِ لَا يَقْطَعُ الْإِمَامُ انْتَهَى.
اُنْظُرْ إذَا ذَكَرَ الْوِتْرَ وَقَدْ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَرَوَى عَلِيٌّ: يَخْرُجُ فَيُصَلِّيهِ وَلَا يَخْرُجُ لِرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ (وَإِنْ لَمْ يَتَّسِعْ الْوَقْتُ إلَّا لِرَكْعَتَيْنِ تَرَكَهُ) ابْنُ عَرَفَةَ: لَوْ ذَكَرَهُ لِرَكْعَةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَالصُّبْحُ وَلِرَكْعَتَيْنِ فَقَالَ اللَّخْمِيِّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالصَّقَلِّيِّ عَنْ مُحَمَّدٍ كَذَلِكَ وَلِأَرْبَعٍ أَوْتَرَ بِوَاحِدَةٍ قَالَهُ الْبَاجِيُّ وَمُحَمَّدٌ وَاللَّخْمِيِّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلِخَمْسٍ وَمَا تَنَفَّلَ بَعْدَ الْعِشَاءِ يَتْرُكُ الْفَجْرَ لِلشَّفْعِ قَالَهُ ابْنُ بَشِيرٍ.
قَالَ: وَإِنْ تَنَفَّلَ فَقَوْلَانِ وَسَمِعَ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ: وِتْرُ مَنْ ذَكَرَهُ بَعْدَ الْفَجْرِ إنْ تَنَفَّلَ بَعْدَ الْعِشَاءِ رَكْعَةٌ، وَإِلَّا شَفَعَ بِرَكْعَتَيْنِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا لِابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ يُونُسَ.
اُنْظُرْ هَذَا مَعَ أَنَّ لِمَنْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ أَنَّ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَهُ فِي هَذَا الْوَقْتِ انْتَهَى.
وَانْظُرْ إنْ ذَكَرَ الْوِتْرَ بَعْدَ أَنْ رَكَعَ الْفَجْرَ هَلْ يُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ وَيُعِيدُ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ؟ .
وَقَدْ قَالَ سَحْنُونَ: مَنْ ذَكَرَ صَلَاةً بَعْدَ أَنْ رَكَعَ الْفَجْرَ صَلَّاهَا وَأَعَادَ الْفَجْرَ.
(لَا لِثَلَاثٍ
وَلِخَمْسٍ صَلَّى الشَّفْعَ) تَقَدَّمَ نَصُّ ابْنِ بَشِيرٍ.
(وَلَوْ قَدَّمَ) اُنْظُرْ هَذَا فَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ.
وَخِلَافُ قَوْلِ ابْنِ بَشِيرٍ إنَّهُ يُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ قَوْلًا وَاحِدًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُ ابْنِ بَشِيرٍ: وَإِنْ تَنَفَّلَ فَقَوْلَانِ.
(وَلِسَبْعٍ زَادَ الْفَجْرَ) نَصَّ عَلَى هَذَا الْجُزُولِيُّ قَائِلًا: لَا إشْكَالَ وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ.
(وَهِيَ رَغِيبَةٌ) أَصْبَغُ: رَكْعَتَا الْفَجْرِ مِنْ الرَّغَائِبِ.
أَشْهَبُ: هُمَا سُنَّةٌ.
وَوَجَّهَ ابْنُ يُونُسَ كِلَا الْقَوْلَيْنِ مَعًا.
(تَفْتَقِرُ لِنِيَّةٍ تَخُصُّهَا) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: إنْ صَلَّاهُمَا بَعْدَ الْفَجْرِ لَا يَنْوِي بِهِمَا رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ لَمْ يَجْزِيَاهُ.
(وَلَا
تُجْزِئُ إنْ تَبَيَّنَ تَقَدُّمُ إحْرَامِهَا لِلْفَجْرِ وَلَوْ بِتَحَرٍّ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ تَحَرَّى الْفَجْرَ فِي غَيْمٍ وَرَكَعَ لَهُ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ ظَهَرَ أَنَّهُ رَكَعَهُمَا قَبْلَ الْفَجْرِ أَعَادَهُمَا بَعْدَهُ.
(وَنُدِبَ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْفَاتِحَةِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: كَانَ مَالِكٌ يَقْرَأُ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ سِرًّا.
وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا أَعْجَبَهُ قِرَاءَتُهُمَا بِ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَالْإِخْلَاصِ لِلْحَدِيثِ.
ابْنُ الْعَرَبِيِّ: أَقَلُّ أَحْوَالِ الْمُتَبَتِّلِينَ أَنْ يَقُومَ قَبْلَ الْفَجْرِ مِنْ نَوْمِهِ فَيَذْكُرَ اللَّهَ وَيَقْرَأَ {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} [آل عمران: 190] الْعَشْرَ الْآيَاتِ، ثُمَّ يَتَوَضَّأَ وَيُصَلِّيَ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ، فَإِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ رَكَعَ رَكْعَتَيْهِ يَقْرَأُ فِي الْأُولَى بِ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَفِي الثَّانِيَةِ بِسُورَةِ التَّوْحِيدِ ثُمَّ يُصَلِّي الصُّبْحَ انْتَهَى.
نَصَّهُ أَبُو عُمَرَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ فِي رَكْعَتَيْنِ لِفَجْرٍ بِ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) .
وَرُوِيَ ذَلِكَ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَكُلُّهَا صِحَاحٌ ثَابِتَةٌ.
وَكَذَلِكَ «كَانَ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ» ، قَالَ: وَاهْتِبَالُ الْعُلَمَاءِ بِمَا يَقْرَأُ فِيهِمَا دَلِيلُ أَنَّهُمَا سُنَّةٌ وَلَا وَجْهَ لِمَنْ قَالَ إنَّهُمَا رَغِيبَةٌ وَلَا يُوقَفُ عَلَى مُؤَكَّدَاتِ السُّنَنِ إلَّا بِمُوَاظَبَتِهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى ذَلِكَ، فَرَكْعَتَا الْفَجْرِ سُنَّةٌ وَرَوَاهُ أَشْهَبُ وَعَلِيٌّ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَاهُ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَابْنِ حَنْبَلٍ، وَجَمَاعَةُ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْأَثَرِ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ انْتَهَى مِنْ التَّمْهِيدِ.
(وَإِيقَاعُهَا بِمَسْجِدٍ) ابْنُ مُحْرِزٍ فِي السُّلَيْمَانِيَّةِ: صَلَاتُهُمَا بِالْمَسْجِدِ أَحَبُّ إلَيَّ؛ لِأَنَّ إظْهَارَ السُّنَنِ خَيْرٌ وَخَالَفَ فِي هَذَا ابْنُ حَبِيبٍ (وَنَابَتْ عَنْ التَّحِيَّةِ) ضَعَّفَهُ أَبُو عِمْرَانَ مَا ذُكِرَ عَنْ الْقَابِسِيِّ أَنَّ مَنْ أَتَى الْمَسْجِدَ بَعْدَ الْفَجْرِ يُصَلِّي أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ رَكْعَتَيْنِ تَحِيَّةً وَرَكْعَتَيْنِ لِلْفَجْرِ.
قَالَ أَبُو عِمْرَانَ: إذَا بَدَأَ بِرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ فَهِيَ تَنُوبُ لَهُ عَنْ تَحِيَّةِ
الْمَسْجِدِ كَمَا تَنُوبُ عَنْهَا الْفَرِيضَةُ (وَإِنْ فَعَلَهَا بِبَيْتِهِ لَمْ يَرْكَعْ) قَالَ مَالِكٌ: مَنْ رَكَعَهَا فِي بَيْتِهِ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لَا يَرْكَعَ إذَا أَتَى الْمَسْجِدَ وَقَالَ قَبْلَ ذَلِكَ يَرْكَعُ.
ابْنُ يُونُسَ: وَبِالرُّكُوعِ أَقُولُ لِفِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ وَابْنِ وَهْبٍ وَأَصْبَغَ.
وَفِي التَّمْهِيدِ قَالَ مَالِكٌ: أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لَا يَرْكَعَ فِي الْمَسْجِدِ مَنْ رَكَعَ فِي بَيْتِهِ.
قَالَ أَبُو عُمَرَ: الْأَوْلَى أَنْ يَرْكَعَ لِأَنَّهُ فِعْلُ خَيْرٍ لَا يُمْنَعُ مِنْهُ مَنْ أَرَادَهُ إلَّا أَنْ يَصِحَّ أَنَّ السُّنَّةَ نَهَتْ عَنْهُ مِنْ وَجْهٍ لَا مُعَارِضَ لَهُ قَالَ تَعَالَى: {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ} [الحج: 77](وَلَا يُقْضَى غَيْرُ فَرْضٍ إلَّا هِيَ فَلِلزَّوَالِ)
رَوَى الْبَاجِيُّ: مَنْ نَسِيَهُمَا قَضَاهُمَا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ.
ابْنُ شَعْبَانَ: مَا لَمْ تَزُلْ الشَّمْسُ.
الْبَاجِيُّ: وَقْتُهُمَا إلَى الضُّحَى.
(وَإِنْ أُقِيمَتْ الصُّبْحُ وَهُوَ بِمَسْجِدٍ تَرَكَهَا) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: إذَا
دَخَلَ الْمَسْجِدَ بَعْدَ الصُّبْحِ فَلَمْ يَرْكَعْهُمَا فَأُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَلَا يَرْكَعُهُمَا وَلْيَدْخُلْ مَعَ الْإِمَامِ.
الْبَاجِيُّ عَنْ الْمَذْهَبِ: وَلَا يُسْكِتُ الْإِمَامُ الْمُؤَذِّنَ لِيَرْكَعَهُمَا (وَخَارِجَهُ رَكَعَهُمَا إنْ لَمْ يَخَفْ فَوَاتَ رَكْعَةٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: إنْ سَمِعَ الْإِمَامُ الْإِقَامَةَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ، أَوْ جَاءَ وَالْإِمَامُ فِي الصَّلَاةِ فَإِنْ لَمْ يَخَفْ فَوَاتَ رَكْعَةٍ فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَرْكَعَهُمَا خَارِجًا فِي غَيْرِ أَفْنِيَةِ الْمَسْجِدِ الَّتِي تُصَلَّى فِيهَا الْجُمُعَةُ اللَّاصِقَةُ بِهِ، وَإِنْ خَافَ دَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ، ثُمَّ إنْ شَاءَ صَلَّاهُمَا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ.
وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ وَجَدَ الْإِمَامَ فِي تَشَهُّدِ الصُّبْحِ وَلَمْ يَرْكَعْ الْفَجْرَ أَرَى أَنْ يُكَبِّرَ وَيَدْخُلَ مَعَهُ.
ابْنُ رُشْدٍ: هَذَا أَحْسَنُ مِنْ قُعُودِهِ مَعَهُ حَتَّى يُسَلِّمَ وَيَرْكَعَ لِلْأَمْرِ بِالتَّحِيَّةِ قَبْلَ الْجُلُوسِ، وَقَدْ وَرَدَ:" مَنْ أَدْرَكَ الْجُلُوسَ أَدْرَكَ فَضْلَ الْجَمَاعَةِ " قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ: فَعَلَى هَذَا يُتِمُّ صَلَاتَهُ وَلَا يُصَيِّرُهَا نَافِلَةً وَلَهُ أَنْ يُعِيدَهَا فِي جَمَاعَةٍ.
(وَهَلْ الْأَفْضَلُ كَثْرَةُ السُّجُودِ، أَوْ طُولُ الْقِيَامِ قَوْلَانِ)