المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل في ستر العورة] - التاج والإكليل لمختصر خليل - جـ ٢

[محمد بن يوسف المواق]

فهرس الكتاب

- ‌[كِتَابُ الصَّلَاةِ] [

- ‌بَاب فِي مَوَاقِيت الصَّلَاة] [

- ‌فَصَلِّ فِي وَقْت الرَّفَاهِيَة وَوَقْت الْمَعْذُورِينَ وَوَقْت الْكَرَاهِيَة فِي الصَّلَاة]

- ‌[بَاب فِي الْأَذَان وَالْإِقَامَة] [

- ‌فَصَلِّ فِي حُكْم الْأَذَان وَالْإِقَامَة]

- ‌[بَاب فِي شُرُوط صِحَّة الصَّلَاة]

- ‌[فَصَلِّ الطَّهَارَةُ مِنْ الْحَدَثِ وَالطَّهَارَةُ مِنْ الْخَبَثِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي سِتْر الْعَوْرَة]

- ‌[بَابٌ فِي اسْتِقْبَال الْقِبْلَة]

- ‌[بَاب فِي كَيْفِيَّةِ الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي فَرَائِض الصَّلَاة]

- ‌[فَصْلٌ قِيَامُ الْإِحْرَامِ وَالْقِرَاءَةِ لِلْفَرْضِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي قَضَاء الصَّلَاة الْفَائِتَة]

- ‌[بَابٌ فِي السُّجُودِ] [

- ‌فَصْلٌ فِي سُجُودُ السَّهْوِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي سُجُودُ التِّلَاوَةِ]

- ‌[بَابٌ فِي صَلَاةِ التَّطَوُّعِ]

- ‌[بَاب فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي حُكْم صَلَاة الْجَمَاعَة]

- ‌[فَصْلٌ فِي صِفَةِ الْأَئِمَّةِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي شُرُوط الِاقْتِدَاء بِالْإِمَامِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي اسْتِخْلَاف الْإِمَام]

- ‌[بَاب فِي صَلَاة السَّفَر]

- ‌[بَابٌ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[بَاب فِي صَلَاة الْخَوْف] [

- ‌فَصَلِّ فِي أَنْوَاع صَلَاة الْخَوْف]

- ‌[بَاب فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ] [

- ‌فَصَلِّ فِي حُكْم صَلَاة الْعِيد]

- ‌[بَابُ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ وَالْخُسُوف]

- ‌[فَصَلِّ فِي حُكْم صَلَاة الْكُسُوف وَالْخُسُوف]

- ‌[بَاب فِي صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي حُكْم صَلَاة الِاسْتِسْقَاء]

الفصل: ‌[فصل في ستر العورة]

قَدْ حَالَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بِنَائِهِ عَلَيْهَا الرَّكْعَةُ الرَّابِعَةُ الَّتِي أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ، وَكَذَا يَصِحُّ هَذَا الْجَوَابُ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَرَى أَنَّ الْقَضَاءَ يُبْدَأُ عَلَى الْبِنَاءِ.

ابْنُ بَشِيرٍ: إذَا فَاتَتْهُ الرَّكْعَةُ الْأُولَى وَالرَّكْعَةُ الْآخِرَةُ، وَأَدْرَكَ الْوُسْطَيَيْنِ، فَحُكْمُهُمَا حُكْمُ مَنْ أَدْرَكَ الثَّانِيَةَ وَفَاتَتْهُ الْأُولَى وَالْأُخْرَيَانِ، وَكَذَلِكَ إذَا فَاتَتْهُ الْأُولَيَانِ وَالْآخِرَةُ، وَأَدْرَكَ الثَّالِثَةَ.

[فَصَلِّ فِي سِتْر الْعَوْرَة]

فَصْلٌ

ابْنُ شَاسٍ: الشَّرْطُ الثَّالِثُ سَتْرُ الْعَوْرَةِ (هَلْ سَتْرُ عَوْرَتِهِ بِكَثِيفٍ، وَإِنْ بِإِعَارَةٍ، أَوْ طَلَبٍ، أَوْ نَجَسٍ وَحْدَهُ كَحَرِيرٍ - وَهُوَ مُقَدَّمٌ - شَرْطٌ إنْ ذَكَرَ وَقَدَرَ، وَإِنْ بِخَلْوَةٍ لِلصَّلَاةِ.؟ خِلَافٌ)

ابْنُ مُحْرِزٍ عَنْ الْأَكْثَرِ: سَتْرُ الْعَوْرَةِ مُدَّةَ الصَّلَاةِ سُنَّةٌ. التَّلْقِينُ: سَتْرُ الْعَوْرَةِ مِنْ فُرُوضِ الصَّلَاةِ. ابْنُ بَشِيرٍ: الْمَذْهَبُ عَلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ فِي وُجُوبِ السَّتْرِ، وَالْخِلَافُ فِي الْإِعَادَةِ عَلَى الْخِلَافِ فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ، هَلْ هُوَ مِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ أَمْ لَا.؟ .

ابْنُ رُشْدٍ: فَرَائِضُ الصَّلَاةِ عَلَى مَا فِي التَّلْقِينِ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ: فَرْضٌ مُطْلَقًا غَيْرُ شَرْطٍ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ كَالْخُشُوعِ وَالِاعْتِدَالِ وَتَرْكِ الصَّلَاةِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ، وَفَرْضٌ مُشْتَرَطٌ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ كَالنِّيَّةِ وَالطَّهَارَةِ، وَفَرْضٌ مُشْتَرَطٌ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ مَعَ الْقُدْرَةِ كَالتَّوَجُّهِ وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ، وَفَرْضٌ مُشْتَرَطٌ

ص: 177

فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ مَعَ الذِّكْرِ كَتَرْكِ الْكَلَامِ وَالصَّلَاةِ بِالنَّجَسِ عَلَى الْمَشْهُورِ، انْتَهَى

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَوْ سَقَطَ سَاتِرُ عَوْرَةِ إمَامِهِ فِي رُكُوعِهِ فَرَدَّهُ بِالْقُرْبِ بَعْدَ رَفْعِ رَأْسِهِ لِكَوْنِهِ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى رَدِّهِ قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ. ابْنُ رُشْدٍ: فَلَوْ لَمْ يَرُدَّهُ بِالْقُرْبِ لَأَعَادَ فِي الْوَقْتِ عَلَى أَصْلِهِ أَنَّ سَتْرَ الْعَوْرَةِ مِنْ سُنَنِ الصَّلَاةِ، وَيَأْتِي عَلَى الْقَوْلِ: إنَّهَا مِنْ فَرَائِضِ الصَّلَاةِ، أَنْ يَخْرُجَ وَيَسْتَخْلِفَ فَإِنْ تَمَادَى وَاسْتَتَرَ بِالْقُرْبِ فَصَلَاتُهُ وَصَلَاتُهُمْ فَاسِدَةٌ. ابْنُ رُشْدٍ: سَاوَى ابْنُ الْقَاسِمِ بَيْنَ صَلَاةِ الْمَرْأَةِ دُونَ خِمَارٍ وَبَيْنَ صَلَاتِهَا بِخِمَارٍ رَقِيقٍ يُبَيِّنُ قُرْطَهَا وَعُنُقَهَا، أَوْ فِي دِرْعٍ رَقِيقٍ يَصِفُ جَسَدَهَا لِلْحَدِيثِ:" نِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَّاتٌ " أَيْ كَاسِيَاتٌ فِي الِاسْمِ وَالْفِعْلِ، عَارِيَّاتٌ فِي الْحُكْمِ وَالْمَعْنَى. وَقَالَ: إنَّهَا تُعِيدُ إلَى الِاصْفِرَارِ لَا إلَى الْغُرُوبِ، لِأَنَّ الْإِعَادَةَ مُسْتَحَبَّةٌ فَأَشْبَهَتْ النَّافِلَةَ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَرَ أَنْ تُصَلِّيَ فِي وَقْتٍ لَا تُصَلِّي فِيهِ نَافِلَةً. الْبَاجِيُّ: عَنْ مَالِكٍ: مَنْ صَلَّى فِي ثَوْبٍ خَفِيفٍ يَشِفُّ، أَوْ رَقِيقٍ يَصِفُ أَعَادَ، رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً. ابْنُ حَبِيبٍ: إلَّا أَنْ يَكُونَ رَقِيقًا صَفِيقًا لَا يَصِفُ، إلَّا عِنْدَ رِيحٍ فَلَا يُعِيدُ

الْقَرَافِيُّ: وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ غَيْرُ ثَوْبٍ نَجِسٍ صَلَّى بِهِ، فَإِنْ وَجَدَ غَيْرَهُ، أَوْ مَا يَغْسِلُهُ بِهِ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ.

قَالَ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ: فِي الظُّهْرَيْنِ الْغُرُوبُ، وَفِي الْعِشَاءَيْنِ طُلُوعُ الْفَجْرِ، وَفِي الصُّبْحِ طُلُوعُ الشَّمْسِ، انْتَهَى

مِنْ ابْنِ يُونُسَ فَانْظُرْ تَسْلِيمَهُ فِي الظُّهْرَيْنِ الْغُرُوبَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ لَهُ وَلِابْنِ رُشْدٍ أَنَّهَا لِلِاصْفِرَارِ وَرَشَّحَا ذَلِكَ. ابْنُ يُونُسَ: قَالَ أَشْهَبُ: إنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا ثَوْبًا نَجِسًا فَصَلَّى عُرْيَانًا أَعَادَ فِي الْوَقْتِ بِذَلِكَ الثَّوْبِ النَّجِسِ.

قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: إنَّمَا يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ إنْ ظَنَّ أَنَّ صَلَاتَهُ بِالنَّجِسِ لَا تُجْزِئُهُ، وَأَمَّا إنْ عَلِمَ أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّجِسِ فَصَلَّى عُرْيَانًا فَهَذَا

ص: 178

يُعِيدُ.

وَفِي الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ غَيْرُ ثَوْبٍ نَجِسٍ وَثَوْبِ حَرِيرٍ فَلْيُصَلِّ بِالْحَرِيرِ، وَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ. ابْنُ يُونُسَ: لِأَنَّ النَّجِسَ غَيْرُ مُبَاحٍ لِأَحَدٍ الصَّلَاةُ بِهِ، وَالْحَرِيرَ مُبَاحٌ لِلنِّسَاءِ لُبْسُهُ وَالصَّلَاةُ بِهِ، وَلِلرَّجُلِ فِي الْجِهَادِ فَهُوَ أَخَفُّ.

وَقَالَ أَشْهَبُ الدِّينِ: الْأَخَصُّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَعَمِّ فَيُقَدَّمُ النَّجِسُ فِي الِاجْتِنَابِ، لِأَنَّهُ أَخَصُّ كَالْمُحْرِمِ يُقَدِّمُ الصَّيْدَ عَلَى الْمَيْتَةِ فِي الِاجْتِنَابِ كَمَا إذَا وَثَبَتَ سَمَكَةٌ فِي حِجْرِ إنْسَانٍ بِسَفِينَةٍ، الْفَرْقُ الْخَامِسُ وَالثَّلَاثُونَ. وَسُئِلَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَمَّنْ صَلَّى عُرْيَانًا، ثُمَّ وَجَدَ ثَوْبًا فِي الْوَقْتِ قَالَ: لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ. ابْنُ رُشْدٍ: هَذَا صَحِيحٌ إذَا قُلْنَا: إنَّ سَتْرَ الْعَوْرَةِ مِنْ فَرَائِضِ الصَّلَاةِ، لِأَنَّ الْفَرْضَ قَدْ سَقَطَ عَنْهُ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي صَلَّاهَا فِيهِ؛ إذْ هُوَ وَقْتُ الْوُجُوبِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْأَقْوَالِ، وَأَمَّا إنْ قُلْنَا: إنَّ سَتْرَ الْعَوْرَةِ فَرْضٌ فِي الْجُمْلَةِ لَا يَخْتَصُّ بِالصَّلَاةِ فَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ أَصْلًا. ابْنُ شَاسٍ: السَّتْرُ وَاجِبٌ عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ، وَهَلْ يَجِبُ فِي الْخَلَوَاتِ، أَوْ يُنْدَبُ.؟ قَوْلَانِ

وَإِذَا قُلْنَا: لَا يَجِبُ هَلْ يَجِبُ لِلصَّلَاةِ فِي الْخَلْوَةِ، أَوْ يُنْدَبُ إلَيْهِ فِيهَا؟ وَذَكَرَ ابْنُ بَشِيرٍ فِي ذَلِكَ قَوْلَيْنِ عَنْ اللَّخْمِيِّ. قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ إنَّمَا هُوَ الْمَذْهَبُ عَلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ هُوَ وُجُوبُ السَّتْرِ.

(وَهِيَ مِنْ رَجُلٍ، وَأَمَةٍ - وَإِنْ بِشَائِبَةٍ - وَحُرَّةٍ مَعَ امْرَأَةٍ مَا بَيْنَ سُرَّةٍ وَرُكْبَةٍ) الْبَاجِيُّ: جُمْهُورُنَا: عَوْرَةُ الرَّجُلِ مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ

ص: 179

وَرُكْبَتَيْهِ؛ السَّوْأَتَانِ مُثَقَّلُهَا، وَإِلَى سُرَّتِهِ وَرُكْبَتَيْهِ مُخَفَّفُهَا. وَصَحَّحَ عِيَاضٌ: هَذَا وَصَرَّحَ بِخُرُوجِ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ ابْنُ الْقَطَّانِ وَهَذَا هُوَ الْأَظْهَرُ لِقَوْلِ مَالِكٍ: يَجُوزُ أَنْ يَأْتَزِرَ الرَّجُلُ تَحْتَ سُرَّتِهِ.

وَفِي الرِّسَالَةِ: وَالْفَخِذُ عَوْرَةٌ وَلَيْسَ كَالْعَوْرَةِ نَفْسِهَا. وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ: عَوْرَةُ الْأَمَةِ مَا سِوَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ وَمَحَلِّ الْخِمَارِ. وَرَوَى إسْمَاعِيلُ: وَسِوَى الصَّدْرِ أَصْبَغُ مِنْ السُّرَّةِ إلَى الرُّكْبَةِ قَائِلًا: تُعِيدُ الصَّلَاةَ لِكَشْفِ فَخِذَيْهَا لَا الرِّجْلِ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: الْعَوْرَةُ الْمُغَلَّظَةُ الْقُبُلُ وَالدُّبُرُ، وَالْمُخَفَّفَةُ سَائِرُ ذَلِكَ. الْبَاجِيُّ: وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ عِنْدِي هَذَا، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ مَالِكٍ: مَنْ صَلَّى وَفَخِذُهُ مَكْشُوفَةٌ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ

ابْنُ رُشْدٍ: الْأَمَةُ حُكْمُهَا فِيمَا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تُصَلِّيَ فِيهِ حُكْمُ الرَّجُلِ إلَّا فِي وُجُوبِ سَتْرِ فَخِذِهَا؛ إذْ لَا خِلَافَ أَنَّ الْفَخِذَ مِنْ الْمَرْأَةِ عَوْرَةٌ. ابْنُ عَرَفَةَ: وَكُلُّ ذَاتِ رِقٍّ كَالْأَمَةِ إلَّا أُمَّ الْوَلَدِ. عِيَاضٌ: ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَرَى مِنْ الْمَرْأَةِ مَا يَرَاهُ الرَّجُلُ مِنْ آخَرَ وَلَمْ يَذْكُرْ ابْنُ رُشْدٍ خِلَافَ هَذَا.

ص: 180

(وَمَعَ أَجْنَبِيٍّ غَيْرَ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ) فِي الْمُوَطَّأِ: هَلْ تَأْكُلُ الْمَرْأَةُ مَعَ غَيْرِ ذِي مَحْرَمٍ، أَوْ مَعَ غُلَامِهَا.؟ .

قَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ عَلَى وَجْهِ مَا يُعْرَفُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَأْكُلَ مَعَهُ مِنْ الرِّجَالِ، وَقَدْ تَأْكُلُ الْمَرْأَةُ مَعَ زَوْجِهَا وَمَعَ غَيْرِهِ مِمَّنْ يُؤَاكِلُهُ

ابْنُ الْقَطَّانِ: فِيهِ إبَاحَةُ إبْدَاءِ الْمَرْأَةِ وَجْهَهَا وَيَدَيْهَا لِلْأَجْنَبِيِّ؛ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ الْأَكْلُ إلَّا هَكَذَا، وَقَدْ أَبْقَاهُ الْبَاجِيُّ عَلَى ظَاهِرِهِ.

وَقَالَ ابْنُ مُحْرِزٍ: وَجْهُ الْمَرْأَةِ عِنْدَ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ مِنْ الْعُلَمَاءِ لَيْسَ بِعَوْرَةٍ.

وَفِي الرِّسَالَةِ: وَلَيْسَ فِي النَّظْرَةِ الْأُولَى بِغَيْرِ تَعَمُّدٍ حَرَجٌ، «وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِعَلِيٍّ: لَا تُتْبِعْ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ فَإِنَّمَا لَك الْأُولَى وَلَيْسَتْ لَك الثَّانِيَةُ» قَالَ عِيَاضٌ: فِي هَذَا كُلِّهِ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ حُجَّةٌ أَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ أَنْ تَسْتُرَ الْمَرْأَةُ وَجْهَهَا وَإِنَّمَا ذَلِكَ اسْتِحْبَابٌ وَسُنَّةٌ لَهَا وَعَلَى الرَّجُلِ غَضُّ بَصَرِهِ عَنْهَا، وَغَضُّ الْبَصَرِ يَجِبُ عَلَى كُلِّ حَالٍ فِي أُمُورِ الْعَوْرَاتِ وَأَشْبَاهِهَا، وَيَجِبُ مَرَّةً عَلَى حَالٍ دُونَ حَالٍ مِمَّا لَيْسَ بِعَوْرَةٍ فَيَجِبُ غَضُّ الْبَصَرِ إلَّا لِغَرَضٍ صَحِيحٍ مِنْ شَهَادَةٍ، أَوْ تَقْلِيبِ جَارِيَةٍ لِلشِّرَاءِ، أَوْ النَّظَرِ لِامْرَأَةٍ لِلزَّوَاجِ، أَوْ نَظَرِ الطَّبِيبِ وَنَحْوِ هَذَا. وَلَا خِلَافَ أَنَّ فَرْضَ سَتْرِ الْوَجْهِ مِمَّا اُخْتُصَّ بِهِ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، انْتَهَى مِنْ الْإِكْمَالِ

وَنَحْوُهُ نَقْلُ مُحْيِي الدِّينِ فِي مِنْهَاجِهِ. وَفِي الْمُدَوَّنَةِ: إذَا أَبَتَّ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَجَحَدَهَا لَا يَرَى وَجْهَهَا إنْ قَدَرَتْ عَلَى ذَلِكَ. ابْنُ عَاتٍ: هَذَا يُوهِمُ أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ لَا يَرَى وَجْهَ الْمَرْأَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا أَمْرُهَا أَنْ لَا تُمَكِّنَهُ مِنْ ذَلِكَ لِقَصْدِهِ التَّلَذُّذَ بِهَا، وَرُؤْيَةُ الْوَجْهِ لِلْأَجْنَبِيِّ عَلَى وَجْهِ التَّلَذُّذِ بِهَا مَكْرُوهٌ لِمَا فِيهِ مِنْ دَوَاعِي السُّوءِ أَبُو عُمَرَ: وَجْهُ الْمَرْأَةِ وَكَفَّاهَا غَيْرُ عَوْرَةٍ وَجَائِزٌ أَنْ يَنْظُرَ ذَلِكَ مِنْهَا كُلُّ مَنْ نَظَرَ إلَيْهَا بِغَيْرِ رِيبَةٍ وَلَا مَكْرُوهٍ، وَأَمَّا النَّظَرُ لِلشَّهْوَةِ فَحَرَامٌ وَلَوْ مِنْ فَوْقِ ثِيَابِهَا فَكَيْفَ بِالنَّظَرِ إلَى وَجْهِهَا؟ اُنْظُرْ فِي النِّكَاحِ قَبْلَ قَوْلِهِ:" وَلَا تَتَزَيَّنُ لَهُ " قَوْلُ ابْنِ مُحْرِزٍ وَمِنْ ابْنِ اللُّبِّيِّ مَا نَصُّهُ: قُلْت: قَالَ أَبُو عُمَرَ: قِيلَ: مَا عَدَا الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ. ابْنُ الْقَطَّانِ: وَلَا يَلْزَمُ غَيْرَ الْمُلْتَحِي التَّنَقُّبُ لَكِنْ قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ بْنُ الطَّيِّبِ: يُنْهَى الْغِلْمَانُ عَنْ الزِّينَةِ، لِأَنَّهُ ضَرْبٌ مِنْ التَّشَبُّهِ بِالنِّسَاءِ وَتَعَمُّدِ الْفَسَادِ. ابْنُ الْقَطَّانِ

ص: 181

وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ يَحْرُمُ النَّظَرُ إلَى غَيْرِ الْمُلْتَحِي لِقَصْدِ التَّلَذُّذِ بِالنَّظَرِ إلَيْهِ، وَإِمْتَاعِ حَاسَّةِ الْبَصَرِ بِمَحَاسِنِهِ، وَأَجْمَعُوا عَلَى جَوَازِ النَّظَرِ إلَيْهِ بِغَيْرِ قَصْدِ اللَّذَّةِ، وَالنَّاظِرُ مَعَ ذَلِكَ آمِنٌ مِنْ الْفِتْنَةِ، وَاخْتُلِفَ إنْ تَوَفَّرَ لَهُ أَحَدُ هَذَيْنِ الشَّرْطَيْنِ دُونَ الْآخَرِ.

وَقَالَ مُحْيِي الدِّينِ: نَصَّ الشَّافِعِيُّ وَحُذَّاقُ أَصْحَابِهِ عَلَى حُرْمَةِ النَّظَرِ إلَى الْغُلَامِ الْحَسَنِ وَلَوْ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ وَإِنْ أَمِنَ مِنْ الْفِتْنَةِ، وَرُبَّمَا كَانَ الْمَنْعُ فِيهِ أَحْرَى مِنْ الْمَرْأَةِ.

وَقَالَ عِيَاضٌ: كَانَ ابْنُ نَصْرٍ عَدْلًا فِي أَحْكَامِهِ صَارِمًا فِي الْحَقِّ وَكَانَ يَأْمُرُ مَنْ يَمْشِي عَلَى شَاطِئِ الْبَحْرِ وَالْمَوَاضِعِ الْخَالِيَةِ فَإِنْ وَجَدُوا رَجُلًا مَعَ غُلَامٍ حَدَثٍ أَتَوْا بِهِمَا إلَيْهِ فَإِنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ ابْنُهُ أَوْ أَخُوهُ، وَإِلَّا عَاقَبَهُ.

(وَأَعَادَتْ لِصَدْرِهَا، وَأَطْرَافِهَا بِوَقْتٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا صَلَّتْ الْمَرْأَةُ بَادِيَةَ الشَّعَرِ، أَوْ الصَّدْرِ، أَوْ ظُهُورِ الْقَدَمَيْنِ أَعَادَتْ الصَّلَاةَ فِي الْوَقْتِ. مِنْ ابْنِ يُونُسَ: سَوَاءٌ كَانَتْ جَاهِلَةً، أَوْ عَامِدَةً، أَوْ سَاهِيَةً. (كَكَشْفِ أَمَةٍ فَخِذًا لَا رِجْلٍ) تَقَدَّمَ نَصُّ أَصْبَغَ فِي الْأَمَةِ تُعِيدُ لِكَشْفِ فَخِذَيْهَا لَا الرِّجْلِ، وَتَقَدَّمَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ لَا يُعِيدُ (وَمَعَ مَحْرَمٍ غَيْرُ الْوَجْهِ وَالْأَطْرَافِ) ابْنُ عَرَفَةَ: مَرْئِيُّ الرَّجُلِ مِنْ ذَوَاتِ مَحَارِمِهِ الذِّرَاعَانِ وَالشَّعَرُ وَمَا فَوْقَ النَّحْرِ. ابْنُ الْعَطَّارِ: يَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تُبْدِيَ لِزَوْجِهَا كُلَّ مَا يَدْعُوهُ إلَيْهَا وَيَزِيدُهَا فِي

ص: 182

مَوَدَّتِهِ وَتَصْطَادُ بِهِ قَلْبَهُ، وَهُوَ يُفَارِقُ الْأَبَ فَلَا يَحِلُّ إبْدَاءُ الْعَوْرَةِ لِلْأَبِ، وَيَجُوزُ أَنْ تُبْدِيَ لِلْأَبِ مَا لَا تُبْدِيهِ لِغَيْرِهِ وَكَذَلِكَ لِابْنِهَا، وَقَطْعًا أَنَّ مَا فَوْقَ السُّرَّةِ لَا يَجُوزُ إبْدَاؤُهُ لِعَبْدِهَا وَلَا لِابْنِ بَعْلِهَا.

وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ: لَا بَأْسَ أَنْ يُسَافِرَ الرَّجُلُ بِأُخْتِهِ مِنْ الرَّضَاعِ فَكُلُّ مَنْ لَهُ مِنْ التَّعَدُّدِ بِالرَّضَاعِ مِثْلُ مَا لِمَنْ ذُكِرَ فِي الْآيَةِ مِنْ ذَوِي رَحِمِهَا الْمَحَارِمِ يَكُونُ لَهَا مِنْ جَوَازِ الْبُدُوِّ وَالْإِبْدَاءِ لَهُمْ مِثْلُ مَا لَهَا بِالنِّسْبَةِ إلَى ذَوِي مَحَارِمِهَا الْمَذْكُورِينَ. (وَتَرَى مِنْ الْأَجْنَبِيِّ مَا يَرَاهُ مِنْ مَحْرَمِهِ) ابْنُ عَرَفَةَ: فِي كَوْنِ مَرْئِيِّ الْمَرْأَةِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ كَمَرْئِيِّ رَجُلٍ مِنْ آخَرَ أَوْ كَمَرْئِيِّ رَجُلٍ مِنْ ذَوَاتِ مَحَارِمِهِ نَقْلًا عَنْ عِيَاضٍ. ابْنُ رُشْدٍ: الْقَوْلُ الثَّانِي هُوَ الصَّحِيحُ.

وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ بَابُ نَظَرِ الْمَرْأَةِ إلَى الْحَبَشِ وَغَيْرِهِمْ فِي غَيْرِ رِيبَةٍ. ابْنُ بَطَّالٍ: فِيهِ حُجَّةٌ لِمَنْ أَجَازَ النَّظَرَ إلَى اللَّعِبِ فِي الْوَلِيمَةِ وَغَيْرِهَا، وَفِيهِ جَوَازُ نَظَرِ النِّسَاءِ إلَى اللَّهْوِ وَاللَّعِبِ، وَفِيهِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِنَظَرِ الْمَرْأَةِ إلَى الرَّجُلِ مِنْ غَيْرِ رِيبَةٍ، وَإِنَّمَا أَرَادَ الْبُخَارِيُّ بِهَذَا الْحَدِيثِ الرَّدَّ عَلَى مَا وَرَدَ مِنْ الْأَمْرِ بِالِاحْتِجَابِ مِنْ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ الْأَعْمَى وَهَذَا الْحَدِيثُ أَصَحُّ فَلَا يَسْتَقِلُّ

(وَمِنْ الْمَحْرَمِ كَرَجُلٍ مَعَ مِثْلِهِ) ابْنُ عَرَفَةَ: مَرْئِيُّ الْمَرْأَةِ مِنْ مَحْرَمِهَا كَرَجُلٍ مَعَ مِثْلِهِ. (وَلَا تُطْلَبُ أَمَةٌ بِتَغْطِيَةِ رَأْسٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ:

ص: 183

وَالْأَمَةُ تُصَلِّي بِغَيْرِ قِنَاعٍ وَذَلِكَ شَأْنُهَا، وَكَذَلِكَ الْمُكَاتَبَةُ وَالْمُدَبَّرَةُ وَالْمُعْتَقُ بَعْضُهَا. قَالَ مَالِكٌ: وَلَا تُصَلِّي الْأَمَةُ إلَّا بِثَوْبٍ يَسْتُرُ جَمِيعَ جَسَدِهَا.

(وَنُدِبَ سَتْرُهَا بِخَلْوَةٍ) ابْنُ رُشْدٍ: يُكْرَهُ التَّجَرُّدُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ فِي الْفَضَاءِ وَغَيْرِهِ. الْمَازِرِيُّ: وَيُسْتَحَبُّ السَّتْرُ فِي الْخَلْوَةِ. (وَلِأُمِّ وَلَدٍ وَصَغِيرَةٍ سَتْرٌ وَاجِبٌ عَلَى الْحُرَّةِ، وَأَعَادَتْ إنْ رَاهَقَتْ لِلِاصْفِرَارِ كَكَبِيرَةٍ إنْ تَرَكَتْ الْقِنَاعَ) لَوْ قَالَ " كَأُمِّ وَلَدٍ " عِوَضَ " كَكَبِيرَةٍ " لِتُنَزَّلَ عَلَى مَا يَتَقَرَّرُ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: لَا تُصَلِّي أُمُّ وَلَدٍ إلَّا بِقِنَاعٍ كَالْحُرَّةِ وَتَسْتُرُ ظُهُورَ قَدَمَيْهَا، فَإِنْ صَلَّتْ بِغَيْرِ قِنَاعٍ فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ تُعِيدَ فِي الْوَقْتِ، وَلَا أُوجِبُهُ عَلَيْهَا كَوُجُوبِهِ عَلَى الْحُرَّةِ

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَالْجَارِيَةُ الْحُرَّةُ الَّتِي لَمْ تَبْلُغْ الْمَحِيضَ، وَمِثْلُهَا قَدْ أُمِرَتْ بِالصَّلَاةِ، وَقَدْ بَلَغَتْ إحْدَى عَشْرَةَ سَنَةً تُؤْمَرُ بِأَنْ تَسْتُرَ مِنْ نَفْسِهَا فِي الصَّلَاةِ

ص: 184

مَا تَسْتُرُ الْحُرَّةُ الْبَالِغَةُ

أَشْهَبُ: فَإِنْ صَلَّتْ بِغَيْرِ قِنَاعٍ أَعَادَتْ فِي الْوَقْتِ، وَكَذَا الصَّبِيُّ يُصَلِّي عُرْيَانًا، وَإِنْ صَلَّيَا بِغَيْرِ وُضُوءٍ أَعَادَا أَبَدًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَرْشِيحُ ابْنِ يُونُسَ وَابْنِ رُشْدٍ كَوْنَ الْوَقْتِ لِلِاصْفِرَارِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْكَبِيرَةَ تُعِيدُ بِوَقْتٍ إنْ صَلَّتْ بَادِيَةَ الشَّعَرِ (كَمُصَلٍّ بِحَرِيرٍ، وَإِنْ انْفَرَدَ) أَمَّا الْمُصَلِّي بِثَوْبِ حَرِيرٍ وَعَلَيْهِ ثَوْبٌ يُوَارِيهِ غَيْرُهُ فَحَكَى ابْنُ رُشْدٍ عَنْ سَحْنُونٍ أَنَّهُ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ قَالَ: وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَانْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ: وَعَصَى وَصَحَّتْ إنْ لَبِسَ حَرِيرًا، وَأَمَّا الْمُصَلِّي بِثَوْبِ حَرِيرٍ وَحْدَهُ مُضْطَرًّا لِلُبْسِهِ فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُصَلِّي بِهِ وَلَوْ كَانَ مَعَهُ ثَوْبٌ نَجِسٌ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ مُضْطَرًّا لِلُبْسِهِ وَصَلَّى بِهِ وَحْدَهُ مَعَ كَوْنِهِ وَاجِدًا غَيْرَهُ فَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ.

وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: يُعِيدُ أَبَدًا.

وَقَالَ أَشْهَبُ: يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ. وَوَجَّهَ ابْنُ يُونُسَ قَوْلَ أَشْهَبَ وَلَمْ - يُوَجِّهْ الْقَوْلَيْنِ الْآخَرَيْنِ (أَوْ بِنَجِسٍ بِغَيْرٍ أَوْ بِوُجُودِ مُطَهِّرٍ) لَوْ قَالَ " بِوُجُودِ غَيْرٍ، أَوْ مُطَهِّرٍ " لِتُنَزَّلَ عَلَى مَا يَتَقَرَّرُ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ غَيْرُ ثَوْبٍ نَجِسٍ صَلَّى بِهِ، فَإِنْ وَجَدَ غَيْرَهُ، أَوْ مَاءً يَغْسِلُهُ بِهِ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ انْتَهَى. اُنْظُرْ قَوْلَهُ:" بِغَيْرٍ " فَهُوَ رَاجِعٌ لِلنَّجِسِ وَالْحَرِيرِ.

(وَإِنْ ظَنَّ عَدَمَ صَلَاتِهِ وَصَلَّى بِطَاهِرٍ) مِنْ النَّوَادِرِ عَنْ الْمَجْمُوعَةِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: مَنْ صَلَّى بِثَوْبٍ نَجِسٍ، ثُمَّ ظَنَّ فِي الْوَقْتِ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ فَصَلَّى بِثَوْبٍ طَاهِرٍ، ثُمَّ ذَكَرَ فَلْيُعِدْ فِي الْوَقْتِ. وَانْظُرْ هُنَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ لُبْسَ الْحَرِيرِ وَالْخَزِّ وَالْعَلَمِ، وَانْظُرْ فِي ابْنِ يُونُسَ قَبْلَ تَرْجَمَةِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ، وَمَوْضُوعَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي كِتَابِ الْجَامِعِ، وَانْظُرْ سُورَةَ الزُّخْرُفِ مِنْ أَحْكَامِ ابْنِ الْعَرَبِيِّ.

(لَا عَاجِزٍ صَلَّى عُرْيَانًا) الْبَاجِيُّ: مَنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَا يَسْتُرُ بِهِ عَوْرَتَهُ سَقَطَ عَنْهُ فَرْضُهَا وَصَلَّى قَائِمًا، وَأَجْزَاهُ. مَالِكٌ: وَيَرْكَعُ وَيَسْجُدُ وَلَا يُومِئُ وَلَا يُصَلِّي قَاعِدًا. ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَا يُعِيدُ إنْ وَجَدَ ثَوْبًا فِي الْوَقْتِ. وَلَمْ يَحْكِ ابْنُ رُشْدٍ غَيْرَ هَذَا. اُنْظُرْ قَبْلَ قَوْلِهِ: " وَهِيَ مِنْ رَجُلٍ، وَإِنْ بِشَائِبَةٍ ".

وَقَالَ الْمَازِرِيُّ: الْمَذْهَبُ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ. وَفِي الْكَافِي: إنْ صَلَّى عُرْيَانًا، ثُمَّ وَجَدَ فِي الْوَقْتِ ثَوْبًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَمَنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا ثَوْبًا نَجِسًا صَلَّى بِهِ وَأَعَادَ فِي الْوَقْتِ، وَيُعِيدُ مَنْ صَلَّى فِي ثَوْبِ الْحَرِيرِ صَلَاتَهُ إذَا وَجَدَ غَيْرَهُ فِي الْوَقْتِ. (كَفَائِتَةٍ) ابْنُ وَهْبٍ: مَنْ نَسِيَ صَلَاةً فَذَكَرَهَا بَعْدَ شَهْرٍ فَصَلَّاهَا، ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ بَعْدَمَا صَلَّى أَنَّ فِي ثَوْبِهِ نَجَاسَةً أَعَادَ. ابْنُ رُشْدٍ: هَذَا خِلَافُ مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَائِرِ أَصْحَابِ مَالِكٍ، لِأَنَّ الصَّلَاةَ الْفَائِتَةَ بِتَمَامِهَا يَخْرُجُ وَقْتُهَا. (وَكُرِهَ مُحَدِّدٌ) ابْنُ الْحَاجِبِ: مَا يَصِفُ لِرِقَّتِهِ، أَوْ لِتَحْدِيدِهِ مَكْرُوهٌ كَالسَّرَاوِيلِ. وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ: كَرِهَ مَالِكٌ الصَّلَاةَ فِي السَّرَاوِيلِ.

ابْنُ يُونُسَ: لِأَنَّهُ يَصِفُ وَالْمِئْزَرُ أَفْضَلُ مِنْهُ. (لَا بِرِيحٍ) الَّذِي لِابْنِ يُونُسَ: مَنْ صَلَّى فِي ثَوْبٍ رَقِيقٍ يَصِفُ أَعَادَ إلَّا أَنْ يَكُونَ رَقِيقًا لَا يَصِفُ إلَّا عِنْدَ رِيحٍ فَلَا يُعِيدُ (وَانْتِقَابُ امْرَأَةٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: إنْ صَلَّتْ الْحُرَّةُ مُنْتَقِبَةً لَمْ تُعِدْ. ابْنُ الْقَاسِمِ: وَكَذَا الْمُتَلَثِّمَةُ. اللَّخْمِيِّ: يُكْرَهَانِ وَتَسْدُلُ عَلَى وَجْهِهَا إنْ خَشِيَتْ رُؤْيَةَ رَجُلٍ (كَكَفْتِ كُمٍّ، أَوْ شَعَرٍ لِصَلَاةٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ صَلَّى مُحْتَزِمًا أَوْ جَمَعَ شَعَرَهُ بِوِقَايَةٍ، أَوْ شَمَّرَ كُمَّيْهِ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لِبَاسَهُ وَهَيْئَتَهُ قَبْلَ

ص: 185

ذَلِكَ أَوْ كَانَ فِي عَمَلٍ حَتَّى حَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَصَلَّاهَا كَمَا هُوَ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ إنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لِيَكْفِتَ بِهِ شَعَرًا، أَوْ ثَوْبًا فَلَا خَيْرَ فِيهِ. ابْنُ يُونُسَ: النَّهْيُ عَنْ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ إذَا قَصَدَ بِهِ الصَّلَاةَ بِكَفْتٍ يَسْتُرُ.

(وَتَلَثُّمٌ) تَقَدَّمَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَكَذَا الْمُتَلَثِّمُ. وَقَالَ اللَّخْمِيِّ: إنَّهُ مَكْرُوهٌ، وَأَمَّا تَلَثُّمُ الرَّجُلِ فَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: شَدَّدَ مَالِكٌ كَرَاهَةَ تَغْطِيَةِ اللِّحْيَةِ فِي الصَّلَاةِ

وَقَوْلُ ابْنِ شَعْبَانَ: " لَا يُغَطِّي لِحْيَتَهُ وَلَا بَأْسَ بِتَغْطِيَةِ ذَقَنِهِ " مُشْكِلٌ. وَاسْتَخَفَّ ابْنُ رُشْدٍ تَلَثُّمَ الْمُرَابِطِينَ، لِأَنَّهُ زِيُّهُمْ بِهِ عُرِفُوا وَهُمْ حَمَاةُ الدِّينِ وَيُسْتَحَبُّ تَرْكُهُ فِي الصَّلَاةِ، وَمَنْ صَلَّى بِهِ مِنْهُمْ فَلَا حَرَجَ انْتَهَى. اُنْظُرْ قَوْلَ ابْنِ رُشْدٍ، لِأَنَّهُ زِيُّهُمْ نَحْوَهُ نَقَلَ الْبُرْزُلِيِّ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إنَّمَا نَهَى الْعَرَبَ أَنْ يَتَشَبَّهُوا بِالْعَجَمِ وَلَمْ يَأْتِ أَنَّهُ نَهَى وَفْدًا قَدِمُوا عَلَيْهِ مِنْ وُفُودِ الْأَعَاجِمِ أَنْ يَنْتَقِلُوا عَنْ زِيِّهِمْ إلَى زِيِّ الْعَرَبِ، وَالْمُرَادُ بِهَذَا النَّهْيِ التَّشَبُّهُ بِالْعَجَمِ فِيمَا فَعَلُوهُ عَلَى خِلَافِ مُقْتَضَى شَرْعِنَا، وَأَمَّا مَا فَعَلُوهُ عَلَى وَفْقِ النَّدْبِ، أَوْ الْإِيجَابِ، أَوْ الْإِبَاحَةِ فِي شَرْعِنَا فَلَا يُتْرَكُ لِأَجْلِ تَعَاطِيهِمْ إيَّاهُ، فَإِنَّ الشَّرْعَ لَا يَنْهَى عَنْ التَّشَبُّهِ بِمَنْ يَفْعَلُ مَا أَذِنَ لَهُ فِيهِ. وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَظَالِّ: لَيْسَتْ مِنْ لِبَاسِ السَّلَفِ، وَأَبَاحَ لِبَاسَهَا قَالَ: لِأَنَّهَا تَقِي مِنْ الْبَرْدِ، وَلِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَسْطٌ ذَكَرْته

ص: 186

بِالِانْجِرَارِ فِي الْمَقَامِ السَّادِسِ مِنْ كِتَابِ سُنَنِ الْمُهْتَدِينَ. (كَكَشْفِ مُشْتَرٍ صَدْرًا، أَوْ سَاقًا) اُنْظُرْ قَوْلَهُ: "، أَوْ سَاقًا " يُرَشِّحُ أَنَّهُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ اللَّخْمِيِّ فِي بَابِ اللِّبَاسِ فِي الصَّلَاةِ.

قَالَ مَالِكٌ: يُكْرَهُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَكْشِفَ مِنْ الْأَمَةِ عِنْدَ اسْتِعْرَاضِهِ إيَّاهَا شَيْئًا، لَا صَدْرًا وَلَا سَاقًا انْتَهَى

وَفِي هَذَا الْبَابِ مَسْأَلَةٌ أُخْرَى قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: مَا نَصُّهُ دَاهِيَةٌ.

قَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ بِالسَّدْلِ فِي الصَّلَاةِ أَشَارَ إلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ تُحْمَلَ الرِّدَاءُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى غَيْرِ السُّنَّةِ وَالْهَيْئَةِ الَّتِي يُحْمَلُ عَلَيْهَا فِي خَارِجِهَا، وَخَفِيَ هَذَا عَلَى قَوْمٍ يَسْتَقْرِئُونَ الْمَسَائِلَ الْفِقْهِيَّةَ تَرَى أَحَدَهُمْ حَامِلًا لِرِدَائِهِ عَلَى هَيْئَةِ الِارْتِدَاءِ حَتَّى إذَا صَلَّى سَدَلَهُ وَمَالِكٌ لَمْ يَقُلْ سُنَّةُ الصَّلَاةِ السَّدْلُ. ابْنُ يُونُسَ: السَّدْلُ أَنْ يَسْدُلَ طَرَفَيْ رِدَائِهِ وَيَكْشِفَ صَدْرَهُ، وَفِي وَسَطِهِ مِئْزَرٌ، أَوْ سَرَاوِيلُ. ابْنُ رُشْدٍ: لَيْسَ مِنْ الِاخْتِيَارِ أَنْ يُصَلِّيَ مَكْشُوفَ الصَّدْرِ وَالْبَطْنِ، وَمَعْنَى إجَازَةِ مَالِكٍ السَّدْلَ إذَا كَانَ مَعَ الْإِزَارِ ثَوْبٌ يَسْتُرُ سَائِرَ جَسَدِهِ.

فَلَوْ قَالَ خَلِيلٌ: " كَكَشْفِ مُسْدِلٍ أَوْ مُشْتَرٍ " لَكَانَ صَحِيحًا وَلَعَلَّ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ هَذَا وَسَقَطَ لِلنَّاسِخِ.

(وَصَمَّاءُ بِسِتْرٍ، وَإِلَّا مُنِعَتْ) ابْنُ عَرَفَةَ: يُكْرَهُ اشْتِمَالُ الصَّمَّاءِ أَنْ

ص: 187

يَشْتَمِلَ بِثَوْبٍ يُلْقِيهِ عَلَى مَنْكِبَيْهِ مُخْرِجًا يَدَهُ الْيُسْرَى مِنْ تَحْتِهِ، وَالْإِزَارُ عَلَيْهِ، وَكَرِهَهُ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ مَعَ الْإِزَارِ، وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ بِجَوَازِهَا مَعَ الْإِزَارِ، وَارْتَضَاهُ ابْنُ رُشْدٍ.

(كَاحْتِبَاءٍ لَا سَتْرَ مَعَهُ) ابْنُ عَرَفَةَ: الِاحْتِبَاءُ إدَارَةُ الْجَالِسِ بِظَهْرِهِ وَرُكْبَتَيْهِ إلَى صَدْرِهِ ثَوْبَهُ مُعْتَمِدًا عَلَيْهِ. اللَّخْمِيِّ: إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى عَوْرَتِهِ سَتْرٌ مُنِعَ (وَعَصَى وَصَحَّتْ إنْ لَبِسَ حَرِيرًا) أَمَّا إنْ صَلَّى بِهِ مُخْتَارًا فَقَدْ نَصَّ ابْنُ الْحَاجِبِ عَلَى أَنَّهُ عَاصٍ، فَإِنْ كَانَ مَعَهُ سَاتِرٌ غَيْرُهُ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٌ: يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ.

وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ: لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ.

قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَنَقْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ عَدَمَ صِحَّةِ الصَّلَاةِ لَا أَعْرِفُهُ، فَانْظُرْ قَوْلَ

ص: 188

خَلِيلٍ: " وَصَحَّتْ " هَلْ يُرِيدُ وَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ، لِأَنَّ الْإِعَادَةَ فِي الْوَقْتِ فَرْعُ الصِّحَّةِ، أَوْ يَكُونُ بَنَى عَلَى قَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ: وَأَمَّا إنْ صَلَّى بِثَوْبِ حَرِيرٍ بِلَا سَاتِرٍ مَعَهُ فَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ أَيْضًا لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ.

وَقَالَ أَشْهَبُ: يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ.

وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: يُعِيدُ أَبَدًا. وَعِبَارَةُ ابْنِ يُونُسَ: مَنْ صَلَّى بِخَاتَمِ ذَهَبٍ، أَوْ ثَوْبِ حَرِيرٍ وَعَلَيْهِ مَا يُوَارِيهِ غَيْرُهُ فَلْيُعِدْ فِي الْوَقْتِ.

وَقَالَ أَشْهَبُ: لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ فَلْيُعِدْ فِي الْوَقْتِ.

وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: إذَا كَانَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ أَجْزَأَهُ وَقَدْ أَثِمَ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ غَيْرُهُ أَعَادَ أَبَدًا. ابْنُ يُونُسَ: فَصَارَ فِيمَنْ صَلَّى بِثَوْبِ حَرِيرٍ عَامِدًا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: ابْنُ وَهْبٍ: لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ

أَشْهَبُ: يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ

ابْنُ حَبِيبٍ: يُعِيدُ أَبَدًا. قَالَ الْمَازِرِيُّ: يُلْزِمُ ابْنُ حَبِيبٍ أَنْ يُعِيدَ أَبَدًا مَنْ صَلَّى فِي دَارٍ مَغْصُوبَةٍ، أَوْ ثَوْبٍ مَغْصُوبٍ وَالْمَعْرُوفُ خِلَافُهُ، فَانْظُرْ هَذَا كُلَّهُ مَعَ لَفْظِ خَلِيلٍ وَمَعَ مَا تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ:" كَمُصَلٍّ بِحَرِيرٍ إنْ انْفَرَدَ "، وَكَانَ بَعْضُ الشُّيُوخِ يُلْقِي عَلَيْنَا مَا الْجَامِعُ بَيْنَ قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ مَنْ صَلَّى بِثَوْبِ حَرِيرٍ أَعَادَ أَبَدًا إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ سَاتِرٌ غَيْرُهُ، وَإِلَّا أَجْزَأَهُ وَقَدْ أَثِمَ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ، وَبَيْنَ قَوْلِ الشَّاعِرِ.

جَرَى الدَّمَيَانِ بِالْخَبَرِ الْيَقِينِ

وَيَقُولُ: الْجَامِعُ أَنَّ رَدَّ الْيَاءِ عَارِضٌ، وَالْعَارِضُ لَا يُعْتَدُّ بِهِ فَبَقِيَتْ الْمِيمُ عَلَى فَتْحِهَا، وَكَذَا الْمَعْدُومُ شَرْعًا هُوَ كَالْمَعْدُومِ حِسًّا، فَالْمُصَلِّي بِثَوْبِ الْحَرِيرِ كَأَنَّهُ لَبِسَ ذَلِكَ الثَّوْبَ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ صَحَّتْ الصَّلَاةُ، وَإِلَّا فَهُوَ كَعُرْيَانٍ (أَوْ ذَهَبًا) قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ: إنَّ مَنْ صَلَّى

ص: 189

بِخَاتَمِ ذَهَبٍ أَوْ بِثَوْبِ حَرِيرٍ فَإِنَّهُ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ.

(أَوْ سَرَقَ أَوْ نَظَرَ مُحَرَّمًا فِيهَا) نَقَلَ الْبُرْزُلِيِّ مَسْأَلَةً وَسَلَّمَهَا وَهِيَ مَنْ حَسَّ فِي ذَكَرِهِ نَدَاوَةً وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَرَفَعَهُ بِحَائِلٍ وَنَظَرَهُ فَلَمْ يَرَ شَيْئًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، لِأَنَّهُ رَأَى عَوْرَةَ نَفْسِهِ.

وَعَنْ ابْنِ عَيْشُونٍ: مَنْ نَظَرَ عَوْرَةَ إمَامِهِ أَوْ نَفْسِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا. فَانْظُرْ هَذَا مَعَ مَا يَتَقَرَّرُ.

قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: إذَا سَقَطَ سَاتِرُ عَوْرَةِ إمَامٍ فَلَا شَيْءَ عَلَى مَنْ يَنْظُرُ إلَيْهِ وَلَا عَلَى مَنْ نَظَرَ إلَيْهِ عَلَى غَيْرِ تَعَمُّدٍ، فَإِنْ تَعَمَّدَ النَّظَرَ إلَيْهِ فَقَالَ سَحْنُونَ: يُعِيدُ

ابْنُ رُشْدٍ: فَيَلْزَمُ عَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ هَذَا أَنْ تَبْطُلَ صَلَاةُ مَنْ عَصَى اللَّهَ فِي صَلَاتِهِ بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْعِصْيَانِ خِلَافَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ التُّونُسِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِذَلِكَ. وَقَالَ: أَرَأَيْت لَوْ سَرَقَ دَرَاهِمَ لِرَجُلٍ فِي صَلَاتِهِ، أَوْ غَصَبَهُ ثَوْبًا فِيهَا. ابْنُ عَرَفَةَ: نَقَلَ ابْنُ حَارِثٍ قَوْلَ سَحْنُونٍ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُ الْمَازِرِيِّ: الْمَعْرُوفُ خِلَافُ قَوْلِ مَنْ قَالَ يُعِيدُ مَنْ صَلَّى بِثَوْبٍ مَغْصُوبٍ، أَوْ فِي مَكَان مَغْصُوبٍ. عِيَاضٌ: كَانَ ابْنُ أَخِي هِشَامٌ يَمْشِي مَعَ أَحَدِ طَلَبَتِهِ فِي فُحُوصِ صَبْرِهِ فَأَرَادَ الشَّيْخُ الصَّلَاةَ فَقَالَ الشَّابُّ: اصْبِرْ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ أَرَاضِي هَذِهِ الْمَدِينَةِ السَّوْءِ. فَقَالَ الشَّيْخُ: هَذَا جَهْلٌ مِنْك أَيُّ ضَرَرٍ عَلَى الْأَرْضِ مِنْ صَلَاتِنَا وَلَوْ لَزِمَ تَرْكُ الصَّلَاةِ فِي

ص: 192

الْفُحُوصِ الْمَغْصُوبَةِ وَجَبَ لِلْمُصَلِّي أَنْ يَسْتَأْمِرَ أَرْبَابَ الْأَرْضِ غَيْرِ الْمَغْصُوبَةِ.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: وَهَذَا كَمَا قَالَ: وَإِنَّ الصَّلَاةَ فِي أَرْضِ الْمُسْلِمِينَ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ جَائِزَةٌ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنَّمَا هَذَا فِيمَا لَمْ يُجِزْهُ الْغَاصِبُ بِبِنَاءٍ وَحَوْزٍ انْتَهَى

وَانْظُرْ أَيْضًا هَذَا فَإِنَّ مَذْهَبَ مَالِكٍ أَنَّ صَلَاةَ الْمَرْءِ فِي مِلْكٍ غَصَبَهُ صَحِيحَةٌ بِخِلَافِ صِيَامِ يَوْمٍ عَلَيْهِ فَيَقْتَضِيهِ يَوْمَ الْعِيدِ، لِأَنَّ مُتَعَلَّقَ النَّهْيِ فِي الصَّوْمِ الْمَوْصُوفِ، وَفِي الصَّلَاةِ الْغَصْبُ دُونَ الصَّلَاةِ، فَالنَّهْيُ فِي الصَّوْمِ عَنْ الْمَوْصُوفِ وَفِي الصَّلَاةِ عَنْ الصِّفَةِ. اُنْظُرْ الْفَرْقَ الثَّالِثَ وَالْمِائَةَ مِنْ قَوَاعِدِ شِهَابِ الدِّينِ.

(وَمَنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا سَاتِرًا لِأَحَدِ فَرْجَيْهِ فَثَالِثُهَا يُخَيَّرُ) الْكَافِي: إنْ وَجَدَ الْعُرْيَانُ مَا يُوَارِي بِهِ أَحَدَ فَرْجَيْهِ وَارَى قُبُلَهُ.

وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: يُوَارِي بِهِ أَيَّ فَرْجَيْهِ شَاءَ. الطُّرْطُوشِيُّ: يَجْعَلُهُ لِدُبُرِهِ. (وَمَنْ عَجَزَ صَلَّى عُرْيَانًا) اُنْظُرْ عِنْدَ قَوْلِهِ: " لَا عَاجِزٍ صَلَّى عُرْيَانًا "(فَإِنْ اجْتَمَعُوا بِظَلَامٍ فَكَالْمَسْتُورِينَ، وَإِلَّا تَفَرَّقُوا) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: إذَا لَمْ يَجِدْ الْعُرَاةُ ثِيَابًا صَلَّوْا أَفْذَاذًا مُتَبَاعِدِينَ قِيَامًا يَرْكَعُونَ وَيَسْجُدُونَ وَلَا يُؤَمُّونَ، وَإِنْ كَانُوا فِي ظَلَامٍ لَا يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا جَمَعُوا وَتَقَدَّمَهُمْ إمَامُهُمْ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَلَّوْا قِيَامًا غَاضِّينَ إمَامُهُمْ وَسْطَهُمْ) ابْنُ عَرَفَةَ: فَإِنْ أَعْجَزَهُمْ التَّبَاعُدُ فَفِي جُلُوسِهِمْ إيمَاءً وَقِيَامِهِمْ غَاضِّينَ أَبْصَارَهُمْ قَوْلَانِ (فَإِنْ عَلِمَتْ فِي صَلَاةٍ بِعِتْقٍ مَكْشُوفَةُ رَأْسٍ، أَوْ وَجَدَ عُرْيَانٌ ثَوْبًا اسْتَتَرَا إنْ قَرُبَ، وَإِلَّا أَعَادَا بِوَقْتٍ) اُنْظُرْ قَوْلَهُ: " فَإِنْ عَلِمَتْ " بَيْنَ أَنْ تَعْلَمَ، أَوْ تُعْتَقَ فَرْقٌ نَظِيرُ الْوَجْهِ الْوَاحِدِ نَاسِي الْمَاءِ فِي رَحْلِهِ، وَنَظِيرُ الْوَجْهِ الْآخَرِ الْمُطَّلِعُ عَلَيْهِ بِالْمَاءِ. اُنْظُرْهُ قَبْلَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ:" لَا فِيهَا إلَّا نَاسِيَهُ " قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْأَمَةِ تُعْتَقُ بَعْدَ رَكْعَةٍ مِنْ الْفَرِيضَةِ - وَرَأْسُهَا مُنْكَشِفٌ - فَإِنْ

ص: 193