الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[بَابٌ فِي السُّجُودِ] [
فَصْلٌ فِي سُجُودُ السَّهْوِ]
فَصْلٌ
ابْنُ شَاسٍ: الْبَابُ السَّادِسُ فِي السُّجُودِ وَهُوَ نَوْعَانِ:
الْأَوَّلُ: سُجُودُ السَّهْوِ. النَّوْعُ الثَّانِي: سُجُودُ التِّلَاوَةِ
(سُنَّ لِسَهْوٍ) الْمَازِرِيُّ: سَجْدَتَا سَهْوِ الزِّيَادَةِ سُنَّةٌ. الطَّرَّازُ: وَاجِبَتَانِ وَسَجْدَتَا نَقْصِ السُّنَّةِ أَخَذَ الْمَازِرِيُّ أَنَّهُمَا وَاجِبَتَانِ مِنْ بُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِتَرْكِهِمَا.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: سُنَّةٌ. (وَإِنْ تَكَرَّرَ) التَّلْقِينُ: لِلسَّهْوِ سَجْدَتَانِ كَثُرَ أَمْ قَلَّ، كَانَ مِنْ نُقْصَانٍ أَوْ مِنْ زِيَادَةٍ أَوْ مِنْ كِلَيْهِمَا (بِنَقْصِ سُنَّةٍ مُؤَكَّدَةٍ) ابْنُ بَشِيرٍ: إذَا أَخَلَّ بِالسُّنَنِ عَمْدًا فَفِي بُطْلَانِ صَلَاتِهِ قَوْلَانِ، وَإِذَا قُلْنَا بِالصِّحَّةِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَسْجُدُ وَإِنْ أَخَلَّ بِهَا سَهْوًا أُمِرَ بِالسُّجُودِ فِعْلًا كَانَتْ أَوْ قَوْلًا عَلَى الْمَشْهُورِ. ابْنُ رُشْدٍ: لَا سُجُودَ فِي تَرْكِ رَفْعِ
الْيَدَيْنِ فِي الْإِحْرَامِ وَإِنْ قِيلَ: إنَّهُ سُنَّةٌ فَلَيْسَ مِنْ السُّنَنِ الْمُؤَكَّدَاتِ (أَوْ مَعَ زِيَادَةٍ) الرِّسَالَةُ: كُلُّ سَهْوٍ يَنْقُصُ فَلْيَسْجُدْ لَهُ قَبْلَ السَّلَامِ ثُمَّ قَالَ: وَمَنْ نَقَصَ وَزَادَ سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ، وَنَحْوُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ.
(سَجْدَتَانِ قَبْلَ سَلَامِهِ) تَقَدَّمَ نَصُّ الرِّسَالَةِ وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ صَلَّى خَلْفَ مَنْ يَرَى السُّجُودَ فِي النَّقْصِ بَعْدَ السَّلَامِ فَلَا يُخَالِفُهُ فَإِنَّ الْخِلَافَ شَرٌّ.
(وَبِالْجَامِعِ فِي الْجُمُعَةِ) ابْنُ الْمَوَّازِ: مَنْ انْصَرَفَ مِنْ صَلَاتِهِ، ثُمَّ ذَكَرَ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ فَلْيَسْجُدْهُمَا فِي مَوْضِعِ ذِكْرِهِمَا إلَّا فِي الْجُمُعَةِ فَلَا يَسْجُدُهُمَا إلَّا فِي الْجَامِعِ فَإِنْ سَجَدَهُمَا فِي غَيْرِهِ لَمْ تَجْزِهِ، وَكَذَلِكَ إنْ نَسِيَ السَّلَامَ.
وَلَمْ يَذْكُرْ ابْنُ يُونُسَ خِلَافَ هَذَا
وَأَعَادَ تَشَهُّدَهُ.
مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: إذَا كَانَتْ بَعْدَ السَّلَامِ تَشَهَّدَ لَهُمَا.
وَاخْتُلِفَ فِي قَوْلِهِ فِي التَّشَهُّدِ لَهُمَا قَبْلَ السَّلَامِ.
وَوَجَّهَ ابْنُ يُونُسَ الْقَوْلَيْنِ وَلَمْ يُشَهِّرْ وَاحِدًا مِنْهُمَا.
ابْنُ حَبِيبٍ: وَلَا يُطَوِّلُ تَشَهُّدَ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ وَلَا يَدْعُو.
(كَتَرْكِ جَهْرٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ سَهَا فَأَسَرَّ فِيمَا يُجْهَرُ فِيهِ سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ، وَإِنْ جَهَرَ فِيمَا يُسَرُّ فِيهِ سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ، وَإِنْ كَانَ شَيْئًا خَفِيفًا مِنْ إسْرَارٍ، أَوْ إجْهَارٍ كَإِعْلَانِهِ بِالْآيَةِ وَنَحْوِهَا فِي الْإِسْرَارِ فَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ.
وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ خَفِيفُ الْجَهْرِ فِيمَا يُسَرُّ عَفْوٌ ابْنُ عَرَفَةَ: ظَاهِرُهُ قَدْرًا أَوْ صِفَةً.
(وَسُورَةٍ بِفَرْضٍ) اُنْظُرْ قَوْلَهُ: " بِفَرْضٍ " هَلْ لِتَرْكِ جَهْرٍ وَسُورَةٍ اُنْظُرْ بَعْدَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَتَأَكَّدَ بِوِتْرٍ ".
مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ نَسِيَ السُّورَةَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى، أَوْ فِي الْأُولَيَيْنِ سَجَدَ لِسَهْوِهِ قَبْلَ السَّلَامِ، وَإِنْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ وَلْيَسْتَغْفِرْ اللَّهَ وَلَا يَسْجُدُ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْهُ.
ابْنُ عَرَفَةَ: وَقِرَاءَةُ السُّورَةِ فِي النَّفْلِ مُسْتَحَبَّةٌ.
سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا سُجُودَ لِتَرْكِهَا فِي الْوِتْرِ سَهْوًا.
وَرَوَى ابْنُ نَافِعٍ لَا بَأْسَ بِالنَّفْلِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَقَطْ.
فَمَا قَالَهُ ابْنُ شَاسٍ وَتَابَعَهُ لَا أَعْرِفُهُ.
(وَتَشَهُّدَيْنِ) التَّهْذِيبُ: إنْ تَرَكَ التَّشَهُّدَيْنِ سَجَدَ قَبْلُ وَتَعَقَّبَ الْقَرَافِيُّ تَصَوُّرَهُ؛ لِأَنَّ التَّشَهُّدَ الْأَخِيرَ ذِكْرٌ لَهُ قَبْلَ فَوْتِ مَحَلِّهِ وَأَجَابَ بِتَصْوِيرِهِ حَيْثُ يَجْلِسُ ثَلَاثًا فِي مَسَائِلِ الْبِنَاءِ وَالْقَضَاءِ.
ابْنُ عَرَفَةَ: لَفْظُ الْمُدَوَّنَةِ غَيْرُ لَفْظِ التَّهْذِيبِ اُنْظُرْهُ بَعْدَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ: " كَتَشَهُّدِهِ "(وَإِلَّا فَبَعْدَهُ) الرِّسَالَةُ: وَكُلُّ سَهْوٍ فِي الصَّلَاةِ بِزِيَادَةٍ فَلْيَسْجُدْ لَهُ سَجْدَتَيْنِ بَعْدَ السَّلَامِ يَتَشَهَّدُ لَهُمَا وَيُسَلِّمُ مِنْهُمَا.
ابْنُ الْمَوَّازِ: وَذَلِكَ تَرْغِيمٌ لِلشَّيْطَانِ قَالَهُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ.
(كَمُتِمٍّ لِشَكٍّ) ابْنُ بَشِيرٍ: مَنْ شَكَّ فِي صَلَاتِهِ فَلَمْ يَدْرِ أَثَلَاثًا صَلَّى أَمْ أَرْبَعًا.
فَإِنْ كَانَ مُوَسْوِسًا بَنَى عَلَى أَوَّلِ خَاطِرَيْهِ، فَإِنْ
سَبَقَ إلَى يَقِينِهِ أَنَّهُ أَكْمَلَ بَنَى عَلَى ذَلِكَ، وَإِنْ سَبَقَ إلَى يَقِينِهِ أَنَّهُ لَمْ يُكْمِلْ أَتَى بِمَا شَكَّ فِيهِ، وَهَذَا لِأَنَّهُ فِي الْخَاطِرِ الْأَوَّلِ مُسَاوٍ لِلْعُقَلَاءِ وَفِيمَا بَعْدَ ذَلِكَ مُخَالِفٌ لَهُمْ، وَإِلْزَامُهُ الْبِنَاءَ مَعَ الْيَقِينِ مَعَ كَثْرَةِ وَسَاوِسِهِ قَدْ يُؤَدِّي إلَى الْحَرَجِ وَلَا يَتَحَصَّلُ لَهُ إذَنْ يَقِينٌ، وَإِنْ كَانَ سَالِمَ الْخَاطِرِ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ يَطْرَحُ الْمَشْكُوكَ فِيهِ وَيَبْنِي عَلَى حُصُولِ الْمُتَيَقَّنِ بِهِ.
فَالْيَقِينُ إنَّمَا حَصَلَ فِي الْمَسْأَلَةِ بِالثَّلَاثِ وَالرَّابِعَةِ لَا يَقِينَ بِهَا، فَعَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا وَيَسْجُدَ بَعْدَ السَّلَامِ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ الْمَذْهَبِ.
(وَمُقْتَصِرٍ عَلَى شَفْعٍ شَكَّ أَهُوَ بِهِ أَوْ بِوِتْرٍ) قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ شَفَعَ وِتْرَهُ سَاهِيًا سَجَدَ لِسَهْوِهِ بَعْدَ السَّلَامِ وَاجْتَزَأَ بِوِتْرِهِ وَيَعْمَلُ فِي السُّنَنِ كَمَا يَعْمَلُ فِي الْفَرَائِضِ.
عَبْدُ الْحَقِّ: وَجْهُهُ أَنَّ الْوِتْرَ إنَّمَا يَكُونُ عَقِبَ شَفْعٍ، وَثَمَّ مَنْ يَرَى أَنَّهُ لَا يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا فَأَشْبَهَ صَلَاةً ثُلَاثِيَّةً فَفَارَقَ مَنْ زَادَ فِي صَلَاتِهِ مِثْلَهَا.
قَالَ مَالِكٌ: وَمَنْ لَمْ يَدْرِ أَجُلُوسُهُ فِي الشَّفْعِ، أَوْ فِي الْوِتْرِ سَلَّمَ وَسَجَدَ لِسَهْوِهِ ثُمَّ أَوْتَرَ بِوَاحِدَةٍ.
ابْنُ يُونُسَ: قِيلَ إنَّمَا أَمَرَهُ بِسُجُودِ السَّهْوِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ أَضَافَ رَكْعَةَ الْوِتْرِ إلَى رَكْعَتَيْ الشَّفْعِ مِنْ غَيْرِ سَلَامٍ فَيَصِيرَ قَدْ صَلَّى الشَّفْعَ ثَلَاثًا فَيَسْجُدَ بَعْدَ السَّلَامِ.
(أَوْ تَرْكِ سِرٍّ بِفَرْضٍ) تَقَدَّمَ نَصُّهَا عِنْدَ قَوْلِهِ: " كَتَرْكِ جَهْرٍ ".
الْإِبْيَانِيُّ.
يَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ فِي رَكْعَةِ الْوِتْرِ فَإِنْ أَسَرَّ سَاهِيًا سَجَدَ.
ابْنُ يُونُسَ: وَقِيلَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ أَسَرَّ فِي الْوِتْرِ كَمَا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إذَا قَرَأَ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَحْدَهَا.
(اسْتَنْكَحَهُ الشَّكُّ وَلَهَا عَنْهُ) الرِّسَالَةُ: مَنْ اسْتَنْكَحَهُ الشَّكُّ فِي السَّهْوِ فَلْيَلْهُ عَنْهُ، وَلَا إصْلَاحَ عَلَيْهِ وَلَكِنْ عَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَ بَعْدَ السَّلَامِ انْتَهَى.
وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَانْظُرْ عِنْدَ قَوْلِهِ:" كَمُتِمٍّ لِشَكٍّ " أَنَّ الْمُوَسْوِسَ يَبْنِي عَلَى أَوَّلِ خَاطِرَيْهِ.
قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَلَا يَبْنِي عَلَى الْيَقِينِ بِخِلَافِ الَّذِي يَكْثُرُ عَلَيْهِ السَّهْوُ لَا شَكَّ فِيهِ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ إصْلَاحِ مَا سَهَا إذْ لَا شَكَّ فِيهِ.
قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ. هَذَا بِخِلَافِ الْمُسْتَنْكِحِ لِشَكِّ النُّقْصَانِ. ثُمَّ ذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ الْخِلَافَ فِي السُّجُودِ فِي كِلَا الصُّورَتَيْنِ
انْتَهَى.
فَبَنَى خَلِيلٌ فِي الصُّورَتَيْنِ عَلَى مَا فِي الرِّسَالَةِ أَعْنِي أَنَّ بَيْنَ أَنْ يَسْتَنْكِحَهُ السَّهْوُ، أَوْ الشَّكُّ فَرْقًا (كَطُولٍ بِمَحَلٍّ إنْ لَمْ يُشْرَعْ بِهِ عَلَى الْأَظْهَرِ) سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا سُجُودَ سَهْوٍ عَلَى مَنْ طَوَّلَ الْجَلْسَةَ الْوُسْطَى.
سَحْنُونَ: يَسْجُدُ.
ابْنُ رُشْدٍ: قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ هُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّ تَقْصِيرَ الْجَلْسَةِ الْوُسْطَى هُوَ مُسْتَحَبٌّ وَلَا سُجُودَ فِي تَرْكِ الْمُسْتَحَبِّ.
وَفِي سَمَاعِ مُوسَى: لَا سُجُودَ أَيْضًا إذَا أَطَالَ الْقِيَامَ بَعْدَ الرُّكُوعِ وَالْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، مِثْلُ أَنْ يَشُكَّ فِي شَيْءٍ مِنْ صَلَاتِهِ فَيَثْبُتَ عَلَى حَالِهِ مُفَكِّرًا فِيمَا شَكَّ حَتَّى يَذْكُرَ.
وَأَشْهَبُ يَرَى عَلَيْهِ السُّجُودَ فِي هَذَا بِخِلَافِ إذَا كَانَ ثُبُوتُهُ لِلتَّذَكُّرِ فِي مَوْضِعٍ شُرِعَ تَطْوِيلُهُ فِي الصَّلَاةِ فَهُوَ قَوْلٌ ثَالِثٌ أَصَحُّ مِنْ قَوْلِ سَحْنُونٍ.
وَمِنْ سَمَاعِ مُوسَى: لِأَنَّ تَرْكَ تَطْوِيلِهِ الْقِيَامَ بَعْدَ الرُّكُوعِ وَفِيمَا بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ مِنْ السُّنَنِ لَا مِنْ الْمُسْتَحَبَّاتِ.
اُنْظُرْ بَعْدَ هَذَا الْفَرْعِ فِي ابْنِ عَرَفَةَ إذَا جَلَسَ عَلَى وِتْرٍ.
(وَإِنْ بَعْدَ شَهْرٍ) اُنْظُرْ إنْ كَانَتْ مِنْ نَفْلٍ، وَتَذَكَّرَ فِي وَقْتِ نَهْيٍ.
مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ نَسِيَ سُجُودَ السَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ فَلْيَسْجُدْهُ مَتَى مَا ذَكَرَ وَلَوْ بَعْدَ شَهْرٍ، وَلَوْ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ
تَوَضَّأَ وَقَضَاهُمَا.
قَالَ: وَمَنْ ذَكَرَ سُجُودَ السَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ مِنْ صَلَاةٍ قَدْ مَضَتْ وَهُوَ فِي فَرِيضَةٍ، أَوْ نَافِلَةٍ لَمْ تَفْسُدْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَإِذَا فَرَغَ مِمَّا هُوَ فِيهِ سَجَدَهُمَا.
ابْنُ يُونُسَ: وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتَا قَبْلَ السَّلَامِ وَهُمَا لَا تَفْسُدُ الصَّلَاةُ بِتَرْكِهِمَا فَهُمَا كَاَلَّتِي بَعْدَ السَّلَامِ.
عِيَاضٌ: إنْ لَمْ يَسْجُدْ لِتَرْكِ التَّشَهُّدَيْنِ أَوْ تَكْبِيرَتَيْنِ، أَوْ " سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ " مَرَّتَيْنِ حَتَّى أَحْدَثَ، أَوْ طَالَ بَعْدَ سَلَامِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا سُجُودَ انْتَهَى.
اُنْظُرْ لَفْظَ الرِّسَالَةِ فَهُوَ مِثْلُ هَذَا قَالَ الْمَازِرِيُّ: ظَاهِرُ مَذْهَبِ أَصْحَابِنَا يَسْجُدُ مَتَى مَا ذَكَرَ (بِإِحْرَامٍ وَتَشَهُّدٍ وَسَلَامٍ) الْجَلَّابُ: وَلِسَجْدَتَيْ السَّهْوِ اللَّتَيْنِ بَعْدَ السَّلَامِ إحْرَامٌ وَتَشَهُّدٌ وَسَلَامٌ.
وَمَا ذَكَرَ ابْنُ يُونُسَ إلَّا أَنَّهُ لَا يُحْرِمُ لَهُمَا كَانَا قَبْلَ السَّلَامِ، أَوْ بَعْدَهُ.
ابْنُ يُونُسَ: إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا كَانَ قَبْلَ السَّلَامِ دَاخِلٌ فِي حُكْمِ الصَّلَاةِ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ إحْرَامٌ وَلَا إحْلَالٌ كَسُجُودِ الْأَصْلِ، وَأَمَّا مَا كَانَ بَعْدَ السَّلَامِ فَإِنَّهُ غَيْرُ وَاجِبٍ وَلَا تَبْطُلُ بِتَرْكِهِ الصَّلَاةُ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ إحْرَامٌ كَسُجُودِ التِّلَاوَةِ، وَإِنْ نَسِيَهُمَا وَهُمَا بَعْدَ السَّلَامِ وَطَالَ ذَلِكَ.
فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَرَّةً لَا يُحْرِمُ لَهُمَا، وَوَجْهُهُ أَنَّ سُجُودَهُمَا غَيْرُ لَازِمٍ فَلَمْ يُحْرِمْ لَهُمَا كَسُجُودِ التِّلَاوَةِ.
وَقَالَ أَيْضًا: يُحْرِمُ لَهُمَا.
ابْنُ رُشْدٍ: وَأَجْمَعُوا عَلَى عَدَمِ الْإِحْرَامِ لَهُمَا فِي الْقُرْبِ.
قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: إذَا ذَكَرَ اللَّتَيْنِ قَبْلَ السَّلَامِ بَعْدَ أَنْ سَلَّمَ رَجَعَ بِإِحْرَامٍ كَرُجُوعِهِ لِإِصْلَاحِ صَلَاتِهِ فِيمَا قَرُبَ.
(جَهْرًا) اُنْظُرْ عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَجَهَرَ بِتَسْلِيمَةِ التَّحْلِيلِ " فَلَمْ أَجِدْ غَيْرَهُ.
وَقَالَ الْبَاجِيُّ: يَجْهَرُ الْمَأْمُومُ بِالسَّلَامِ جَهْرًا يُسْمِعُ نَفْسَهُ وَمَنْ يَلِيهِ رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ.
وَأَمَّا السَّلَامُ الثَّانِي فَرُوِيَ عَلَى أَنَّهُ يُخْفِيهِ لِئَلَّا يُقْتَدَى بِهِ فِيهِ.
وَوَجْهُهُ أَنَّ السَّلَامَ الثَّانِيَ رَدٌّ فَلَا يَسْتَدْعِي بِالْجَهْرِ بِهِ رَدًّا وَالْأَوَّلُ
يَقْتَضِي الرَّدَّ عَلَيْهِ فَلِذَلِكَ جَهَرَ بِهِ.
(وَصَحَّ إنْ قُدِّمَ) .
ابْنُ رُشْدٍ عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَسَمَاعِ عِيسَى: لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ لِلسُّجُودِ بَعْدَ السَّلَامِ إذَا سَجَدَهُ قَبْلَ السَّلَامِ نَاسِيًا كَانَ أَوْ مُتَعَمِّدًا مُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ.
وَقَدْ نَصَّ فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ عَلَى ذَلِكَ (أَوْ أُخِّرَ) ابْنُ عَرَفَةَ: تَأْخِيرُ الْقِبْلِيَّتَيْنِ عَفْوٌ.
(لَا إنْ اسْتَنْكَحَهُ السَّهْوُ وَيُصْلِحُ) الرِّسَالَةُ: وَإِذَا أَيْقَنَ بِالسَّهْوِ سَجَدَ بَعْدَ إصْلَاحِ صَلَاتِهِ، فَإِنْ كَثُرَ ذَلِكَ مِنْهُ فَهُوَ يَعْتَرِيهِ كَثِيرًا أَصْلَحَ صَلَاتَهُ وَلَمْ يَسْجُدْ لِسَهْوِهِ.
اُنْظُرْ قَبْلَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ: " أَوْ اسْتَنْكَحَهُ الشَّكُّ "(أَوْ شَكَّ هَلْ سَهَا) الْقَرَافِيُّ: الْقَاعِدَةُ أَنَّ مَنْ شَكَّ هَلْ سَهَا أَمْ لَا؟ لَا سُجُودَ عَلَيْهِ.
فَانْظُرْ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ وَبَيْنَ مَنْ شَكَّ هَلْ صَلَّى ثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا فَإِنَّهُ يَبْنِي عَلَى ثَلَاثٍ وَيَسْجُدُ بَعْدُ.
الْقَرَافِيُّ: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ أَعْظَمِ الْمُشْكِلَاتِ وَيَتَعَذَّرُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَقَدْ ذَكَرْت هَذَا الْإِشْكَالَ لِجَمَاعَةٍ مِنْ الْفُضَلَاءِ
الْأَعْيَانِ فَلَمْ يَجِدُوا عَنْهُ جَوَابًا.
(أَوْ سَلَّمَ) الرِّسَالَةُ: مَنْ لَمْ يَدْرِ سَلَّمَ، أَوْ لَمْ يُسَلِّمْ سَلَّمَ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ.
وَنَحْوُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ: لَوْ شَكَّ فِي رَكْعَةٍ فَتَفَكَّرَ قَلِيلًا، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ لَمْ يَسْهُ فَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إذَا ظَنَّ الرَّجُلُ أَنَّهُ نَقَصَ مِنْ صَلَاتِهِ فَسَجَدَ سَجْدَةً، أَوْ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ لَمْ يَنْقُصْ شَيْئًا فَلَا يُضِيفُ لِلسَّجْدَةِ الْأُولَى أُخْرَى وَيَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ بَعْدَ السَّلَامِ، وَإِنْ ظَنَّ أَنَّهُ زَادَ فَسَجَدَ سَجْدَةً لِسَهْوِهِ بَعْدَ السَّلَامِ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ لَمْ يَزِدْ قَطَعَ وَلَا يَسْجُدُ الْأُخْرَى.
ابْنُ رُشْدٍ: هَذَا صَحِيحٌ عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ.
(أَوْ سَجَدَ وَاحِدَةً فِي شَكِّهِ فِيهِ هَلْ سَجَدَ اثْنَيْنِ) فِي الْمُدَوَّنَةِ: لَوْ شَكَّ فِي سَجْدَتَيْ السَّهْوِ أَوْ فِي إحْدَاهُمَا سَجَدَ مَا شَكَّ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ فِي كُلِّ سَهْوٍ سَهَا فِيهِمَا.
(أَوْ زَادَ سُورَةً فِي أُخْرَيَيْهِ) قَالَ مَالِكٌ: وَقَرَأَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ سَهْوًا فَلَا سُجُودَ
سَهْوٍ عَلَيْهِ.
ابْنُ يُونُسَ: لِأَنَّهُ إنَّمَا زَادَ قُرْآنًا كَمَا لَوْ قَرَأَ بِسُورَتَيْنِ، أَوْ ثَلَاثٍ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مَعَ أُمِّ الْقُرْآنِ فِي الْأُولَيَيْنِ، وَقَدْ كَانَ ابْنُ عُمَرَ إذَا صَلَّى وَحْدَهُ قَرَأَ فِي الْأَرْبَعِ جَمِيعًا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ، وَكَانَ أَحْيَانًا يَقْرَأُ بِالسُّورَتَيْنِ وَالثَّلَاثِ فِي الرَّكْعَةِ الْوَاحِدَةِ. .
(أَوْ خَرَجَ مِنْ سُورَةٍ لِغَيْرِهَا) رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ وَعَلِيٌّ: إنْ بَدَأَ بِسُورَةٍ وَخَتَمَ بِأُخْرَى فَلَا بَأْسَ، وَإِنْ خَرَجَ لِأُخْرَى سَهْوًا فِيهَا سَجْدَةٌ، فَإِنْ قَرَأَ يَسِيرًا سَجَدَ السَّجْدَةَ وَعَادَ لِلْأُولَى وَإِنْ قَرَأَ جُلَّهَا أَتَمَّهَا.
(أَوْ قَاءَ غَلَبَةً أَوْ قَلَسَ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ تَقَيَّأَ عَامِدًا فِي الصَّلَاةِ، أَوْ غَيْرَ عَامِدٍ ابْتَدَأَ الصَّلَاةَ وَلَا يَبْنِي إلَّا فِي الرُّعَافِ.
ابْنُ رُشْدٍ: الْمَشْهُورُ أَنَّ مَنْ ذَرَعَهُ قَيْءٌ أَوْ، قَلْسٌ فَلَمْ يَرُدَّهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي صَلَاتِهِ وَلَا صِيَامِهِ، وَإِنْ رَدَّهُ مُتَعَمِّدًا وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى طَرْحِهِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَلَفَ فِي فَسَادِ صَوْمِهِ وَصَلَاتِهِ، وَإِنْ رَدَّهُ نَاسِيًا أَوْ مَغْلُوبًا فَقَوْلَانِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ.
ابْنُ يُونُسَ فِي الْمَجْمُوعَةِ: إنْ ابْتَلَعَ الْقَلْسَ بَعْدَمَا أَمْكَنَهُ طَرْحُهُ وَظَهَرَ عَلَى لِسَانِهِ فَإِنْ كَانَ سَهْوًا بَنَى وَسَجَدَ بَعْدَ سَلَامِهِ.
ابْنُ مُزَيْنٍ: الْقَلْسُ مَاءٌ وَرُبَّمَا كَانَ مِنْ الْقَيْءِ وَرُبَّمَا كَانَ طَعَامًا، فَإِنْ كَانَ كَثِيرًا قَطَعَ الصَّلَاةَ وَتَمَضْمَضَ وَابْتَدَأَهَا.
رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ (وَلَا لِفَرِيضَةٍ) التَّلْقِينُ: الْفَرِيضَةُ لَا يُجْزِئُ مِنْهَا إلَّا الْإِتْيَانُ بِهَا (أَوْ غَيْرِ مُؤَكَّدَةٍ) تَقَدَّمَ نَصُّ ابْنِ رُشْدٍ عِنْدَ قَوْلِهِ: " بِنَقْصِ سُنَّةٍ مُؤَكَّدَةٍ "(كَتَشَهُّدٍ) اُنْظُرْ هَذَا مَعَ مَا يَتَقَرَّرُ.
سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيمَنْ قَعَدَ مَعَ الْإِمَامِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ فَنَعَسَ فَلَمْ يَتَنَبَّهْ إلَّا بِقِيَامِ
النَّاسِ أَنَّهُ يَقُومُ وَلَا يَتَشَهَّدُ.
ابْنُ رُشْدٍ: هَذَا كَمَا قَالَ لِأَنَّ التَّشَهُّدَ قَدْ فَاتَ بِنُعَاسِهِ وَذَهَبَ مَوْضِعُهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيهِ لِأَنَّهُ مِمَّا يَحْمِلُهُ عَنْهُ الْإِمَامُ وَلَا يَنْتَقِضُ وُضُوءُهُ بِهَذَا الْمِقْدَارِ مِنْ النَّوْمِ لِأَنَّهُ يَسِيرٌ.
(وَيَسِيرِ جَهْرٍ، أَوْ سِرٍّ، وَإِعْلَانٍ بِكَآيَةٍ) اُنْظُرْ قَبْلَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ: " كَتَرْكِ جَهْرٍ "(وَأَعَادَ سُورَةً فَقَطْ لَهُمَا) نَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ فَانْظُرْهُ أَنْتَ.
وَسَمِعَ أَشْهَبُ: لَا سَهْوَ عَلَى مَنْ قَرَأَ فِي صَلَاةٍ فِي رَكْعَةٍ سِرًّا، ثُمَّ ذَكَرَ فَأَعَادَ الْقِرَاءَةَ
جَهْرًا.
ابْنُ رُشْدٍ: لَمْ يَرَ عَلَيْهِ سُجُودَ سَهْوٍ فِي زِيَادَةِ الْقُرْآنِ فِي الصَّلَاةِ سَهْوًا، وَلَهُ مِثْلُ هَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الَّذِي يَسْهُو عَنْ قِرَاءَةِ أُمِّ الْقُرْآنِ حَتَّى قَرَأَ السُّورَةَ، ثُمَّ رَجَعَ فَقَرَأَ أُمَّ الْقُرْآنِ وَالسُّورَةَ وَاَلَّذِي يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ.
وَفِي سَمَاعِ عِيسَى فِي الَّذِي شَكَّ فِي قِرَاءَةِ أُمِّ الْقُرْآنِ بَعْدَ أَنْ قَرَأَ السُّورَةَ فَرَجَعَ فَقَرَأَ أُمَّ الْقُرْآنِ وَالسُّورَةَ أَنَّهُ لَا سُجُودَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ.
وَوَقَعَ لَهُ خِلَافُ هَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الَّذِي نَسِيَ التَّكْبِيرَ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ حَتَّى قَرَأَ أَنَّهُ يَرْجِعُ فَيُكَبِّرُ ثُمَّ يَقْرَأُ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ.
وَفَرَّقَ عَبْدُ الْحَقِّ بِأَنَّهُ قَدَّمَ قُرْآنًا عَلَى غَيْرِهِ. وَرَدَّهُ ابْنُ رُشْدٍ بِأَنَّ الْأَمْرَ عَائِدٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ إلَى زِيَادَةِ قُرْآنٍ. ابْنُ عَرَفَةَ: الشَّيْءُ فِي غَيْرِ مَحَلِّ نَوْعِهِ أَشَدُّ مُبَايَنَةً مِنْهُ فِي مَحَلِّ نَوْعِهِ وَبِأَنَّهَا فِي الْعِيدِ أَكْثَرُ مِنْ أُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ، وَلِذَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ: يَسْجُدُ لِطُولِ الْقِيَامِ لَا لِقِرَاءَتِهِ. ابْنُ يُونُسَ: وَالصَّوَابُ فِي مَسْأَلَةِ الْعِيدِ أَنَّهُ لَا سُجُودَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا زَادَ قُرْآنًا انْتَهَى.
فَهَذِهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ: الْأُولَى أَعَادَ الْقِرَاءَةَ لِسَهْوِهِ عِنْدَ جَهْرِهَا.
الثَّانِيَةُ أَعَادَ السُّورَةَ لِتَقْدِيمِهَا عَلَى الْفَاتِحَةِ.
الثَّالِثَةُ أَعَادَ الْقِرَاءَةَ لِتَقْدِيمِهَا عَلَى تَكْبِيرِ الْعِيدِ.
وَبَقِيَتْ مَسْأَلَةٌ رَابِعَةٌ: هَلْ يُعِيدُ الْقِرَاءَةَ فِي السُّورَةِ سِرًّا إذَا قَرَأَهَا جَهْرًا وَتَذَكَّرَ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ؟ .
لَمْ أَجِدْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مَنْصُوصَةً. وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ الْأَرْبَعُ فِيهَا كُلِّهَا إعَادَةُ الْقِرَاءَةِ إلَّا مَسْأَلَةً وَاحِدَةً فَفِيهَا إعَادَةُ السُّورَةِ، فَانْظُرْ
عَلَى مَا يَتَنَزَّلُ عَلَيْهِ لَفْظُ خَلِيلٍ.
فَلَوْ قَالَ: " وَإِعَادَةُ قِرَاءَةٍ لَهَا فَقَطْ " لَدَخَلَ لَهُ فِي قَوْلِهِ: " لَهُمَا " الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى وَالرَّابِعَةُ وَخَرَجَ لَهُ بِقَوْلِهِ: " فَقَطْ " الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ بِنَاءً عَلَى تَفَقُّهِ عَبْدِ الْحَقِّ كَمَا تَقَدَّمَ، وَتَبْقَى لَهُ الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ كَأَنَّهُ مَا تَعَرَّضَ لَهَا (وَلِتَكْبِيرَةٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ نَسِيَ تَكْبِيرَةً، أَوْ " سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ " مَرَّةً، أَوْ الْقُنُوتَ فَهُوَ خَفِيفٌ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ.
(وَفِي إبْدَالِهَا بِسَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَعَكْسِهِ تَأْوِيلَانِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: وَإِذَا جَعَلَ الْإِمَامُ، أَوْ الْفَذُّ مَوْضِعَ " سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ "" اللَّهُ أَكْبَرُ "، أَوْ مَوْضِعَ " اللَّهُ أَكْبَرُ "" سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ " فَلْيَرْجِعْ، فَيَقُولُ كَمَا وَجَبَ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ وَمَضَى سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ كَمَا لَوْ أَسْقَطَهَا ابْنُ عَرَفَةَ.
رَوَاهُ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ بِ " أَوْ " وَرَوَاهَا الْأَكْثَرُ بِالْوَاوِ انْتَهَى.
اُنْظُرْ تَفْرِيعَ ابْنِ يُونُسَ مُقْتَضَاهُ الْوَاوُ قَالَ: يُرِيدُ أَنَّهُ يَقُولُ " سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ " فَقَطْ وَلَا يُعِيدُ التَّكْبِيرَ؛ لِأَنَّ التَّكْبِيرَ قَدْ فَاتَهُ، وَلِأَنَّهُ قَدْ رَفَعَ رَأْسَهُ أَيْضًا فَهُوَ
إذَا أَعَادَ " سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ " فَقَدْ أَتَى بِهَا بَعْدَ التَّكْبِيرِ فَهُوَ كَمَنْ قَرَأَ السُّورَةَ قَبْلَ أُمِّ الْقُرْآنِ فَإِنَّمَا يُعِيدُ السُّورَةَ فَتَصِيرُ بَعْدَ أُمِّ الْقُرْآنِ، وَكَمَنْ صَلَّى يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ فَإِنَّهُ يُعِيدُ الصَّلَاةَ فَتَصِيرُ بَعْدَ الْخُطْبَةِ.
الْمَازِرِيُّ: خَالَفَ فِي هَذَا التَّأْوِيلِ بَعْضُ الشُّيُوخِ وَقَالَ: بَلْ يَأْتِي بِالتَّحْمِيدِ وَالتَّكْبِيرِ؛ لِأَنَّ التَّكْبِيرَ الَّذِي أَوْقَعَهُ قَصَدَ بِهِ الرَّفْعَ فَلَا يَنُوبُ لَهُ عَنْ تَكْبِيرٍ قَصَدَ بِهِ الْخَفْضَ.
وَرَأَيْت لِأَبِي عِمْرَانَ وَابْنِ الْكَاتِبِ أَنَّهُ إذَا عَادَ لِقَوْلِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ لَمْ يَسْجُدْ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَحْصُلُ مَعَهُ زِيَادَةُ تَكْبِيرٍ، وَزِيَادَةُ التَّكْبِيرِ لَا سُجُودَ فِيهِ.
وَاخْتَلَفَ الْمَذْهَبُ فِيمَنْ أَبْدَلَ فِي أَحَدِ هَذَيْنِ الْمَوْضِعَيْنِ خَاصَّةً فَقِيلَ: لَا سُجُودَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ قُصَارَى مَا فِيهِ أَنَّهُ أَخَلَّ بِتَكْبِيرَةٍ، أَوْ مَا فِي مَعْنَاهَا وَلَا سُجُودَ لِذَلِكَ.
وَقِيلَ: يَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ لِأَنَّهُ نَقَصَ مَا كَانَ مَأْمُورًا بِأَنْ يَقُولَهُ فَلَمْ يَفْعَلْ وَزَادَ الْقَوْلَ الَّذِي وَضَعَهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ فَاجْتَمَعَ لَهُ سَهْوَانِ فَأُمِرَ بِالسُّجُودِ لَهُمَا.
(وَلَا لِإِدَارَةِ مُؤْتَمٍّ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: إنْ صَلَّى مَعَهُ رَجُلٌ قَامَ عَنْ يَمِينِهِ.
وَإِنْ قَامَ عَنْ يَسَارِهِ أَدَارَهُ الْإِمَامُ إلَى يَمِينِهِ مِنْ خَلْفِهِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ حَتَّى فَرَغَ أَجْزَأَتْهُ صَلَاتُهُ.
ابْنُ يُونُسَ: وَكَذَا إنْ عَلِمَ بِهِ فَتَرَكَهُ (وَإِصْلَاحِ رِدَاءٍ) عِيَاضٌ: الْمَشْهُورُ
يَسِيرُ فِعْلِ مَا لَيْسَ مِنْ جِنْسِهَا عَفْوٌ: كَالْإِشَارَةِ بِالْحَاجَةِ، وَإِصْلَاحِ الثَّوْبِ وَحَكِّ الْجَسَدِ وَشَبَهِهِ.
ابْنُ رُشْدٍ: يَتَخَرَّجُ وُجُوبُ السُّجُودِ لِتَحْوِيلِ خَاتَمِهِ فِي أَصَابِعِهِ سَهْوًا عَلَى قَوْلِي بِالْمَجْمُوعَةِ ابْتِلَاعُ قَلْسٍ بَعْدَ فُصُولِهِ سَهْوًا مُنْجَبِرٌ.
(أَوْ سُتْرَةٍ سَقَطَتْ أَوْ كَمَشْيِ صَفَّيْنِ لِسُتْرَةٍ) لَوْ قَالَ: "، أَوْ مَشْيِ كَصَفَّيْنِ " لِتُنَزَّلَ عَلَى نَصِّ ابْنِ يُونُسَ لَا بَأْسَ أَنْ يَخْرِقَ إلَيْهَا صُفُوفًا رِفْقًا.
اُنْظُرْ قَبْلَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَأَثِمَ مَارٌّ "(أَوْ فُرْجَةٍ) ابْنُ يُونُسَ: الشَّأْنُ فِي الصَّلَاةِ سَدُّ الْفُرَجِ فَإِذَا رَأَى وَهُوَ يُصَلِّي فُرْجَةً أَمَامَهُ أَوْ عَنْ يَمِينِهِ، أَوْ عَنْ يَسَارِهِ حَيْثُ يَجِدُ السَّبِيلَ إلَى سَدِّهَا فَلْيَتَقَدَّمْ إلَيْهَا لِيَسُدَّهَا، وَلَا بَأْسَ أَنْ يَخْرِقَ إلَيْهَا صُفُوفًا رِفْقًا.
وَرَوَى ابْنُ نَافِعٍ: مَنْ رَفَعَ مِنْ رُكُوعِهِ فَرَأَى فُرْجَةً مَشَى إلَيْهَا لِسَدِّهَا إنْ قَرُبَتْ.
ابْنُ حَبِيبٍ: إنْ بَعُدَتْ صَبَرَ حَتَّى يُسَمِّعَهُ وَيَقُومَ.
وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يَشُقُّ إلَيْهَا إذَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا صَفَّانِ.
ابْنُ رُشْدٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَدَّ فُرْجَةً فِي الصَّفِّ رَفَعَهُ اللَّهُ بِهَا فِي الْجَنَّةِ دَرَجَةً وَبَنَى لَهُ فِي الْجَنَّةِ بَيْتًا» .
وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ: أَرَى أَنْ يُشِيرَ الْمُصَلِّي إلَى مَنْ بِجَنْبَيْهِ بِالتَّسْوِيَةِ إذَا خَرَجَ عَنْ الصَّفِّ إذَا كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا، وَأَمَّا الصَّفُّ يَتَعَوَّجُ فَلَا يَشْتَغِلُ بِهِ.
ابْنُ رُشْدٍ: لِأَنَّ الْإِقْبَالَ عَلَى صَلَاتِهِ مِمَّا يَخُصُّهُ بِخِلَافِ تَقْوِيمِ الصَّفِّ.
(أَوْ دَفْعِ مَارٍّ) تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَأَثِمَ مَارٌّ "(أَوْ ذَهَابِ دَابَّتِهِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ أَفْلَتَتْ دَابَّتُهُ وَهُوَ يُصَلِّي مَشَى إلَيْهَا فِيمَا قَرُبَ إنْ كَانَتْ عَنْ يَمِينِهِ، أَوْ يَسَارِهِ أَوْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَقَطَعَ إنْ بَعُدَتْ وَطَلَبَهَا.
ابْنُ يُونُسَ: لِأَنَّهُ يَشْتَغِلُ سِرُّهُ فِيهَا فَلَا يَدْرِي مَا يُصَلِّي وَكُرِهَ لَهُ الِانْحِرَافُ أَوْ الْقَطْعُ مِنْ الشَّاةِ تَأْكُلُ عَجِينًا أَوْ ثَوْبًا.
ابْنُ حَبِيبٍ: وَإِنْ كَانَ فَسَادًا كَثِيرًا قَطَعَ. وَفِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ فِي إمَامٍ مُسَافِرٍ صَلَّى رَكْعَةً، ثُمَّ انْفَلَتَتْ دَابَّتُهُ وَخَافَ عَلَيْهَا، أَوْ عَلَى صَبِيٍّ، أَوْ عَلَى أَعْمَى أَنْ يَقَعَ فِي بِئْرٍ، أَوْ نَارٍ أَوْ ذَكَرَ مَتَاعًا خَافَ عَلَيْهِ التَّلَفَ فَلِذَلِكَ عُذْرٌ يُبِيحُ لَهُ
أَنْ يَسْتَخْلِفَ وَلَا يُفْسِدَ عَلَى مَنْ خَلْفَهُ.
وَسَمِعَ مُوسَى «أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَسِلْتُ أَنْ أَقُومَ فَأَفْتَحَ الْبَابَ فَفَتَحَهُ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ» الْحَدِيثَ.
(وَإِنْ بِجَنْبٍ أَوْ قَهْقَرَةٍ) تَقَدَّمَ قَوْلُ مَالِكٍ لَا بَأْسَ أَنْ يَنْحَازَ الَّذِي يَقْضِي بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ إلَى مَا قَرُبَ مِنْ الْأَسَاطِينِ إلَى خَلْفِهِ يُقَهْقِرُ قَلِيلًا إنْ كَانَ قَرِيبًا اُنْظُرْ قَبْلُ: " وَأَثِمَ مَارٌّ ".
(وَفَتْحٍ عَلَى إمَامِهِ إنْ وَقَفَ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: إذَا وَقَفَ الْإِمَامُ فِي قِرَاءَتِهِ فَلْيَفْتَحْ عَلَيْهِ مَنْ خَلْفَهُ، وَرَوَى ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: لَا بَأْسَ بِفَتْحِهِ عَلَى إمَامِهِ فِي فَرْضِهِ وَنَفْلِهِ.
وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ: لَا يَفْتَحُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَنْتَظِرَ الْفَتْحَ أَوْ يَخْلِطَ آيَةَ رَحْمَةٍ بِآيَةِ عَذَابٍ أَوْ غَيَّرَ بِكُفْرٍ، وَإِنْ لَمْ يَفْتَحْ حَذَفَ تِلْكَ الْآيَةَ، وَإِنْ تَعَذَّرَ رَكَعَ وَلَا يَنْظُرُ مُصْحَفًا بَيْنَ يَدَيْهِ.
الْبَاجِيُّ إنْ كَانَ فِي الْفَاتِحَةِ نَظَرَهُ.
عَبْدُ الْحَقِّ: إنْ نَسِيَ مِنْهَا آيَةً لُقِّنَ، وَإِنْ لَمْ يَقِفْ، وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ: تَخْفِيفُ تَعَوُّذِ الْقَارِئِ يُحْصَرُ وَيُلَقَّنُ فَلَا يَتَلَقَّنُ وَتَخْيِيرُهُ فِي رُكُوعِهِ وَابْتِدَاءِ سُورَةٍ أُخْرَى وَاخْتَارَ ابْنُ الْقَاسِمِ ابْتِدَاءَهُ (وَسَدِّ فِيهِ لِتَثَاؤُبٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: كَانَ مَالِكٌ إذَا تَثَاءَبَ فِي غَيْرِ
الصَّلَاةِ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى فِيهِ.
وَنَفَثَ وَمَا أَدْرِي مَا فِعْلُهُ فِي الصَّلَاةِ.
وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ مَنْ تَثَاءَبَ وَهُوَ يُصَلِّي قَطَعَ قِرَاءَتَهُ وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى فِيهِ.
(وَنَفْثٍ بِثَوْبٍ لِحَاجَةٍ) عِيَاضٌ: قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: «إذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي فَلَا يَبْصُقْ قِبَلَ وَجْهِهِ فَإِنَّ اللَّهَ قِبَلَ وَجْهِهِ» يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى مَعْنَى فَإِنَّهُ قِبْلَةُ اللَّهِ عز وجل قِبَلَ وَجْهِهِ إذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا تُقَابَلُ بِضِدِّهَا مَا جَرَتْ الْعَادَةُ أَنْ لَا يُفْعَلَ إلَّا بِإِيهَانٍ.
قَوْلُهُ: «وَلَكِنْ لِيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ» تَنْزِيهٌ أَيْضًا لِجِهَةِ الْيَمِينِ عَنْ الْأَقْذَارِ.
وَقَوْلُهُ: «فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَفْعَلْ هَكَذَا وَتَفَلَ فِي ثَوْبِهِ وَمَسَحَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ» ، فِيهِ جَوَازُ الْبُصَاقِ فِي الصَّلَاةِ - لِمَنْ احْتَاجَ إلَيْهِ - وَالنَّفْخِ الْيَسِيرِ إنْ لَمْ يَصْنَعْهُ عَبَثًا؛ إذْ لَا يَسْلَمُ مِنْهُ الْبُصَاقُ.
(كَتَنَحْنُحٍ)
الْمَازِرِيُّ: التَّنَحْنُحُ لِضَرُورَةِ الطَّبْعِ وَأَنِينِ الْوَجَعِ عَفْوٌ.
(وَالْمُخْتَارُ عَدَمُ الْإِبْطَالِ بِهِ لِغَيْرِهَا) وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ: التَّنَحْنُحُ لِلْإِفْهَامِ مُنْكَرٌ لَا خَبَرَ فِيهِ.
ابْنُ رُشْدٍ: كَتَنَحْنُحِ الْجَاهِلِ لِلْإِمَامِ يُخْطِئُ فِي قِرَاءَتِهِ.
ابْنُ يُونُسَ: رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ كَالْكَلَامِ وَرُوِيَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ فِيهِ.
الْأَبْهَرِيُّ: لِأَنَّهُ لَيْسَ كَلَامًا وَلَيْسَ حُرُوفَ هِجَاءٍ.
اللَّخْمِيِّ: وَاخْتُلِفَ فِيمَنْ تَنَحْنَحَ مُخْتَارًا أَوْ نَفَخَ، أَوْ جَاوَبَ إنْسَانًا بِالتَّنَحْنُحِ أَوْ بِآيَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ، أَوْ فَتَحَ عَلَى مَنْ لَيْسَ مَعَهُ فِي صَلَاةٍ فَقَالَ مَالِكٌ فِي النَّفْخِ: أَرَاهُ بِمَنْزِلَةِ الْكَلَامِ.
وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعَةِ: أَكْرَهُهُ وَلَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ.
وَقَالَ أَيْضًا: إذَا تَنَحْنَحَ يُسْمِعُ إنْسَانًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
وَقَالَ فِي مُخْتَصَرِ مَا لَيْسَ فِي الْمُخْتَصَرِ: ذَلِكَ كَلَامٌ لِقَوْلِ اللَّهِ عز وجل:
{فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا} [الإسراء: 23] وَأَخَذَ الْأَبْهَرِيُّ بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ قَالَ: إنَّهُ لَيْسَ لَهُ حُرُوفُ هِجَاءٍ.
وَالْقَوْلُ: إنَّ الصَّلَاةَ صَحِيحَةٌ إذَا تَنَحْنَحَ أَوْ نَفَخَ أَحْسَنُ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ الْكَلَامِ الْمُرَادِ بِالنَّهْيِ.
وَفِي الرِّسَالَةِ: النَّفْخُ فِي الصَّلَاةِ كَالْكَلَامِ وَالْعَامِدُ لِذَلِكَ مُفْسِدٌ لِصَلَاتِهِ.
(وَتَسْبِيحِ رَجُلٍ، أَوْ امْرَأَةٍ لِضَرُورَةٍ وَلَا يُصَفِّقْنَ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ بِالتَّسْبِيحِ فِي الصَّلَاةِ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، وَضَعُفَ أَمْرُ التَّصْفِيقِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ فَلْيُسَبِّحْ» عِيَاضٌ: وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: مَنْ سَبَّحَ فِي صَلَاتِهِ يُرِيدُ جَوَابَ غَيْرِهِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَكَذَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ.
ابْنُ الْقَاسِمِ: وَمَنْ اسْتَأْذَنَ رَجُلًا فِي بَيْتِهِ - وَهُوَ يُصَلِّي - فَسَبَّحَ بِهِ يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنْ يُعْلِمَهُ أَنَّهُ فِي صَلَاةٍ فَلَا بَأْسَ بِهِ.
(وَكَلَامٍ لِإِصْلَاحِهَا بَعْدَ سَلَامٍ) اُنْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ بَعْدَ هَذَا: " أَوْ كَلَامٍ، وَإِنْ
بِكُرْهٍ إلَّا لِإِصْلَاحِهَا ".
سَمِعَ عِيسَى: يَجُوزُ أَنْ يَسْأَلَ إمَامٌ مَأْمُومَهُ هَلْ تَمَّتْ صَلَاتُهُ أَمْ لَا.
ابْنُ رُشْدٍ: ظَاهِرُهُ أَنَّهُ سَأَلَ قَبْلَ السَّلَامِ وَهَذَا بَعِيدٌ؛ إذْ لَا ضَرُورَةَ بِالْإِمَامِ إلَى سُؤَالٍ قَبْلَ السَّلَامِ هَلْ أَكْمَلَ صَلَاتَهُ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ إذَا شَكَّ أَنْ يَبْنِيَ عَلَى الْيَقِينِ إلَّا أَنْ يُسَبِّحَ بِهِ فَيَرْجِعَ.
فَإِنْ سَأَلَهُمْ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ، أَوْ سَلَّمَ عَلَى شَكٍّ فَقَدْ أَفْسَدَ الصَّلَاةَ، وَإِنْ سَلَّمَ عَلَى يَقِينٍ ثُمَّ شَكَّ جَازَ لَهُ أَنْ يَسْأَلَهُمْ.
وَهَذَا بِخِلَافِ الَّذِي يُسْتَخْلَفُ سَاعَةَ دُخُولِهِ وَلَا عِلْمَ لَهُ بِمَا صَلَّى الْإِمَامُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ السُّؤَالُ.
وَإِذَا لَمْ يَفْهَمْ بِالْإِشَارَةِ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ لَمْ يَجِدْ الْمُسْتَخْلَفُ بُدًّا إلَّا أَنْ يَتَكَلَّمَ فَلَا بَأْسَ.
وَهُوَ صَحِيحٌ عَلَى الْمَعْلُومِ مِنْ مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَرِوَايَتِهِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا تَدْعُو إلَيْهِ الضَّرُورَةُ مِنْ إصْلَاحِ الصَّلَاةِ جَائِزٌ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ.
ابْنُ حَبِيبٍ: لِمَنْ رَأَى فِي ثَوْبِ إمَامِهِ نَجَاسَةً أَنْ يَدْنُوَ مِنْهُ وَيُخْبِرَهُ كَلَامًا.
وَقَالَ سَحْنُونَ: تَبْطُلُ.
ابْنُ الْعَرَبِيِّ: إذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ مِنْ اثْنَتَيْنِ سَبَّحَ بِهِ الْقَوْمُ رَجَاءَ أَنْ يَتَذَكَّرَ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ فَلْيُسَبِّحْ» فَإِنْ لَمْ يَفْقَهْ عَنْهُ فَلْيُصَرِّحْ لَهُ بِالْكَلَامِ فَإِنَّ الْكَلَامَ فِي مَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ جَائِزٌ إذَا اُحْتِيجَ لَهُ.
وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ سَلَّمَ مِنْ اثْنَتَيْنِ سَاهِيًا فَالْتَفَتَ فَتَكَلَّمَ فَإِنْ كَانَ شَيْئًا خَفِيفًا بَنَى عَلَى صَلَاتِهِ وَسَجَدَ لِسَهْوِهِ، وَإِنْ تَبَاعَدَ وَأَطَالَ الْقُعُودَ وَالْكَلَامَ ابْتَدَأَ الصَّلَاةَ وَلَا حَدَّ فِي ذَلِكَ.
وَأَمَّا إنْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ فَلْيُعِدْ الصَّلَاةَ وَقَدْ «تَكَلَّمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سَاهِيًا وَبَنَى عَلَى صَلَاتِهِ وَدَخَلَ فِيمَا بَنَى بِتَكْبِيرٍ وَسَجَدَ لِسَهْوِهِ بَعْدَ السَّلَامِ» .
(وَرَجَعَ إمَامٌ فَقَطْ لِعَدْلَيْنِ) اللَّخْمِيِّ: إذَا شَكَّ الْإِمَامُ وَمَنْ خَلْفَهُ فَأَخْبَرَهُمْ عَدْلَانِ أَنَّهُمْ أَتَمُّوا رَجَعُوا إلَيْهَا وَسَلَّمُوا.
وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: السُّنَّةُ قَدْ أُحْكِمَتْ إذَا شَكَّ الرَّجُلُ فِي صَلَاتِهِ أَنْ يَرْجِعَ إلَى يَقِينِهِ لَا إلَى يَقِينِ غَيْرِهِ فَذًّا كَانَ، أَوْ إمَامًا.
فَخَرَجَ مِنْ ذَلِكَ رُجُوعُ الْإِمَامِ إلَى يَقِينِ مَنْ خَلْفَهُ لِحَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ وَبَقِيَ مَا عَدَاهُ عَلَى الْأَصْلِ.
ابْنُ رُشْدٍ: وَإِذَا صَلَّى فَأَخْبَرَتْهُ زَوْجَتُهُ، أَوْ رَجُلٌ عَدْلٌ أَنَّهُ قَدْ صَلَّى لَمْ يَرْجِعْ إلَى قَوْلِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ يَعْتَرِيهِ كَثِيرًا.
رَوَاهُ ابْنُ نَافِعٍ وَعَنْ أَشْهَبَ: إنْ شَهِدَ رَجُلَانِ أَنَّهُ قَدْ أَتَمَّ صَلَاتَهُ أَجْزَأَهُ.
وَخَفَّفَهُ مَالِكٌ فِي الطَّوَافِ، وَوَجْهُهُ الْقِيَاسُ عَلَى الْحُقُوقِ، وَذَلِكَ بَعِيدٌ لِأَنَّهُمَا أَصْلَانِ مُفْتَرَقَانِ.
(إنْ لَمْ يَتَيَقَّنْ إلَّا لِكَثْرَتِهِمْ جِدًّا) ابْنُ بَشِيرٍ: إنْ أَخْبَرَ الْإِمَامَ مَنْ مَعَهُ فِي الصَّلَاةِ أَنَّهُ لَمْ يُتِمَّ فَإِنْ أَيْقَنَ بِخِلَافِ مَا قَالُوهُ فَلَا يَلْتَفِتُ إلَيْهِمْ إلَّا أَنْ يَكْثُرُوا حَتَّى يَكُونُوا مَنْ يَقَعُ بِهِمْ الْعِلْمُ
الضَّرُورِيُّ.
(وَلَا لِحَمْدِ عَاطِسٍ، أَوْ مُبَشِّرٍ وَنُدِبَ تَرْكُهُ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: لَا يُحَمِّدُ الْمُصَلِّي إنْ عَطَسَ فَإِنْ فَعَلَ فَفِي نَفْسِهِ، وَتَرْكُهُ خَيْرٌ لَهُ.
ابْنُ الْعَرَبِيِّ: هَذَا غُلُوٌّ بِأَنْ يَحْمَدَ اللَّهَ جَهْرًا وَتَكْتُبَهُ الْمَلَائِكَةُ فَضْلًا وَأَجْرًا.
وَقَالَ أَبُو عُمَرَ: لَا تُفْسِدُ صَلَاتَهُ تِلَاوَةُ الْقُرْآنِ عَلَى حَالٍ مِنْ الْأَحْوَالِ، وَلَا شَيْءٌ مِنْ الدُّعَاءِ وَالِابْتِهَالِ، وَسَمِعَ مُوسَى: لَا يُعْجِبُنِي قَوْلُهُ لِمُخْبِرٍ سَمِعَهُ " الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ "، أَوْ عَلَى كُلِّ حَالٍ أَوْ اسْتِرْجَاعِهِ.
وَقَالَ مَالِكٌ: مَنْ قَالَ لِسَمَاعِ قِرَاءَةِ إمَامِهِ لِلْإِخْلَاصِ: اللَّهُ كَذَلِكَ لَمْ يُعِدْ (وَلَا لِجَائِزٍ كَإِنْصَاتٍ
قَلَّ لِمُخْبِرٍ وَتَرْوِيحِ رِجْلَيْهِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ ابْتَلَعَ حَبَّةً بَيْنَ أَسْنَانِهِ، أَوْ أَنْصَتَ لِمُخْبِرٍ يَسِيرًا، أَوْ رَوَّحَ رِجْلَيْهِ وَالْتَفَتَ غَيْرَ مُسْتَدْبِرٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
(وَقَتْلِ عَقْرَبٍ تُرِيدُهُ) رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ أَرَادَتْهُ حَيَّةٌ وَهُوَ يُصَلِّي
قَتَلَهَا.
ابْنُ رُشْدٍ: وَتَمَادَى مَا لَمْ يُطِلْ.
وَلَهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ إنْ أَرَادَتْهُ الْعَقْرَبُ وَنَسِيَ أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ وَقَتَلَهَا فَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا إنْ لَمْ تُرِدْهُ وَنَسِيَ أَيْضًا أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ وَقَتَلَهَا فَقِيلَ: يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ وَقِيلَ: بَطَلَتْ صَلَاتُهُ.
(وَإِشَارَةٍ لِسَلَامٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: لَمْ يَكْرَهْ مَالِكٌ السَّلَامَ عَلَى الْمُصَلِّي لِأَنَّهُ قَالَ: مَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ وَهُوَ يُصَلِّي فَرِيضَةً، أَوْ نَافِلَةً فَلْيَرُدَّ بِيَدِهِ أَوْ رَأْسِهِ مُشِيرًا (أَوْ حَاجَةٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا بَأْسَ
بِالْإِشَارَةِ الْخَفِيفَةِ فِي الصَّلَاةِ إلَى الرَّجُلِ لِبَعْضِ حَوَائِجِهِ.
وَقَدْ أَجَازَ لَهُ مَالِكٌ أَنْ يَرُدَّ جَوَابًا بِالْإِشَارَةِ فَهَذَا مِثْلُهُ.
ابْنُ الْمَاجِشُونِ: وَلَا بَأْسَ بِالْمُصَافَحَةِ فِي الصَّلَاةِ.
(لَا عَلَى مُشَمِّتٍ) تَقَدَّمَ نَصُّهَا: لَا يَرُدُّ عَلَى مَنْ
شَمَّتَهُ وَلَا إشَارَةً (كَأَنِينٍ لِوَجَعٍ) تَقَدَّمَ قَوْلُ الْمَازِرِيِّ أَنِينٌ لِوَجَعٍ عَفْوٌ.
(وَبُكَاءِ تَخَشُّعٍ) فِي الصَّحِيحِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُسْمِعَ النَّاسَ مِنْ الْبُكَاءِ. عِيَاضٌ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْبُكَاءَ فِي الصَّلَاةِ جَائِزٌ وَغَيْرُ مُفْسِدٍ لَهَا قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى: {خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا} [مريم: 58](وَإِلَّا فَكَالْكَلَامِ) قَالَ سَنَدٌ: اتَّفَقَ النَّاسُ أَنَّ الْبُكَاءَ بِصَوْتٍ مُبْطِلٌ، وَإِنْ كَانَ مِنْ مُصِيبَةٍ، أَوْ وَجَعٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ الْخُشُوعِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (كَسَلَامٍ عَلَى مُفْتَرِضٍ) تَقَدَّمَ نَصُّهَا لَمْ يَكْرَهْ مَالِكٌ السَّلَامَ عَلَى الْمُصَلِّي (وَلَا لِتَبَسُّمٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ
مَالِكٌ: لَا شَيْءَ عَلَى الْمُصَلِّي إنْ تَبَسَّمَ.
ابْنُ الْقَاسِمِ: سَاهِيًا كَانَ، أَوْ عَامِدًا.
(وَفَرْقَعَةِ أَصَابِعَ) تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَفَرْقَعَتُهَا "(وَالْتِفَاتٍ بِلَا حَاجَةٍ) الْبَاجِيُّ: لَا خِلَافَ أَنَّ الِالْتِفَاتَ الْخَفِيفَ لَا يُبْطِلُ وَيُكْرَهُ لِغَيْرِ سَبَبٍ.
(وَتَعَمُّدِ بَلْعِ مَا بَيْنَ أَسْنَانِهِ وَحَكِّ جَسَدِهِ) تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَلَا لِجَائِزٍ " وَعِنْدَ قَوْلِهِ: " وَإِصْلَاحِ رِدَاءٍ ".
(وَذِكْرٍ قَصَدَ بِهِ التَّفْهِيمَ بِمَحَلِّهِ، وَإِلَّا بَطَلَتْ) تَقَدَّمَ نَصُّ الْكَافِي قَبْلَ قَوْلِهِ: " وَلَا لِجَائِزٍ ".
وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: مَا جَازَ لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ فِي صَلَاتِهِ مِنْ مَعْنَى الذِّكْرِ وَالْقِرَاءَةِ فَرَفَعَ بِذَلِكَ صَوْتَهُ لِيُنَبِّهَ رَجُلًا، وَلِيَسْتَوْقِفَهُ فَذَلِكَ جَائِزٌ. وَقَدْ اسْتَأْذَنَ رَجُلٌ عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ وَهُوَ يُصَلِّي فَقَالَ:{ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} [يوسف: 99] فَلَمْ يَذْكُرْ ابْنُ يُونُسَ غَيْرَ هَذَا كَأَنَّهُ الْمَذْهَبُ.
وَقَالَ الْمَازِرِيُّ: تَرَدَّدَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فِي هَذَا ثُمَّ قَالَ: لَوْ أَفْرَدَهُ عَلَى وَجْهِ التِّلَاوَةِ وَقَصَدَ بِهِ التَّنْبِيهَ لَمْ يَبْعُدْ أَنْ يُقَالَ بِصِحَّةِ صَلَاتِهِ انْتَهَى.
وَكَانَ بَعْضُ الشُّيُوخِ يَقُولُ: يَنْبَغِي عَلَى هَذَا أَنْ يَقُولَ: الْمُنَبِّهُ لِلْإِمَامِ بِقِيَامِ ثَالِثِهِ: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238] بِالْوَاوِ وَانْظُرْ لَوْ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ لَكَانَ أَوْلَى بِاتِّفَاقٍ.
وَسَمِعَ مُوسَى: لَا بَأْسَ لِلْمُصَلِّي أَنْ يَقُولَ: سُبْحَانَ اللَّهِ يَنْوِي بِذَلِكَ إخْبَارَ مَنْ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْهِ أَنَّهُ يُصَلِّي.
ابْنُ رُشْدٍ: أَجَازَ التَّسْبِيحَ هُنَا، وَإِنْ كَانَ فِيمَا لَا يَتَعَلَّقُ بِإِصْلَاحِ الْحَدِيثِ:«مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ فَلْيُسَبِّحْ» لِأَنَّهُ كَلَامٌ قَائِمٌ مُسْتَقِلٌّ بِنَفْسِهِ فَيُحْمَلُ عَلَى عُمُومِهِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِإِصْلَاحِ الصَّلَاةِ وَفِيمَا لَا يَتَعَلَّقُ بِإِصْلَاحِهَا.
وَإِنْ كَانَ الْكَلَامُ خَرَجَ بِذَلِكَ السَّبَبِ. وَاخْتُلِفَ فِيمَا عَدَا التَّسْبِيحَ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ إذَا رَفَعَ بِذَلِكَ صَوْتَهُ لِإِنْبَاهِ رَجُلٍ فَلَمْ يَرَ ذَلِكَ أَشْهَبُ كَالْكَلَامِ، وَرَآهُ ابْنُ الْقَاسِمِ كَالْكَلَامِ وَأَفْسَدَ بِهِ الصَّلَاةَ.
وَانْظُرْ فِي تَكْبِيرِ الْمُكَبِّرِ فِي الْجَوَامِعِ هَلْ يَدْخُلُهُ هَذَا الِاخْتِلَافُ أَمْ لَا؟ .
وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُهُ لِأَنَّهُ مِمَّا يَخْتَصُّ بِإِصْلَاحِ الصَّلَاةِ انْتَهَى.
نَصَّ ابْنُ رُشْدٍ: وَقَالَ الْمَازِرِيُّ: اخْتَلَفَ شُيُوخُنَا فِي الصَّلَاةِ بِالْمُسْمِعِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْمُقْتَدَى بِهِ اقْتَدَى بِغَيْرِ إمَامٍ، ثُمَّ قَالَ: وَحَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ حُجَّةٌ لِمَنْ أَجَازَ.
وَسَمِعَ ابْنُ وَهْبٍ لَوْ جَهَرَ الْمَأْمُومُ بِرَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ وَبِالتَّكْبِيرِ جَهْرًا يُسْمِعُ مَنْ يَلِيهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَتَرْكُهُ أَحَبُّ إلَيَّ.
ابْنُ يُونُسَ: يُرِيدُ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ الْإِمَامُ فِي إسْمَاعِ مَنْ يَبْعُدُ فَذَلِكَ حَسَنٌ وَلَهُ أَجْرُ التَّنْبِيهِ.
وَفِي آخِرِ كِتَابِ الْبُخَارِيِّ
مِنْ الْجَنَائِزِ مَا يُؤَيِّدُ هَذَا.
وَفِي الْمُوَطَّأِ فِي الَّذِي رَفَعَ صَوْتَهُ بِرَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ حَمْدًا كَثِيرًا إلَى آخِرِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِرَفْعِ الصَّوْتِ وَرَاءَ الْإِمَامِ بِرَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ لِمَنْ أَرَادَ الْإِعْلَامَ وَالْإِسْمَاعَ لِلْجَمَاعَةِ الْكَثِيرَةِ بِقَوْلِهِ ذَلِكَ لِأَنَّ الذِّكْرَ كُلَّهُ مِنْ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ جَائِزٌ فِي الصَّلَاةِ بَلْ هُوَ مَحْمُودٌ وَمَمْدُوحٌ فَاعِلُهُ بِدَلِيلِ الْحَدِيثِ الْآخَرِ.
قَالَ أَبُو عُمَرَ: فَفِي مَدْحِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِهَذَا الرَّجُلِ وَتَعْرِيفِهِ النَّاسَ بِفَضْلِ كَلَامِهِ وَفَضْلِ مَا صَنَعَ مِنْ رَفْعِ صَوْتِهِ بِذَلِكَ الذِّكْرِ أَوْضَحُ الدَّلَائِلِ عَلَى جَوَازِ الْفِعْلِ، مِنْ كُلِّ مَنْ فَعَلَهُ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ جَاءَ لِأَنَّهُ ذِكْرٌ لِلَّهِ وَتَعْظِيمٌ لَهُ يَصْلُحُ مِثْلُهُ فِي الصَّلَاةِ سِرًّا أَوْ جَهْرًا.
أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ تَكَلَّمَ فِي صَلَاتِهِ بِكُلِّ كَلَامٍ يُفْهَمُ عَنْهُ غَيْرِ الْقُرْآنِ وَالذِّكْرِ سِرًّا مَا جَازَ كَمَا لَا يَجُوزُ جَهْرًا وَهَذَا وَاضِحٌ.
انْتَهَى نَصُّ أَبِي عُمَرَ.
وَقَالَ عِيَاضٌ: مِنْ وَظَائِفِ الْإِمَامِ أَنْ يَجْزِمَ تَحْرِيمَهُ وَتَسْلِيمَهُ وَلَا يَمُطَّهُمَا لِئَلَّا يُسَابِقَهُ بِهِمَا مَنْ وَرَاءَهُ، وَأَنْ يَرْفَعَ صَوْتَهُ بِالتَّكْبِيرِ كُلِّهِ وَسَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ لِيَقْتَدِيَ بِهِ مَنْ وَرَاءَهُ.
(كَفَتْحٍ عَلَى مَنْ لَيْسَ مَعَهُ فِي صَلَاةٍ عَلَى الْأَصَحِّ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: لَا يَفْتَحُ أَحَدٌ عَلَى مَنْ لَيْسَ مَعَهُ فِي الصَّلَاةِ وَلَا مُصَلٍّ عَلَى مُصَلٍّ آخَرَ.
ابْنُ الْقَاسِمِ: فَإِنْ فَعَلَ أَعَادَ صَلَاتَهُ أَبَدًا وَهُوَ كَالْكَلَامِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَابْنِ حَبِيبٍ.
(وَبَطَلَتْ بِقَهْقَهَةٍ وَتَمَادَى
الْمَأْمُومُ إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى التَّرْكِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: إنْ قَهْقَهَ الْمُصَلِّي قَطَعَ وَابْتَدَأَ، وَإِنْ كَانَ مَأْمُومًا تَمَادَى مَعَ الْإِمَامِ، فَإِذَا فَرَغَ الْإِمَامُ أَعَادَ الصَّلَاةَ.
قَالَ سَحْنُونَ: وَإِذَا ضَحِكَ الْإِمَامُ نَاسِيًا فَإِنْ كَانَ شَيْئًا خَفِيفًا سَجَدَ لِسَهْوِهِ، وَإِنْ كَانَ عَامِدًا، أَوْ جَاهِلًا أَفْسَدَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ.
وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ: مَنْ قَهْقَهَ عَامِدًا، أَوْ نَاسِيًا أَوْ مَغْلُوبًا فَسَدَتْ عَلَيْهِ صَلَاتُهُ.
فَإِنْ كَانَ وَحْدَهُ قَطَعَ، وَإِنْ كَانَ مَأْمُومًا تَمَادَى وَأَعَادَ، وَإِنْ كَانَ إمَامًا اسْتَخْلَفَ فِي السَّهْوِ وَالْغَلَبَةِ وَيَبْتَدِئُ فِي الْعَمْدِ.
ابْنُ يُونُسَ: الْقِيَامُ مَا قَالَهُ سَحْنُونَ لِأَنَّهُ كَالْكَلَامِ لِأَنَّهُمْ جَعَلُوا النَّفْخَ كَالْكَلَامِ فَهَذَا أَشْبَهُ مِنْهُ، وَقَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ أَحْوَطُ.
وَسَمِعَ عِيسَى بْنُ الْقَاسِمِ إنْ كَانَ إمَامًا اسْتَخْلَفَ فِي الْغَلَبَةِ وَأَتَمَّ هُوَ صَلَاتَهُ مَعَهُمْ، ثُمَّ يُعِيدُ إذَا فَرَغُوا.
ابْنُ رُشْدٍ: قَوْلُهُ مَعَهُمْ صَحِيحٌ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنَّ الْمَأْمُومَ يَتَمَادَى وَلَا يَقْطَعُ فَإِذَا لَمْ يَقْطَعْ الْمَأْمُومُ مِنْ أَجْلِ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ الَّتِي قَدْ دَخَلَ فِيهَا فَالْإِمَامُ بِمَنْزِلَتِهِ.
وَقَوْلُهُ: " ثُمَّ يُعِيدُ " هُوَ عَلَى أَصْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الْمَأْمُومِ، وَإِمَامِهِمْ فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِمْ وَسَوَاءٌ تَعَمَّدَ النَّظَرَ وَالِاسْتِمَاعَ فِي صَلَاتِهِ إلَى مَنْ يَضْحَكُ فَيَغْلِبُهُ الضَّحِكُ فِيهَا أَمْ لَا.
وَكَذَلِكَ النَّاسِي كَالْمَغْلُوبِ يُقَدَّمُ إنْ كَانَ إمَامًا وَيَتَمَادَى مَعَ الْإِمَامِ إنْ كَانَ مَأْمُومًا.
قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَرَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ وَهُوَ الْآتِي عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتِهِ عَنْ مَالِكٍ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ وَابْنِ الْمَوَّازِ: إنَّ الضَّحِكَ نَاسِيًا بِمَنْزِلَةِ الْكَلَامِ نَاسِيًا، وَأَمَّا الَّذِي يَضْحَكُ مُخْتَارًا لِلضَّحِكِ وَلَوْ شَاءَ أَنْ يُمْسِكَ عَنْهُ أَمْسَكَ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ أَبْطَلَ عَلَى نَفْسِهِ صَلَاتَهُ وَصَلَاةَ مَنْ خَلْفَهُ إنْ كَانَ إمَامًا وَلَا يَتَمَادَى عَلَيْهَا فَذًّا كَانَ، أَوْ إمَامًا، أَوْ مَأْمُومًا.
وَالضَّحِكُ فِي الصَّلَاةِ أَشَدُّ مِنْ الْكَلَامِ لِمَا فِيهِ مِنْ اللَّهْوِ وَقِلَّةِ الْوَقَارِ وَمُخَالَفَةِ الْخُشُوعِ.
وَإِذَا ذَكَرَ الْإِمَامُ بَعْدَ فَرَاغِهِ أَنَّهُ لَمْ يَقْرَأْ فَلْيُعِدْ الصَّلَاةَ هُوَ وَمَنْ خَلْفَهُ بِخِلَافِ مَنْ ذَكَرَ أَنَّهُ كَانَ جُنُبًا.
ابْنُ يُونُسَ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ، رَاجِعْ تَرْجَمَتَهُ مِنْ الْغُسْلِ.
(كَتَكْبِيرِهِ لِلرُّكُوعِ بِلَا نِيَّةِ إحْرَامٍ) ابْنُ رُشْدٍ: نَسِيَ الْمَأْمُومُ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ وَكَبَّرَ لِلرُّكُوعِ وَلَمْ يَنْوِ بِهَا تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ تَمَادَى مَعَ الْإِمَامِ وَأَعَادَ.
وَإِنْ نَسِيَهَا الْفَذُّ وَالْإِمَامُ فَلَا بُدَّ لَهُمَا مِنْ اسْتِئْنَافِ الصَّلَاةِ فَإِنْ نَوَوْا بِتَكْبِيرَةِ الرُّكُوعِ الْإِحْرَامَ أَجْزَأَتْ الْمَأْمُومَ وَلَمْ تَجْزِ الْفَذَّ وَالْإِمَامَ وَعَلَيْهِمَا اسْتِئْنَافُ الصَّلَاةِ.
(وَذِكْرِ فَائِتَةٍ) تَقَدَّمَ قَوْلُهُ: " وَإِنْ ذَكَرَ الْيَسِيرَ فِي الصَّلَاةِ قَطَعَ فَذٌّ وَشَفَعَ إنْ رَكَعَ لَا مُؤْتَمٌّ ".
وَإِنَّمَا كَرَّرَ هَذَا هُنَا لِيَذْكُرَهَا مَعَ نَظَائِرِهَا.
يَقُولُ الشُّيُوخُ: مَسَاجِنُ الْإِمَامِ ثَلَاثَةٌ وَيَذْكُرُونَ هَذِهِ الْفُرُوعَ الثَّلَاثَةَ: الْقَهْقَهَةَ وَتَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ وَذِكْرَ الْفَائِتَةِ.
وَلِهَذَا قَالَ: " كَتَكْبِيرِهِ لِلرُّكُوعِ وَذِكْرِ فَائِتَةٍ " فَأَتَى بِكَافِ التَّشْبِيهِ يَعْنِي أَنَّ الْمَأْمُومَ يَتَمَادَى وَعَطَفَ عَلَيْهِ " وَذِكْرِ فَائِتَةٍ " مِنْ غَيْرِ إعَادَةِ الْبَاءِ؛ إذْ لَيْسَ بِمَعْطُوفٍ عَلَى " قَهْقَهَةٍ " فَكَلَامُهُ فِي غَايَةٍ مِنْ الْحُسْنِ وَالِاخْتِصَارِ تَكَلَّمَ عَلَى الْمَسْأَلَتَيْنِ فِي
مَوْضِعَيْهِمَا بِكَلَامٍ مُحْكَمٍ وَأَتَى بِهِمَا مَعَ الْقَهْقَهَةِ تَنْبِيهًا وَتَنْظِيرًا لَا يُهْتَدَى لِمِثْلِهِ فِي الْكُتُبِ الْمَبْسُوطَةِ إلَّا الْقَلِيلَ.
(وَبِحَدَثٍ) هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى: " بِقَهْقَهَةٍ " التَّلْقِينُ: يُفْسِدُ الصَّلَاةَ طُرُوُّ الْحَدَثِ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ مِنْ سَهْوٍ وَعَمْدٍ وَغَلَبَةٍ.
(وَبِسُجُودٍ لِفَضِيلَةٍ) أَشْهَبُ: مَنْ سَجَدَ لِتَرْكِ قُنُوتٍ، أَوْ تَسْبِيحٍ قِيلَ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ ابْنُ عَرَفَةَ: هُوَ دَلِيلُ الْمُدَوَّنَةِ.
ابْنُ رُشْدٍ: مَنْ سَجَدَ لِتَرْكِ الْقُنُوتِ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ بِخِلَافِ مَنْ تَرَكَ التَّسْبِيحَ فَسَجَدَ (أَوْ لِتَكْبِيرِهِ) فِي الْمُدَوَّنَةِ: لَا يَسْجُدُ لِتَرْكِ تَكْبِيرِهِ.
وَفِي التَّفْرِيعِ: يَسْجُدُ.
قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ.
(وَبِمُشْغِلٍ عَنْ فَرْضٍ وَعَنْ سُنَّةٍ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ) ابْنُ بَشِيرٍ: قَالَ الْأَشْيَاخُ فِي الْمُصَلِّي وَهُوَ يُدَافِعُ الْحَدَثَ: إنْ مَنَعَهُ الْحَدَثُ إتْمَامَ الْفَرْضِ أَعَادَ أَبَدًا، وَإِنْ مَنَعَهُ مِنْ إتْمَامِ السُّنَنِ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ وَلَا يُعِيدُ بَعْدَهُ، وَإِنْ مَنَعَهُ مِنْ إتْمَامِ الْفَضَائِلِ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ.
وَفِي الْمُدَوَّنَةِ: مَا خَفَّ مِنْ حَقْنٍ أَوْ قَرْقَرَةٍ صَلَّى بِهِ.
الْبَاجِيُّ: وَإِنْ ضَمَّ بَيْنَ وَرِكَيْهِ قَطَعَ قَالَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ.
(وَبِزِيَادَةِ أَرْبَعٍ) ابْنُ بَشِيرٍ: إنْ زَادَ فِي الرُّبَاعِيَّةِ مِثْلَهَا فَالْمَشْهُورُ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ بُطْلَانُ الصَّلَاةِ.
ابْنُ رُشْدٍ: إنْ شَكَّ فِي الزِّيَادَةِ الْكَثِيرَةِ فِي أَفْعَالِ الصَّلَاةِ أَجْزَأَهُ فِي ذَلِكَ سُجُودُ السَّهْوِ بِاتِّفَاقٍ بِخِلَافِ الَّذِي يُوقِنُ بِالزِّيَادَةِ (كَرَكْعَتَيْنِ فِي الثُّنَائِيَّةِ) الْجُزُولِيُّ: مَنْ قَالَ فِي الرُّبَاعِيَّةِ تَبْطُلُ إذَا زَادَ مِثْلَهَا فِيهَا يَخْتَلِفُ فِي الثُّنَائِيَّةِ وَقَدْ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الْوِتْرِ إذَا شَفَعَهُ سَجَدَ وَهُوَ قَدْ زَادَ مِثْلَهُ.
وَاخْتُلِفَ فِي الثُّلَاثِيَّةِ فَقِيلَ: كَالرُّبَاعِيَّةِ وَقِيلَ: كَالثُّنَائِيَّةِ.
اُنْظُرْ قَبْلَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَمُقْتَصِرٍ عَلَى شَفْعٍ ".
(وَبِتَعَمُّدٍ كَسَجْدَةٍ) ابْنُ عَرَفَةَ: يَسِيرُ عَمْدِ فِعْلٍ
مَا مِنْ نَوْعِهَا - وَلَوْ سَجْدَةً - مُبْطِلٌ وَسَهْوُهُ مُنْجَبِرٌ (أَوْ نَفْخٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: النَّفْخُ فِي الصَّلَاةِ كَالْكَلَامِ.
ابْنُ الْقَاسِمِ: فَإِنْ نَفَخَ عَامِدًا، أَوْ جَاهِلًا أَعَادَ، وَإِنْ كَانَ سَاهِيًا سَجَدَ لِسَهْوِهِ.
(أَوْ أَكْلٍ، أَوْ شُرْبٍ) الَّذِي لِابْنِ رُشْدٍ مَنْ أَكَلَ فِي صَلَاتِهِ نَاسِيًا، أَوْ شَرِبَ وَلَمْ يُطِلْ فَقِيلَ: يَسْجُدُ وَقِيلَ: تَبْطُلُ صَلَاتُهُ انْتَهَى.
فَمِنْ بَابٍ أَوْلَى إنْ كَانَ الْأَكْلُ عَمْدًا أَنْ تَبْطُلَ الصَّلَاةُ عَلَى الْقَوْلِ الْوَاحِدِ يَبْقَى النَّظَرُ عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ لِابْنِ رُشْدٍ إنْ ابْتَلَعَ الْقَيْءَ مُتَعَمِّدًا وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى طَرْحِهِ لَا خِلَافَ فِي فَسَادِ صَلَاتِهِ.
وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ تَكَلَّمَ، أَوْ سَلَّمَ مِنْ اثْنَتَيْنِ، أَوْ شَرِبَ نَاسِيًا سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ، وَإِنْ كَانَ مَأْمُومًا حَمَلَهُ عَنْهُ إمَامُهُ.
وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ إنْ سَلَّمَ مِنْ اثْنَتَيْنِ سَاهِيًا وَانْصَرَفَ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ ابْتَدَأَ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يُطِلْ.
ابْنُ عَرَفَةَ: وَرُوِيَتْ بِالْوَاوِ.
عِيَاضٌ: وَذَلِكَ أَصْوَبُ وَالْأُخْرَى عَلَى أَنَّ الِانْصِرَافَ مَعَهُ طُولٌ، أَوْ أَطَالَ الشُّرْبَ. وَيُخَرَّجُ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ قَوْلَانِ فِي خَبَرٍ، خَفِيفُ الْأَكْلِ وَنَحْوُهُ وَبُطْلَانُهَا بِهِ.
(وَقَيْءٍ) تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ: أَوْ " قَاءَ غَلَبَةً "(أَوْ كَلَامٍ، وَإِنْ بِكُرْهٍ) تَقَدَّمَ نَصُّهَا مَنْ تَكَلَّمَ سَاهِيًا سَجَدَ وَعَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ.
ابْنُ شَاسٍ: وَكَذَا مَنْ أُكْرِهَ عَلَى الْكَلَامِ فَتَكَلَّمَ كُرْهًا فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُلُ (أَوْ وَجَبَ لِكَإِنْقَاذِ أَعْمَى) الْمَازِرِيُّ: إذَا تَكَلَّمَ عَمْدًا لِاسْتِنْقَاذِ أَعْمَى مُسْلِمٍ كَتَحْذِيرِ أَعْمَى مِنْ الْوُقُوعِ فِي مَهْلَكَةٍ فَإِنَّهُ عِنْدَنَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ، وَإِنْ كَانَ الْكَلَامُ وَاجِبًا.
قَالَ اللَّخْمِيِّ: وَإِنْ كَانَ هَذَا الْمُصَلِّي فِي خِنَاقٍ مِنْ الْوَقْتِ لَمْ يُبْطِلْ كَلَامُهُ الصَّلَاةَ قِيَاسًا عَلَى الْمَسَايِفِ فِي الْحَرْبِ لَعَلَّهُ اشْتِرَاكُهُمَا فِي إحْيَاءِ النَّفْسِ، وَفِي هَذَا التَّشْبِيهِ نَظَرٌ وَلَوْ خَافَ الْمُصَلِّي عَلَى تَلَفِ مَالٍ كَثِيرٍ لَهُ، أَوْ لِغَيْرِهِ تَكَلَّمَ وَأَبْطَلَ الْكَلَامُ صَلَاتَهُ أَيْضًا.
(إلَّا
لِإِصْلَاحِهِمَا فَبِكَثِيرِهِ) الْمَازِرِيُّ كَلَامُ الْمُتَعَمِّدِ الْمُضْطَرِّ لِلْكَلَامِ لِإِصْلَاحِ الصَّلَاةِ كَالْمَأْمُومِ يَتَكَلَّمُ لِيُشْعِرَ إمَامَهُ بِسَهْوٍ فِي صَلَاتِهِ دَخَلَ عَلَيْهِ، فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ.
اُنْظُرْ عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَكَلَامٍ لِإِصْلَاحِهَا ".
(وَبِسَلَامٍ وَأَكْلٍ وَشُرْبٍ وَفِيهَا إنْ أَكَلَ، أَوْ شَرِبَ انْجَبَرَ وَهَلْ اخْتِلَافٌ، أَوْ لَا لِلْمُسَلِّمِ فِي الْأُولَى، أَوْ لِلْجَمِيعِ؟ تَأْوِيلَانِ) اُنْظُرْ عِنْدَ قَوْلِهِ: " أَوْ أَكْلٍ "(وَبِانْصِرَافِهِ لِحَدَثٍ تَمَّ تَبَيَّنَ نَفْيُهُ) اُنْظُرْ عِنْدَ قَوْلِهِ: " كَظَنِّهِ فَخَرَجَ فَظَهَرَ نَفْيُهُ ".
(كَمُسْلِمٍ شَكَّ فِي الْإِتْمَامِ ثُمَّ ظَهَرَ الْكَمَالُ عَلَى الْأَظْهَرِ) ابْنُ رُشْدٍ: إنْ سَلَّمَ شَاكًّا
فِي تَمَامِ صَلَاتِهِ، ثُمَّ أَيْقَنَ بَعْدَ سَلَامِهِ أَنَّهُ قَدْ كَانَ أَتَمَّهَا فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: صَلَاتُهُ جَائِزَةٌ كَمَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً لَا يَدْرِي أَنَّ زَوْجَهَا حَيٌّ أَمْ لَا، ثُمَّ انْكَشَفَ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ انْقَضَتْ الْعِدَّةُ أَنَّ نِكَاحَهُ جَائِزٌ.
وَقَدْ قِيلَ: إنَّ صَلَاتَهُ فَاسِدَةٌ وَهُوَ أَظْهَرُ.
(وَبِسُجُودِ الْمَسْبُوقِ مَعَ الْإِمَامِ بَعْدِيًّا، أَوْ قَبْلِيًّا إنْ لَمْ يَلْحَقْ رَكْعَةً) رَوَى زِيَادٌ عَنْ مَالِكٍ مَنْ دَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ وَلَمْ يُدْرِكْ مِنْهَا شَيْئًا وَعَلَى الْإِمَامِ سُجُودُ السَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ أَنَّهُ يَسْجُدُ مَعَهُ وَلَا يَسْجُدُ مَعَهُ إنْ كَانَ بَعْدَ السَّلَامِ.
ابْنُ رُشْدٍ: وَهَذَا هُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي رِوَايَةِ عِيسَى.
الْمَازِرِيُّ: وَقَالَهُ سَحْنُونَ.
ابْنُ رُشْدٍ: وَقِيلَ إنَّهُ لَا يَسْجُدُ مَعَهُ كَانَ السُّجُودُ قَبْلَ السَّلَامِ، أَوْ بَعْدَهُ وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ فِي الْمُدَوَّنَةِ.
ثُمَّ وَجَّهَ ابْنُ رُشْدٍ الْأَقْوَالَ الثَّلَاثَةَ.
وَفِي مُخْتَصَرِ الطُّلَيْطِلِيِّ: إنْ سَجَدَ الْقَبْلِيِّ مَعَ الْإِمَامِ أَبْطَلَ عَلَى نَفْسِهِ الصَّلَاةَ.
(وَإِلَّا سَجَدَ وَلَوْ تَرَكَ إمَامُهُ أَمْ لَمْ يُدْرِكْ مُوجِبَهُ وَأَخَّرَ الْبَعْدِيَّ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ عَقَدَ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً فَوَجَبَ عَلَى الْإِمَامِ سُجُودُ سَهْوٍ، فَإِنْ كَانَ قَبْلَ السَّلَامِ سَجَدَ مَعَهُ قَبْلَ
الْقَضَاءِ وَبِهِ يَجْزِ وَلَا يُعِيدُهُ قَبْلَ سَلَامِهِ هُوَ لِنَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَ سَهْوُ الْإِمَامِ بَعْدَ السَّلَامِ فَلَا يَسْجُدُ مَعَهُ حَتَّى يَقْضِيَ.
قَالَ: وَلْيَنْهَضْ الْمَأْمُومُ لِلْقَضَاءِ إنْ شَاءَ حِينَ سَلَّمَ الْإِمَامُ مِنْ الصَّلَاةِ، أَوْ مِنْ السُّجُودِ، فَإِنْ جَلَسَ الْمَأْمُومُ حَتَّى يُسَلِّمَ الْإِمَامُ مِنْ سَهْوِهِ فَلَا يَتَشَهَّدُ وَلْيَذْكُرْ اللَّهَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَقُومَ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ مِنْ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ قَدْ انْقَضَتْ صَلَاتُهُ حِينَ سَلَّمَ، وَلَوْ أَحْدَثَ الْمَأْمُومُ بَعْدَ السَّلَامِ أَجْزَأَتْ عَنْهُ صَلَاتُهُ فَبَعْدَ قَضَائِهِ يَسْجُدُ كَمَا يَسْجُدُ إمَامُهُ، سَهَا الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ مَعَهُ أَمْ لَا ذَلِكَ سَوَاءٌ.
وَوَقَعَ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُسْتَخْرَجَةِ عَكْسُ هَذَا قَالَ: لِأَنَّ قِيَامَهُ وَحْدَهُ وَالْإِمَامُ سَاجِدٌ سَمَاجَةٌ وَشُهْرَةٌ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنْ دَخَلَ عَلَيْهِ فِيمَا يَقْضِي سَهْوٌ، فَإِنْ كَانَ نُقْصَانًا سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ لِسَهْوِهِ وَلِسَهْوِ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ وَنَقْصٌ، وَإِنْ كَانَ زِيَادَةً سَجَدَ لَهُمَا بَعْدَ السَّلَامِ، وَإِنْ كَانَ سُجُودُ الْإِمَامِ قَبْلَ السَّلَامِ فَسَجَدَ مَعَهُ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهِ فِيمَا يَقْضِي سَهْوٌ فَإِنْ كَانَ نُقْصَانًا سَجَدَ قَبْلَ
السَّلَامِ وَإِنْ كَانَ زِيَادَةً سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ.
وَقَالَ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ: إنْ جَهِلَ فَسَجَدَ مَعَهُ سُجُودَ سَهْوٍ بَعْدَ السَّلَامِ، ثُمَّ قَامَ فَقَضَى فَلْيُعِدْهُمَا بَعْدَ السَّلَامِ أَحَبُّ إلَيَّ وَيُعِيدُهُمَا مَتَى مَا ذَكَرَ.
قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: عَذَرَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ بِالْجَهْلِ فَحَكَمَ لَهُ بِحُكْمِ النِّسْيَانِ مُرَاعَاةً لِقَوْلِ سُفْيَانَ فِي الْمُدَوَّنَةِ.
وَوَجْهُ قَوْلِ سُفْيَانَ أَنَّ السَّجْدَتَيْنِ، وَإِنْ كَانَتَا بَعْدَ السَّلَامِ فَهُمَا مِنْ تَمَامِ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَقَدْ دَخَلَ مَعَهُ فِيهَا فَوَجَبَ أَنْ لَا يُخَالِفَهُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا.
انْتَهَى نَصُّ ابْنِ رُشْدٍ.
وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ سَهَا إمَامٌ عَنْ سُجُودِ سَهْوِهِ سَجَدَ مَأْمُومُهُ.
ابْنُ رُشْدٍ: فَإِنْ كَانَ السُّجُودُ مِمَّا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِتَرْكِهِ وَلَمْ يَرْجِعْ بِالْقُرْبِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَصَحَّتْ صَلَاتُهُمْ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَا لَا يَحْمِلُهُ الْإِمَامُ عَمَّنْ خَلْفَهُ فَلَا يَكُونُ سَهْوُهُ عَنْهُ سَهْوًا لَهُمْ إذَا هُمْ فَعَلُوهُ وَهَذَا أَصْلٌ.
(وَلَا سَهْوَ عَلَى مُؤْتَمٍّ حَالَ الْقُدْوَةِ) الرِّسَالَةُ: وَكُلُّ سَهْوٍ سَهَاهُ الْمَأْمُومُ فَالْإِمَامُ يَحْمِلُهُ عَنْهُ إلَّا رَكْعَةً، أَوْ سَجْدَةً وَتَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ، أَوْ السَّلَامَ، أَوْ اعْتِقَادَ نِيَّةِ الْفَرِيضَةِ
(وَبِتَرْكِ قَبْلِيٍّ عَنْ ثَلَاثِ سُنَنٍ وَطَالَ) ابْنُ عَرَفَةَ: إنْ سَهَا عَنْ سُجُودٍ قَبْلِيٍّ سَجَدَ بِالْقُرْبِ، فَإِنْ طَالَ فَلِلَّخْمِيِّ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ بَطَلَتْ.
ابْنُ بَشِيرٍ: هَذَا عَلَى الْمَشْهُورِ.
ابْنُ رُشْدٍ: لَا تَبْطُلُ إلَّا إنْ كَانَ عَنْ ثَلَاثِ سُنَنٍ.
ابْنُ يُونُسَ: اخْتَلَفَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي إيجَابِ إعَادَةِ مَنْ تَرَكَ ثَلَاثَ تَكْبِيرَاتٍ، أَوْ ثَلَاثَ تَسْمِيعَاتٍ وَتَذَكَّرَ ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ تَبَاعَدَ.
وَلَمْ يَرَ أَصْبَغُ الْإِعَادَةَ وَبِهِ أَقُولُ بِخِلَافِ مَنْ نَقَصَ الْجَلْسَةَ الْأُولَى فَلَمْ يُخْتَلَفْ أَنَّهُ يُعِيدُ الصَّلَاةَ إذَا تَبَاعَدَ.
أَبُو عُمَرَ: جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مَنْ تَرَكَ غَيْرَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
وَعَنْ عِكْرِمَةَ: صَلَّيْتُ خَلْفَ شَيْخٍ كَبَّرَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ تَكْبِيرَةً فَقُلْت لِابْنِ عَبَّاسٍ: إنَّهُ أَحْمَقُ. فَقَالَ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ سُنَّةُ أَبِي الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم.
وَكَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالْقَاسِمُ وَسَالِمٌ وَابْنُ جُبَيْرٍ لَا يُتِمُّونَ التَّكْبِيرَ.
قِيلَ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: لِمَ لَا تُتِمُّ التَّكْبِيرَ وَعَامِلُك يُتِمُّهُ؟ قَالَ: تِلْكَ الصَّلَاةُ الْأُولَى.
وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ لَا يُتِمُّ التَّكْبِيرَ» . وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ لَا يُكَبِّرُ إذَا صَلَّى وَحْدَهُ.
أَبُو عُمَرَ: حُجَّةُ مَنْ لَا يَرَى شَيْئًا مِنْ تَرْكِ غَيْرِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ هَذِهِ الْآثَارُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ فِي تَرْكِهِمْ التَّكْبِيرَ فَمَا عَابَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ (لَا أَقَلَّ فَلَا سُجُودَ) بَنَى عَلَى مَا
فِي الرِّسَالَةِ وَلَمْ يَبْنِ عَلَى طَرِيقَةِ اللَّخْمِيِّ وَالْمَازِرِيِّ اُنْظُرْهُ عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَإِنْ بَعْدَ شَهْرٍ "(وَإِنْ كَرِهَ فِي صَلَاةٍ وَبَطَلَتْ فَكَذَا كَرِهَا، وَإِلَّا فَكَبَعْضٍ) ابْنُ عَرَفَةَ: ذَكَرَ مَا يُبْطِلُ تَرْكُهُ فِي صَلَاةٍ افْتَتَحَهَا بَعْدَ طُولٍ كَذِكْرِهَا فِيهَا وَقَبْلَ الطُّولِ كَذِكْرِ بَعْضِ صَلَاةٍ.
(فَمِنْ فَرْضٍ إنْ أَطَالَ الْقِرَاءَةَ أَوْ رَكَعَ بَطَلَتْ وَأَتَمَّ النَّفَل وَقَطَعَ غَيْره وَنَدَبَ الْإِشْفَاعَ إنْ عَقْد رَكْعَة) مِنْ الْمُدَوَّنَة قَالَ ابْن الْقَاسِم: إنْ كَانَتْ سَجْدَتَا السَّهْو قَبْل السَّلَام وَهُوَ مِنْ فَرِيضَة وَمِمَّا تُعَاد بِنِسْيَانِهِمَا الصَّلَاة فَذَكَرهمَا بِقُرْبِ صَلَاته فِي فَرِيضَة، أَوْ نَافِلَة رَجَعَ إلَيْهِمَا بِغَيْرِ سَلَام، كَانَ وَحْدَهُ أَوْ إمَامًا.
ابْن عَرَفَة عَنْهَا: أَوْ مَأْمُومًا.
فَإِنَّ أَطَالَ الْقِرَاءَة فِي هَذِهِ الثَّانِيَة، أَوْ رَكَعَ يُرِيد وَإِنْ لَمْ يَرْفَع رَأْسه بَطَلَتْ الْأُولَى، فَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الثَّانِيَة نَافِلَة أُتِمّهَا رَكَعَ، أَوْ لَمْ يَرْكَع.
ابْن يُونُس: لَوْ كَانَ فِي ضَيِّق مِنْ الْوَقْت قَطَعَ، وَإِنْ لَمْ يَرْكَع وَيَصِير كَمِنْ ذَكَر فَرِيضَةً ذَهَبَ وَقْتهَا فِي نَافِلَة قَالَ: وَإِنْ كَانَ الَّذِي ذَكَر فِيهَا سُجُودَ السَّهْو فَرِيضَةً قَطَعَ إنْ كَانَ وَحْدَهُ.
ابْن يُونُس: وَصَارَ كَمَنْ ذَكَر فَرِيضَة فِي فَرِيضَة فَإِنْ كَانَ وَحْده قَطَعَ، وَإِنْ كَانَ مَعَ الْإِمَامِ تَمَادَى فَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَام أَعَادَهُمَا.
قَالَ: وَلَوْ كَانَ الَّذِي هُوَ وَحْدَهُ عَقَد مِنْ الْفَرِيضَة رَكْعَة، ثُمَّ ذَكَر سَجْدَتِي السَّهْو قَبْل السَّلَام فَلِيَشْفَعهُمَا أَحَبُّ إلَيَّ، ثُمَّ يُصَلِّي فَرِيضَته الْأُولَى.
(وَإِلَّا رَجَعَ بِلَا سَلَام) تَقَدَّمَ نَصَّهَا بِهَذَا أَوَّل الْمَسْأَلَة.
(وَمِنْ نَفْلٍ فِي فَرْضٍ تَمَادَى) ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ كَانَتْ سَجْدَتَا السَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ مِنْ نَافِلَةٍ فَذَكَرَهُمَا وَهُوَ فِي فَرِيضَةٍ لَمْ يَضُرَّ ذَلِكَ فَرِيضَةً، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
(كَفِي نَفْلٍ إنْ أَطَالَهَا، أَوْ رَكَعَ) ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنْ كَانَتْ سَجْدَتَا السَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ وَهُمَا مِنْ نَافِلَةٍ فَذَكَرَهُمَا قَبْلَ أَنْ يَتَبَاعَدَ وَهُوَ فِي نَافِلَةٍ أُخْرَى رَجَعَ وَلَمْ يَرْكَعْ مِنْ الثَّانِيَةِ شَيْئًا فَسَجَدَ مَا كَانَ عَلَيْهِ وَتَشَهَّدَ وَسَلَّمَ وَابْتَدَأَ الَّتِي كَانَ فِيهَا إنْ شَاءَ
قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: وَإِنْ ذَكَرَهُمَا بَعْدَ أَنْ رَكَعَ فِي هَذِهِ الثَّانِيَةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا تَمَادَى، فَإِذَا فَرَغَ مِنْهَا فَقَدْ اسْتَحَبَّ لَهُ.
ابْنُ الْقَاسِمِ: أَنْ يَسْجُدَهُمَا بَعْدَ فَرَاغِهِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنْ ذَكَرَ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ مِنْ نَافِلَةٍ وَهُوَ فِي نَافِلَةٍ لَمْ يَقْطَعْ الَّتِي هُوَ فِيهَا رَكَعَ أَوْ لَمْ يَرْكَعْ إلَّا أَنَّهُ إذَا أَتَمَّهَا سَجَدَهُمَا مِنْ ابْنِ يُونُسَ.
وَقَالَ اللَّخْمِيِّ: حُكْمُ مَنْ ذَكَرَ رَكْعَةً، أَوْ سَجْدَةً مِنْ صَلَاةٍ بَعْدَ أَنْ تَلَبَّسَ بِأُخْرَى وَذَكَرَ الْفِقْهَ كَمَا تَقَدَّمَ.
ثُمَّ قَالَ: فِي ذِكْرِ رَكْعَةٍ أَوْ سَجْدَةٍ مِنْ نَفْلٍ فِي نَفْلٍ مَا نَصُّهُ: وَإِنْ نَسِيَ ذَلِكَ مِنْ نَفْلٍ فَذَكَرَ وَهُوَ فِي نَفْلٍ لَمْ يَرْكَعْ رَجَعَ إلَى إصْلَاحِ النَّفْلِ، وَإِنْ رَكَعَ بَطَلَ الْأَوَّلُ وَأَتَمَّ الثَّانِيَ وَلَمْ يَقْضِ الْأَوَّلَ؛ لِأَنَّ مَنْ دَخَلَ فِي نَفْلٍ فَغُلِبَ عَنْ تَمَامِهِ لَمْ يَقْضِهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ الطُّولَ لَا هُوَ وَلَا ابْنُ يُونُسَ.
قَالَ: فَإِنْ ذَكَرَ رَكْعَةً أَوْ سَجْدَةً مِنْ نَفْلٍ وَهُوَ فِي فَرِيضَةٍ لَمْ يَنْقُضْهُ وَلَا يَرْجِعُ إلَى النَّفْلِ، وَإِنْ قَرُبَ وَلَمْ يَرْكَعْ وَهَذَا أَصْلُ قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ (وَهَلْ بِتَعَمُّدِ تَرْكِ سُنَّةٍ، أَوْ لَا وَلَا سُجُودَ؟ خِلَافٌ) بَعْضُ أَصْحَابِ مَالِكٍ: نَقْصُ السُّنَّةِ عَمْدًا مُبْطِلٌ.
ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا تَبْطُلُ.
الْجَلَّابُ: يَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ.
اللَّخْمِيِّ: وَقِيلَ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ.
أَبُو عُمَرَ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ مَالِكٍ: مَنْ تَرَكَ سُنَّةً مِنْ سُنَنِ الصَّلَاةِ أَوْ الْوُضُوءِ عَامِدًا أَعَادَ.
وَهَذَا عِنْدَ الْفُقَهَاءِ قَوْلٌ ضَعِيفٌ وَلَيْسَ لِقَائِلِهِ سَلَفٌ وَلَا لَهُ حَظٌّ مِنْ النَّظَرِ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ لَمْ يُعْرَفْ الْفَرْضُ الْوَاجِبُ مِنْ غَيْرِهِ.
ابْنُ رُشْدٍ: لَوْ تَرَكَ الْخَائِفُ مِنْ لُصُوصٍ التَّشَهُّدَ وَالسُّورَتَيْنِ أَسَاءَ وَأَجْزَأَتْهُ صَلَاتُهُ.
اُنْظُرْ قَبْلَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَسُورَةٍ بِفَرْضٍ " وَعِنْدَ قَوْلِهِ: " وَبِمُشْغِلٍ عَنْ فَرْضٍ ".
(وَبِتَرْكِ رُكْنٍ وَطَالَ) قَالَ خَلِيلٌ فِي شَرْحِهِ: الْفَرْقُ بَيْنَ الشَّرْطِ وَالرُّكْنِ أَنَّ الْخَارِجَ عَنْ الصَّلَاةِ شَرْطٌ وَالرُّكْنَ دَاخِلٌ فِيهَا.
ابْنُ شَاسٍ: أَرْكَانُ الصَّلَاةِ تِسْعَةٌ: تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ، وَأَمُّ الْقُرْآنِ، وَالْقِيَامُ لَهَا، وَالرُّكُوعُ، وَالرَّفْعُ مِنْهُ
وَالسُّجُودُ، وَالْفَصْلُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، وَقَدْرُ مَا يَعْتَدِلُ فِيهِ، وَيُسَلِّمُ مِنْ الْجُلُوسِ الْأَخِيرِ وَالتَّسْلِيمُ.
وَاخْتُلِفَ فِي الطُّمَأْنِينَةِ، وَلَمْ يَعُدَّ النِّيَّةَ لِأَنَّهَا خَارِجَةٌ عَنْ ذَاتِ الصَّلَاةِ هِيَ بِالشَّرْطِ أَشْبَهُ وَلَوْ كَانَتْ رُكْنًا لَافْتَقَرَتْ لِنِيَّةٍ.
وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ سَهَا عَنْ سَجْدَةٍ، أَوْ رَكْعَةٍ أَوْ عَنْ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ بَنَى فِيمَا قَرُبَ، وَإِنْ تَبَاعَدَ ابْتَدَأَ الصَّلَاةَ.
ابْنُ رُشْدٍ: إنْ سَلَّمَ قَاصِدًا إلَى التَّحَلُّلِ وَالصَّلَاةِ وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ قَدْ أَتَمَّهَا، ثُمَّ شَكَّ فِي شَيْءٍ مِنْهَا، أَوْ أَيْقَنَ بِهِ لَمْ يَمْنَعْهُ ذَلِكَ مِنْ الرُّجُوعِ إلَى إصْلَاحِهَا.
ابْنُ بَشِيرٍ: فَإِنْ طَالَ الْأَمْرُ وَكَثُرَ الْفِعْلُ بَطَلَتْ الصَّلَاةُ وَاسْتَأْنَفَهَا.
(كَشَرْطٍ) عِيَاضٌ: شُرُوطُ الصَّلَاةِ: الْبُلُوغُ، وَالْعَقْلُ، وَالْإِسْلَامُ، وَبُلُوغُ الدَّعْوَةِ، وَدُخُولُ الْوَقْتِ، وَكَوْنُ الْمُكَلَّفِ غَيْرَ سَاهٍ وَلَا نَائِمٍ، وَعَدَمُ الْإِكْرَاهِ، وَارْتِفَاعُ مَوَانِعِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ، وَالْقُدْرَةُ عَلَى الطَّهَارَةِ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ نَقْلُ ابْنِ رُشْدٍ اُنْظُرْهُ عِنْدَ قَوْلِهِ (وَتَدَارَكَهُ إنْ لَمْ يُسَلِّمْ) الْمَازِرِيُّ: إنْ ذَكَرَ سَجْدَةً مِنْ الرَّكْعَةِ الرَّابِعَةِ بَعْدَ أَنْ تَشَهَّدَ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ فَإِنَّهُ يَسْجُدُهَا إذَا لَمْ يَحُلْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ذَلِكَ حَائِلٌ، وَيُعِيدُ تَشَهُّدَهُ لِوُقُوعِهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ.
وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ حَتَّى سَلَّمَ فَالْمَذْهَبُ عَلَى قَوْلَيْنِ: قِيلَ إنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ وَالسَّلَامُ لَا يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ إصْلَاحِ مَا هُوَ فِيهِ، وَقِيلَ قَدْ حَالَ السَّلَامُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِصْلَاحِ فَيَقْضِي الرَّكْعَةَ بِجُمْلَتِهَا.
وَعَزَا ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا الْقَوْلَ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ وَالْمُغِيرَةِ، وَعَزَا الْقَوْلَ الْأَوَّلَ لِسَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ.
(وَلَمْ يَعْقِدْ رُكُوعًا وَهُوَ رَفْعُ رَأْسٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ صَلَّى رَكْعَةً وَنَسِيَ سُجُودَهَا فَذَكَرَ ذَلِكَ وَهُوَ قَائِمٌ فِي الثَّانِيَةِ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ يُرِيدُ أَنَّهُ يَخِرُّ لِسَجْدَتَيْنِ وَلَا يَجْلِسُ، ثُمَّ يَسْجُدُ قَالَ: ثُمَّ يَقُومُ فَيَبْتَدِئُ الْقِرَاءَةَ لِلرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ.
وَلَوْ نَسِيَ سَجْدَةً مِنْ الْأُولَى فَذَكَرَهَا قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ الثَّانِيَةَ، أَوْ بَعْدَ أَنْ رَكَعَ وَلَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ مِنْهَا فَلْيَرْجِعْ وَيَسْجُدُ السَّجْدَةَ الَّتِي بَقِيَتْ عَلَيْهِ يُرِيدُ أَنَّهُ يَجْلِسُ، ثُمَّ يَسْجُدُ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَفْصِلَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ بِجُلُوسٍ بِخِلَافِ الَّذِي نَسِيَ السَّجْدَتَيْنِ.
قَالَ: فَإِذَا سَجَدَ قَامَ فَابْتَدَأَ قِرَاءَةَ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ قَالَ: فَإِنْ ذَكَرَ فِي الْوَجْهَيْنِ بَعْدَمَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرَّكْعَةِ تَمَادَى وَكَانَتْ أَوَّلَ صَلَاتِهِ، وَأَلْغَى الرَّكْعَةَ الْأُولَى وَسَجَدَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ بَعْدَ السَّلَامِ.
قَالَ مَالِكٌ: وَعَقْدُ الرَّكْعَةِ رَفْعُ الرَّأْسِ مِنْهَا.
قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: وَكَذَلِكَ الْمَأْمُومُ إذَا كَانَ قَائِمًا فِي الثَّانِيَةِ فَذَكَرَ سَجْدَةً مِنْ الْأُولَى أَوْ شَكَّ فِيهَا فَلْيَرْجِعْ جَالِسًا ثُمَّ يَسْجُدُهَا إلَّا أَنْ يَخَافَ أَنْ يَرْفَعَ الْإِمَامُ مِنْ رُكُوعِ الثَّانِيَةِ فَيَتْبَعَهُ فِيهَا وَيَقْضِيَ رَكْعَةً.
(إلَّا لِتَرْكِ رُكُوعٍ فَبِالِانْحِنَاءِ) فِي التَّوْضِيحِ وَافَقَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَشْهَبَ فِي انْعِقَادِ الرَّكْعَةِ بِوَضْعِ الْيَدَيْنِ فِيمَنْ نَسِيَ الرُّكُوعَ فَلَمْ يَذْكُرْ إلَّا فِي رُكُوعِ الَّتِي تَلِيهَا.
وَفِيمَنْ تَرَكَ السُّورَةَ، وَفِي مَعْنَى الْجَهْرِ وَالسِّرِّ، وَفِيمَنْ تَرَكَ التَّكْبِيرَ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ، وَفِيمَنْ نَسِيَ سُجُودَ التِّلَاوَةِ، وَفِيمَنْ سَلَّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ سَاهِيًا فَلَمْ يَذْكُرْ إلَّا وَهُوَ رَاكِعٌ، وَفِيمَنْ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ الْمَغْرِبُ وَهُوَ فِيهَا قَدْ أَمْكَنَ يَدَيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ فِي رُكُوعِ الثَّانِيَةِ انْتَهَى.
وَلَوْ كُنْت اطَّلَعْتُ عَلَى هَذَا قَبْلُ لَاقْتَصَرْتُ عَلَيْهِ.
الْمَازِرِيُّ: وَإِنْ قَرَأَ فِي الرَّكْعَةِ وَسَجَدَ وَنَسِيَ رُكُوعَهَا فَقَالَ مَالِكٌ: يَرْجِعُ قَائِمًا، ثُمَّ يَرْكَعُ وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَقْرَأَ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ، وَلَوْ أَنَّ هَذَا رَكَعَ وَلَكِنَّهُ سَهَا عَنْ الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ فَقَالَ مُحَمَّدٌ: يَرْجِعُ إلَى الرُّكُوعِ مُحْدَوْدِبًا، ثُمَّ يَرْفَعُ وَلَوْ رَجَعَ مُعْتَدِلًا إلَى الْقِيَامِ أَبْطَلَ.
فَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّهُ يَرْجِعُ مُحْدَوْدِبًا بَلْ قَائِمًا كَالرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ وَكَأَنَّهُ رَأَى الْقَصْدَ بِالرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ أَنْ يَنْحَطَّ لِلسُّجُودِ مِنْ قِيَامٍ فَإِذَا رَجَعَ إلَى الْقِيَامِ وَانْحَطَّ مِنْهُ إلَى السُّجُودِ فَقَدْ حَصَلَ الْمَقْصُودُ.
الْمَازِرِيُّ: وَقَدْ تَنَازَعَ الْأَشْيَاخُ فِي نَاسِي الرُّكُوعِ مِنْ الْأُولَى فَذَكَرَهُ وَهُوَ رَاكِعٌ لِلثَّانِيَةِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَرْفَعُ رَأْسَهُ بِنِيَّةِ الْإِصْلَاحِ لِلْأُولَى لِأَنَّهُ نَوَى بِهِ غَيْرَهَا.
وَأَنْكَرَ غَيْرُهُ مِنْ الْأَشْيَاخِ وَقَالَ: بَلْ يَتَمَادَى عَلَى هَذِهِ الرَّكْعَةِ وَتَبْطُلُ الْأُولَى.
وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْ الْأَشْيَاخِ: وَفِي هَذَيْنِ الْجَوَابَيْنِ نَظَرٌ.
اُنْظُرْ الْجَوَابَ التَّاسِعَ مِنْ الْمَازِرِيِّ (كَسِرٍّ) كَذَا نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ مِنْ النُّكَتِ (وَتَكْبِيرِ عِيدٍ وَسُجُودِ تِلَاوَةٍ وَذِكْرِ بَعْضٍ) ابْنُ يُونُسَ: جَعَلَ مَالِكٌ عَقْدَ الرَّكْعَةِ إمْكَانَ الْيَدَيْنِ مِنْ الرُّكْبَتَيْنِ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ: فِي الَّذِي نَسِيَ التَّكْبِيرَ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ، وَاَلَّذِي نَسِيَ سُجُودَ التِّلَاوَةِ، وَاَلَّذِي ذَكَرَ سُجُودَ سَهْوٍ قَبْلَ السَّلَامِ مِنْ فَرِيضَةٍ فِي فَرِيضَةٍ أَوْ نَافِلَةٍ، وَاَلَّذِي نَسِيَ السُّورَةَ مَعَ أُمِّ الْقُرْآنِ. فَذَكَرَ ذَلِكَ وَهُوَ رَاكِعٌ فَإِنَّهُ يَتَمَادَى فِي ذَلِكَ كُلِّهِ.
(وَإِقَامَةِ مَغْرِبٍ عَلَيْهِ وَهُوَ بِهَا) كَذَا نُقِلَ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْمَجْمُوعَةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ.
وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ الْمَغْرِبُ وَهُوَ بِهَا قَطَعَ بِسَلَامٍ وَدَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ عَقْدَ رَكْعَةٍ أَوَّلًا، وَإِنْ صَلَّى اثْنَتَيْنِ أَتَمَّهَا ثَلَاثًا وَخَرَجَ، وَإِنْ صَلَّى ثَلَاثًا سَلَّمَ وَخَرَجَ وَلَمْ يُعِدْهَا.
ابْنُ يُونُسَ: إنَّمَا لَمْ يُسَلِّمْ مِنْ اثْنَتَيْنِ كَمَا يَفْعَلُ فِي غَيْرِهَا؛ لِأَنَّ الْمَغْرِبَ لَا تَنَفُّلَ قَبْلَهَا، وَقَالَ أَيْضًا ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ: إنَّهُ يُسَلِّمُ مِنْ اثْنَتَيْنِ وَيَدْخُلُ مَعَ الْإِمَامِ إلَّا إنْ كَانَ قَدْ أَمْكَنَ يَدَيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ وَلَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ مِنْ الثَّالِثَةِ فَإِنَّهُ يُتِمُّهَا.
ابْنُ حَبِيبٍ: وَهَذَا كُلُّهُ إذَا أُقِيمَتْ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ.
ابْنُ يُونُسَ: لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ صَلَاتَيْنِ مَعًا إنَّمَا كَانَ فِي الْمَسْجِدِ
(وَبَنَى إنْ قَرُبَ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ سَلَّمَ مِنْ اثْنَتَيْنِ سَاهِيًا فَالْتَفَتَ فَتَكَلَّمَ فَإِنْ كَانَ شَيْئًا خَفِيفًا بَنَى عَلَى صَلَاتِهِ وَسَجَدَ لِسَهْوِهِ، وَإِنْ تَبَاعَدَ وَأَطَالَ الْقُعُودَ وَالْكَلَامَ ابْتَدَأَ الصَّلَاةَ وَلَا حَدَّ فِي ذَلِكَ، وَأَمَّا إنْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ فَلْيُعِدْ الصَّلَاةَ.
أَشْهَبُ: فَلَوْ كَانَ بِصَحْرَاءَ بَنَى مَا لَمْ يُجَاوِزْ الصُّفُوفَ بِقَدْرِ مَا يَمْنَعُ أَنْ يُصَلِّيَ بِصَلَاتِهِمْ (بِإِحْرَامٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ سَهَا عَنْ سَجْدَةٍ، أَوْ رَكْعَةٍ، أَوْ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ بَنَى فِيمَا قَرُبَ، وَإِنْ بَعُدَ ابْتَدَأَ الصَّلَاةَ.
قَالَ مَالِكٌ: وَكُلُّ مَنْ رَجَعَ لِإِصْلَاحِ مَنْ بَقِيَ عَلَيْهِ فَلْيَرْجِعْ بِإِحْرَامٍ.
ابْنُ بَشِيرٍ: إنْ قَرُبَ جِدًّا فَلَا يُكَبِّرُ اتِّفَاقًا.
ابْنُ يُونُسَ: ذَهَبَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ عُلَمَائِنَا أَنْ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُحْرِمَ إذَا رَجَعَ بِالْقُرْبِ لِأَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ بَعُدَ.
ابْنُ يُونُسَ: وَالْقِيَاسُ أَنْ لَيْسَ عَلَيْهِ إحْرَامٌ فِي الْوَجْهَيْنِ لِأَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ بُعْدٌ.
الْبَاجِيُّ: السَّلَامُ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى ضَرْبَيْنِ: أَنْ لَا يَقْصِدَ التَّحَلُّلَ فَهَذَا بِمَنْزِلَةِ الْكَلَامِ سَهْوًا لَا يَحْتَاجُ إلَى تَجْدِيدِ إحْرَامِ الصَّلَاةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَلَّلْ مِنْهَا.
الثَّانِي: أَنْ يَقْصِدَ بِسَلَامِهِ التَّحَلُّلَ يَظُنُّ أَنَّهُ قَدْ كَمُلَتْ صَلَاتُهُ فَهَذَا يَحْتَاجُ إلَى تَحْرِيمٍ يَعُودُ بِهِ إلَى صَلَاتِهِ، وَإِلَّا كَانَ بِنَاؤُهُ عَارِيًّا مِنْ الْإِحْرَامِ (وَلَمْ تَبْطُلْ بِتَرْكِهِ) ابْنُ زَرْقُونٍ: إذَا قُلْنَا يُكَبِّرُ فَلَمْ يَفْعَلْ قَالَ ابْنُ نَافِعٍ: أَفْسَدَ عَلَى نَفْسِهِ.
وَنَقَلَ ابْنُ يُونُسَ نَحْوَهُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ تُجْزِئُهُ.
(وَجَلَسَ لَهُ عَلَى الْأَظْهَرِ) ابْنُ رُشْدٍ مَنْ رَأَى أَنَّ السَّلَامَ عَلَى طَرِيقِ السَّهْوِ يَخْرُجُ عَنْ الصَّلَاةِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ فَلَا يَرْجِعُ إلَيْهَا إلَّا بِإِحْرَامٍ، وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ الرُّجُوعِ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي فَارَقَ فِيهِ الصَّلَاةَ فَإِنْ كَانَ سَلَّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ جَلَسَ، ثُمَّ كَبَّرَ
وَبَنَى لِأَنَّهُ إنْ كَبَّرَ قَائِمًا ثُمَّ جَلَسَ زَادَ فِي صَلَاتِهِ الِانْحِطَاطَ مِنْ حَالِ الْقِيَامِ إلَى الْجُلُوسِ، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ خِلَافًا لِمَا فِي مُخْتَصَرِ الطُّلَيْطِلِيِّ انْتَهَى.
وَنَقَلَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مِثْلَ مَا فِي مُخْتَصَرِ الطُّلَيْطِلِيِّ.
ابْنُ رُشْدٍ: وَذَلِكَ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْمُدَوَّنَةِ فِيمَنْ ظَنَّ أَنَّ إمَامَهُ سَلَّمَ فَقَامَ لِقَضَاءِ مَا فَاتَهُ فَسَلَّمَ الْإِمَامُ وَهُوَ قَائِمٌ أَنَّهُ يُلْغِي مَا قَرَأَ وَيَسْتَأْنِفُ قِرَاءَتَهُ وَلَا يَرْجِعُ إلَى الْجُلُوسِ اُنْظُرْ الْمُقَدِّمَاتِ ابْنُ رُشْدٍ: وَإِنْ سَلَّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ رَجَعَ إلَى الْجُلُوسِ، وَإِنْ كَانَ سَلَّمَ مِنْ رَكْعَةٍ، أَوْ ثَلَاثٍ فَذَكَرَ وَهُوَ قَائِمٌ رَجَعَ إلَى حَالِ رَفْعِ رَأْسِهِ مِنْ السُّجُودِ وَلَمْ يَجْلِسْ؛ إذْ لَمْ يَكُنْ مَوْضِعًا لِجُلُوسِهِ، وَإِنَّمَا كَانَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَقُومَ مِنْ السَّجْدَةِ الْأُخْرَى دُونَ أَنْ يَرْجِعَ إلَى الْجُلُوسِ.
(وَأَعَادَ تَارِكُ السَّلَامِ التَّشَهُّدَ وَسَجَدَ إنْ انْحَرَفَ عَنْ الْقِبْلَةِ) اللَّخْمِيِّ: نَاسِي سَلَامِهِ إنْ ذَكَرَ بِمَحَلِّهِ وَلَا طُولَ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَسَلَّمَ دُونَ تَكْبِيرٍ وَتَشَهُّدٍ وَسَجَدَ لِسَهْوِهِ، وَإِنْ ذَكَرَ بَعْدَ فِرَاقِهِ إيَّاهُ دُونَ طُولٍ فَقَالَ مُحَمَّدٌ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَمَالِكٌ: يُكَبِّرُ.
الْمَازِرِيُّ: وَهُوَ الْمَشْهُورُ.
اللَّخْمِيِّ: قَالَ مَالِكٌ: وَيُكَبِّرُ قَبْلَ جُلُوسِهِ.
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا بَلْ بَعْدَهُ.
الْمَازِرِيُّ:
سَبَبُ الْخِلَافِ هَلْ يَرْجِعُ بِتَكْبِيرٍ أَنَّ النَّاسِيَ لِلسَّلَامِ نَوَى بِانْصِرَافِهِ الْخُرُوجَ مِنْهَا فَلَا يَكُونُ خَارِجًا عِنْدَنَا لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ بِسَلَامٍ. وَأَبُو حَنِيفَةَ يَرَى الْخُرُوجَ مِنْهَا بِمَا يُضَادُّهَا. فَإِنْ رَاعَيْنَا خِلَافَهُ افْتَقَرَ فِي رُجُوعِهِ إلَى تَكْبِيرٍ يَعُودُ بِهِ إلَى صَلَاةٍ قَدْ انْصَرَفَ عَنْهَا، وَإِنْ لَمْ نُرَاعِ خِلَافَهُ لَمْ يَفْتَقِرْ إلَى تَكْبِيرٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الصَّلَاةِ فَيَفْتَقِرَ إلَى تَكْبِيرٍ يَعُودُ إلَيْهَا. وَهَلْ عَلَيْهِ أَنْ يَتَشَهَّدَ فَيَقَعَ السَّلَامُ عَقِبَ تَشَهُّدٍ عَارٍ مِنْ فَاصِلٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّلَامِ أَوْ يَكْتَفِيَ بِتَشَهُّدِهِ الْأَوَّلِ لِكَوْنِ هَذَا الْفَصْلِ غَيْرَ مُعْتَبَرٍ فِي إبْطَالِ الصَّلَاةِ، وَلَا يَتَشَهَّدُ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ مَرَّتَيْنِ فِي ذَلِكَ خِلَافٌ.
اللَّخْمِيِّ: لَمْ يَجْعَلْ عَلَيْهِ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ أَنْ يَتَشَهَّدَ.
ابْنُ عَرَفَةَ: عَنْ اللَّخْمِيِّ: فِي تَشَهُّدِهِ قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ.
(وَرَجَعَ تَارِكُ الْجُلُوسِ الْأَوَّلِ إنْ لَمْ يُفَارِقْ الْأَرْضَ بِيَدَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَلَا سُجُودَ) ابْنُ حَبِيبٍ: إنْ تَزَحْزَحَ عَنْ الْقِيَامِ مِنْ اثْنَتَيْنِ، ثُمَّ ذَكَرَ فَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ، وَإِنْ ارْتَفَعَ عَنْ الْأَرْضِ فَلْيَرْجِعْ (وَإِلَّا فَلَا وَلَا
تَبْطُلُ إنْ رَجَعَ وَلَوْ اسْتَقَلَّ وَتَبِعَهُ مَأْمُومُهُ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ نَسِيَ الْجُلُوسَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ حَتَّى نَهَضَ عَنْ الْأَرْضِ وَاسْتَقَلَّ قَائِمًا تَمَادَى وَلَا يَرْجِعُ وَسَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ.
ابْنُ عَرَفَةَ: صَوَّبَ عِيَاضٌ تَفْسِيرَ الشَّيْخِ
مُفَارَقَتَهَا بِرُكْبَتَيْهِ وَيَدَيْهِ.
وَفِي الْمَجْمُوعَةِ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ إذَا فَارَقَ الْأَرْضَ وَلَمْ يَعْتَدِلْ قَائِمًا فَلَا يَرْجِعُ وَسَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ فَإِنْ رَجَعَ سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ.
ابْنُ حَبِيبٍ: وَيُسْتَحَبُّ لِلْمَأْمُومِينَ أَنْ يُسَبِّحُوا مَا لَمْ يَسْتَوِ قَائِمًا فَإِذَا اسْتَوَى قَائِمًا فَلَا يَفْعَلُوا.
أَشْهَبُ: وَإِنْ اعْتَدَلَ قَائِمًا، ثُمَّ رَجَعَ سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ.
ابْنُ يُونُسَ: لِأَنَّهُ لَمَّا اعْتَدَلَ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّمَادِي، وَتَخَلَّدَ النُّقْصَانُ فِي ذِمَّتِهِ، فَلَمَّا رَجَعَ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ زِيَادَةً فَهُوَ كَمَنْ نَقَصَ وَزَادَ فَيَسْجُدُ قَبْلُ.
وَقَالَ سَحْنُونَ: تَفْسُدُ صَلَاتُهُ إلَّا أَنْ يَرْجِعَ سَهْوًا.
الْمَازِرِيُّ: إنَّمَا لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ رَجَعَ جَالِسًا؛ لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ الرُّجُوعِ بَعْدَ الِاعْتِدَالِ إنْ لَمْ تَقُمْ دَلَالَةٌ قَاطِعَةٌ لَا يُمْكِنُ دُخُولُ التَّأْوِيلِ فِيهَا، فَإِذَا رَجَعَ بَعْدَ اعْتِدَالِهِ فَقَدْ أَصَابَ وَجْهَ الصَّوَابِ عِنْدَ ابْنِ حَنْبَلٍ وَغَيْرِهِ فَلَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ لِذَلِكَ.
ابْنُ رُشْدٍ: قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَعِيسَى: تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ.
وَقَالَ مَالِكٌ: يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ.
قَالَ أَشْهَبُ وَعَلِيٌّ: يَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ لِلزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ (وَسَجَدَ بَعْدَهُ) تَقَدَّمَ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ إذَا فَارَقَ الْأَرْضَ وَلَمْ يَعْتَدِلْ قَائِمًا فَلَا يَرْجِعُ، فَإِنْ
رَجَعَ سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ، وَإِنْ اعْتَدَلَ قَائِمًا، ثُمَّ رَجَعَ سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ قَالَهُ أَشْهَبُ.
وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ أَنَّ هَذَا وِفَاقٌ فَانْظُرْهُ مَعَ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ الْمُتَقَدِّمِ (كَنَفْلٍ لَمْ يَعْقِدْ ثَالِثَتَهُ، وَإِلَّا كَمَّلَ أَرْبَعًا فِي الْخَامِسَةِ مُطْلَقًا وَسَجَدَ قَبْلَهُ فِيهِمَا) .
مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ قَامَ فِي النَّافِلَةِ مِنْ اثْنَتَيْنِ سَاهِيًا فَلْيَرْجِعْ فَيَجْلِسْ وَيُسَلِّمْ وَيَسْجُدْ بَعْدَ السَّلَامِ.
فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ حَتَّى رَكَعَ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَرْجِعَ مَا لَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ، فَإِنْ رَفَعَ رَأْسَهُ أَتَى بِرَابِعَةٍ كَانَ فِي لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ وَسَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ لِنَقْصِهِ السَّلَامَ، فَإِنْ سَهَا عَنْ السَّلَامِ مِنْ الرَّابِعَةِ حَتَّى صَلَّى خَامِسَةً فَلَا يَأْتِي بِسَادِسَةٍ وَلْيَرْجِعْ مَتَى مَا ذَكَرَ فَيَجْلِسْ وَيُسَلِّمْ.
ابْنُ يُونُسَ: وَيَسْجُدُ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ قَبْلَ السَّلَامِ.
(وَتَارِكُ رُكُوعٍ يَرْجِعُ قَائِمًا وَنُدِبَ
أَنْ يَقْرَأَ) اُنْظُرْ قَبْلَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ: " إلَّا لِتَرْكِ رُكُوعٍ "(وَسَجْدَةٍ يَجْلِسُ لَا سَجْدَتَيْنِ) تَقَدَّمَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَلَمْ يَعْقِدْ رُكُوعًا "(وَلَا يُجْبَرُ رُكُوعُ أُولَاهُ بِسُجُودِ ثَانِيَتِهِ) لَوْ قَالَ: " وَلَا يُجْبَرُ سُجُودُ رُكُوعِ أُولَاهُ ".
لَكَانَ أَبْيَنَ وَلِمَا كَانَتْ الرَّكْعَةُ لَا تَتِمُّ إلَّا بِسَجْدَتَيْهَا.
مِنْ الْمُدَوَّنَةِ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ نَسِيَ سَجْدَةً مِنْ
الْأُولَى، وَالرُّكُوعَ مِنْ الثَّانِيَةِ وَسَجَدَ لَهَا فَلْيَأْتِ بِسَجْدَةٍ يُجْبِرُ بِهَا الْأُولَى - وَيَبْنِي عَلَيْهَا - وَلَا يُضِيفُ إلَيْهَا مِنْ سُجُودِ الثَّانِيَةِ شَيْئًا؛ لِأَنَّ نِيَّتَهُ فِي هَذَا السُّجُودِ إنَّمَا كَانَ لِرَكْعَةٍ ثَانِيَةٍ فَلَا يُجْزِئُهُ لِرَكْعَتِهِ الْأُولَى وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ.
(وَبَطَلَ بِأَرْبَعِ سَجَدَاتٍ مِنْ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ الْأُوَلِ) الْمَازِرِيُّ: إذَا نَسِيَ أَرْبَعَ سَجَدَاتٍ مِنْ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ فَعِنْدَنَا أَنَّهُ يُصْلِحُ الرَّابِعَةَ بِالسَّجْدَةِ الَّتِي أَخَلَّ بِهَا مِنْهَا، وَيَبْطُلُ مَا قَبْلَهَا، وَأَمَّا إنْ نَسِيَ الثَّمَانِيَ سَجَدَاتٍ فَإِنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ سِوَى رُكُوعِ الرَّابِعَةِ فَلْيَبْنِ عَلَيْهَا عَلَى أَصْلِنَا حَسْبَمَا ذَكَرْنَاهُ.
(وَرَجَعَتْ الثَّانِيَةُ أُولَى بِبُطْلَانِهَا لِفَذٍّ، وَإِمَامٍ) ابْنُ الْمَازِرِيِّ: الْمَأْمُومُ فِيمَا يَفُوتُهُ، أَوْ يَسْهُو عَنْهُ قَاضٍ وَالْفَذُّ وَالْإِمَامُ بَانِيَانِ.
ابْنُ عَرَفَةَ: هَذَا الْعَزْوُ يُوهِمُ أَنَّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ الْمَنْصُوصُ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْفَذَّ وَالْإِمَامَ بَانِيَانِ.
اللَّخْمِيِّ: إذَا نَسِيَ سَجْدَةً مِنْ الرَّابِعَةِ سَجَدَهَا وَأَعَادَ التَّشَهُّدَ وَسَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ، وَإِنْ نَسِيَ سَجْدَةً مِنْ الثَّالِثَةِ بَطَلَتْ؛ لِأَنَّ الرَّابِعَةَ قَدْ حَالَتْ بَيْنَ إصْلَاحِهَا وَأَتَى بِرَكْعَةٍ وَسُجُودٍ بَعْدَ السَّلَامِ، وَإِنْ نَسِيَهَا مِنْ الْأُولَى أَوْ مِنْ الثَّانِيَةِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يَكُونُ بَانِيًا فَيَقْرَأُ فِي الرَّكْعَةِ الَّتِي يَأْتِي بِهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَحْدَهَا وَسُجُودِهِ قَبْلَ السَّلَامِ لِأَنَّهُ زَادَ الرَّكْعَةَ الْمُلْغَاةَ وَعَادَتْ الثَّالِثَةُ ثَانِيَةً فَنَقَصَ مِنْهَا لِسُورَةٍ مَعَ أُمِّ الْقُرْآنِ خِلَافًا لِابْنِ وَهْبٍ وَأَشْهَبَ أَنَّهُ يَكُونُ قَاضِيًا.
(وَإِنْ شَكَّ فِي سَجْدَةٍ لَمْ يَدْرِ مَحَلَّهَا
سَجَدَهَا، وَفِي الْأَخِيرَةِ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ) الْمَازِرِيُّ: حُكْمُ الشَّاكِّ فِي تَرْكِ السَّجْدَةِ كَحُكْمِ الْمُوقِنِ بِتَرْكِهَا فِي وُجُوبِ إتْيَانِهِ بِهَا، لَكِنْ لَوْ تَيَقَّنَ بِتَرْكِهَا وَهُوَ فِي الرَّابِعَةِ وَشَكَّ فِي مَحَلِّهَا هَلْ هِيَ مِنْ الرَّابِعَةِ، أَوْ مِمَّا قَبْلَهَا، فَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يُصْلِحُ الرَّابِعَةَ بِسَجْدَةٍ وَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ لِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ مِمَّا قَبْلَهَا.
قَالَ عِيَاضٌ: كَانَ يَزِيدُ بْنُ بَشِيرٍ ثِقَةً مِنْ الثِّقَاتِ.
قَالَ ابْنُ سَالِمٍ: كُنْتُ عِنْدَهُ فَسَأَلَهُ رَجُلٌ تَذَكَّرَ فِي الرَّابِعَةِ سَجْدَةً لَا يَدْرِي مِنْ أَيْنَ هِيَ فَقَالَ: يَأْتِي بِرَكْعَةٍ.
قَالَ ابْنُ سَالِمٍ: فَقُلْتُ أَصْلَحَك اللَّهُ ثَمَّ جَوَابٌ آخَرُ؟ .
فَقَالَ: لَعَلَّك تُرِيدُ جَوَابَ ابْنِ الْقَاسِمِ؟ قُلْت: نَعَمْ. قَالَ: رَأَيْت السَّائِلَ لَا يَفْطِنُ لَهُ فَأَفْتَيْته بِقَوْلِ أَشْهَبَ.
(وَقِيَامِ ثَالِثَةٍ بِثَلَاثٍ وَرَابِعَةٍ بِرَكْعَتَيْنِ وَتَشَهُّدٍ) مِنْ الْمَجْمُوعَةِ: لَوْ شَكَّ وَهُوَ قَائِمٌ فِي الرَّابِعَةِ فِي سَجْدَةٍ لَا يَدْرِي مِنْ أَيِّ رَكْعَةٍ فَلْيَسْجُدْ وَلْيَتَشَهَّدْ وَيَسْجُدْ قَبْلَ السَّلَامِ، وَإِنَّمَا جَلَسَ لِأَنَّ الثَّالِثَةَ صَارَتْ ثَانِيَةً لَهُ وَقَدْ تَكُونُ السَّجْدَةُ مِنْ الْأُولَى، أَوْ مِنْ الثَّانِيَةِ بِنَقْصِهِ السُّورَةَ.
وَقَالَ الْمَازِرِيُّ: اُخْتُلِفَ فِيمَنْ ذَكَرَ وَهُوَ قَائِمٌ فِي الثَّالِثَةِ سَجْدَةً لَا يَدْرِي هَلْ هِيَ مِنْ الْأُولَى، أَوْ مِنْ الثَّانِيَةِ إذَا أَمَرْنَاهُ بِسَجْدَةٍ يُصْلِحُ بِهَا الثَّالِثَةَ وَيَتَشَهَّدُ لِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ السَّجْدَةُ مِنْ الثَّانِيَةِ، وَقَدْ أَصْلَحَهَا فَصَحَّتْ لَهُ الرَّكْعَتَانِ، وَتَرْكُ الْجُلُوسِ بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ غَلَطٌ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ تَوَقَّعْنَا عَلَيْهِ الْوُقُوعَ فِي الْغَلَطِ أَوْ يُؤْمَرُ إذَا أَصْلَحَ الثَّانِيَةَ بِالسُّجُودِ أَنْ لَا يَجْلِسَ وَلَا يَتَشَهَّدَ لِئَلَّا تَكُونَ الثَّانِيَةُ أُولَى وَالْجُلُوسُ فِي الْأُولَى غَلَطٌ، فَإِنْ جَلَسَ تَوَقَّعْنَا عَلَيْهِ الْوُقُوعَ فِي الْغَلَطِ، وَاحْتَجَّ ابْنُ الْمَوَّازِ لِنَفْيِ الْجُلُوسِ بِأَنَّهُ إذَا أَصْلَحَ بِالسَّجْدَةِ صَارَ كَمَنْ شَكَّ لَمَّا سَجَدَ السَّجْدَتَيْنِ هَلْ هُوَ فِي
الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ، وَلَوْ كَانَ ذِكْرُهُ هَذَا وَهُوَ وَاقِفٌ فِي الرَّابِعَةِ وَشَكَّ فِي مَحَلِّ السَّجْدَةِ فَإِنَّهُ إذَا أَتَى بِالسَّجْدَةِ جَلَسَ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ مِنْ الصَّلَاةِ سِوَى رَكْعَتَيْنِ، وَجُلُوسُهُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ مَشْرُوعٌ فَكَانَ هَذَا بِخِلَافِ مَا قَدَّمْنَاهُ لَا اخْتِلَافَ فِيهِ.
اُنْظُرْ الْمَازِرِيَّ فِي الْجَوَابِ عَنْ السُّؤَالِ الرَّابِعِ.
وَإِنْ سَجَدَ إمَامٌ سَجْدَةً وَقَامَ لَمْ يُتْبَعْ وَسُبِّحَ بِهِ.
فَإِنْ خِيفَ عَقْدُهُ قَامُوا فَإِذَا جَلَسَ، قَامُوا كَقُعُودِهِ بِثَالِثَةٍ.
(فَإِذَا سَلَّمَ أَتَوْا بِرَكْعَةٍ، وَأَمَّهُمْ أَحَدُهُمْ وَسَجَدُوا قَبْلَهُ) سَحْنُونَ: لَوْ قَامَ إمَامٌ عَلَيْهِ سَجْدَةٌ سَبَّحُوا مَا لَمْ يَخَافُوا عَقْدَ الثَّانِيَةِ
فَلْيُصَلُّوهَا مَعَهُ وَهِيَ أُولَى لَهُمْ وَيَقُومُونَ كُلَّمَا قَامَ، أَوْ جَلَسَ عَلَى ثَانِيَةِ زَعْمِهِ، أَوْ رَابِعَتِهِ، فَإِذَا سَلَّمَ صَلَّوْا رَكْعَةً بِإِمَامَةِ أَحَدِهِمْ وَيُجْزِئُهُمْ أَفْذَاذًا وَسَجَدُوا قَبْلَ سَلَامِهِ.
(وَإِنْ زُوحِمَ مُؤْتَمٌّ عَنْ رُكُوعٍ، أَوْ نَعَسَ وَنَحْوُهُ اتَّبَعَهُ فِي غَيْرِ الْأُولَى مَا لَمْ يَرْفَعْ مِنْ سُجُودِهَا) عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ: بَيْنَ الْمُزَاحَمِ وَالنَّاعِسِ فَرْقٌ.
مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: الَّذِي أَرَى وَآخُذُ فِيمَنْ نَعَسَ خَلْفَ الْإِمَامِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَنْ لَا يَعْتَدَّ بِهَا وَلَا يَتَّبِعَ الْإِمَامَ فِيهَا، وَإِنْ أَدْرَكَهُ قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ الْإِمَامُ مِنْ سُجُودِهَا وَلَكِنْ يَسْجُدُ مَعَ الْإِمَامِ وَيَقْضِيهَا بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ.
الْمَازِرِيُّ: لِأَنَّ مَنْ لَمْ يُدْرِكْ رَكْعَةً فَلَمْ يَحْصُلْ لَهُ مَا يُبِيحُ لَهُ الْقَضَاءَ قَبْلَ فَرَاغِ الصَّلَاةِ بَلْ صَارَ كَمَنْ فَاتَهُ شَيْءٌ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنْ نَعَسَ بَعْدَ عَقْدِ الْأُولَى فِي ثَانِيَةٍ
أَوْ ثَالِثَةٍ، أَوْ رَابِعَةٍ اتَّبَعَ الْإِمَامَ مَا لَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ مِنْ سُجُودِهَا.
الْمَازِرِيُّ: لِأَنَّ عَقْدَ رَكْعَةٍ حَصَلَ بِهَا مُدْرِكًا لِلصَّلَاةِ وَمَنْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ قَضَى مَا فَاتَهُ مَعَ الْإِمَامِ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَفُوتَهُ أَنْ يَفْعَلَ مَعَ الْإِمَامِ مَا هُوَ آكَدُ مِنْ تَشَاغُلِهِ بِالْقَضَاءِ، وَالْمَشْهُورُ الَّذِي هُوَ آكَدُ سُجُودُ الرَّكْعَةِ الَّتِي غُلِبَ عَلَى إدْرَاكِهَا.
وَهَلْ تُعْتَبَرُ السَّجْدَتَانِ جَمِيعًا أَوْ الْأُولَى مِنْهُمَا؟ .
الْمَشْهُورُ مِنْهُمَا اعْتِبَارُ السَّجْدَتَيْنِ جَمِيعًا لِأَنَّ بِهِمَا تَفْرُغُ الرَّكْعَةُ فَيَتَّبِعُ الْإِمَامَ مَا لَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ مِنْ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ.
قَالَ: وَمِثْلُ النُّعَاسِ الْغَفْلَةُ، وَأَمَّا الْمُزَاحَمَةُ فَذَهَبَ أَشْهَبُ وَابْنُ وَهْبٍ إلَى أَنَّهَا مِثْلُ النُّعَاسِ وَالْغَفْلَةِ يُبَاحُ مَعَهَا قَضَاءُ مَا فَاتَ.
قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: وَالْمُزَاحَمُ أَعْذَرُ لِأَنَّهُ مَغْلُوبٌ وَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْمُزَاحَمَةَ بِخِلَافِهِمَا لَا يُبَاحُ مَعَهَا قَضَاءُ مَا فَاتَ مِنْ الرُّكُوعِ؛ لِأَنَّ الزِّحَامَ فِعْلٌ آدَمِيٌّ يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ، فَعُدَّ الْمُزَاحَمُ عَنْ الرُّكُوعِ مُقَصِّرًا فَتُلْغَى تِلْكَ الرَّكْعَةُ، وَالنَّاعِسُ وَالْغَافِلُ مَغْلُوبَانِ بِفِعْلِ اللَّهِ سبحانه وتعالى فَعُذِرَا.
ابْنُ يُونُسَ: وَالْقِيَاسُ أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ سَوَاءٌ.
وَهَاهُنَا ثَلَاثَةُ أَسْئِلَةٍ: الْأَوَّلُ أَنْ يَنْعَسَ بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَقَبْلَ الرُّكُوعِ وَقَدْ تَقَدَّمَ.
الثَّانِي: أَنْ يَنْعَسَ بَعْدَ رَفْعِ رَأْسِهِ مِنْ الرُّكُوعِ وَقَبْلَ السُّجُودِ فَهَذِهِ يَتَّبِعُ الْإِمَامَ فِيهَا مَا لَمْ يَرْفَعْ الْإِمَامُ رَأْسَهُ مِنْ الرَّكْعَةِ الَّتِي تَلِيهَا.
وَالثَّالِثُ أَنْ يَنْعَسَ بَعْدَ إمْكَانِ يَدَيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ وَقَبْلَ رَفْعِ رَأْسِهِ.
فَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ عَقْدَ الرَّكْعَةِ رَفْعُ الرَّأْسِ مِنْهَا فَهُوَ كَمَنْ نَعَسَ قَبْلَ الرُّكُوعِ.
وَسَمِعَ عِيسَى بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ لِي مَالِكٌ ثَلَاثَةَ أَقَاوِيلَ فِيمَنْ سَهَا، أَوْ اشْتَغَلَ أَوْ غَفَلَ حَتَّى رَكَعَ إمَامُهُ، وَأَبْيَنُهَا أَنْ يَتَّبِعَ إمَامَهُ فِي غَيْرِ الْأُولَى مَا طَمِعَ أَنْ يُدْرِكَهُ فِي سُجُودِهِ.
ابْنُ الْقَاسِمِ: وَمِثْلُ ذَلِكَ اشْتِغَالُهُ بِحَلِّ إزَارِهِ، أَوْ رَبْطِهِ حَتَّى سَبَقَهُ الْإِمَامُ وَالْحُكْمُ وَاحِدٌ.
ابْنُ رُشْدٍ: وَأَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الزِّحَامِ بِإِلْغَاءِ الرَّكْعَةِ مُطْلَقًا أُولَى كَانَتْ، أَوْ غَيْرَهَا.
(أَوْ سَجْدَةٍ فَإِنْ لَمْ يَطْمَعْ فِيهَا قَبْلَ عَقْدِ إمَامِهِ تَمَادَى وَقَضَى رَكْعَةً وَإِلَّا سَجَدَهَا) الْمَازِرِيُّ: لَوْ كَانَ هَذَا الرُّكْنُ الْمَغْلُوبُ عَلَيْهِ سُجُودًا فَإِنَّهُ يَتَّبِعُ
الْإِمَامَ مَا لَمْ يَعْقِدْ الرَّكْعَةَ الَّتِي تَلِيهَا.
قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الْمُزَاحَمِ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ عَنْ سُجُودِ الْإِمَامِ إنَّهُ يَتَّبِعُهُ مَا لَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ مِنْ الَّتِي تَلِيهَا.
وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ سَهَا عَنْ سَجْدَةٍ مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى فَذَكَرَهَا وَهُوَ قَائِمٌ مَعَ الْإِمَامِ فِي الثَّانِيَةِ فَلْيَهْوِ سَاجِدًا، ثُمَّ يَنْهَضُ إلَى الْإِمَامِ.
ابْنُ رُشْدٍ: وَإِنْ ذَكَرَهَا وَالْإِمَامُ رَاكِعٌ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ يُدْرِكُ أَنْ يَسْجُدَ، وَيُدْرِكُ الْإِمَامَ رَاكِعًا لَجَازَ لَهُ أَنْ يَسْجُدَ وَيَتَّبِعَ الْإِمَامَ عَلَى الْمَعْلُومِ مِنْ مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتِهِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ عَقْدَ الرَّكْعَةِ رَفْعُ الرَّأْسِ مِنْ الرُّكُوعِ، وَلَوْ ظَنَّ أَنَّهُ يُدْرِكُ أَنْ يَسْجُدَ، وَيُدْرِكُ الْإِمَامَ رَاكِعًا فَسَجَدَ فَرَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ هُوَ رَأْسَهُ مِنْ سُجُودِهِ بَطَلَتْ عَلَيْهِ الرَّكْعَةُ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ، وَإِنْ ذَكَرَهَا بَعْدَ رَفْعِ الْإِمَامِ رَأْسَهُ، أَوْ فِي الثَّانِيَةِ فَلْيَتَّبِعْ الْإِمَامَ فِيمَا بَقِيَ فَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ فَلْيَقْضِ رَكْعَةً بِسَجْدَتَيْهَا، وَيَقْرَأُ فِيهَا بِالْحَمْدِ وَسُورَةٍ لِأَنَّهَا رَكْعَةُ قَضَاءٍ وَيَسْجُدُ لِسَهْوِهِ بَعْدَ السَّلَامِ.
(وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ إنْ تَيَقَّنَ) الْمَازِرِيُّ: حُكْمُ الشَّاكِّ فِي تَرْكِ السَّجْدَةِ كَحُكْمِ الْمُوقِنِ بِتَرْكِهَا فِي وُجُوبِ إتْيَانِهِ بِهَا فَانْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِ خَلِيلٍ وَانْظُرْ قَوْلَ ابْنِ رُشْدٍ: وَيَسْجُدُ لِسَهْوِهِ بَعْدَ السَّلَامِ
وَنَظَرْتُ ابْنَ يُونُسَ وَالْمَازِرِيَّ: فَلَمْ أَرَ لَهُمَا أَنَّ عَلَيْهِ سُجُودًا فَاسْتَظْهِرْ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ.
ابْنُ الْحَاجِبِ: فَإِنْ ذَكَرَ الْمَأْمُومُ سَجْدَةً فِي قِيَامِ الثَّانِيَةِ فَإِنْ طَمِعَ فِي إدْرَاكِهَا قَبْلَ عَقْدِ رُكُوعِ إمَامِهِ سَجَدَهَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَطْمَعْ تَمَادَى وَقَضَى رَكْعَةً بِسُورَةٍ.
ثُمَّ إنْ كَانَ عَلَى يَقِينٍ لَمْ يَسْجُدْ، وَإِلَّا سَجَدَ بَعْدَهُ.
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَقَوْلُهُ: " ثُمَّ إنْ كَانَ عَلَى يَقِينٍ لَمْ يَسْجُدْ، وَإِلَّا سَجَدَ بَعْدَهُ " أَمَّا عَدَمُ السُّجُودِ وَهُوَ سُجُودُ السَّهْوِ فِي حَالِ التَّيَقُّنِ فَلِأَنَّ الزِّيَادَةَ - وَهِيَ الرَّكْعَةُ الَّتِي فَاتَتْهُ مِنْهَا السَّجْدَةُ - كَانَتْ مِنْ الْمَأْمُومِ مَعَ وُجُودِ الْإِمَامِ فَالْإِمَامُ يَحْمِلُهَا، وَلَا شَكَّ فِي ذَلِكَ عَلَى أَصْلِ الْمَذْهَبِ.
وَأَمَّا سُجُودُ الْمَأْمُومِ لِلسَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ إذَا كَانَتْ عَلَى شَكٍّ وَهُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ: " وَإِلَّا سَجَدَ بَعْدَهُ " فَلِأَنَّ شَكَّ الْمَأْمُومِ هُنَا أَحَدُ مَحْمَلَيْهِ أَلَّا يَكُونَ تَرَكَ شَيْئًا فَتَكُونَ الرَّكْعَةُ الْمُؤْتَى بِهَا سَلَامُ الْإِمَامِ زِيَادَةً فَاسْتَلْزَمَ ذَلِكَ شَكًّا فِي الزِّيَادَةِ وَذَلِكَ مُوجِبٌ لِلسُّجُودِ الْبَعْدِيِّ عَلَى الْمَشْهُورِ.
(وَإِنْ قَامَ إمَامٌ لِخَامِسَةٍ فَمُتَيَقِّنُ انْتِفَاءِ مُوجِبِهَا يَجْلِسُ، وَإِلَّا اتَّبَعَهُ
وَإِنْ خَالَفَ عَمْدًا بَطَلَتْ فِيهِمَا لَا سَهْوًا) قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ صَلَّى إمَامٌ خَامِسَةً فَسَهَا قَوْمٌ
كَسَهْوِهِ وَجَلَسَ قَوْمٌ وَاتَّبَعَهُ قَوْمٌ عَامِدُونَ فَصَلَاةُ الْإِمَامِ، وَمَنْ سَهَا مَعَهُ، أَوْ جَلَسَ تَامَّةٌ، وَيَسْجُدُونَ مَعَهُ لِسَهْوِهِ، وَتَفْسُدُ صَلَاةُ الْعَامِدِينَ.
سَحْنُونَ: وَإِنَّمَا تَصِحُّ صَلَاةُ مَنْ جَلَسَ وَلَمْ يَتَّبِعْهُ إذَا أَيْقَنَ أَنَّهُ لَمْ يُسْقِطْ شَيْئًا وَسَبَّحَ بِهِ فَإِنْ لَمْ يُسَبِّحْ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ عَلَيْهِ.
الْمَازِرِيُّ: فَلَوْ قَالَ الْإِمَامُ هُنَا إنَّمَا أَتَيْتُ بِهَا لِأَنِّي كُنْت أَسْقَطْت سَجْدَةً مِنْ الْأُولَى فَتَصِحُّ صَلَاةُ السَّاهِينَ وَتَصِحُّ أَيْضًا صَلَاةُ الْجَالِسِينَ إنْ جَلَسُوا عَلَى يَقِينٍ أَنَّهُ لَمْ يُسْقِطْ شَيْئًا، وَأَمَّا الْمُتَعَمِّدُونَ اتِّبَاعَهُ فَتَبْطُلُ إنْ أَيْقَنُوا أَنَّهُ لَمْ يُسْقِطْ إلَّا أَنْ يَتَأَوَّلُوا وُجُوبَ اتِّبَاعِهِ فَتَكُونَ إعَادَتُهُمْ مُسْتَحَبَّةً.
اللَّخْمِيِّ: الصَّوَابُ أَنْ تَتِمَّ صَلَاةُ مَنْ جَلَسَ وَلَمْ يَتَّبِعْهُ لِأَنَّهُ جَلَسَ مُتَأَوِّلًا وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ اتِّبَاعُهُ وَهُوَ أَعْذَرُ مِنْ النَّاعِسِ، وَالْغَافِلِ.
(فَيَأْتِي الْجَالِسُ بِرَكْعَةٍ وَيُعِيدُهَا الْمُتَّبِعُ، وَإِنْ قَالَ: قُمْت لِمُوجِبٍ صَحَّتْ لِمَنْ لَزِمَهُ اتِّبَاعُهُ وَتَبِعَهُ وَلِمُقَابِلِهِ إنْ سَبَّحَ كَمُتَّبِعٍ تَأَوَّلَ
وُجُوبَهُ عَلَى الْمُخْتَارِ) تَقَدَّمَ قَوْلُ اللَّخْمِيِّ وَالْمَازِرِيِّ.
اُنْظُرْ هَذَا لَا شَكَّ أَنَّهُ فَرْعٌ إذَا قَالَ الْإِمَامُ: قُمْتُ لِمُوجِبٍ.
وَعِبَارَةُ ابْنِ يُونُسَ إنْ قَامَ إمَامٌ لِخَامِسَةٍ فَصَلَاتُهُ وَصَلَاةُ مَنْ جَلَسَ تَامَّةٌ، فَإِنْ قَالَ الْإِمَامُ: قُمْتُ لِمُوجِبٍ فَتَبْطُلُ عَلَى هَذَا الْجَالِسِ إنْ شَكَّ إلَّا إنْ أَيْقَنَ بِسَلَامَتِهَا فَتَصِحُّ لَهُ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ مُخْتَارُ اللَّخْمِيِّ أَنَّهُ أَعْذَرُ مِنْ النَّاعِسِ فَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ.
وَعِبَارَةُ ابْنِ الْحَاجِبِ: فَلَوْ قَالَ لَهُمَا: كَانَتْ لِمُوجِبٍ؛ فَأَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ، ثُمَّ قَالَ فَيَأْتِي الْجَالِسُ عَلَى الصِّحَّةِ بِرَكْعَةٍ.
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: يَعْنِي فَلَوْ قَالَ الْإِمَامُ لِمَنْ اتَّبَعَهُ فِي الْخَامِسَةِ وَلِمَنْ جَلَسَ وَلَمْ يَتَّبِعْهُ وَقَعْت فِي زِيَادَتِهَا لِمُوجِبٍ فَيَتَحَصَّلُ الْحُكْمُ - إذْ ذَاكَ - عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ:
الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: مَنْ لَزِمَهُ اتِّبَاعُهُ وَتَبِعَهُ يَعْنِي لِتَيَقُّنِهِ بُطْلَانَ إحْدَى الْأَرْبَعِ، أَوْ لِظَنِّهِ، أَوْ لِشَكِّهِ فِي ذَلِكَ، ثُمَّ صَادَفَ صِدْقَ ظَنِّهِ، وَإِنْ شَكَّ كَانَ مَعَ النَّقْصِ فِي زِيَادَةِ الْأَمْرِ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: مَنْ لَزِمَهُ عَدَمُ اتِّبَاعِهِ وَلَمْ يَتَّبِعْهُ لِتَيَقُّنِهِ أَيْضًا صِحَّةَ الْأَرْبَعِ أَوْ ظَنِّهِ ذَلِكَ مَعَ صِدْقِ ظَنِّهِ وَهَذَا هُوَ مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ: " وَمُقَابِلُهُ تَصِحُّ فِيهِمَا " أَيْ فِي الْوَجْهَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ.
وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: مَنْ لَزِمَهُ اتِّبَاعُهُ فَلَمْ يَتَّبِعْهُ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَلْزَمَهُ هُنَا الِاتِّبَاعُ إلَّا بِاعْتِبَارِ مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَيَكُونُ الْمَأْمُومُ فِي هَذَا الْقِسْمِ جَلَسَ وَهُوَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ يَلْزَمُهُ الْقِيَامُ لَكِنْ جَلَسَ لِاعْتِقَادِهِ الْكَمَالَ أَوْ لِظَنِّهِ وَلَمْ يَصْدُقْ ظَنُّهُ، وَهُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ: " وَفِي الثَّالِثِ الْمَنْصُوصِ
تَبْطُلُ ".
وَالْوَجْهُ الرَّابِعُ: مَنْ يَلْزَمُهُ اتِّبَاعُهُ لِتَيَقُّنِهِ سَلَامَهُ، أَوْ لِظَنِّهِ لَكِنَّهُ تَأَوَّلَ وُجُوبَ اتِّبَاعِهِ وَفِيهِ قَوْلَانِ.
(لَا لِمَنْ لَزِمَهُ اتِّبَاعُهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَلَمْ يَتَّبِعْهُ) اللَّخْمِيِّ: الصَّوَابُ أَنْ تَتِمَّ صَلَاةُ مَنْ جَلَسَ وَلَمْ يَتَّبِعْهُ
لِأَنَّهُ جَلَسَ مُتَأَوِّلًا وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ اتِّبَاعُهُ وَهُوَ أَعْذَرُ مِنْ النَّاعِسِ.
(وَلَمْ تَجْزِ مَسْبُوقًا عَلِمَ بِخَامِسِيَّتِهَا) اللَّخْمِيِّ: قَالَ مَالِكٌ: مَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي الثَّانِيَةِ فَسَهَا الْإِمَامُ فَصَلَّى خَامِسَةً فَصَلَّاهَا مَعَهُ عَالِمًا أَنَّهَا خَامِسَةٌ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ.
اللَّخْمِيِّ: فَأَبْطَلَ الصَّلَاةَ مَعَ الْعَمْدِ، وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهَا رَابِعَةٌ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: وَيَنْبَغِي لِمَنْ عَلِمَ أَنَّهَا خَامِسَةٌ مِمَّنْ فَاتَتْهُ رَكْعَةٌ أَنْ لَا يَتَّبِعَهُ فِيهَا وَيَقْضِيَ بَعْدَ سَلَامِهِ.
ابْنُ الْحَاجِبِ: وَلَوْ قَالَ لَهُمَا: كَانَتْ لِمُوجِبٍ؛ فَأَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ: مَنْ يَلْزَمُهُ اتِّبَاعُهُ وَتَبِعَهُ، وَمُقَابِلُهُ يَصِحُّ فِيهِمَا، وَفِي الثَّالِثِ، وَالرَّابِعِ قَوْلَانِ.
وَالسَّاهِي مَعْذُورٌ وَيَلْزَمُ الْجَالِسَ عَلَى الصِّحَّةِ الْإِتْيَانُ بِرَكْعَةٍ، وَفِي إعَادَةِ السَّاهِي قَوْلَانِ، وَفِي إلْحَاقِ الْجَاهِلِ بِالسَّاهِي قَوْلَانِ، وَفِي نِيَابَتِهَا عَنْ رَكْعَةِ مَسْبُوقٍ يَتَّبِعُهُ قَوْلَانِ.
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: يَعْنِي أَنَّ الْمَسْبُوقَ بِرَكْعَةٍ، أَوْ أَكْثَرَ إذَا اتَّبَعَ الْإِمَامَ فِي هَذِهِ الرَّكْعَةِ الْخَامِسَةِ الَّتِي قَامَ لَهَا الْإِمَامُ لِمُوجِبٍ فَهَلْ يَعْتَدُّ بِهَا أَمْ لَا؟ قَوْلَانِ.
وَالْأَظْهَرُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ نِيَابَتُهَا لِلْمَسْبُوقِ عَنْ رَكْعَةٍ لِأَنَّهَا بِنَاءٌ لَهُ وَلِلْإِمَامِ، وَرَابِعَةٌ فِي حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَتُجْزِئُ الْمَأْمُومَ كَمَا أَجْزَأَتْ إمَامَهُ، وَنَصَّ عَلَيْهَا ابْنُ بَشِيرٍ.
وَإِذَا وَجَبَ عَلَى الْإِمَامِ الْإِتْيَانُ بِهَذِهِ الْخَامِسَةِ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ سَجْدَةً كَمَا قَالَ وَكَانَ مِنْ الْمُقْتَدِينَ بِهِ مَسْبُوقٌ فَاتَّبَعَهُ، فَهَلْ تَنُوبُ لَهُ عَنْ رَكْعَةٍ مِمَّا سَبَقَ؟ فِيهِ قَوْلَانِ:.
أَحَدُهُمَا أَنَّهَا لَا تَنُوبُ وَهَذَا بِنَاءٌ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ يَكُونُ فِي هَذِهِ الرَّكْعَةِ قَاضِيًا.
الثَّانِي أَنَّهَا تَنُوبُ لَهُ وَهَذَا بِنَاءٌ عَلَى أَنَّهُ يَكُونُ فِيهَا بَانِيًا فَهِيَ آخِرُ صَلَاتِهِ فَتُجْزِئُ الْمَسْبُوقَ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ الِاقْتِدَاءُ بِهِ فِيهَا (وَهَلْ كَذَا إنْ لَمْ يَعْلَمْ، أَوْ تُجْزِئُ إلَّا أَنْ يُجْمِعَ مَأْمُومُهُ عَلَى نَفْيِ الْمُوجِبِ؟ قَوْلَانِ) ابْنُ الْمَوَّازِ: لَوْ اتَّبَعَهُ فِيهَا مَنْ فَاتَتْهُ رَكْعَةٌ وَلَمْ
يَعْلَمْ أَنَّهَا خَامِسَةٌ وَلَمْ يُسْقِطْ الْإِمَامُ شَيْئًا قَضَى رَكْعَةً أُخْرَى وَسَجَدَ لِسَهْوِهِ كَمَا سَجَدَ إمَامُهُ.
ابْنُ يُونُسَ: رَاجِعْهُ أَنْتَ فَقَدْ كَانَ الْوَاجِبُ نَقْلَ الْفِقْهِ عَلَى تَرْتِيبِهِ دُونَ مُسَايَرَتِهِ مَعَ أَلْفَاظِ خَلِيلٍ وَبَعْدَ ذَلِكَ يُنْظَرُ فِي تَنْزِيلِ أَلْفَاظِ خَلِيلٍ عَلَيْهِ.
(وَتَارِكُ سَجْدَةٍ مِنْ كَأُولَاهُ لَا تُجْزِئُهُ الْخَامِسَةُ إنْ تَعَمَّدَهَا)