الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(55) بَاب قَضَاءِ الصَّلَاةِ الْفَائِتَةِ وَاسْتِحْبَابِ تَعْجِيلِ قَضَائِهَا
309 -
(680) حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى التُّجِيبِيُّ. أَخْبَرَنَا ابْنُ وهب. أخبرني يونس عن ابن شهاب، عن سعيد بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ أَنّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم، حين قَفَلَ مِنْ غَزْوَةِ خَيْبَرَ. سَارَ لَيْلَهُ. حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْكَرَى عَرَّسَ. وَقَالَ لِبِلَالٍ:
"اكْلَأْ لَنَا اللَّيْلَ" فَصَلَّى بِلَالٌ مَا قُدِّرَ لَهُ. وَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ. فَلَمَّا تَقَارَبَ الْفَجْرُ اسْتَنَدَ بِلَالٌ إِلَى رَاحِلَتِهِ مُوَاجِهَ الْفَجْرِ. فَغَلَبَتْ بِلَالًا عَيْنَاهُ وَهُوَ مُسْتَنِدٌ إِلَى رَاحِلَتِهِ. فَلَمْ يَسْتَيْقِظْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا بِلَالٌ وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ حَتَّى ضَرَبَتْهُمُ الشَّمْسُ. فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَوَّلَهُمُ اسْتِيقَاظًا. فَفَزِعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ "أَيْ بِلَالُ! " فَقَالَ بِلَالٌ: أَخَذَ بِنَفْسِي الَّذِي أَخَذَ (بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي! يَا رَسُولَ اللَّهِ!) بِنَفْسِكَ. قَالَ "اقْتَادُوا" فَاقْتَادُوا رَوَاحِلَهُمْ شَيْئًا. ثُمَّ تَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وَأَمَرَ بِلَالًا فَأَقَامَ الصَّلَاةَ. فَصَلَّى بِهِمُ الصُّبْحَ. فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ قَالَ "مَنْ نَسِيَ الصَّلَاةَ فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا. فَإِنَّ اللَّهَ قال: {أقم الصلاة لذكري} [20/طه/الآية-14]. قَالَ يُونُسُ: وَكَانَ ابْنُ شِهَابٍ يَقْرَؤُهَا: لِلذِّكْرَى.
(قفل من غزوة خيبر) أي رجع. والقفول الرجوع. ويقال: غزوة وغزاة. (أدركه الكرى عرس) الكرى النعاس. وقيل: النوم. يقال منه: كرى، كرضى، يكرى كرى، فهو كر وامرأة كرية. والتعريس نزول المسافرين آخر الليل للنوم والاستراحة. هكذا قاله الخليل والجمهور. وقال أبو زيد: هو النزول أي وقت كان من ليل أو نهار. (اكلأ لنا الفجر) أي ارقبه واحفظه واحرسه. ومصدره الكلاء. (مواجه الفجر) أي مستقبله. (اقتادوا) أي قودوا رواحلكم لأنفسكم آخذين بمقاودها.
310 -
(680) وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ وَيَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ. كلاهما عَنْ يَحْيَى. قَالَ ابْنُ حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ كَيْسَانَ. حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَ:
عَرَّسْنَا مَعَ نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَلَمْ نَسْتَيْقِظْ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم "لِيَأْخُذْ كُلُّ رَجُلٍ بِرَأْسِ رَاحِلَتِهِ. فَإِنَّ هَذَا مَنْزِلٌ حَضَرَنَا فِيهِ الشَّيْطَانُ" قَالَ فَفَعَلْنَا. ثُمَّ دَعَا بِالْمَاءِ فَتَوَضَّأَ. ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ.
⦗ص: 472⦘
(وَقَالَ يَعْقُوبُ: ثُمَّ صَلَّى سَجْدَتَيْنِ). ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَصَلَّى الغداة.
311 -
(681) وحَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ. حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ (يَعْنِي ابْنَ الْمُغِيرَةِ) حَدَّثَنَا ثَابِتٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ؛ قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فقال:
"إِنَّكُمْ تَسِيرُونَ عَشِيَّتَكُمْ وَلَيْلَتَكُمْ. وَتَأْتُونَ الْمَاءَ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ، غَدًا". فَانْطَلَقَ النَّاسُ لَا يَلْوِي أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ. قَالَ أَبُو قَتَادَةَ: فَبَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسِيرُ حَتَّى ابْهَارَّ اللَّيْلُ وَأَنَا إِلَى جَنْبِهِ. قَالَ: فَنَعَسَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَمَالَ عَنْ رَاحِلَتِهِ. فَأَتَيْتُهُ فَدَعَمْتُهُ. مِنْ غَيْرِ أَنْ أُوقِظَهُ. حَتَّى اعْتَدَلَ عَلَى رَاحِلَتِهِ. قَالَ ثُمَّ سَارَ حَتَّى تَهَوَّرَ اللَّيْلُ مَالَ عَنْ رَاحِلَتِهِ. قَالَ فَدَعَمْتُهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ أُوقِظَهُ. حَتَّى اعْتَدَلَ عَلَى رَاحِلَتِهِ. قَالَ ثُمَّ سَارَ حَتَّى إِذَا كَانَ مِنْ آخِرِ السَّحَرِ مَالَ مَيْلَةً. هِيَ أَشَدُّ مِنَ الْمَيْلَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ. حَتَّى كَادَ يَنْجَفِلُ. فَأَتَيْتُهُ فَدَعَمْتُهُ. فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ "مَنْ هَذَا" قُلْتُ: أَبُو قَتَادَةَ. قَالَ "مَتَى كَانَ هَذَا مَسِيرَكَ مِنِّي؟ " قُلْتُ: مَا زَالَ هَذَا مَسِيرِي مُنْذُ اللَّيْلَةِ. قَالَ "حَفِظَكَ اللَّهُ بِمَا حَفِظْتَ بِهِ نَبِيَّهُ" ثُمَّ قَالَ "هَلْ تَرَانَا نَخْفَى عَلَى النَّاسِ؟ " ثُمَّ قَالَ "هَلْ تَرَى مِنْ أَحَدٍ؟ " قُلْتُ: هَذَا رَاكِبٌ. ثُمَّ قُلْتُ: هَذَا رَاكِبٌ آخَرُ. حَتَّى اجْتَمَعْنَا فَكُنَّا سَبْعَةَ رَكْبٍ. قَالَ فَمَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الطَّرِيقِ. فَوَضَعَ رَأْسَهُ. ثُمَّ قَالَ "احْفَظُوا عَلَيْنَا صَلَاتَنَا". فَكَانَ أَوَّلَ من استيقظ رسول الله صلى اله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالشَّمْسُ فِي ظَهْرِهِ. قَالَ فَقُمْنَا فَزِعِينَ. ثُمَّ قَالَ "ارْكَبُوا" فَرَكِبْنَا. فَسِرْنَا. حَتَّى إِذَا ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ نَزَلَ. ثُمَّ دَعَا بِمِيضَأَةٍ كانت معي فيها شئ
⦗ص: 473⦘
من ماء. قال فتوضأنا مِنْهَا وُضُوءًا دُونَ وُضُوءٍ. قَالَ وَبَقِيَ فِيهَا شئ مِنْ مَاءٍ. ثُمَّ قَالَ لِأَبِي قَتَادَةَ "احْفَظْ عَلَيْنَا مِيضَأَتَكَ. فَسَيَكُونُ لَهَا نَبَأٌ" ثُمَّ أَذَّنَ بِلَالٌ بِالصَّلَاةِ. فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَكْعَتَيْنِ. ثُمَّ صَلَّى الْغَدَاةَ فَصَنَعَ كَمَا كَانَ يَصْنَعُ كُلَّ يَوْمٍ. قَالَ وَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَرَكِبْنَا مَعَهُ. قَالَ فَجَعَلَ بَعْضُنَا يَهْمِسُ إِلَى بَعْضٍ: مَا كَفَّارَةُ مَا صَنَعْنَا بِتَفْرِيطِنَا فِي صَلَاتِنَا؟ ثُمَّ قَالَ "أَمَا لَكُمْ فِيَّ أُسْوَةٌ؟ "ثُمَّ قال لَيْسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ. إِنَّمَا التَّفْرِيطُ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ الصَّلَاةَ حَتَّى يَجِيءَ وَقْتُ الصَّلَاةِ الأُخْرَى. فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَلْيُصَلِّهَا حِينَ يَنْتَبِهُ لَهَا. فَإِذَا كَانَ الْغَدُ فَلْيُصَلِّهَا عِنْدَ وَقْتِهَا" ثُمَّ قَالَ "مَا تَرَوْنَ النَّاسَ صَنَعُوا؟ " قَالَ: ثُمَّ قَالَ "أَصْبَحَ النَّاسُ فَقَدُوا نَبِيَّهُمْ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ: رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَكُمْ. لَمْ يَكُنْ لِيُخَلِّفَكُمْ. وَقَالَ النَّاسُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بين أيديكم. فإن يطبعوا أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ يَرْشُدُوا".
قَالَ فَانْتَهَيْنَا إِلَى الناس حين امتد النهار وحمي كل شئ. وَهُمْ يَقُولُونَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! هَلَكْنَا. عَطِشْنَا. فَقَالَ "لَا هُلْكَ عَلَيْكُمْ" ثُمَّ قَالَ "أَطْلِقُوا لِي غُمَرِي" قَالَ وَدَعَا بِالْمِيضَأَةِ. فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَصُبُّ وَأَبُو قَتَادَةَ يَسْقِيهِمْ. فَلَمْ يَعْدُ أَنْ رَأَى النَّاسُ مَاءً فِي الْمِيضَأَةِ تَكَابُّوا عَلَيْهَا. فَقَالَ
⦗ص: 474⦘
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "أَحْسِنُوا الْمَلَأَ. كُلُّكُمْ سَيَرْوَى" قَالَ فَفَعَلُوا. فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَصُبُّ وَأَسْقِيهِمْ. حَتَّى مَا بَقِيَ غَيْرِي وَغَيْرُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ ثُمَّ صَبَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لِي "اشْرَبْ" فَقُلْتُ: لَا أَشْرَبُ حَتَّى تَشْرَبَ يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ "إِنَّ سَاقِيَ الْقَوْمِ آخِرُهُمْ شُرْبًا" قَالَ فَشَرِبْتُ. وَشَرِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ فَأَتَى النَّاسُ الْمَاءَ جَامِّينَ رِوَاءً.
قَالَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبَاحٍ: إِنِّي لَأُحَدِّثُ هَذَا الْحَدِيثَ فِي مَسْجِدِ الجامع. إذا قَالَ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ: انْظُرْ أَيُّهَا الْفَتَى كَيْفَ تُحَدِّثُ. فَإِنِّي أَحَدُ الرَّكْبِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ. قَالَ قُلْتُ: فَأَنْتَ أَعْلَمُ بِالْحَدِيثِ. فَقَالَ: مِمَّنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ: مِنَ الأَنْصَارِ. قَالَ: حَدِّثْ فَأَنْتُمْ أَعْلَمُ بِحَدِيثِكُمْ. قَالَ فَحَدَّثْتُ الْقَوْمَ. فَقَالَ عِمْرَانُ: لَقَدْ شَهِدْتُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ وَمَا شَعَرْتُ أَنَّ أحدا حفظه كما حفظته.
(لا يلوي على أحد) أي لا يعطف. (إبهار الليل) أي انتصف. (فنعس) النعاس مقدمة النوم. (فدعمته) أي أقمت ميله من النوم، وصرت تحته. كالدعامة للبناء فوقها. (تهور الليل) أي ذهب أكثره. مأخوذ من تهور البناء، وهو انهداده. (ينجفل) أي يسقط. (بما حفظت به نبيه) أي بسبب حفظك نبيه. (سبعة ركب) هو جمع راكب. كصاحب وصحب، ونظائره. (بميضأة) هي الإناء الذي يتوضأ به، كالركوة. (وضوءا دون وضوء) أي وضوءا خفيفا. (يهمس إلى بعض) أي يكلمه بصوت خفي. (أسوة) الأسوة كالقدوة والقدوة، هي الحالة التي يكون الإنسان عليها في اتباع غيره. إن حسنا وإن قبيحا. وإن سارا وإن ضارا. ولهذا قال تَعَالَى: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حسنة. فوصفها بالحسنة. كذا قال الراغب. (ليس في النوم تفريط) أي تقصير في فوت الصلاة. لانعدام الاختيار من النائم. (مَا تَرَوْنَ النَّاسَ صَنَعُوا قَالَ ثُمَّ قَالَ
…
الخ) قال النووي: معنى هذا الكلام أنه صلى الله عليه وسلم لما صلى بهم الصبح، بعد ارتفاع الشمس، وقد سبقهم الناس. وانقطع النبي صلى الله عليه وسلم وهؤلاء الطائفة اليسيرة عنهم. قال: ما تظنون الناس يقولون فينا؟ فسكت القوم. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَمَّا أبو بكر وعمر فيقولان للناس: إن النبي صلى الله عليه وسلم وراءكم. ولا تطيب نفسه أن يخلفكم وراءه ويتقدم بين أيديكم. فينبغي لكم أن تنتظروه حتى يلحقكم. وقال باقي الناس: إنه سبقكم فالحقوه. فإن أطاعوا أبا بكر وعمر رشدوا، فإنهما على الصواب. (لا هلك عليكم) أي لا هلاك. (أطلقوا لي غمري) أي إيتوني به. والغمر القدح الصغير. (فَلَمْ يَعْدُ أَنْ رَأَى النَّاسُ مَاءً فِي الميضأة تكابوا عليها) أي لم يتجاوز رؤيتهم الماء في الميضأة تكابهم، أي تزاحمهم عليها، مكبا بعضهم على بعض. (أحسنوا الملأ) الملأ الخلق والعشرة. يقال: ما أحسن ملأ فلان أي خلقه وعشرته. وما أحسن ملأ بني فلان أي عشرتهم وأخلاقهم. ذكره الجوهري وغيره. وأنشد الجوهري:
تنادوا يال بهثة إذ رأونا * فقلنا: أحسنى ملأ جهينا
(جامين رواء) أي مستريحين قد رووا من الماء. والرواء ضد العطاش جمع ريان وريا، مثل عطشان وعطشى. (في مسجد الجامع) هو من باب إضافة الموصوف إلى صفته. فعند الكوفيين يجوز ذلك بغير تقدير. وعند البصريين لا يجوز إلا بتقدير. ويتأولون ما جاء بهذا بحسب مواطنه. والتقدير هنا: مسجد المكان الجامع. وفي قول الله تعالى: وما كنت بجانب الغربي، أي المكان الغربي. وقوله تعالى: ولدار الآخرة، أي الحياة الآخرة. (حفظته) ضبطناه، حفظته بضم التاء وفتحها. وكلاهما حسن.
312 -
(682) وحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ صَخْرٍ الدَّارِمِيُّ. حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ. حَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ زَرِيرٍ الْعُطَارِدِيُّ. قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيَّ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ. قَالَ:
كُنْتُ مَعَ نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَسِيرٍ لَهُ. فَأَدْلَجْنَا لَيْلَتَنَا. حَتَّى إِذَا كَانَ فِي وَجْهِ الصُّبْحِ عَرَّسْنَا. فَغَلَبَتْنَا أَعْيُنُنَا حَتَّى بَزَغَتِ الشَّمْسُ. قَالَ فَكَانَ أَوَّلَ مَنِ اسْتَيْقَظَ مِنَّا أَبُو بَكْرٍ. وَكُنَّا لَا نُوقِظُ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ مَنَامِهِ إِذَا نَامَ
⦗ص: 475⦘
حَتَّى يَسْتَيْقِظَ. ثُمَّ اسْتَيْقَظَ عُمَرُ. فَقَامَ عِنْدَ نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَجَعَلَ يُكَبِّرُ وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالتَّكْبِيرِ. حَتَّى اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ وَرَأَى الشَّمْسَ قَدْ بَزَغَتْ قَالَ "ارْتَحِلُوا" فَسَارَ بِنَا. حَتَّى إِذَا ابْيَضَّتِ الشَّمْسُ نَزَلَ فَصَلَّى بِنَا الْغَدَاةَ. فَاعْتَزَلَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ لَمْ يُصَلِّ مَعَنَا. فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "يَا فُلَانُ! مَا مَنَعَكَ أَنْ تُصَلِّيَ مَعَنَا؟ " قَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ! أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ. فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَتَيَمَّمَ بِالصَّعِيدِ. فَصَلَّى. ثُمَّ عَجَّلَنِي، فِي رَكْبٍ بَيْنَ يَدَيْهِ، نَطْلُبُ الْمَاءَ. وَقَدْ عَطِشْنَا عَطَشًا شَدِيدًا. فَبَيْنَمَا نَحْنُ نَسِيرُ إِذَا نَحْنُ بِامْرَأَةٍ سَادِلَةٍ رِجْلَيْهَا بَيْنَ مَزَادَتَيْنِ. فَقُلْنَا لَهَا: أَيْنَ الْمَاءُ؟ قَالَتْ: أَيْهَاهْ. أَيْهَاهْ. لَا مَاءَ لَكُمْ. قُلْنَا: فَكَمْ بَيْنَ أَهْلِكِ وَبَيْنَ الْمَاءِ؟ قَالَتْ: مَسِيرَةُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ. قُلْنَا: انْطَلِقِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَتْ: وَمَا رَسُولُ اللَّهِ؟ فَلَمْ نُمَلِّكْهَا مِنْ أَمْرِهَا شَيْئًا حَتَّى انْطَلَقْنَا بِهَا. فَاسْتَقْبَلْنَا بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَسَأَلَهَا فَأَخْبَرَتْهُ مِثْلَ الَّذِي أَخْبَرَتْنَا. وَأَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا مُوتِمَةٌ. لها صبيان أيتام. فأمر بروايتها. فَأُنِيخَتْ. فَمَجَّ فِي الْعَزْلَاوَيْنِ الْعُلْيَاوَيْنِ. ثُمَّ بَعَثَ بِرَاوِيَتِهَا. فَشَرِبْنَا. وَنَحْنُ أَرْبَعُونَ رَجُلًا عِطَاشٌ. حَتَّى رَوِينَا. وَمَلَأْنَا كُلَّ قِرْبَةٍ مَعَنَا وَإِدَاوَةٍ. وَغَسَّلْنَا صَاحِبَنَا. غَيْرَ أَنَّا لَمْ نَسْقِ بَعِيرًا. وَهِيَ تَكَادُ تَنْضَرِجُ مِنَ الْمَاءِ (يَعْنِي الْمَزَادَتَيْنِ) ثُمَّ قَالَ "هَاتُوا مَا كَانَ عِنْدَكُمْ"
⦗ص: 476⦘
فَجَمَعْنَا لَهَا مِنْ كِسَرٍ وَتَمْرٍ. وَصَرَّ لَهَا صُرَّةً. فَقَالَ لَهَا "اذْهَبِي فَأَطْعِمِي هَذَا عِيَالَكِ. وَاعْلَمِي أَنَّا لَمْ نَرْزَأْ مِنْ مَائِكِ" فَلَمَّا أَتَتْ أَهْلَهَا قَالَتْ: لَقَدْ لَقِيتُ أَسْحَرَ الْبَشَرِ. أَوْ إِنَّهُ لَنَبِيٌّ كَمَا زَعَمَ. كَانَ مِنْ أَمْرِهِ ذَيْتَ وَذَيْتَ. فَهَدَى اللَّهُ ذَاكَ الصِّرْمَ بِتِلْكَ الْمَرْأَةِ. فأسلمت وأسلموا.
(فأدلجنا) الإدلاج هو سير الليل كله. أما الإدلاج فمعناه السير آخر الليل. هذا هو الأشهر في اللغة: وقيل: هما لغتان بمعنى. (بزغت الشمس) البزوغ هو أول طلوع الشمس. (سادلة) أي مرسلة، مدلية. (مزادتين) المزادة أكبر من القربة. والمزادتان حمل بعير. سميت مزادة لأنه يزاد فيها من جلد آخر من غيرها. (أيهاه أيهاه) هكذا هو في الأصول. وهو بمعنى هيهات هيهات. ومعناه البعد عن المطلوب واليأس منه. كما قالت بعده: لا ماء لكم. أي ليس لكم ماء حاضر ولا قريب. (فلم نملكها من أمرها شيئا) أي لم نخلها وشأنها حتى تملك أمرها. (موتمة) أي ذات أيتام. توفي زوجها وترك أولادا صغارا. (براويتها) الراوية عند العرب هي الجمل الذي يحمل الماء. وأهل العرف قد يستعملونه في المزادة، استعارة. والأصل البعير. (فمج في العزلاوين العلياوين) المج زرق الماء بالفم. والعزلاء: بالمد، هو المثعب الأسفل للمزادة الذي يفرغ منه الماء. ويطلق أيضا على فمها الأعلى. وتثنيتها عزلاوان. والجمع العزالي بكسر اللام. (وغسلنا صاحبنا) يعني الجنب. أي أعطيناه ما يغتسل به. (تنضرج من الماء) أي تنشق. وروى تتضرج، وهو بمعناه. والأول هو المشهور. (كسر) جمع كسرة، وهي القطعة من الشيء المكسور. (وصر لها صرة) أي شد ما جمعه لها في لفافة. (لم نرزأ) أي لم ننقص من مائك شيئا. (ذيت وذيت) قال أهل اللغة: هو بمعنى كيت وكيت. وكذا وكذا. (الصرم) أبيات مجتمعة.
(682)
- حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ. أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ. حَدَّثَنَا عَوْفُ بْنُ أَبِي جَمِيلَةَ الأَعْرَابِيُّ عَنْ أَبِي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيِّ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ؛ قَالَ:
كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ. فَسَرَيْنَا لَيْلَةً. حَتَّى إِذَا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ، قُبَيْلَ الصُّبْحِ، وَقَعْنَا تِلْكَ الْوَقْعَةَ الَّتِي لَا وَقْعَةَ عِنْدَ الْمُسَافِرِ أَحْلَى مِنْهَا. فَمَا أَيْقَظَنَا إِلَّا حَرُّ الشَّمْسِ. وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِنَحْوِ حَدِيثِ سَلْمِ بْنِ زَرِيرٍ. وَزَادَ وَنَقَصَ. وَقَالَ فِي الْحَدِيثِ: فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَرَأَى مَا أَصَابَ النَّاسَ. وَكَانَ أَجْوَفَ جَلِيدًا. فَكَبَّرَ وَرَفَعَ صَوْتَهُ بِالتَّكْبِيرِ. حَتَّى اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، لِشِدَّةِ صَوْتِهِ، بِالتَّكْبِيرِ. فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَكَوْا إِلَيْهِ الَّذِي أَصَابَهُمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "لَا ضَيْرَ. ارتحلوا" واقتص الحديث.
(وكان أجوف جليدا) أي رفيع الصوت، يخرج صوته من جوفه. والجليد القوي. (لا ضير) أي لا ضرر عليكم في هذا النوم وتأخير الصلاة به. والضير والضر والضرر بمعنى.
313 -
(683) حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ؛ قَالَ:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إِذَا كَانَ فِي سَفَرٍ، فَعَرَّسَ بِلَيْلٍ، اضْطَجَعَ عَلَى يَمِينِهِ. وَإِذَا عَرَّسَ قُبَيْلَ الصُّبْحِ، نَصَبَ ذِرَاعَهُ، وَوَضَعَ رَأْسَهُ عَلَى كَفِّهِ.
314 -
(684) حَدَّثَنَا هَدَّابُ بْنُ خَالِدٍ. حَدَّثَنَا هَمَّامٌ. حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛ أَنّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:
"من نَسِيَ صَلَاةً فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا. لَا كَفَّارَةَ لَهَا إِلَّا ذَلِكَ".
قَالَ قَتَادَةُ: وَأَقِمْ الصَّلَاةَ لذكري.
(684)
- وحَدَّثَنَاه يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وقتيبة بن سعيد. جميعا عن أبي عوانة، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. وَلَمْ يَذْكُرْ "لَا كَفَّارَةَ لَهَا إِلَّا ذَلِكَ".
315 -
(684) وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى. حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛ قَالَ:
قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "مَنْ نَسِيَ صَلَاةً أَوْ نَامَ عَنْهَا، فَكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا".
316 -
(684) وحَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ. حَدَّثَنِي أَبِي. حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "إِذَا رَقَدَ أَحَدُكُمْ عَنِ الصَّلَاةِ أَوْ غَفَلَ عَنْهَا، فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا. فَإِنَّ الله يقول: أقم الصلاة لذكري"
.