الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(48) بَاب بَيَانِ أَنَّ الْقُرْآنَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ. وَبَيَانِ مَعْنَاهُ
270 -
(818) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. قَالَ: قرأت على مالك عن ابن شهاب، عن عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيِّ؛ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ:
سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ عَلَى غَيْرِ مَا أَقْرَؤُهَا. وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَقْرَأَنِيهَا. فَكِدْتُ أَنْ أَعْجَلَ عَلَيْهِ. ثُمَّ أَمْهَلْتُهُ حَتَّى انْصَرَفَ. ثُمَّ لَبَّبْتُهُ بِرِدَائِهِ. فَجِئْتُ بِهِ رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقلت: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي سَمِعْتُ هَذَا يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ عَلَى غَيْرِ مَا أَقْرَأْتَنِيهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "أَرْسِلْهُ. اقرأ الْقِرَاءَةَ الَّتِي سَمِعْتُهُ يَقْرَأُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "هَكَذَا أُنْزِلَتْ" ثُمَّ قَالَ لِي "اقْرَأْ" فَقَرَأْتُ. فَقَالَ "هَكَذَا أُنْزِلَتْ. إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ. فاقرؤوا ما تيسر منه".
(فكدت أن أعجل عليه) أي قاربت أن أخاصمه بالعجلة في أثناء القراءة. (ثم لببته) معناه أخذت بمجامع ردائه في عنقه وجررته به. مأخوذ من اللبة. لأنه يقبض عليها. (أنزل على سبعة أحرف) قال العلماء: سبب إنزاله على سبعة التخفيف والتسهيل. ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: "هون على أمتي" كما صرح به في الرواية الأخرى. واختلف العلماء في المراد بسبعة أحرف. قال القاضي عياض: هو توسعة وتسهيل لم يقصد به الحصر. قال: وقال الأكثرون: هو حصر للعدد في سبعة. ثم قيل: هي سبعة في المعاني كالوعد والوعيد والمحكم والمتشابه والحلال والحرام والقصص والأمثال والأمر والنهي. ثم اختلف هؤلاء في تعيين السبعة. وقال آخرون: هي في أداء التلاوة وكيفية النطق بكلماتها من إدغام وإظهار وتفخيم وترقيق وإمالة ومد. لأن العرب كانت مختلفة اللغات في هذه الوجوه. فيسر الله تعالى عليهم ليقرأ كل إنسان بما يوافق لغته ويسهل على لسانه. وقال آخرون: هي الألفاظ والحروف. وإليه أشار ابن شهاب بما رواه مسلم عنه في الكتاب. ثم اختلف هؤلاء. فقيل: سبع قراءات وأوجه. وقال أبو عبيد: سبع لغات للعرب يمنها ومعدها. وهي أفصح اللغات وأعلاها. وقيل: بل السبعة كلها لمضر وحدها: وهي متفرقة في القرآن غير مجتمعة في كلمة واحدة. وقيل: بل هي مجتمعة في بعض الكلمات. وقال القاضي أبو بكر بن الباقلاني: الصحيح أن هذه الأحرف السبعة ظهرت واستفاضت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وضبطها عنه الأئمة. وأثبتها عثمان والجماعة في المصحف وأخبروا بصحتها. وإنما حذفوا منها ما لم يثبت متواترا. وأن هذه الأحرف تختلف معانيها تارة وألفاظها أخرى. وليست متضاربة ولا متنافية. وذكر الطحاوي أن القراءة بالأحرف السبعة كانت في أول الأمر خاصة للضرورة لاختلاف لغة العرب، ومشقة أخذ جميع الطوائف بلغة. فلما كثر الناس والكتاب وارتفعت الضرورة عادت إلى قراءة واحدة.
271 -
(818) وحدثني حرملة بن يحيى. أخبرنا ابن وهب. أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بن الزبير؛ أن المسور ابن مَخَرَمَةَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدٍ الْقَارِيَّ أَخْبَرَاهُ؛ أَنَّهُمَا سَمِعَا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ:
سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيمٍ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وَسَاقَ الْحَدِيثَ. بِمِثْلِهِ. وَزَادَ: فَكِدْتُ أُسَاوِرُهُ فِي الصلاة. فتصبرت حتى سلم.
(فكدت أساوره) أي أعاجله وأواثبه. (فتصبرت) أي تكلفت الصبر حتى سلم، أي فرغ من صلاته.
(818)
- حدثنا إسحاق بن إبراهيم وعبد بن حميد. قَالَا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ. كَرِوَايَةِ يُونُسَ بِإِسْنَادِهِ.
272 -
(819) وحدثني حرملة بن يحيى. أخبرنا ابن وهب. أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عبد الله بن عتبة؛ أن ابْنَ عَبَّاسٍ حَدَّثَهُ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
"أَقْرَأَنِي جِبْرِيلُ عليه السلام عَلَى حَرْفٍ فَرَاجَعْتُهُ. فَلَمْ أَزَلْ أَسْتَزِيدُهُ فَيَزِيدُنِي. حَتَّى انْتَهَى إِلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ".
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: بَلَغَنِي أَنَّ تِلْكَ السَّبْعَةَ الأَحْرُفَ إِنَّمَا هِيَ فِي الأَمْرِ الَّذِي يَكُونُ وَاحِدًا، لَا يَخْتَلِفُ فِي حَلَالٍ وَلَا حَرَامٍ.
(819)
- وحَدَّثَنَاه عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ، بِهَذَا الإِسْنَادِ.
273 -
(820) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى بْنِ عَبْدِ الرحمن ابن أَبِي لَيْلَى، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ؛ قَالَ:
كُنْتُ فِي الْمَسْجِدِ. فَدَخَلَ رَجُلٌ يُصَلِّي. فَقَرَأَ قِرَاءَةً أَنْكَرْتُهَا عَلَيْهِ. ثُمَّ دَخَلَ آخَرُ. فَقَرَأَ قِرَاءَةً سِوَى قَرَاءَةِ صَاحِبِهِ. فَلَمَّا قَضَيْنَا الصَّلَاةَ دَخَلْنَا جَمِيعًا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَقُلْتُ: إِنَّ هَذَا قَرَأَ قِرَاءَةً أَنْكَرْتُهَا عَلَيْهِ. وَدَخَلَ آخَرُ فَقَرَأَ سِوَى قِرَاءَةِ صَاحِبِهِ. فَأَمَرَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فقرآ. فَحَسَّنَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم شَأْنَهُمَا. فسقط
⦗ص: 562⦘
في نفسي من التكذيب. ولا إذا كُنْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا قَدْ غَشِيَنِي ضَرَبَ فِي صَدْرِي. فَفِضْتُ عَرَقًا. وَكَأَنَّمَا أَنْظُرُ إِلَى اللَّهِ عز وجل فَرَقًا. فَقَالَ لِي "يَا أُبَيُّ! أُرْسِلَ إِلَيَّ: أَنِ اقْرإِ الْقُرْآنَ عَلَى حَرْفٍ. فَرَدَدْتُ إِلَيْهِ: أَنْ هَوِّنْ عَلَى أُمَّتِي. فَرَدَّ إِلَيَّ الثَّانِيَةَ: اقْرَأْهُ عَلَى حَرْفَيْنِ. فَرَدَدْتُ إِلَيْهِ: أَنْ هَوِّنْ عَلَى أُمَّتِي. فَرَدَّ إِلَيَّ الثَّالِثَةَ: اقْرَأْهُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ. فَلَكَ بكل ردة رددتها مسألة تسألينها. فقلت: اللَّهُمَّ! اغْفِرْ لِأُمَّتِي. وَأَخَّرْتُ الثَّالِثَةَ لِيَوْمٍ يَرْغَبُ إلى الخلق كلهم. حتى إبراهيم صلى الله عليه وسلم".
(فَسَقَطَ فِي نَفْسِي مِنَ التَّكْذِيبِ وَلَا إِذْ كنت في الجاهلية) معناه وسوس لي الشيطان تكذيبا للنبوة أشد مما كنت عليه في الجاهلية. لأنه في الجاهلية كان غافلا أو متشككا. فوسوس الشيطان الجزم بالتكذيب. قال القاضي عياض: معنى قوله: سقط في نفسي، أنه اعترته حيرة ودهشة. قال: وقوله: ولا إذ كنت في الجاهلية، معناه أن الشيطان نزغ في نفسه تكذيبا لم يعتقده. قال: وهذه الخواطر إذا لم يستمر عليها، لا يؤاخذ بها. قال القاضي: قال المازري: معنى هذا أنه وقع في نفس أبي بن كعب نزغة من الشيطان غير مستقرة ثم زالت في الحال، حين ضربه النبي صلى الله عليه وسلم بيده في صدره ففاض عرقا. (ضرب في صدري ففضت عرقا) قال القاضي: ضربه صلى الله عليه وسلم تثبيتا له حين رآه قد غشيه ذلك الخاطر المذموم قال: ويقال: فضت عرقا وفضت. بالضاد المعجمة والصاد المهملة. قال وروايتنا هنا بالمعجمة. قال النووي: وكذا هو في معظم أصول بلادنا. وفي بعضها بالمهملة. (مسألة تسألينها) معناه مسألة مجابة قطعا. وأما باقي الدعوات فمرجوة، ليست قطعية الإجابة.
(820)
- حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ. حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيل بْنُ أَبِي خَالِدٍ. حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِيسَى عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى. أَخْبَرَنِي أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ؛ أَنَّهُ كَانَ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ. إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَّى. فَقَرَأَ قِرَاءَةً. وَاقْتَصَّ الحديث بمثل حديث ابن نمير.
274 -
(821) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ. ح وحَدَّثَنَاه ابْنُ الْمُثَنَّى وابن بشار. قال ابن المثنى: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ الْحَكَمِ، عن مُجَاهِدٍ، عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ؛ أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ عِنْدَ أَضَاةِ بَنِي غِفَارٍ. قَالَ فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عليه السلام.
⦗ص: 563⦘
فَقَالَ:
إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَقْرَأَ أُمَّتُكَ الْقُرْآنَ عَلَى حَرْفٍ. فَقَالَ "أَسْأَلُ اللَّهَ مُعَافَاتَهُ وَمَغْفِرَتَهُ. وَإِنَّ أُمَّتِي لَا تُطِيقُ ذَلِكَ". ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ. فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَقْرَأَ أُمَّتُكَ الْقُرْآنَ عَلَى حَرْفَيْنِ. فَقَالَ "أَسْأَلُ اللَّهَ مُعَافَاتَهُ وَمَغْفِرَتَهُ. وَإِنَّ أُمَّتِي لَا تُطِيقُ ذَلِكَ". ثُمَّ جَاءَهُ الثَّالِثَةَ فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَقْرَأَ أُمَّتُكَ الْقُرْآنَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَحْرُفٍ. فَقَالَ "أَسْأَلُ اللَّهَ مُعَافَاتَهُ وَمَغْفِرَتَهُ. وَإِنَّ أُمَّتِي لَا تُطِيقُ ذَلِكَ". ثُمَّ جَاءَهُ الرَّابِعَةَ فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَقْرَأَ أُمَّتُكَ الْقُرْآنَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ. فَأَيُّمَا حَرْفٍ قَرَءُوا عَلَيْهِ، فَقَدْ أَصَابُوا.
(أضاة بني غفار) الإضاة هي الماء المستنقع كالغدير. وجمعها أضا كحصاة وحصا. وإضاء بكسر الهمزة والمد، كأكمة وإكام.