الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلت: ومهما يكن من شئ فقد أسلم وحسن إسلامه، وحتى لو كان ممن أسلموا يوم الفتح، فلا يقدح ذلك فى عدالته وصحبته، بعد
تزكية رب العزة لمن أسلموا بعد الفتح
وكيف يصح الطعن فى صحة إسلامه رضي الله عنه، وقد كان أحد كتبة الوحى بين يدى النبى صلى الله عليه وسلم (2) .
يدل على ذلك ما روى عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلى معاوية ليكتب له، فقال: إنه يأكل، ثم بعث إليه، فقال: إنه يأكل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لا أشبع الله بطنه "(3) .
…
(1) الآية 10 من سورة الحديد.
(2)
دفاع عن السنة ص65 بتصرف، وينظر تطهير الجنان واللسان لابن حجر الهيتمى ص7،وما بعدها
(3)
أخرجه مسلم (بشرح النووى) كتاب البر والصلة، باب من لعنه النبى صلى الله عليه وسلم أو سبه
…
إلخ 8/399 رقم 3604، وأخرجه أبو داود الطيالسى فى مسنده ص 359 رقم 2746واللفظ له، والبيهقى فى دلائل النبوة 6/243.
يقول الأستاذ محب الدين الخطيب (1) رحمه الله: " قد يستغل بعض الفرق من أعداء الإسلام (2) . هذا الحديث ليتخذوا منه مطعناً فى معاوية رضي الله عنه وليس فيه ما يساعدهم على ذلك، كيف وفيه أنه كان كاتب النبى صلى الله عليه وسلم؟! .
فالظاهر أن هذا الدعاء منه صلى الله عليه وسلم غير مقصود، بل هو مما جرت به عادة العرب فى وصل كلامها بلا نية كقوله صلى الله عليه وسلم: ماله تربت يداه (3) ، وثكلتك أمك يا معاذ (4) . ونحو ذلك.
(1) هو: محب الدين الخطيب بن أبى الفتح محمد بن عبد القادر بن صالح الخطيب، من كبار الكتاب الإسلاميين، ولد فى دمشق وتعلم بها، أصدر مجليته (الزهراء) و (الفتح) ، وكان من أوائل مؤسسى جمعية الشبان المسلمين، وتولى تحرير مجلة الأزهر الشريف، وانشأ المطبعة السلفية ومكتبتها، من مؤلفاته: تاريخ مدينة الزهراء بالأندلس، وغير ذلك. مات سنة 1969م. له ترجمة فى: الأعلام 5/282.
(2)
ينظر: دفاع عن الرسول ضد الفقهاء والمحدثين صالح الوردانى ص 264.
(3)
ينظر الحديث وقصته فى الترمذى فى الشمائل المحمدية ص106 رقم 157، وأبو داود فى سننه كتاب الطهارة، باب فى ترك الوضوء مما مست النار 1/48 رقم 88 ورجاله كلهم ثقات – فالإسناد صحيح.
(4)
ينظر الحديث وقصته فى ابن أبى الدنيا فى الصمت ص37 رقم 6، والترمذى فى سننه مطولاً كتاب الإيمان، باب ما جاء فى حرمة الصلاة 5/13 رقم 2616 وقال: حسن صحيح، والنسائى فى سننه الكبرى كتاب التفسير، باب قوله تعالى:"تتجافى جنوبهم عن المضاجع" 6/428 رقم 11394، وابن ماجة، فى سننه كتاب الفتن، باب كف اللسان فى الفتنة 2/486 رقم 3973، وأحمد فى المسند 5/231، 237، والحاكم فى المستدرك 4/319 رقم 7774 وقال: على شرط الشيخين، ووافقه الذهبى.
ويمكن أن يكون ذلك منه صلى الله عليه وسلم بباعث البشرية التى أفصح عنها هو نفسه صلى الله عليه وسلم فى أحاديث كثيرة متواترة: منها حديث عائشة – رضى الله عنها – مرفوعاً: "
…
أَوَ مَاَ عَلِمْتِ مَا شَرَطْتُ عَلَيْهِ رَبِىِّ؟ قُلْتُ: اللَّهُمَّ "إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، فَأَىُّ المُسْلِمِينَ لَعَنْتُهُ أَوْ سَبَبْتُهُ، فَاجْعَلْهُ لَهُ زَكَاَةً وَأَجْرا ً"(1) .
ولم تعرف عن معاوية رضي الله عنه دخلة فى إيمانه، ولا ريبة فى إخلاصه لإسلامه، ولا فى إمارته.
يقول القاضى أبو بكر بن العربى (2)
(1) أخرجه مسلم (بشرح النووى) كتاب البر والصلة، باب من لعنة النبى صلى الله عليه وسلم أو سبه أو دعا عليه 8/396 رقم 2600، وينظر: شبهات أعداء السنة حول هذا الحديث والرد عليها فى كتاب"رد شبهات حول عصمة النبى صلى الله عليه وسلم فى ضوء القرآن الكريم والسنة النبوية " للمؤلف الفصل السابع من الباب الرابع.دار اليقين بالمنصورة، ودار القبلتين بالسعودية، الطبعة الأولى1424 هـ-2003 م.
(2)
هو: محمد بن عبد الله بن محمد المعافرى الأشبيلى المالكى، بلغ رتبة الإجتهاد فى علوم الدين،
وهو ختام علماء الأندلس، وآخر أئمتها وحفاظها. من مصنفاته: أحكام القرآن، والمحصول فى
أصول الفقه، وغير ذلك. توفى سنة 543هـ له ترجمة فى: طبقات المفسرين للداودى 2/167
رقم 511، وشجرة النور الزكية ص136 رقم 408، والديباج المذهب ص 376 رقم 509.