الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
: "والأصحاب جمع صاحب، والصاحب اسم فاعل من صحبه يصحبه، وذلك يقع على قليل الصحبه وكثيرها"(1) . وعلى هذا التعريف اللغوى جرى أصحاب الحديث فى تعريفهم بالصحابى اصطلاحاً: فذهبوا إلى إطلاق (الصحابى) على كل من صحب سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو ساعة واحدة فما فوقها.
الصحابة فى الاصطلاح:
قال الإمام بدر الدين الزركشى (2) : "ذهب الأكثرون إلى أن الصحابى من اجتمع - مؤمناً - بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وصحبه ولو ساعة، روى عنه أو لا، لأن اللغة تقتضى ذلك، وإن كان العرف يقتضى طول الصحبة وكثرتها
…
وهو ما ذهب إليه جمهور الأصوليين، أما عند أصحاب الحديث فيتوسعون فى تعريفهم لشرف منزلة النبى صلى الله عليه وسلم (3) .
…
يقول الإمام ابن حزم (4)
(1) الصارم المسلول ص 575، وينظر: الروض الباسم فى الذب عن سنة أبى القاسم لابن الوزير اليمانى 1/57 - 60. قرر بتوسع، واستدل أن تسمية يسير المخالطة (صحبة) ثابت بالكتاب والسنة، وعبارات الأئمة أ. هـ.
(2)
هو: محمد بن بهادر بن عبد الله، أبو عبد الله الزركشى، الشافعى، الفقيه الأصولى المحدث، من مؤلفاته "البحر المحيط" و"شرح جمع الجوامع" توفى سنة794هـ له ترجمة فى شذرات الذهب 6/335، والفتح المبين فى طبقات الأصوليين لعبد الله مصطفى المراغى 2/209.
(3)
البحر المحيط فى أصول الفقه 4/301، 349.
(4)
هو على بن أحمد بن سعيد بن حزم الظاهرى، أبو محمد، عالم الأندلس فى عصره، وأحد أئمة الإسلام، روى ابنه أبو رافع أن مصنفات والده بلغت الأربعمائة، من أشهرها: الإحكام فى أصول الأحكام، والفصل فى الملل والنحل، مات سنة 456هـ له ترجمة فى: لسان الميزان لابن حجر 4/724 رقم 5782، وتذكرة الحفاظ للذهبى 3/1146 رقم 1016، ووفيات الأعيان لابن خلكان 3/325 رقم448.
: " فأما الصحابة رضي الله عنهم فهم كل من جالس النبى صلى الله عليه وسلم ولو ساعة، وسمع منه ولو كلمة فما فوقها، أو شاهد منه عليه السلام أمراً يعيه "(1) .
والتعريفات التى وضعها العلماء للصحابة (اصطلاحاً) كثيرة، ولكن التعريف الصحيح المعتمد هو ما قرره الحافظ ابن حجر (2) بقوله: "وأصح ما وقفت عليه من ذلك أن الصحابى هو من لقى النبى صلى الله عليه وسلم مؤمناً به، ومات على الإسلام، ولو تخللت ردة على الأصح.
ثم شرح التعريف فقال: "فيدخل فيمن لقيه" من طالت مجالسته له، أو قصرت، ومن روى عنه أو لم يرو ومن غزا معه أو لم يغز، ومن رآه رؤية، ولو لم يجالسه، ومن لم يره لعارض كالعمى.
ومن هنا كان التعبير بالًّلقِىِّ أولى من قول بعضهم: "الصحابى من رأى النبى صلى الله عليه وسلم " لأنه يخرج حينئذ ابن أم مكتوم ونحوه من العميان وهم صحابة بلا تردد.
ويخرج "بقيد الإيمان" من لقيه كافراً ولو أسلم بعد ذلك إذا لم يجتمع به مرة أخرى.
وقولنا"به"يخرج من لقيه مؤمناً بغيره كمن لقيه مؤمناً من مؤمنى أهل الكتاب قبل البعثة.
ويدخل فى قولنا "مؤمناً به" كل مكلف من الجن والإنس
…
0
(1) الإحكام فى أصول الأحكام لابن حزم 5/86.
(2)
هو: أحمد بن على بن محمد العسقلانى، أبو الفضل، أصله من عسقلان بفلسطين، ولكنه ولد بالقاهرة، حافظ أهل زمانه، وواحد وقته وأوانه، من مصنفاته النفيسة التى عم النفع بها "فتح البارى بشرح صحيح البخارى" و"الإصابة فى معرفة الصحابة" وغير ذلك مات سنة 852هـ له ترجمة فى: الضوء اللامع للسخاوى 2/36 رقم 104، وطبقات الحفاظ للسيوطى ص552 رقم 1190، والبدر الطالع للشوكانى 1/87 رقم 51.
وخرج بقولنا "ومات على الإسلام" من لقيه مؤمناً به ثم ارتد ومات على ردته والعياذ بالله - كعبيد الله بن جحش، وابن خطل، ويدخل فيه من ارتد وعاد إلى الإسلام قبل أن يموت سواء اجتمع به صلى الله عليه وسلم مرة أخرى أم لا، كالأشعث بن قيس فإنه كان ممن ارتد ثم أسلم فى حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكنه لم يلقه. وأتى به إلى أبى بكر الصديق أسيرا ً، فعاد إلى الإسلام فقبل منه، وزوجه أخته، ولم يتخلف أحد عن ذكره فى الصحابة، ولا عن تخريج أحاديثه فى المسانيد وغيرها.
…
وهذا هو الصحيح المعتمد، ووراء ذلك أقوال شاذة أخرى كقول من قال لا يعد صحابياً إلا من وصف بأحد أوصاف أربعة:
من طالت مجالسته، أو حفظت روايته، أو ضبط أنه غزا معه، أو استشهد بين يديه، وكذا من اشترط فى صحة الصحبة بلوغ الحلم، أو المجالسة ولو قصرت" (1) .
قال الحافظ السيوطى (2) مؤيداً الحافظ ابن حجر- رحمهما الله تعالى-:
"وهو المعتبر "(3) .
(1) ينظر: الإصابة 1/10 - 12، ونزهة النظر ص 51، 52.
(2)
هو: عبد الرحمن بن أبى بكر محمد السيوطى، جلال الدين، كان إماماً حافظاً بارعاً، ذا قدم
راسخة فى علوم شت، فكان مفسراً، محدثاً، فقيهاً، أصولياً، لغوياً، مؤرخاً، له مؤلفات بلغت نحو ستمائة مصنف منها: الأشباه والنظائر فى القواعد الفقيهة، والأشباه والنظائر فى العربية، والدر المنثور فى التفسير بالمأثور، والجامع الكبير والصغير، مات سنة 911هـ له ترجمة فى: حسن المحاضرة للسيوطى 1/335 رقم 77، وطبقات المفسرين للسيوطى ص3، والبدر الطالع للشوكانى 1/328 رقم 228.
(3)
تدريب الراوى 2/216.
وذهب إليه الجمهور من الأصوليين، منهم الآمدى فى الإحكام (1) ، وابن عبد الشكور فى فواتح الرحموت بشرح مسلم الثبوت (2) ، والزركشى فى البحر المحيط (3) ، والشوكانى فى إرشاد الفحول (4) وغيرهم.
ويقول الحافظ السخاوى (5) مؤيداً رأى شيخه ابن حجر "والعمل عليه عند المحدثين والأصوليين"(6) .
(1) ينظر: الإحكام للآمدى 2/84، 85.
(2)
ينظر: فواتح الرحموت 2/ 158.
(3)
ينظر: البحر المحيط 4/302، 305.
(4)
ينظر: إرشاد الفحول 1/279، 280.
(5)
هو: أبو عبد الله، محمد بن عبد الرحمن بن أبى بكر، السخاوى الأصل، المصرى المولد والنشأة، الشافعى المذهب، ينسب " لسخا " قرية غربى الفسطاط بمصر، برع فى العلوم النقلية والعقلية، وانتهت إليه رياسة علم الحديث، وعلم التاريخ، ولازم شيخه ابن حجر، حتى شهد له بأنه أمثل جماعته، من مؤلفاته النافعة: فتح المغيث شرح ألفية الحديث، وشرح التقريب للنووى، والضوء اللامع لأهل القرن التاسع، وغيرها الكثير. مات سنة 902 هـ. له ترجمة فى: الضوء اللامع 8 /2-32، والبدر الطالع 2 /184-187.، ومعجم المؤلفين 10 / 150- 151.
(6)
ينظر: فتح المغيث للسخاوى 3/ 85.