الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الذين يأكلون شعبي أكْلَ الخبز ولم يَدْعوا الرب؟ هناك جزعوا جزعاًَ حيث ليس جزع لأن الله في جيل الصدّيقين". وعبثاً نحاول أ، نحد في النص مفعول "ألم يعلم....؟ ". وقد تركه المتحدث عمداً ليثير خيال السامعين ويهوّل لهم ما يريد تحذيرهم منه. والمراد مثلاً: "ألم يعلموا ما ينتظرهم من جزع ورعب وعقاب لا يُرَدً؟ ".
على أن هناك من يقول إنه لا حذف في الآية القرآنية وإن جواب "لَمَّا" موجود في قوله سبحانه: {قَالُوا يَا أَبَانَا
…
} بعدها بآيتين على النحو التالي: {فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (15) وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ (16) قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ
…
} . وثم توجيهات أخرى يُرْجعَ إليها في كتب التفسير وإعراب القرآن وما إليها.
* * *
18- ويمضي صويحبنا الأحمق في لجاجاته قائلاًَ إن التركيب في الآية التاسعة من سورة "الفتح" يؤدي إلى اضطراب المعنى
.
وها نحن أولاء نورد أولاً الآية المذكورة والتي قبلها ليتابعنا القارئ فيما نقول. قال تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (8) لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} . وشبهة الأحمق تقول إن هناك "اضطراباً في المعنى بسبب الالتفات من خطاب محمد إلى خطاب غيره، ولأن الضمير في {تُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ} عائد على الرسول المذكور آخراً، وفي قوله: {تُسَبِّحُوهُ} عائد على اسم الجلالة المذكور أولاً. هذا ما يقتضيه المعنى، وليس في اللفظ ما يعيّنه تعييناً يزيل اللَّبْس. فإن كان القول: {تُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} عائداً على الرسول يكون كفراً لأن التسبيح لله فقط. وإن كان القول: {تُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} عائداً على الله يكون كفراً لأنه تعالى لا يحتاج لمن يعزَّره ويقوَّيه"(ص 110) . ورداً على هذا السخف الذي لٌفَّته هذا الببغاء تلقينا فأداه كما قيل له دون أن يفقه منه شيئاً نقول: أما الالتفات من "كاف الخطاب" لـ "واو" المخاطبين فلست أدري ماذا فيه. إن رب العزة المتعال يخاطب رسوله قائلاً: "إنا أرسلناك (يا رسول الله) شاهداً ومبشراً ونذيراً لتؤمنوا (أنت وسائر العباد) بالله ورسوله
…
إلخ"، فماذا في هذا الكلام مما يصعب فهمه؟ بٌؤْسَ للعقول السَّنِخة والأفواه المنتنة!
وأما المشكلة التي يريد أن يخلقها خلقاً في قوله عز من قائل: {لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} فلا وجود لها إلا في ذهنه المخبول. بالله لم لا يكون التعزير والتوقير والتسبيح جميعاً لله عز وجل؟ ما الذي في ذلك مما لا يناسبه سبحانه ويُوقع القائل به في الكفر؟ إن الله حلَّت قدرته ليس في حاجة فعلاً إلى أية مساعدة أو عون من أحد، بَيْدَ أن الكلام في الآية إنما هو على المجاز مثل قوله في الآية السابعة من سورة "محمد":{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} وقوله في الآية 17 من "التغابن": {إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ} وغير ذلك. ومغزى المجاز في الآية التي بين أيدينا هو زيادة الحضّ على الاستمساك بعروة الإسلام ونصرة مبادئه والجهاد دفاعاً عنه والتضحية في سبيله بالنفس والنفيس، وهو أسلوب من الكلام يراد به استفزاز أقصى طاقات المخاطب واستنفار كل ما تجيش به نفسه من عزم، إذ متى ما قيل للمؤمن إنك، بعملك كيت وكيت، إنما تنصر الله نفسه، فإنه يهبّ بجمع طاقته وعزيمته لتحقيق ما تطلبه منه. كذلك فهذا الأسلوب يُشْعِر المؤمن بأنه شديد القرب من ربه، ويجعل حبل المودة بينه وبين مولاه قوياً متيناً. ولقد أثمر هذا