المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌شبهات خاصة بالمضمون - عصمة القرآن الكريم وجهالات المبشرين

[إبراهيم عوض]

فهرس الكتاب

- ‌في البدء كانت هذه الكلمة

- ‌الفصل الأول (الشبهات اللغوية)

- ‌الشبهات اللغوية

- ‌2- ويقول الكاتب النزق (ص 107) إن في نصب "الظالمين" في قوله تعالى في الآية الرابعة والعشرين بعد المائة من سورة "البقرة": "قال (أي الله لإبراهيم) :

- ‌كذلك يخطَّئ الدعيُّ قوله تعالى في الآية 56 من سورة "الأعراف": {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}

- ‌4- ومن جرأة هذا العَيِىّ تخطئته قوله عز شأنه عن بني إسرائيل في الآية 160 من سورة "الأعراف": {وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا}

- ‌5- ومن سخافاته الطفولية أيضاً توهمه أن من الواجب تغيير قوله تعالى في الآية 19 من سورة "الحج": {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ}

- ‌6- أما الغلطة السادسة التي لا وجود لها إلا في ذهن ذلك المأفون المسكون بالأوهام والضلالات فهي زعمه أنه كان يجب أن يقال: "وخُضْتُم كالذين خاضوا

- ‌7- ونبلغ الاعتراض السابع، وفيه يقول عبدنا الفاضي (الذي يمتلئ كتابه الحقير بالأخطاء النحوية

- ‌8- أما الاعتراض الثامن فهو قول الآخرِ إن الضمير في كلمة "بِنُورهم" من قوله تعالى عن المنافقين في الآية 17 من سورة "البقرة": {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ}

- ‌9- ومن الإيجاز القرآني البليغ نَصْبُ {الْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ}

- ‌10- أما ما أقدم عليه هذا الطائش من تخطئة قوله تعالى في الآية العاشرة من سورة "هود": {وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي}

- ‌11- وفي قوله تعالى في الآية 80 من سورة "البقرة" حكايةً لمزاعم اليهود وأمانيهم الباطلة من أنهم

- ‌12- وهنا نصل إلى الاعتراض الثاني عشر الذي يقول فيه الببغاء إن عبارة "أياماً معدودات

- ‌13- ويستنكر عبد الفاضي استخدام القرآن الكريم لصيغة "إلياسين" (بدل "إلياس

- ‌14- كذلك يعترض المتنطع على استخدام الآية 177 من سورة "البقرة" لكلمة "البِرً" وصفاً لـ {مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ

- ‌15- ونصل الآن إلى الاعتراض الخامس عشر فنجد أنفسنا لا نزال مع الآية السابقة، حيث يزعم صويحبنا إنه كان يجب أن يقال:

- ‌16- وفي قوله تعالى في الآية 59 من سورة "آل عمران": {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}

- ‌17- وفي قوله تعالى في الآية 15 من "يوسف" عن إخوته عليه السلام وعزمهم على التخلص منه حتى يخلو لهم وجه أبيهم:

- ‌18- ويمضي صويحبنا الأحمق في لجاجاته قائلاًَ إن التركيب في الآية التاسعة من سورة "الفتح" يؤدي إلى اضطراب المعنى

- ‌19- وبالمثل يخلق أحمقنا برعونته مشكلة أخرى لا وجود لها إلا في عقله، إذ يقول إن "سلاسل" و"قوارير" في الآيتين

- ‌21- ويأخذ المتنطع الفارغ العقل على قوله جلّ من قائل في الآية 196 من "البقرة" عمّن تمتّع بالعمرة إلى الحج

- ‌22- ومن "عشرة كاملة" إلى لغة "أكلوني البراغيث" كما يسميها النحاة

- ‌23- والآخر يعيب الالتفات من الخطاب إلى الغيبة في قوله تعالى في الآية 21 من "يونس": {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ

- ‌24- كذلك يستغرب جاهلنا أن القرآن لم يقل في الآية 62 من سورة "التوبة": "وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُما" بدلاً من {وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ}

- ‌25- ونأتي إلى آخر الشُّبه الموجودة في فصل الكتاب الخامس المسمَّى "أسئلة لغوية"، وهي تتعلق بجمع كلمة "قلب" في قوله عز شأنه يخاطب عائشة وحفصة رضي الله عنهما وأرضاهما

- ‌وهناك شبهات لغوية أخرى أوردها هذا الشقيُّ في مواضع أخرى من كتابه منها قوله: "جاء في فواتح 29 سورة بالقرآن حروف عاطلة

- ‌ومن اعتراضاته الحمقاء قوله: "كيف يكون القرآن عربياً مبيناً وبه كلمات أعجمية كثيرة

- ‌وتحت عنوان "الكلام المتكرر"، وهو أحد عناوين الفصل التاسع المسمَّى "أسئلة فنية

- ‌ومما يُجْلِب به ذلك الأخرق أيضاً من شبهات تبعث على القهقهة ما قاله كذلك في هذا الفصل تحت عنوان "الكلام الغريب

- ‌شبهات خاصة بالمضمون

- ‌ويستنكر الشقيُّ أن يكون إسماعيل عليه السلام رسولاً نبياً طبقاًَ لما جاء في سورة "مريم" /54، قائلاً: "كيف يكون إسماعيل نبياً

- ‌وبالنسبة لما جاء في القرآن الكريم عن امرأة العزيز ودعوتها من يَلُكْنَ سيرتها من نسوة المدينة إلى مُتَّكإ في بيتها واعترافها أمامهن بأنها مشغوفة بيوسف

- ‌ومما له صلة بموضوعنا واعترض به الطائش على الوحي الإلهي قوله إن القرآن قد ذكر أن الذي صنع العجل لبني إسرائيل في التَّيه هو السامري

- ‌ومن اعتراضات جاهلنا أيضاً اعتراضه على ما جاء في سورة "ص"/55 من قول الحق تبارك وتعالى لأيوب عليه السلام: {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ}

- ‌ويأخذ العبد الفاضي على القرآن ما يسميه "خَلْط الأسماء" حيث تقول الآيات 84 - 86 من سورة "الأنعام" عن إبراهيم عليه السلام: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ

- ‌وتحت عنوان "الوحي الذي يشكّ فيه مبلغَّه" يسوق الشقيُّ اللعينُ قوله تعالى مخاطباً رسوله عليه السلام في بدايات الوحي:

- ‌ويستمر التعيس في تخبطاته فيقول إن قوله عز شأنه في الآية 23 من "المائدة" عن يهود المدينة: {وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ}

الفصل: ‌شبهات خاصة بالمضمون

‌شبهات خاصة بالمضمون

وبعد أن انتهينا من الاعتراضات اللغوية وبدا أنْ ليس للعبد الفتاضي عينان في رأسه ولا عقل أيضاً نتحول إلى اعتراضاته الخاصة بالمضمون. ولأن هذه الاعتراضات كثيرة ومتنوعة، وبعضها مما لا يمكن أن نصل فيه إلى شيء بسبب تعلقه بأمور مستقبلية أخبر القرآن أنها ستقع في آخر الزمان مما لا مدخل فيه للأخذ والردّ لأنه لم يحدث بعد، فلسوف أكتفي باختيار عدد كاف من هذه الاعتراضات لمناقشتها، مستصحباً معي المسامحة الشديدة التي اصطحبتها في المناقشات اللغوية. ولسوف يرى القارئ الكريم، رغم ذلك، أن الأسداد قد ضُرِبَتْ على ذلك التعيس الذي يذكًرنا بصرصور ينطح جبلاً أشمّ بغية زحزحته عن موضعه!

وها نحن أولاء نتوكل على الله ونجعل مفتتح كلامنا ما قاله الثقيل الظل الوخيم الفهم عن نوح عليه السلام. قال، فضَّ الله فاه، ولعنه لعنةً منتقاة:"جاء في سورة "نوح"/24: {وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا} ، فكيف يدعو نوح ربه أن يزيد الناس ضلالا؟ كما أن الله ليس مصدر الصلال. ونوح نفسه لا يحب الضلال، فالتاريخ المقدس يشهد له: "كان نوح رجلاً باراً كاملاً في أجياله"

ص: 101

(تكوين/ 6/ 9) وإنه "كان كارزا للبِرّ"(2 بطرس/ 2/ 5) " (ص 31) .

هذا ما قاله الشقي ساعياً إلى حتفه بظلفه، إذ قد أعطانا بذلك فرصة طيبة لنعرض على القراء الأفاضل شيئاً من الأفاكيه التي سطّرها مؤلف سِفْر "التكوين" على أنها وحي إلهي، مع أنها لا تزيد عن كونها خرافات تصلح لسَمَر البدائيين على ضوء القمر في قلب الغابة. وبعد أن نعرض بعضاً من هذه الأفاكيه والأفاويه نُثَنّى فنكّر على سخافات صويحبنا ونكسحها كسحاً. والآن إلى هذه المقتطفات من سفر "التكوين"، وهي من الفصول التي تسبق ذِكْر نوح فقط:

1-

"وكان نهر يخرج من عدن فيسقي الجنة، ومن ثم ينشعب فيصير أربعة أرؤس: اسم أحدها فيشون، وهو المحيط بجميع أرض الحويلة حيث الذهب. وذَهَبُ تلك الأرض جيد. هناك المُقْل وحجر الجَزْع. واسم النهر الثاني جيحون، وهو المحيط بجميع أرض الجنة. واسم النهر الثالث حِدّاقل، وهو الجاري في شرقىّ أشور. والنهر الرابع هو الفرات:(1/10 - 14) . أرأيت أيها القارئ العزيز هذه الدُّرر الجغرافية والجيولوجية الحلمنتيشية التي يتقاصر دونها كل ما في كُتُب علماء الجغرافيا والجيولوجيا؟

ص: 102

2-

"فسمعا (أي آدم وحواء) صوت الإله وهو مُتَمَشَّ في الجنة عند نسيم النهار فاختبأ آدم وامرأته من وجه الرب الإله فيما بين شجر الجنة، فنادى الربُّ الإله آدمَ وقال له: أين أنت؟ قال: إني سمعت صوتك في الجنة قخشيت لأني عريان فاختبأت"(3/8 - 10) . ترى هذا إله أم عمدة من عُمَد الريف خرج لتفقد حقوله بعد غفوة القيلولة وهبوب نسمة العصاري؟ ثم أي إله هذا الذي يختبئ منه عباده فلا يستطيع أن يعرف أين اختبأوا فيضطر إلى رفع صوته يسألهم أين يختبئون؟

3-

"قال الرب لقاين (بعد أن قتل أخاه هابيل) : أين هابيل أخوك؟ قال: لا أعلم. اْلعلّى حارس لأخى؟ "(4/9) . فانظر إلى قلة الأدب والجلافة الموجودة في هذا الكلام الموجّه إلى الله! إنها الوقاحة اليهودية الفاجرة!

4-

"ولما ابتدأ الناس يكثرون على وجه الأرض ووِلُد لهم بنات رأي بنو الله بنات الناس إنهن حسنات فاتخذوا لهم نساءً من جميع من اختاروا، فقال الرب: لا تحلّ روحي على الإنسان أبداً لأنه جسد، وتكون أيامه مائة وعشرين سنة. وكان على الأرض جبابرة في تلك الأيام وأيضاً بعد أن دخل بنو الله على بنات الناس وولدن لهم

ص: 103

أولاداً. أولئك هم الجبابرة المذكورون منذ الدهر. ورأي الربّ أن شر الناس قد كثر على الأرض وأن كل تصور أفكار قلوبهم إنما هو شرّ في جميع الأيام، فندم الرب إنه عَمِلَ الإنسانَ على الأرض وأسِفَ في قلبه، فقال الرب: أمحو الإنسان الذي خلَقْتُ عن وجه الأرض: الإنسان مع البهائم والدبابات وطير السماء لأني ندمت على خلقي لهم" (6/1 - 7) . هل سمع أحد من عقلاء البشر أو حتى مجانينه أن لله أولاداً؟ ومن أُمُّهم يا ترى؟ ثم عندما ذهب أولاد الله ليخطبوا بنات الناس، هل أخذوه معهم ليفاتح آباءهن ويتفق معهم على الشبكة والمهر والشقة والأثاث؟ ثم أي إلهٍ هذا الذي يأسف ويندم على ما فعل؟ هذا ليس هو الله رب العالمين بل إله من آلهة الوثنيين البدائيين بلغ من غضبه وندمه أنْ تشوًش عقله فلم يعد يستطيع أن يقُوم بأنفه العمليات الحسابية، فمرةً يقول لنوح: خذ من كل كائن حيَّ اثنين اثنين ذكر وأنثى، ثم ينسى ما قاله بعد قليل فيجعل العدد من الحيوانات الطاهرة ومن طير السماء سبعةً سبعةً ذكوراَ وإناثاً، ليعود مرة أخرى إلى عَدَد الاثنين. ولقد مرّ في النص السابق أنه كان هناك جبابرة كثيرون قبل الطوفان: قبل أن يتخذ أبناء الله بنات

ص: 104

الناس، وأيضاً بعد أن اتخذوهن لهم نساء، إلا أن كاتب هذا السفر، كعادة مؤلفي الكتاب المقدس، قد نسى هذا فقال عن نمرود (حفيد ابن نوح، الذي وِلُد بعد الطوفان بزمن طويل) إنه "أول جبار في الأرض". وحتى نمرود هذا لا ندري بالضبط من أبوه: فمرة يذكر الكاتب أبناء كوش بن حام بن نوح فلا يورد بينهم اسم نمرود، لنفاجأ به بعد أقل من سطر يقول:"وكوش وَلَدَ نمرود".

وبعد هذه التفكهة نرجع إلى ما قاله الشقيُّ عدوّ نفسه، إذ يستغرب دعوة نوح ربَّه أن يزيد الناس ضلالا. ونحب أولاً أن نوضح أن نوحاً لم يَدْعُ على الناس بإطلاق بل على الظالمين فحسب، لكن الأعمى البصر والبصيرة لا يدرك هذا. ثم إن نوحاً، في كتابهم المقدس، قد دعا على حفيده كنعان ولَعَنه لا لشيء إلا لأنه هو قد شرب خمراً حتى سَكِر وانطرح على الأرض وتكشفت سوأته فرآه ابنه حام (أبو كنعان) على ذلك الوضع، فلما أفاق نوح وعلم بما حدث انطلق في نوبة مسعورة يلعن كنعان ويدعو عليه بأن يجعله الله عبداً

ص: 105

لعبيد إخوته، مع إنه لا ذنب لحام فضلاً عن كنعان المسكين الذي لا ناقة له في المسألأة ولا جمل، ولكن يبدو أن السكّير لم يكن قد أفاق تماماً من الخمر فلم يكن يدري ماذا يقول ولا ماذا يفعل، ولا على من يدعو ولا من يلعن. أَوَمثْل هذا اللعْان للأبرياء يستبعد العبد الفاضي أن يدعو على الظالمين من قومه؟ أهكذا يخرجك حقدك يا عبد الفاضي على سيد الأنبياء عن كل عقل وفهم؟

ثم إن الذي يسمع ذلك العبد الفاضي وهو يقول إن "الله ليس مصدر الضلال" سيتساءل على الفور: فكيف تؤمنون إذن بما يقوله كتابكم المقدس عن الرب الذي ندم على خلق البشر وعزم على استئصالهم؟ ولماذا لم يفكر في هدايتهم بدل هذا القرار الاستئصالي الذي لن يأتي رغم ذلك بالنتيجة المرجوة لأن البشر لن يتغيروا؟ والمضحك في الأمر أن الرب، الذي يعرف هذا جيداً، قد أخذ احتياطه (حسب كلام الكتاب المقدس نفسه) حتى لا ينسى مرة أخرى في غمرة ندمة على خَلْق البشر فيُغْرقهم بالطوفان كما

ص: 106

فعل من قبل، إذ لجأ إلى وسيلة تذكّره إذا سها، ألا وهي إنه عند سقوط المطر يَظْهَر قوس قزح، فإذا رآه تنّبه فلم يرسل عليهم الطوفان.

ومادام العبد الفاضي قد فهم أن الله ليس مصدر الضلال، فَبِمَ يا ترى يفسّر غيره هذا الرب ذاته من آدم لمعرفته الخير والشر مثله كما جاء في الكتاب المقدس، فأخرجه لذلك من الجنة إلى الأرض وما فيها من تعبٍ وهمً؟ وما السر يا ترى في حقد ذلك الرب على البشر حين رآهم شعباً واحداً ذا لغة واحدة فبلبل السنتهم وشتّت شملهم وبدّدهم في الأرض تبديداً؟ وإذا كان نوح، كما يقول العبد الفاضي، باراًَ كاملاً في أجياله، فكيف ياترى كان يسكر على النحو الذي رأيناه ويلعن حفيده ويدعو عليه بالعبودية دون ذنب جناه ذلك الحفيد المسكين؟ من هنا فإننا لاندري لأي سبب "نال نوح حظوة في عينى الرب". إن سفر "التموين" لا يذكر لنا شيئاً يستحق أن ينال لأجله الحظوة الإلهية دون سائر البرية! ولقد لعن

ص: 107