الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أيضاً بالأخطاء والتناقضات ويشوّه مفاهيم الألوهية والنبوة والأخلاق تشويها فظيعاً.
لهذا ولذلك فإنني لا أستطيع أن أفهم كيف جرؤ هذا الأبلة على مهاجمة القرآن بأن فيه تكرارا! إن ذلك التعيس لينطبق عليه القول المنسوب عندهم إلى السيد المسيح عليه السلام: "ما بالك تنظر القَذَى الذي في عين أخيك ولا تفطن للخشبة التي في عينك؟ يا مرائي، أَخْرِج أولاً من عينك، وحينئذ تنظر كيف تُخْرِج القذى من عين أخيك".
* * *
ومما يُجْلِب به ذلك الأخرق أيضاً من شبهات تبعث على القهقهة ما قاله كذلك في هذا الفصل تحت عنوان "الكلام الغريب
" من أن في القرآن كثيراً من الكلمات الغريبة مثل "أَبَ وغِسْلين وحَصْحَصَ وعَسْعَسَ والناقور ومُدْهَامَّتّان"، إذ يتشاءل قائلاً: "أبيست هذه الألفاظ الغريبة مخالفة للذوق السليم في فن الإنشاء؟ " (ص 196) . فعلاً ما كان ينبغي أن تكون في القرآن مثل هذه الألفاظ، بل كان يجب أن يجئ أسلوبه على غرار ما كانوا يعلّمونه للأطفال في بداية المرحلة الإبتدائية في مصر قبل بضعة عقود من مثل": "شَرْشَرْ
نَطّ يأكل فَتّ"! يالله من هذا السخف! يالله من هذه الرقاعة! وأبعث من ذلك على القهقهة أن تأتي هذه الملاحظة من جاهل ركيك العقل واللغة لا يستطيع أن يصون عبارته من أخطاء النحو الأولية! لقد كلّم القرآن الكريم العرب بالأسلوب الذي يفهمونه، ومن الطبيعي بعد كل تلك القرون أن تصبح بعض ألفاظه غريبة على الأجيال اللاحقة. ومع ذلك فإن مقارنة سريعة لِلُغَتِه بلغة الشعر الجاهلي تثبت في الحال أن ما فيه من ألفاظ صارت بمرور الأيام غريبة بعض الشيء ليس شيئاً بالقياس إلى ذلك الشعر. إن هذا الجاهل لا يفقه أن اللغة في مسيرتها مع الزمن تعتريها تطورات وتغييرات كثيرة، ومع هذا فإن ألفاظ القرآن من أقل الألفاظ تعرضاً لمثل هذه التغييرات. وما أسهل، على من يعرف أسباب نزول الآيات، أن يفهم النص القرآني رغم ما فيه في كثير من الأحيان من إيجاز وتكثيف.
وإنني بدوري أسأله: لم يحتاج كتابكم المقدس كل فترة إلى أن يُتَرْجَم من جديد؟ أليس أحد الأسباب الرئيسية في ذلك أن لغة الترجمات القديمة تفقد مع السنين بعض ما كانت تتمتع به من وضوح؟ ورغم هذا فإن في ذلك الكتاب ألفاظاً لا يمكن فهمها دون الرجوع إلى المعاجم منها على سبيل المثال: "جَلَد السماء،
والكِنّارة، والحُمَر، والجَوْزَل، والجُذَامة، والعُمِر، والإيفة، واليَفَاع، والشًظاظ، والعُصَافة، والظًرّان، والصًباء، والزُّوان، والعِضاه، والقُنْدُول، والقِنَّة، والسْمَنْجُونى، والحُرُض، والرُّعَل، والسًرافون، والشُّونير، والقَطَانيّ، والهّذيذ، والوَغْر، والخَراعِب، والوَنَج، والسنًنْطيؤ، والأَفُود، والأَنُوق، والزُّمَّج، والوَرَل، والحِرْذَوْن، والبَلَسان"
…
إلخ
…
إلخ إن كان لذلك من آخر!
أما الركاكة والتواء العبارة والعجز عن التعبير الواضح السلس في "أعمال الرسل ورسائلهم ورؤيا القديس يوحنا" مثلاً فأمر يهون إلى جانبه ذَنَب الضًبّ الذي تُضْرَب به الأمثال في القبح والتعقيد. وهناك أيضاً مواضع في الكتاب المقدس تبلغ من الإبهام حداً يجعل الشراح يخبطون رؤوسهم في الحائط بسبب عجزهم عن فهم المراد منها مثلما هو الحال في الفصل الثامن عشر من "نبوءة أشعيا"، الذي يقول عنه شُرّاح الترجمة الكاثوليكية إنه "في غاية الإبهام والخفاء كما صرّح بذلك جميع المفسرين من المتقدمين والمتأخرين".
وإلى القارئ الآن بعض أمثلة من ركاكة الأسلوب أخذناها
كيفما اتفق، وهي من رسالة بولس إلى أهل روما:"لأن غير منظوراته (أي غير منظورات الله) قد أًبْصِرَتْ منذ خَلْق العالم إذ أَدْرِكَتْ بالمبروءات"، "فلذلك أسلمهم الله في شهوات قلوبهم إلى النجاسة لفضيحة أجسادهم في ذواتهم"، "لذلك أسلمهم الله إلى أهواء الفضيحة، فإن إناثهم غَيًرْن الاستعمال الطبيعي بالذي على خلاف الطبيعة"، "ويكون القَلِف الذي بالطبيعة وهو يِتُمَ الناموي يدينك أنت الذي بالحرف والختان تتعدّى الناموس"، "ونحن نعلم أن كل ما يقوله الناموس يقوله لأصحاب الناموس لكي يسدّ كل فم ويصبح العالم كله مجرماً لدى الله، إذ لا يُبَرًر بأعمال الناموس أحد من ذوي الجسد أمامه لأنها بالناموس عُرِلإت الخطيئة. أما الآن فقد اعْتَلَنَ برَ الله بغير الناموس مشهوداً له من الناموس والأنبياء، وهو برَ الله بالإيمان بيسوع المسيح إلى كُلَّ وعلى كُلَّ من الذين يؤمنون لأنه لا فرق، إذ الجميع قد خَطِئوا فيعوزهم مجد الله فيُبَرَّرون مجاناً بنعمته بالفداء الذي هو بالمسيح يسوع"، "طوبى للرجل الذي لم يحسب عليه الربّ خطيئة. أَفَلِلْخِتان فقط هذه الطوبى أم للقَلَف أيضاً؟ فإننا نقول إن الإيمان حُسِبَ لإبراهيم بِراً، فكيف حُسِب؟ أإذا كان في الختان أن إذا كان في القَلَف؟ إنه لم يمكن حينئذ في
الختان بل في القَلَف. وقد أخذ سمة الختان خاتماً لبرّ الإيمان الذي كان في القَلَف ليكون أباً لجميع الذين يؤمنون وهم في القلف لِيُحْسَب لهم أيضاً البِرّ"
…
إلخ
…
إلخ. أفيجوز لخريج هذه المدرسة الأسلوبية أن يتشامخ على أسلوب القرآن؟ بُعْداً له وليوم أقدم فيه على تلك الجريمة!
الفصل الثاني
(شبهات خاصة بالمضمون)