المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ التقليد و (التمثل assimilation): - فكرة كمنويلث إسلامي

[مالك بن نبي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌فكرة كمنويلث إسلامي

- ‌الخطوط العامة للكتاب

- ‌ المبررات الجغرافية السياسية:

- ‌ مبررات سيكولوجية:

- ‌ مبررات فنية:

- ‌الخلاصة:

- ‌رسم دراسة لفكرة كمنويلث إسلامي

- ‌ملاحظة:

- ‌ حقائق أساسية:

- ‌ المقتضيات المنطبقة:

- ‌مدخل

- ‌القسم الأول:مشروع دراسة شاملة

- ‌أ - تأريخ الفكرة:

- ‌ المحيط الجديد:

- ‌ أوَّلية المعيار الاجتماعي:

- ‌ التقليد و (التمثُّل assimilation):

- ‌ فوضى (الأشياء) و (الأفكار):

- ‌ الاضطراب:

- ‌ تكوين الفكرة:

- ‌ب - مشروع دراسة مكتملة:

- ‌ تبرير عام:

- ‌ أسباب جغرافية سياسية:

- ‌ أسباب نفسية:

- ‌ المظهر الفني:

- ‌ إعتبارات عامة:

- ‌أ - تخطيط يتعين تجنبه:

- ‌ب - التخطيط الصحيح:

- ‌القسم الثاني:قيمة (الفكرة) في المجتمع الإسلامي

- ‌أ - (الفكرة) في المجتمع الإسلامي:

- ‌ ضعف أساسنا المفاهيمي:

- ‌ الفكرة ومراقب الاستعمار:

- ‌ب - اللافعالية في المجتمع الإسلامي:

- ‌(مظاهرها المختلفة):

- ‌ملحوظة:

- ‌القسم الثالث:وظيفة كمنويلث إسلامي

- ‌ مناطق (الحضور):

- ‌ تبعية المشاكل:

- ‌ الشهادة:

- ‌ الرسالة:

- ‌ المثال البريطاني:

- ‌ نوعية المشاكل:

- ‌خلاصة

- ‌المسارد

الفصل: ‌ التقليد و (التمثل assimilation):

3 -

‌ التقليد و (التمثُّل assimilation):

إن الذي يحصل بالفعل، هو أن المجتمع الإسلامي، يقوم بتجربة مؤلمة، منذ نصف قرن، وإذا أردنا الدقة قلنا منذ منتصف القرن التاسع عشر. فهذا المجتمع قد انضوى- منذ أن استيقظ على ضربات النزعة الاستعمارية، وعلى نداء رجال من أمثال جمال الدين الأفغاني والشيخ محمد عبده- في حركة (النهضة)؛ وقد تعورف على تسمية هذه المرحلة بالنهضة- وهي المرحلة التي تبدأ منذ اليقظة الأولى لهذا المجتمع حوالي سنة 1858، وتستمر حتى وضعه الراهن- ولكننا إذا ماحللنا هذه المرحلة لإبراز خصائص الفكر الإسلامي، طوال هذا القرن من تطوره، نجدها تنقسم إلى ثلاثة عصور متميزة:

أ - عصر النوم الذي استمر قروناً عديدة.

ب - وعصر الانتباه أو استرداد الوعي.

بر- وعصر الفوضى والذبذبة الراهنة.

وهذه العصور الثلاثة تتطابق بدقة، مع الأطوار الثلاثة لتجربة الطفل:

أ - الطور الأمومي: حيث لا يكون لدى الرضيع المتشبث بثدي أمه أيُّ مفهوم لعالم الأشياء.

ب - والطور (قبل الاجتماعي) حيث يبدأ الطفل في الدخول إلى عالم الأشياء، وإن كان لا يزال يجهل كل شيء عن عالم الأفكار.

جـ - والطور الاجتماعي (المدرسي وما بعد المدرسي) حيث يحاول الطفل أن يقيم في داخله الصلة بين عالم الأشياء وعالم الأفكار.

ولو حاول موجهو العالم الإسلامي تأمل هذا التخطيط البسيط، لتفهموا بكل تأكيد، وبطريقة أفضل، الآليةَ النفسية المهيمنة على تجربة الجيل الإسلامي

ص: 26

الراهن، والصعوبات التي يتعين على هذا الجيل التفوُّق عليها، وكذلك المشاكل الناتجة عن هذه الصعوبات في المجال السياسي والاجتماعي.

ومهما يكن من شيء فنحن إذا طبقنا كل دراستنا التخطيط المتعلق بنفسية الطفل، علمنا أن الطفل يجتاز مرحلة من التقليد يسلك أثناءها سلوك كبار الأشخاص، أمثال أمه وأبيه والكبار من إخوته، من غير أن يفهمهم. إنه يقلدهم وكفى. فهو يقلدهم أولاً في اللغة، وبتقليده للأصوات التي لا يفهمها، يتعلم الحديث. ولكن لنفرض أنه لسبب ما قد واصل تقليد هذه الأصوات حتى سن الثامنة والعاشرة

إننا نرى في هذا بالتأكيد حالة شاذة؛ أعني على وجه الدقة حالة مرضية يكون لأهل الطفل إزاءها الحق ولا شك في التحير، واللجوء إلى أحد الأخصائيين. وهناك ملاحظة أخرى يجب مراعاتها أيضا في نفسية الطفل قبل تطبيقها على المجتمع الإسلامي: فالأهل يعرفون جيداً، وبدقة كافية من جراء ظاهرة التقليد نفسها، خطرَ القدوة أو المثال السيء بالنسبة. إلى طفلهم، ولذلك نراهم يعدّون لهذا الأخير رقابة معينة في المنزل والمدرسة والشارع، لأنهم لا يرون من الضروري ولا من المفيد، أن يقوم الطفل بكل تجربة يقع عليها بصره .. فهناك حتى التجارب المؤذية التي يمكنها أن تعطل لديه كل تقدم أخلاقي وعقلي. ولهذا السبب عينه ولا شك أخذ التحليل النفسي منذ (فرويد Freud) يبحث، في حالة شذوذ البالغ، عن الأسباب المرضية في التجارب البعيدة لهذا البالغ نفسه، عندما كان طفلاً ..

والآن فلننتقل بهذه الملاحظة المزدوجة- المتعلقة بالطفل المتأخر في تكوينه اللغوي، والبالغ الذي اختل سلوكه، من جراء تجربة بعيدة، لننتقل بها إلى موضوعنا لكي نتفهم ماهية المشاكل التي تعترض المجتمع الإسلامي حالياً. ولكي يزداد تفهمنا لمدى الاعتبار الأول، المنصَبِّ على نزعة التقليد، لنحاول تأمله على ضوء مثال محسوس، يضفي على ذلك الاعتبار كل دلالته الاجتماعية. لقد أرخنا

ص: 27