الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
مواصلات ................................................ ق 21، ........... ج 6
4 -
مصاريف الاستقبالات ..................................... ق 57، ........... ج 26
5 -
نشاط ثقافي: .............................................. ق 15، ........... ج 1
(عددان اثنان لجريدة حائطية)
6 -
نفقات المؤتمرات ............................................ -، ........... ج 76
7 -
أدوات الرياضة والرحلات .................................. -، ........... ج 14
8 -
مساهمة الرابطة في تكاليف المحل ............................ ق 7.، ........ ج 67
9 -
تسديد الدُّيون ............................................. ق 61، ....... ج ة 3
10 -
مكافأة البوّاب ............................................. -، ...... ج 08 (1)
ملحوظة:
لو نظرنا إلى الفقرة رقم (5) باعتبارها قاعدة النشاط لرابطة طلابية، لوجدنا العلاقة: ر/م مساوية لِـ: ق10،ج1/ق73،ج331، أي أنها أسوأ من علاقة محرِّك رديء، وذلك باعتبارنا الأشياء من وجهة نظرية بحتة بطبيعة الحال.
والواقع أننا عندما نحلِّل بعض النشاطات النموذجية في المجتمع الإسلامي، نلاحظ أن (التبديد) هو الغالب بكثير في معظم الأحيان على (المحصول)؛ وبملاحظتنا لبعض النشاطات النموذجية في الجزائر، تمكنت في دراسة ظهرت لي منذ بضعة سنين، من الإشارة بالأرقام إلى تبديد مفرط، لطاقتنا الاجتماعية، وتبذير مسرف وغير محسوس في وسائلنا، وهذا مظهر من مظاهر اللَاّفعَالية التي تُعزَى إلى العجز في (أفكارنا)، ولكننا إذ نقرِّب الملاحظة التي قمنا بها في الجزائر، من ملاحظة أخرى أجريت على الصعيد الاجتماعي نفسه، نلاحظ أن هذا العجز يخلق مفعولاً اجتماعياً معيناً، وسبباً نفسياً مصطنعاً يمدد في هذا
(1) يلاحظ القارئ أن هناك نقصا مقداره (0،42 ج) بين مبلغ النفقات برمته، وبين مجموع التفاصيل، وهذا لا يقلل من قيمة أحكامنا من الوجهة النظرية، وهي التي تهمنا هنا (المؤلف).
المفعول ويمنحه تبريراً ومغالطة، لأننا نلاحظ على الصعيد نفسه (التبديد) في الوسائل، مما يؤول إلى (نتائج) محدودة من ناحية، ثم نجد أن الأشخاص يفسِّرون هذه المحدوديّة في النتائج لا بسببها الحقيقي المتمثِّل في التبديد، ولكن بسبب ثانوي هو:(الفقر)!
وبما أن هذا السبب الثاني، ليس هو السبب الحقيقي، نجدنا على نحو من الأنحاء، مُنحَبِسين في مناقضة أضعنا مفتاح مغاليقها: فنحن لا نعاني اللَاّفعَّالية فحسب، ولكننا نخترع شيئاً ما:(تُرَّهة) معينة لاستبقائها! ونحن عندما نتفحَّص عن كثب حياتنا الاجتماعية، نجد فيها ما لا يستهان به من التُّرهات من هذا القبيل، بغية تبرير لافعَّاليتنا.
بالإضافة إلى تُرَّهة (الفقر)، يمكننا أن نذكر ترَّهة (الجهل) التي تبرِّر لافعَّاليتنا في مجال آخر؛ بل وهناك حتى تُرَّهة (المسافة)! فقد سألت أخيراً اثنين من الطلاب الأندنوسيين السؤال التالي كمعيار:
- لماذا لا يوجد في العالم الإسلامي تيار فكريّ نوعيّ، كما هو الشأن في العالم الشيوعي، والعالم الغربي؟
وقد فكر الشابان ثانية من الزمان ثم أجاباني: إن (المسافة) بين أجزاء العالم الإسلامي تفصلها الواحد عن الآخر، وتفصل بين أفكارها كما تفصل بين أجسامها. فسألتُ سؤالاً آخر:
- هل تريان أن أجزاء العالم الإسلامي هذه، كانت تتصرف بطريقة أخرى، لو انعدمت هذه المسافة التي تفصل بينها؟
- فأجابا: أن نعم وبالتأكيد.
وحينئذٍ سألت السؤال الثالث:
- ها أنتما تريان أن هذه الأجزاء قد تخلَّصت من تلك المسافة الفاصلة في القاهرة، حيث تتمثَّل هذه الأجزاء في صورة بعوث طالبية، فهَلَاّ رأيتما هؤلاء الطلاب يقيمون فيما بينهم تيَّاراً فكريّاً؟
ولقد بدَّد سؤالي هذا ولا ريب في ذهنيهما (تُرَّهة المسافة) لأنَّني رأيتهما يبتسمان كما يبتسم الطيِّبون من أولي العقيدة، عندما يكتشفون غلطتهم بأنفسهم! ..
وهناك أشكال أخرى من اللَاّفعَّالية غير التُّرَّهات، أو هي على الأقل تبزر بترهات من نوع آخر، وتفسَّر في النهاية بالداء نفسه المتمثل في: العجز في الأفكار، وانعدام الاتصال بين عالم أفكارنا وعالم أشيائنا.
لاحظوا سلوكَ أحد الوُعَّاظ المصلحين: ما الذي يريد عمله؟
تُراه يبغي إصلاح المجتمع بكلماته ومواعظه؟ هذا حسن جدّاً.
ولكننا نتساءل: في أيِّ البقاع تبدو الحاجة أمَسَّ إلى كلماته؟
إنها تبدو بطبيعة الحال في القطاع الاجتماعي الذي يمكن لمواعظه أن تحدث فيه أكبر قدر مستطاع من التأثير، أعني في البقاع التي تُرك فيها الشعب لمصيره من غير تعليم، ومن غير عمل، ومن غير مثال بناء يُنَزِّله منزلة القُدْوة. وإذن فالمتعَيِّنُ على هذا المصلح أن يحمل كلماته إلى أسفل وأوسع قطاع ممكن؛ أعني إلى الطبقات السفلية من الأهلين، وإذا بنا نراه يقف شخصه على (الأفراد الموسرين)، الذين يسعون بأنفسهم إلى جوار منبره، أو أمام مِنَصَّتِه، ليسمعوا أقواله، ثم يعودون به إلى مقره في عرباتهم الفخمة!
وفي حالة أبعد من أن تكون مماثلة لهذه، حيث وقف النبي صلى الله عليه وسلم ذات مرة كبماتِه على (وجهاء القوم)، فجابهه القرآن بالآية:
{عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى .. } [عبس 80/ 1 - 2].
أيّ كلمات شديدة الوقع تتنزَّل من السماء لو وُجهت في يومنا هذا إلى هذا المصلح بالخصوص!
ولنشاهد أبسط واعظ في المساجد يوم الجمعة، إن دعوته تنصبُّ عملياً على الفضائل التي كوَّنت عظمة الإسلام في القرون الأولى. ولكن لنراقب هذا الواعظ عندما يغادر المنبر. إن حياته العائلية مطابقة في معظم الأحيان للمثال الذي كان ينتقده، فغالباً ما تكون أسرته مالكة لما هو غير ضروري، ومتصلة بالأسر المترفة التي تمتلك السيارات الفخمة والتي تقضي عطلاتها على الشواطئ.
إن وعظه ليس عملاً اجتماعياً، ولكنه مجرد واقعة لفظية؛ أو هو في أحسن الأحوال مجرد أخلاقية ملتفتة إلى الماضي أكثر من اتجاهها صوب المستقبل؛ فهو يفتقد القوة التي تَسِمُ الأعمال الكبيرة، والتي تصدر عن الروح في لحظات توترها الخلاق، وهو ما يمكن تفسيره بانعدام النزعة الغيبية الحقيقية. فنحن لا نجد في ذلك الوعظ الاهتمام بالفعالية، ولا الفعالية ذاتها، تلك التي تكوِّن معياراً صالحاً في كل زمان، وبالخصوص في عصرنا هذا، حيث تمثل المعيار الراجح في جدول قيم هذا الزمان.
إننا في كل مرة نقف فيها أمام مظهر من مظاهر اللافعالية في المجتمع الإسلامي، نرى أنفسنا مجبرين على ربطه (بعالم أفكارنا) لأنه في هذا العالم تكمن أدواؤنا!