الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إسراع دائب، يتزايد يوماً فيوماً- إلى ثورة لا يكون مسيطراً عليها؟
وفي هذا السؤال يتمثل طرفا (المتحارجة) أو (المأزق)! ومن هنا تبدو ضرورة وضع تخطيط للعالم الإسلامي، أولاً وبالذات في المجال الأخلاقي: إذ يتعين التخفيف عن الواعية الإسلامية من ثقل الأحاسيس السلبية، التي تعبر عن ذاتها من خلال كلمات ذلك الشاب (الموريتاني)، وفي كلمات المثقفين التي سلف لنا ذكرها فيما مضى.
4 -
المظهر الفني:
لقد ذكرنا ما يكفي من البيانات عن طبيعة المشكلة وعن مستواها، فهي مشكلة العالم الإسلامي، أي مشكلة مساحة منحصرة بطريقة متحادَّة بين خطَّيْ طول (طنجة وجاكرتا)، وبين خطَّيْ عرض:(مدينة الجزائر ودار السلام) وهذه البيانات، ليست في حدّ ذاتها إلا المعطيات الأوّلية.
ولكننا بمجرد ما نتناول المشكلة في مظهرها الفني، الذي هو مظهر التنفيذ، تتبدى لنا معطيات أكثر تعقيداً. فالواقع أننا نوجد؛ ليس بإزاء عالم إسلامي واحد، ولكن بازاء عوالم إسلامية عديدة:
أ - العالم الإسلامي الأسود أو الأفريقي.
ب - والعالم الإسلامي العربي.
جـ - والعالم الإسلامي الإيراني: (فارس وأفغانستان وباكستان).
د - والعالم الإسلامي الماليزي: (أندونيسيا والملايو).
هـ - والعالم الإسلامي (الصيني- المنغولي).
وإذن فهناك مجال لتحديد (مبدأ مكامل) يُتطلَّب منه أن يعبر أساسياً عن وحدة المشكلة من ناحية، ومن ناحية أخرى أن يأخذ بعين الاعتبار ذلك التعدُّد الذي يتعين أن يترجم عن تعقيدها. وعلى هذا فتخطيط العالم الإسلامي، يجب
أن يبدأ بالضرورة من عملية (مكاملة) من ناحية، ومن عملية تبويب من ناحية أخرى؛ والمظهر الفني يعانق هاتين العمليتين. وإذا كانت العملية الأولى، يمكن أن تبدو لنا على نحو معين من السهولة- بالرغم مما يضفيه عليها العنصر الشيعي من التعقيد- فإن العملية الثانية المتعلقة بالتبويب المتطلب تحديده بين (العوالم الإسلامية)، ستكون أكثر تعقيداً بمراحل. وإذن فإننا إذا ما تناولنا موضوع (كمنويلث إسلامي) باعتباره مجرد موضوع للدراسة، المقصود منه معرفة أكثر بالعالم الإسلامي، أو بغية وضع تصميم لهذا العالم، يتعين علينا بالضرورة أن نأخذ بعين الإعتبار عدداً معيناً من المعطيات العضوية والضرورات المنطقية. ومن بين هذه المعطيات يأتي (المبدأ المكامل) في الاعتبار الأول، إذ لا جدال في أن العالم الإسلامي قد احتفظ- بالرغم من تقلبات تاريخية- بوحدة روحية، تكون عاملاً أساسياً من الوجهة النفسية في تماسك المشروع، ومن الوجهة الفنية في التوفيق بين عناصره، وعلاوة على ذلك، فإن هذه الوحدة لا تستطيع أن تقوم فعَّالياً بدورها (المكامل) إلا إذا تجسمت في صورة موائمة تمثل بشكل إنشائي إرادة العالم الإسلامي الجماعية، ومنذئذ تتعين مراجعة النطر في مشكلة (الْخِلافَة) على ضوء المعطيات الراهنة للعالم الإسلامي. وربما استطاع فقهاء القانون تحديد (الإمامة) تحديداً جديداً، لا يُغفل فيه ما يحمله اليوم المفهوم الإسلامي لكلمة (أمة) من تنوع، من حيث السياسة والجفرافيا والجنس. ويبدو أن هذا المفهوم نفسه قد أخذ يتقلص في الواعية المسلمة، كما تشهد بذلك بعض المظاهر المعينة، فقد تواصلت (الهجرة) إلى بقاع الإسلام المقدسة- وإلى (المدينة) بالخصوص- من طرف الأجيال الإسلامية منذ ثلاثة عشر قرناً؛ ولكن (حق الهجرة) يكون اليوم موضوعاً لتقييدات معينة من طرف السلطة السعودية العامة، ولاحتجاجات معينة من طرف بعض سكان (المدينة) أنفسم، من أولئك المهتمين بمراعاة مصالح مادية مشروعة على أية حال.