الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من شهد لهم الناس وخبر الناس علمهم، وخدم الناس مذهبهم، من آلاف الناس المسلمون (! ) لا ناس لا يدرون ناسخ الحديث من منسوخه، ولا يدرون مفاهيم اللغة العربية على حقيقتها، فهذا التقليد يكون تقليدًا مذمومًا مشؤومًا، لأن الذي يفعل هذا ينتقل من النهار إلى الليل، ومن الضوء إلى الظلام، ومن الصواب إلى الخطأ، فالنبي صلى الله عليه وسلم أمرنا أن نأخذ العلم من العلماء الذين هم في أخلاقهم علماء، وفي سلوكهم علماء.
غمزه إياهم بأنهم مستغلون مستأجرون لنزعة (الوهابية)! وأنهم متمجهدون
!
وفي حرية فكرهم علماء، لا يُسْتَغلون لدعوة أو نزعة ولا يستأجرون لجماعة أو تبعة، إنما هم مستقلون، لو راودهم السلطان أن يقولوا قولًا يكون في مصلحته لرفضوا السلطان وملكه، وقد وثقوا ونالهم العذاب مسرورين بذلك، وأذكر لكم رجلًا ليس كأبي حنيفة والشافعي ولكن من أتباعهم: شمس الأئمة السرخسي، إمام كان في القرن التاسع من الهجرة، كان في زمنه سلطان استأثر في الحكم، فأفتى الإمام السرخسي فتوى ضد السلطان فحبسه السلطان في البئر قريبًا من عشرين سنة، حبسه في البئر قريبًا من عشرين سنة (كذا مكررة) أو أكثر منها. فألف وهو في البئر محبوس، يأتيه طلبته هناك وهو في البئر، فيملي عليهم إملاء كما أقول هكذا من غير نظر في ورق، أو قراءة في كتاب أو إمساك بقلمه أو مسطرة (! ) إنما هو فيض علم منحه الله لذلك الإنسان أملى عليهم ستًّا وثلاثين مجلدًا، ترتفع عن الأرض بطول متر تمامًا، أملاها من صدره وهذا الإنسان على سعة علمه ما خرج عن تقليد أولئك
الأئمة. لا متابعة لهم ضعفًا، ولكن متابعة لهم اعتقادًا، لأنهم إنما يستحقون أن يقتدى بهم، فالأئمة السلف الصالح ما كانوا يبالون بالسلطان، ولا يبالون بدعوة من الدعوات (هنا كلمات غير مفهومة)، وقد مات كثير مضطهدًا وناله العذاب، كأبي حنيفة رضي الله عنه -على قول- مات معذبًا في السجن لأنه أنكر السلطان (كذا). وأما الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه فقد ناله العذاب بشكل لا يتصور. ضرب بالسياط لم تُعَدّ عددًا حتى يقول كلمة في أمر القرآن الكريم كان يريد أن يتبناها السلطان ويدعو العلماء لقولها الأئمة منهم، كأحمد بن حنبل، فلقي أحمد بن حنبل رضي الله عنه ألوان العذاب، وما خرج عن رأيه، ولا باع رأيه بدريهمات لدعوة دعاه السلطان إليها، فكانوا لا تأخذهم في الله لومة لائم. فكانوا يقولون القول واضحًا من علمهم واعتقادهم ومعرفتهم فإذا عرفوا خطأهم في هذا القول نادوا عليه ثاني يوم أو بعد سنين أنه خطأ. ورجعوا عنه رجوع الإنسان عن الشيء غير المأسوف عليه. فهذا الإمام الشافعي رضي الله عنه أسس مذهبًا (! ) طويلًا عريضًا، ثم انتقل إلى العراق، وجال في بعض البلاد الإسلامية، فبلغه من السُّنَن عن النبي صلى الله عليه وسلم وأحاديث ما لم يكن يبلغه (! ) من قبل، فغير اجتهاده كله (! ) حتى كأنه نسخ مذهبه القديم، وأثبت مذهبًا جديدًا. وما بالى أن يقول الناس. كان بالأمس يقول كذا، واليوم يغير رأيه.
وواحد من أتباع أبي حنيفة الحسن بن زياد كان في موطن أن يرجع الناس إليه في الاستفتاء، فأفتى فتوى، فتبين له أنه أخطأ فيها، فبعث مناديًا ينادي في الناس ويقول في البلد: أن (كذا) الحسن بن زياد استفتاه إنسان