المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌إدانة أبي غدة بتكفيره السلفيين - كشف النقاب عما في «كلمات» أبي غدة من الأباطيل والافتراءات

[ناصر الدين الألباني]

فهرس الكتاب

- ‌كشْف النّقابعمّا في كلمات أبي غدّة منَ الأباطيل والافتراءات

- ‌تقديم

- ‌توطِئَة

- ‌بدء الرد على كلمات «أبو غدة» وأباطيله

- ‌تزوير على لسان الأستاذ الشقفة

- ‌أولًا- من غرائب أبي غدة

- ‌خلاصة ما أخذه علي أبو غدة، وردي عليه وما أدنته به في «المقدمة»

- ‌ثانيًا- أليس هذا نفاقًا مكشوفًا

- ‌خطبة لأبي غدة في الطعن في السلفيين

- ‌اتهامه للسلفيين بتجهيل الأئمة وتصغير شأن العلماء والاجتهاد

- ‌عودة إلى اتهامهم بتصغير شأن العلماء والرمي باجتهاداتهم إلى الأرض، وبالغرور والجهل

- ‌اتهامه إياهم بتصغير شأن النبي صلى الله عليه وسلم وإنكار معجزاته

- ‌عودة إلى اتهامه السلفيين بالاستهتار بالمجتهدين وتصغير شأنهم وتحظيرهم على الناس اتباعهم بينما يدعونهم إلى اتباع أنفسهم

- ‌غمزه إياهم بأنهم مستغلون مستأجرون لنزعة (الوهابية)! وأنهم متمجهدون

- ‌رأيه في الاجتهاد والمتمجهدين وفي أي شيء ينبغي الاجتهاد

- ‌اتهامه السلفيين بتكفير المتوسل بصاحب قبر وأنه مشرك حلال الدم

- ‌تجويزه التوسل بالميت

- ‌إشعاره الناس أن الشرك فقط إنما هو شرك الربوبية، وتأويله لنوايا المستغيثين بالموتى وتصريحه بأن التوسل بالميت إلى الله تعالى حق جائز

- ‌تلميحه بأن إنكار الاستغاثة بالميت ليس يقينًا بل ظن

- ‌جهله بالشرع والحديث النبوي وخلطه فيه ما ليس منه

- ‌عود منه إلى أن الشرك فقط شرك الربوبية، وتصريحه بأن التوسل بالميت صحيح جائز

- ‌تكرار طعنه بالسلفيين واتهامه إياهم بالعمالة وأن الواحد منهم يصرف له المال ليقول للأعوج مستوٍ

- ‌ثالثًا- إصراره على الاتهام:

- ‌إدانة أبي غدة بتكفيره السلفيين

- ‌رابعًا- من أكاذيبه التي لا تتناهى:

- ‌أمثلة جديدة على ذلك

- ‌أمثلة من تعصبه

- ‌قائمة بما دمغنا به أبا غدة من الجهل بهذا العلم الشريف والتهويش على خادمه والطعن فيه بالباطل ثم صمت في «أباطيله وافتراءاته» عنها

- ‌جوابه عن بعض الأسئلة وبيان ما فيه من المواربة المؤكدة لكوثريته وعدائه لابن تيمية

- ‌أمثلة من طعنه في ابن تيمية وابن القيم

- ‌أمثلة جديدة من أكاذيبه وتضليلاته

- ‌أسلفي وكوثري

- ‌مذهب السلف في الصفات وموقف الدعاة اليوم فيه

- ‌رابعًا- بهت جديد واستعداء غير شريف:

- ‌مثال جديد لكذبه في النقل

- ‌5 - تكراره الاتهام بالطعن في المذاهب والرد عليه فيه وفي زعمه إنها هي الشرع

- ‌بيان ما في كلامه على «حاشية مختصر مسلم» من الكذب والضلال

- ‌موقفنا من المذاهب

- ‌توضيح المقصود من الحاشية على «المختصر» وزعم بعض الحنفية في عيسى عليه السلام

- ‌سؤال إلى «أبو غدة» فهل يجيب

- ‌ظنه أن التخطئة ظنة في المخطئ والرد عليه بأقوال العلماء

الفصل: ‌إدانة أبي غدة بتكفيره السلفيين

«فقد خطب (أبو غدة) مرة في أحد مساجد حلب، فتطرق إلى الكلام على السلفيين فأسماهم (الوهابيين) تقليدًا للعامة والرَّعاع. وكان مما قاله: إن هؤلاء الوهابيين تتقزز نفوسهم

(إلخ ما ذكرته) مما لا يجسر على القول به أكذب الناس

» قال أبو غدة انتهى كلامهم (1).

نقل هذا أبو غدة نفسه ليرد عليه فقال عقبه مباشرة:

«سقوط البهتان: وأقول الذي تتقزز نفسه بذكر محمد صلى الله عليه وسلم خارج عن الملة بيقين، ومن قال هذا في هذه الأيام عن أهل هذه الديار المقدسة التي يدخلها كل عام مئات الألوف من حجاج العالم الإسلامي، فقد حكم على نفسه بالجنون المطبق والتكذيب من كل من سمعه

ولم يبق إمكان عند أحد من الناس أن يصدق مثل هذه الأكاذيب

فسبحان الله إن هؤلاء (يعني السلفيين) يكذبون كذبًا مجنونًا ويظنون أن الناس لا عقول لهم، ولا عيون لديهم، ولا موازين عندهم، وأنهم يصدقونه بكل ما يهرفون ويبهتون! ومن المعلوم أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ركن من أركان الصلاة عند السادة الحنابلة

».

‌إدانة أبي غدة بتكفيره السلفيين

إن رد أبي غدة هذا على تلك الفقرة المنسوبة إليه يتضمن أمورًا هامة:

الأول: اعترافه بصدورها منه، ونأخذ ذلك، أولًا:

(1) وهذا من تدليسه وتلبيسه الذي سبق التنبيه عليه في الفقرة (ثالثًا) فإنما هو كلام الأستاذ الاستانبولي.

ص: 41

من عدم مبادرته إلى تكذيب ذلك وإبطال نسبته إليه كما هي عادته في مثله، ويجد القارئ في «كلماته» أمثلة عديدة لذلك.

وثانيًا من قوله: «ومن قال هذا في هذه الأيام عن أهل هذه الديار المقدسة

» فإن مفهوم قوله «في هذه الأيام» ومفاهيم المشايخ معتبرة كما تقول الحنفية - أن من قال ذلك قبل هذه الأيام فليس من أولئك الذين حكم عليهم أبو غدة بالجنون المطبق فكأن أبو غدة يريد أن يقول: إنني قد قلت ذلك فعلًا قبل أن أطّلع على الحقيقة بمخالطتي للنجديين في بلادهم وأما بعد ذلك فقد تبين لي بطلان التقزز المنسوب إليهم، فإذا كان هذا الذي يريده فهلا كان عنده شيء من الشجاعة الأدبية بذلك ويصرح بأنه كان مخدوعًا بالدعايات المغرضة التي كان يذيعها في البلاد شرقًا وغربًا كثير من مشايخه المبتدعة كالكوثري وأمثاله ومن قبله زيني دحلان وأضرابه، حتى امتلأت البلاد الإسلامية وخصوصًا منها سورية بهذه التهمة الباطلة. أليس من الواجب عليه وعلى أمثاله ممن عرفوا الحقيقة بعد، أن يعلنوا بها على الناس جميعًا لا تأخذهم في الله لومة لائم؟

الثاني: أنه يصرح بأن نسبة ذلك التقزز إلى أهل هذه الديار المقدسة كذب وجنون على حد قوله، فنسأله من هم أهل البلاد المقدسة التي يعنيها؟ فإن كان يعني أهل البلاد النجدية التي عاصمتها الرياض فمن أين له في الشرع أنها بلاد مقدسة؟ لا سيما والعهد بأمثاله أنهم يطعنون بها وبأهلها، بدليل أن جمهورهم لا يزالون يفسرون أن قوله صلى الله عليه وسلم حينما قال: اللهم بارك لنا في شامنا، اللهم بارك لنا في يمننا. قالوا: وفي نجدنا يا رسول الله؟

ص: 42

قال: هناك الزلازل والفتن وهناك يخرج قرن الشيطان، فيفسرون قولهم:«وفي نجدنا» على نجد المعروفة اليوم، ويتأولون قوله صلى الله عليه وسلم هناك الزلازل

بأنه إشارة إلى الشيخ محمد بن عبد الوهاب ودعوته وأتباعه! مع أنه جاء في رواية أنهم قالوا:

«وفي عراقنا» فهي مفسرة للرواية الأولى، وعلى ذلك جرى شراح الحديث كالخطابي والعسقلاني وغيرهما، ومع ذلك لا يزال كثير من المشايخ في بلادنا وغيرها يكابرون ويحملون الحديث على خلاف ما أفادته الرواية الأخرى، كل ذلك طعنًا في النجديين ودعوتهم الخالصة في التوحيد ومحاربة الشركيات والوثنيات! بل طعنًا في كل من دعا بهذه الدعوة المباركة ولو كان من غير تلك «البلاد المقدسة» ! كالسلفيين في سوريا مثلًا! ! وإن كان يعني بقوله «أهل البلاد المقدسة» أهل مكة والمدينة الذين هم عامة سكانها ولم يستجيبوا لدعوة محمد بن عبد الوهاب، وظلوا على اعتقادهم في الشركيات والوثنيات والقبوريات فيكون الشيخ أبو غدة قد دلس على القراء خاصة والنجديين عامة تدليسًا خبيثًا آخر، ذلك لأن أهل مكة والمدينة بلادهم مقدسة فعلًا ولا يتبادر إلى أذهان أحد من القراء مطلقًا غير ذلك ويؤيده قوله في وصفها «التي يدخلها كل عام مئات الألوف من حجاج العالم الإسلامي» وحينئذ فليسوا هم الذين كان عناهم بقوله حينما كان في ضلاله القديم: «إن هؤلاء الوهابيين تتقزز نفوسهم أو تشمئز حينما يسمعون بذكر (النبي صلى الله عليه وسلم لأنه لا يوجد أحد يتهم سكان هذه البلاد المقدسة فعلًا بالوهابية حتى ينزههم أبو غدة من هذه التهمة، وإنما الذين يتهمون بها هم النجديون الحكام فيها، فلم عدل أبو غدة عن التصريح بتنزيه هؤلاء النجديين

ص: 43

من هذه التهمة التي كان ألصقهم بها وهو في حلب قبل أن يصير هو من سكان تلك «البلاد المقدسة» ؟ !

والجواب أن مثل هذا التصريح لو أباح به لزمه أمران اثنان أحدهما لا بد منه:

1 -

إدانته بالكذب والافتراء على الأبرياء والله عز وجل يقول: {وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} فكيف إذا كان يرمي به جماعة بل شعبًا برمته، ولما سكن أرضهم صار يزكيهم ويتزلف إليهم بالثناء عليهم بـ «كلماته» (ص 13 و 14)!

2 -

طرده من وظيفته التي هو في سبيل الاحتفاظ بها يظهر للناس أنه سلفي يدين بالتوحيد الذي دعا إليه ابن تيمية وابن عبد الوهاب! !

الثالث: * وهب أن أبا غدة عنى بقوله السابق تبرئة النجديين أنفسهم من تهمته إياهم سابقًا، وأنه لم يعن بالديار المقدسة بلادهم النجدية، وإنما عنى الحرمين الشريفين فعلًا وإنما نسبها إليهم على أساس أنهم الحكام عليها فهي حينئذ حيدة ومكر منه خبيث. لأن التهمة المعزوة إليه ليست في حكام هذه البلاد المقدسة مباشرة وإنما هي في جماعة التوحيد الساكنين في حلب وغيرها من البلاد السورية والذين يعرفون فيها بـ «السلفيين» فهؤلاء هم الذين ادعي على أبي غدة بأنه اتهمهم بتلك التهمة الباطلة، فإذا رأيناه، فر من تبرئتهم إياهم منها، إلى تبرئة من لم يدع عليه اتهامهم بها، وإن كان هو وغيره من المبتدعة يشملونهم في اتهامهم بتلك التهم مع السلفيين وغيرهم من أهل التوحيد، فهذا معناه شيئان اثنان:

* اختل الترقيم هنا في الطبعة الثانية، والتصويب من الطبعة الأولى للكتاب. [معد الكتاب للمكتبة الشاملة]

ص: 44

أولًا: أنه يبرئ النجديين من تلك التهمة، وإن كان الكلام ليس له علاقة بهم، ليرضوا عنه ولا يظنوا به ظن السوء، وأما أن يظل غير هؤلاء من السلفيين وغيرهم من أهل التوحيد ممن يبهتهم أبو غدة بما سبق، يسيئون الظن به فذلك مما لا يهمه الآن، لأن المقياس عنده ليس هو رضى الله والبعد عن سخطه، وإنما المحافظة على الوظيفة التي تدر عليه الأموال والمكاسب المادية، وإلا فقل لي بربك لماذا عدل عن الإجابة عما اتهم به أبو غدة من اتهامه للسلفيين السوريين، فلم يحدد موقفه تجاه اتهامه إياهم بما سبق لا سلبًا ولا إيجابًا فهو لم يقل مثلًا: نعم هم كما قلنا سابقًا «تتقزز نفوسهم أو تشمئز حين يسمعون بذكر النبي صلى الله عليه وسلم» . أو يقول كما كنا نأمل أن يقول: «سبحانك هذا بهتان عظيم» وأنا لم أقل شيئًا من ذلك الذي نسبه إلي المعلق على كتاب "التصوف"، أما أن يراوغ، فيحيد عن أن يقول شيئًا في السلفيين وهم الذين اتهمهم بتلك الفرية مباشرة، ويدير الكلام على النجديين الذين ليس لهم ذكر مطلقًا في التهمة التي عزيت إليه ونقلها هو في «كلماته» وإنما هي على السلفيين في حلب خاصة، فما أجدره بالمثل الذي يقول:«أروغانًا يا ثعال وقد علقت بالحبال» .

والخلاصة ففي الوقت الذي يريد أبو غدة أن يثبت أن ما نسب إليه من الاتهام إنما هو افتراء عليه إذا به يدين نفسه بنفسه، ويحقق هو التهمة بشخصه، مصداقًا لقوله تعالى:{وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ} وتحقيقًا للمثل القائل: «فَرَّ من الموت وفي الموت وقع» و «على نفسها جنت براقش» وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول: «من قال في مؤمن ما ليس فيه، أسكنه الله ردغة

ص: 45

الخبال، حتى يخرج مما قال، وليس بخارج» وهو حديث صحيح مخرج في «الصحيحة» (438) و «إرواء الغليل» (2376) وردغة الخبال هي كما في حديث آخر عرق أهل النار أو عصارة أهل النار. والعياذ بالله منها ومن أسبابها والآخذين بها!

وإذا كان أبو غدة قد صرح بقوله المتقدم نقله عنه: «الذي تتقزز نفسه بذكر محمد صلى الله عليه وسلم خارج عن الملة بيقين» وهذا في نفسه حق لا ريب فيه، وكان لا يزال يتهم السلفيين بالتقزز المذكور على ما سلف بيانه وإدانته به، فينتج من هاتين المقدمتين أن السلفيين عنده كفار خارجون عن ملة الإسلام يقينًا. وقد يصر بعض القراء على تبرئة أبي غدة من اتهامه للسلفيين بالتقزز المذكور على الرغم من عدم إنكار أبي غدة ذلك لو وجد سبيلًا إليه - لفحش التهمة وفظاعتها وسوء ما نتج منها من التكفير ولكن ماذا يقول القراء في تهمته الأخرى إياهم وهي:«إنهم يصغروا (كذا) شأن النبي صلى الله عليه وسلم» هذه التهمة المسجلة في شريط محفوظ عندي كما تقدم ونحن مستعدون أن نسمع من شك في ذلك صوت أبي غدة بذلك بالحرف الواحد مع لحنه المشار إليه (! ) وهي لا تقل عن سابقتها في الفحش والفظاعة.

ومثل هذه الاتهامات التي يلقيها أبو غدة بين الناس جزافًا «شنشنة نعرفها من أخزم» مما لم يتفرد هو به -مع الأسف الشديد- بل ذلك سنة معروفة لأعداء السنة والحديث جميعًا بدون أي خوف أو شعور بالمسئولية وفي كل زمان ومكان، أن يتهموهم بما هم براء منه، وإذا كان القراء الكرام يعلمون أن سيد البشرية عليه الصلاة والسلام

ص: 46

قد رماه أعداؤه بأنه شاعر، ساحر مجنون، أفليس من باب أولى أن يرمي أعداءُ السنة أهلَ السنة بما هم منه براء. ولئن كان يصعب عليهم أن يصدقوا بهذه التهم الكاذبة الصادرة من أبي غدة بحجة أنه غير مسطور في شيء من كتبه، فليعلموا أن الحجة تقوم بغير الكتب أيضًا حتى عند أبي غدة نفسه فقد قال في «كلماته» (ص 21):

«على أني أتحدى أي إنسان أن يثبت أني قلت شيئًا من هذا الذي ادعوه زورًا وبهتانًا -في كتبي ودروسي- أو فيما صنفت أو ألفت» .

والتهمة الأولى -تهمة التقزز- يكفي في إثبات صدورها من أبي غدة إقراره إياها وعدم مبادرته إلى إنكارها كما سبق، ولو فرضنا أنه تدارك الأمر بعدما ألزمناه به من تكفيره للسلفيين، وعلى حد المثل السائر «في الصيف ضيعت اللبن» عند ذلك تبرز أسماء شهود عيان عدول يشهدون عليه بذلك، ولذلك فخير له أن يعترف بأن تصريحه بذلك كان زلة أغواه الشيطان بها، فهو يتوب منها، ولعله فاعل فإن لم يفعل فهو الكبر نفسه الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لا يدخل الجنة من كان في قلبة مثال ذرة من كبر» ثم فسره بقوله: «الكبر بطر الحق (أي رده بعد ظهوره) وغمط الناس» أي الطعن فيهم بغير حق تمامًا كما فعل أبو غدة هداه الله.

والتهمة الأخرى صوته بها مسجل عندنا كما ذكرنا ففي ذلك أكبر إثبات لها وإدانة له بها.

ثم ما لنا نذهب بعيدًا، فهذا دكتور من الدكاترة والمدرسين في كلية من كليات الشريعة يقول في كتاب له مطبوع

ص: 47

ما نصه بالحرف الواحد:

«ضل قوم (يعني السلفيين) لم تشعر أفئدتهم بمحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وراحوا يستنكرون التوسل بذاته صلى الله عليه وسلم بعد وفاته» (1).

فهذه كالتهمتين السابقتين فظاعة لأن معناها أيضًا أنهم كفار عنده ولا يشعر هذا الجاهل الغبي أنه قد سبقنا إلى استنكار التوسل المذكور كبار الذين يوجب هو وأمثاله من المتعصبة المقلدة على الناس أن يقلدوهم، وفي مقدمتهم الإمام أبو حنيفة رحمه الله، أفتراه هو وغيره ضالًّا أيها الغبي أم أنت لا تدري ما يخرج من فيك؟ !

وبعد فهل من الصدق قول أبي غدة (ص 19):

«فليس تكفير الناس فضلًا عن العلماء من شيمتي ولا خلقي والحمد لله. فقد حفظني الله تعالى بما أكرمني به من عقل (! ) وما أدبني به من أدب الإسلام أن أقع في هذه المكفرات والموبقات. فإنه من كفر مؤمنًا فقد كفر» ؟

وأقول: صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كفر مسلمًا فقد كفر. وإذا كان أبو غدة يقول: إن السلفيين تتقزز نفوسهم حينما يسمعون ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ثم يقول: إن الذي تتقزز نفسه بذكر محمد صلى الله عليه وسلم خارج عن الملة بيقين». وبعد هذا مباشرة يبرئ من هذا التقزز المخرج عن الملة (أهل الديار المقدسة التي

(1) انظر كتاب «فقه السيرة» (ص 354 - الطبعة الثالثة) للدكتور محمد سعيد رمضان البوطي.

ص: 48