الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وما أثبته له سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير تأويل ولا تحريف ولا تشبيه ولا تمثيل {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} ».
فأقول والله المستعان:
1 -
أسلفي وكوثري؟ ! فهذان ضدان لا يجتمعان فكيف يصر أبو غدة على كونه كوثريًّا في المسائل التي كنا شرحنا القول فيها في المقدمة وأشرنا إليها فيما سبق وطلبنا منه فيها أن يتبرأ منها فلم يتبرأ ثم هو يعلن هنا أنه سلفي العقيدة! أليس هذا من الأدلة التي تؤيدنا في وصفنا إياه بأنه «يلعب على الحبلين» فهو مع سلفيي العقيدة سلفي، ومع الكوثريين كوثري! تالله إن هذا لشيء عجاب! ولو أن الكوثري نفسه كان حيًّا لتبرأ منك لجمعك بين النقيضين ولعبك على الحبلين وإني لأشهد له على ضلاله أنه خير منك في صراحته، وبعده عن مثل هذا النفاق المكشوف! !
2 -
إني لأسألك هل تتصور مسلمًا سواء كان سلفيًّا أم خلفيًّا ماتريديًا أم أشعريًّا، ودوبنديًّا أم كوثريًّا يتجرأ أن يقول خلاف هذا القول المعسول الذي قلته لإثبات كونك سلفي العقيدة؟ كل المسلمين يقولون مثل قولك هذا حتى شيخك الكوثري على ضلاله الكبير لا يسعه أن يقول غير ذلك -مع طعنه في حماة عقيدة السلف- وإلا لو قال غير ذلك لانكشف الغطاء، فإذن ما هو الفرق بين السلف والخلف في ذلك؟ والجواب:
مذهب السلف في الصفات وموقف الدعاة اليوم فيه
1 -
السلف يصفون الله تعالى بما وصف به نفسه في
كتابه أو أخبر به نبيه صلى الله عليه وسلم ويؤمنون بذلك أنه كما وصف به نفسه حقيقة من غير تأويل
…
إلخ في هذه اللفظة «حقيقة» هي* الصفة المميزة للسلفي على غيره من الخلفيين فإن هؤلاء على قسمين: قسم مفوضة يؤمنون بألفاظ الآيات وأحاديث الصفات دون الإيمان بحقائق معانيها اللائقة بالله تعالى. وهذا هو الذي عليه الآن كثير من الخلفيين الذين لم يدرسوا عقيدة السلف أو درسوها ولم يفهموها أو فهموها ولم يهضموها ولم يؤمنوا بها.
ويغلب هذا على الذين يتظاهرون بأنهم من الدعاة إلى الإسلام (وفاقد الشيء لا يعطيه) وبعضهم يزعم أن هذا هو مذهب السلف جهلًا أو تجاهلًا ومنهم الكوثري شيخ أبو غدة كما صرح بذلك في تعليقه على «الاختلاف في اللفظ» لابن قتيبة (ص 30).
وقسم مؤولة معطلة ينكرون حتمًا بعض صفات الله تعالى باسم التأويل وتحريف الكلم عن مواضعه، ومنهم شيخك الكوثري بل هو حامل راية هذا الانحراف في العصر الحاضر. وأنت حين قلت:«من غير تأويل ولا تحريف .. » قد أخرجت نفسك -ولو بلسانك والله حسيبك وسائلك عما في قلبك- من هذا القسم الأخير، ولكنك لم تخرج نفسك أن تكون من المفوضة الذين وقف إيمانهم عند الألفاظ دون المعاني! فيا ترى هل تعمدت أن لا تضم إلى كلامك السابق كلمة «حقيقة» لكي تضلل القراء، ويشهدوا لك بأنك سلفي! أم أنك أنت نفسك لا تدري الفرق بين القسمين المذكورين؟ !
فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة
…
وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم
* (اللفظة «حقيقة» هي) سقطت من الطبعة الثانية، واستدركتها من الطبعة الأولى للكتاب. [معد الكتاب للمكتبة الشاملة]
ويشهد الله إنه ليسرني ويسعدني أن تكون مخلصًا في تصريحك هذا الذي تنكر فيه التأويل الذي كان شيخك الكوثري قد دان به، فأودى به أن أخرجه عن طريقة السلف مائة في المائة، بل وحمله على الطعن في عقيدة السلف وعلى تأويل كلماتهم التي تخالف مذهبه في آيات وأحاديث الصفات، ولم لا يؤول كلماتهم وهو يؤول كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم؟ !
ولا أستبعد أن يكون تصريحك بما تخالف فيه شيخك الكوثري من التأويل، إنما استفدته من مخالطتك للعلماء النجديين الذين هم من أعلم الناس اليوم بهذه العقيدة السلفية.
ولكن بقي عليك شيء هام وهام جدًّا، وهو أن يكون إيمانك بعقيدة السلف إيمانًا حقيقيًّا ليس فقط لا تأويل فيه بل ولا تفويض أيضًا، وهذا ما أجزم أنك بعيد كل البعد عن الإيمان به، لأنك لو كنت مؤمنًا حقًّا لبادرت إلى الإجابة عن الأسئلة السبعة المشار إليها في هذه الفقرة وأكثرها متعلقة بالعقيدة عقيدة السلف وحينئذ فلا فائدة كبرى من إنكارك التأويل لأنك لم تؤمن بما يقابله وهو الإيمان بصفاته تعالى حقيقة كما يليق به عز وجل. فقولك إذن:
«فأقول بعقيدتهم في الأسماء والصفات» .
إما أنه من قبيل {يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ} أو من قبيل قول المنافق حين يسأل في القبر عن النبي صلى الله عليه وسلم: «لا أدري أقول كما يقول الناس» فأنت سمعت علماء نجد الموحدين ينكرون التأويل فقلت بقولهم دون أن تفهم لازمه وهو الإيمان بالصفات
حقيقة لا تأويل ولا تفويض.
ومن أين لأبي غدة أن يدري العقيدة السلفية وقد عاش حياته في أحضان أكبر عدو لهما في العصر الحاضر وتتلمذ عليه حتى انتسب إليه فخورًا فهو «الحنفي الكوثري» باعترافه! !
ولذلك فنحن لا نزال نطالب بإلحاح بأن تجيب على الأسئلة السبعة جوابًا صريحًا لا مواربة فيه ولا مخادعة، وتعلن أنك بريء من الكوثري جملة وتفصيلًا وأنك لا توافقه في كل ما أخذناه عليه من المطاعن في «المقدمة» (ص 24 - 46) وغيرها كثير وتنتفي من انتسابك إليه صراحة. فإن كل أحد يعلم أنك إذا تبرأت منه لم تتبرأ من الإسلام وأنت تشهد الشهادتين وما تستلزمان من العقيدة الصحيحة ما دمت تقول إنك تقول بعقيدتهم، فأجب عما سئلت، وأعلن براءتك من كوثريتك ليكون أحبابك وأعداؤك على بينة من أمرك، والسلام على من اتبع الهدى.
خامسًا: وأما ما يتعلق بالفقرة (20) فإن المسكين لم يصنع شيئًا سوى أنه نقل من «المقدمة» ما كنت ذكرته في خاتمتها عن «التقارير التي يقدمها الجواسيس والمخبرون» دون أن نسمي أحدًا ولكنه عرف نفسه فقال عقبه:
«انتهى كلامهم بالحرف الواحد. وهم يعنوني بهذا كله» .
فأقول: عرفت فالزم، ثم اندم على ما «يداك أوْكتا، وفوك نفخ» ! (1) وأما ما تضمنته الفقرات التي قبل هذه
(1) مثل معروف يضرب لمن يجني على نفسه، ونحوه قولهم:«منكِ الحيض فاغسليه» !