الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المذكور آنفًا وأقره، دون أن يتحفظ تحفظي المذكور! ثم أتبعته بذكر أربعة عشر حديثًا صحيحًا مما أخرجه البخاري ومسلم أو أحدهما ضعّفها كلها شيخه الكوثري «العلامة المحقق الحجة الإمام .. » كما يزعم تلميذه أبو غدة وبحديث آخر مما رواه مسلم ضعفه المتعصب الجائر نفسه! (انظر (ص 30 - 34) من المقدمة)، وبسكوته على قول الشيخ التهانوي في كتابه «مقدمة إعلاء السنن» تحت عنوان «ذكر بعض المغامز في الصحيحين وتكلف الجواب عنها»:«وما يقوله الناس إن من روى له الشيخان فقد جاوز القنطرة هذا من التجوّه (أي التكلف) ولا يقوى» .
سكت على هذا أبو غدة في تعليقه على الكتاب (463). وعلى ما سبق من الأمثلة مما كتبه هو نفسه أو قرأه لشيخه، ويطعن فيّ لحديث واحد للبخاري ضعّفت إسناده دون متنه، ثم هو يتغافل عن ذلك كله ليقول شاكيًا في «كلماته» أننا رميناه بـ «
…
واللعب على الحبلين» وفاته أن يذكر أننا قلنا في مثل صنيعه هذا أنه من باب الوزن بميزانين، والكيل بكيلين، أو من قبيل الجمع بين الصيف والشتاء على سطح واحد! فمن الذي ينكر انطباق هذه الأوصاف كلها على أبي غدة بعد اطلاعه على هذه الحقائق. لو أن المتعصب الجائر كان صادقًا في شكواه تلك لأجاب جوابًا علميًّا عن كل هذه الإلزامات التي ألزمناه بها. ولم يكتف بالرد على ذلك كله بقوله:«افتراء صريح» ونحو ذلك من الأقوال التي لا يعجز عنها أجهل الناس وأشدهم إيغالًا في الباطل والمكابرة على حد قولهم: عنزة ولو طارت.
ثانيًا- أليس هذا نفاقًا مكشوفًا
؟
كنت ذكرت في المقدمة أن لدي البرهان القاطع على ما نسبت إلى أبي غدة من المداراة ولم أقل المداهنة.
وهكذا قلت يومئذٍ متحفظًا ومتأنيًا حتى نرى جواب أبي غدة على ما ادعيته برهانًا قاطعًا، ثم نقلت عنه قوله في تقريره الجائر في شارح الطحاوية:
«إنه من التوثق و
…
بإمامة ملموسة مشهورة».
ولعلمي بأن أبا غدة حنفي متعصب، والأحناف ماتريدية، والشارح يرد عليهم في مواطن كثيرة، خاصة في صفة الكلام الإلهي، بدا لي أن أبا غدة يقول فيه ما لا يعتقد لغرض شرحته هناك ولذلك أتبعت قوله المذكور بقولي:
ثم سردت المسائل السبع مع شيء من التعليق عليها وبيان موقف شيخه الكوثري ضدها وهي:
الأولى: وأهل الكلام المذموم يطلقون نفي حلول الحوادث.
الثانية: وأن القرآن من كلام الله، منه بدا بلا كيفية قولًا، وأنزله على رسوله وحيًا، وصدقه المؤمنون على ذلك حقًّا، وأيقنوا أن كلام الله تعالى بالحقيقة ليس بمخلوق ككلام البرية. (1)
الثالثة: وهو تعالى مستغن عن العرش وما دونه، محيط بكل شيء وفوقه.
(1) وقع في «مقدمة الشرح» : «كلام البشرية» ، وهو خطأ مطبعي.
الرابعة: يثبت الإمام السؤال عن الفوقية بلفظ أين الله الذي سأل به رسول الله صلى الله عليه وسلم الجارية ليتعرف على إيمانها. وقلت له هناك:
وشيخك يا أبا غدة ينكر مثل هذا السؤال تبعًا لتشكيكه في صحة الحديث كما سبق (ص 22). فهل تؤمن أنت بهذا الحديث وتجيز هذا السؤال الذي سأله الرسول صلى الله عليه وسلم؟
الخامسة: يقول الإمام تبعًا للأئمة الثلاثة وغيرهم: إن الإيمان هو تصديق بالجنان، وإقرار باللسان، وعمل بالأركان، وقالوا: يزيد وينقص.
السادسة: ذهب الإمام إلى جواز الاستثناء في الإيمان وهو قول المؤمن: أنا مؤمن إن شاء الله تعالى خلافًا للحنفية. بل إن طائفة منهم ذهبوا إلى تكفير من قال ذلك.
السابعة: ذهب الإمام تبعًا لإمامه أبي حنيفة وصاحبيه إلى كراهة التوسل بحق الأنبياء وجاههم.
ثم قلت عقبها:
«قلت: فهذه سبع مسائل هامة، كلها في العقيدة إلا الأخيرة منها، قد وجهتها إلى أبي غدة الذي تظاهر بالثناء على شارح الطحاوية ووصفه بأنه صاحب «إمامة ملموسة مشهورة» فإذا أجاب بمتابعته له فيها، وهذا ما أستبعده على كوثريته - فالحمد لله، وإن خالفه فيها وظل على كوثريته فقد تبين للناس -إن شاء الله تعالى- أن ثناءه على شارح الطحاوية (الإمام) لم يكن عن اعتقاد وثقة به كما زعم، وإنما ليتخذه سلمًا للطعن بمخرج أحاديثه، وإلا كيف ساغ له أن يسكت عن الشارح في هذه الأخطاء بل الضلالات
السبع بزعمه تبعًا للكوثري وعن أخطائه الأخرى الحديثية التي سبقت الإشارة إلى أنواع منها، وينتقدني شاكيًا إلى بعض رؤسائه أو المسؤولين هناك وغيرهم - في أمور -لو صح نقده فيها- لا تكاد تذكر تجاه تلك كمًّا ولا كيفًا؟ ! ».
فماذا كان جواب المتعصب الجائر عن هذه الأسئلة السبع؟ ! إن القارئ الكريم ليعجب إذا قلت: إنه أعرض عن الإجابة عنها مطلقًا، وصمت تجاهها صموت أهل الكهف، فلا هو صرح بأنه متابع فيها لصاحب «الإمامة الملموسة المشهورة» ولا أنه لا يزال على كوثريته فيها، فمن يقول بعد هذا أن هذا ليس نفاقًا مكشوفًا أو أنه لا يزال كوثريًّا كما وصفه به بعض زملائه في التتلمذ على الكوثري فيما نقلته عنه (ص 46 من المقدمة) وقد أقر هو ذلك ولم ينكره في «كلماته» ، بل أكده بقوله فيها (ص 38):
«هم يعلمون من نحوه 25 سنة أني تلميذ الكوثري، فما معنى أني صرت تلميذه الآن» .
وأقول: وهذه كذبة من كذباته التي لا تتناهى فمن قال ممن أشرت إليهم ووصفتهم بالعلم أنك صرت تلميذه الآن؟ وإنما الحقيقة أنك انكشفت للناس الذين لا يعرفونك من قبل تعليقاتك التي سودتها بالنقل عن شيخك الكوثري ومبالغتك في الثناء عليه مع عدائه الشديد للحديث وأهله، ودفعتنا دفعًا بذلك - وبتشنيعك علينا في حملاتك المسعورة لأقل هفوة تظنها، وخاصة في تقريرك الجائر الذي تضع فيه شخصًا وترفع آخر -مع اشتراكهما في الخطأ- على الرد عليك وكشف النقاب عن هويتك وبيان ما أنت فيه من الصفات التي لخصتها أنت في (كلماتك)(ص 10) وكنت متحفظًا في
بعضها لما يوجبه الشرع علينا من التبين والتثبت وأما الآن فقد تجلت الحقيقة لكل ذي عينين.
وإن مما يؤكد بقاءه على كوثريته، وإيثاره تقليده على تقليد إمامه أبي حنيفة وصاحبيه رحمهم الله في كثير من المسائل، منها أن للكوثري رسالة بعنوان «محق* التقول في مسألة التوسل» ذهب فيها إلى جوازه وسلك فيه مسلك الاجتهاد المطلق واستدل بأحاديث بعضها صحيح لا يدل عليه، وبعضها ضعيف حاول تقويته بتقوية من هو ضعيف من الرواة اتباعًا لهواه، مخالفًا بذلك تصريحه هو نفسه بضعفه في حديث آخر كما بينت بعض ذلك في أول كتابي «سلسلة الأحاديث الضعيفة» ومن اتباعه لهواه ومتابعته للعامة لم يتعرض فيها بذكر لأقوال أئمته الثلاثة لأنها تمحق رسالته من أصلها محقًا (1) فتجد أبا غدة يقلده في هذه المسألة، مع مخالفته لأئمته الثلاثة في خطبة خطبها في مسجده في حلب، وطبعًا كان ذلك قبل توظفه في السعودية، وقد حصلت على شريط مسجل لخطبته، فيها التصريح ببعض أفكاره وعقائده التي يخالف فيها عقيدة السلف الصالح ومن تبعهم بإحسان كشيخ الإسلام ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب وغيرهما، مثل اعتقاده أن الشرك إنما هو شرك الربوبية فقط فيجوز عنده التوسل بالنبي والولي إلى الله دون أن يناديه ويطلب منه، ولئن طلب خطأ فهذا المنادي لا يعتقد فيه أنه يحل ويربط ويعطي ويمنع، ويخفض ويرفع ويتصرف في مقدرات الله عز وجل! ! وعلى ذلك فالاستغاثة بالميت من دون الله تعالى ليست شركًا عنده لأن المستغيث لا يعتقد أن
* في الطبعة الثانية: (محقق)، والتصويب من الطبعة الأولى للكتاب. [معد الكتاب للمكتبة الشاملة]
(1)
راجع للرد عليها وعلى غيرها من رسائل المخالفين رسالتنا السابعة من رسائل الدعوة السلفية وهي بعنوان «التوسل أنواعه وأحكامه» .