المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الإصلاح الإسلامي في المغرب الأقصى(2) - مجلة المنار - جـ ٢٨

[محمد رشيد رضا]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد رقم (28)

- ‌شعبان - 1345ه

- ‌فاتحة المجلد الثامن والعشرين

- ‌تعدد الزوجات

- ‌استقلال مملكة ابن السعود

- ‌البناء على القبورومن استثنى من تحريمه قبور الأنبياء والصالحين

- ‌قاعدة جليلة فيما يتعلق بأحكام السفر والإقامة

- ‌سياسة الإنكليز في الشرقوزعماء العرب

- ‌إثبات شهر رمضان

- ‌أنباء العالم الإسلامي

- ‌تقريظ المطبوعات

- ‌رمضان - 1345ه

- ‌حكمة تعدد أزواج النبي ص

- ‌مال الزكاة لإعانة المدارس الخيرية الإسلامية

- ‌سماع الغناء والتلاوة من آلة الفونغراف

- ‌قاعدة جليلة فيما يتعلق بأحكام السفر والإقامة

- ‌الإصلاح الإسلامي في المغرب الأقصى(2)

- ‌مشروع بريطاني جديد لتنصير جزيرة العرب

- ‌تحول الكنيسة الإنكليزية عن التقاليد النصرانية

- ‌آثار المساجد في إصلاح الأمة

- ‌أنباء العالم الإسلامي

- ‌شوال - 1345ه

- ‌حكم بناء فنادق المسافرينوإجارتها لغير المسلمين

- ‌قاعدة جليلة فيما يتعلق بأحكام السفر والإقامة

- ‌الإصلاح الإسلامي في المغرب الأقصى(3)

- ‌نساء العرب السياسيات

- ‌خطبة الأستاذ إسعاف أفندي النشاشيبي

- ‌البيت الحرام وسدنتهبنو شيبة وحقوقهم ، والهدايا له ولهم

- ‌دعوة مفسدي الرافضةيحيَى إلى قتال ابن السعود

- ‌حجاج الشيعة الإيرانيين ومصر

- ‌لا بد من قتل صاحب المنار

- ‌ر - 1345ه

- ‌استفتاء في فتوى وطلب إقرارها وتصحيحها

- ‌قاعدة جليلة فيما يتعلق بأحكام السفر والإقامة

- ‌الإصلاح الإسلامي في المغرب الأقصى(4)

- ‌السعي لمنع الحج ومفاسد البدع

- ‌الاحتفال بتكريم أمير الشعراء أحمد شوقي بك

- ‌مسألة نفقات مؤتمر الخلافة في مجلس النواب

- ‌صاحب المنار وجريدة السياسة

- ‌ذو الحجة - 1345ه

- ‌قاعدة جليلة فيما يتعلق بأحكام السفر والإقامة

- ‌قرار النيابة العامةفي قضية الدكتور طه حسين

- ‌ما يسمى النهضة النسائية بمصر

- ‌الشيخ أحمد عباس الأزهري البيروتيوفاته وترجمته

- ‌المسلمون في أميركا يطلبون أستاذًا من الأزهر

- ‌المطبوعات الحديثة

- ‌الحج في هذا العام

- ‌صفر - 1346ه

- ‌أسئلة من البحرينفي الأئمة والمذاهب وما يجب على العامي

- ‌الزي الإسلامي والشعائر الإسلامية والألقاب العربيةعند خواص أمريكا

- ‌أموال ابن السعود التي اتهم بها صاحب المنار

- ‌أحاديث الدجال وانتقاد بعض النجديين

- ‌مصاب مصر بأكابر رجال العلم والدين والسياسة

- ‌ربيع الأول - 1346ه

- ‌خيرية القرون الثلاثة مع وقوع الفتن فيها

- ‌زكاة الفطر وقت وجوبها وحكم تعجيلها

- ‌حظر أخذ العلم الشرعي من الكتب بدون توقيف

- ‌الصريح والكناية في الطلاقوكتاب الرجل بطلاق امرأته

- ‌الطلاق الثلاث باللفظ الواحد

- ‌كيف تنهض اللغة العربية(2)

- ‌دعاية المسيحية القاديانية الملقبة بالأحمدية

- ‌بول الصبي وبول الصبيةحكمهما في الفقه، تركيبهما الكيميائيالأحاديث التي وردت فيهما

- ‌الاحتفال الخمسيني لدار العلوم

- ‌ربيع الآخر - 1346ه

- ‌حل أموال أهل الحرب

- ‌المراد بالطعن في الدينوكون مخالفة القرآن كفرًا

- ‌سعد زغلول(1)

- ‌أول كتاب من سعد إلى الأستاذ الإمام

- ‌معاهدة جدةبين جلالة ملك بريطانيا وجلالة ملك الحجاز ونجد وملحقاتها

- ‌الكتابة أو الخطوثيقة شرعية يجب العمل بها

- ‌زيارة القبور للتبرك

- ‌تقريظ الأستاذ الكبير صاحب الفضيلة الشيخ:مصطفى نجا - مفتي بيروت

- ‌حفلة التأبين الكبرى

- ‌شعر في وصفة طبية قديمةجواب عن سؤال

- ‌أنباء العالم الإسلامي

- ‌جمادى الأولى - 1346ه

- ‌سمت القبلةوأدلتها وأقواها بيت الإبرة والقطب الشمالي

- ‌تعريف الأمراض بالأوهاموسؤال عن 3 أحاديث

- ‌الاعتماد على كتب ابن تيمية والطاعن فيه

- ‌افتراء عقائد في عالم الغيب

- ‌طلاق الثلاث بلفظ واحد

- ‌رسالة من يحيى محمد البكري

- ‌التمدن الآثم، القاضي مترنيخ، تلقيح القضاء المصري

- ‌لماذا دخلت في الإسلام

- ‌سعد زغلول(2)

- ‌التقريظ والانتقاد

- ‌رجب - 1346ه

- ‌أسئلة من تونس

- ‌الإصلاح الحقيقيوالواجب للأزهر والمعاهد الدينية [*]

- ‌نظرة عامة في حالة الإسلام

- ‌رحلة جلالة ملك الأفغان (أمان الله خان)

- ‌جمعية الشبان المسلمين

- ‌وفيات الأعيان

- ‌تفسير:] هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا [[*]

- ‌خاتمة المجلد الثامن والعشرين من المنار

الفصل: ‌الإصلاح الإسلامي في المغرب الأقصى(2)

الكاتب: مسلم غيور من مراكش

‌الإصلاح الإسلامي في المغرب الأقصى

(2)

نظرة في كتاب حقيقة الإسلام وأصول الحكم

لصاحب الفضيلة الشيخ محمد بخيت المطيعي

مفتي الديار المصرية سابقًا [*]

ولكن هذا العمل من الجهة التي اشتمل عليها لا تمنع من ملاحظتنا على بعض

جمل ، من ملاحظة لا تمس جوهر الموضوع الذي خرج لمَّاعًا لمعان الشمس برزت

تختال بعد احتجابها أيامًا فوق سحب كثيفة ، انهملت أمطارًا وسيولاً أنطقت شاعر

البداوة أن يقول:

وحديثها كالقطر يسمعه

راعي سنين تتابعت جدبا

فأصاخ يرجو أن يكون حيًّا

ويقول من فرح هيا ربا

جاء في صفحة 13 نقلاً عن ابن خلدون: (وإذا نظرت بعين الإنصاف

عذرت الناس أجمعين في شأن الاختلاف في عثمان ، واختلاف الصحابة من بعده ،

وعلمت أنها كانت فتنة ابتلى الله بها الأمة) إلخ، نقول: ونحن لا نشك ، ولا

نرتاب أبدًا في نزاهة الصحابة وحسن نيتهم ، وسلامة طويتهم ، كما هو معلوم من

ضروريات الدين ، كما نعلم وجوب محبتهم على المسلمين لقوله صلى الله عليه

وسلم: (فمن أحبهم فبحبي أحبهم ، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم) .

ولكن لا بأس أن يلاحظ المسلم الباحث الغيور أنهم رضي الله عنهم كانوا

مخطئين في السكوت ، كما أخطأ عثمان في استسلامه للثوار ، وكف جماعة من

الصحابة عن نصرته والدفاع عنه؛ لأن حق الخلافة وفائدتها غير مقصورة على

الخليفة وحده، بل الدفاع عن نصرته ، وحفظه حفظ للإسلام والمسلمين ، {وَلَوْلا

دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ} (البقرة: 251) .

وقد فسدت أمور المسلمين فعلاً باستسلامه ، وعدم الدفاع عنه ، ونشأت عن

ذلك فتن لا تزال آثارها ماثلة للعيان ، فكان مقتضى الشريعة أن يقوم رضي الله عنه

لحماية الخلافة ، التي هي حماية للإسلام والمسلمين ، ويقابل الثوار ، ويستنصر

عليهم بكل ما يمكن إن كانوا محاربين ، كما هو الواقع الذي أيدته الأخبار الصحيحة ،

أو يعتزل الخلافة إن كانت معهم شبهة حق ، أو عجز عن حماية بيضة الإسلام ، فهو

راع للأمة ، يجب أن ينظر لها بما فيه صلاحها، فقد أخرج البخاري في كتاب الأحكام

من صحيحه ، عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ألا

كلكم راع ، وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام الذي على الناس راع ، وهو مسؤول

عن رعيته) الحديث.

فأنت ترى استسلامه رضي الله عنه كيف جر على المسلمين رزايا متسلسلة

إلى الآن لا زلنا نرزح من شدة ثقلها.

وقد دافع الإمام أبو بكر بن العربي المعافري في كتابه: (العواصم والقواصم)

عن استسلام سيدنا عثمان دفاعًا مجيدًا بقلمه السيال ، وبلاغته النادرة مستندًا في

دفاعه هو وغيره على ما جاء في الحديث الصحيح في البخاري ، وغيره بأن النبي

صلى الله عليه وسلم بشره بالجنة على بلوى تصيبه، وهي الشهادة ، إلخ ، ونقول:

إنه صلى الله عليه وسلم لم يأمره بالاستسلام ، بل غاية الأمر أنه بشره بالشهادة ،

ولو دافع عن نفسه ، وقاتل الثوار المحاربين ، واستشهد في قتالهم لحصلت النتيجة؛

لأنها غير متوقفة على الاستسلام ، فهو رضي الله عنه مجتهد (مخطئ) في

استسلامه.

وأما سكوت الصحابة رضي الله عنهم ، فهم مخطئون فيه أيضًا؛ لأن الله

جلت عظمته بين لنا ما نفعل في مثل هذه الأزمة في قوله تعالى: {وَإِن طَائِفَتَانِ

مِنَ المُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَتِي

تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ

يُحِبُّ المُقْسِطِينَ} (الحجرات: 9)، ثم أكد ذلك بقوله: {إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ

فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (الحجرات: 10) ، وفي

صحيح مسلم ، عن عرفجة ، عنه عليه الصلاة والسلام قال: (من أتاكم ، وأمركم

جميع على رجل واحد ، يريد أن يشق عصاكم، أو يفرق جماعتكم ، فاقتلوه) .

فكان الواجب كما هو صريح الآية والحديث أن يدافعوا عنه بقوة السيف ، أو

بحكمة السياسة والموعظة الحسنة، ولا يساعدوه في الاستسلام؛ لأن الدفاع عنه كما

قلنا دفاع عن الإسلام والمسلمين، فظهر بذلك أنهم مخطئون في سكوتهم ، والله أعلم

بغيبه.

وإننا نحمد الله على أن المسلمين ابتدأوا يفهمون سر هذه الآية ، ويعملون

بها، فمن ذلك ما حصل من اجتماع قادة الأحزاب المؤتلفة في مصر السعديون ،

والوطنيون والدستوريون ، فلو لم يوفقوا لذلك الاتفاق المحبوب ويسقطوا الاتحاديين

أو الاحتلاليين؛ لكانت حركة مصر الناهضة ذاهبة إلى الشلل والانحلال ،

أدام الله وفاقهم وتوفيقهم.

ومن ذلك ما قيل - ولا نظنه إلا صادقًا - من اتفاق السلطان عبد العزيز بن

السعود والإمام يحيى صاحب اليمن ، فقد انشرحت الصدور لهذا الاتفاق المتين الذي

سيكون بمثابة سياج لجزيرة العرب ، حقق الله الآمال.

ومن ذلك ما شاع من تأسيس عصبة أسيوية في بلاد آسيا تضاهي عصبة

الأمم الغربية في جنيف لربط أواصر الشرقيين ، وإحياء الحضارة الآسيوية من

الوجهتين العقلية والمادية إلخ.

وفي صفحة 15 نقلاً عن ابن خلدون أيضًا: (وهكذا كان شأن الصحابة في

رفض الملك ، ونسيان عوائده حذرًا من التباسها بالباطل، فلما استحضر رسول الله

صلى الله عليه وسلم ، استخلف أبا بكر على الصلاة؛ إذ هي أهم أمور الدين،

وارتضاه الناس للخلافة ، وهي حمل الكافة على أحكام الشريعة، ولم يجر للملك

ذكر.. إلخ) .

(نقول) : إن قوله: (ولم يجر للملك ذكر) إلخ، إن كان المراد به الملك

الطبيعي الذي هو حمل الكافة على مقتضى الغرض والشهوة ، فقد كان يذكره دائمًا

بالذم والتنفير منه ، ومحاربته للملك الطبيعي المبني على القسوة معروفة في غير ما

حديث، ومنذ مكاتبته لقيصر ، وكسرى ، وغيرهما يدعوهم {إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا

وَبَيْنَكُمْ أَلَاّ نَعْبُدَ إِلَاّ اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللَّهِ} (آل عمران: 64) إلخ، وإن كان المراد به الملك السياسي المندرج في الخلافة ،

فقد جرى ذكره في أحاديث كثيرة لو امتثل المسلمون ما جاء فيها؛ لما أصيبوا

بشيء مما أصيبوا به، فقد أخرج البخاري في باب: الأمراء من قريش، عن

معاوية أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن هذا الأمر - أمر

الخلافة - في قريش، لا يعاديهم أحد إلا أكبَّه الله على وجهه ما أقاموا الدين) ،

وأخرج في باب: الاستخلاف، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال

من حديث قد جاء في آخره: (لقد هممت أن أرسل إلى أبي بكر وابنه، فأعهد، أن

يقول القائلون، أو يتمنى المتمنون، ثم قلت: يأبى الله ويدفع المؤمنون) ، قال

القسطلاني: قوله: (فأعهد ، أو أوصي بالخلافة لأبي بكر) كراهة أن يقول

القائلون: الخلافة لفلان أو لفلان، أو يتمنى المتمنون الخلافة، فأعينه قطعًا للنزاع ،

وقد أراد الله أن لا يعهد ليؤجر المسلمون على الاجتهاد.

وجاءت أحاديث كثيرة في هذا الباب ، فأنت تراه كما اعتنى بالخلافة جدًّا ،

واهتم بها في حال صحته وفي مرضه ، وأوصى بالخليفة ممن يكون، وأوجب

طاعته ، وشرط فيها وفي ولايته إقامة الدين ، وهو قوله:(ما أقاموا الدين) أوصى

بذلك ، وكرر الوصاية بالخلافة في مناسبات كثيرة، وفي أحاديث شهيرة، بلغت

بمجموعها حد التواتر.

...

...

...

... من مراكش

...

...

...

... مسلم غيور

(المنار)

الظاهر أن عثمان رضي الله عنه كان يحسن الظن بالذين ثاروا عليه ، كما

أحسن الظن بعترته من بني معيط المفتونين بحب الرياسة والملك، ولذلك كان

يرى أن إقناع الثائرين بما يجب اتباعه ممكن، وكان جمهور الصحابة مخالفين له

في ظنه ورأيه ، فوقعوا في الحيرة: لا يمكنهم القتال بدون أمره؛ لما فيه من سنن

الخروج والافتيات على ولي الأمر ، وهي أم المفاسد، ولا يسهل عليهم خلعه إجابة

لمطالب الثوار؛ لأنهم مفسدون، ولأن بني أمية يقاتلون دونه، كما فعلوا في

القتال بعده لمن هو دونه ، وما فعله المصريون ألجأتهم إليه الضرورة، وليس من

العمل بالآية ، وأما الإمامان يحيى وعبد العزيز فيحبان الاتفاق دينًا وسياسة،

ولكن المفسدين من الأجانب ، والروافض ، ومفسدي الهنود يغرون الأول بقتال

الثاني، وعسى الله أن يسلمه من وسواسهم وخناسهم.

((يتبع بمقال تالٍ))

_________

(*) لصاحب الإمضاء الرمزي.

ص: 128

الكاتب: مستر كراين

محاضرة مستر كراين

عن جزيرة العرب - أو - الحجاز واليمن

في جمعية الرابطة الشرقية [*]

لأسباب عديدة قمت في هذا الشتاء برحلة في البحر الأحمر ، وقد سبق لي أن

زرت قبل هذه المرة (جدة) ، وأعجبت كثيرًا بمناظر البحر، وإني طفت معظم

بحار العالم ، فلم أر له مثيلاً بينها، فبينما ترى فيه الزرقة القاتمة تراها تخضرّ ، ثم

تحمرّ وتميل إلى لون الذهب، وترى شاطئًا رمليًّا أصفر ، ومن ورائه سلاسل

طويلة من الجبال الوردية القفراء.

إن طراز الحياة في مواني البحر الأحمر الصغيرة لا يزال كما كان عليه منذ

قرون عديدة، ففي عرض هذا البحر تمخر السفن العظيمة بين السويس وعدن دون

أن تحدث أثرًا في هذه المواني القديمة التي ما زالت تحتفظ بعاداتها الأولى لعلاقاتها

بالحج والحجاج.

إني مولع برؤية الحياة الإسلامية القديمة التي شاهدتها في مصر والشام،

والقسطنطينية عندما أتيت هذه البلاد منذ خمسين عامًا، ولكن هذه البلاد الآن

أضاعت رونقها القديم، وتغير فيها طراز الحياة تغيرًا محسوسًا، ويقال: إن

(بخارى) أيضًا أضاعت سابق أسواقها الجميلة القديمة، ولذلك سررت كثيرًا منذ

أربعة أعوام لما رأيت أن جدة لا تزال محتفظة ببهائها الإسلامي القديم، وبحجاجها

المحرمين، وبوسائط نقليتها القديمة ، ألا وهي: الجمل والفرس والأتان، وأن

أسواقها المعوجة الصغيرة لا تزال ملأى بالتجار الشرقيين يروحون ويغدون فيها،

وتنحصر تجارتهم في بعض الأشياء الضرورية ، وبعض المصنوعات اليدوية.

إن شبه جزيرة العرب هي مهد الأنبياء ، ومهبط الوحي، ولما كنت أهتم

كثيرًا بهذه الشؤون؛ شئت أن أتقرب بقدر الإمكان إلى حياة هذه الجزيرة التي كانت

تنجب الأنبياء آونة بعد أخرى، ومن البديهي أن البلاد المتمدنة لا تنجب أنبياء.

ومن أهم الأشياء في الجزيرة الآن الحركة الوهابية التي ترمي إلى الرجوع

لحياة التقشف كما كانت عليه الحال أيام النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

نحن في الغرب نقول: إن التاريخ لا يعيد نفسه، ولكن لهذه القاعدة شواذ في

الصحراء، فالحياة فيها دائمًا تعيد نفسها.

يقال: إن الدين في العالم منشؤه بعض الشخصيات البارزة التي تضيء

كالأنوار مثل بوذا [1] ، والمسيح ومحمد، وهذه الشخصيات لها حياة خاصة ،

وتعاليم خاصة ، وأتباع خاصة، ولكنها عندما تختفي؛ يقوم بعدها بعض الأتباع

الذين كانوا مقربين إليها كثيرًا ، ويفسرون أعمالها ، وينشرون أخبارها، وهم

المعروفون بالتلاميذ أو الصحابة، ولكن النور الأصلي يضعف عندما ينتقل إليهم،

ومن بعدهم تقوم الهيئات الدينية ، وتنشر أعمال تلك الشخصيات حسب ما يتراءى

لها؛ وبذلك يزداد ضعف النور، ولا شك أن بوذا لو بعث حيًّا الآن لا يوافق على

أن الصينيين واليابانيين يتبعون حياته وتعاليمه ، وخصوصًا متى شاهد البون

الشاسع بين تعاليمه الصحيحة ، وبين تعاليم كهنوت اللاميين [2] ، وإنه لا يمكن

للمسيح أن يعترف بأن أوربا الحديثة المعروفة بمسيحيتها ، والتي يقال: إنها تتبع

حياته وتعاليمه هي حقيقة مسيحية [3] .

لقد أدرك محمد صلى الله عليه وسلم شيئًا من أمر هذا التحريف الذي لعب

دورًا مهمًّا في تاريخ الديانات القديمة على ممر الأيام؛ ولذلك حدد أقواله بحديثه ،

وأظهر بصورة واضحة علاقة المسلم مع خالقه، ولم يترك ميدانًا واسعًا لتدخل

الهيئات الدينية من بعده ، ومع هذا كله رأينا أن الدين الإسلامي عندما ابتعد عن

مركزه الأصلي في الصحراء ، وأخذ يتزاحم مع غيره من الديانات والمدنيات في

العجم والصين مثلاً؛ خرج عن الصراط المستقيم، وأضاع شيئًا كثيرًا من بساطته

وبهائه.

ولما كانت الحياة في نجد بعيدة عن مثل هذا الضغط ، وبعيدة عن المدنية

الحاضرة ، فلا شك أن هذه البلاد هي المكان الوحيد المعد لحفظ علاقة المسلم

الحقيقية بخالقه بصفة لا تشوبها شائبة، وقد ظهر الآن أشياء عديدة تثبت جميعها أن

القاعدة الأساسية في الدين الإسلامي ، والمسيحي ، واليهودي هي علاقة الإنسان

بخالقه ، وأصبح الاعتراف بهذه الحقيقة أمرًا لازبًا؛ لأن البولشفيك ينظمون دعاية

ضد جميع الديانات ، وقد وجهوا سهامهم إلى قلب هذه الحقيقة الظاهرة ، ألا وهي:

وجود الخالق ، وتدبيره لهذا الكون، وقد أدرك العالم المسيحي هذا الخطر ، وأصبح

ميَّالاً إلى ترك الجزئيات ، والتمسك بالكليات، ويوجد في الغرب أناس كثيرون

يعتقدون أن في الإمكان التأليف بين العالم المسيحي ، وغيره من البشر ممن يعتقدون

بوجود الخالق ، ويسعون لطاعته.

ولاشك أن العالم ليشهد منذ أول التاريخ إلى عهدنا هذا ثورة شديدة على الدين ،

كالثورة التي يديرها البولشفيك.

يوجد بين المسيحيين طائفة صغيرة تقول بالتوحيد ، وتشابه عقائد هذه الطائفة

من وجوه عديدة العقائد الإسلامية القديمة، وقد ظهر بين أفرادها كثير من العظماء

الذين أفادوا العالم فائدة تذكر فتشكر، ففي النمسا مثلاًُ ظهر بعض أفراد منها للعالم،

وشغلوا وظائف سامية، وكانوا موضع إعجاب جميع من عرفهم، وفي أمريكا ظهر

أيضًا بعض أتباع هذا المذهب المحترم ، وكان في مقدمتهم الرئيس (إيليوت) الذي

بقي مدة أربعين سنة رئيسًا لأعظم جامعة أميريكية ألا وهي: جامعة (هارفرد)

وقد توفي في السنة الماضية عن عمر جاوز اثنين وتسعين عامًا ، ولا شك أنه كان

أحد رجال أمريكا العظام [4] ، وقد كان يهتم كثيرًا برحلاتي إلى البلاد الإسلامية،

وشعر أنه من الواجب أن يحصل تعارف بين الموحدين المسيحيين ، وبين المسلمين،

وكنت دائمًا عند عودتي أزوره ، وأطلعه على جميع اختباراتي الحديثة.

إنه بقي محافظًا على قواه العقلية إلى آخر دقيقة من حياته، وكان لصوته

أعظم وقع على الأميركيين ، كما أنه كان الخادم الأمين لحفظ الضمير الأميركي

الحي، وعندما كان يتكلم في موضوع سياسي ، أو تهذيبي ، أو اجتماعي كان يتكلم

دون خجل ، أو وجل.

وقبلما أنشبت المنون أظفارها فيه شعر بدنو أجله ، فقلت له: اسمع هذه

الصلاة الإسلامية الجميلة ، وقرأت له: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

* مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ * إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ

الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} (الفاتحة: 2-7) ، وقد

أعجب بهذه الصلاة الوجيزة كثيرًا ، وكانت هي آخر العهد بيننا، وكان صديقي هذا

دائمًا يتمنى الحج إلى شواطئ البحر الأحمر ، والتقرب من الحركة الوهابية؛ لأنه

هو نفسه كان يعيش عيشة بسيطة ، ويعتقد بعظم فائدة الصلاة ، وتأثيرها في

العالم ، ولكنه كان بعيدًا عن الظواهر الدينية الميكانيكية [5] ، وسأرسل إليكم عندما

أعود إلى أمريكا جميع ما قاله عظماء الأميركيين بشأن هذا الرجل الجليل عند

وفاته.

إن بوذا ، والمسيح عاشا عيشة روحية ، ولم يكونا يومًا من الأيام إداريين ،

ولا فكرا أن ينظما الحياة الدينية، وأما محمد صلى الله عليه وسلم ، فكان نبيًّا

وإداريًّا عظيمًا، وقد مد الله في أجله إلى أن تمكن من تنظيم الحياة الاجتماعية على

أسس دينية، وها هو ذا ابن سعود ينسج اليوم على منواله، ويتبع سننه في كل

خطوة بحزم وعزم، وهو يسعى لأن يوفق بين الحياة الاجتماعية ، وبين الشريعة

الغراء ، ولست مغاليًا إذا قلت لكم: إنه لا جنايات في مملكة ابن سعود، وإن البدو

الذين مازالوا منذ الأزل يضربون في بلاد الله الواسعة ، ويغزو بعضهم بعضًا أخذوا

في عهده يبنون البيوت الثابتة، ويشتغلون بالأشغال النافعة.

ولاشك أن الأمن في الطرقات أصبح مستتبًّا، والتجارة في البلاد محمية،

ومال الحاج مضمونًا، وأسعار الحاجيات محددة.

***

فليحيا ابن سعود

إن الحماسة التي تدعم حركة كحركة ابن سعود الوهابية ، والتي ترمي إلى

إرجاع الدين الحنيف ، كما كان عليه قديمًا ، تتعارض في بعض الأحيان مع العادات

الإسلامية الحاضرة، وليس بالعجيب أن نرى (الإخوان) في حماستهم قد هدموا

أشياء كثيرة ذات قيمة تاريخية ومعنى ديني للحجاج الذين يحجون إلى هذه البلاد

المقدسة ، وقد قتلوا أثناء حماستهم بضعة آلاف حاج من حجاج اليمن ، بينما كانوا

قادمين إلى مكة بقصد الحج، واعتذروا عن عملهم بأن نيتهم كانت سيئة نحو

الإخوان [6] ، ومع ذلك ، لا شك أن الأحوال الآن أحسن من ذي قبل، وإذا مد الله

في عمر ابن سعود؛ فالحالة تزداد تقدمًا، والروح الاجتماعية تنتشر أكثر فأكثر بين

العرب مستمدة نشاطها من بعد ابن سعود من روحه.

نزلت بجدة في دار السيد محمد نصيف ، وهي كأنها مجمع علمي يحتوي على

مكتبة عامرة ، يؤمه جميع أقطاب جدة وأشرافها.

والسيد محمد نصيف عالم محقق ، ورجل شريف يزوره جميع من يمر بجدة

من العلماء والنبلاء قبل ذهابهم إلى مكة، وقد اجتمعت عنده بأناس كثيرين ،

وتكلمت معهم بصراحة زائدة، وكانوا جميعهم عنوان اللطف بي ، والعطف علي،

وأفهموني حقيقة سير الحياة بالحجاز في هذه الأيام، وبعد وصولي إلى جدة جاء

سمو الأمير فيصل من مكة ، ورحب بي ، وتأكد بنفسه أن راحتي مضمونة ، وقال

لي: إن كل شيء في جدة تحت أمري.

في الليل كنت أدعو الكثيرين؛ ليسمعوني الأناشيد الوطنية والغناء العربي

القديم والحديث ، وكان بين هؤلاء المنشدين شيخان ضريران يترددان دائمًا على

دار السيد محمد نصيف، وقد أسمعاني مرارًا ترتيل القرآن، والحق يقال: إن

ترتيلهما كان في غاية الإبداع.

لا يسمح الوهابيون لأحد أن يغني غناءً عاديًّا ، ولا أن يستعمل معازف

موسيقية، وقد منعوا الحجاج المصريين من جلب المحمل التي كانت العادة أن

يجلبوه مع موسيقى الحج [7] ، ولكنهم لا يتعرضون لترتيل القرآن ، وقد تسامحوا

معي في بعض الشؤون ، ولم يمنعوني من دعوة بعض البدو إلى داري ، وسماع

أناشيدهم، وقد أسمعني أحد أصحاب القوافل بعض الأناشيد التي ينشدها الحداة من

رجال القافلة أثناء سيرهم في البادية.

كان ابن سعود يوم زرت جدة في طرف البادية [8] ، ولم أتمكن من مقابلته،

ولكنه تلطف ، وأرسل لي عدة برقيات تنم جميعها عن عطفه علي، وقبل سفري

ببضعة ساعات أخذت وأنا على ظهر الباخرة برقية منه أعرب لي فيها كثرة أشغاله،

وأفصح عن أسفه الشديد؛ لعدم تمكنه من مقابلتي، وتمنى لي سفرًا سعيدًا [9] .

والحق يقال: إن ابن السعود كالإمام يحيى لا يوجد حوله رجال عاملون

يساعدونه في إدارة دفة الحكم ، فهو يعتمد على نفسه في كل شيء.

وقد مضى عليه ثلاث سنوات ، ولم يزر في خلالها أرض نجد؛ ولذلك ذهب

هذه السنة؛ ليزورها، ولينظر في شؤون الإخوان ، وتنظيم أعمالهم.

***

السيد أحمد السنوسي

كان من جملة الأسباب التي حملتني على القيام برحلتي هذه؛ رغبتي في

مقابلة صديقي القديم السيد أحمد السنوسي ، الطائر الصيت الذي تعرفت إليه في

بورصة في صيف سنة 1919 ، وكانت تلك الرحلة التي تعرفت إليه في خلالها من

أهم الرحلات التي قمت بها في هذا العالم.

قلت: إني قمت برحلات عديدة في هذه الأرض ، وكنت دائمًا أدرس نفسية

البشر في أطرافها، وقد أعجبت مرارًا ببعض العقول التي لم تبلغها أيدي التهذيب ،

وقابلت كثيرًا من أصحاب هذه العقول ، ولا غرو أن مقابلتهم ساعة عملهم كانت

نهاية الإبداع ، وهذه العقول لا تنمو إلا بين أصحاب الفيافي والقفار ، وكل ذرة ، لا

بل كل خلية من خلايا دماغ هؤلاء الأشخاص هي حية في ذاتها، وحساسة لكل

عارض يعرض لها، وسريعة في تنفيذ أحكامها ، وحكيمة في استنتاجاتها.

وأحمد السنوسي هو أحد أصحاب هذه العقول النيرة، ودليلي على ذلك أنه

تمكن في برهة وجيزة من إيجاد مملكة تحيط بها القفار من كل الأطراف.

منع الحلفاء عامة ، والتليان خاصة هذا الزعيم الكبير من العودة إلى بلاده

وأهله بعد الحرب العظمى؛ فاضطر أن يذهب من تركية إلى سورية ، فالصحراء.

ولا يزال إلى يومنا هذا هائمًا على وجهه من بلاد إلى بلاد بعيدًا عن أهله

وعائلته [10] ، ومع الأسف الشديد لم يهتم به أحد ، وهو اليوم في العسير ، وقد

أرسل أحد عماله إلى جدة؛ ليفاوض ابن سعود ، فرأيت أن أراه لأطلع منه على

أخبار السنوسي؛ لأني قلت سابقًا: إن من جملة الأسباب التي حملتني على هذه

الرحلة هي مقابلة هذا الرجل العظيم ، ولكن لم يؤذن لي أن أقابل ذلك الرسول ، ويا

حبذا لو اهتمت بعض الحكومات الإسلامية بشأن هذا الرجل العظيم ما دام شعبه قد

حرم من زعامته ، وحرم هو من بلاده.

للمحاضرة بقية

((يتبع بمقال تالٍ))

_________

(*) مستر تشارلس كراين من أكارم رجال الأمة الأميركية ، وتولى مناصب عالية في دولتها نعرف منها أنه كان سفيرًا للولايات المتحدة في الصين، وعهدت إليه رياسة اللجنة الأميركية التي أرسلت لاستفتاء أهل سورية وغيرهم في مصير بلادهم بعد الحرب بناء على مبادئ صديقه مستر ولسن الذي كان رئيس جمهورية حكومته ، وكان صاحب الكلمة العليا لدى دول الحلف البريطاني اللاتيني؛ لأنه هو الذي أنقذ هذه الدول من بطشة ألمانية الكبرى، ومستر كراين قد طاف أقطار الشرق ، واختبر المسلمين؛ فأحبهم ، وعرف فضل دينهم ، وعرف به كما يعلم من محاضرته هذه ، وقد آلمت بعض من سمعها من متعصبي أبناء جلدته وإخوان ملتهم ، وقد حضرها في نادي جمعية الرابطة الشرقية جمهور منهم ومن المصريين والسوريين وغيرهم ، وكان يترجم كلامه بالعربية جعفر ولي باشا المشهور جملة جملة. وما ننشره هنا هو ترجمة ما كان كتبه لإلقائه، ولكنه زاد في أثناء الإلقاء مسائل وإيضاحات أخرى ، فنشير إلى بعضها في الحواشي.

(1)

هو زعيم الدين الذي ينتمي إليه مئات الملايين في الهند والشرق الأقصى، والظاهر أنه كان من الأنبياء الذين ضاعت كتبهم؛ فتمكنت الوثنية من أتباعهم.

(2)

هم أهل التبت نسبة إلى اللام ، وهو لقب رئيسهم الديني.

(3)

قد خص بالذكر سوء حال أوربة بعد الحرب الكبرى؛ إذ صار البعد بينها وبين تعاليم المسيح أشد مما كان قبلها ، كما أنه صرح بأنه رأى في هذا العهد أن الإسلام قد ضعف وصول نوره في مصر والشام والآستانة عما كان عهده من عشرات السنين في هذه الأمصار ، وقوله هذا يؤيده قوله تعالى في المسلمين:[ولا تكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون] .

(4)

زاد في الإلقاء هنا: ورؤساء المدارس عندنا أجل من رؤساء الجمهورية؛ لأنهم الذين يربون رؤساء الجمهوريات وسائر الرجال العظام.

(5)

يعني بهذا تقاليد الكنيسة النصرانية، وكل من عرف دين الفطرة بعد عن دين الصنعة.

(6)

السبب الصحيح لهذه الحادثة أن الملك حسينًا كان قد أثار فتنة في العسير لانتزاعها من ابن السعود والإدريسي ، وفي أثناء القتال بين ثواره ، وبين الإخوان وصل حجاج اليمن ، فظن الإخوان أنهم مدد من الملك حسين لابن عايض الذي أثاره لحربهم ، فأصلوهم نارًا حامية، ثم حزنوا لما علموا أنهم من اليمن ، واعتذر ابن السعود للإمام يحيى ، ورد إليه جميع ما كان قد أخذه الإخوان من جماعته.

(7)

الصواب إنهم منعوا حرس المحمل من استصحاب معازف الموسيقى العسكرية فتركوها في جدة وأعادوها معهم إلى مصر عند عودة المحمل.

(8)

الصواب أنه كان في المدينة المنورة.

(9)

جاء في البلاغ 310 من بلاغات مكتب الاستعلامات السوري الذي صدر في 20 يناير سنة 1927 نص البرقيتين اللتين تبودلتا بين مستر كراين ، وملك الحجاز ابن السعود في رسالته للمكتب من جدة مؤرخة في 10 يناير وهذا نصها: برقية المستر كراين: اسمح لي يا صاحب الجلالة قبل أن أبرح بلادكم أن أقدم لجلالتكم عظيم الامتنان لما لاقيته من الحفاوة من قبل نجلكم الكريم ، ومن قبل رجال حكومتكم الموقرة ، ولا سيما السيد محمد نصيف ، وإنني أضرع إليه تعالى أن يوفقكم لتوحيد صفوف شعبكم خاصة ، والمسلمين عامة، وعساكم تعطفون على جميع الذين يعملون على إطاعة الله ، ويراقبون أعمالكم المجيدة باهتمام زائد ، والذين يعرفون أن لشعبكم الكريم المعتصم من مفاسد العالم بصحرائه الشاسعة خدمات جليلة مقدسة في هذه الدنيا ألا وهي: حفظ كيان الدين الصحيح ، ونشره بين العالم خاليًا من كل شائبة وتفضلوا في الختام بقبول فائق الاحترام (جواب جلالة الملك على برقية المستر كراين) أشكركم على حسن ظنكم بنا ، وأحيي فيكم هذه العاطفة الشريفة نحو أمتنا ، ورغبتكم في نجاحها ، وهذا أكبر دليل على طيب سريرتكم ، وسمو مبادئكم ، فالله أسأل أن يعلي الحق ويؤيده، وإني آسف أن الظروف لم تمكننا من مقابلتكم ، فأتمنى لكم سفرًا سعيدًا.

(10)

(المنار) كان قد ألقى رحله بمكة المكرمة؛ فأكرم الملك عبد العزيز مثواه ، ثم سافر إلى عسير حيث آل الإدريسي من ذوي القربى ، وهو الذي وضع أساس معاهدة مكة المكرمة التي جعلت بلاد عسير ، وأمرائها تحت حماية ابن السعود.

ص: 132