المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حفلة التأبين الكبرى - مجلة المنار - جـ ٢٨

[محمد رشيد رضا]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد رقم (28)

- ‌شعبان - 1345ه

- ‌فاتحة المجلد الثامن والعشرين

- ‌تعدد الزوجات

- ‌استقلال مملكة ابن السعود

- ‌البناء على القبورومن استثنى من تحريمه قبور الأنبياء والصالحين

- ‌قاعدة جليلة فيما يتعلق بأحكام السفر والإقامة

- ‌سياسة الإنكليز في الشرقوزعماء العرب

- ‌إثبات شهر رمضان

- ‌أنباء العالم الإسلامي

- ‌تقريظ المطبوعات

- ‌رمضان - 1345ه

- ‌حكمة تعدد أزواج النبي ص

- ‌مال الزكاة لإعانة المدارس الخيرية الإسلامية

- ‌سماع الغناء والتلاوة من آلة الفونغراف

- ‌قاعدة جليلة فيما يتعلق بأحكام السفر والإقامة

- ‌الإصلاح الإسلامي في المغرب الأقصى(2)

- ‌مشروع بريطاني جديد لتنصير جزيرة العرب

- ‌تحول الكنيسة الإنكليزية عن التقاليد النصرانية

- ‌آثار المساجد في إصلاح الأمة

- ‌أنباء العالم الإسلامي

- ‌شوال - 1345ه

- ‌حكم بناء فنادق المسافرينوإجارتها لغير المسلمين

- ‌قاعدة جليلة فيما يتعلق بأحكام السفر والإقامة

- ‌الإصلاح الإسلامي في المغرب الأقصى(3)

- ‌نساء العرب السياسيات

- ‌خطبة الأستاذ إسعاف أفندي النشاشيبي

- ‌البيت الحرام وسدنتهبنو شيبة وحقوقهم ، والهدايا له ولهم

- ‌دعوة مفسدي الرافضةيحيَى إلى قتال ابن السعود

- ‌حجاج الشيعة الإيرانيين ومصر

- ‌لا بد من قتل صاحب المنار

- ‌ر - 1345ه

- ‌استفتاء في فتوى وطلب إقرارها وتصحيحها

- ‌قاعدة جليلة فيما يتعلق بأحكام السفر والإقامة

- ‌الإصلاح الإسلامي في المغرب الأقصى(4)

- ‌السعي لمنع الحج ومفاسد البدع

- ‌الاحتفال بتكريم أمير الشعراء أحمد شوقي بك

- ‌مسألة نفقات مؤتمر الخلافة في مجلس النواب

- ‌صاحب المنار وجريدة السياسة

- ‌ذو الحجة - 1345ه

- ‌قاعدة جليلة فيما يتعلق بأحكام السفر والإقامة

- ‌قرار النيابة العامةفي قضية الدكتور طه حسين

- ‌ما يسمى النهضة النسائية بمصر

- ‌الشيخ أحمد عباس الأزهري البيروتيوفاته وترجمته

- ‌المسلمون في أميركا يطلبون أستاذًا من الأزهر

- ‌المطبوعات الحديثة

- ‌الحج في هذا العام

- ‌صفر - 1346ه

- ‌أسئلة من البحرينفي الأئمة والمذاهب وما يجب على العامي

- ‌الزي الإسلامي والشعائر الإسلامية والألقاب العربيةعند خواص أمريكا

- ‌أموال ابن السعود التي اتهم بها صاحب المنار

- ‌أحاديث الدجال وانتقاد بعض النجديين

- ‌مصاب مصر بأكابر رجال العلم والدين والسياسة

- ‌ربيع الأول - 1346ه

- ‌خيرية القرون الثلاثة مع وقوع الفتن فيها

- ‌زكاة الفطر وقت وجوبها وحكم تعجيلها

- ‌حظر أخذ العلم الشرعي من الكتب بدون توقيف

- ‌الصريح والكناية في الطلاقوكتاب الرجل بطلاق امرأته

- ‌الطلاق الثلاث باللفظ الواحد

- ‌كيف تنهض اللغة العربية(2)

- ‌دعاية المسيحية القاديانية الملقبة بالأحمدية

- ‌بول الصبي وبول الصبيةحكمهما في الفقه، تركيبهما الكيميائيالأحاديث التي وردت فيهما

- ‌الاحتفال الخمسيني لدار العلوم

- ‌ربيع الآخر - 1346ه

- ‌حل أموال أهل الحرب

- ‌المراد بالطعن في الدينوكون مخالفة القرآن كفرًا

- ‌سعد زغلول(1)

- ‌أول كتاب من سعد إلى الأستاذ الإمام

- ‌معاهدة جدةبين جلالة ملك بريطانيا وجلالة ملك الحجاز ونجد وملحقاتها

- ‌الكتابة أو الخطوثيقة شرعية يجب العمل بها

- ‌زيارة القبور للتبرك

- ‌تقريظ الأستاذ الكبير صاحب الفضيلة الشيخ:مصطفى نجا - مفتي بيروت

- ‌حفلة التأبين الكبرى

- ‌شعر في وصفة طبية قديمةجواب عن سؤال

- ‌أنباء العالم الإسلامي

- ‌جمادى الأولى - 1346ه

- ‌سمت القبلةوأدلتها وأقواها بيت الإبرة والقطب الشمالي

- ‌تعريف الأمراض بالأوهاموسؤال عن 3 أحاديث

- ‌الاعتماد على كتب ابن تيمية والطاعن فيه

- ‌افتراء عقائد في عالم الغيب

- ‌طلاق الثلاث بلفظ واحد

- ‌رسالة من يحيى محمد البكري

- ‌التمدن الآثم، القاضي مترنيخ، تلقيح القضاء المصري

- ‌لماذا دخلت في الإسلام

- ‌سعد زغلول(2)

- ‌التقريظ والانتقاد

- ‌رجب - 1346ه

- ‌أسئلة من تونس

- ‌الإصلاح الحقيقيوالواجب للأزهر والمعاهد الدينية [*]

- ‌نظرة عامة في حالة الإسلام

- ‌رحلة جلالة ملك الأفغان (أمان الله خان)

- ‌جمعية الشبان المسلمين

- ‌وفيات الأعيان

- ‌تفسير:] هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا [[*]

- ‌خاتمة المجلد الثامن والعشرين من المنار

الفصل: ‌حفلة التأبين الكبرى

الكاتب: أحمد شوقي

‌حفلة التأبين الكبرى

كانت الحفلة الكبرى لتأبين سعد باشا ورثائه أفخم وأعظم وأشجى من كل ما

سبقها من أمثالها كسائر مظاهر إجلال الرجل حيًّا وميتًا ، وقد خطب فيها أعظم

رجال مصر من الوزراء والشيوخ والنواب وغيرهم ، وأنشدت القصائد لأشعر

الشعراء كما أشرنا إليه في فصل ترجمة الفقيد، وإننا ننشر في هذا الجزء مرثية

أحمد شوقي بك أمير الشعراء ، وسننشر من بعدُ بعضَ الخطب الجليلة؛ حتى لا

يحرم قراء المنار من أبلغ ما قاله أفصح العرب في هذا العصر في نابغة العرب في

السياسة والفصاحة العربية ، وهي هذه:

شيعوا الشمس ومالوا بضحاها

وانحنى الشرق عليها فبكاها

ليتني في الركب لما أفلت

يوشع همت فنادى فثناها

جلل الصبحَ سوادًا يومها

فكأن الأرض لم تخلع دجاها

انظروا تلقوا عليها شفقًا

من جراحات الضحايا ودماها

وتروا بين يديها عبرة

من شهيد يقطر الورد شذاها

آذن الحق ضحاياه بها

ويحه! ! حتى إلى الموتى نعاها

كفنوها حرة علوية

كست الموت جلالاً وكساها

ليس في أكفانها إلا الهدى

لُحْمة الأكفان حق وسَداها

خَطَرَ النعشُ على الأرض بها

يحسر الأبصار في النعش سناها

جاءها الحق ومن عاداتها

تؤثر الحق سبيلاً واتجاها

ما درت مصر بدفن صُبحت؟

أم على البعث أفاقت من كراها

صرخت تحسبها بنت الشَّرى

طلبت من مخلب الموت أباها

وكأن الناس لما نسلوا

شعب السيل طغت في ملتقاها

وضعوا الراح على النعش كما

يلمسون الركن فارتدت نزاها

خفضوا في يوم سعد هامهم

وبسعد رفعوا أمس الجباها

سائلوا (زحلة)[1] عن إعراسها

هل مشى الناعي عليها فمحاها

عطل المصطاف من سماره

وجلا عن ضفة الوادي دماها

فتح الأبواب ليلاً ديرُها

وإلى الناقوس قامت بيعتاها

صدع البرق الدجى تنشره

أرض سوريا وتطويه سماها

يحمل الأنباء تسري موهنًا

كعوادي الثكل في حر سراها

عرض الشك لها فاضطربت

تطأ الآذان همسًا والشفاها

قلت يا قوم اجمعوا أحلامكم

كل نفس في وريديها رداها

قلت والنعش بسعد مائل

فيه آمال بلاد ومناها

كلما أمعن في نقلته

ضجت الأرض على قطب رحاها

يا عدو القيد لم يلمح له

شبحًا في خطة إلا أباها

لا يضق ذرعك بالقيد الذي

حز في سوق الأوالي وبراها

وقع الرسل عليه والتوت

أرجل الأحرار فيه فعفاها

يا رفاتًا مثل ريحان الضحى

كللت عدن بها هام رباها

وبقايا هيكل من كرم

وحياة أترع الأرض حياها

ودع العدل بها أعلامه

وبكت أنظمة الشورى صُواها

حضنت نعشك والتفت به

راية كنت من الذل فداها

ضمت الصدر الذي قد ضمها

وتلقى السهم عنها فوقاها

عجبي منها ومن قائدها

كيف يحمي الأعزلُ الشيخُ حماها

منبر الوادي ذوت أعواده

من أواسيها وجفت من ذراها

من رمى الفارس عن صهوتها

ودها الفصحى بما ألجم فاها

قَدَرٌ بالمدن ألوى والقرى

ودها الأجيال منه ما دهاها

غال (بسطورا) وأردى عصبة

لمست جرثومة الموت يداها

طافت الكأس بساقي أمة

من رحيق الوطنيات سقاها

عطلت آذانها من وتر

ساحر رن مليا فشجاها

أرغنٌ هام به وجدانها

وأَذانٌ عشقته أُذُناها

كل يوم خطبة روحية

كالمزامير وأنغام لغاها

دلهت مصرًا ولو أن بها

فلوات دلهت وحش فلاها

ذائد الحق وحامي حوضه

أنفذت فيه المقادير مناها

أخذت سعدًا من (البيت) يد

تأخذ الآساد من أصل شراها

لو أصابت غير ذي روح لما

سلمت منها الثريا وسُهَاها [2]

تتحدى الطب في قفازها

علة الدهر التي أعيا دواها

من وراء الإذْن نالت ضيغمًا

لم ينل أقرانه إلا وجاها

لم تصارح أصرح الناس يدًا

ولسانًا ورقادًا وانتباها

هذه الأعواد من آدم لم

يهد خفاها ولم يعر مطاها

نقلت (خوفو) ومالت (بمنا)

لم يَفُتْ حيًّا نصيب من خطاها

تخلط العمرين شيبًا وصبًا

والحياتين شقاءً ورفاها

زورق في الدمع يطفوا أبدًا

عرف الضفة إلا ما تلاها

تهلع الثكلى على آثاره

فإذا خف بها يومًا شفاها

تسكب الدمع على سعد دمًا

أمة من صخرة الحق بناها

من ليان هو في ينبوعها

وإباء هو في صم صفاها

لقن الحق عليه كهلها

واستقى الإيمان بالحق فتاها

بذلت مالاً وأمنًا ودما

وعلى قائدها ألقت رجاها

حملته ذمة أوفى بها

وابتلته بحقوق فقضاها

ابن سبعين تلقى دونها

غربة الأسر ووعثاء نواها

سفر من عدن الأرض إلى

منزل أقرب منه قطباها

قاهر ألقى به في صخرة

دفع النسر إليها فأواها

كرهت منزلها في تاجه

درة في البحر والبر نفاها

اسألوها واسألوا شانئها

لِمَ لَمْ ينف من الدر سواها

ولد الثورة سعد حرة

بحياتي ما جدٌّ حُرٌّ نماها

ما تمنى غيرها نسلاً ومن

يلد الزهراء يزهد في سواها

سالت الغابة من أشبالها

بين عينيه وماجت بلباها

بارك الله له في فرعها

وقضى الخير لمصر في جناها

أو لم يكتب لها دستورها

بالدم الحر ويرفع منتداها

قد كتبناها فكانت صورة

صدرها حق وحق منتهاها

رقد الثائر إلا ثورة

في سبيل الحق لم تخمد جذاها

قد تولاها صبيًّا فكوت

راحتيه وفتيا فرعاها

جال فيها قلمًا مستنهضًا

ولسانًا كلما أعيت حداها

ورمى بالنفس في بركانها

فتلقى أول الناس لظاها

أعلمتم بعد موسى من يد

قذفت في وجه فرعون عصاها

وطئت ناديَه صارخة:

شاهَ وجهُ الرق يا قوم وشاها

ظفرت بالكبر من مستكبر

ظافر الأيام منصورًا لواها

القنا الصم نشاوى حوله

وسيوف الهند لم تصح ظباها

أين من عيني نفس حرة

كنت بالأمس بعيني أراها

كلما أقبلت هزت نفسها

وتواصى بشرها بي ونداها

وجرى الماضي فماذا ادكرت

وادكار النفس شيء من وفاها

ألمح الأيام فيها وأرى

من وراء السن تمثال صباها

لست أدري حين تندى نضرة

علت الشيب أم الشيب علاها؟

حلت السبعون في هيكلها

فتداعى وهي موفور بناها

روعة النادي إذا جدت فإن

مزحت لم يذهب المزح بهاها

يظفر العذر بأقصى سخطها

وينال الود غايات رضاها

ولها صبر على حسادها

يشبه الصفح وحلم عن عداها

لست أنسى صفحة ضاحكة

تأخذ النفس وتجري في هواها

وحديثًا كروايات الهوى

جد للصب حنين فرواها

وقناة صعدة لو وهبت

للسماك الأعزل اختال وتاها

أين مني قلم كنت إذا

سمته أن يرثي الشمس رثاها

خانني في يوم سعد وجرى

في المراثي فكبا دون مداها

في نعيم الله نفس أوتيت

أنعم الدنيا فلم تنس تقاها

لا الحجى لما تناهى غَرَّهَا

بالمقادير ولا العلم زهاها

ذهبت أوابة مؤمنة

خالصًا من حيرة الشك هداها

آنست خلقًا ضعيفًا ورأت

من وراء العالم الفاني إلها

ما دعاها الحق إلا سارعت

ليته يوم (وصيف) ما دعاها

((يتبع بمقال تالٍ))

_________

(1)

زحلة بلدة في جبل لبنان كان الشاعر مصطافًا فيها.

(2)

المنار: السُّهَا بالضم كوكب صغير خفي يراه حديد البصر بجانب الكوكب الأوسط من بنات نعش فهو ليس من كواكب الثريا؛ ولكن فيها مثله ، ولذلك يعدها بعض الناس ستًّا وبعضهم سبعًا.

ص: 630